المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأحاديث الضعيفة : هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟


د.سهيرالبرقوقي
20-06-09, 11:52 PM
َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.أما بعد

قال الله عز وجل في كتابه الكريم::

"وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الانعام 153)

و قال عز وجل :

"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " آل عمران 31"

وهذه محاولة لتبيِين بعض الوسائل المعينة على تحقيق اتباع صراط الله المستقيم الذى هو فى نفس الوقت اتباع للنبيّ الكريم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


ونبدأ مستعينين بالله :

عن العرباض بن سارية قال:

{ وعظنا رسول الله يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة,ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب.فقلنا: يارسول الله كأنها موعظة مودّع فأوصينا}
صحيح سنن أبي داود-رقم (3851)"
قال:

"أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن أُمِر عليكم عبد حبشي،
فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ
وإياكم ومحدثات الأمور فإن كُلَّ مُحدثةٍ بدعة وكُلَّ بدعةٍ ضلالة".
"صحيح الجامع الصغير وزياداته " ج(1) رقم (2549)

{وكُلَ ضلالة في النار}
(النسائي بإسناد صحيح كما في :الاجوبة النافعة ص 545—قال العوايشة في بعض كتبه)

ولكي نحقق هذه الموعظة البليغة ستعترضنا لا محالة عقبات كثيرة منها :

# أولا :

ما دُوِّن في الكتب من أحاديث كلها منسوبة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-

ما موقفنا منها قبولًا أو رفضًا, وعملًا بها أو تركًا لها ؟

ويمكن أن يجاب على ذلك من خلال عدة نقاط :

1.ضرورة تصفية سنة رسول الله:
- لنعرف صحيحها فنتحدث ونعمل به ونعرف ضعيفها فنُحَذِّرمنه ونتجنبه.
ونتبين ذلك من دراسة مقدمة كتاب:
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في ا لأمة"
للشيخ الألباني الجزء الأول من ص 39- ص 51

يمكن متابعة الموضوع على الرابط التالي:

http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=28240

2. الأحاديث الضعيفة : هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟

لمعرفة القول الراحج في هذه المسألة يُرجع إلى مقدمات كتب :

أ-" صحيح الجامع الصغير وزياداته"
للشيخ الالباني الجزء الأول من ص49 إلى ص 57
ب- " صحيح الترغيب والترهيب "
للشيخ الألباني –الجزء الأول من ص 47- ص67
ج- " تمام المنة"
للشيخ الألباني -القاعدة الثانية عشر- من ص 34 إلى ص 38

# ثانيًا:
ما ثبت من اختلافات سائغة بين العلماء والأئمة الأفاضل كيف نتعامل معها وكيف نرجح منها ؟

هذا نعرفه من دراسة مقدمة كتاب: (صفة صلاة النبي- للشيخ الألباني-)

# ثالثا:

إذا لم يترجح لدينا قول من أقوال علمائنا و ائئمتنا الأفاضل صارت المسألة بالنسبة لنا من المشتبهات ,

فكيف نتعامل مع مثل هذه المسائل ؟

هذا يتضح لنا من دراسة الشروح على حديث النعمان بن البشير:

( الحلال ببِّن والحرام ببِّن وبينهما أمور مشتبهات)
والتي وردت في كتب عديدة, منها :

{ فتح الباري - شرح صحيح مسلم للنووي - جامع العلوم والحكم }

# رابعًا :

ما ينسب إلى الدين وليس من الدين , و هو ما اطلق عليه العلماء :

" مصطلح البدعة "

ما هي ضوابطها ؟ وكيف نبينها؟ وما موقفنا منها ؟

هذا نعرفه من دراسة:

1- بعض الفصول من كتاب علم أصول البدع -
للشيخ علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد.
2- بعض الفصول من كتاب: " البدعة وأثرها السيء في الأمة "
للشيخ سليم بن عيد الهلالي.
3- بعض الأوراق من كتيب:" الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الإبتداع"..
للشيخ محمد بن صالح العثيمين.

مُدعِّمين ماسبق بمقتطفات من :
-أقوال الشيخ العثيمين رحمة الله عليه
- والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ عن ا لبدعة,

وذلك من اشرطتهم في شرح كتاب "الأربعين النووية"

4- مثال عن البدعة -من الواقع- من:
أ شرطة" شرح العقيدة الحموية" للشيخ العثيمين رحمة الله عليه.

نقوم بفضل الله تعالى في هذا البحث بالحديث عن:


الأحاديث الضعيفة : هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟



يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 12:03 AM
الأحاديث الضعيفة :

هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟



نبدأ مستعينين بالله بهذه المقدمة أولاً:





تمهيد فى الأحاديث الضعيفة والموضوعة





وهي للشيخ العلاَّمة ناصر الدين الألبانيّ -رحمة الله تعالى عليه - إذ يقول:



من المصائب العظمى التى نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم؛ لااستثنى أحدا منهم , ولو كانوا علماء هم ؛ إلا من شاء من أئمة الحديث ونقاده ؛ كالبخارى ,وأحمد , وابن معين , وأبى حاتم الرازى , وغيرهم .



وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة :



= منها ماهو من الأمور الاعتقادية الغيبية ,


= ومنها ماهو من الأمور التشريعية ؛



وسيرى القارىء الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندعيه فى كثير من الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى .



وقد اقتضت حكمة العليم الخبير –سبحانه وتعالى- أن لايدع هذه الأحاديث التى اختلقها المغرضون لغايات شتى؛ تسرى بين المسلمين دون أن يقيض لها من يكشف القناع عن حقيقتها ؛ ويبين للناس أمرها ؛



@ أولئك هم أئمة الحديث الشريف , وحاملوا ألوية السنة النبوية الذين دعى لهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله :



"نضر الله امرءا سمع مقالتى ؛ فوعاها , وحفظها , وبلغها , فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (1)




@ فقد قام هؤلاء الأئمة –جزاهم الله عن المسلمين خيرا- :



= ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة , أو ضعف, أو وضع ,


= وأصَّلوا أصولا متينة ,


= وقعدوا قواعد رصينة ؛



@ من أتقنها وتضلَّع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أى حديث , ولو لم ينصوا عليه ؛



@ وذلك هو علم أصول الحديث ؛ أو مصطلح الحديث .



@ وألف المتأخرون منهم كتبا خاصة للكشف عن الأحاديث , وبيان حالها:



= أشهرها وأوسعها كتاب


"


المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث المنتشرة على الألسنة "


للحافظ السخاوى ؛



= ونحوها كتب التخريجات ؛ فإنها


تبين حال الأحاديث الواردة فى كتب من ليس من أهل الحديث ؛ ومالا أصل له من تلك الأحاديث , مثل:



o كتاب " نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ الزيلعى,



o و" المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى تخريج مافى الأحياء من الأخبار " للحافظ العراقى ,



o و " التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير " للحافظ ابن حجر العسقلانى ,



oو" تخريج أحاديث الكشاف " له ,



oو" تخريج أحاديث الشفاء"


للشيخ السيوطى , وكلها مطبوعة.



ومع أن هؤلاء –جزاهم الله خيرا- قد سهلوا السبيل لمن بعدهم من العلماء والطلاب ؛ حتى يعرفوا


درجة كل حديث بهذه الكتب المذكورة ؛



فإننا نراهم – مع الأسف الشديد- قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة :


= فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التى حفظوها من مشايخهم ,


= أو يقرؤونها فى بعض الكتب التى لاتتحرى الصحيح الثابت ,



ولذلك لانكاد نسمع:



- وعظا لبعض المرشدين , أو


- محاضرة لأحد الأساتذة , أو


- خطبة من خطيب ,



إلا وتجد فيها شيئا من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة ؛



وهذا أمر خطير



,يخشى عليهم جميعا أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله –صلى الله عليه وسلم-:



" من كذب على متعمدا (2) فليتبوأ مقعده من النار "
{ حديث صحيح متواتر }



فإنهم ؛ وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة , فقد ارتكبوه تبعًا , لنقلهم الأحاديث التى يقفون عليها جميعها ,



وهم يعلمون أن فيها ماهو ضعيف وما هو مكذوب قطعا ؛



وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبى-صلى الله عليه وسلم-



" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ". (رواه مسلم ) فى "مقدمة صحيحه "


(1/8 ), وغيره من حديث أبى هريرة .



ثم روى عن الإمام مالك أنه قال :



" اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ؛ ولايكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ماسمع " .



وقال الإمام ابن حبان فى "صحيحه " ؛


(ص27) :



" فصل :


ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشىء إلى المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وهو غير علم بصحته"



ثم ساق بسنده عن أبى هريرة مرفوعا :


" من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " .


وسنده حسن ؛ وأصله فى الصحيحين بنحوه .


ثم قال :



"ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه فى الباب المتقدم . "



ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال :



قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :



" من حدَّث عنى حديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .



وهو حديث صحيح ؛ أخرجه مسلم فى " مقدمة صحيحه "


(1/7)



من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معا وقال : "إنه حديث مشهور " .



ثم قال ابن حبان :


"ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه " .


ثم ساق حديث أبى هريرة الأول .



فتبين مما أوردنا أنه لايجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها ؛وإن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-



وقد قال-صلى الله عليه وسلم -:



" إن كذبا على ليس ككذب على أحد ؛ فمن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".



(رواه مسلم وغيره).



ولخطورة هذا الأمر رأيت أن أساهم فى تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التى نسمعها فى هذا العصر , أو نقرأها فى كتاب متداول ؛ مما ليس له أصل يثبت عند المحدثين ؛ أو له أصل موضوع , لعل فى ذلك تحذيرا وتذكيرا لمن يتذكر أو يخشى .


ولم أتقيد فى سوقها بترتيب خاص ؛ بل حسبما اتفق .



ولذلك فإنى أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما فى مقال نشر فى العدد (2404 ) من " جريدة العلم " الغراء لأحد المرشدين الفضلاء فى صدد بحث له مفيد فى إسراء النبى -صلى الله عليه وسلم- وعراجه إلى السماء ؛ والله ولى التوفيق .



دمشق , رمضان سنة 1374 ه


محمد ناصر الدين الألبانى


________________________________



الحاشية:



(1) أخرجه أبو داود ؛ والترمذى وصححه – والسياق له- وابن حبان فى " صحيحه " عن ابن مسعود .



وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحوه ؛ فانظر "التعليق الرغيب " (1/ 63 ) , و" الصحيحة " (404).



(2) لفظة " متعمدًا " صحيحة ثابتة فى الحديث .



وإن حاول التشكيك بها مؤلف كتاب "الأضواء",


بل إنه جزم ببطلانها , وأنها من وضع بعض المحدثين ؛ ليروج بها قوله :



إنه يجوز رواية الحديث بالمعنى !!



وإنكار المؤلف المذكور لها لايدل فقط على جهله بالحديث وطرقه ؛ بل إنه يدل على جهله أيضا بأصول الشريعة وقواعدها



فإن هذه اللفظة لو لم ترد فى الحديث مطلقا ؛ فإن تقديرها فى الحديث لامناص منه كما لايخفى ؛ وإلا كان المؤلف المذكور أول من يشمله الحديث ؛لأنه -على الأقل- ليس معصوما من الخطا فى رواية حديث ما .!!




يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 12:52 AM
استكمالاً لمقدمة كتاب :

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء على الأمة " للشيخ الألبانى:

نعرض رسالة :
"دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين"


وهي مُستفادة من :

{شرح البيقونية لأبي حاتم والباعث الحثيث وتيسير مصطلح الحديث}

ويمكن متابعتها على الرابط التالي:

http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?p=224860#post224860 (http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?p=224860#post224860)

يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 01:02 AM
الأحاديث الضعيفة
هل يعمل بها فى فضائل الأعمال أم لا ؟


لمعرفة القول الراجح فى هذه المسألة يرجع إلى مقدمات كتب :

أ-" صحيح الجامع الصغير وزياداته"
للشيخ الالباني الجزء الأول من ص49 إلى ص 57

ب- " صحيح الترغيب والترهيب "
للشيخ الألباني –الجزء الأول من ص 47- ص67

ج- " تمام المنة"
للشيخ الألباني -القاعدة الثانية عشر- من ص 34 إلى ص 38

(1) مقدمة كتاب
" صحيح الجامع الصغير وزياداته "
للشيخ الألبانى / الجزء الأول /
من ( ص 49 ) إلى (ص57 )



تنبيه
يقول محمد ناصر الألبانى :

كان هذا التعريف فى آخر "الفتح الكبير " فرأيت أن يطبع هنا ؛
لأنه أشد صلة بالمقدمة ؛ وأقرب إلى الانتفاع به .

وقد جاء فى آخره ما يحسن التنبيه عليه ؛ وذلك فى موضعين منه :

@ الأول :
قوله فى الحافظ السيوطى :

"ولاشك فى أنه تحرى فيهما* الصحة والحسن غاية جهده...

ولاشك أنه لم يذكر فيهما ما كان شديد الضعف "

(* فيهما : أي الفتح الصغير والكبير وقد قام بتحقيقهما الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته ).

فأقول (الشيخ الألباني):

هذا الكلام إنما يبعث عليه حسن الظن با لسيوطى –رحمه الله تعالى- وعدم العلم بحقيقة كتابيه ؛ ولاسيما الأول منهما , وما فيهما من الأحاديث الواهية والموضوعة ؛

وإلا قل لى بربك كيف يمكن لعارف بحقيقة ذلك أن ينفى وجود الموضوع فيهما ؛فضلا عن " شديد التصحيف ",

والسيوطى نفسه قد حكم على بعضها بالوضع كما سبق بيانه ؛ وكما ستقف عليه مفصلا فى عشرات بل مئات الأمثلة فى الكتاب الآخر إن شاء الله تعالى .

@ والآخر:
قوله:
" مع أن الضعيف يعمل به عند المحدثين, والأصوليين فى فضائل الأعمال؛ بشروط مقررة فى محلها "

فلهذا لنا(الألباني) عليه مؤاخذتان :

# المؤاخذة الأولى :

أن كثيرا من الناس يفهمون من مثل هذا الإطلاق؛ أن العمل المذكور لاخلاف فيه عند العلماء؛

-وليس كذلك- بل فيه خلاف معروف , كما هو مبسوط فى كتب مصطلح الحديث ؛ مثل:

"قواعد الحديث " للعلامة الشيخ جمال الدين القاسمى –رحمه الله تعالى-
فقد حكى فيه (ص113) عن جماعة من الأئمة أنهم لايرون العمل بالحديث الضعيف مطلقا ؛ كابن المعين والبخارى ومسلم وأبى بكر ابن العربى الفقيه وغيرهم ؛ ومنهم ابن حزم ,

فقال فى " الملل والنحل " :

" وما نقل عن أهل المشرق والمغرب ؛ أو كافو عن كافة , أو ثقة عن ثقة , حتى يبلغ إلى النبى-صلى الله عليه وسلم- , إلا أن فى الطريق رجلا مجروحا يكذب , أو غفلة , أو مجهول الحال ؛ فهذا يقول به بعض المسلمين ؛ ولا يحل عندنا القول به , ولا تصديقه , ولا الأخذ بشىء منه " .

قلت (الألباني) :

وقال الحافظ ابن رجب فى " شرح الترمذى " ( ق 112/2) :
" وظاهر ماذكر ه مسلم فى مقدمة كتابه (يعنى " الصحيح ")
يقتضى أنه لاتروى أحاديث الترغيب والترهيب ؛ إلا عمن تروى عنه الأحكام " .

قلت (الألباني):

وهذا الذى أدين الله به ؛ وأدعو الناس إليه , أن الحديث الضعيف لايعمل به مطلقا ؛ لا فى الفضائل والمستحبات, ولا فى غيرهما .
ذلك لأن الحديث الضعيف ؛ إنما يفيد الظن المرجوح بلا خلاف أعرفه بين العلماء , وإن كان كذلك ؛ فكيف يقال بجواز العمل به ,والله –عزوجل- قد ذمه فى غير ما آية من كتابه ؛ فقال تعالى :

" إن الظن لايغنى من الحق شيئا "(1) ؛

وقال تعالى : " إن يتبعون إلا الظن " (2) ؛

وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم - :

" إياكم والظن ؛ فإنه أكذب الحديث " (3)

أخرجه البخارى ومسلم .

________________________

الحاشية:

(1) السورة : النجم الآية 28
(2) السورة النجم الآية23
(3) انظر"صحيح الجامع" رقم2679

يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 01:36 AM
يتابع الشيخ العلاَّمة/ محمد ناصر الألبانى قائلاً:

واعلم أنه ليس لدى المخالفين لهذا الذى اخترته أى دليل من الكتاب والسنة ؛

وقد انتصر لهم بعض العلماء المتأخرين فى كتابه :

" الأجوبة الفاضلة "
فى فصل عقده لهذه المسألة (36-59 ) ؛

ومع ذلك فإنه لم يستطع أن يذكر لهم , ولا دليلا واحدا يصلح للحجة !! اللهم إلا بعض العبارات ؛ نقلها عن بعضهم؛ لاتنفق فى سوق البحث والنزاع , مع ما فى بعضها من تعارض ؛مثل قوله (ص41) عن ابن الهمام :

" الإستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع " !!

ثم نقل عن جلال الدين الدوانى أنه قال :

"اتفقوا على أن الحديث الضعيف لايثبت به الأحكام الخمسة الشرعية ؛ ومنها الاستحباب "

قلت (الألباني):-
وهذا هو الصواب :
لما تقدم من النهى عن العمل بالظن الذى يفيده الحديث الضعيف ؛ ويؤيده قول شيخ الإسلام ابن تيمية

فى : " القاعدة الجليلة فى التوسل والوسيلة " (1)

" ولايجوز أن يعتمد فى الشريعة على الأحاديث الضعيفة التى ليست صحيحة ولا حسنة ؛ لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء ؛ جوزوا أن يروى فى فضائل الأعمال مالم يعلم أنه ثابت ؛ إذا لم يعلم أنه كذب ,

وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعى , وروى فى فضله حديث لايعلم أنه كذب ؛ جاز أن يكون الثواب حقا , ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشىء واجبا أو مستحبا بحديث ضعيف ؛ ومن قال هذا فقد خالف الإجماع "

ثم قال[ شيخ الإسلام ابن تيمية ] (1) :

" وما كان أحمد بن حنبل ؛ ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث فى الشريعة ؛ ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بالصحيح ولا الحسن فقد غلط عليه ..."

وقال العلامة أحمد شاكر فى

" الباعث الحثيث " (ص101) (2)

{ وأما ماقاله أحمد بن حنبل , وعبد الرحمن بن مهدى , وعبد الله بن المبارك :

" إذا روينا فى الحلال والحرام تشددنا؛وإذا روينا فى الفضائل ونحوها تساهلنا "
فإنما يريدون به – فيما أرجح , والله أعلم - أن التساهل إنما هو فى الأخذ بالحديث الحسن الذى لم يصل إلى درجة الصحة , فإن الاصطلاح فى التفرقة بين الصحيح والحسن , لم يكن فى عصرهم مستقرا واضحا ؛ بل كان أكثر المتقدمين لايصف الحديث إلا بالصحة أو بالضعف فقط . }

قلت (الألباني):-

وعندى وجه آخر فى ذلك :

وهو أن يحمل تساهلهم المذكور على روايتهم إياها مقرونة بأسانيدها –كما هى عادتهم- هذه الأسانيد التى بها يمكن معرفة ضعف أحاديثها؛ فيكون ذكر السند مغنيا عن التصريح بالضعف ,وأما مايرووها بدون أسانيدها , ودون بيان ضعفها , كماهو صنيع جمهورهم , فهم أجل وأتقى لله-عزوجل- من أن يفعلوا ذلك والله تعالى أعلم .

# والمؤاخذة الأخرى :

هى أنه كان عليه أن يبين الشروط التى أشار إليها ؛ مادام أنه فى صدد تقريظ كتاب حوى مئات الأحاديث الضعيفة والموضوعة ؛ ليكون القراء على بينة من الأمر إذا ما اختاروا العمل بقوله المذكور ؛ فإنهم إذا لم يعرفوها عملوا بكل حديث قراؤه ؛ أو سمعوا به , فوقعوا فى مخالفته من حيث لايشعرون !!

ولذلك فإنى أرى لزامًا على بهذه المناسبة , أن أسجل هنا تلك الشروط من مصدر موثوق منه , ليرى مبلغ بعد الناس عن التزامها , الأمر الذى أدى بهم إلى توسيع دائرة التشريع والتكليف بالأحاديث الواهية والموضوعة .

قال الحافظ السخاوى فى

" القول البديع , فى الصلاة على الحبيب الشفيع " (3) .

سمعت شيخنا مرارا يقول : ( يعنى الحافظ ابن الحجر العسقلانى ) –وكتبه لى بخطه-

إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة :

$ الأول : متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد ؛

فيخرج من انفرد من الكذابين , والمتهمين بالكذب, ومن فحش غلطه .

$ الثانى : أن يكون متدرجا تحت أصل عام ؛

فيخرج مايخترع بحيث لايكون له أصل أصلا .

$ الثالث : أن لايعتقد عند العمل به ثبوته ؛

لئلا ينسب إلى النبى-صلى الله عليه وسلم- مالم يقله .

قال : والأخيران (الثاني والثالت) عن ابن عبد السلام , وعن صاحبه ابن دقيق العيد ,والأول نقل العلائى الاتفاق عليه " (4) .

قلت: (الألباني):-

وهذه شروط دقيقة وهامة جدا ؛ لو التزمها العاملون بالأحاديث الضعيفة ؛ لكانت النتيجة أن تضيق دائرة العمل بها ؛ أو تلغى من أصلها ,

وبيانه من ثلاثة وجوه :

$ أولا : يدل الشرط الأول على وجوب معرفة حال الحديث الذى يريد أحدهم أن يعمل به ؛

لكى يتجنب العمل به إذا كان شديد الضعف . وهذه المعرفة مما يصعب الوقوف عليها من جماهير الناس ؛

وفى كل حديث ضعيف يريدون العمل به , لقلة العلماء بالحديث , لاسيما فى العصر الحاضر ؛ وأعنى بهم أهل التحقيق الذين لايحدثون الناس إلا بما ثبت من الحديث عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وينبهونهم على الأحاديث الضعيفة , ويحذرونهم منها , بل إن هؤلاء هم أقل من القليل . فالله المستعان .

من أجل ذلك نجد المُبتَليِن بالعمل بالأحاديث الضعيفة ؛ قد خالفوا هذا الشرط مخالفة صريحة ,فإن أحدهم-ولو كان من أهل العلم بغير الحديث- لايكاد يقف على حديث فى فضائل الأعمال ؛إلا و يبادرإلى العمل به دون أن يعرف سلامته من "الضعف الشديد"

فإذا قيض له من ينبهه إلى ضعفه , ركن فورا إلى هذه القاعدة المزعومة عندهم :

" يعمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعما ل" ؛

فإذا ذُكِّر بهذا الشرط , سكت ولم ينبس ببنت شفة !!

[أي لاينطق بكلمة إذ أن الكلمة الشفة هي التي ولدتها]

ولا أريد أن أذهب بعيدا فى ضرب الأمثلة على ما قلت ؛ فهذا هو
العلامة أبو الحسنات اللكنوى ينقل فى كتابه السابق " الأجوبة" (ص37) عن العلامة الشيخ على القارى أنه قال فى حديث:

" أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة ؛ فهو أفضل من سبعين حجة" " رواه رزين "

" أما ماذكره بعض المحدثين فى إسناد هذا الحديث ؛ (أنه ضعيف ) فعلى تقدير صحته لايضر المقصود ؛

فإن الحديث الضعيف معتبر فى فضائل الأعمال "!! وأقره اللكنوى .

فتأمل أيها القارىء الكريم كيف أخل هذان الفاضلان با لشرط المذكور ؟ فإنهما حتما لم يقفا على إسناد الحديث المزبور ؛ وإلا لبينا حاله , ولم يسلكا فى الجواب عنه طريق الجدل :"فعلى تقدير صحته " أى صحة القول بضعفه !! وأنى لهما ذلك والعلامة المحقق ابن القيم

قد قال عنه فى "زاد الميعاد" (1/7) :

باطل لا أصل له عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ؛ولاعن أحد من الصحابة والتابعين".

ونحو ذلك ما نقله الفاضل المذكور (ص26) عن

"شرح المواهب" للزرقانى :

أخرج الحاكم و... عن على مرفوعا:

"إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده؛ فإن يك حقا كنتم شركاء فى الأجر وإن يك باطلا كان وزره عليه"

فإن هذا الحديث موضوع أيضا ؛ كما حققته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة" ؛رقم(822) .

ومع ذلك فقد سكت عليه الفاضل المشار إليه ؛ وذلك لأنه فى فضائل الأعمال !!

وهو فى الواقع من أعظم الأسباب المشجعة على نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة والعمل بها ؛

فكيف لا وهو يقول :

"فإن يك حقا كنتم شركاء فى الأجر ؛ وإن يك باطلا كان وزره عليه" !!

يعنى ولا وزر على ناقله , وهذا خلاف ما عليه أهل العلم أنه لا يجوز رواية الحديث الموضوع إلا مع بيان وضعه ,

وكذلك الحديث الضعيف عند أهل التحقيق كابن حبان وغيره على مابينته فى مقدمة "سلسلة الأحاديث الضعيفة "؛ وقد قال العلامة أحمد محمد شاكر بعد أن ذكر الشروط الثلاثة المتقدمة.(5)
"والذى أراه أن بيان الضعف فى الحديث الضعيف واجب فى كل حال ؛ لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ؛ خصوصا إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم فى ذلك ؛ وأنه لافرق بين الأحكام , وبين فضائل الأعمال ونحوها , فى عدم الأخذ بالرواية الضعيفة بل لاحجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من حديث صحيح أو حسن " .


قلت: (الألباني):-

والخلاصة

أن التزام هذا الشرط يؤدى عمليا إلى ترك العمل بما لم يثبت من الحديث لصعوبة معرفة الضعف الشديد على جماهير الناس فهو فى النتيجة يجعل القول بهذا الشرط يكاد يلتقى مع القول الذى اخترناه .هو المراد .

$ ثانيا :

أنه يلزم من الشرط الثانى :
" أن يكون الحديث الضعيف مندرجا تحت أصل عام ..."؛

أن العمل فى الحقيقة ليس بالحديث الضعيف ؛ وإنما الأصل العام ؛ والعمل به وارد ,وُجد الحديث الضعيف أو لم يوجد , ولا عكس ,أعنى العمل بالحديث الضعيف إذا لم يوجد الأصل العام ؛ فثبت أن العمل بالحديث الضعيف بهذا الشرط شكلى ؛ غير حقيقى . وهو المراد.
$ ثالثا :

إن الشرط الثالث يلتقى مع الشرط الأول فى ضرورة معرفة ضعف الحديث ؛لكى لايعتقد ثبوته وقد عرفت أن الجماهير الذين يعملون فى الفضائل بالأحاديث الضعيفة لايعرفون ضعفها ؛ وهذا خلاف المراد .

جملة القول :

إننا ننصح إخواننا المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ؛ أن يَدَعْو العمل بالأحاديث الضعيفة مطلقا ؛ وأن يوجهوا همتهم إلى العمل بما ثبت منها عن النبى-صلى الله عليه وسلم- ففيها ما يغنى عن الضعيفة .

وفى ذلك منجاة من الوقوع فى الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؛لأننا نعرف بالتجربة أن الذين يخالفون فى هذا قد وقعوا فيما ذكرنا من الكذب لأنهم يعملون بكل ما هب ودب من الحديث ؛ وقد أشار –صلى الله عليه وسلم- إلى هذا بقوله :

"كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع "
(رواه مسلم فى مقدمة " صحيحه ") .

وعليه أقول : كفى بالمرء ضلالا أن يعمل بكل ما سمع !!.

وتحقيقا منى للنصح المذكور ؛ صنَّفت ولا أزال أصنِّف من الكتب ما به يستعين القراء على تمييز الصحيح من الضعيف ؛ والطيب من الخبيث مما يدور على ألسنة الناس ,أو سجل فى بطون الكتب من الحديث ومن ذلك هذان الكتابان اللذان نحن فى صدد التقديم لهما :

1-" صحيح الجامع الصغير وزيادته "
2- " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " .

فالله تعالى أسأل ؛ أن يضع لهما وسائر مؤلفاتى القبول فى الأرض ؛ وأن يرفع ثوابها إليه فى السماء؛ ويدخره لى إلى يوم الدين ؛

{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88)} (الشعراء )


دمشق 28 ذى القعدة سنة 1388
محمد ناصر الدين الألبانى


نتابع بإذن الله تعالى

_____________________________

الحاشية:

(1) ص 82 ؛ طبع المكتب الإسلامى وعليها تخريجات استاذنا الألبانى .

(2) فى شرحه لمختصر الباعث الحثيث ؛ وأصله للعلامة ابن كثير ( زهير)

(3) ( ص195 طبع الهند )

(4) قلت: (الألباني):- وأذكر أننى قرأت مثله فى أول رسالة الحافظ ابن حجر "تبيين العجب فيما ورد فى فضل رجب " وكنت أود أن أنقله منها ولكنى لم أطلها الآن مع الأسف .

يقول زهير : والكلام الذى أشارإليه شيخنا الألبانى

من كلام الحافظ ابن حجر ؛ وجدته ضمن مجموع مخطوط عندى فيه أرضه؛ وأرجو أننى نقلته صوابا ؛ والكلام هو :

{ ...ولكن اشتهر أن أهل العلم يسمحون فى إيراد الأحاديث فى الفضائل ؛ و إن كان فيها ضعف مالم تكن موضوعة .
[وعلى الهامش ما أظنه : ( أو شديد الضعف ) ]

وينبغى مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا ؛ وأن لايشهر ذلك ؛ لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف فيشرع ما ليس بشرع ؛ أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة .

وقد صرح بذلك أبو محمد بن عبد السلام وغيره ؛

وليحذر المرء من دخوله تحت قوله-صلى الله عليه وسلم-:

" من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " .

فكيف من عمل به ؟!! ولا فرق بين العمل بالحديث فى الأحكام أو فى الفضائل ؛ إذ الكل شرع . }

(5 ) مختصر الباعث الحثيث الصفحة 101

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 02:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذكرنا من قبل:

ما دُوِّن في الكتب من أحاديث كلها منسوبة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-

ما موقفنا منها قبولًا أو رفضًا, وعملًا بها أو تركًا لها ؟

ويمكن أن يجاب على ذلك من خلال عدة نقاط :

1.ضرورة تصفية سنة رسول الله:
- لنعرف صحيحها فنتحدث ونعمل به ونعرف ضعيفها فنُحَذِّرمنه ونتجنبه.
ونتبين ذلك من دراسة مقدمة كتاب:
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في ا لأمة"
للشيخ الألباني الجزء الأول من ص 39- ص 51

ويمكن متابعة الموضوع على الرابط التالي:

http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=28240 (http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?t=28240)

2. الأحاديث الضعيفة : هل يُعمل بها في فضائل الأعمال أم لا ؟


لمعرفة القول الراحج في هذه المسألة يُرجع‎ ‎إلى مقدمات كتب‎ :

أ-" صحيح الجامع الصغير وزياداته" للشيخ الالباني الجزء‎ ‎الأول من ص49 إلى ص 57‏‎ ...... "تم شرحه"

ب- " صحيح الترغيب والترهيب " للشيخ الألباني –الجزء‎ ‎الأول من ص 47- ص67‏‎
ج- " تمام المنة" للشيخ الألباني
-القاعدة الثانية عشر- من‏‎ ‎ص 34 إلى ص 38‏‎

والآن نتابع معًا في موضوع:


‎الأحاديث الضعيفة : هل يُعمل‎ ‎بها في فضائل الأعمال أم لا ؟‎


الجزء التالي:



[ ب ] ( مقدمة كتاب
" صحيح الترغيب والترهيب "
للشيخ ‏الألبانى – الجزء الأول- من (ص47 إلى ص67) )




‏‏( 14 ) قاعدة ( العمل بالحديث الضعيف ) ليست على إطلاقها .


ثم إن القاعدة المزعومة ليست على إطلاقها ؛ بل هى مقيدة فى موضعين ‏منها:
- أحدهما حديثى
- والآخر فقهى (يأتى الكلام عليه (ص52) ‏) ‏


‏‏( أ) القيد الحديثى

‏أما الحديثى ؛ فهو قولهم : "الحديث الضعيف" فإنه مقيد –إتفاقا-‏بالضعيف الذى لم يشتد ضعفه ؛بله الموضوع كما بينه الحافظ ابن حجر ‏العسقلانى فى رسالته : " تبيين العجب فيما ورد فى فضل رجب " ؛ولم ‏أعثر عليها الآن فى مكتبتى ؛ فأنقل ذلك عنه بواسطة تلميذه الثقة الحافظ ‏السخاوى ؛ فإنه قال فى آخر كتابه القيم "القول البديع فى فضل الصلاة ‏على الحبيب الشفيع " ( ص195 –طبعة الهند) ؛ بعد أن نقل من النووى ‏أنه قال :

"قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم :

"يجوز ويستحب ‏العمل فى الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ؛ مالم يكن ‏موضوعا . وأما الأحكام كالحلال والحرام ؛ والبيع والنكاح والطلاق وغير ‏ذلك فلايعمل فيها ؛ إلا بالحديث الصحيح أو الحسن ؛ إلا أن يكون فى ‏احتياط فى شىء من ذلك " .

‏وعن ابن العربى المالكى أنه خالف فى ذلك فقال :

‏ " إن الحديث الضعيف لايعمل به مطلقا "‏

قال الحافظ السخاوى :
‏ ‏
(15 ) شرائط العمل عند الحافظ ابن حجر


‏‏{وقد سمعت شيخنا مرارا يقول : -وكتبه لى بخطه- :

‏إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة :

* الأول :
متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد ؛ فيخرج من ‏انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ؛ ومن فحش غلطه . ‏ ‏

*الثانى :
أن يكون مندرجا تحت أصل عام ؛ فيخرج ما يخترع ‏بحيث لايكون له أصل أصلا .
‏ ‏ ‏
‏*الثالث :
أن لايعتقد عند العمل به ثبوته ؛ لئلا ينسب إلى النبى –‏صلى الله عليه وسلم-مالم يقله. قال : والأخيران عن ابن عبد السلام ؛ ‏و عن صاحبه ابن دقيق العيد . والأول نقل العلائى الإتفاق عليه.}
‏ ‏

(16 ) ما توجيه الشروط المذكورة على أهل العلم من التمييز :


قلتُ(الألباني):

وليس يخفى على الفطن اللبيب أن هذه الشروط توجب على أهل ‏العلم والمعرفة بصحيح الحديث وسقيمه أن يمييزوا للناس شيئين هامين :

‏‏*الأول : الأحاديث الضعيفة من الصحيحة ؛ لكى لايعتقد العاملون بها ‏ثبوتها ؛ فيقعوا فى آفة الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ‏كما تقدم فى كلام الإمام مسلم وغيره .

‏‏*والآخر : الأحاديث الشديدة الضعف من غيرها ؛ لكى لايعملوا بها , ‏فيقعوا فى الآفة المذكورة .

‏والحق - والحق أقول- إن القليل من علماء الحديث –فضلا عن غيرهم- ‏من له عناية تامة –بالتمييز الأول ؛كالحافظ المنذرى –على تساهله ‏المتقدم بيانه- والحافظ ابن حجرالعسقلانى فى كتبه , وتلميذه الحافظ ‏السخاوى فى كتابه :" المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث ‏المشتهرة على الألسنة " ؛ وغيرهم . وفى عصرنا هذا الشيخ أحمد ‏شاكر –رحمه الله- فى تحقيقه وتعليقه على " مسند الإمام أحمد ‏‏"وغيره ومثله اليوم أقل من القليل .

‏وأقل من هؤلاء بكثير من له عناية تامة بتمييز الأحاديث الضعيفة جدا ‏من غيرها ؛ بل لاأعلم من له تخصص فى هذا المجال ؛ مع كونه من ‏الأمور الهامة كما بينته آنفا ؛ وهو عندى أهم من عنايتهم بتمييز ‏الحديث الحسن من الصحيح مع أنه ليس تحته كبير فائدة ؛ لأن كلا ‏منهما يحتج به فى الأحكام كما سبق , اللهم عند التعارض والترجيح ؛ ‏بخلاف مانحن فيه ؛ فإنه يعمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ؛ دون ‏الضعيف جدا ؛ فبيانه واجب من باب أولى .

يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 02:21 AM
مازلنا نتابع معًا :‏


(‏مقدمة كتاب
" صحيح الترغيب والترهيب "
للشيخ ‏الألبانى
– ‏الجزء الأول- من (ص47 إلى ص67) )




(17)
ما ذكره المنذرى من تساهل العلماء فى الترغيب ‏والترهيب, ‏والجواب عليه
‏ ‏
‏ ‏فإن قيل :

لم هذا التفصيل والتشديد فى رواية الحديث الضعيف ؛ ‏والمنذرى –رحمه الله-قد ذكر فى مقدمة كتابه"‏

‏ " أن العلماء أساغوا ‏التساهل فى أنواع من الترغيب والترهيب ؛ حتى إن كثيرا منهم ذكروا ‏الموضوع ؛ ولم ‏يبينوا حاله " . ‏ ‏ ‏‏وجوابا عليه أقول ‏
‏إن التساهل الذى أساغوه يحتمل وجهين:
‏ ‏‏# الأول:
‏( ذكر الأحاديث بأسانيدها ):
فهذا لابأس به ؛ كيف لا وهو ‏صنيع جميع المحدثين من الحفاظ السابقين الذين كان ‏أول أعمالهم فى ‏سبيل حفظ السنة وأحاديثها ؛ إنما هو جمعها من شيوخها بأسانيدهم ‏فيها ؛ ثم من كان منهم على ‏علم بتراجم رواتها من جميع الطبقات , ‏ومعرفة بطرق الجرح والتعديل ؛ وعلل الحديث , فإنه يتمكن من ‏التحقيق ‏فيها ؛ وأن يميز صحيحها من سقيمها {هذا دفاعًا عن مؤلفي أمهات الكتب وإحسان الظن بهم وتقديرًا لهم حق تقدير}
وإلى هذا وذلك أشاروا ‏بقولهم المعروف :‏
‏" قمش ثم فتش " ‏
فهو إذن من باب " ما لايقوم ‏الواجب إلا به فهو واجب " .‏
ملحوظة:
قمش: أي اجمع الأحاديث من التقمش.
فتش : أي فتش عن صحة كل حديث (صحة لأحاديث)
‏ وعلى هذا الوجه ينبغى أن يحمل قول ‏المنذرى المذكور عن العلماء :
= إحسانا للظن بهم أولا ؛
= ولأنه هو الذى ‏‏يدل عليه كلام الحفاظ ثانيا ؛
= بالإضافة إلى ما ذكرناه مما جرى عليه ‏عملهم .
فهذا هو الإمام أحمد يقول :
"إذا جاء ‏الحلال والحرام شددنا فى ‏الأسانيد ؛ وإذا جاءالترغيب والترهيب تساهلنا فى الأسانيد "‏
‏(1){‏= مجموع الفتاوى " لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 18/ 65 ) ‏}‏
‏ فهذا ‏نص فيما قلنا ؛
ومثله قول ابن الصلاح فى"علوم الحديث " (ص113 )

‏‏< ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم ‏التساهل فى الأسانيد , ورواية ما ‏سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ‏ضعفها فيما ‏سوى صفات الله وأحكام الشريعة من الحلال والحرام ‏وغيرها؛ وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال ؛ ‏وسائر فنون ‏الترغيب والترهيب , وسائر ما لاتعلق له بالأحكام والعقائد > .
‏‏فتأمل فى قوله :
" التساهل فى الأسانيد" يتجلى لك صحة ما ذكرنا . ‏والسبب فى ذلك أن من ذكر إسناد الحديث ‏فقد أعذر وبرئت ذمته ؛ لأنه ‏قدم لك الوسيلة التى تمكن من كان عنده علم بهذا الفن من معرفة حال ‏الحديث صحة ‏أو ضعفا بخلاف من حذف إسناده ولم يذكر شيئا عن حاله ‏؛ فقد كتم العلم الذى عليه أن يبلغه . ‏‏‏_____‏


‏ (18) الأدب فى رواية الحديث الضعيف عند ابن الصلاح

‏ من أجل ذلك عقب ابن الصلاح على ما تقدم بقوله :

‏‏" إذا أردت ‏رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه: قال رسول ‏الله –صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا ؛ وما أشبه هذا ‏من الألفاظ الجازمة ‏بأنه –صلى الله عليه وسلم- قال ذلك ؛
وإنما تقول فيه:روى عن رسول ‏الله –صلى الله عليه ‏وسلم- كذا وكذا ؛ أو بلغنا عنه كذا وكذا ..
وهكذا ‏الحكم فيما تشك فى صحته وضعفه .
وإنما تقول : قال رسول الله ‏‏–صلى ‏الله عليه وسلم- ..فيما ظهر لك صحته"(2)
{(2) = قلتُ : تأمل هذا ؛ يتبين لك خطأ المنذرى فى اصطلاحه ‏المتقد ‏}‏


(19) لابد من التصريح بالضعف

‏قلت : فثبت أنه لابد من بيان ‏ضعف الحديث فى حال ذكره دون إسناده ؛ ‏ولو بطريق ما اصطلحوا عليه مثل
( روى ) ونحوه .
ولكنى أرى أن ‏‏هذا لايكفى اليوم لغلبة الجهل ؛ فإنه لايكاد يفهم أحد من كتب المؤلف , ‏أو قول الخطيب على المنبر :" روى عن ‏رسول الله-صلى الله عليه ‏وسلم- أنه قال:كذا وكذا .." أنه حديث ضعيف ؛
فلابد من التصريح بذلك ‏كما جاء فى ‏أثر على-رضى الله عنه- قال:
" حدثوا الناس بما يعرفون ؛ ‏أتحبون أن يكذب الله ورسوله ". أخرجه البخارى (3) ‏‏
{ (3)= رقم (83 –مختصر البخارى- الطبعة الجديدة ) } ‏؛

ولنعم ما قال ‏الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- فى " ‏الباعث الحثيث " ( ص 101)

‏‏" والذى أراه بيان الضعف فى الحديث الضعيف ‏واجب فى كل حال ؛ لأن ‏ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ؛ خصوصا إذا كان ‏الناقل من علماء ‏الحديث الذين يرجع إلى قولهم فى ذلك وأنه لافرق بين ‏الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها فى عدم الأخذ ‏بالروية الضعيفة ؛

‏بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من ‏حديث صحيح أو حسن ‏‏" .

‏‏# قلتُ:

والوجه الآخر الذى يحتمله كلام ‏المنذرى المتقدم إنما هو :
‏‏{ ذكر الأحاديث الضعيفة بدون أسانيدها ودون ‏بيان حالها حتى ‏الموضوع منها } :
فهذا فى اعتقادى مما لا أتصور أن يقوله أحد من ‏العلماء الأتقياء ؛ لما فيه ‏من المخالفة لما تقدم فى كلام الإمام مسلم من ‏نصوص الكتاب والسنة فى التحذير من الرواية من غير العدول ؛
لا ‏فرق ‏فى ذلك بين أحاديث الأحكام والترغيب والترهيب وغيرها ؛ وكلام مسلم ‏صريح فى ذلك .

# ( صحيح الترغيب والترهيب -1-ص 37- رقم 4- ) :
‏ ‏
قال المصنف :
< ......وعلى هذا حض الإمام مسلم على ‏طرح الأحاديث الضعيفة , فقال فى مقدمة "صحيحه" ص6 :‏

‏ " ... واعلم وفقك الله تعالى – أن الواجب على كل أحد عرف ‏التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها , وثقات الناقلين لها من المهتمين؛ أن ‏لايروى منها إلا ما عرف صحة مخارجه والسِّتارة فى ناقليه , وان يتقى منها ‏ماكان منها عن أهل التهم , والمعاندين من أهل البدع ....

والدليل على أن الذى قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله جل ذكره ‏‏:

{ يا أًيُّها الذين آمنوا إن جَاءَكُم فاسِقٌ بنبأٍ فتَبَينُوا }.... وقال جل ثناؤه :
‏‏{ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } ...وقال :
{ وأَشْهِدوا ذَوَىَ عَدْلٍ مِنْكٌم }..

فدل على ‏ماذكرنا من الآى :‏
‏= أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول ,‏
‏= وأن شهادة غير العدل مردودة ,‏
‏= والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة فى بعض الوجوه فقد يجتمعان فى ‏أعظم معانيهما ,
إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن ‏شهادته مردودة عند جميعهم ....
ودلت السنة على نفى رواية المنكر من ‏الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفى خبر الفاسق , وهو الأثر المشهور عن ‏رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :
{ مَن حدثَ عنى بحديث يرى أنه كذب ‏فهو أحد الكاذبين } . " ‏

نتابع معًا بإذن الله تعالى

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 02:40 AM
‏ قال المصنف :‏
‏ فسَاقَ مسلم إسناد الحديث السابق إلى سمرة بن جندب ‏والمغيرة بن شعبة ..‏
‏ وساق أحاديث أخرى مرفوعة , وآثار موقوفة فى ‏التحذير عن التحديث بما ‏لايُعرف صحته > . ‏
‏ ‏
‏# صحيح الترغيب والترهيب -1- ‏ص42- رقم 8- ) : ‏
‏ ‏ ‏ ‏
‏ قال المصنف تحت عنوان :‏
‏مناقشة اصطلاح المنذرى وبيان ‏ما فيه من الإجمال والغموض:

< قلتُ :

‏ فهو بهذا البيان قد جعل أحاديث كتابه قسمين : ‏
‏ ‏
‏= ‏الأول : ما صدره بلفظ ( عن ) المشعر بقوته . ‏
‏= ‏والآخر : ما صدره بلفظ ( روى ) المشعر بضعفه . ‏‏

ثم أنه أدخل فى القسم الأول ثلاثة أنواع من الحديث وهى : ‏
‏ ‏‏( الصحيح والحسن وما قاربهما ) ,

‏وأدخل فى القسم الآخر ثلاثة أنواع أيضا وهى: ‏‎
‏ ‏‎‎ ‎‏( الضعيف والضعيف جدا والموضوع ) . ‏
‏ ‏
‏ ‏فهذا التقسيم محير عير مُفهم , بل هو يدع القارىء ضائعا بين أنواعه ‏الثلاثة ‏فى كل من القسمين , لايدرى أى نوع منها هو المراد !!! . ‏

‏---------------- ‏‏

‏ ‏‏(20) تأثيم الإمام مسلم ‏لمن يروى عن الضعيف ولا يبين حاله ‏ولو فى الترغيب والترهيب
‏‏ ‏ ‏
‏ ‏وأصرح منه قوله بعد بحث هام فى وجوب الكشف ‏عن معايب رواة ‏‏الحديث ؛ وذكر أقوال الأئمة فى ذلك ؛ ‏
قال (1/29) :‏
‏" وإنما ألزموا ‏أنفسهم الكشف عن معايب ‏رواة الحديث وناقلى الأخبار ؛ ‏وأفتوا بذلك ‏لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار فى أمر الدين إنما تأتى ‏بتحليل أو ‏‏تحريم ؛ أو أمر أو نهى ؛ أو ترغيب أو ترهيب ؛ ‏
‏فإذا كان الراوى لها ‏ليس بمعدن للصدق ‏والأمانة ؛ ثم أقدم على ‏الرواية عنه من قد عرفه (عرف أنه ليس عنده ‏صدق ولاأمانة)؛ ‏ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته ؛
كان آثما بفعله ذلك , غاشا ‏لعوام المسلمين؛
‏ ‏إذ لايؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن ‏يستعملها أو يستعمل ‏بعضها ؛ ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل ‏لها ؛
‏ ‏مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن ‏يضطر ‏إلى نقل من ليس بثقة ؛

‏ ولا ‏أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس ‏على ما وصفنا من هذه الأحاديث ‏الضعاف والأسانيد المجهولة؛ ويعتد ‏بروايتها ‏بعد معرفته بما فيها من ‏التوهن والضعف ؛ إلا أن الذى يحمله ‏على روايتها والاعتداد بها إرادة ‏التكثر بذلك عند ‏العوام ؛ ولأن يقال : ‏ما أكثر ماجمع فلان من الحديث وألف ‏من العدد !! ‏

‏ومن ذهب فى العلم ‏هذا المذهب , وسلك ‏هذا ‏الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى ‏جاهلا ؛أولى من أن ينسب إلى ‏علم " .

‏ ‏
(21) عاقبة التساهل برواية الأحاديث الضعيفة وكتم بيانها


‏والحقيقة ؛ أن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد ‏كان من أكبر الأسباب القوية التى حملت الناس على الابتداع فى الدين ؛ ‏فإن كثيرا من العبادات التى عليها كثيرا منهم اليوم إنما أصلها اعتمادهم ‏على الأحاديث الواهية ؛ بل والموضوعة كمثل :
= التوسعة يوم عاشوراء ؛ ‏‏(الحديث 617 و618 ) " ضعيف الترغيب " ؛
= وإحياء ليلة النصف من ‏شعبان ؛ وصوم نهارها,الحديث (624)
= وغيرها وهى كثيرة جدا ,

تجدها ‏مبثوثة فى كتابى " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها ‏السىء فى الأمة " ؛

وساعدهم على ذلك تلك القاعدة المزعومة القائلة ‏بجواز العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل
غير عارفين أن العلماء ‏المحققين قد قيدوها بقيدين اثنين : ‏ ‏

‏‏# (أ) أحدهما حديثى : وقد سبق تفصيله ؛
وخلاصة ذلك :
‏‏< أن كل من يريد العمل بحديث ضعيف ينبغى أن يكون على علم بضعفه ‏لأنه لايجوز العمل به إذا كان شديد الضعف>
‏ولازم هذا الحد من العمل بالأحاديث الضعيفة وانتشارها بين الناس ؛ لو ‏قام أهل العلم بواجب بيانها. ‏ ‏
‏‏# (ب) القيد الفقهى :

وأما القيد الآخر وهو الفقهى:فهذا أوان البحث فيه؛فأقول :
قد دندن ‏الحافظ ابن حجر حوله فى الشرط الثانى المتقدم ( ص48) بقوله :
‏‏"" وأن يكون الحديث الضعيف مندرجا تحت أصل عام "

‏إلا أن هذا القيد غير كاف فى الحقيقة ؛لأن غالب البدع تندرج تحت ‏أصل عام ؛ ومع ذلك فهى غير مشروعة ؛ وهى التى يسميها الإمام ‏الشاطبى بالبدع الإضافية؛ وواضح أن الحديث الضعيف لاينهض لإثبات ‏شرعيتها ؛ فلابد من تقييد ذلك بما هو أدق منه كأن يقال :
{أن يكون ‏الحديث الضعيف قد ثبت شرعية العمل بما فيه بغيره مما يصلح أن ‏يكون دليلا شرعيا ؛ وفى هذه الحالة لا يكون التشريع بالحديث الضعيف ‏؛ وغاية ما فيه زيادة ترغيب فى ذلك العمل مما تطمع النفس ؛ فتندفع ‏إلى العمل أكثر مما لو لم يكن قد روى فيه هذا الحديث الضعيف }

قال ‏شيخ الإسلام ابن تيمية فى"مجموع الفتاوى " (1/251) :

‏‏[وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعى ؛ وروى فى فضله ‏حديث لايعلم أنه كذب ؛ جاز أن يكون الثواب حقا , ولم يقل أحد من ‏الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجبا أو مستحبا بحديث ضعيف ‏ومنقال هذا فقد خالف الإجماع ]

يُتْبَعُ

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 02:56 AM
‏ (22 ) قول ابن تيمية المفصل فى ذلك
" وأنه ‏لايجوز استحباب شىء لمجرد وجود حديث ضعيف فى الفضائل"

وقد فصل الشيخ –رحمه الله- هذه المسألة الهامة فى مكان آخر من ‏‏"مجموعة الفتاوى" (18/65-68) تفصيلا لم أره لغيره من العلماء ؛ فأرى ‏لزاما على أن أقدمه إلى القراء لما فيه من الفوائد والعلم ؛ قال بعد أن ذكر قول ‏الإمام أحمد المتقدم (ص 51) :

[وكذلك ما ‏عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال ليس معناه إثبات ‏الاستحباب بالحديث الذى لا يحتج به ؛ فإن الاستحباب حكم شرعى ؛ فلا يثبت إلا ‏بدليل شرعى ؛ ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل ‏شرعى فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ؛ كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم ؛ ‏ولهذا يختلف العلماء فى الاستحباب كما يختلفون فى غيره ؛ بل هو أصل الدين ‏المشروع .
‏ ‏
(23) مراد العلماء من العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل

‏وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله ؛ أو مما يكره الله ‏بنص أو إجماع ؛ كتلاوة القرآن , والتسبيح , والدعاء , والصدقة , والعتق , ‏والإحسان إلى الناس ,وكراهة الكذب والخيانة , ونحو ذلك ؛ فإذا روى حديث فى ‏فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها , وكراهة بعض الأعمال وعقابها ؛ ‏فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه ؛ إذا روى فيها حديث لانعلم أنه موضوع ؛ ‏جازت روايته والعمل به ؛بمعنى : أن النفس ترجو ذلك الثواب , وتخاف ذلك ‏العقاب ؛ كرجل يعلم أن التجارة تربح ؛ لكن بلغه أنها تربح ربحا كثيرا فهذا إن ‏صدق نفعه , وإن كذب لم يضره .
‏ ‏ ‏ ‏
(24) مثال للعمل بالحديث الضعيف بشرطه ‏

ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائليات والمنامات, وكلمات السلف ‏والعلماء , ووقائع العلماء , ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعى ؛ ‏لا استحباب ولا غيره ؛ ولكن يجوز أن يذكر فى الترغيب والترهيب , والترجية ‏والتخويف , فما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع ؛فإن ذلك ينفع ولا يضر , ‏وسواء كان فى فى نفس الأمر حقا أو باطلا ؛ فما علم أنه باطل موضوع لم يجز ‏الالتفات إليه ؛ فإن الكذب لايفيد شيئا , وإذا ثبت أنه صحيح أثبتت به الأحكام ؛ ‏وإذا احتمل الأمرين روى لإمكان صدقه ؛ ولعدم المضرة فى كذبه , وأحمد إنما ‏قال :"إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا فى الأسانيد " . ومعناه : أننا نروى ‏فى ذلك بالأسانيد؛ وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم . وكذلك قول ‏من قال : يعمل بها فى فضائل الأعمال إنما العمل بها العملبما فيها من الأعمال ‏الصالحة ؛ مثل التلاوة والذكر , والاجتناب لما كره فيها من الأعمال السيئة. ‏ونظير هذا قول النبى –صلى الله عليه وسلم- فى الحديث الذى رواه البخارى عن ‏عبد الله بن عمرو:
{بلغوا عنى ولو آية ؛ وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج ؛ ‏ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار }.

مع قوله –صلى الله عليه وسلم- ‏فى الحديث الصحيح :
{إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم }؛ فإنه ‏رخص فى الحديث عنهم ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم ؛ فلو لم يكن فى ‏التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به , ولو جاز تصديقهم بمجرد ‏الإخبار لما نهى عن تصديقهم ؛ فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه فى مواضع .

نتابع معًا يإذن الله تعالى....... ‏ ‏ ‏

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 02:58 AM
(25) لا يجوز التقدير والتحديد بأحاديث الفضائل ‏‏ ‏
فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا ؛ مثل صلاة فى وقت معين ‏بقراءة معينة , أو على صفة معينة لم يجز ذلك ؛< لأن استحباب هذا الوصف ‏المعين لم يثبت بدليل شرعى> بخلاف ما لو روى فيه : " من دخل السوق فقال : ‏لا إله إلا الله ..كان له كذا وكذا"(1) فإن ذكر الله فى السوق مستحب ؛ لما فيه ‏من ذكر الله بين الغا فلين ؛كما جاء فى الحديث المعروف:" ذاكر الله فى الغافلين ‏كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس " (2)

‏فأما تقدير الثواب المروى فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته ؛ وفى مثله الحديث ‏الذى رواه الترمذى: " من بلغه عن الله شىء فيه فضل ؛ فعمل به رجاء ذلك ‏الفضل أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك"(3)

فالحاصل ؛ أن هذا الباب يروى ويعمل به فى الترغيب والترهيب لافى ‏الاستحباب ؛ ثم اعتقاد موجبه وهو مقاديرالثواب والعقاب يتوقف على الدليل ‏الشرعى .]

‏‏________________________
الحاشية:
‏‏(1) قلتُ :
استغربه الترمذى ؛ لكن له طرق يرتقى بها إلى درجة التحسين كما ‏كنت ذكرت فى تعليقى على " الكلم الطيب"
(رقم الحديث 229 )؛ وحسن إسناده ‏المنذرى كما سيأتى فى"الصحيح "(16-البيوع/3-باب/ الحديث الأول )
‏‏(2) سيأتى فى " الضعيف" (16-البيوع/3-باب)

‏‏(3) قلت : عزوه للترمذى وهم , أوسبق قلم ؛ وهو مخرج فى المصدر السابق ‏من ثلاث طرق كلها موضوعة . انظر الأرقام (451-453) . وأورده ابن ‏الجوزى فى"الموضوعات" ووافقه السيوطى. ‏


نتابع معًا يإذن الله تعالى.......

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 03:01 AM
‏(26) خلاصة كلام ابن تيمية فى العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ‏

أقول : ذلك كله من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- ‏وجزاه عن المسلمين خيرا ؛

ونستطيع أن نستخلص منه أن الحديث ‏الضعيف له حالتان :
‏ ‏ ‏ ‏
*الأولى :أن يحمل فى طياته ثوابا لعمل ثبتت مشروعيته بدليل ‏شرعى ؛ فهنا يجوز العمل به ؛ بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب ؛ ‏ومثاله عندنا {التهليل فى السوق} بناء على أن حديثه لم يثبت عنده , ‏وقد عرفت رأينا فيه .

‏*والأخرى: أن يتضمن عملا لم يثبت بدليل شرعى ؛
يظن بعض ‏الناس أنه مشروع فهذا لايجوز العمل به ؛ وتأتى له بعض الأمثلة ‏الأخرى .

‏وقد وافقه على ذلك العلامة الأصولى المحقق الإمام أبو إسحاق الشاطبى ‏الغرناطى فى كتابه العظيم " الاعتصام"

فقد تعرض لهذه المسألة ‏توضيحا وقوة بما عرف عنه من بيان ناصع , وبرهان ساطع , وعلم ‏نافع ,

فى فصل عقده لبيان طريق الزائفين عن الصراط المستقيم ؛

وذكر ‏أنها من الكثرة بحيث لايمكن حصرها ؛ مستدلا على ذلك بالكتاب والسنة ‏؛

وأنها لاتزال تزداد على الأيام ؛ وأنه يمكن أن يجد بعده استدلالات أخر ‏؛

ولاسيما عند كثرة الجهل وقلة العلم وبعد الناظرين فيه عن الاجتهاد ؛ ‏فلا يمكن إذن حصرها ؛

قال (1/229) : ‏‏
"لكنا نذكر من ذلك أوجها كلية يقاس عليها ما سواها ". ‏ ‏


(27) من طرق المبتدعة الاعتماد على الأحاديث الواهية

‏‏( فمنها ) :

* اعتمادهم على الأحاديث الواهية , والمكذوب فيها على ‏رسول الله-صلى الله عليه وسلم-

والتى لايقبلها أهل صناعة الحديث فى ‏البناء عليها : كحديث الاكتحال يوم عاشوراء , وإكرام الديك الأبيض , ‏وأكل الباذنجان بنيته (1) ,

وأن النبى –صلى الله عليه وسلم-تواجد ‏واهتز عند السماع حتى سقط الرداء عن منكبيه(2) ,

وما أشبه ذلك ؛

‏فإن أمثال هذه الأحاديث –على ماهو معلوم- لاينبنى عليها حكم , ولا ‏تجعل أصلا فى التشريع أبدا ؛

ومن جعلها كذلك فهو جاهل ومخطىء ‏فى نقل العلم .

فلم ينقل الأخذ بشىء منها عمن نعتد به فى طريقة العلم , ‏ولا طريقة السلوك . ‏‏


وإنما أخذ بعض العلماء بالحديث الحسن لإلحاقه عند المحدثين ‏بالصحيح ؛ لأن سنده ليس فيه من يعاب بجرح متفق عليه ؛

* وكذلك ‏من أخذ منهم بالمرسل ؛ ليس إلا من حيث ألحق بالصحيح

فى أن ‏المتروك ذكره كا لمذكور والمعدل (3)

فأما ما دون ذلك ؛ فلا يؤخذ به ‏بحال عند العلماء .

ولو كان من شأن أهل الإسلام الأخذ من الأحايث ‏بكل ماجاءعن كل من جاء لم يكن لانتصابهم للتعديل أوالتجريح معنى ؛

‏مع أنهم قد أجمعوا على ذلك ؛ ولا كان لطلب الإسناد معنى ؛ فلذلك ‏‏<جعلوا الإسناد من الدين > ؛

< ولايعنون حدثنى فلان عن فلان > ‏مجردا بل يريدون ذلك لما تضمنه من معرفة الرجال الذين يحدث عنهم ؛

‏حتى لايسند عن مجهول , ولامجروح , ولامتهم, إلا عمن تحصل الثقة ‏بروايته ؛

لأن روح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك ‏الحديث قد قاله النبى –صلى الله عليه وسلم-

لنعتمد عليه فى الشريعة , ‏وتسند إليه الأحكام . ‏ ‏

‏والأحاديث الضعيفة لايغلب على الظن أن النبى –صلى الله عليه وسلم- ‏قالها ؛

فلا يمكن أن يسند إليها حكم !!!!!!

فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب ‏؟!

نعم , الحامل على اعتمادها فى الغالب إنما هو ماتقدم من الهوى ‏المتبع " .

-----------------
‏‏(1)هذه الأحاديث كلها موضوعة ؛ تجد الكلام عليها فى " المقاصد ‏الحسنة" وغيرها . ‏‏
(2) هذا حديث موضوع كما صرح به جمع ؛ وقد أخرجته فى "الأحاديث ‏الضعيفة والموضوعة" برقم (558)
‏‏(3) قلتُ : ومع ذلك فهو مردود عند المحدثين كما بينه الخطيب فى " ‏الكفاية "(ص391-397) . ‏ ‏ ‏

نتابع معًا بإذن الله تعالى....

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 03:03 AM
‏ (29) رد الإشكال بتفصيل علمى دقيق ‏فالجواب :

أن ما ذكره علماء الحديث من التساهل فى أحاديث الترغيب ‏والترهيب لاينتظم مع مسألتنا المفروضة .وبيانه :

‏أن العمل المتكلم فيه :
‏‏
1- إما أن يكون منصوصا على أصله جملة وتفصيلا .
‏ ‏
2- أو لايكون منصوصا لاجملة ولا تفصيلا .
‏ ‏
3- أو يكون منصوصا عليه جملا لاتفصيلا .


‏فالأول :

لاإشكال في صحته كالصلوات المفروضات ؛ والنوافل المرتبة ‏لأسباب وغيرها ,

وكالصيام المفروض , أو المندوب على الوجه ‏المعروف ؛

إذا فعلت على الوجه الذى نص عليه من غير زيادة ولا ‏نقصان : كصيام يوم عرفة , والوتر , وصلاة الكسوف ,

فالنص جاء ‏فى هذه الأشياء على ماشرطوا ؛ فثبتت أحكامها من الفرض والسنة ‏والاستحباب .

فإذا ورد فى مثلها أحاديث ترغب فيها؛ اوتحذر من ترك ‏الفرض منها ,

وليست بالغة مبلغ الصحة , ولاهى أيضا من الضعف ‏بحيث لايقبلها أحد ,

فلا بأس بذكرها والتحذير بها والترغيب , بعد ثبوت ‏أصلها من طريق صحيح .

‏والثانى :

ظاهر أنه غير صحيح ؛ وهو عين البدعة ؛ لأنه لايرجع إلا ‏لمجرد الرأى المبنى على الهوى,

وهوأبدع البدع وأفحشها كالرهبانية ‏المنفية عن الإسلام , والخصاء لمن خشى العنت ,

والتعبد بالقيام فى ‏الشمس , أو بالصمت من غير كلام أحد ,

فالترغيب فى مثل هذا لايصح ‏؛

إذ لايوجد فى الشرع , ولا أصل له يرغب فى مثله , أو يحذر من ‏مخالفته .

‏والثالث :

ربما يتوهم أنه كالأول من جهه أنه إذا ثبت أصل عبادة فى ‏الجملة فيسهل فى التفصيل نقله من طريق غير مشترط الصحة ؛

فمطلق ‏التنفل بالصلاة مشروع , فإذا جاء ترغيب فى صلاة ليلة النصف من ‏شعبان ؛فقد عضده أصل الترغيب فى صلاة النافلة ,

وكذلك إذا أصل ‏صيام ثبت صيام السابع والعشرين من رجب , وما أشبه ذلك.! ‏

وليس كما توهموا ؛ لأن الأصل إذا ثبت فى الجملة لايلزم إثباته فى ‏التفصيل .

فإذا ثبت مطلق الصلاة لايلزم منه إثبات الظهر و العصر أو ‏الوتر أو غيرها ؛ حتى ينص عليها على الخصوص ؛

وكذلك إذا ثبت ‏مطلق الصيام لايلزم منه إثبات صوم رمضان أو عاشوراء أوشعبان أو ‏غير ذلك ؛ حتى يثبت بالتفصيل بدليل صحيح .

ثم ينظر بعد ذلك فى ‏أحاديث الترغيب والترهيب . بالنسبة إلى ذلك العمل الخاص الثابت ‏بالدليل الصحيح . ‏ والدليل

على ذلك :

أن تفضيل يوم من الأيام , أو زمان من الأزمنة ‏بعبادة ما يتضمن حكما شرعيا فيه على الخصوص

كما ثبت لعاشوراء ‏مثلا , أو لعرفة , أو لشعبان -مزية على مطلق التنفل بالصيام-

فإنه ‏ثبتت له مزية على الصيام فى مطلق الأيام ؛ فتلك المزية اقتضت مرتبة ‏فى الأحكام أعلى من غيرها

بحيث لا تفهم من مطلق مشروعية الصلاة ‏النافلة (1) ؛

لأن مطلق المشروعية يقتضى أن الحسنة بعشر أمثالها ‏إلى سبعمائة ضعف فى الجملة ؛ وصيام عاشوراء يقتضى أنه يكفر ‏السنة التى قبلها ؛

فهو أمر زائد على مطلق المشروعية ؛ ومساقة يفيد ‏له مزية فى الرتبة ؛ وذلك راجع إلى الحكم .

‏فإذا ؛ هذا الترغيب الخاص يقتضى مرتبة فى نوع من المندوب خاصة ؛ ‏فلابد من رجوع إثبات الحكم إلى الأحاديث الصحيحة بناء على قولهم ‏‏:

"إن الأحكام لاتثبت إلا من طريق صحيح " ؛

والبدع المستدل عليها ‏بغير الصحيح لابد فيها من الزيادة على المشروعات ؛ كالتقييد بزمان ‏أو عدد أو كيفية ما ؛

فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير ‏الصحيح ؛ وهو أمر ناقض لما أسسه العلماء.

ولايقال :إنهم يريدون ‏أحكام الوجوب والتحريم فقط .

لأننا نقول : هذا تحكم من غير دليل ؛ بل ‏الأحكام خمسة ؛

فكما لا يثبت إلا بالصحيح [ فكذلك لايثبت غيره من ‏الأحكام الخمسة كالمستحب إلا بالصحيح ] (2)

فإذا ثبت الحكم فاستسهل ‏أن يثبت فى أحاديث الترغيب والترهيب ؛ ولا عليك .

‏‏------------------------------------
‏‏(1) كذا فى الأصل ؛والسياق يقتضى أن يقال : صيام النفل . فتأمل .
‏‏(2)سقط من الأصل ؛ والسياق يقتضيه .

نتابع معًا بإذن الله تعالى....
‏ ‏ ‏

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 03:05 AM
‏ (30) خلاصة كلام الإمام الشاطبى ‏

فعلى كل تقدير :
"كل ما رغب فيه إن ثبت حكمه أو مرتبته فى ‏المشروعات من طريق صحيح ؛ فالترغيب [فيه] بغير الصحيح مغتفر ؛

‏وإن لم يثبت إلا من حديث الترغيب فاشترط الصحة أبدا ؛

وإلا خرجت ‏من طريق القوم المعدودين فى أهل الرسوخ .

فلقد غلط فى هذا المكان ‏جماعة ممن ينسب إلى الفقه ؛ ويتخصص عن العوام بدعوى رتبة ‏الخواص .

وأصل هذا الغلط عدم فهم كلام المحدثين فى الموضوعين ؛ ‏وبالله التوفيق . " ‏

قلت :
هذا كله من كلام الإمام الشاطبى ؛ وهو يلتقى تمام الالتقاء ‏مع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمهما الله تعالى- ؛

ومن الطرائف أن ‏هذا مشرقى وذاك مغربى ؛ جمع بينهما –على بعد الدار- المنهج العلمى ‏الصحيح .



‏‏(31) صعوبة تمييز الضعف الذى يجوز العمل به حديثيا وفقهيا

‏وبعدما عرفت أيها القارىء هذا الشرط الفقهى فى جواز العمل بالحديث ‏الضعيف ؛

وذاك الشرط الحديثى المتقدم : أن لايكون شديد الضعف

‏يتبين لك أنه كان من الواجب على الحافظ المنذرى أن يميز الحديث ‏الضعيف , والضعيف جدا , والموضوع ,

ويعطى كل حديث من أحاديث ‏كتابهالضعيفة مرتبته من هذه المراتب الثلاث ؛

وأن لايجمل القول فيها ‏بتصديرها كلها بصيغة { روى } ؛

خشية أن يبادر أحد من القراء إلى ‏العمل ببعض الواهى والموضوع منها ؛

فيقع فى المحظور السلبق بيانه ‏ولو كان من الفقهاء . ‏

هذا من الناحية الحديثية : ‏

‏ ‏
وأما من الناحية الفقهية : ‏ ‏

فليس يخفى أنه من غير الميسور تمييز الحديث الضعيف الذى ‏يجوز العمل به ؛ من الذى لايجوز العمل به ؛

إلا على المحدثين الفقهاء ‏بالكتاب والسنة الصحيحة وما أقلهم !

ولذلك فإنى أرى أن القول ‏بالجواز بالشرطين السابقين نظرى غير عملى بالنسبة إلى جماهير ‏الناس ؛

لأنه من أين لهم تمييز الحديث الضعيف من الضعيف جدا ؟ ‏ومن اين لهم تمييز مايجوز العمل به منه فقهيا بما لايجوز ؟

فيرجع ‏الأمر عمليا إلى قول ابن العربى المتقدم :"أنه لايعمل بالحديث الضعيف ‏مطلقا "

وهو ظاهر قول ابن حبان :"لأن ما روى الصعيف ولم يرو فى ‏الحكم سيان" (1) .

وهذا هو الذى أنصح به عامة الناس ؛

وهو الذى نصحت به فى ‏مقدمة كتابى :"صحيح الجامع الصغير وزيادته" و "ضعيف الجامع ‏‏..." (ص 51) فليرجعه من شاء .

‏‏--------------------------------
‏‏(1) انظر : "سلسلة الأحاديث الضعيفة " وتعليقى عليه :
‏‏(ج2-ص3-تحت الحديث 504) .

نتابع معًا بإذن الله تعالى....
‏ ‏ ‏

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 03:07 AM
‏ ( 32 ) مثال من واقع بعض الفقهاء


ولابأس من أن أسوق للقراء مثالا لصعوبة الأمر ؛ على بعض من ‏ينتمى للفقه فضلا عن غيرهم ؛

فهناك حديث أنس الصحيح :

" لم يكن ‏شخص أحب إليهم من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ؛ وكانوا إذا ‏رأوه لم يقوموا له ؛ لما يعلمون من كراهيته لذلك " رواه الترمذى ‏وغيره .

فاستدل به الشيخ على القارى فى"شرح الشمائل"( 2/169) ‏على أن القيام المتعارف عليه اليوم ليس من السنة .

ونقل عن ابن حجر ‏‏–يعنى الهيثمى-ما ينافى ذلك , واستغربه ,

ثم قال :

< وأما قول ابن ‏حجر : "ويؤيد مذهبنا من ندب القيام لكل قادم به فضيلة ؛ نحو نسب أو ‏علم أو صلاح أو صداق (!) حديث أنه –صلى الله عليه وسلم-

قام ‏لعكرمة بن أبى جهل لما قدم عليه , ولعدى بن حاتم كلما دخل عليه .

‏وضعفهما لايمنع الاستدلال بهما هنا ؛ خلافا لمن وهم فيه ,

لأن الحديث ‏الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال اتفاقا؛ بل إجماعا كما قال النووى" ‏؛ فمدفوع ؛

لأن الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال المعروفة فى ‏الكتاب والسنة ؛

ولكن لايستدل به عل إثبات الخصلة المستحبة>. ‏

فتأمل كيف خطأ الشيخ القارى الهيثمى ؛ وهو من كبار فقهاء ‏الشافعية المتأخرين فى تطبيق القاعدة المذكورة ؛

فما عسى أن يكون ‏حال عامة الناس فى ذلك ؟

ومن شاء المزيد من الأمثلة فليراجع كتابى :
‏‏" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء فى الأمة"

يجد ‏العجب العجاب منها ؛ فانظر مثلا الأحاديث :
(373 و 609 و 872 و ‏‏928 و944 ) . ‏

جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ...

إلى لقاء قريب بإذن الله تعالى....

د.سهيرالبرقوقي
21-06-09, 03:18 AM
(3) " تمام المنة " للشيخ الألبانى /
القاعدة الثانية عشرة ‏‏/
من ( ص 34 إلى ص 38 )


القاعدة الثانية عشرة
‏‏( ترك العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال)


اشتهر بين كثير من أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يجوز العمل ‏به فى فضائل الأعمال . ويظنون أنه لاخلاف فى ذلك .

كيف لا والنووى ‏‏–رحمه الله- نقل الاتفاق عليه فى أكثر من كتاب من كتبه ؟ وفيما نقله ‏نظر بين ؛ لأن الخلاف فى ذلك معروف ؛ فإن بعض العلماء المحققين ‏على أنه لا يعمل به مطلقا ؛ لافى الأحكام ولا فى الفضائل .
قال الشيخ ‏القاسمى –رحمه الله- فى: "قواعد التحديث "
(ص94):

< راجع " ‏قواعد التحديث "> ‏

‏" حكاه ابن سيد الناس فى " عيون الأثر" عن يحيى بن معين ؛ ‏ونسبه فى" فتح المغيث" لأبى بكر بن العربى ؛ والظاهر أن مذهب ‏البخارى ومسلم ذلك أيضا .. وهو مذهب ابن حزم .." ‏

قلتُ : وهذا هو الحق الذى لاشك فيه عندى لأمور : ‏

الأول : أن الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح ؛ ولا يجوز ‏العمل به اتفاقا ؛فمن أخرج من ذلك العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ‏لابد أن يأتى بدليل ؛ وهيهات ! ‏

الثانى : أننى أفهم من قولهم :"..فى فضائل الأعمال "

أى:الأعمال ‏التى تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعا ويكون معه حديث ‏ضعيف يسمى أجرا خاصا لمن عمل به ,ففى مثل هذا يعمل به فى فضائل ‏الأعمال لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ؛ وإنما فيه بيان فضل خاص ‏يرجى أن يناله العامل به .

وعلى هذا المعنى حمل القول المذكور بعض ‏العلماء كالشيخ على القارى-رحمه الله-فقال فى" المرقاة"( 2/381) :

‏‏"قوله :
إن الحديث الضعيف يعمل به فى الفضائل وإن لم يعتضد ‏إجماعا كما قال النووى؛محله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة "

‏وعلى هذا ؛ فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذى فيه بغيره مما ‏تقوم به الحجة ؛

ولكنى أعتقد أن جمهور القائلين بهذا القول؛ لايريدون ‏منه هذا المعنى مع وضوحه ؛
لأننا لانراهم يعملون بأحاديث ضعيفة لم ‏يثبت ماتضمنته من العمل فى غيره من الأحاديث الثابتة ؛ مثل استحباب ‏النووى وتبعه المؤلف إجابة المقيم فى كلمتى الإقامة بقوله

" أقامها الله ‏وأدامها " ؛ مع أن الحديث الوارد فى ذلك ضعيف كما سيأتى بيانه ؛ ‏فهذا قول لم تثبت مشروعيته فى غير هذا الحديث الضعيف ؛ ومع ذلك ‏فقد استحبوا ذلك مع أن الاستحباب حكم من الأحكام الخمسة التى لابد ‏لإثباتها من دليل تقوم به الحجة ؛ وكم هناك من أمور عديدة شرعوها ‏للناس واستحبوها لهم إنما شرعوها بأحاديث ضعيفة لاأصل لما تضمنته ‏من العمل فى السنة الصحيحة , ولايتبع المقام لضرب الأمثلة على ذلك ‏وحسبنا ما ذكرته من هذا المثال ؛ وفى الكتاب أمثلة كثيرة سيأتى التنبيه ‏عليها فى مواطنها إن شاء الله .

على أن المهم ههنا أن يعلم المخالفون ‏أن العمل بالحديث الضعيف فى الفضائل ليس على إطلاقه عند القائلين ‏به ؛ فقد قال ابن حجر فى" تبيين العجب" (ص 3-4):

< اشتهر أن أهل ‏العلم يتساهلون فى إيراد الأحاديث فى الفضائل وإن كان فيها ضعف مالم ‏تكن موضوعة,وينبغى اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ‏ضعيفا ؛ وأن لايشهرذلك لئلايعمل المرء بحديث ضعيف فيشرع ماليس ‏بشرع ؛ وأن يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة ؛ وقد صرح ‏بمعنى ذلك الأستاذ أبومحمد بن عبد السلام وغيره ؛

وليحذر المرء من ‏دخوله تحت قوله-صلى الله عليه وسلم-:
{ من حدث عنى بحديث يرى ‏أنه كذب فهو أحد الكاذبين} ؛

فكيف بالعمل به؟ ولا فرق فى العمل ‏بالحديث فى الأحكام أو فى الفضائل إذ الكل شرع > .

فهذه شروط ثلاثة مهمة لجواز العمل به : ‏ ‏

1- أن لايكون موضوعا . ‏ ‏
2- أن يعرف العامل به كونه ضعيفا. ‏ ‏
3- أن لا يشهر العمل به . ‏

ومن المؤسف أن ترى كثيرا من العلماء فضلا عن العامة متساهلين ‏بهذه الشروط ؛ فهم يعملون بالحديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه ؛ ‏وإذا عرفوا ضعفه لم يعرفوا مقداره ؛ وهل هو يسير أو شديد يمنع ‏العمل به .

ثم هم يشهرون العمل به كما لو كان حديثا صحيحا !! ولذلك ‏كثرت العبادات التى لاتصح بين المسلمين ؛ وصرفتهم عن العبادات ‏الصحيحة التى وردت بالأسانيد الثابتة.

ثم إن هذه الشروط ترجح ما ‏ذهبنا إليه من أن الجمهور لايريد المعنى الذى رجحناه آنفا ؛ لأن هذا ‏لايشترط فيه شىء من هذه الشروط كما لايخفى . ‏

وكما يبدو لى أن الحافظ –رحمه الله- يميل إلى عدم جواز العمل ‏بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم :

" ....ولافرق فى العمل ‏بالحديث فى الأحكام أو فى الفضائل إذ الكل شرع " . ‏

وهذا حق لأن الحديث الضعيف الذى لايوجد ما يعضده يحتمل أن ‏يكون كذبا ؛ بل هو على الغالب كذب موضوع ؛ وقد جزم بذلك بعض ‏العلماء فهو ممن يشمله قوله-صلى الله عليه وسلم-:"..يرى أنه كذب" ‏أى يظهر أنه كذلك.

ولذلك عقبه الحافظ بقوله:" فكيف بمن عمل به ؟"؛ ‏ويؤيد هذا ما سبق نقله عن ابن حبان فى القاعدة الحادية عشرة .

‏‏< فكل شاك فيما يروى أنه صحيح أو غير صحيح ؛ داخل فى الخبر > .

‏فنقول كما قال الحافظ :" فكيف بمن عمل به .......؟!!" .

‏فهذا توضيح مراد الحافظ بقوله المذكور ؛ وأما حمله على أنه أراد ‏الحديث الموضوع وأنه لافرق فى العمل به فى الأحكام أو الفضائل كما ‏فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين ؛ فبعيدا جدا عن سياق كلام الحافظ ؛ ‏إذ هو فى الحديث الضعيف لا الموضوع كما لايخفى !! ‏

ولا ينافى ما ذكرنا أن الحافظ ذكر الشروط للعمل بالضعيف كما ‏ظن ذلك الشيخ لأننا نقول :

إنما ذكرها الحافظ لأولئك الذين ذكر عنهم ‏أنهم يتسامحون فى إيراد الأحاديث فى الفضائل مالم تكن موضوعة ‏فكأنه يقول لهم :

إذا رأيتم ذلك فينبغى أن تتقيدوا بهذه الشروط ؛ وهذا ‏كما فعلته أنا فى هذه القاعدة ؛ والحافظ لم يصرح بأنه معهم فى الجواز ‏بهذه الشروط ؛ ولاسيما أنه أفاد فى آخر كلامه أنه على خلاف ذلك كما ‏بينا .

‏وخلاصة القول :

أن العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال لايجوز ‏القول به على التفسير المرجوح ؛ إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه ؛ ‏ولابد لمن يقول به أن يلاحظ الشروط المذكورة وأن يلتزمها فى عمله ؛ ‏والله الموفق . ‏

ثم إن من مفاسد القول المخالف لما رجحناه أنه يجر المخالفين إلى ‏تعدى دائرة الفضائل إلى القول به فى الأحكام الشرعية ؛ بل والعقائد ‏أيضا ؛ وعندى أمثلة كثيرة على ذلك لكنى أكتفى منها بمثال واحد .فهناك ‏حديث يأمر بأن يخط المصلى بين يديه خطا إذا لم يجد سترة ؛ ومع أن ‏البيهقى والنووى هما من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازوا العمل به ‏خلافا لإمامهما الشافعى ؛ وسيأتى مناقشة قولهما فى ذلك عند الكلام ‏على الحديث المذكور.

‏ومن شاء زيادة بيان وتفصيل فى هذا البحث الهام فليراجع

مقدمة " ‏صحيح الترغيب"(1/16-36).
‏ ‏

جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏

أم مجاهدالإماراتية
23-06-09, 10:27 AM
جهد مبارك أختي الكريمة د.سهير البرقوقي

واسمحي لي أن أقوم بحفظ هذا البحث عندي في الحاسب لأقوم بقراءته بتأن

بارك الله فيكِ

د.سهيرالبرقوقي
23-06-09, 07:14 PM
جهد مبارك أختي الكريمة د.سهير البرقوقي

واسمحي لي أن أقوم بحفظ هذا البحث عندي في الحاسب لأقوم بقراءته بتأن

بارك الله فيكِ


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

أكيد حبيبتي لك أن تحتفظي به وتنشريه فلعلك تنشريه لمن يكون به عاملا ولشرع الله مقيما نسأل الله الإخلاص والقبول.

ام حسنى
14-10-09, 06:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا بحث قيم وتلخيص رائع
وسأستفيد منه ان شاء الله لانني ألاحظ تداول بعض الاحاديث الضعيفة بين الاخوات
وسيعينني موضوعك في النقاش معهن لكن ذلك بعد قراءته بتان لاعطبه مايستحق من الوقت
:icony6::icony6::icony6: