المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة : زيارة النساء للمقابر


الخلاص في الإخلاص
12-02-09, 07:35 AM
المصدر (كتاب الجنائز"فقه مقارن") لفضيلة الشيخ حسن عبد الستير النعمانى

مسألة : زيارة النساء للمقابر :
وفيها ثلاثة مذاهب :
الاول :
استحباب زيارة النساء المقابر ،
وهو لأكثر علماء الحنفية ، ووجه عند المالكية والشافعية ، ورواية عن أحمد ،
واستدلوا :
الدليل الاول :
حديث النبى -صلى الله عليه وسلم - من حديث بريدة <<ألا فزوروها>> ، وهذا خطاب عام للأمة ، وهو يشمل الرجال والنساء معا

اشكال :
فان قيل بأن الخطاب جاء بضمير الذكور وقد يُحتمل ذلك تخصيصا للرجال دون النساء
ويجاب عنه بجوابين :
ا-أن ضمير الذكور غالب فى الخطاب ، وأن النساء تدخل فى الخطاب بفحواه
ب-أن الاصل العام فى الشريعة أن النساء شقائق الرجال ، فما كلف به الرجال كلف به النساء

الدليل الثانى:
حديث ام المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- عند مسلم أن النبى -صلى الله عليه وسلم- توجه الى البقيع ليلا فقالت له عائشة -رضى الله عنها- : (ماذا اقول لهم؟) قال :<<قولى: السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين....>> صحيح :أخرجه مسلم ، والنسائى ، والحديث استدل به الحافظ فى التلخيص على جواز الزيارة للنساء ،وهو ظاهر الدلالة عليه
وهذا التعليم لها يدل على مشروعية زيارة القبور
وفى الحديث أن السيدة عائشة -رضى الله عنها- خرجت ودخلت المقابر خلف النبى -صلى الله عليه وسلم- ، فلو كان لا يجوز دخول النساء المقابر لما سكت النبى -صلى الله عليه وسلم- على هذا

اشكال :
أشكل بعضهم لو قيل : إن هذا كان قبل النهى عن زيارة المقابر
الجواب:
ا-ولا دليل على هذا التاريخ
ب-أن السيدة عائشة -رضى الله عنها- نفسها زارت المقابر ، وهى الاعلم بالقصة والرواية

الدليل الثالث :
ما صح عن عائشة -رضى الله عنها- أنها زارت قبر أخيها عبدالرحمن فقال لها ابن أبى مليكة : (أليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى ) قالت : (نعم ثم أذن) صحيح : رواه الحاكم ، والبيهقى ،وقال البوصيرى فى الزوائد : رجال إسناده ثقات ، لأن بسطام بن مسلم وثقه ابن معين وأبو زرعة وابو داود ، وباقى رجاله على شرط مسلم ، وقد رواه الترمذى ،وقال المباركفورى :رجاله ثقات الا ابن جريج مدلس ،ورواه عن عبدالله بن مليكة بالعنعنة لكن صرح ابن جريج فى رواية عبد الرزاق بالسماع فقال :سمعت ابن ابى مليكة ،فزالت شبهة تدليسه ، وصححه الالبانى وانظر الارواء

الدليل الرابع:
حديث المرأة التى مات لها ولد فجلست تبكى عند القبر فمر عليها النبى-صلى الله عليه وسلم- وقال :<<اتقى الله واصبرى>>
وهذا إقرار من النبى -صلى الله عليه وسلم- لها ،فلو كان يحرم لأنكر عليها وردها
وفيه دلالة من وجهين :
ا-فعل المرأة نفسه أنه مستقر عندها
ب-إقرار النبى-صلى الله عليه وسلم-

اشكالان :
الاول :
أن فى بعض روايات حديث ابن أبى مليكة أن عائشة قالت: (لو شهدتك ما زرتك )
الجواب :
وهذه الزيادة عند الترمذى ضعيفة
لوجعلنا ذلك علة للزيارة لا يبح لأكثر النساء أن يزرن المقابر

الثانى :
حديث المرأة عند القبر فقال لها <<اتقى الله >> فنهاها عن وجودها عند القبر
الجواب :
-الدلالة ليست صريحة ، ولا تترك الدلالة الصريحة المحتملة
-قوله"واصبرى" دل على أن المطالبة بالتقوى فى مسألة الصبر

الدليل الخامس:
ما يترتب على تلك الزيارة من مصالح شرعية ؛ بل لعل النساء أحوج من الرجال فى هذا لأنها تذكر الاخرة ، وهى علة مشتركة

المذهب الثانى :
كراهة زيارة النساء المقابر كراهة تنزيه :
وهو وجه عند الاحناف ، ووجه عند المالكية ، ووجه عند الشافعية بل أكثرهم ، ووجه عند الحنابلة
واستدلوا :
الدليل الاول:
حديث ام عطية قالت :( نهانا رسول الله عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ) صحيح : اخرجه البخارىفى كتاب الجنائز ،باب اتباع النساء الجنائز ، ومسلم باب نهى النساء عن اتباع الجنائز
فقالوا : ولما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن اتباع الجنائز كان من باب أولى نهى عن زيارة المقابر بجامع العلة وهى دخول المقابر
الجواب على هذا الدليل :
ا-أن نص أم عطية على اتباع الجنائز وهو اذن باباحة زيارة القبور
ب-أن هذا قياس مع الفارق ؛ لأن أمر الجنائز لا ينفك عن فساد من بكاء وعويل بخلاف دخول المقابر ؛ لأن موقف الجنازة أشد
ج-أنه قياس فى مقابل نص، فهو فاسد الاعتبار
د-أن هذا من المفهوم ، وهو معارض بمنطوق <<ألا فزوروها>> والمنطوق مقدم على المفهوم شرعا

الدليل الثانى عندهم :
حديث فاطمة -رضى الله عنها أن النبى -صلى الله عليه وسلم- رأى فاطمة فأخبرته أنها كانت فى تعزية أهل بيت فى ميتهم فقال :<< أوأبلغتى معهم الكدى ، أما انك إن بلغت معهم الكدى لم تدخلى الجنة حتى يدخل جد أبيك>> ضعيف : رواه ابو داود ،والنسائى،وقال النسائى:ربيعة ضعيف، والحديث ضعفه الالبانى فى ضعيف سنن النسائى ،وضعيف ابو داود
فقالوا : وفيه نهى صريح عن دخولها المقابر لعظيم انكاره ذاك عليها وما يترتب عليه من عقوبة
الجواب :
ا-الحديث منكر وكذا وضاع
ب-أنه فى النهى عن اتباع الجنائز وأن قولها أنها خرجت فى تعزية أهل بيت فى ميتهم ، فهو نهى اتباع الجنائز
ج-ولو كان كذلك لتعين حمله على الخصوصية ، ثم تبقى أدلة الجواز على العموم
د- أنه محمول أنه قبل النهى والاذن بزيارة القبور

الدليل الثالث:
ما يكون من طبع النساء من المفاسد الشرعية من العويل والصراخ فيكفى هذا فى منعها
الجواب :
ا-أن هذا من الرأى ، ومتى حضر النص بطل النظر
ب- أن هذا ليس بلازم

المذهب الثالث :
التحريم
وهو وجه عند الاحناف ، والمالكية والشافعية ، وقال به أكثر الحنابلة ,ونصره جدا شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمة الله عليه اجمعين-
واستدلوا عليه بالادلة:
الدليل الاول:
حديث أبى هريرة -رضى الله عنه - << لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها السرج>> حسن : أخرجه الترمذى وابن ماجة وغيرهم ، ومدار الحديث على عمر بن أبى سلمة ، فان العلماء اختلفوا فى حديثه فضعفه بعضهم وعدله أخرون ، فمن ضعفه ابن سعد فى الطبقات قال : كان كثير الحديث وليس يُحتج بحديثه ، وقال على بن المدينى:تركه شعبة وليس بذلك ،وضعفه النسائى ويحيى بن معين الجرح والتعديل ، وممن وثقه أحمد بن عبدالله العجلى فقال : لا بأس به (معرفة الثقات)، وكذا يحيى بن معين فى رواية عنه ، وقال أبوحاتم:هو عندى صالح صدوق فى الاصل
، وحسنه الالبانى الجنائز
فقالوا : فيه دلالة صريحة على المنع لقوله "زوارات" ، وقوله "لعن" واللعن تحريم
الجواب :
ا-فإنه حديث لا يخلو من ضعف ، وأحاديث الجواز أقوى منه
ب-أن الحديث نص فى منع كثرة الزيارة ، وهذا يدل بمفهوم المخالفة على جواز ذات الزيارة
ج-لأن من جمع أحاديث النهى مع أحاديث الجواز فيكون المحرم هو الفعل المركب من كثرة الزيارة مع ما يقترن فيها من المخالفات الشرعية من اتخاذ السرج

الدليل الثانى:
حديث ابن عباس -عند أبى داود - من قول النبى -صلى الله عليه وسلم- << لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها السرج>> ضعيف:لضعف أبى صالح باذام ، ويقال :باذان وهو مولى ام هانئ بنت أبى طالب وهو صاحب محمد بن السائب الكلبى ، ضعفه جمهور العلماء ، ولم يوثقه الا العجلى وحده ، ووصفه الحافظ بن حجر فى التقريب بالضعف والتدليس ، وقد صح لعن زائرات القبور والمتخذيت عليها المساجد فى أحاديث غير هذا ،ولكن لم يصح اللعن فى اتخاذ السرجعليها ، وانما يحظر لبدعيته زكذا قال الالبانى فى تحذير الساجد والارواء ، والحديث أخرجه أبو داود ، والترمذى ، وابن ماجة والنسائى
الجواب :
ا- أنه حديث ضعيف ، لأنه من رواية صالح باذان وهو مولى أم هانئ وهو له مناكير قال الحافظ ؛ وعليه فالحديث ضعيف ولا يصلح الحديث السابق شاهدا له
ب-أن أحاديث الجواز أقوى منه سندا واصرح دلالة ، وعليه يجب توجيهه الى التركيب ، أى: الفعل حمله الزيادة والمخالفات الشرعية

الترجيح :
وعليه يترجح القول باستحباب زيارة النساء المقابر للمرحجات الاتية :
1-أن أدلة الجواز أقوى سندا وأصرح دلالة
2-أن أدلة المخالف أمكن توجيهها إما بالضعف أو التأويل
3- أن القول باستحباب الزيارة تنصره أصول عامة فى الشريعة من أن النساء شقائق الرجال