المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر


مسلمة لله
13-01-08, 04:02 PM
نـخبة الفـكر في مصطلح أهل الأثر
الحـافظ شهاب الدين أحمد بن حـجر العسقلاني




اضغطي هنا لتحميل المتن الصوتي (http://www.islamacademy.net/audio/nokhba.rm)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لم يزل عليما قديرا، وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت وبُسِطَتْ واختصرت، فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك، فأجبته إلى سؤاله؛ رجاء الاندراج في تلك المسالك، فأقول:

الخبر: إما أن يكون له طرق بلا عدد معين، أومع حصر بما فوق الاثنين، أوبهما، أوبواحد.

فالأول: المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشروطه.

والثاني: المشهور وهو المستفيض على رأي.

والثالث: العزيز وليس شرطا للصحيح خلافا لمن زعمه.

والرابع: الغريب.

وكلها- سوى الأول-آحاد. وفيها المقبول المردود لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها دون الأول.

وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار.

ثم الغرابة إما ان تكون في أصل السند أو لا.

فالأول: الفرد المطلق.

والثاني: الفرد النسبي ويقل إطلاق الفرد عليه.

وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلل ولا شاذ: هو الصحيح لذاته. وتتفاوت رتبه بتفاوت هذه الأوصاف. ومن ثم قدم صحيح البخاري، ثم مسلم، ثم شرطهما.

فإن خف الضبط: فالحسن لذاته، وبكثرة طرقه يصحح. فإن جمعا فللتردد في الناقل حيث التفرد، وإلا فاعتبار إسنادين. وزيادة راويهما مقبولة ما لم تقع منافية لمن هو أوثق. فإن خولف بأرجح فالراجح المحفوظ، ومقابله الشاذ، ومع الضعف فالراجح المعروف، ومقابله المنكر.

والفرد النسبي: إن وافقه غيره فهو المتابع. وإن وجد متن يشبهه فهو الشاهد. وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار.

ثم المقبول: إن سلم من المعارضة فهو المحكم، وإن عورض بمثله فإن أمكن الجمع فمختلف الحديث. أو لا وثبت المتأخر فهو الناسخ، والآخر المنسوخ، وإلا فالترجيح، ثم التوقف.

ثم المردود: إما أن يكون لسقط أو طعن.

فالسقط: إما أن يكون من مبادئ السند من مصنف، أومن آخره بعد التابعي، أوغير ذلك.

فالأول: المعلق.

والثاني: هو المرسل.

والثالث: إن كان باثنين فصاعدا مع التوالي، فهو المعضل، وإلا فالمنقطع، ثم قد يكون واضحا أو خفيا.

فالأول: يدرك بعدم التلاقي، ومن ثم احتيج إلى التأريخ.

والثاني: المدلس ويرد بصيغة تحتمل وقوع اللقىَّ: كعن، وقال، وكذا المرسل الخفي من معاصر لم يلق من حدث عنه.

ثم الطعن: إما أن يكون لكذب الراوي، أوتهمته بذلك، أوفحش غلطه، أوغفلته ، أو فسقه، أو وهمه، أو مخالفته، أو جهالته، أو بدعته، أو سوء حفظه.

فالأول: الموضوع، والثاني: المتروك، والثالث: المنكر على رأي. وكذا الرابع والخامس.

ثم الوهم إن اطلع عليه بالقرائن وجمع الطرق: فالمعلل.
ثم المخالفة: إن كانت في السياق: فمدرج الإسناد. أو بدمج موقوف بمرفوع: فمدرج المتن. أو بتقديم أو تأخير: فالمقلوب. أو بزيادة راوٍ: فالمزيد في متصل الأسانيد. أو بإبداله ولا مرجح: فالمضطرب - وقد يقع الإبدال عمدا امتحانا- أو بتغيير مع بقاء السياق: فالمصحّف والمحرّف. ولا يجوز تعمد تغيير المتن بالنقص والمرادف إلا لعالم بما يحيل المعاني. فإن خفي المعنى احتيج إلى شرح الغريب وبيان المشكل.

ثم الجهالة: وسببها أن الراوي قد تكثر نعوته فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض، وصنفوا فيه الموضح.

وقد يكون مقلا فلا يكثر الأخذ عنه، وصنفوا فيه الوحدان، أولا يسمى اختصارا، فيه المبهمات، ولا يقبل المبهم ولو أبهم بلفظ التعديل على الأصح.

فان سمي وانفرد واحد عنه فمجهول العين، أواثنان فصاعدا ولم يوثق: فمجهول الحال، وهو المستور، ثم البدعة: إما بمكفر، أو بمفسق.

فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور.

والثاني يقبل ما لم يكن داعيًا إلى بدعته في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته؛ فيرد على المختار، وبه صرح الجوزقاني شيخ النسائي.

ثم سوء الحفظ: إن كان لازما فهو الشاذ على رأى، أوطارئا فالمختلط، ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر، وكذا المستور والمرسل، والمدلس: صار حديثهم حسنا لا لذاته، بل بالمجموع.

ثم الإسناد: إما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصريحا، أوحكما: من قوله، أوفعله، أو تقريره.

أو إلى الصحابي كذلك وهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام: ولو تخللت ردة في الأصح.

أو إلى التابعي وهو من لقي الصحابي كذلك.

فالأول المرفوع، والثاني الموقوف، والثالث المقطوع، ومن دون التابعي فيه مثله. ويقال للأخيرين: الأثر.

والمسند: مرفوع صحابي بسند ظاهره الاتصال.

فان قل عدده: فإما أن ينتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أوإلى إمام ذى صفة علية كشعبة.

فالأول: العلو المطلق.

والثاني: النسبي.

وفيه الموافقة: وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه.

وفيه البدل: وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك.

وفيه المساواة: وهي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين.

وفيه المصافحة: وهي الاستواء مع تلميذ ذلك المصنف. ويقابل العلو بأقسامه النزول. فإن تشارك الراوي ومن روى عنه في السن واللقيِّ فهو الأقران. وإن روى كل منهما عن الآخر: فالمدبج، وإن روى عمن دونه: فالأكابر عن الآصاغر، ومنه الآباء عن الأبناء، وفي عكسه كثرة، ومنه من روى عن أبيه عن جده، وإن اشترك اثنان عن شيخ، وتقدم موت أحدهما، فهو السابق واللاحق.

وإن روى عن اثنين متفقي ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل.

وإن جحد مرويه جزما: رد، أو احتمالا قبل في الأصح. وفيه: "من حدث ونسي". وإن اتفق الرواة في صيغ الأداء أو غيرها من الحالات فهو المسلسل.

وصيغ الأداء: سمعت وحدثني ثم أخبرني، وقرأت عليه، ثم قرئ عليه، وأنا أسمع ثم أنبأني، ثم ناولني، ثم شافهني، ثم كتب إلى، ثم عن ونحوها.

فالأولان: لمن سمع وحده من لفظ الشيخ، فإن جمع فمع غيره، وأولها: أصرحها وأرفعها الإملاء.

والثالث، والرابع: لمن قرأ بنفسه، فإن جمع: فكالخامس.

والإنباء: بمعنى الإخبار إلا في عرف المتأخرين فهو للإجازة كعن، وعنعنة المعاصر محمولة على السماع إلا من مدلس، وقيل: يشترط ثبوت لقائهما ولو مرة، وهو المختار، وأطلقوا المشافهة في الإجازة المتلفظ بها، والمكاتبة في الإجازة المكتوب بها، واشترطوا في صحة المناولة اقترانها بالإذن بالرواية، وهي أرفع أنواع الإجازة.

وكذا اشترطوا الإذن في الوجادة، والوصية بالكتاب وفي الإعلام، وإلا فلا عبرة بذلك كالإجازة العامة، وللمجهول وللمعدوم على الأصح في جميع ذلك.

ثم الرواة إن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم فصاعدا، واختلفت أشخاصهم: فهو المتفق والمفترق، وإن اتفقت الأسماء خطا واختلفت نطقا: فهو المؤتلف و المختلف.

وإن اتفقت الأسماء واختلفت الآباء، أو بالعكس فهو المتشابه، وكذا إن وقع ذلك الاتفاق في الاسم واسم الأب، والاختلاف في النسبة، ويتركب منه ومما قبله أنواع منها أن يحصل الاتفاق والاشتباه إلا في حرف أو حرفين، أو بالتقديم والتأخير أو نحو ذلك.

خاتمــة

ومن المهم معرفة طبقات الرواة ومواليدهم، ووفياتهم، وبلدانهم، وأحوالهم تعديلا وتجريحا وجهالة.

ومراتب الجرح: وأسوؤها الوصف بأفعل، كأكذب الناس، ثم دجال، أووضاع، أو كذاب.

وأسهلها لين، أو سيئ الحفظ، أوفيه مقال.

ومراتب التعديل وأرفعها الوصف بأفعل: كأوثق الناس، ثم ما تأكد بصفة أوصفتين كثقة ثقة، أوثقة حافظ، وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح: كشيخ، وتقبل التزكية من عارف بأسبابها، ولو من واحد على الأصح.

والجرح مقدم على التعديل إن صدر مبينا من عارف بأسبابه، فإن خلا من تعديل قبل مجمل على المختار.

فصـــل

ومن المهم معرفة كنى المسمين، وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن اختلف في كنيته، ومن كثرت كناه أونعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه، أو بالعكس، أوكنيته كنية زوجته، ومن نسب إلى غير أبيه، أو إلى أمه، أو إلى غير ما يسبق إلى الفَهم، ومن اتفق اسمه واسم أبيه وجده، أو اسم شيخه وشيخ شيخه فصاعدا، ومن اتفق اسم شيخه والراوي. ومعرفة الأسماء المجردة والمفردة، والكنى، والألقاب، والأنساب، أوتقع إلى القبائل والأوطان: بلادا، أو ضياعا، أو سككا، أو مجاورة، وإلى الصنائع والحرف، ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء وقد تقع ألقابا.

ومعرفة أسباب ذلك ومعرفة الموالى من أعلى إلى أسفل، بالرق، أو بالحلف، ومعرفة الإخوة والأخوات.

ومعرفة أدب الشيخ والطالب، وسن التحمل والأداء، وصفة كتابة الحديث وعرضه، وسماعه، وإسماعه، والرحلة فيه، وتصنيفه، إما على المسانيد، أو الأبواب، أو العلل، أو الأطراف.

ومعرفة سبب الحديث، وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء، وصنفوا في غالب هذه الأنواع وهي نقل محض، ظاهرة التعريف، مستغنية عن التمثيل، وحصرها متعسر فلتراجع مبسوطاتها.

والله الموفق والهادي، لا إله إلا هو.

المصدر
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة

إيمان مصطفى عمر
13-01-08, 08:58 PM
سلمت يمينك يا عزيزتي مسلمة
مَن درست كتاب مصطلح أهل الحديث فانه يأتي مانقلت ِ تثبيتا للحفظ
وتركيزا على النقاط الأساسية فيه
ماشاء الله .... نخبة الفكر حقاً...

اللهم بارك لنا في ماتعلمنا وانفعنا به ...آمين

أم زيــاد
23-03-08, 04:35 PM
نفعك الله بعلمك وجعله حجَّة لك
و جعلها الله في ميزان حسناتك و أحسن الله إليك