العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة العقيدة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-11, 11:52 AM   #1
أم المهند
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 22-01-2007
المشاركات: 70
أم المهند is on a distinguished road
t (ومَا نرسل بالآيات إلا تخويفًا)

[justify] [/justify][justify][/justify][justify]


{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}

بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي الفاضلات.. نظرًا للكسوف الذي حدث في بلاد الحرمين -حفظها الله- أحببت أن أنقل لكن خطبة عن آيات الله والتخويف بها ..

نسأل الله أن ينفعني وإياكم وإليكم الخطبة..


عباد الله:
إن دلائل عظمة الله - تعالى - وقدرته لا تُعَد ولا تُحْصى، آياته كثيرة تقصر النُّفوس عن عدِّها، وتعجز الألْسنة عن وصْفها، فالسماوات من آياته، والأرضون من آياته، والبحار من آياته، والنبات من آياته، والجبال من آياته، والحيوان من آياته؛ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67].

أيها المسلمون:
إن المتأمِّل ببصيرة يرى في هذه الشهور والأيام مزيدًا من آيات الله ونذْره تعم الأرض، وتهلك من تهلك من البشر والشجر والحيوان، تهدُّ العوامر، وتعصف بالحياة والأحياء، لا يستوقفها سدٌّ منيع، ولا تحيط بها قوة أو تستطيع أن تمنعها منظمة أو هيئة، مهما أوتيتْ من قوة ومعرفة، زلازل مروِّعة، وأعاصير مدمِّرة، أمراض مهلِكة، وفواجع متنوِّعة، جفاف وجدْب، خسوف وكُسُوف، جوع ومرض، قتْل وتشريد، ولا ندري ما في غيب الله تعالى في المستقبل.

عباد الله:
تحصل هذه الكوارث، وتقع تلك المصائب، وتَتَفَشَّى أنواع مختلفة منَ الأمراض، والمختصُّون بالصِّحة والسلامة وشؤونها يقفون عاجزين ضُعَفاء، قد نكسوا رؤوسَهم من هَوْل ما يسمعون ويشاهِدون، لا يستطيعون كشْف الضُّرِّ ولا تحويلاً، ففي لَحَظات أو سويعات نرى أمة من الناس لا تشكو مَرَضًا؛ بل قد يكونون في كامل صحتهم وعافيتهم، ثم يكون ذلك الجمْع هلْكَى، لا تسمع لهم حسًّا ولا همسًا، فلا إله إلا الله، ما أجلَّ حكمته! ولا إله إلا الله، ما أعظمَ تدبيرَه! ولا إله إلا الله، يخلق ما يشاء، ويفعل ما يريد، لا راد لقضائِه، ولا معقِّب لحُكمِه، ولا غالب لأمْرِه.

فَوَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الإِلَهُ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ
وَلِلَّهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ وَتَسْكِينَةٍ أَبَدًا شَاهِدُ
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ

عباد الله:
إنَّ هذه الآياتِ والحوادثَ فيها تذكيرٌ للعباد بعظَمة الله وقُدرته، فمهما وَصَلَ إليه علْم البَشَر - فيما يتعلق بمستجدات الحياة وضرورياتها فضْلاً عن كمالياتها - فإنهم لا يزالون - على رغم ذلك كله، وسيكونون كذلك أبدًا - قاصرين ضُعفاء، مساكين أذلاَّء، لا يَمْلكون لأنفُسهم حوْلاً ولا طوْلاً، ولا موْتًا ولا حياة ولا نشورًا، فيا ترى أين قوَّة البَشَر وقدرتهم أمام هذه الكوارث والأمراض؟! وأين دراساتهم وأبحاثهم؟! وماذا قدَّمت مكتشفاتُهم ومخترعاتُهم؟! هل دفعتْ لله أمرًا؟! وهل منعتْ عذابًا؟! أو أوقفت بلاء؟!

كلا والله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدَّثر: 31]، {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح: 7]، {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12].

أيها المسلمون:
لئن كان أهلُ الطبيعة والفَلَك، وأصحاب النَّزَعات الإلْحادية، يعْزون وُقُوع الكوارث والأمراض إلى أسباب مادِّية بحْتة، لا علاقة لها بأفْعال الناس وأعمالهم - فإنَّ أهل الإسلام لهم نظْرةٌ أخرى، وميزان آخر، يُدركون من خلاله أنَّ لبعض هذه الكوارث والأمراض أسبابًا، أجْرى الله العقوبةَ بها؛ إلا أن السبب الأعظم لوُقُوعها هو حرْب الله ورسوله بالكُفر والفُجُور والخِزي والعار؛ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].

يقول ابن تيميَّة - رحمه الله -: "ومنَ المعلوم - بما أرانا الله من آياته في الآفاق وفي أنفسنا، وبما شهد به في كتابه -: أن المعاصي سبب المصائب، وأن الطاعة سبب النِّعْمة".

عباد الله:
إنَّ المعاصي والذنوب هي سرُّ هذه البلايا المتتالية، وسبب الكوارث المتعاقِبة، والأدواء المسْتَعْصِية، التي تعصف بالعالَم كل يوم، وتَتَخَطَّف الناس وأموالهم من حولنا ومِن بيننا، وما عداها منَ الأسباب أسباب فرعية تَبَعيَّة؛ عن عبدالله بن عمر، قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابْتُلِيتم بهنَّ - وأعوذ بالله أن تُدْركوهنَّ -: لم تظْهر الفاحشةُ في قومٍ قط حتى يُعلنوا بها إلاَّ فشا فيهم الطاعون، والأَوْجاع التي لم تَكُنْ مضتْ في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكْيال والميزان إلاَّ أُخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجَوْر السُّلْطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطْر من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا، ولم ينقضوا عهْد الله وعهد رسوله إلاَّ سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرِهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمتُهم بكتاب الله، ويَتَخَيَّروا مما أنزل الله، إلاَّ جَعَلَ اللهُ بأسَهم بينهم))؛ رواه ابن ماجَه والحاكم.

عباد الله:
كم أهلكتِ المعاصي من أمم ماضية! وكم دمرتْ من شعوب كانت قائمة! ولا تزال تهدم في بناء الأمم الحاضرة، وتنخر في كِيان الشعوب المتتالية، ولقد كثر من أهْل هذه الأزْمان الخبثُ، وفشتْ في المجتمعات المنكرات، بلا نكير ولا رقيب، ضُيِّعَت الصلوات، وهُجرت المساجد، وظَهَرَ التبرُّج والسفور، والتطاوُل على شرع الله تعالى في الحجاب، والحشمة، والعفاف، وتطبيق حدود الله وأوامِره، وانتَشَر بين الناس التباغُض والتحاسُد، وتقطيع الأرحام، وتضييع الحُقُوق، وارتفعتْ في كثيرٍ من بيوت المسلمين المزامير الشيطانيَّة، والأغاني الهابطة، وعرضتْ على الشاشات أفلام الفاحِشة، وصور الفساد والخلاعة والدِّياثة، وكثرت الغيبة والنميمة والمعاصي في أَوْساطِنا ومجتمعاتنا، فلماذا يستغرب بعضُ الناس، إذا عاقَبَهُم الله تعالى على شيءٍ من هذه الذنوب العظيمة، والكبائر الموبقة؟!

أيها المسلمون:
إنَّ المخيف في الأمْر أن العُقُوبة إذا حلَّتْ شملت الجميع، إلا مَن رحم الله؛ {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أنْزل الله بقوم عذابًا أصاب العذاب مَن كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالِهم، فيكون هلاك الصالحين في البلاء هو موعد آجالِهم، ثم يبعثون على نيَّاتهم))، قال الحافظ ابن حجر معلِّقًا على هذا الحديث: "وفي الحديث تحذيرٌ وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بمَن داهن؟! فكيف بمن رضي؟! فكيف بمن عاون؟! نسأل الله السلامة".

وفي الحديث الآخر: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم، إذا كَثُر الخبث))، فإذا قيل هذا للصحابة الكرام - رضي الله عنهم - فما الظن بِغَيْرِهم؟!

عباد الله:
إنَّ الله - سبحانه وتعالى - يُرِي عبادَه من آياته ليَعْتَبِروا ويتوبوا، والسعيد مَن تَنَبَّه وتاب، والشقِيُّ من غفل واستمرَّ على المعاصي، ولم ينتفعْ بالآيات، وإننا - أيها المسلمون - في نِعَمٍ من الله تَتْرى، أَمْن في أَوْطاننا، وصحة في أبْداننا، ووفْرة في أموالنا، وبصيرة في ديننا، فهل أَدَّيْنا شُكر الله الواجب علينا، وهل اعتبَرْنا مما يحدث لإخواننا؟ هل اتعظْنا من المصائب والكوارث التي حلَّتْ قريبة منَّا؟ وهل غيَّرْنا من أحوالِنا، وأصْلحْنا من أوضاعنا؟ هل أصلحنا نفوسنا، وطَهَّرْنا بيوتنا من المفاسد والفضائيات؟ هل تاب المتكاسِل منَّا عن الصلاة، فحافَظَ على الجُمَع والجماعات؟ وهل ارتدع المرابي والمُرْتشي ومَن يغش في المعاملات؟ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].

عباد الله:

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا فَإِنَّ المَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ
وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ العِبَادِ فَرَبُّ العِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ
وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْتَ فَظُلْمُ العِبَادِ شَدِيدُ الوَخَمْ
وَسافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الوَرَى لِتُبْصِرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة...
الخطبة الثانية

عباد الله:
إن السعيد من وُعظ بغيره، وكم ننشغل بأحداث الآخرين وننسى أنفسنا! والله يمهل ولا يهمل، وقد يبتلي الله قومًا بالضَّرَّاء، ويبتلي غيرهم بالسَّرَّاء، والمسكين من خدعه الأَمَل، وغرَّه طول الأَجَل، وفي القرآن تذكير مستمر لنا بمن أصبحوا في ديارهم جاثمين، وبمن أصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، وتذكير كذلك بالقرية الآمنة المطمئنة التي يأتيها رزقُها رغدًا من كلِّ مكان، فكفَرَتْ بأنْعُم الله، فأذاقها الله لباس الجُوع والخوف بما كانوا يصنعون، فهل نتعظ - عباد الله - بمَن مضى ومن لحق؟!

قال الإمام ابن باز - رحمه الله -: "الواجب عند الزلازل والكسوف، والرياح الشديدة والفيضانات، وغيرها من الآيات - البدار بالتوبة إلى الله - سبحانه - والضراعة إليه، وسؤاله العفو والعافية، والإكثار من ذِكْره واستغفاره؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذِكْر الله ودعائه واستغفاره))، ويُسْتَحَب أيضًا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ارحموا تُرحموا، الراحمون يرْحمهم الرحمن، ارْحموا مَن في الأرض، يرحمكم من في السماء))، ومن أسباب العافية والسلامة من كل سُوء: مبادرة ولاة الأمور بالأخْذ على أيدي السُّفهاء، وإلْزامهم بالحق، وتحكيم شرع الله فيهم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر". اهـ - رحمه الله.

فاتقوا الله - عباد الله - واعتبروا بما جرى حولكم، ولْنَتُب إلى الله جميعًا، فإن الله هو التوابُ الرحيم، ولنتذكر قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65].


[/justify]

المرجع: شبكة ركاب أهل العلم

ملحق بهذه الخطبة مقال بعنوان:

هل الكسوف والخسوف غضبٌ أو تخويفٌ أو ظاهرةٌ طبيعية ؟

د. محمد بن خالد الفاضل

[justify] [/justify][justify]
كثر الحديث عن هذا الموضوع في هذه الأيام , ونحن حديثو عهد بخسوف القمر في منتصف محرم , واستاء الناس كثيراً من تصريح لأحد الفلكيين السعوديين في إحدى الصحف المحلية عندما قال : (وكان الناس في الماضي يعتقدون أشياء لا أساس لها من الصحة , فكانوا ينسبون هذه الظواهر لغضب الرب , إلا أن الأبحاث العلمية في العصر الحديث بينت أن الخسوف يحدث عندما تقع الشمس والأرض والقمر جميعها على امتدادٍ واحد ...) ولست أسيء الظن بهذا الفلكي , وإنما أراه اجتهد اجتهاداً مبنياً على الجهل بالجانب الشرعي لهذه القضية المحكومة بعدد من الأحاديث النبوية التي بلغت أعلى درجات الصحة والقبول فهي في صحيح البخاري و صحيح مسلم أو فيهما معاً , فلا يحسن بمسلم مهما بلغ من منزلة في علم الفلك أو غيره من العلوم أن يتجاهل مثل هذه الأحاديث حتى ولو لم يكن يعرف كنهها والمراد منها , ويكفيه أنها صادرة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم - , الذي زكاه ربه بقوله : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4،3] , وأوجب علينا إتباعه والأخذ عنه بقوله تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] أليس الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو الذي فصّل لنا أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها , من حيث العدد والوقت والكيفية والهيئة وغير ذلك ؟ فكيف نستسلم لهذه الأحكام طائعين مختارين في حياتنا اليومية دون سؤال أو اعتراض أو افتيات , ثم بعد ذلك نفتات عليه ونتجاوز في أحكام الكسوف والخسوف , وقد نُقل عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه لما كسفت الشمس فزع فزعاً شديداً , قال أبو موسى – رضي الله عنه - : (خسفت الشمس فقام النبي فزعاً يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ رأيته قط يفعله , وقال : هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحدٍ ولا لحياته ولكن يخوف الله بها عباده , فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره) رواه البخاري ومسلم .
وقد بلغ من فزعه – وهو أعلم الناس بربه – أنه أخطأ فلبس رداء بعض نسائه , كما قالت أسماء – رضي الله عنها -: (فأخطأ بدرع حتى أُدرِك بردائه بعد ذلك) رواه مسلم . ومن مظاهر فزعه – عليه الصلاة والسلام - , إطالته الصلاة طولاً غير معهود , مع أنه يأمر بالتخفيف , قال جابر – رضي الله عنه - : ( فأطال القيام حتى جعلوا يخرّون ) رواه مسلم . وأكدت ذلك أسماء – رضي الله عنها – بقولها : ( فأطال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - , القيام جداً حتى تجلاني الغَشْي , فأخذت قربة من ماء إلى جنبي فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء ) رواه البخاري ومسلم . وفي الموضوع أحاديث صحيحة أخرى رواها البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها - , وعن أبي بكرة , وعن أسماء وفيها أمر بالصلاة والذكر والاستغفار والصدقة والتعوذ من عذاب القبر , بل والعتق , فقد روى البخاري عن أسماء – رضي الله عنها – قولها : ( لقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعتاقة في كسوف الشمس ).
فأي كتاب عندنا بعد كتاب الله أصح من صحيح البخاري ومسلم , فهل نصدق قول الرسول وعمله الذي نقل إلينا من نسائه وصحابته نقلاً صحيحاً بحركاته وسكناته , أو نصدق صاحبنا الفلكي الذي علم شيئاً قليلاً فجزم به وتجاهل أموراً أخرى مهمة في الموضوع لا يحسن بمثله تجاهلها , خصوصاً وأنه قد وقع في مثل هذه الهفوة في منتصف صفر من العام الماضي , ورد عليه الشيخ العلامة د. صالح الفوزان وأبان له الصواب في ذلك , نسأل الله لنا وله الهداية وسائر المسلمين .

وهذه القضية – لمن بحث عن الحق – ليست من القضايا المبهمة أو الشائكة أو المغمورة , خصوصاً في ظل ثورة المعلومات عبر شبكة الإنترنت العالمية , ومن نعم الله علينا أن علم علمائنا الراسخين الأحياء منهم والأموات قد قيّض الله له من يخدمه ويقربه لطالبيه عبر مواقع أنشئت لهذا الغرض , ولا يكلفك استفتاء علاّمتنا الكبير سماحة الشيخ ابن باز , أو سماحة تلميذه العلامة ابن عثيمين أو غيرهما إلا لمسة زر تدخلك إلى موقعه الجميل المرتّب المبوّب , وفي هذا الموضوع يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله - : ( وما يقع من خسوف أو كسوف في الشمس والقمر ونحو ذلك مما يبتلي الله به عباده هو تخويف منه سبحانه وتعالى وتحذير لعباده من التمادي في الطغيان , وحثٌ لهم على الرجوع والإنابة إليه ... ) ويقول : ( وكونها آية تعرف بالحساب لا يمنع كونها تخويفاً من الله جلّ وعلا وأنها تحذير منه سبحانه فإنه هو الذي أجرى الآيات , وهو الذي رتب أسبابها ... ) , وسئل الشيخ ابن عثيمين عن اثنين تنازعا في الكسوف : أهو غضب من الله , أم تخويف منه , فقال سماحته: ( المصيب من قال إنه تخويف ; لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – صرح بذلك , فقال : يخوف الله بهما عباده , لكن قد يكون هذا التخويف لعقوبة انعقدت أسبابها , ولهذا أمر الناس بالفزع إلى الصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والتكبير .. ) .
وقد أُشبع هذا الموضوع بحثاً في مواقع الإنترنت، وقد استفدت كثيرًا من خطبة الشيخ إبراهيم الحقيل، ومن موضوع لـ (فتى الظل) موجودين في عدد من المواقع، وإني لأعجب كيف تخفى هذه القضية على حبيبنا الفلكي، وأهل الفلك أكثر الناس علماً بعظمة هذا الكون ومجراته وكواكبه ونجومه، والطبيعي أن يكونوا أكثر الناس رهبة وخوفاً من أي تغيير يحصل فيه صغيراً كان أم كبيراً، وكأن الله سبحانه وتعالى – وله المثل الأعلى – يقول لنا: هذه الكواكب تسير أمامكم ليلاً ونهاراً بإتقان بديع، وقد تخرج عن مسارها سويعات، فأيّ قوة في الأرض تستطيع أن تخرجها ؟ وأيّ قوة تستطيع أن تعيدها إذا خرجت ؟، ولعل هذا هو معنى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 73،71].

بلى والله سنشكرك يا ربنا ونحمدك ونثني عليك بما أنت أهله, ولا يسعنا إلا ما وسع رسولك وحبيبك – صلى الله عليه وسلم – الذي شرفته بقولك: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء : 113]، وصدق الله العظيم في قوله الكريم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر : 28].

نسأل الله أن يزيدنا منه خشية ورهبة، وفيه رجاءً ورغبة.
[/justify]
منقول




توقيع أم المهند
[CENTER][SIZE="4"][COLOR="Magenta"]( مَنْ كَانَ وِعَاءً لِلخيْرِ مَلأَ اللهُ وِِعَاءَه) [/COLOR][/SIZE][/CENTER]
أم المهند غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-11, 10:14 AM   #2
درة رفحا
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا فَإِنَّ المَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ
وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ العِبَادِ فَرَبُّ العِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ
وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْتَ فَظُلْمُ العِبَادِ شَدِيدُ الوَخَمْ
وَسافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الوَرَى لِتُبْصِرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ





ثم كيف يشك من ينسب هذا إلى الطبيعة في أنه تخويف

وهو لم يكن بهذه الكثرة إلى وقت قريب نذكره نحن
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي صلاة الكسوف إلا مرة واحدة

لكن
نسأل الله أن يهدينا إلى طريق الصواب


أختي الغالية جزاك الله خيرا
ونفع بك
درة رفحا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوحيد أولاً يادعاة الإسلام أم خولة روضة العقيدة 2 14-02-15 10:05 PM
شروط لا إله إلا الله أم اليمان روضة العقيدة 3 03-08-07 11:25 AM


الساعة الآن 02:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .