العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-02-07, 09:08 PM   #1
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي الدرس الأول من شرح متن القواعد الأربع ( المفرغ )

السلام عليكم ورحمة الله بركاته

طالبات الدورة العلمية الثالثة الكريمات

بين أيديكن الدرس الأول من شرح متن القواعد الأربع ( المفرغ )
لفضيلة الشيخ سليمان بن محمد اللهيميد - حفظه الله وجزاه الله عا خيرا -



مع الشكر الجزيل لأخواتي في الله : راحلة ، محبة العلم ، أم مجاهد الإماراتية ، نور العلم ,


جزاكن الله خير الجزاء ولقد أسعدنا المجهود الرائع في التفريغ الجماعي
فبارك الله فيكن وأجرى الله الخيرعلى أيديكن


واسمحوا لأختكن ان تضع هذا الدرس المفرغ بعد فضل الله ثم جهودكن الطيبة في موضوع مستقل

جزاكن الله خيرا



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....

التعديل الأخير تم بواسطة أم أســامة ; 24-02-07 الساعة 09:58 PM
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 09:08 PM   #2
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا
( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما )

أما بعد ..
ضمن دروس العقيدة وضمن دروس شرح القواعد الأربع فهذا هو الدرس الأول من هذه الدروس
فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يحيينا على التوحيد وأن يميتنا على التوحيد وأن يجعلنا دعاة إلى التوحيد
إن هذا المتن القصير متن القواعد الأربع للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه متن مهم أراد من تأليفه أراد أن يبين معنى الشرك ومعنى التوحيد
أراد أن يبين معنى الشرك بياناً واضحاً حتى لا يلتبس على أحد
لأن الشرك هو أعظم ذنب وأعظم جريمة بل إن الإنسان إذا مات على الشرك الأكبر كما سيذكر المؤلف فإنه حرام عليه الجنة
فأراد المصنف حتى لا يلتبس على الناس أن يعلموا معنى الشرك معنى حقيقياً حتى يتجنبه الإنسان
وهي قواعد حقيقة قواعد مهمة عظيمة من ضبطها وفهمها وطبقها وعلم معناها فإنه بإذن الله سينجو من شبكة الشرك ويكون من أهل التوحيد

المقدمة قال المصنف رحمه الله

بِسْــــــمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيـــــمِ أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

بدأ المصنف رحمه الله رحمة واسعة كتابه بالدعاء للطالب والقارئ وهذا يدل على حرصه وعنايته بالقارئ والتمني له الخير وهكذا ينبغي أن يكون المعلم أن يتمنى لطلابه ومن يدرسهم الخير ويدعو لهم بالتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح
ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ حينما أراد أن يعلمه قال له : ( إنـي أحبك في الله فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )
نعم فماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يعلمه هذا الدعاء ذكر له مقدمة فقال (إنـي أحبك في الله) ليكون أبلغ وأوقع للسامع وأدعى للقبول وأيضاً يدل على أن هذا الناصح أن النبي عليه الصلاة والسلام محبٌ له مشفقٌ عليه ناصح له

أسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

دعاء للقارئ متوسلاً إلى الله بأسمائه الحسنى وذكر منها المصنف: الكريم والرب
فإن الكريم من أسماء الله تعالى كما قال الله تعالى ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم )
وهذا من التوسل المشروع أن يتوسل الإنسان بأسماء الله كما قال الله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) كأن يقول اللهم يا رحمن يا غفور يا رحيم يا سميع يا عليم يا حي يا قيوم اغفر لي ارزقني أعطني
هذا من التوسل المشروع أن يتوسل الإنسان بأسماء الله الحسنى
ومعنى الكريم من أسماء الله الذي يعطي من غير سبب ولا لعوض ، الذي يعم عطاؤه المحتاجين وغير المحتاجين

أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
هذا مدح لله تبارك وتعالى بأنه رب العرش العظيم وقد مدح نفسه سبحانه وتعالى بأنه رب العرش العظيم في آيات كثيرة كقوله تعالى ( وهو رب العرش العظيم ) ، وقال تعالى ( فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم )
والعرش أعظم المخلوقات
العرش لغة : هو السرير

قال تعالى عن يوسف : ( ورفع أبويه على العرش ) ، وقال عن ملكة سبأ ( ولها عرش عظيم )
وأما عرش الرحمن الذي استوى عليه فهو عرش عظيم ذو قوائم تحمله الملائكة وهو كالقبة على العالم وهو سقف هذه المخلوقات هذا العرش وصفه الله بأوصاف عظيمة
* وصفه بالعظمة كما في قوله ( وهو رب العرش العظيم )
* ووصفه بأنه كريم كما في قوله ( رب العرش الكريم )
وتمدح سبحانه بأنه ذو العرش كما قال تعالى ( رفيع الدرجات ذو العرش )
وأخبر سبحانه أن للعرش حملة كما في قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )
وأخبر سبحانه أن عرشه كان على الماء قبل أن يخلق السماوات والأرض كما قال تعالى ( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء )

نعم .. وأخبر - صلى الله عليه وسلم- أن للعرش قوائم كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيح " لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش "

وأخبر أيضاً النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العرش فوق الفردوس
كما قال عليه الصلاة والسلام " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن " وهذا الحديث في البخاري

كما أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن التقدير كان بعد وجود العرش وقبل خلق السماوات والأرض كما في الحديث قال -صلى الله عليه وسلم- : ( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ) رواه مسلم .

أيضاً مما يدل على عظمة العرش قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( أُذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة العرش ما بين شحمة أذنه ومنكبه مسيرة سبعمائة عام )

فهو أعظم المخلوقات ، وهو أيها الإخوة العرش غير الكرسي
بعض العلماء قال : العرش هو الكرسي ، وهذا خطأ
العرش غير الكرسي
الكرسي موضع القدمين كما صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال المصنف :
أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

هذا دعاء المصنف دعا له بعدة أدعية دعا المصنف للقارئ والطالب بعدة أدعية منها : أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، أي أن يتولاك الله في الدنيا والآخرة ،
أن يتولاك في الدنيا : أن يكون لك ولياً في الدنيا
ومن تولاه الله سدده الله وحفظه وحماه ووفقه للتوحيد والسنة وحماه من الشرك والبدعة وهداه لكل خير

نعم ، والآخرة أي أن يحفظك في الآخرة بدخول الجنة والنجاة من كرب يوم القيامة وأهواله وشدائده
أن يتولاك في الدنيا والآخرة ، فمن هو ولي الله ؟ولي الله بيَّنه الله ليس بالإدعاءات ولا بالكلمات وإنما بالعمل بيَّن الله عز وجل من هو الولي فمن وُجدت فيه هذه الصفة فهو ولي لله عز وجل قال الله تعالى ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون )
هذا الولي ، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً

وولاية الله أيها الإخوة تنقسم إلى قسمين :

ولاية عامة : وهذه لجميع الناس المؤمن والكافر ومعناها ولايته على الخلق كلهم تدبيراً وقياماً بشؤونهم من رزق وإطعام ونحو ذلك
ودليل هذه الولاية قوله تعالى: ( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق )
فالله عز وجل ولي لجميع الناس يطعمهم ويرزقهم ويهديهم لشؤونهم الدنيوية فهذه عامة للكافر والمؤمن

وولاية خاصة : وهي خاصة بالمؤمنين مقتضاها النصر والتأييد والتوفيق والإعانة والسداد لكل خير
كما قال تعالى: ( الله ولي الذين ءامنوا ) ، وقال الله تعالى: ( ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) ، وقال الله تعالى: ( الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور )

إذاً من فضائل ولاية الله عز وجل : إخراج العبد من الظلمات إلى النور كما قال تعالى: ( الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور )
أيضاً الدفاع عنهم كما في الحديث القدسي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) رواه البخاري
ثالثاً : لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال الله تعالى: ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
لا خوف عليهم فيما يستقبلون من أمر الآخرة
ولا هم يحزنون على ما مضى

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يتولانا في الدنيا والآخرة وأن نكون من أوليائه الصادقين العاملين وأن يرزقنا الثبات على دينه وعلى توحيده وأن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن

قال المصنف :
وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتَ

يدعو المصنف للقارئ والطالب وأن يجعلك مباركاً أينما كنت
البركة : كثرة الخير ، والمبارك من جعل الله فيه أسباب البركة
فالعالم مبارك لأنه يعلم ويدعو إلى الله كما جاء في الحديث من قول أسيد بن حضير ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر
والتاجر المنفق الصالح مبارك لأنه ينفق ماله في طاعة الله
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 09:09 PM   #3
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

فالمصنف يدعو للقارئ أن يكون مباركاً في عمره وعمله وفي وقته وفي علمه وأن يكون نافعاً للعباد حيثما نزل وحيثما حل.و هذا فضل عظيم وكبير وجليل لمن حصل له، لأن من بورك له في وقته شغله بطاعة الله ولم يضيعه، واستغله فيما يعود عليه بالنفع.
ومن بورك له في علمه نفعه الله به ونفع به العباد. ولذلك قال عيسى {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} (31) سورة مريم. إن من بورك له في وقته فهو الموفق فنسأل الله عز و جل أن يبارك لنا في أوقاتنا وفي أعمارنا وفي أعمالنا.

والمراد بالبركة هنا البركة السببية وليست ذاتية، لأنه ليس هناك أحد مبارك بركة ذاتية إلا الرسول صلى الله عليه و سلم. فإن الصحابة كانوا يتبركون بأبعاضه كأظفاره أو ثيابه.وإن من أعظم من بورك له في وقته الحبيب صلى الله عليه وسلم
ننظر...
يوم الفتح وقت المعركة وقت حرب معركة كبيرة والرسول عليه الصلاة والسلام قائد أمة ومع ذلك من بركة وقته يصلي الضحى ثمان ركعات. إن هذا لا شك من بركة وقته عليه الصلاة و السلام.
لأن بعض الناس لو يُشغل شغل قليل ترك كثير من العبادات قال "أنا مشغول أنا مرتبط"، وبعض الناس يُوفق له في عمره وفي عمله، فهذا النبي عليه الصلاة والسلام مع أنه قائد أمة وقائد معركة، ومعروف للجميع أن القائد يكون مشغول جداً جداً ومع ذلك يجد وقتًا ليصلي الضحى ثمان ركعات.

نعم وممن بورك له في وقته وعمره الإمام النووي رحمه الله. فلم يتجاوز عمره الخمس و الأربعين ومع ذلك ألف مؤلفات عظيمة مع قصر حياته. بل كان عنده في اليوم الواحد اثني عشر درساً كما ذُكر ذلك في ترجمته.

فينبغي على الإنسان أو من أراد أن يبارك له في وقته فعليه بالإخلاص فهو أساس الأعمال وأساس القبول وأساس رفعتها عند الله عز و جل والإخلاص هو أعظم العبادات وأجلها.
ثانياً: دعاء الله بذلك (اللهم اجعلني مباركاً)، كان من دعاء بعض السلف لبعض: (أسأل الله أن يجعلك مباركاً).

قال المصنف: وَأَنْ يَجْعَلَكَ مِمَّنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أذَنبَ اسْتَغْفَرَ. فَإِنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثُ عُنْوَانُ السَّعَادَةِ.

أيضاً من دعاء المصنف للقارئ و الطالب أن يجعله ممن إذا أعطي شكر و إذا ابتلي صبر و إذا أذنب استغفر فإن هؤلاء عنوان السعادة.

لماذا هذه الثلاث عنوان السعادة؟
الجواب: لأن الإنسان في هذه الدنيا لا ينفك عن حال من هذه الحالات الثلاث. إما أن يعطى و إما أن يبتلى و إما أن يذنب و يقع في الذنب. فإن قام بوظيفة كل حالة فهو السعيد لأنه حقق عبودية الله عز وجل فيها.
لأن الإنسان إما أن يكون في نعمة، فما هي وظيفة هذه النعمة؟ ما هو واجبه تجاه هذه النعمة؟ شكرها والقيام بشكرها.
وإما أن يقع في ذنب ولا يسلم أحد من الذنوب، فما هو الواجب على من وقع في ذنب؟ الواجب عليه أن يستغفر ربه وأن يتوب وأن يعود إلى الله عز و جل.
وإما أن يكون في محنة وبلية ومصيبة، فما هو موقف المسلم إذا أصيب ببلاء أو مصيبة؟ موقفه الصبر والاحتساب-احتساب الأجر عند الله-.
فلذلك صارت هذه الثلاث من أعظم أسباب السعادة لأنه حقق العبودية لله على كل أحواله و هكذا المؤمن حقاً يسعى في رضى الله و تحقيق عبوديته على أي حالة يمر بها في حياته.
نعم واضح؟ ما السبب في أن هذه الثلاث هي أسباب السعادة؟
طيب نمر عليها سريعاً بشيء من التفصيل.

السبب الأول: إذا أعطي شكر نعم من أسباب السعادة أن يشكر الإنسان ربه على نعمه العظيمة الجليلة.
و الشكر تعريفه له أركان ثلاث من أراد أن يحقق الشكر لازم يحقق هذه الأركان، يكون بالقلب و يكون باللسان و يكون بالجوارح.
بالقلب: ما معنى الشكر بالقلب؟ هو إيمان القلب بأن النعمة من الله تعالى وأن له المنة في ذلك وأنه هو فقط سبب. أما النعمة والمنة من الله تبارك و تعالى هذا شكر القلب.
باللسان: التحدث بنعمة الله اعترافاً لا افتخاراً.
بالجوارح: الشكر بالجوارح القيام بطاعة المنعم. أن يطيع الله عز و جل بهذه الأعضاء. أعطاك اللسان تطيع الله في اللسان، أعطاك الأرجل تطيع الله في الأرجل، أعطاك الأيدي تطيع الله في الأيدي.

ولذلك جاء في الحديث في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم (كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه) فقالت له عائشة: (لم تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟) قال: (أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً؟)
هذه أركان الشكر فمن حققها فقد حقق الشكر. يقول الشاعر:
أفادتني منكم النعماء ثلاثةً****** يدي ولساني والضمير المحجبا
ذكر ثلاث أركان:
يدي: يعني الجوارح، لساني: القول بالثناء على الله بالنعمة، الضمير المحجبَ: الاعتقاد.
و الله عز وجل يُذكِّر عباده بنعمه عليهم و يدعوهم إلى تذكرها كما قال تعالى {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} (103) سورة آل عمران، و قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} (9) سورة الأحزاب.

والشكر له فضائل وثمرات نمر عليها سريعاً
أولاً: أن الله أمر به قال تعالى: { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (172) سورة البقرة وقال تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} (66) سورة الزمر.
ثانياً: الثناء على الشاكرين وأن الشكر سبيل رسل الله وأنبيائه كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (120-121) سورة النحل، و قال تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (3) سورة الإسراء.
ثالثاً: أن الشكر نفع للشاكر نفسه قال: { وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (12) سورة لقمان، و قال تعالى: {سَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران. فالمستفيد أولاً و أخيراً من هو؟ الشاكر فإن الله يثيبه و يزيد نعمه فالمستفيد هو الشاكر. فالله عز و جل ليس بحاجة إلى طاعاتنا، فلا تنفعه طاعة الطائعين و لا تضره معصية العاصين.
رابعاً: أن الشكر مانع من العذاب كما قال تعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ} (147) سورة النساء.
خامساً: أن الشكر سبب لزيادة النعم وبقائها كما قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمٌْ} (7) سورة إبراهيم.
سادساً: وأيضاً الصفوة المختارة وعباد الله الصالحين يسألون الله أن يوزعهم أن يوفقهم لشكر النعم كما قال تعالى عن سليمان: {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} (19) سورة النمل.
سابعاً: أن الشاكرين قليل وهذا دليل على أن من شكر فهو من هؤلاء القلة و غالباً القلة هم الأفضل والأعظم قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (13) سورة سبأ.

كيف نحقق الشكر؟
أولاً: سؤال الله ذلك، نعم، بأن يوفقنا لشكره و نتضرع في ذلك، كما قال الله عن سليمان: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} (19) سورة النمل. والنبي صلى الله عليه و سلم معاذ فقال له -كما مر قبل قليل في الدعاء- أن يقول دبر كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك)

ثالثاً: أن ينظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا، ينظر للفقراء ومن هم أقل منه، فإذا فعل ذلك استعظم ما أعطاه الله. ولذلك قال صلى الله عليه و سلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم).
نعم أحسن شيء لمن أراد أن يشكر نعمة الله أن يجالس الفقراء أن يجالس المساكين أن يجالس المرضى أن يجالس من هم أقل منه. إن من يجالس الأغنياء فإنه لن يرى نعمة الله عليه، فيقول (فلان سيارته أحسن من سيارتي، بيته أحسن من بيتي، وظيفته أحسن من وظيفتي، ماله أكثر من مالي) نعم فلذلك من أراد أن يحقق الشكر فلينظر من هو أقل منه.
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 09:09 PM   #4
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

فيا ترى هل حققنا الشكر؟؟
هل شكر الله من يتعامل بالربا؟؟
هل شكر الله من يشرب الخمور بالليل والنهار؟؟
هل شكر الله من أدخل الدشوش على بناته وأولاده والقنوات الفضائية الساقطة؟
هل شكر الله من ينامون عن الصلاة وخاصة صلاة الفجر ولا يصلونها إلا بعد طلوع الشمس؟
يقومون للدوام ولا يقومون للصلاة.
هل شكر الله من أحب ووالى أعداء الله من اليهود والنصارى ومن المشركين والكافرين ، يحبهم ويقربهم ؟؟


نِعم الله عزوجل علينا نعيش في أمن وأمان نعيش في صحة في توفيق وقليل منا الشاكر ، تضييع للأوقات ، وغيبة ونميمة ، وربا ورشوة وزنا وخمور وتضييع للأمانة في العمل ومع الذرية...إلى غير ذلك...نعم إنه يُخشى علينا أن تذهب هذه النعم.

ثانياً :من أسباب السعادة : ((وإذا ابتلي صبر))

معروف أن الإنسان يجب عليه إذا أصيب بمصيبة أو محنة أوغيرها من الابتلاءات كالأمراض والأسقام والديون وغيرها الواجب عليه الصبر ، فإن صبر فقد حقق ما يجب عليه من الأمر بالصبر عند حدوث المصائب.

قال تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).

وقال تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ).

ويقول –صلى الله عليه وسلم- : ( عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ) رواه الترمذي .

وفي الحديث أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم : ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة ) رواه الترمذي.


والبلاء والبلايا والمصائب التي تصيب العبد لها فوائد:

أولاً : لينال أجر وفضل الصابرين ، فإنه كما سبق لنا في الأصول الثلاثة أن للصبر فضائل والصابر له فضل،

فمن فضائل الصبر:

1- معية الله قال تعالى : ( إن الله مع الصابرين).
2- والله يحبهم كما قال تعالى : ( إن الله يحب الصابرين) .
3- ولهم أجر عظيم كما قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
4- وأيضاً دخول الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم - : ( ما لعبدٍ مؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ) ، وصفيه : أي حبيبه من أب أو أم أو زوج أوغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبرعوضته منهما الجنة ) يعني : عينيه.


ثانياً : المصائب تكفير للسيئات ورفع للدرجات كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصب ٍ ولا هم ٍ ولا غم ٍ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) ، وسبق قبل قليل الحديث : (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة).

ثالثًا: البلاء يقطع قلب المؤمن من الالتفات إلى المخلوق ، فيتجه القلب إلى الله لا إلى المخلوق ، فيتضرع.

رابعًا : تذكير العبد بذنوبه فربما تاب ورجع.

خامسًا: زوال قسوة القلب، وانكساره لله ، فإن ذلك أحب إلى الله من كثير من طاعات الطائعين.

فمن لم يصبر على البلاء فليس بسعيد لأنه لم يحقق عبودية الله في بلائه التي هي الصبر.

قال : ( وإذا أذنب استغفر)

هذه سبب من أسباب السعادة كما ذكرها المؤلف ، وهي من علامات التوفيق أن الإنسان كلما وقع في ذنب ٍ استغفر وتاب من ذلك الذنب، وهذا هو الواجب على المسلم ، الذي وقع في ذنب ٍ أن يتوب وأن يستغفر ربه من ذلك الذنب.

قال الله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله).

وقال الله تعالى : (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) .

وها هو الخليل يقول : ( والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين).

وفي الحديث القدسي : ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب ، فاستغفروني أغفر لكم).

فالإنسان يقع في الذنوب، وكل ابن آدم خطاء لكن خيرهم من يستغفر ويتوب ويرجع، فمن لم يستغفر ويتب من ذنبه، فهو خاسر شقي ظالم لنفسه، الدليل قول الله تعالى: ( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون).


والاستغفار له فوائد:

أولاً: تكفير السيئات ورفع الدرجات، كما قال الله تعالى: ( ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا ) وفي الحديث :( فاستغفروني أغفر لكم).

ثانيا ً: سبب لسعة الرزق ، كما قال نوح ٌ لقومه : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا ، يرسل السماء عليكم مدرارًا ، ويمددكم بأموالٍٍ وبنين ، ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارًا ).

ثالثاً : سبب لدفع المصائب ، قال تعالى : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) .

رابعاً : سبب لبياض القلب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب واستغفر صقل قلبه ) رواه أحمد.

خامساً: سبب لمحبة الله ، قال تعالى : ( إن الله يحب التوابين).

قال المصنف رحمه الله : ( اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم ، أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين كما قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).

اعلم أرشدك الله:

اعلم : كلمة يُؤتى بها للتنبيه والاستعداد لما يُلقى بعدها من الكلام .
أرشدك الله : دعاء له أن يرشده الله، وأن يهديه وأن يسدده.
لطاعته: الطاعة فعل الأمر وترك النهي.

فالدعاء من المصنف، وهذه من عادة المصنف في مؤلفاته يدعو للقارئ، وهذا من حرصه ورفقه بالقارئ وهكذا المتعلم ، دعا له أن يرشده ويوفقه للطاعة، فعل الأمر وترك النهي .

(أن الحنيفية ملة إبراهيم ، أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين)
أن الحنيفية ( وهي الملة المائلة عن الشرك، المبنية على الإخلاص ، والحنيف مشتق من الحنف وهو الميل فالحنيف المائل عن الشرك قصداً إلى التوحيد) هي ملة إبراهيم ، نعم ، كما قال الله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً) ، والملة : هي الدين.

(أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين )

عبادة الله : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
الأقوال : سبحان الله ، الحمد لله،لا إله إلا الله و الله أكبر
الأعمال : الصلاة ، الصيام ، الزكاة وغيرها.

(أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين )

أي أن الحنيفية وشريعة الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام وجميع الأنبياء هذه التي ذكرها المصنف ( أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين ) ، وهذه هي حقيقة ملة إبراهيم عبادة الله بالإخلاص ، والإخلاص أن يقصد الإنسان بعمله رضا الله لا أمرًا دنيوياً من مالٍ أو جاه ٍ أو شهرة أو منصب أو مدح كما قال الله تعالى :( أن اتبع ملة إبراهيم )

، وقال تعالى : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين). فتبرأ أولاً من المعبودات الباطلة وأثبت العبودبة للذي فطره وهو الله ، وهذه معنى لا إله إلا الله

فالعبادة لا تسمى عبادة ولا تنفع صاحبها عند الله، إلا إذا كانت خالصة لله ليس فيها شرك ٌ ولا سمعة.

قال تعالى :( فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) .
وقال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ).

وقد ذكرنا ثمرات الإخلاص، ومن أعظم ثمراته :

1- أنه سبب للنجاة من الذنوب والسيئات، (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين).

2- سبب للنجاة من الشيطان، قال تعالى: (إلا عبادك منهم المخلصين).


( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )

أي ما خلقت وأوجدت الجن والإنس إلا لعبادة الله و عدم الشرك وهذا معنى ( إياك نعبد وإياك نستعين)

إياك نعبد: أي نعبدك يارب ما نعبد غيرك، ولا نتوجه إلى غيرك، ولا نتضرع إلى غيرك ولا نخضع لغيرك، ولا تخضع إلا لك يارب.

(إياك نعبد وإياك نستعين) ، ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) ، وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )

ولم يخلق الله الجن عبثاً أبداً ،قال تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)،

(أيحسب الإنسان أن يترك سدى) ، لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يُبعث.

فلم يخلقنا الله لحاجته لنا أو لمساعدته أو لإعانته ، لا ، إنما للعبادة ، قال تعالى : ( ما أريد منهم من رزق ٍ وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).



قال المصنف : ( فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة).


أي إذا عرفت أيها المكلف أنك مخلوق في هذا الكون لهذه الحكمة العظيمة وهي عبادة الله تعالى ولم تخلق عبثاً ولا سدى ، فيجب أن تعلم أن العبادة لا تسمى عبادة ولا تصح ولا تقبل إلا بشرطين :

الشرط الأول: أن تكون خالصةً لله عزوجل ، ليس فيها رياء ولا شرك فإن خالطها شرك ُ ورياء بطلت.

مثال : كالحدث يبطل الطهارة، فلو أن إنسان تطهر وأكمل طهارته وأسبغ الوضوء وأتى بالواجبات وكل ما يحتاجه الوضوء الكامل وأحدث فإنه يبطل وضوؤه ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ، كذلك العبادة إذا دخلها الشرك فإنه يُفسدها ويُبطلها .

قال تعالى : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) ، هذا دين الإخلاص ، وقال تعالى : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين).

والشرط الثاني : المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم- كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، وهذا الحديث أصل في رد كل البدع والمحدثات.
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 09:10 PM   #5
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

قال المصنف (فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ الشِّرْكَ إِذَا خَالَطَ الْعِبَادَةِ أَفْسَدَهَا، وَأَحْبَطَ الْعَمَلَ، وَصَاَر صَاحِبُهُ، مِنَ الْخَالِدِينَ فِي النَّارِ)

الأدلة على هذا الكلام أن الشرك يفسد العبادة سبقت قول الله عز و جل {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} و قال تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك} وقال تعالى {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار}

قال المصنف :(عَرَفْتَ أَنَّ أَهَمَّ مَا عَلَيْكَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُخَلِّصَكَ مِنْ هَذِهِ الشَّبَكَةِ، وَهِيَ الشِّرْكُ بِاللهِ الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهِ: ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ﴾ [النساء: 116]. وَذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ أَرْبَعِ قَوَاعِدَ ذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ)


أي ما دمت عرفت خطر الشرك و عظيم خطره فإنه يجب عليك أن تعرف هذا الشرك الذي هو بهذه المنزلة يحبط العمل.. يفسده .. صاحبه مخلد في النار ..

من أجل ماذا؟ أن تنجو منه و تسلم ..

والشرك تعريفه :
تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله.. ,

و مراد المؤلف الشرك الأكبر .. الذي إذا مات صاحبه من غير توبة فهو مخلد في نار جهنم، فالشرك الأكبر كالسجود لغير الله .. كأن يعبد غير الله .. أو يذبح لغير الله .. الشرك الأكبر منه أيضا اتخاذ العبد من دون الله ندا يسويه برب العالمين يحبه كحب الله ويخشاه كخشية الله ويلتجئ إليه ويدعوه ويخافه و يرجوه ويرغب إليه و يتوكل عليه أو يطيعه في معصية الله أو يتبعه على غير مرضاة الله فهذا هو الشرك الأكبر

قال (لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُخَلِّصَكَ مِنْ هَذِهِ الشَّبَكَةِ،)

والشرك الأصغر صاحبه إن لقي الله فهو تحت المشيئة إن شاء عفا عنه و أدخله الجنة و إن شاء عذبه ولكن مآله إلى الجنة لـأن الشرك (الأصغر) لا يخلد صاحبه في النار و سمي أصغر ليس لأنه صغير ولكن بالنسبة للأكبر والنبي عليه الصلاة و السلام قال للصحابة " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر أن يقوم الرجل فيزين صلاته" وهو النبي يحدث من؟ يحدث الصحابة، الذين قاموا بالتوحيد ونصروا التوحيد ونصروا الإسلام ونشروا الإسلام ، أخلص الناس قلوبا وأبرهم قلوبا ومع ذلك يخاف عليهم من الشرك الأصغر فالله المستعان .

مثل الحلف لغير الله إن لم يقصد تعظيم المحلوف به وإلا صار شركا أكبر كـمن يتولى النبي والحسين "من حلف لغير الله فقد كفر أو أشرك" ، فعلى المسلم الموحد أن يعرف الشرك وأنواعه ليتجنبه حتى لا يقع فيه ، فإن الإنسان الذي لا يعرف خطر الشيء ربما يقع فيه ولذلك جاء في الحديث عن حذيفة قال: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فأقع فيه"
ومنه أخذ الشاعر قولته المشهورة :

عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه *** ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه


ويمكن معرفة الشرك و خطره بقواعد ذكرها المصنف رحمه الله هذه القواعد – قال المصنف أنه أخذها من القرآن فليست من عنده فالقرآن بيّن الشرك بيانا شافيا واضحًا ليحذره الناس ويتجنبوه

القاعدة الأولى قال : (أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُقِرُّونَ بِأَنَّ اللهَ ـ تَعَالَى ـ هُوُ الْخَالِقُ، الْمُدَبِّرُ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُدْخِلَهُمْ فِي الإِسْلامِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31].)


شرحها :

أراد المصنف أن يبين أن الكفار يقرون و يعترفون أن الخالق هو الله لكن ذلك لم يجعلهم مسلمين لأن هذا هو توحيد الربوبية ، وتوحيد الربوبية قد أقر به الكفار، توحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله كالخلق والرزق والإماتة فليس هناك أحد أشرك في توحيد الربوبية إلا شواذ من الخلق، فكل الأمم تقر بتوحيد الربوبية

هذا لا يكفي في دخول الإسلام فالهدف من القاعدة – أراد المصنف أن يبين أن الإقرار بتوحيد الربوبية فقط لا يكفي في التوحيد وإبعاد صفة الشرك عن الشخص، والرسل إنما جاءت لتوحيد الألوهية وهو التوحيد الذي وقع فيه النزاع بين الأمم ورسلهم.

إذا .. الإقرار بتوحيد الربوبية دون توحيد الألوهية لا يُدخل في الإسلام فالكفار الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ويؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت لكن لم يدخلهم ذلك في الإسلام ، حاربهم رسول الله صلى الله عليه و سلم.

وقد ذكر المصنف الدليل على أن إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لا ينفع، ذكر الآية { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْض} "قل" أي قل يا محمد لهؤلاء الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا محتج بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروه من توحيد الألوهية {مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} بإنزال الأرزاق من السماء وإخراج أنواعها من الأرض وتيسير أسبابها فيها { أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ } أي من هو الذي خلقها وهو مالكها { وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } كإخراج أنواع الأشجار و النبات من الحبوب و النوى و إخراج المؤمن من الكافر و الطائر من البيض و نحو ذلك .. فإبراهيم والده كافر : حي من ميت { وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ } ونوح ابنه كافر .. أخرج ميت من هذا الحي، نوح حي بالإيمان ، ابنه كافر فهو ميت وإن كان يعيش {وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْر} في العالم العلوي و السفلي وهذا شامل لجميع أنواع التدابير { فَسَيَقُولُونَ اللّهُ } لأنهم يعترفون بجميع ذلك و أن الله لا شريك له في شيء من هذه المذكورات { فَقُلْ }لهم لزامًا بحجة { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي أفلا تتقون الله فتخلصون له العبادة وحده لا شريك له وتخلعون من تعبدونه من دونه من الأنداد و الأوثان – وجه الشاهد : {فسيقولون الله} فهم اعترفوا بأن الله هو الخالق الرازق الذي ينزل الغيث و يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي .. أقروا بذلك .. ومع ذلك هم يشركون معه غيره .. العقل يقتضي ماذا ؟ يقتضي أن الذي يخلق ويرزق ويحي و يميت و يتصرف في الكون هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة وحده دون سواه ..

والمؤلف ما ذكر إلا دليلا واحد وإلا فالأدلة كثيرة { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } وقال {ولئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}

إذا ملخص القاعدة الأولى :

أراد المؤلف أن يبين لك أن الإقرار بتوحيد الربوبية وحده لا يكفي في الإسلام ولا يكفي في إبعاد الإنسان من الشرك حتى يؤمن بتوحيد الألوهية وهي القاعدة الثانية من القواعد التي سيذكرها المصنف رحمه الله.
.
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 09:44 PM   #6
هاجرالمصرية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 22-01-2007
المشاركات: 67
هاجرالمصرية is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكى اخيتى ام اليمان على هذا المجهود الرائع فى تفريغ الدرس الاول وجزاكى الله عنا خير الجزاء وجعل هذا العمل فى ميزان حسناتك ان شاء الله
هاجرالمصرية غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 10:50 PM   #7
شموع لا تنطفئ
~مشارِكة~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بوركتي
جزاكي الله خيرا ونفعنا الله واياك ووفقنا لما يحب ويرضى


أختكم في الله
شموع لا تنطفئ



توقيع شموع لا تنطفئ
[CENTER]ورد22
أحبكم في الله
شموع لا تنطفئ[/CENTER]
شموع لا تنطفئ غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-07, 11:10 PM   #8
أم عبيد الله
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 15-01-2007
المشاركات: 125
أم عبيد الله is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا
مجهود رائع
نفع الله بكى أختى أم اليمان
أم عبيد الله غير متواجد حالياً  
قديم 25-02-07, 12:11 AM   #9
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي

يا هلا أخواتي : هاجر المصرية وشموع لا تنطفئ وأم عبيدة

وجزى الله خيرا أخواتي في الله : راحلة ، محبة العلم ، أم مجاهد الإماراتية ، نور العلم
فهن من قمن بالتفريغ
ولم أقم بشيء من التفريغ أخواتي الحبيبات


نسأل الله من فضله
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 25-02-07, 02:11 PM   #10
اختكم فى الله
~صديقة الملتقى~
افتراضي

جزاكم الله خيرا كل من قمتم بتفريغ الدرس الاول ونفع بكم.
اختكم فى الله غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .