|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
30-09-15, 03:38 PM | #1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ...
عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ..... الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هوإلا وحي يوحى أما بعد. فهذه فوائد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: عن صهيب قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ". رواهُ مُسْلِمٌ. المعنى الاجمالي: المعنى أنَّ المؤمنَ الكاملَ في الحالَينِ عَلَى خَيرٍ هُوَ عِنْدَ اللهِ إِنْ أصَابتهُ نِعْمَةٌ بَسْطٌ وَرَخَاءٌ في الرِّزْقِ وغيرِ ذلكَ يَشْكُرُ اللهَ وإنْ أصَابَتهُ ضَرَّاءٌ أيْ بليةٌ ومُصِيبةٌ يصْبرُ ولا يَتسَخّطُ عَلى ربِّه بلْ يَرْضَى بقَضَاءِ ربِّه فيكونُ لهُ أجْرٌ بهذِهِ المصيبةِ. ومَعْنَى الشكْرِ هو أنْ يَصْرِفَ الإِنسَانُ النعَمَ التي أعْطَاهُ اللهُ فيمَا يحبُّ اللهُ ليسَ فيمَا حَرَّمَ اللهُ، وليسَ الشكرُ مجرد أنْ يفرحَ الإنسانُ بالنعَمِ التي يَنَالُها ويقولَ إذا فَرِحَ الحمْدُ للهِ والشكرُ للهِ، لا يكونُ العبدُ بهَذا شَاكرًا للهِ والناس في هذه الإصابة - السراء أو الضراء - ينقسمون إلى قسمين:مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيراً له، فنال بهذا أجر الصائمين. وإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله.لأن الشكر ليس مجرد قول الإنسان: أشكُرُ الله,بل هو قيام بطاعة الله - عز وجل.فيشكر اللهَ فيكون خيرًا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين، ونعمة الدنيا.نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر، هذه حال المؤمن، فهو على خير، سواء أصيب بسراء، أو أصيب بضراء.وأما الكافر فهو على شر- والعياذ بالله- إن أصابته الضراء لم يصبر، بل تضجَّر، ودعا بالويل والثُّبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله- عز وجل- ونعوذ بالله.وإن أصابته سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقاباً عليه في الآخرة، لأن الكافر لا يأكله أكلة، ولا يشرب إلا كان عليه فيها إثم، وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن، لكن على الكافر إثم، كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32]. هي للذين آمنوا خاصَّة، وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الذين لا يؤمنون فليست لهم، ويأكلونها حراماً عليهم، ويُعاقبون عليها يوم القيامة. فالكافر شر، سواء أصابته الضراء أم السراء، بخلاف المؤمن فإنه على خير. قال ابن القيم رحمه الله: " فرِّغ خاطرك للهمِّ بما أُمرت به، ولا تشغله بما ضمن لك ؛ فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان، فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا، وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه، فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه ؛ فتأمل حال الجنين: يأتيه غذاؤه وهو الدم، من طريق واحدة وهو السرة، فلما خرج من بطن الأم وانقطعت تلك الطريق، فتح له طريقين اثنين، وأجرى له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول: لبنا خالصا سائغا، فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام، فتح طرقا أربعة أكمل منها: طعامان وشرابان ؛ فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان، وما يضاف اليهما من المنافع والملاذ، فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة. لكنه سبحانه فتح له - إن كان سعيدا - طرقا ثمانية، وهى أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه، وأنفع له، وليس ذلك لغير المؤمن، فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس، ولا يرضي له به، ليعطيه الحظ الأعلى النفيس، والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا !! " فائدة: أحد السلف كان أقرع الرأس، أبرص البدن، أعمى العينين، مشلول القدمين واليدين، وكان يقول: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له: مِمَّ عافاك؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول. فَمِمَّ عافاك ؟ فقال: ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وبَدَناً على البلاء صابراً ! سبحان الله أما إنه أُعطي أوسع عطاء قال عليه الصلاة والسلام: من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر. رواه البخاري ومسلم. فالمؤمن يتقلّب بين مقام الشكر على النعماء، وبين مقام الصبر على البلاء.فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالىفيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماء وهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا وسوف تزول، وما من حزن إلا ويعقبه فرح، وأن مع العسر يسرا، وأنه لن يغلب عسر يُسرين. فلا حزن يدوم ولا سرور = ولا بؤس يدوم ولا شقاء فالمؤمن يرى المنح في طيّات المحن ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل! ويرى في الصفحة السوداء نُقطة بيضاء وفي سُمّ الحية ترياق! وفي لدغة العقرب طرداً للسموم! مِمَّا يُستفاد من الحديث: 1-الحث على الإيمان وأن المؤمن دائما في خير ونعمة. 2-الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين. فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، تنتظر الفرج من الله - سبحانه وتعالى- وتحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت العكس فلُمْ نفسك، وعدِّل مسيرك، وتُبْ إلى الله. 3-الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾[إبراهيم: 7]وإذا وفَّق الله الإنسان للشكر؛ فهذه نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثالثة ... وهكذا، لأن الشكر قلَّ من يقوم به، فإذا منَّ الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة. 4-ومنها: أن الإيمان يحمل صاحبه على الشكر في حالة السراء، والصبر في حالة الضراء، وكسب الخير في كل أوقاته. 5- يجتمع للمؤمن عند النعم والسراء، نعمتان: نعمة حصول ذلك المحبوب، ونعمة التوفيق للشكر الذي هو أعلى من ذلك. وبذلك تتم عليه النعمة. ويجتمع له عند الضراء، ثلاث نعم: نعمة تكفير السيئات، ونعمة حصول مرتبة الصبر التي [ هي ] أعلى من ذلك، ونعمة سهولة الضراء عليه. لأنه متى عرف حصول الأجر والثواب، والتمرن على الصبر، هانت عليه. 6- من أراد السعادة الكاملة في الدنيا فعليه بهذين الأمرين عبادة الله مع تعويد النفس على الصبر. 7- إن المرض وسائر المكاره بل الصحة وسائر المحاب سنة ربانية للابتلاء والامتحان، فالعبد مبتلى في كل شيء، فيما يسره ويحبه، وفيما يسوؤه ويكرهه،قال تعالى ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]. 8- عنوان السعادة في ثلاث: • مَن إذا أُعطي شكر • وإذا ابتُلي صبر • وإذا أذنب استغفر 9- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها الى شكر، وذنب منه يحتاج فيه الى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما، فإنه لايزال يتقلب في نعم الله وآلائه، ولا يزال محتاجا الى التوبة والاستغفار. اهـ. 10- المؤمن لا يضجر ولا يصيبه الملل والبلادة والكسل لأنه في شغل دائم بالعمل لله، وإنتاج لما يرضي الله. 11-ليس ذلك إلا للمؤمن الذي يعمل لله ويريد الآخرة. فالإنسان دائر في هذه الحياة الدنيا بين خير ونعمة من الله سبحانه وتعالى، من صحة ومال وأمن، وبين ابتلاء ونقص في الأنفس والمال وما يصيبه من التعب والنصب. 12- الذي ليس له صلة بالله، ولم يدخل الإيمان قلبه يفرح إذا أصابه خير، وقد يصل به الأمر إلى البطر والأشر ويقول: هذا بسبب علمي وجهدي، كما قال قارون من قبل (قال إنما أوتيته على علم عندي). وبعضهم يظن أن الله يحبه فأعطاه. ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الكهف: 36]. ولكن إذا أصابه نقص في المال والبدن والولد يئس وتسخط القدر، وربما أدى به إلى الانتحار 13- المؤمن الذي يعمر الإيمان قلبه، يلجأ دائماً إلى الله تعالى في السراء والضراء، فهو يصبر على البلاء، ويرضى بالقضاء، ويشكر في الرخاء، ويسأله العون وتفريج الكروب فهو على كل شيء قدير. 14- أن الإيمان نصفه شكر على النعماء، ونصفه صبر على البأساء والضراء. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|