عواقب الحكم بغير ماانزل الله

[سنان الساهر]

عواقب الحكم بغير ماانزل الله :
بقلم : الشيــــخ ( عبد الحافظ عبد الرحمن )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على خير خلقه اجمعين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد فيقول الحق تبارك وتعالى( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) سورة النساء وقال سبحانه(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50))(سورة المائدة)وقال سبحانه(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (36)سورة الاحزاب) وقال جل وعلا : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (51)(سورة النور )
فمن المُسلمات لدى كل عبد يؤمن بالله واليوم الاخر ان فرضآ على الامة تطبيق شرع الله في جميع شؤونها وان تذر جميع ماعداه من دساتير ونظُم وضعية ولكن من المهم أيظآ ان يتعرف المسلم على العواقب الوخيمة والاحداث المهولة والعقوبات المُعجلة التي احاقت بالامة حين اعرضت عن تحكيم شرع الله وإحتكمت لما سواه والتي نلخُصها فيما يلي:
ضياع عزة الُمسلمين وهيبتهم وتسلط الاعداء عليهم: وفي هذا روى ابو داود ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال:(يوشك ان تتداعى عليكُم الامم كما تتداعى ألاكلة على قصعتها قيل يارسول الله أو من قلة نحن يومئذ ؟ قال بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قيل وما الوهن يارسول الله ؟ قال: حُب الدنيا وكراهية الموت) ومن اسباب تسلط الاعداء على رقاب الامة تعطيل فرض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما روى الترمذي ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر او لُيسلطن الله عليكم عدوكم فيأخذ بعض مافي ايديكم ثم تدعونه فلا يستجيب لكم) قال ابن القيم رحمه الله: (وقد اشار الى هذا سبحانه عند ذكر عقوبات الذنوب وانه اركس اصحابها بما كسبوا وغطى على قلوبهم فطبع عليها وانه نسيهم كما نسوه واهانهم كما اهانو دينه وضيعهم كما ضيعوا امره)( الداء والدواء/صفحة110) ومعلوم إن تعطيل فرض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو نتيجة حتميه لتعطيل الحكم بما انزل الله.
تسلط المنافقين والتافهين على رقاب الامة وتحكمهم في مصائرها: وفي هذا روى الامام احمد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قالسيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويخون فيها الامين ويؤتمن فيها الخائن وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة يارسول الله ؟ قال الرجل التافه يتكلم في امر العامة)، قال الدكتور عبد العزيز كامل:(وفي عصرنا وفي ظل غياب الشريعة عن الحكم خلا الجو لكل طاغية أفاك من اهل النفاق أن يركب شعبآ من الشعوب بعد الوثوب الى سدة الحكم عبر طرق ومسالك يعرف المنافقون وحدهم كيف يذللونها ويعبرون من فوقها الى القمة ) "جهاد المنافقين" ص4" ،وقال الدكتور عمر الاشقر رحمه الله: ( وإشتروا رجالآ من هذه الامة دفعوا بيهم الى سدة الحكم فكان هؤلاء هم الدعاة الذين حذرنا منهم رسول الله صل الله عليه وسلم حيث قال فيهم: ( دعاة على ابواب جهنم من اجابهم قذفوه فيها) وقال في وصفهم:( هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا) "الشريعة الالهية ص13"
التنازع والتفرق والاقتتال بين المسلمين أنفسهم: وفي هذا روى إبن ماجه وصححه الالباني أن رسوا الله صل الله عله وسلم قال :(خمسٌ إذا ابتليتم بهن واعوذ بالله ان تدركوهن: لم تظهر الفاحشة بقوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والامراض التي لم تكن في اسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين( أي المجاعات) ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعو القَطر من السماء ولو لا البهائم لم تمطروا ولم ينقضو عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوآ من غيرهم فأخذ بعض ما في ايديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم) قال ابن تيمية(إذا حكم الولاة بغير ماانزل الله وقع بأسهم بينهم فالله تعالى يقول في كتابه:(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)الحج.
وقد وعد الله نصر من نصره ونصره سبحانه هو نصرُ كتابه ورسوله ودينه لانصر من يحكم بغير ماانزل الله) قال ألاشقر رحمه الله: ( ومن نظر في حال المسلمين مستهديآ بما قرره شيخ الاسلام هنا علم إن ماأبتُلي به المسلمون اليوم من ضعف وذلة وإختلاف وهزائم فسببهُ البعدُ عن منهج الله وتحكيم غير شرع الله وإن اول خطوة على طريق النصر تكون بالعودة الى الله وتحكيم شرعة)"الشريعة الالهية"ص71"
تفشي الظلم وانتشار الفواحش والموبقات في عموم أقطار الامة كما هو مشاهد ولذلك سببان الاول: تعطيل فرض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ذكرنا اهميته في الدين / والثاني: تقليد المسلمين للامم الغربية في طبائعها وأخلاقها وفي هذا روى مسلم ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال:( لتتبعن سُنن من كان قبلكم شبرآ بشبر وذراعآ بذراع حتى لو دخلو جحر ضب لدخلتموه قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال فمن)وكلا السببين نتيجة مباشرة لتعطيل الحكم بما انزل الله.
ضياع الهيبة والتعظيم والتقديس لشرع الله في المجتمعات الاسلامية بسبب الدين وسب الله ورسوله والاستهزاء باحكام الشريعة يقع ذلك كله بحجة حق الفرد في ابداء الرأي وحُرية التعبير التي تبيحها القوانين الوضعية يقول الدكتور عبد الكريم زيدان رحمه الله :(ولا يجوز التردد في منع التحريف والتبديل بحجة ابداء الرأي وحرية التعبير لان الفرد اذا كان مسلمآ وأختار لنفسه الضلالة ولعقيدته الفساد فليس من حقه ان يضل الاخرين ويفسد عقائدهم)"اصول الدعوة"ص 196"، فتلك اخي المسلم بعض المصائب والبلايا التي تعيشها أمتنا اليوم بسبب تعطيل الحُكم بما انزل الله وقد قال (العباس رضي الله عنه) (اللهم انه لم تقع عقوبة الا بذنب ولن ترفع الا بتوبة) " نيل الاوطار4/32" فلن ترفع هذه المحن عن امتنا الابعودتها الى منهج الله وتحكيمها لشرع الله ::
نسأله تعالى ان يردنا الى دينه ردآ جميلا وان يحفظ امتنا من شر اعدائه واعداء الدين انه سميع مجيب.