|
๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-01-08, 01:02 AM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس السادس " توحيد العبادة " مفرغ
الحمد لله ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ، واشهد أن لا إله إلا اله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله ، - صلى الله عليه وسلم - وآله ، ورضي الله عن صحابته والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :
بعون الله وتوفيقه نستأنف هذا الدرس بعرض سؤالين كالمعتاد للأخوة المشاهدين ، ثم أسئلة للأخوة الطلبة الحاضرين . أولا سؤال الأخوة المشاهدين : ما يتعلق برؤية المؤمنين لربهم - عز وجل - يوم القيامة تنقسم إلى قسمين : منها ما هو قطعي ، ومنها مت هو مجمل فيه تفصيل ، أرجو التفريق بين النوعين . السؤال الثاني يتعلق بخوارق العادات : منها ما هو كرامات لأولياء الله عز وجل والمؤمنين والمسلمين ، ومن وفقه الله عز وجل ، أو أكرمه بشيء من ذلك ، ومنها مت هو من عبث الجن والشيطاين . الخوارق على نوعين : منها ما يقع كرامات ، ومنها ما هو من عبث الجن والشياطين ، فما هي أهم الفروق التي نميز فيها بين الكرامة ، وبين الخوارق الأخرى التي ليست كرامات . سؤال الأخوة الحاضرين : قلنا من القواعد القطعية في الدين الإيمان بكل ما صح به الدليل من الغيبات ، هناك غيبات في عالم الشهادة ، لكنها مع ذلك غائبة ، يعني في الحياة الدنيا ، وهناك غيبيات تكون بعد الموت أو يوم القيامة أضرب ثلاثة أمثلة لكل نوع . أجاب أحد الطلبة : المثال الأول : خلق السماوات ، خلق الأرض ، والعلم الإيمان بالغيب المشاهد ، خلق الكواكب . الشيخ : إذا كان الشيء مشاهد فليس بغيب ، هناك مخلوقات غيبية لا نشاهدها ، الكواكب والسماوات نراها . السماوات قد يكون منها ما هو غائب عنا ، نحن نرى السماء الدنيا ، نعم هذا مثال السماوات غير السماء الدنيا . أكمل الطالب : علم الغيب والأخبار التي وردت في مثل العرش ، والجنة النار . الشيخ : أحسنت ، العرش مخلوق وموجود ، وكذلك الجنة والنار مخلوقتان موجودتان . سؤال آخر : وهو ما يتعلق بالشفاعة ، نعلم أن المقصود بالشفاعة : هو أن الله عز وجل يكرم بعض عباده في أن يشفعوا عند الله - عز وجل - للآخرين ، فما أهم الشروط في المشفوع لهم ، وما هي أهم الشروط في الشافعين ؟ أجاب أحد الطلبة : الشرط الأول : إذن الله للشافع . الشرط الثاني : رضى الله للمشفوع له بالشفاعة ، أو رضي عنه . الشيخ : إذا قلنا أنه لا يمكن أن تكون الشفاعة إلا لمن رضي الله له الشفاعة . أجاب أحد الطلبة : الشفاعة تكون للمؤمن ويخرج منها الكافر . الشيخ : الدليل على خروج الكافر ؟ أجاب أحد الطلبة : قوله تعالى ﴿إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾(الانبياء: من الآية28). الشيخ : فيه نص صريح في هذا وهو ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ (المدثر:48) . على بركة الله سنبدأ الدرس الجديد : ( ثالثاً :التوحيد الإرادي، الطلبي ( توحيد الألوهية :(1) الله تعالى واحد أحد، لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته وأسمائه، وصفاته، وهو رب العالمين، المتسحق وحده لجميع أنواع العبادة .) أولا : ينبغي أن نعرف بالمقصود بالتوحيد الإرادي الطلبي ، توحيد الألوهية ، لأنن سبق وأن أخذنا قواعد متعلقة بالنوع الأول من أنواع التوحيد ، وهو يتعلق بالله - عز وجل - توحيد الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله . والنوع الثاني هو : توحيد العبادة وتوحيد العبادة سمي التوحيد الإرادي لأنه يكون بإرادة العباد من ناحية ، من ناحية أخرى أن الله أراده من العباد طلبه من العباد كذلك يسمى طلبي لأنه هو التوجه والطلب إلى الله -عز وجل - بالعبادات ، من قبل العباد ، ولأن الله - عز وجل - طالب العباد به . ويسمى توحيد الألوهية ، لأنه مبني على التعبد والتأله وهو المحبة والانجذاب إلى الله - عز وجل - ، والانطراح إليه سبحانه والخضوع له ، والتوجه إليه بأنواع العبادة القلبية واللسانية ، وعبادة الجوارح ، فمن هنا سمي توحيد الإلاهية ، أو الألوهية ، وليس بينهما فرق . إذن هذا النوع من التوحيد هو أفعال العباد التي يتوجهون بها إلى الله والتي تبدأ بتوجه القلوب على الله - عز وجل - بمحبة الله ورجاءه وخوفه ، وما ينتج عن ذلك من التقوى ومن سائر أنواع العبادات التي تبدأ بالدعاء وتنتهي بجميع أعمال وحركات الإنسان التعبدية . القاعدة الأولى في هذا الباب : هو أن الله عز وجل كما تقرر أصلا في العقول المستقيمة والفطر السليمة : أن الله واحد في ذاته وأسماءه وصفاته ، أحد متفرد سبحانه في كل شيء ، متفرد بالكمال والعظمة والجلال والجمال ، متفرد بجميع الأسماء والصفات التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد ، فهو واحد في ذاته ، وواحد بأسمائه سبحانه وواحد بأفعاله وواحد بصفاته لا يشركه أحد وعلى هذا فهو سبحانه وحده الرب الذي له الربوبية المطلقة فهو الفعال لما يريد ، كل شيء بيده سبحانه ، بيده ملكوت كل شيء ، بيده مقادير كل شيء سبحانه ، فهو الرب وحده وهو المستحق لكل معاني الربوبية ، ولا يستحق أحد معه أي معنى من هذه المعاني ، إذا كان كذلك وهذا ما نريد أن نصل إليه من خلال التفكير العقلي والمنطقي والفطري ، إذا كان كذلك فعلى هذا لا يمكن أن يستحق أحد العبادة سوى الله - عز وجل - لأنه هو الكامل وحده وهو الذي بيده مقاليد كل شيء ، ليس في أيد العباد أي شيء مما يستقلون به . فعلى هذا فهو كما أنه سبحانه لا شريك له في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي ذاته ، وكذلك لا شريك له في ربوبيته ، فهو الرب المتصرف المالك ، وعلى هذا فهو أيضا يستحق وحده العبادة ، جميع أنواع العبادة ، فهو رب العالمين ، وهو معبودهم كذلك ، فعلى هذا فلا يستحق العبادة إلا الله وحده . ثم ننتقل بعد ذلك القاعدة الثانية ((2) صرف شيء من أنواع العبادة، كالدعاء والاستغاثة، والاستعانة، والنذر، والذبح، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحب، ونحوها لغير الله تعالى شرك، أياً كان المقصود بذلك، ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلاً، أو عبداً صالحاً، أو غيرهم.)) إذا كان الأمر كذلك ، إذا قلنا أن الله - عز وجل - هو واحد أحد في أسمائه وصفاته وأفعاله ، وهو المستحق وحده للعبادة ، فلا يعبد إلا الله ، ثم لا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله . وأنواع العبادة كثيرة لكن أبرزها الدعاء ، ثم الصلاة والسجود وغير ذلك من الأنواع الظاهرة البينة ن لأن العبادة أول ما تنشأ من القلب ، لكن العبادة القلبين خفية ، لا نعلم ما بين العبد وبين ربه عز وجل ، فيبقى مظاهر العبادة الظاهرة التي تبدو على الأركان ، على أفعال الإنسان في سجوده وركوعه وتوجهه وقبلته وغير ذلك من حركاته التعبدية ، أو على أقواله ، مثل الدعاء والاستعانه والاستغاثه ، أو على أفعال أخرى قد لا تدخل ، وقد تدخل في هذا وذاك . فالذبح مثلا أمر مزدوج يدخل فيه الفعل والقول أحيانا عند التسمية ، فقد يذبح لله ولكنه ينطق بالتسمية لغير الله فانصرفت العبادة اللسانية لغير الله ولا شك أن هذا ناتجا عن العبادة القلبية . إذن التوجه إلى غير الله - عز وجل - بأي نوع من أنواع العبادة شرك ، وهو أبرز أنواع الشرك التي لا يمكن أن تخفى على عاقل لأنها من الأمور البينة التي يمارسها العباد بأفرادهم ن ليست من الأمور الخفية . أنواع العبادة بأشكالها قد يكون منها ما هو خفي لأنه قد يختلط فيه الأمر الغريزي بالتعبدي ، وهذا ما سأشير إليه ، ولك أكثرها واضح . الصلاة ، الركوع السجود وهو جزء من الصلاة أو أحيانا بعض الناس قد يفرد سجودا لغير الله ولو لم يكن صلاة كاملة ، أو يفرد ركوعا لغير الله ، أو يتجه لغير القبلة أو يطوف بغير الكعبة ن هذه عبادات محضة ، كلما صرفت لغير الله فهي شرك محض ، هذا بالنسبة للفعل . أما الفاعل فإنه يحتاج إلى أن يجري عليه شروط التكفير وموانع التكفير ، سواء حكمنا بشركه أو ببدعته أو نحو ذلك . إذن أبرز أنواع العبادة : الدعاء والصلاة والسجود ، ثم يدخل في ذلك أنواع فيها نوع من الغموض عند بعض الناس . مثلا : الاستغاثة ، الاستعانة ، الذبح ، التوكل ، الخوف ، الرجاء ، الحب . هذه المعاني يوجد منها ما هو طبيعي غريزي فيما بين الخلق في تعاملاتهم ، هذا ليس هو الممنوع ، وأمور تنبني على التقديس وهذا هو العبادة . بمعنى أنا نقول : الاستعانة بالمخلوقين فيما يقدرون عليه أمر مشروع ، تقول لأخيك ناولني القلم ، هذا نوع من الاستعانة ، هذا أمر مشروع قطعا وهذا من الحلال القطعي الذي لا يماري فيه إلا جاهل . لكن إذا استعنت بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله : كأن تأتي إلى ميت وتقول : أعني على كذا . الميت لا ينفعك ، أو تأتي إلى إنسان حي تريد منه أن (كلمة غير مفهومة) التي لا يقدر عليها غير الله ، تريد منه أن ينزل لك المطر ، فمن هنا استعنت به فيما لا يقدر عليه غير الله ، فمن هنا وقع الشرك . كذلك الاستغاثة والنذر ، لكن النذر غالبا لا يكون إلا تعبدي ، ومع ذلك بعض الناس يخلط بين النذر والقسم ، وبين النذر وبين الحقوق التي يلتزم بها للعباد . فالنذر بمعناه المصطلح العم عند الناس غالبا يكون تعبدي ، فعلى هذا لا يجوز النذر لغير الله . لكن الذبح : الذبح له صور ،أبرزها صورتان : الصورة الأولى : مجرد الذبح مع التسمية لله عز وجل لأكل اللحم أو لإكرام الضيف لغير قصد التعبد أو النحر لله عبادة خالصة فهذا مشروع ولا يدخل ذلك في مسألة الذبح الشركي بل هو الذبح الحلال أن تأتي بذبيحة تذبحها بسم الله من أجل أكل لحمها أو توزيعه أو إكرام ضيفك ، فهذا من الأمور بالمباحة . لكن الذي يدخل في الشرك هو : الذبح تعبدا لغير الله تقديسا لغير الله ، فإذا ذبح الإنسان تعبدا لغير الله فمن هنا يقع الشرك ، حتى لو سمى الله ، أو لم يسمي . ونظرا إلى أن كثيرا من المسلمين بحمد الله في عافيه من هذه الأمور ولا يتصورونها ، ولذلك يكثر السؤال عن مثل هذه الأمور : كيف يكون الذبح لغير الله ؟ أنا ذبحت عند الجزار أو في المجزر أو في البيت ، ذبحت وأحيانا أنسى اسمي الله ، أو اسمي الله ولكن قصدي مثلا إكرام هذا الضيف ، فهل يكون هذا من باب الشرك ، نقول : لا ، هذا مشروع . والذبح إكراما للضيف هو سنة نبينا إبراهيم عليه السلام وهو سنة نبينا صلي اله عليه وسلم وسنة السلف الصالح ومن العوائد الكريمة عند الأمم . فإن المقصود بالذبح الشركي وهو التقرب والتقديس ذبح العبادة القربة التعبدية لغير الله في الذبح ، كذلك التوكل هو مثل الاستعانة ومثل الاستغاثة التوكل يعني بمعني أن تعتمد على العباد فيما يقدرون عليه هذا أمر جائز لكن الأولي ألا يسمي توكل لأن التوكل كمال الاعتماد ولذلك الصحيح شرعا إن التوكل لا يكون إلا على الله عز وجل وأن الاستعانة والاستغاثة صور من صور التوكل لكنها تختلف من أنها في أنها تتعلق بالطلب من العباد أما التوكل فهو تعني الاعتماد الكلي والاعتماد الكلي لا يكون إلا على الله عز وجل الاعتماد المطلق فمن هنا التوكل قصد به معناه اللغوي فلا يجوز إلا على الله عز وجل وإن قصد به الاستعانة والاستغاثة فمنه ما هو ممنوع وما هو مشروع نحو ما فصلت قبل قليل وكذلك الخوف والرجاء والحب هذه معاني قلبية وعاطفية توجد عند الناس فمنها ما هو مشروع لا علاقة له بالتعبد وهو من غير العباد في علاقاتهم وهو كأن ترجوا من إنسان أن ينفعك رجاء فيما يقدر عليه هو أو تخاف من إنسان مثلا يمكن يهددك فيما يقدر عليه هو أو تخاف من حيوان أو من يعني بعض مظاهر الكون خوف غريزي طبيعي يعني فيما يحدث من هذه الأمور التي تخاف منها طبعا فهذا لا يعني لا عيب فيهوهو مشروع إذا لم يتعدى الحد المعقول ، لكن الممنوع والذي يدخل في الشرك هو حب التقديس إذا أحببت أحدا من الخلق يعني نبيا أو وليا أو صالحا أو مخلوقا أخر أو حتى جماد من الجمادات أو غيره إذا وصلت درجة المحبة للتقديس والتعظيم الذي لا يجوز إلا لله فهذا شرك وكذلك الخوف من إنسان لا يقدر على أن يخافك كأن تخاف من الميت أو ترجوه وكذلك الرجاء أو كذلك أن تخاف من مخلوق بأن يضرك في ما لا يقدر عليه أصلا في أمر لا يقدر عليه إلا الله تخاف من المخلوق في أمر لا يقدر عليه إلا الله أو كذلك يعني الخوف الذي يصل إلي حد اعتقادا أن مثلا الغائب ممكن أن يضرك في أمر الأصل والعادة أنه لا يضرك فيه إذا وصل الخوف إلي هذه الدرجة فقد يكون شرك أو كبيرة بحسب درجاتك ما سيأتي بمسألة التوكل والوسيلة أو التوسل ، ستأتي صور من هذه الأنواع عند الموضوع التالي إن شاء الله ، إذن الخوف والرجاء والحب إذا وصل لحد التقديس أو إسناد شيء للمخلوقات مما لا يقدر عليه إلا الله فهو شرك أما إذا كان دون ذلك فهو غريزي قد يكون فيه إثم أحيانا إذا زاد عن الحد المعقول ولم يصل لحد التقديس وقد يكون مشروع وهو الغالب ، المحبة الطبيعية مشروعة الرجاء الطبيعي الخوف الطبيعي كله مشروع وقال أيا كان المقصود بذلك يعني كل هذه الأمور إذا صرفت لغير الله في ما لا يقدر عليه إلا الله أو في ما لا يجوز إلا لله فهي شرك سواء كان من صرف في هذه الأمر ملكا مقربا يعني من الملائكة أو نبيا من الأنبياء مرسلين أو من العبا الصالحين أو غيرهم بمعني إنه حتى ولو كان أكرم الخلق ما دام مخلوق فلا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة له وإن كان أفضل العالمين وهو نبينا صلي الله عليه وسلم فهو أفضل الخلق على الإطلاق ومع ذلك لا يجوز بل من إهانة النبي صلي الله عليه وسلم أن يصرف الإنسان له شيئا من العبادة لغير الله كما قال لأحد الذين توهم منهم أو علقوا به شيئا لا يجوز لله قال جعلتني لله ندا ثم نعم القاعدة الثالثة تفضل : (3- من أصول العبادة، أن الله تعالى يُعبد بالحب والخوف والرجاء جميعاً، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال، قال بعض العلماء : (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده في حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجيء).) نعم العبادة عبادة الله عز وجل عند كل إنسان كل عابد لله عز وجل لابد أن تقوم العبادة في قلبه على ثلاثة أسس على ثلاثة أركان لابد أن تكون هذه الأركان موجودة جميعا في قلب العبد وفي أثار الأعمال القلبية على جوارحه أثار أعماله القلبية على جوارحه على لسانه وأعماله هذه الأركان الثلاثة أولها المحبة فمعني المحبة محبة التعظيم والتقديس لله عز وجل فالواجب على العباد أن يحبوا الله سبحانه الواجب على المسلم أن يمتلئ قلبه بمحبة الله تعظيما وإجلالا وتقديسا وتأليها إنجذابا إلي الله عز وجل وأن يكون الله عز وجل أحب إليه من كل شيء محبة التقديس والتعظيم والكمال ثم لابد بعد ذلك من الركنين الأساسين بعد ذلك وهما الرجاء من جانب والخوف من جانب لا يفترقان بل لابد أن يتعلقان يتعلق كل منهما بالمحبة ولذلك شبه بعض أهل العلم العبادة بجسم الطير فالمحبة هي جسمه والرجاء جناحه الأيمن والخوف جناحه الأيسر لا يمكن أن يطير الطير إلا بهذه الكيانات الثلاثة في جسمه وجناحيه فعلى هذا فإنه مع المحبة محبة الله عز وجل وإجلاله وتعظيمه لابد أن يتعلق قلب المسلم برجاء الله أن يكون راجيا لله عز وجل () اليأس والرجاء لابد أن تقترن بالأسباب كما سيأتي كذلك الخوف أيضا لابد أن يكون الإنسان خائفا من الله فيجمع بين المحبة والرجاء والخوف ويوازن بينها فلا يطغي جانب على جانب وعلى هذا فإن من لوازم المحبة والرجاء والخوف العمل بشرع الله عز وجل لأن مسألة المحبة إذا لا ينبثق عنها رجاء وخوف ثم عمل تصبح مجرد دعوة ، قال عز وجل ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [ آل عمران: من الآية31] . فلابد من الاتباع ، والاتباع يجمع بين الوعد والوعيد والخوف والرجاء والعمل بأحكام فعلى هذا فإن المسلم لابد أن يجمع بين هذه الأصول الثلاثة : أن يكون محبا لله ، ثم راجياً لثواب الله ويعمل بالأسباب ، وخائفاً من عقاب الله ، ويدرأ هذا العقاب باجتناب النواهي فيعمل بالأوامر رجاء فضل الله وينتهي عن النواهي خوفاً من الله . ومع ذلك كله لابد أن يحب الله وأن يعظم الله في المحبة وأن يحب ما يحبه الله و يحب من يحبهم الله هذه الأمور إذا ضعف فيها جانب اختل الإيمان . إذن فقد جانب يعني قد يفقد الإيمان كله يعني بمعني النقص في هذه الأصول الثلاثة أو في أحدها نقص في الإيمان مع إنها يلزم من بعضها يعني يلزم من وجود بعضها البعض الأخر . بمعني إن من اكتملت محبته لله اكتمل رجاءه وخوفه والعكس كذلك بل لذلك فإن من نقص عنده أصل من هذا لأصول نقص إيمانه . ومن اختل عنده أصل من هذه الأصول اختل إيمانه وقد يفقد الإيمان بالكلية كما سيأتي لذلك قال ، قال بعض العلماء من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق. ومعني ذلك أنه يوجد من المتفلسفة وبعض المتعبدة الجهال وعليه كثير من عباد الأمم وتبعهم بعض العباد الذين ينتسبون للإسلام من زعموا أنه يكفيهم التعلق القلبي بالله محبة الله وتعلق القلب به . وأن الإنسان إذا وصل إلي هذه الدرجة يستغني عن العمل بالشرع ولا يعول على الرجاء ولا على الخوف ويزعم أنه بالمحبة حقق كمال العبادة و كمال المطلوب . وهذا خلاف قطعيات النصوص الله عز وجل طلب من عباده أن يرجوه وأن يخافوه ، والدليل على ذلك هو أصل الدين والعبادة . وأيضا يتركز على هذه النزعة الاستهانة بشرع الله الذين زعموا أنهم يعبدون الله بالمحبة فقط وتعلق القلوب بالله ويعني بالتقديس فحسب سواء كان عن طريق التفكر أو عن طريق الرياضة القلبية أو الرياضة العقلية أو تحت أي شعار من الشعارات اللي عليها عباد الأمم وكثير من الفلاسفة فإن ذلك كله ظلام مهما كانت يعني ما شارك القوم (كلمة غير مفهومة) لأنه لا يمكن أن تكتمل المحبة إلا بتعلق القلب برجاء الله والعمل بأسباب الرجاء وتعلق القلب بالخوف من الله والعمل بأسباب ذلك . فعلى هذا فإن من عبد الله بالحب وحده تزندق بمعني وقعت الاستهتار في الدين يعني ما أظن أقرب عبارة في عصرنا لمفهوم التزندق الاستهتار لا يبالي لا يعمل بيعني الأوامر ولا ينتهي عن النواهي ويزعم أنه وصل إلي درجة فوق مستوى أن يلتزم الشرع ، كذلك من عبد الله ، ولذلك لا أنسى أقول إن هناك مقولة خطيرة قال بها بعض العباد ومن خلالها إنغرست هذه المناهج الباطلة عند بعض الطرق الصوفية عند بعض الطرق وهي قول القائل لا أعبدك رجاء جنتك ولا خوفا من نارك ما هو صحيح بل نعبد الله رجاء نعم لا شك أن نعبد الله محبة له سبحانه لكن نجمع مع ذلك الرجاء رجاء الثواب والنعيم وعلى رأس الثواب الجنة نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهله وأيضا يلزم من محبتنا لله عز وجل الخوف من ناره ومن عقابه نسأل الله أن يعيذنا من النار فعلى هذا لابد من المسلم أن يجمع بين هذه الأصول قال ثم ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري يعني من عبده بمجرد الخوف لا يبالي بالحب ولا الرجاء وصل عنده الأمر إلي اليأس من رجمة الله وهذا منهج غلاة العباد الذين منهم الحرورية الحروري نسبة إلي حروراء التي لجأ إليها الخوارج بعد ما فصل على بن أبي طالب جماعة المسلمين لجأو إلي حروراء ومما تميز به الخوارج الشدة في العبادة التشديد على النفس بالعبادة لأنه غلبوا جانب اليأس غلبوا جانب الوعيد ولم يبالوا بالوعد ولذلك غلب عليهم الشدة في العبادة والتنطع والغلو . ولذلك النبي صلي الله عليه وسلم وصفهم ب- (أنكم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم) لماذا ؟ لأنهم يبالغون في الصلاة وفي الصيام إلي أن زادوا عن الحد المشروع فمن هنا انغرست في قلوبهم نزعة اليأس ولم يعولوا على الوعد فمن هنا أوصف بمن يعمل ذلك بأنه حروري وإلا فالذين يسلكون هذا المسلك أوسع من مجرد الحروري هم طوائف عدة من الفلاسفة ومن العباد الأوائل الجهلة ، ومن بعض شيوخ الطرق وأتباعها إلي أخره بعض فهؤلاء منهم من يعني بل ينتسبون لجميع فرق المسلمين أحيانا يوجد من جهلة المسلمين حتى ممن ينتسب للسنة من قد يغلوا ويشتد على نفسه وعلى الآخرين فيغلب جانب الخوف على جانب الرجاء ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ يعني بمعني من قال الله عز وجل غفور رحيم سيغفر لنا جميع الذنوب فلذلك يعني لا ينبغي لنا أن نقيد أنفسنا بسلوك نعمل ما نشاء يترك الفرائض ويعمل المحرمات ويقول الله غفور رحيم هذا مرجئ . |
11-01-08, 01:04 AM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
ما معني مرجئ؟ معمي أنه مال إلي مذهب غلاة المرجئة لأن المرجئة على صنفين الصنف الأول غلاة الجهمية الذين لا يبالون بالشرائع ولا يبالون بالدين فهؤلاء يقولون يعني يكفي معرفة الله .
وإذا عرفت الله فأنت فزت الفوز الكامل وكان إيمانك كامل ومن هنا عولوا على هذا المبدأ وقالوا لا قيمة للأعمال وهم على هذا يعني لهم فلسفات كثيرة في الأعمال لعل من أشهرها لأن بعض الناس قد يقول هل يعقل المسلم ينتسب للإسلام أن يقول هذا ؟ نعم ممكن أن نسأل الله العافية يزيد في هذا ويتزندق لكن أقول أنه لهم فلسفة في هذا أغواهم الشيطان بها وزعموا أن الشرائع إنما وضعت للأناس الذين لا يتقيدون بمعني الإيمان المعرفي ما عندهم نزعة فلسفية نزعة عقلية وهم بسطاء الناس هؤلاء هم الذين يعملون بالشرع أما هذه الفئة الضالة أعني الذين قصدوا أنهم من الفئة التي فوق مستوى الشرع فيزعمون أنهم لا يحتاجون إلي ذلك كله ويكفيهم معرفة الله فلا يعني يعولون على يعني الخوف والمحبة ويكتفون بالرجاء ومنهم المرجئة ، المرجئة الفقهاء كذلك عندهم نوع يعني انحراف عن السبيل خاصة المتأخرة من المرجئة ، المرجئة الأوائل قد يكون عندهم تعظيم للأعمال وعندهم التزام لسنن الإسلام لكن متأخرة المرجئة يغلبون جانب الإرجاء يعني يستهينون بالكبائر يستهينون بالمعاصي بل أحيانا يستهينون بالشركيات الكفريات زعما منهم أن الناس تحت رجاء الله فلا يوردون بل لا يعولون كثيرا على نصوص الوعيد وإن عملوا بها يرجحون جانب الرجاء فيقعون في الخلل الذي يجعل المعاصي تكثر عندهم والفسوق والفجور والبدع ، نعم نقرأ القاعدة الرابعة : ((4) التسليم والرضا والطاعة المطلقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالله تعالى حكماً من الإيمان به رباً وإلهاً، فلا شريك له في حكمه، وأمره، وتشريع ما لم يأذن به الله، والتحاكم إلى الطاغوت، واتباع غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وتبديل شيء منها كفر، ومن زعم أن أحداً يسعه الخروج عنها فقد كفر .) أحسنت نعم هذه أيضا قاعدة عظيمة وهي قاعدة تنبني على الأعمال القلبية أولا ثم ثمار الأعمال القلبية التي هي جزء من الإيمان ، من العبودية لله عز وجل بعد ما نتكلم عن توحيد العبادة توحيد الله الإلهية فإن الأساس الأول للعبودية يبدأ من القلب من الضمير من هذه المضغة التي وصفها النبي صلي الله عليه وسلم بأنها في الجسد ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب ، القلب لابد أن يسلم لله عز وجل ويرضى التسليم بمعني الازعان الاستعداد لقبول ما جاء عن الله تعالي وعن رسوله صلي الله عليه وسلم بمعني إن الإنسان يعني يمتلئ قلبه بالتعلق بمراد الله ماذا يريد الله منه وأن يكون قصده بذلك الاستجابة لأمر الله فإن كان أمرا أخذ به وإن كان نهيا انتهي عنه هذا التسليم يبدأ بالقلب فإذن العبودية تنبني على التسليم أولا ثم الرضا ما معني الرضا ؟ لأن ما بعد التسليم لابد أن يعني يلتزم الإنسان الشرع والالتزام أحيانا قد يثقل على النفس إذا سيطر عليها الهوى أو الشبهات أو الشهوات أو الجواذب والموانع والقواطع التي تصرف الإنسان أحيانا عن العمل الحقي والقول به وفعله فهذه الفوارس تجعله أحيانا يعني يكون عنده نوع من الاستثقال بالدين أو لبعض مفردات الدين وهذا ينافي العبودية بل مقتضى العبودية أو يخل بالعبودية بل مقتضى العبودية بعد التسليم الرضا بمعني الاستعداد والإذعان والطمأنينة طمأنينة القلب بحيث الإنسان لا يتذمر لا يستثقل أوامر الشرع يرضى يسلم بالشرع والقدر ثم يلزم من ذلك الطاعة المطلقة لله عز وجل الطاعة المطلقة في معني الاستعداد للعمل أما (كلمة غير مفهومة) فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها بحسب الاستطاعة أو الناس يظنون معني الطاعة المطلقة أن تطبق كل ما تأمر به نعم فيه من الفرائض والدين وواجبات ما يستطيع يطبقه عملي وفيها ما هو مبني على الاستطاعة ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَ﴾[البقرة: من الآية286] . إذن الطاعة المطلقة طاعة الانقياد وطاعة الاستعداد ثم بعد ذلك العمل بالمستطاع والطاعة المطلقة تكون لله عز وجل وتكون لرسول الله صلي الله عليه وسلم لأن طاعة الرسول صلي الله عليه وسلم من طاعة الله ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾[الحشر: من الآية] أمر الله بأن نطيع رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم يلزم بذلك كله الاعتقاد والجزم بأن الله عز وجل هو الحكم ، الحكم بمعني أن ترضي بحكمه وقضائه وشرعه كما رضيت به ربا وكما ادعيت أنه إله أو سلمت بأنه إله يعني بمعني إن مقتضى الربوبية والألوهية مقتضى إيمانك بأن الله ربا وأنه أله معبود مقتضى ذلك أن ترضى بحكم الله في كل شيء في الشرع والقدر وحكم الله أحيانا يخصك وأحيانا فيما بينك وبين العباد أحكامك بينك وبين العباد كثير منها لا يقضى إلا بالأسس الشرعية ، أسس التعامل مع الخلق . فإذن يجب أن تستعد للرضى لحكم الله عليك ، أي حكم شرع الله ، وحكم قدر الله . ثم يتبع ذلك أنه عز وجل لا شريك له في حكمه ، والحكم قدري وشرعي ، وأمره كذلك أمره القدري وأمره الشرعي . وتشريع ما لم يأذن به الله ، يعني إذا قلنا : أن الله عز وجل هو وحده الحكم ، وهو الحاكم وهو سبحانه الذي إليه التحاكم ، وهو سبحانه المشرع ، إذن تشريع أي شرع لم يأذن به الله ، لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، أو التحاكم إلى غير الله ، إلى غير دين الله ، أو اتباع أي شرع غير شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك كفر ، تشريع ما لم يشرعه الله ، والتحاكم إلى غير دين الله ، والتحاكم إلى الطاغوت ، أو اتباع غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى في أمر جزئي ، كما يقول بعض المسلمين : لماذا لا نأخذ بعض أحكامنا من الديانات الأخرى ؟ كيف نأخذ والله عز وجل أكمل لنا الدين ؟! ونسخ الديانات السابقة . نعم قد يكون عند كثير من الديانات شيء من الحق ، ولكنه عندنا وزيادة ، يعني لا يمكن أن يصير (كلمة غير مفهومة) اليوم دين من الديانات شيء من الحق لا يوجد في الإسلام ، هذه قاعدة حتمية قطعية ، لا يمكن أن ينفرد دين ولا مبدأ في العالم اليوم ، سواء دين من الأديان المنزلة التي حرفت أو الأديان التي وضعها البشر أو النظم ، لا يمكن أن ينفرد دين أو مبدأ بحق أو بشرع صالح للناس يستقل به عن الإسلام ، فلابد أن يتضمن الإسلام كل ما لابد أن يخطر على بال بشر ، من معالم الحق جملة وتفصيلا ، لا يمكن أن ينفرد مبدأ بالحق من دون الإسلام ، إن وجد عند كثير من البعض من الأمور الجميلة ، في تشريعاتها في نظمها ، هذا أمر قد يعترف لهم فيه ، لكن لابد أن يوجد في الإسلام ما هو أكمل منه ، إنما التقصير يكون من المسلمين أنفسهم في كثير من الأحوال . كذلك التبديل : هو أن يوضع نظام وضعي بدل نظام شرعي ، سواء كان هذا التبديل في الأحكام الجزئية أو الكلية فإنه الأصل فيه أن يكون كفر ، لكن قد يكون كفر مخرج أو غير مخرج بسحب أنواعه ، ومن زعم أن أحدا يسعه الخروج منها ، أي : عن الشريعة فقد كفر . المقصود : أن من أدعى أو توهم أو ظن أو اعتقد أنه بإمكانه أن يستغني عن شيء من شرع الله فهذا يكون حكمه حكم السابقين في الصور الماضية ثم اقرءوا القاعدة الخامسة . (5- الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر، وقد يكون كفراً دون كفر . فالأول : التزام شرع غير شرع الله، أو تجويز الحكم به . والثاني : العدول عن شرع الله، في واقعة معينة لهوى مع الالتزام بشرع الله) نعن هذه من القضايا التي تحتاج إلى مزيد من التقعيد ؛ لأن الكثير من صورها من النوازل والمستجدات ، يعني في عهد القرون الثلاثة الفاضلة وإلى تقريبا قبل قرنين ، قبل مائتين سنة ، والمسلمون لا يعرفون النظم الشاملة التي يحكم بها بغير الإسلام ، ما عدا ما حدث من التتار وهو أمر جزئي في ظروف لم يستقر فيها نظام غير نظام الإسلام ، إنما جاء في وقت هيمنت التتار ولم تعد تدم أو تطول ، ما عدا ذلك لا يعرف المسلمون التبديل الشامل ، النظم التي توضع بدلا من شرع الله ، هذا لم يعرف إلا في العصر الحديث ، لذلك هذه من الأمور التي تحتاج إلى التقعيد . لكنني أذكر الصور الأساسية : أولاً : الحكم بغير ما أنزل الله ، الأصل فيه أنه كفر ، لكن مع ذلك قد يكون كفر مخرج ، وقد يكون كفر غير مخرج من الملة ، ويدخل فيه الفسق ، والظلم ، كما ورد في سياق الآيات . ثانيا: الحكم على المعين إذا فعل ذلك يختلف عن الحكم العام ، يعني إذا الحاكم إذا حكم بغير ما أنزل الله ، فلابد أن ننظر في الحكم عليه باعتبارات كثيرة ، أولها : أن الذين يحكمون هم العلماء الراسخون ، والأمر الثاني : أنه لابد من التثبت من حاله ، والأمر الثالث : لابد من تطبيق شروط التكفير وانتفاء الموانع ، وإن كان الحال كفر ، وهذا ينطبق على كثير مما يحدث من صور في العالم الإسلامي ، فلذلك لا يجوز الاستعجال في تكفير دولة ، أو مؤسسة أو نظام ، أو حزب أو جماعة أو هيئة أو شخص ، لا يجوز التسرع بتكفيره ما لم تطبق عليه الشروط ، ويجب أن نفرق بين الحكم على المعينين ، والحكم العام الشرعي . الحكم العام الشرعي واضح ، لكن تطبيقاته التي وقع فيها الآن كثير من الخلل والخطأ والخوف ، والافتئات على العلماء والتسرع ، ترتب على هذا أحكام حادة في التعامل مع الآخرين . الأمر الثاني فيما يتعلق بصنفي الكفر : الكفر الأكبر وهو : التزام شرع غير شرع الله بمعنى أن الإنسان المسلم أو حتى غير المسلم يأخذ بالشرع قصداً أن يبعد شرع الله وأن يبدله ، أو يجوز الحكم بغير شرع الله ، هذا كفر . الثاني : أن يعدل عن الشرع بسبب هوى ، أو جهل ، أو إكراه ، أو بسبب التباس . فالعدول عن شرع الله - عز وجل - لهذه الأسباب أو في واقعة معينة ، إنسان مثلا رد حكم قضائي ، أو رد مسألة حكم بها عالم ، وردها بهوى ، فهذه الجزيئات ، وإن كانت أحياناً تسمى حكم بغير ما أنزل الله ، فلا يلزم تكفير صاحبها لأنه لا يمكن أن يكون ذلك من الظلم أو الفسق أو الفجور أو الضلال . ((6) تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، وفصل السياسة أو غيرها عن الدين باطل، بل كل ما خالف الشريعة من حقيقة أو سياسة أو غيرها، فهو إما كفر، وإما ضلال بحسب درجته .) هذه أيضاً من الأمور التي قد لا تتعلق بكثير من المسلمين اليوم ولله الحمد ، لكنها موجودة عند طائفة من الفلاسفة والمفكرين وغلاة العباد الذين انبنت عقائدهم على ما ذكرناه من قبل ، إما على عبادة الله بالمحبة فقط ، أو بالرجاء فقط ، أو نحو ذلك . هؤلاء زعموا أن الدين ينقسم على قسمين : إلى حقيقة وهي : هذا التعامل الفردي مع الله عز وجل ، الذي يسع كل إنسان عند مواهب بزعمهم ، أن يعبد الله كما يشاء ، هذه الحقيقة هي الصلة بالله على ما يتذوقه هذا الفرد ، يقولون : هذه حقيقة لا يدركها إلا النادر من الناس ، وعليها بعض العباد وبعض الفلاسفة ، وهي تختلف عن الشريعة التي جاء بها الأنبياء عموماً ، والتي جاء بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويزعمون أن الشريعة جاءت لعوام الناس أما الخواص ، وهم يسمون أنفسهم الخواص هؤلاء الطائفة من الزنادقة فعبدوا الله على طريقتهم الخاصة ، وظنوا أن هذه هي حقيقة الدين ، وأن المراد بالدين هو الوصول إلى هذا الحقيقة ، بل يزعمون أنهم قد وصلوا إليها وأنهم ليسوا في حاجة إلى الشرع . طبعاً هذا من عبس الشيكان بهم ، وإلا فالدين جاء يحكم الخلق جميعاً ، والدين أنزله الله - عز وجل - على من اصطفاهم ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾[الحج: من الآية75].الذين اصطفاهم الله - عز وجل- هم الذين نزل عليهم الدين . لكن هؤلاء أصلاً نزعوا لهذه النزعة ، الذين يزعمون أنهم وصلوا على الحقيقة بالاستغناء عن الشرع ، هؤلاء أصلاً ما دخلوا الديانات السماوية ، هم من خصوم الأنبياء ، هم من المستكبرين على النبوات والشرائع ، واستمر هذا المنهج والمسلك عند كثير من الفلاسفة والعباد والمفكرين إلى اليوم ، يزعمون أن الشرع جاء للبسطاء والعوام ، ولذلك يتسمون الدين دين العوام ، ويسمون الأنبياء رعاة العوام ، وهذا ضلال مبين ، يعني تمقتهم العق السليم والفطرة فضلا عن أنه يضاض قطعيات النصوص . إذن تقسيم الدين على هذا الأساس ، هذا ضلال مبين ، تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها ناس يسمونهم الخاصة ، وشريعة تلزم العوام دون الخاصة هذا ضلال وفسق . كذلك فصل السياسة ، أو فصل الحياة ، أو فصل الاقتصاد ، أو فصل أي جانب من جوانب الحياة عن الدين هذا من أبطل الباطل ، بل هو جور وعدول عن شرع الله ، ومن زعم أن الدين لا يواكب الحياة فهذا مبطل ، إنما قد يعجز المسلمون عن العمل بتطبيق شرع الله ، ولو عملوا لوجدوا أن الدين لا يمكن أن يفصل هذا الأمور بعضها عن بعض ، بل ما خالف الشريعة من حقيقة وسياسة وغيرها فهو غما كفر وإما ضلال بحسب درجته . (7- لا يعلم الغيب إلا الله وحده واعتقاد أن أحداً غير الله يعلم الغيب كفر، مع الإيمان بأن الله يطلع بعض رسله على شيء من الغيب .) الغيب ، المقصود به : المغيب عن المخاطبين ، والمخاطبون أصناف ، منهم الملائكة ، فهؤلاء أطلعهم الله على غيب ، غيبه عن الجن والإنس لكن هناك شيء من الغيب لم يطلع عليه حتى الملائكة ، فهذا لا يمكن أن يدعى أن الملائكة تتطلع عليه ، ومن ادعى فقد وقع في الإخلال بهذه القاعدة ، وقع في الكفر . الأمر الثاني : الجن والشياطين ، نظرا لأنهم خلق آخر ، قد يطلعون من الأمور المغيبة الإنس ، ما لم يعلمه الإنس فهذا ليس غيبا في حقهم ، ولكنه غائب عن الإنس ، فلذلك قد يرد إلى الإنس من خلال منافذ ، إما كرامات ، وإما مخارق ، وإما سحر ، وإما كهانة ، فهذا لم يعد من الغيب البحت . فهذا المغيب عن الجن قد يغيب عن الإنس , أيضاً المغيب عن الإنس قد يغيب عن بعضهم شيء وقد لا يغيب عن آخر ، فلا يخل في الغيب . فمثلاً الذي اكتشف بالعلم الحديث أو غيره أموراً غائبة عن الآخرين ، هذا ما علمه صار من عالم الشهادة ، ولو كان غائب عني ، ولا يدخل في عالم الغيب الذي اختصه الله لنفسه . إذن الغيب الذي اختصه الله لنفسه هو : ما هو غائب عن الخلق أو عن بعض الخلق ، فما غيبه الله عم الخلق أو عن بعض الخلق فهو بالنسبة لهم غيب ولا يجوز أن ندعيه لأحد . وعلى هذا من ادعى أنه يعلم الغيب أحداً غير الله فقد ضل ضلالاً مبينا ، مع الاعتقاد أن الله - عز وجل - قد يطلع بعض عباده على شيء من الغيب فلم يعد غيب بالنسبة لهم . ما أطلع عليه الملائكة فهو لم يعد غيب بالنسبة لهم ، ما أطلع الله عليه بعض الرسل لم يعد غيب بالنسبة لهم ، ولذلك اطلع الله - عز وجل - نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمور كثيرة من الغيب هي لا تزال غيب في حقنا ، لكنها ليست غيب في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا ادعيناها للرسول - صلى الله عليه وسلم - بنص ، فلم يعد هذا من الأمور المنكرة . فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أطلعه الله مثلاً : على المنافقين الخلص وهذا غيب بالنسبة لنا لكن الله أطلعه عليه فلم يعد من الغيب المغيب عنا . فهكذا إذا الغيب هو ما ثبت أنه مغيب عن الخلق أو بعض الخلق ، فهذا لا يجوز أن ندعيه لأحد ، ومن ادعى أنه يعلمه كما يكون من بعض الكهان والمنجمين فقد كفر . (8- اعتقاد صدق المنجمين والكهان كفر، وإتيانهم والذهاب إليهم كبيرة .) هذه متفرعة عن التي قبلها ونختم بها الدرس . يعني من اعتقد من الكهان والمنجمين يعلمون شيئا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله وصدقهم في ذلك ، أو اعتقد حتى ون لم يصدقهم فقد كفر ، لأنه بذلك جعل لهم ما هو من خصائص الرب - عز وجل - فهذا كفر . إما إتيانهم من باب حب الاستطلاع ، أو من باب الجهل كما يحدث لكثير من الناس فهذا كبيرة من الكبائر . أيضاً ، وهذه مسألة قد تلتبس على كثير من الناس ، تصديق الكهان ، والدجالين والمشعوذين في أمر مغيب عن الناس لكن ليس مغيب عن الجن والشياطين ، هذا من كبائر الذنوب وقد لا يكون كفر ، لماذا ؟ لأن كثيراً ممن يأتي الكهان والمشعوذين والدجالين يكون عن طريق استعانتهم بالجن ، والجن فيه أمور محجوبة عنا ليست محجوبة عنهم ، وليست من الغيب المحض ، فهذا في تقديري والله أعلم أن أغلب صوره يكون من باب كبائر الذنوب . من صدقهم في مثل هذا الأمور يكون : إما كفر دون كفر وهو الغالب ، لأن الكفر هنا أطلق ، فإذا كان يتعلق بالغيب الخالص فهو كفر مخرج من الملة ، وإذا كان يتعلق بالغيب غير الخالص ، فهو كفر دون كفر ، وعلى هذا يحمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على المحملين . إتيانهم ، كما قلت ، أعني زيارتهم من أجل الاستطلاع ، أو جهل ، أو إلى آخره هذه في الحقيقة من كبائر الذنوب ، ويجب أن يتواصى الناس . المسلمون اليوم وقعوا في أشياء كثيرة من هذا النوع وخآصة مع كثرة الدجل والشعوذة ، وما يرتبط بها من صور كثيرة الآن تعددت على الناس وتشكلت . يعني من الظاهر المزعجة كثرة زوار هذه البيئات الوبيئة ، فئات المشعوذين والدجالين ، وأغلب الناس متساهل ، يزور إما من باب أن يستطلع أو يجهل أو على آخره هذا كله لا يجوز . بعضهم أيضاً يصور أو يوثق أمور ليس بحاجة إلى أن يوثقها ، فالأولى الابتعاد ن هذا عرضة للوقوع في كبائر الذنوب نسأل الله العافية . سؤال : قلتم في الدرس السابق أن المؤمن العاصي يدخل النار ثم يخرجه الله منها ، ويدخله الجنة ، كيف نوفق بين هذا وبين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا يدخل الجنة نمام ، ولا يدخل الجنة قاطع رحم ، ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) وغيرها من الأحاديث ، جزاكم الله خيراً . أجاب فضيلة الشيخ : هذا يجع إلى القاعدة التي ذكرتها في الدروس الأولى وهو : أن النصوص الشرعية لابد أن يرد بعضها إلى بعض ، ويفسر بعضها بعضاً ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا على سبيل الوعيد ، ويقصد أنه لا يدخل الجنة ابتدأً ، يعني بعد الحساب يدخل النار لتطهيره ، والأمر الثالث ، كما ذكرت هو : أن قواعد الشرع دائماً لها استثناءات ، يعني هو ما لم يغفر الله له أثناء الحساب فإنه لا يدخل الجنة حتى يطهره الله - عز وجل - بالنار لأن مثل هذا النص لابد أن يرد على نصوص الشفاعة ، ونصوص أهل الكبائر . نصوص الشفاعة أثبتت ، وهي قطعية : أنه لا يبقى من أهل التوحيد أحد في النار . إذن كما قلت ، ونحمل عليه جميع النصوص التي من هذا النوع ، أن قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يدخل الجنة ابتدأً ، ولكن يدخل النار ثم بعد ذلك يصير إلى الجنة . سؤال : الخادم إذا لم يصلي وترك الصلاة من أجل أن يعمل عنده ، أو خوفاً منه ، ولم يضربه لكن يسأل عليه ، هل هذا حب للشخص الذي يعمل عنده ، وترك عبادة لله ، هل هذا من الشرك ، شرك المحبة ، شرك طاعة ، من أي أنواع الشرك ، وهذا يقع كثير أثناء المباريات في الملاعب ، وأثناء الزواجات ، وأمثلة كثيرة . أجاب فضيلة الشيخ : هذه صور تحدث كثيراً عند ضعف الإيمان ، وضعف التدين ، سواء عند خادم أو عند بعض الناس في بعض المواقف ، حتى لو لم يكن عليه ضغط من شخص معين ، أو الخوف من معين . أحياناً يرهب الناس ، أو يجاملهم مجاملة تصل إلى حد طرق الفرائض ، كما يحدث عند كثير من الناس في المواقف الحرجة ، في المطارات ، والطائرات ، ويؤخرون الصلاة عن وقتها ، بل يحدث حتى من بعض المرضى في المستشفيات ، فهذا أمور أحياناً تكون عن جهل ، والجهل يرفع التكفير عن الشخص حتى يعلم. وأحياناً تكون عن تأول ، يتأول لنفسه ، يظن أنه يسوغه ذلك ، فالتأول يرفع الكفر عن المعين وإن كان فعله كفر. وأحياناً يكون عن تسويف ، بعض الشباب مثلاً قد تفوته الصلاة وهو ينظر إلى لعبة فيمضي الوقت وهو لا يشعر ، ويخرج الوقت . فصور ترك الفرائض خاصة الصلاة من الناس كثيرة جداً ، لكن كأن السائل يركز إذا كان ذلك نتيجة الخوف . أنا أقول : هذا الأمر يرجع أيضاً إلى درجة إيمان الشخص ، إذا كان الخوف يصل إلى درجة أنه يعتقد أنه يضره من دون الله ، أو انه ممكن أن يجلب له مصيبة فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا يكون شرك ، لكن هذا قليل . إما كان هذا نتيجة ضعف إيمان ، فهذا إذا أدى إلى ترك الصلاة مطلقاً بالكلية فقد يكون كفر ، أما إذا كان في حالة معينة ، فهذا ضعف وكبيرة من كبائر الذنوب ولا نستطيع أن نكفر به الشخص ولا أيضاً نقول أنه أشرك مطلقاً . الشرك ليس بكل خوف ، إنما هذا قد يكون عن ضعف إيمان كما قلت ، فأداه هذا إلى أن يجامل الآخر ، أو يداهن الآخر ، أو يخشاه خشية (كلمة غير مفهومة) سؤال : قال الله سبحانه وتعالى ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ﴿26﴾ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾[الج-ن: من الآية27] ، هنا الرسول يعلم الغيب ؟ أجاب فضيلة الشيخ : هذا لابد من ربطه بالنصوص الأخرى ، فالذي ثبت هو أن الله - عز وجل - يطلع رسله على بعض الغيب ، أما مطلق الغيب فلا . الله عز وجل ذكر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾[لأعراف: من الآية188] . فالله يطلع بعض رسله على شيء من الغيب المغيب عن الآخرين . سؤال : مر معنا في أحد الدروس السابقة أن صفات الله من المحكم وقد قرأن في علوم القرآن أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تعالى فيف نوفق بين الأمرين ، هل أن المحكم معنى الصفة والمتشابه في حقيقتها ؟ أجاب فضيلة الشيخ : نصوص الكتاب والسنة فيما يتعلق بذات الله - عز وجل - وأسماءه وصفاته وأفعاله محكمة لأنها تدل على الحقائق ولا شك ، ولو كانت مشتبهة ما اعتقد (كلمة غير مفهومة) سبحان الله ، هل يليق أن الله يخاطب عباده فيما يتعلق بالرب سبحانه في تعظيمه وإجلاله أن يخاطبهم بالمتشابهات ، يضيع الدين ، وماذا يعتقدون ، ويقع الخوف والخلط . فإذن لابد حتماً ، وهذا بدهي عقلاً وفطرة ، لابد أن يكون كلام الله - عز وجل - ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن والسنة عن أسماء الله وصفاته وأفعاله من المحكم البين الذي لا لبث فيه . ولذلك الله - عز وجل - لما ذكر الخائضين في أسماءه وصفاته في أمور الغيب ، قال ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ﴾[آل عمران: من الآية7] وهو النوع التالي فيما نتحدث عنه ، وهو التشابه في الكيفيات الغيبية ، فإذا جاء قوله - عز وجل - ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة: من الآية64] وقوله ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [ط-ه:5] نعلم أن هذه حقائق تثبت من غير تشبيه ، لكن كيفيتها ، كيف استوى ؟ هذا أمر غيب ومشتبه ، لا يجوز السؤال عنه ، ولذلك لما سؤل مالك رحمه الله عن الكيفية ، أصابه رعب من خشية الله - عز وجل - لأنه بهذا السؤال وقع في المتشابه . إذن فالأمر إن شاء الله بين ، والسائلة أشارت إلى شيء من الجواب . سؤال : ما حكم الاستعانة بالجن ؟ أجاب فضيلة الشيخ : هذا داخل في (كلمة غير مفهومة) الذي حرمه الله - عز وجل - ، أشارت على هذا بعض الآيات نحو قوله تعالى ﴿ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ﴾[الأنعام: من الآية128] على سبيل الذم على ما فعلوه ، استمتاع الإنس بالجن على أي نحو كان لا يجوز إلا إذا جاء من غير قصد ، كأن يكون الراقي سمع من الجن خبراً فاستخبره ، ومع ذلك يجب أن نأخذ خبر الجني الذي ينطق من خلال التلبس على انه خبر فاسق ، لأن الجني إذا تلبس بالإنسي فقد وقع في الظلم فهو فاسق . كذلك الاستمتاع الآخر وهو تسميته تسمية أخرى أو غير ذلك ، هذا مجرد عبث بالألفاظ ، فكما قال الله عز وجل عن أهل الجاهلية ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَق﴾ [الج-ن:6] ، ولذلك أنا أرى حتى الرقاة الذين يستعينون بالجن في الصالحات كما يسمونه ، أراهم زادوهم رهقاً ، وربطوهم بأمور لا طاقة للبشر بها ، وأعنتوهم ، وأوقعوا الناس في مشاكل وعداوات ومصائب لا يعلم مداها إلا الله عز وجل ، فليتق الله الرقاة ، ولا يفتحوا باب الاستعانة بالجن على مصراعيه ، ولا يكون بين الراقي وبين الجن عقود وعهود ومواعيد ، هذا هو المحرم بعينه ، فما الفرق بين هذا وبين فعل الدجالين والمشعوذين وأهل الجاهلية ، إذن هذا أمر يجب تجنبه ، وأحترز : أقول : غلا إذا تطوع الجن بفائدة من غير طلب منا أو من غير قصد ، أ و عندما يتكلم ويتلبس نطلب منه مزيد معلومات لأنه أمامنا حاضر ، مثل الشاهد الحاضر ، فهذا إذا ما زاد عن هذا القدر ربما يكون من الأمور المباحة ، ومع ذلك فيه نظر ، أما تجاوز ذلك إلى ما أكثر من هذا فأخشى أن يكون داخل في الكهانة وما حرمه الله . سؤال : ما المقصود أنه لا تقبل صلاة أربعين يوم لمن زار ؟ أجاب فضيلة الشيخ : هذا وعيد ، ولا تقبل بمعنى لا يؤجر عليها ، ولا تكون مقبولة من حيث الأجر الذي وعد الله به المصلين ، لكن لا يعني أنها لا تجزي ، هذا والله أعلم بالمراد . سؤال : الحكم على المعين إذا حكم بغير ما أنزل الله لو تعيدون شروط تكفيره . أجاب فضيلة الشيخ : لقد أشرت إليه لأن الوقت لا يتسع ، لكن نظراً لأنه من القضايا الشائكة اليوم ، فإن مشايخنا وعلمائنا يكادون يتفقون على بعض المجملات في تأصيل الحكم بغير ما أنزل الله ، والحكم فيه على الآخرين . الحكم بغير ما أنزل الله أصلاً ضلال قد يكون كفر مخرج ، وقد يكون كفر غير مخرج ، وقد يكون معصية وقد يكون فسق إلى آخره . إذن الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، نفرق أولا بين الحكم الجزئي والحكم الكلي ، الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، إذا وضع نظاماً أو دستوراً يحكم به بغير ما أنزل الله فهذا كفر ، كذلك ننظر في حاله سواء كان شخص أو دولة أو نظام أو هيئة أو مؤسسة أو فرقة أو جماعة ، عن كان فعل ذلك جهلاً فيدفع عنه الكفر حتى يعمل تجاهه الراسخون في العلم ما يجب ، إذا ما عملوا تجاهه لا يجب علينا نحن أفراد الأمة نفتات وأن نطلق الأحكام ، يجب العلماء أن يقيموا الحجة على هؤاء الذين يفعلون هذه الأمور ويستبينوا من حالهم ، فالبجهل وبالإكراه . وفي الحقيقة : يبدو لي أن كثيراً ممن يقعون في الحكم بغير ما أنزل الله أحياناً ليس هذا بإرادتهم ، يأتون إلى سدة نظام ووضع له دستور أيام الاحتلال الغربي لبلاد المسلمين ، قد جاء حكام يرثون هذه النظم ، قد يكون بعضهم يكره الحكم بغير ما أنزل الله ، ورأينا من البعض محاولات جادة كما كان من ضياء الحق وغيره للعودة إلى حكم الله ، ولكن ترده قوى كثيرة ، وربما يؤدي عمله إلى مفاسد عظمى تفسد أمن البلاد وتوقع في كوارث . فإذن أنا لست بهذا أعتذر عنهم ، ولكن أقول يجب أن نحطاط في ديننا للحكم على العباد ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) فإذن الإكراه والتأول والجهل والالتباس أيضاً ، كل هذه موانع من تكفير المعين ، ومع ذلك يبقى الأمر واجب الأمة أن تصل إلى نتائج في هذه الأمور . سؤال : ما هي مراتب المؤمنين في معرفة الله عز وجل ؟ أجاب فضيلة الشيخ : المراتب الشرعية هي التي ورد ذكرها في كتاب الله - عز وجل - ، هي التقوى والإنابة ، واليقين ، والمحبة ، والرجاء ، والخوف ، وما يندرج تحت هذه المسميات الشرعية ، ولذلك أحذر طلاب العلم بخاصة وعموم المسلمين من أن يتعلقوا بوصف الإيمان وأعمال الإيمان بالمصطلحات غير الشرعية . سؤال : لقد ورد في القرآن الكريم في غير موضع ، وكذلك في بعض الأحاديث النبوية اقتران الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر ، فما تفسير ذلك ؟ أجاب فضيلة الشيخ : لأن أكبر أمور الغيب أولاً الإيمان بالله ثم الإيمان باليوم الآخر ، وأعظم الغيب ما يتعلق بالله - عز وجل - بذاته وأسماءه وصفاته ، ثم باليوم الآخر نه هو اليوم الأبدي الذي لا ينقطع ، كونه من الغيوب في الدنيا لا تساوي شيئاً لأن الدنيا محدودة بزمن ينتهي فهي متاع كما وصفها الله - عز وجل - متاع ينتهي كالقمة التي تأكلها في مجلسك ، فلذلك حتى أمور الغيب فيها محدودة بزمن ، وحال ، ولا يستهان بها ، لكن اليوم الآخر هو الغيب الكامل الذي يتعلق بالمخلوقات ومصائر الخلق جميعاً ، المصائر الأبدية التي لا تنتهي . سؤال : ما حكم من يحتفل بالمولد النبوي متتبعاً لعلماء البلد الذي يعيش فيه ؟ أجاب فضيلة الشيخ : قضية المولد من القضايا الكبرى التي لجت بين السنة وخصومها ، أيضاً بين السنة وكثير من جهلة المسلمين . الحقيقة أن هذه المسألة تخضع لقاعدة شرعية سبق أن ذكرتها ومن سلم بهذا القاعدة استراح من هذه البدع ونحوها وهي : أن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تكون باتباعه وبالتزام سنته - صلى الله عليه وسلم - وتكون أيضاً بمحبته في ذاته - صلى الله عليه وسلم - بأن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحب إلى المسلم من ماله وولده والناس أجمعين ثم يتبع ذلك بالاتباع للسنة ، وليس من السنة الموالد ، لا سيما وأن المولد متعلق بحق النبي - صلى الله عليه وسلم - وحق النبي - صلى الله عليه وسلم - الدين . إذن المولد بدعة في الدين لأن بعضهم يقول هذه بدعة عادية ، وإن تعلق بحقه فهو عبادة ، ولا يجوز إنشاء عبادة لم يشرعها الله ولم يشرعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - . لكن أحب أن أشير على أمر : هذا الذي عمل المولد إن كان منطلق الكثير منهم وهو الحاصل محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهم يؤجرون على المحبة لكن يأثمون على البدعة ، وربما يمحق الله أعمالهم بسبب أنهم ألحقوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ببدعة هو يكرهها ، وربما لو بعث لقاتلهم عليها ، ربما ؛ لأنهم أساؤا إليه - صلى الله عليه وسلم - لكن هذه محبة الغشيم ، تعدوا حدود المعقول ، وحدود المشروع ، فهي بدعة ، وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وما يحسن هذا إلا التسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقول ابن عباس : "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول لكم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتقولون قال أبو بكر وعمر " ، خشي ابن عباس على الأمة من أن تعاقب من ترك أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - والأخذ بأقوال الصحابة ، وكذلك المسلمون الذين يعملون بهذه البدعة نقول لهم : اتقوا الله ، ما عندكم على هذا دليل بل هذه بدعة محضة من جميع المقاييس . ثم أنتم تحتفلون بولادته أو بموته هما في يوم واحد ، فهذا تناقض . على أي الأحوال أرى على ضوء قواعد الشرع أن هذه بدعة ، ويجب على المسلم تجنبها ، وإن فعلها الناس ينصحهم برفق أيضاً ، لأن الناس يظنون أن من ينصحهم يبغض الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا باطل . نسأل الله للجميع التوفيق والسداد والرشاد وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . |
17-01-08, 02:28 PM | #3 |
~ كن لله كما يُريد ~
|
بوركتِ غاليتي " مفكرة إسلامية "
|
29-01-08, 01:20 PM | #4 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
23-05-2007
المشاركات: 638
|
بوركتِ غاليتي " مفكرة إسلامية "
وجزاك كل خير |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ملخص ملخص كامل دروس القواعد الأربع | أسماء حموا الطاهر علي | أرشيف الفصول السابقة | 18 | 23-12-13 10:14 PM |
لأول مرة:شرح عمدة الفقه من المجد العلمية بجودة عالية@@تـضاف تـبـاعا @@ | فرشى التراب | مكتبة طالبة العلم الصوتية | 3 | 20-09-06 10:20 PM |