|
دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
20-10-08, 08:34 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
صفحة الدروس المفرغة لدورة روائع البيان في تفسير القرآن
(هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ)
الدرس الأول .. مجموعة المهاجرات الحياة في ضوء القرآن الحمد لله الرحيم الرحمن ، الحمد لله الكريم المنان ، الحمد لله العظيم كل يوم في شأن ، الحمد لله على جلاله ، الحمد لله على كماله ، الحمد لله على جماله ، الحمد لله على رحمته ، الحمد لله على نعمته ، الحمد لله على واسع فضله وعظيم مننه / الحمد لله على جنته ، الحمد لله على ناره الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله أن جعلنا مسلمين ،والحمد لله الذي أكرمنا وكنا من أمة سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم .. سنتدارس أمورا ً هي أهم ما يكون لكل مسلم من دون استثناء ، سواء كان صغيرا أ م كبيرا، ذكرا أم أنثى ،سواء كان عالما أو غير عالم ، سواء مهتما بأمور دينه أم غير مهتما بأمور دينه ، لأن الكلام كله من أوله إلى آخره سيدور عن كتاب الله عز وجل ، عن آياته ، عن هذا النور الذي أنزله سبحانه ، بل عن هذا الروح الذي جعله الله عز وجل حياة للقلوب كما أنه الروح حياة للبدن . الكلام عن كتاب الله عز وجل عن هذا الكلام التي تكلم به الله جلا في علا وهو مستو على عرشه ،فأسمعه أعظم ملك ، وأنزله على أعظم ملك على أعظم رسول فبلغه إلى أعظم امة ، هذه الأمة المحمدية صلى الله وسلم على نبيها . هذه الدروس ، أحببنا أن تعنون بعنوان <<هو روائع البيان في بدائع القران . >> لأن هذا القران من أوله إلى آخره بديع ، هذا القران رائع ، هذا القران عظيم ، هذا القران هو كلام الرحمن سبحانه وتعالى نريد أن نعيش معه في هذه الدروس المباركة .. نريد أن نصفه في هذه الحياة .. والهدف من هذه الدروس والحلقات نريد أن نحصره في ثلاثة أمور:: - نريد أن ندرك ما فهموم الحياة في كتاب الله عز وجل ؟ القران حين بين أمر هذه الحياة بينها وشرحها وفصلها ولم يجعلها غامضة على كل مستمع إلى كتاب الله عز وجل ، لا وألف لا ، إنما بين وأظهر وأوضح لهذا المخلوق المكلف لهذا الإنسان الذي أعطاه الله هذا العقل ؛ بين له .. ماذا تعني هذه الحياة ؟..ما مفهوم هذه الحياة في كتاب الله عز وجل ؟،، الحياة في هذا القران إما حياة اسمها دنيا وإما حياة اسمها أخرى ، وبين هذه الحياة الدنيا لها شأن، وهذه الحياة الآخرة لها شأن ، وهذه الحياة لبرزخيه لها شان ولكن القران لم يبين ما يجري فيها أي في هذه الحياة البرزخية إلا الشيء اليسير ، وأما ما يتعلق بالحياة الأولى الدنيا فبينه أعظم بيان ، وأما ما يتعلق بالحياة الآخرة فبينه أيضا أعظم بيان . - نريد أن ندرك ما مفهوم الحياة في كتاب الله عز وجل ؟ .. إذا أدركنا هذا وبان للمرء ، ماذا تعني له هذه الحياة في هذه الحياة الدنيا وما الذي سينتقل له أيضا بعد الممات ؟ نريد أن ننتقل بعد ذلك إلى الهدف الآخر وهو كيف نعيش مع القران ؟ .. هذه أمنية لكل مسلم على وجه هذه البسيطة يريد أن يعيش مع كتاب الله عز وجل يريد أن يكون هذا القران محيطا به في كل مكان في ليله ونهاره في بيته مع أولاده ، مع أصحابه، مع جيرانه ، مع الناس جميعا . كيف يكون الإنسان المسلم عائشا مع كتاب الله عز وجل ؟ ، كيف يشعر أنه مصحف يمشي على الأرض كما كان حال السلف الأوائل كيف يكونوا كما قالت عائشة في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المخرج في الصحيحين : " كان خلقه القران " ؟ //وخلقه القران ؛ ليست خاصة بالخلق الذي يتعامل به المرء مع الإنسان ممن يقابله من الناس لا ، وإنما خلقه عام لـ كل شي ، مع الكل . مع الله عز وجل بدءاً ، ثم مع نفسه ثانيا ، ثم مع الناس من حوله ثالثا . إذن لابد أن ندرك كيف يمكن لنا جميعا أن نعيش مع كتاب الله عز وجل و أن نكون ربانيين في هذه الحياة الدنيا .. عندما ينظر إليك المرء وأنت تمشي على رجليك ، أو تتكلم بلسانك ، أو تسمع بأذنيك ،أو تدخل مكانا ،أو تخرج من مكان فإنه ينظر إلى رجل يعرف كيف طبق كتاب الله عز وجل في كل أموره ، سنكون نحن مثالا لكلام الله عز وجل ،ولكتاب الله العظيم في كل الأمور من أولها لآخرها من كان مثالا لكتاب الله عز وجل والله يا أحبتي انه يسير وليس بالعسير، فان الله عز وجل جعل هذا الدين هو الحنفية السمحة أمره يسير ،وسهل وليس بالعسير ؛ و لكنه يحتاج إلى قلب يقظ إلى قلب يستعد لأن يفتح هذا الفؤاد ليتنقى نور القران ، ليدخل هذا الروح إلى هذا الفؤاد ، فقط فقط بهذا الشرط تستطيع أن تعيش مع القران وتستطيع أن تكون أنت واحدا ممن تمثل القران في هديه وخلقه . الأمر الثالث الذي نريده من هذه الدروس : هو أن نريد في نهاية المطاف أن نبني بيتا في أرض القران . ما أجمل هذا البيت الذي يُبني على بساط من كتاب الله عز وجل ، سـيكون عماده كله من أوله إلى أخره من القران إذ نظرت إلى أساسه، إلى قواعده فإذا هي من القران ، إذا نظرت إلى ما فوق ذلك من ميده و أعمدته ونحو ذلك فإذا هي أيضا من القران ، فإذا نظرت إلى جدرانه ، إلى أحجاره ،إلى طوبه وإذا بهذه الأحجار والى هذا الطوب قد أخذ من سور القران ، وإذا نظرت إلى دهانه ونحو ذلك وان هذا قد احذ من كتاب الله عز وجل القران لبنة من سورة البقرة ولبنة من سورة آل عمران ، … ولبنة من سورة الأنعام ، ولبنة من سورة المائدة ، ولبنة... ولبنة ….. فإذا أنت قد شيدت بيتا عماده كتاب الله عز وجل .. هذا الذي نريده من هذه الدروس المباركة في نهاية المطاف . وهناك أمور لابد أن تدركها حتى تحقق هذا الأمر العظيم ، لابد أن تدرك إن هذا الأمر ليس بالأمر الهين وإنما هو أمر جليل ، هو أمر جميل ،ومكسب عظيم لك في الحياة الدنيا ولك أيضا في تلك الحياة الباقية .. إذا تكلمنا عن هذه الأهداف .. ،، سننطلق بعد ذلك بعد أن اتضح لنا الأمر جليا .. ننتقل إلى قضية مهمة : هي بالنسبة لكثير من الناس في سبب عدم إدراك أهمية الحياة تحت كتاب الله عز وجل والعيش في ظل هذا القران بل سبب عدم كيف يعيش مع القران وان كان مدركا لأهمية العيش وان كان مدركا بأهمية الحياة تحت كتاب الله عز وجل ،هذا الأمر انه لم يدرك من يخاطب القران . هذا القران له خطاب ،، تارة يخاطب المؤمنين وتارة لا يخاطب المؤمنين ـوإنما يخاطب الكافرين وتارة لا يخاطب الكافرين الذين يشركون بالله عز وجل ، وإنما يخاطب الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود الله عز وجل . وتارة يخاطب أنواعا من الناس ليس بالمؤمن ولا بالكافر و لا بالملحد وإنما هو مزيج من هؤلاء جميعا ، لا يرده عن الإيمان بالقران إلا الطغيان ، إلا الهوى الذي سيطر على هذا الفؤاد . فإذن خطاب القران تختلف ! طريقته في الحجاج والنقاش تختلف .. فـــسورة تحاور الكافرين الذين يجعلون مع الله إلها آخر . وسورة أخرى تحاور الملحدين الذين ينكرون وجود الله سبحانه وتعالى . وسورة ثالثة تتكلم عمن يؤمن بـ هذا جميعا ؛ و لكن يغلبه الهوى والرغبة واللذة والشهوة فتصده عن دين الله عز وجل .. وسورة رابعة تخاطب المؤمنين الذين يؤمنون بالله عز وجل ولكن وازع النفس الشهوانية ترده حينا عن دين الله وعما يجب عليهم في حق الله سبحانه وتعالى ، فتردهم شيئا عن دين الله ، فيأتي القران فيأخذهم رويدا رويدا إلى أن يردهم إلى سراط الله المستقيم . إذن لابد أن ندرك معاني خطاب القران الكريم ، وإلى من يوجه القران في هذه الآيات خطابه ، وأيضا لابد أن نحدد نحن هنا الخطاب لمن ؟ الخطاب في بداية الأمر بالنسبة لهذه الحلقات المباركات ليس إلى طلاب العلم من مبدئها ؛ إنما هي موجهة لعموم المسلين الذين لهم اهتمام بعلوم الشرع إن كانوا يريدوا أن يفهموا كلام الله ، يريدوا أن يفرح بالتلذذ بقراءة كتاب الله عز وجل ، هذا الذي هو له الخطاب الآن . فـلا بد إذن أن ندرك طبيعة الخطاب التي نعيشها نحن في أوائل هذه الدروس المباركات بإذن الله . فإذا أدركنا ذلك سننتقل إلى الكلام عن قواعد خمس ؛ هذه القواعد لك حق أن تسمي هذه القواعد بأنها كبرى ،، لابد وأن يدركها من يريد أن يعيش مع القران ، لابد أن يدركها من يريد أن يبني بيتا في رياض القران . بعده سننطلق في أفق كتاب الله عز وجل وسيكون هذا المسير بإذنه تعالى على مستويين : المستوى الأول : فهو لعموم المسلمين ، الذين لهم حق على طلبة العلم وعلى أهل العلم أن يبينوا لهم ما في كتاب الله عز وجل ما فيه من الإعجاز والبيان و الأوامر والنواهي …وما فيه من أنواع السعادة لمن اقترب من هذا القران العظيم . وهذا الأمر سيكون على مراحل ثلاث : سنأتي بذكرها بإذن الله ، ثم ننتقل بعد ذلك إلى الأمر الآخر وهو من أهم ما يكون من المستوى الثاني : وهو الذي ما يتعلق بالكلام مع طلبة العلم وكيف يستفيدوا من كتاب الله سبحانه وتعالي ، كيف يدركوا معاني هذا القران إدراكا تاما كاملا فان كثيرا من طلبة العلم عندما يقرءوا كتاب الله سبحانه وتعالى فإنه يقرؤه ولا يدرك تمام المعنى وإن أدرك أدرك شيئا من المعنى ، وستأتي أمثله كثيرة على هذا . لذا قل تعظيم القران في قلوب كثير من الخلق ، بل في قلوب كثير من طلبة العلم ،يقرأ القران دون أن يستشعر ما هو القران ومن الذي تكلم بالقران وعما ذا يتكلم القران ، ودون أن يدرك وجه الإعجاز العظيم في البيان الذي نزل به القران . القران في سوره القصيرة قبل الكبيرة معجز في كل أحواله ، عظيم في كل بيانه . وإذا نريد أن نعيش في أغلب هذه الحلقات مع السور القصار لا مع السور الطوال . فان الله عز وجل حينما انزل القران انزله بدءا بقصار السور لا بطوالها ، وهذه السور القصار هي التي ربت محمد صلى الله عليه وسلم . هي التي قال الله عز وجل عنها : " ووجدك ضالا فهدى " والخطاب لأشرف الخلق صلوات ربي وسلامه عليه >>> " ووجدك ضالا فــ ـــ هدى " انظر إلى النقلة ! النقلة تخص محمد عليه الصلاة والسلام هذا النبي العظيم ، الكريم ، هذا النبي الذي لا أحد مثله في أمره من أوله لآخره ، قد غلب الأنبياء من أولهم إلى آخرهم، و تقدم عليهم في أنواع الشرف وأنواع الرفعة ، والعظمة ، وكل شأن من شئونه ومع هذا يقول الله عز وجل عنه في سورة قصيرة من كتابه يقرأها كل الناس من أولهم إلى آخرهم إلا اقل القليل منهم ، يقول عنه: " ووجدك ضالا فهدى " انظر أيها المؤمن ، انظر كيف يخاطب الله عز وجل حبيبه صل الله عليه وسلم ،،، فيقول عنه "ووجد ك ضالا "، فاختار الله هذه العبارة ،هذه الكلمة لم ؟ ليقول لنا أيها الناس : إذا كان هذا حال نبيكم ورسولكم وحال أبا القاسم صل الله عليه وسلم فكيف بكم انتم إذا ابتعدتم عن كتاب الله عز وجل ؟؟ إذا كان هذا حال نبيكم ، إذا كان هو حال اشرف خلق الله فـ كيف بحال الناس من بعده الذين ابتعدوا عن كتاب الله عز وجل . "ووجدك ضالا فهدى" فهداك الله إلى القران لان القران فيه الهداية التامة . كان صلى الله عليه وسلم لم تأتيه الهداية الكاملة قبل نزول القران مع انه كان لم يسجد لوثن أو يتقرب إلى صنم أبداً ، وإنما كان الاهتداء الكامل بكتاب الله عز وجل ولذا جاء هذا التعبير العظيم من الرب الرحيم " ووجدك ضالا فـهدى " لنستشعر جميعا أيها المؤمنون في كل زمان ومكان أننا بدون كلام الله عز وجل في ضلالة ،و أنه لا هداية إلا إذا اقتربنا من كتابه سبحانه وتعالى هذه نوع من أنواع الحقائق المبينة في كتاب الله عز وجل أشد البيان إذا أدركنا هذه الحقائق وأدركنا المستوى الأول الذي يخاطب به عموم المسلمين : >عند إذٍ ســ نستطيع أن ننتقل بإذن الله تعالى إلى الدرجة الأخرى وهي درجة عظيمة شريفه ليست بالهينة أبدا ، لا ينالها إلا أولياء الله ولا يستحقها إلا من كان من عباد الله المقربين وهي المستوى الثاني : والذي سمي بالمراحل السبعة لطالب فهم القران.. وإذا انتهينا بإذن الله من هذه المراحل سبعه و أدركناها أشد الإدراك وأوضحه ، وهي ليست بالعسيرة وإن كانت أيضا ليست باليسيرة .. إذا أدركنا ذلك بإذن الله تعالى سنجد الفرق الشاسع بين أن نقرأ كلام الله عز وجل كما نقرؤه الآن ، أو كما يقرؤه كثير من المسلمين الآن وبين أن نقرؤه قراءة نستشعر معها عظمة هذا القران . هذه هي ما نستطيع أن نسميها بالخطة العامة ، نريد أن نسير عليها جلا في علاه في هذه الدروس المباركة . وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القران الذين هم أهله وخاصته ، وان يرزقنا وإياكم فهم كتاب الله عز وجل ، ونسأله تعالى من دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه حينما قال له :،، اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل " و نسأل الله عز وجل لنا جميعا أن يفقهنا في الدين وأن يعلمنا التأويل الذي هو تأويل حقائق هذا الكتاب العظيم. هذا هو المقصود وهذه هي الطريقة أيضا هي الأهداف من إقامة هذه الدروس بإذن الله جلا في علاه . عندما نريد أن نبدأ سنبدأ- بإعانة من المولى - في الكلام عن الأهداف. لأنه ؛ إذا أدركنا ما لهدف الذي نتطلبه ،وما الهدف الذي نريده ! عند إذٍ بإذن الله ستعلو الهمم وتصعد وسننشط إلى أن نتحمل شيئا من التعب في إدراك هذه الحقائق الكبيرة . نريد أن نتكلم عن الأهداف وأشرت سابقا ؛ أن سبب العناية بالأهداف ؛ هي أن تعلو همة الإنسان وان يتحرك فؤاده إلى أن يتحمل شيئا من طلب العلم اليسير في إدراك حقائق هذا الكتاب العظيم . وهذا الكلام وأعيد وأؤكد ليس لمسلم دون مسلم ولا لرجل دون امرأة ولا لعالم دون جاهل ولا لصغير دون كبير ، بل هو لعموم المسلمين عامة ، وكلنا ولا شك سنسأل يوم القيامة عن كتاب ربنا ماذا فعلنا اتجاهه ؟ …. إذن هذه الأهداف نريدها أن تحرك همتك : - أننا نريد أن ندرك ما مفهوم الحياة في القران ؟.. أيها المؤمن / المؤمنة / نحن نعيش و هذه الحياة التي نعيش فيها لها مفهوم في كتاب الله عز وجل سؤال يوجه إلى كل إنسان فهل من الممكن أن نعيش حياة في ضوء القران أو لا يمكن ؟؟ الجواب الذي لا شك فيه ! من الممكن أن نعيش حياتنا في ضوء القران . لا يقول إنسان أنه المستحيل في هذا الزمان أن يعيش إنسان تحت ظلال القران ، بل قد شاهدنا في هذه الحياة الدنيا بعينينا وسمعنا بأذنينا من عاش مع القران ، ورأيناه ورأينا النور يخرج من وجهه . فليس بعجب فإن القران تنزل إلى كل الخلق من حين أن تنزل على محمد صل الله عليه وسلم في الغار إلى أن يقبض على وجه هذه البسيطة. نماذج مع من عاش حياته في ضوء القران ، وما أجل من عاش حياته في ضوء القران ، وهو يسيرة سهله لطيفه ، سعيدة إلى غاية ما تكون السعادة ، لكن يأتي الشيطان الذي يريد أن يحول بينك وبين نور الرحمن الذي هو هذا القران فإذن قبل ذلك حتى نستطيع أن نزيح الشيطان ، دعنا نأخذ في هذه الأهداف نريد أن نعيش مع القران ،، هذا القران تكلم عن الحياة الدنيا، وتكلم عن الحياة الآخرة . إعجب أيها المؤمن ، يا من تتلو كتاب الله عز وجل ،أن الله سبحانه وتعالى ذكر الحياة الدنيا في كتابه 111 مرة وذكر الحياة الآخرة 111 تساوى ذكر الحياة الدنيا مع ذكر الحياة الآخرة . وهذا سر من أسرار هذا الكتاب العظيم ، فـــعدد ذكر الحياة الدنيا في هذا الكتاب هي نفسها عدد ذكر الحياة الآخرة في هذا الكتاب ؛ هذا أمر نستطيع أن نقول عنه انه مقصود وذلك ليبين للمسلم أن الحياة الدنيا وإن كانت قليلة فانية حقيرة ، إلا أنها أيضا لابد من العناية بها لأنك مكلف فيها ،وان تقيم فيها لأنه أمرك الله عز وجل به في كتابه ، أن وليخبرك أن هذه حياه وهذه حياه . وذكر لك الحياة الآخرة بنفس العدد ليخبرك أيضا أن تلك حياة وهذه حياة واعمل لهذه كما تعمل لتك ، ولكن أقدر لكل قدرها ، هذا فيمن يتعلق بالحياة الدنيا والحياة الآخرة . سيد لنا على قضيه مهمة ؛ عندما نقرأ عن الحياة الدنيا عن حياتك ؛ عن ذهابك ، عن مجيئك ، عن شربك، عن كلامك ،عن استماعك ،عن مخالطتك الناس ،عن شراءك ،عن بيعك ، وعن ما يتعلق بك ، وعن كل شي من شئون حياتك ، كيف تتعامل مع نفسك ، مع أولادك ، مع الناس من حولك ، مع زوجك ، وكيف تتعاملوا مع الكفار ممن كفروا بحق الله عز وجل ،وأنكروا عظمة الله جلا في علاه ، فـأنزلت الآيات العظيمات لكي تبين لك ما يتعلق بهذه الحياة الدنيا وكيف تعيش فيها بهذا العدد الكبير . ثم جاء بعد ذلك ما يتعلق بالحياة الآخرة ،فبينت لك عظم الجزاء في تلك الدار العظيمة. وستلحظ فيما نتكلم عن الدارين أن الله عز وجل كرر كثيرا وأبدى وأعاد وثنى أيما تثنيه في الكلام عن الأهوال ما بين بعث الأرواح إلى أن ينقسم الناس إلى فريقين ، هذه المرحلة من الحياة الآخرة من حين أن يبعث الخلق إلى أن ينقسم الناس إلى أصحاب جنه وإلى أصحاب جحيم ، هذه المسألة أطال هذا القران الكلام عنها كثيرا جدا . ولعلك أن تعجب إن قلت لك إن الكلام عن هذه المرحلة ( عن الدار الآخرة ) قبل أن يدخل ناس الجنة ، وقبل أن يدخل ناس النار ، هذه المرحلة الكلام فيها أعظم وأكثر وأكبر وأجل من الكلام عن الجنة . وتأمل هذا في جزء عمَّ ، وجزء تبارك .. في جزء عمَّ لا تكاد تخلو سورة من الإشارة عن اليوم الآخرة إلا القليل منها ،في جزء تبارك أيضا كذلك . بينما تبحث بحثا في الكلام عن الجنة والنار ، وتريد أن تضع نسبتك بين الكلام عن الجنة والنار وبين الكلام عن دار الأهوال ، ما يتعلق باليوم الآخر ، ستجد الكلام عن الهول العظيم في اليوم الآخر تجد الكلام أكبر بكثير من الكلام عن الجنة والنار . وسيأتي سبب ذلك .. وأنا أكرر لك هذه الحقائق من كلام الله عز وجل لأني أريد في نهاية الأمر عندما تقرأ كلام الله ؛أن تنتبه إلى ما كرر الله في كتابه . لا أريد أن يمر أمر تكرر مرة واحدة في القران كأمر تكرر في القران مئيناً ومئيناً ، إذا جاء مرتين أو ثلاثة ،أو أربعة، أو خمسة ليست كالمسألة ولا كالقضية التي يأتي بالكلام عنها في القران بالمئة والمئتين وثلاث مئة وأكثر من ذلك ، لهذه درجة وتلك درجة . ولذا جاء الكلام عن الحياة الدنيا والآخرة كثير في كتاب الله عز وجل وذكر الله لهاتين الحياتين وصفين : فذكر للحياة الدنيا وصفا وهي أنها حياة فانية ، حياة يحق لنا أن نصفها بأنها متاع وأنها قليلة زائلة . وذكر وصفا عظيما للحياة الآخرة وهو البقاء والاستقرار والقرار والثبوت والأمدي الدائم ،والخلود. هي قضية ظاهرة في كتاب الله عز وجل لم؟ لك حق أن تسأل .. لم ذكر كثيرا في كتاب الله عز وجل أن الكلام عن الآخرة أنها باقية ، دائمة ، سرمدية ، خالدة أبد الدهر ، وأن الكلام عن الحياة الدنيا أنها يسيرة ، فانية ، زائلة مدتها قليلة إذا ما قرنت بالحياة الآخرة ؟. الدنيا دار عمل ،والآخرة دار جزاء وثواب . ما لذي يترتب على هذا ؟ 1- أن أمر الدنيا أمرها يسير ،وأن الآخرة أمرها عظيم . 2- أن الدنيا دار عمل وأنها فانية وليست بدائمة ، والآخرة دار جزاء هل سأعمل مدة طويلة جدا أو سأعمل مده يسيرة قصيرة نوعا ما ؟ هذه هي الحقيقة إذا استقر في قلبك أيها المؤمن . مثلا أقوم واتعب وأقوم للصلاة فجرا وغيري في فراشه .... سيكون هذا الأمر فترة من حياتك يسيرة ثم ينقضي إلى الثواب ... هذه هي الحقائق التي أراد القران منها أن تستقر في قلوبنا جميعا . عندما ترى في الحياة الدنيا من هو قد سعد في حياته الفانية هذه فلا يصلي مطلقا ، ويأكل من أنواع الحرام ما شاء ، يكسب من أنواع المال ما شاء من دون قيد ، يستلذ بأنواع هذه اللذائذ في هذه الحياة الدنيا ؛ عندما تنظر إليه يسير بالشارع بسيارة فاخرة ، يدخل منزلا فاخرا ، .... يفعل من الحرام ما شاء ، تنظر إليه وهو في هذه اللذائد ثم يأتي في بالك القران ؛ كلام القران أن متاع هذه الدنيا حياة متاع يسيرة ، ما لذي سيستقر في قلبك ماذا يأتيك ؟ ما لنتيجة التي تخرج بها بعد هذا التحليل عن الحياة الدنيا في كتاب الله عز وجل ؟ من الطبيعي جدا أن يأتيك ردة الفعل أن هذا متع نفسه بحياة يسيرة فانية ،بينما أنا أحاول أن أبني حياتي المستقرة الدائمة . عند إذٍ هل سيخالجك شيء من الندم على عدم التلذذ في هذه الحياة الدنيا ، أو شيئا من الحسرة أن أتعبت نفسك في طاعة الله عز وجل وفي الابتعاد عن نواهيه ؟ لا ، لا يأتيك لأنك تنظر إلي حياة أبدية ، سرمدية . هذا الأمر الذي أراد القران أن يستقر في قلوب المسلمين على جهة العموم . لذا قال في بعض الآيات ، الأنبياء يخاطبون أقوامهم يبينون لهم هذه الحقائق ، يصرخ بها النبي صل الله عليه وسلم صراخا عندما يقول لهم : "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار "*وهذه الحقيقة وقد تكررت في القران كثيراً ، إذا استقرت في قلبونا جميعنا واستقرت في قلوب المسلمين هانت الدنيا وما فيها من لذائد ، وعظمت الآخرة ، وما نتكبد في هذه الحياة الدنيا من أجلها ، هان علينا كثيرا . وذا أحببت أن نتكلم عن هذه الحياة الدنيا ، وتلك الحياة الآخرة ، وأن نتكلم عن هذه الحقيقة العظيمة . لذا يوم نظر رسول الله صل الله عليه وسلم إلى هذه الحقائق العظيمة في كتاب الله عز وجل ، جاءت الأحاديث العظيمة في بيان هذا الأمر المهم الجليل . : عند الترمذي بإسناد صحيح أن النبي صل الله عليه وسلم قال : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء )صححه الترمذي رحمه الله . يقول فيه النبي صل الله عليه وسلم وهو يخاطب المؤمنين ويبين لغير المؤمنين هذه الحقيقة الكبيرة .. "لو الدنيا تعدل ........." هذا الأمر ممن أخذه صل الله عليه وسلم ، أخذه من أي الآيات ؟ أخذه من الآيات التي تكلمت عن الحياة الدنيا ، اتضح أنها ليست بشي . جاء هذا الوصف البليغ منه صل الله عليه وسلم ، كل الدنيا لا تعادل عند الله جناح بعوضة. لوعر ض عليك تشتري جناح بعوضه بمبلغ هل تشتريه ؟ هل يشتري جناح البعوضة بأية مبلغ ؟ لا ، أبداً (هذه الدنيا عند الله لا تستحق قرشا واحدا ) أن هذه الدنيا من أولها لآخرها في ميزان الله عز وجل ما تعدل ولا فلسا واحدا . كيف الأمر ؟؟ ،، لو كانت تعدل جناح بعوضه ( ما سقى كافر منها شربة ماء )....... الكافر يشرب الماء بل هو يشرب أعظم من الماء ، ومن أنواع الملذات والنعم ، ويأكل ما طاب له ؛ لأن الدنيا هينة يسيرة لا ينظر الله لها إنما ينظر إلى تلك الدار العظيمة ( الآخرة ). إذن القضية هي أن يدرك مامعنى الحياة في كتاب الله عز وجل ؟ ،، مثل آخر في قول صلى الله عليه وسلم : ـــ ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم واحد ) أن تزول الدنيا بجبالها بذهبها بكل ما فيها زوال الدنيا من أولها وإلى آخرها ،أهون عند الله من دم مسلم واحد // الـ مسلم أعظم من الدنيا كلها. وأنت مسلم ألا تفخر بهذا ؟ ألا تسعد بهذا ؟ عندما تدرك الحقيقة الكبرى في كلام من الله عز وجل وفي كلام رسوله صل الله عليه وسلم تعتز بأنك مسلم وأنك عند الله أغلى من هذا . بل ثبت عن عمر رضي الله عنه ، أنه مر بالكعبة فرآها ، فقال : (إن حرمتك عند الله عظيمه ، ولكن حرمة المؤمن أعظم عند الله منك ) أنت عظيم عند الله عز وجل ، أنت عزيز عند الله عز وجل انت كبير ،، أدرك هذا أيها المؤمن ، عظّم منة الله عليك ؛أن جعلك مسلما ثم جزاء هذه النعمة من الله عز وجل أن تتوجه إلى كلامه الله عز وجل فــ تقبل على هذا الكتاب دراسة وتدبرا وفهما . وصل الله وسلم على نبينا محمد ا. هـ . التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 13-11-08 الساعة 01:40 PM |
20-10-08, 08:46 PM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
ما شاء الله
جهد رائع غاليتي سهام الليل جعله المولى ثقيلاً في ميزان حسناتكِ .. |
20-10-08, 09:40 PM | #3 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
ثبت الله اجوركن طالبات المجموعة الاولى عامة
وبارك الله فيك سهام الليل خصوصا نفعنا الله تعالى بهذا الصرح المفيد |
24-10-08, 01:39 PM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس الثاني .. مجموعة العزيمة الصادقة
التفكر في آيات الله و نعمه - العيش مع القرآن
فيدلك هذا التفكر على كيفية الارتقاء إلى درجة الإيمان العالية بالله سبحانه و تعالى و الاطمئنان الكامل بشرعه الذي نزله على نبيه صلى الله عليه و سلم. هذا في أهل الإيمان، أما أهل الكفران فالقضية في شأنهم تختلف جدا، فإن الله عز و جل خلق لهم أيضا أعين يبصرون بها و خلق لهم أيضا أسماعا يسمعون بها ، و خلق لهم عقولا يحللون بها الأمور و يدركون بها ما ... هذه الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها، و لكن هل نفعتهم هذه العقول؟ هل نفعتهم هذه الأسماع؟ هل نفعتهم هذه الأبصار؟ لا،أبدا لم يحصل لهذا الكافر أن انتفع بهذه الجوارح، و لقد بين الله عز و جل ذلك في آيات كثيرة مم كتابه سبحانه و تعالى ، و جعل يؤكد هذه الحقيقة التي ... تعيش في حياتك و قد سخرت لك المخلوقات من أولها إلى آخرها لتستعين بها على إدراك هذه الحقيقة الكبرى هي أن الله عز و جل هو الذي خلق و هو الذي دبر و هو الذي شرع و هو الذي أمر و هو الذي نهى سبحانه و تعالى، فتعيش و كأنك تدرك إدراكا كاملا تاما بأنك تسير بنور من الله عز وجل في حياتك الدنيا و ستسير بنور من الله عز وجل على الصراط المستقيم و ستسير بإذن الله جل و علا في الارتقاء للدرجات العالية في الجنان. أما الطرف الآخر فعلى الضد من ذلك، لكي تدرك نعمة الله عز و جل عليك لا بد أن تدرك ما في الطرف الآخر من الضلال و العمى و البعد عن الهدى و الوقوع في الشقاء. هل منكم من يتذكر آية من كتاب الله عز و جل تبين لنا ما فيه الكافر من البعد عن النور ، و ما فيه الكافر من القرب من الشقاء؟ ذكر الله عز وجل ذلك في آيات كثيرة، ووصف هؤلاء الكافرين بأوصاف لكي تدرك عظم نعمة الله عز وجل عليك بالهداية. نريد آية تبين لنا هكذا المفهوم من كتاب الله سبحانه و تعالى .- قال الله عز و جل في سورة الأعراف: (( و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون)) - أحسنت، بارك الله فيك. نعم، هذه الآية العظيمة التي بين الله عز وجل فيها حال المخالفين، حال الناكصين، حال البعيدين عن كتاب الله عز و جل ، فيا أيها المؤمن، عندما ترى كافرا أنعم الله عز و جل عليه بأنواع من النعم الكثيرة في هذه الحياة الدنيا، نعما قد تكون في الهيئة ، في الجمال ، في اللون، في المنظر، في القوة، نعما قد تكون راجعة إلى المال، إلى الغنى، إلى الثراء، نعما قد تكون راجعة إلى الصحة، إلى العافية، إلى قلة الأمراض، ، نعما راجعة إلى أشياء كثيرة في هذه الحياة الدنيا ، فلا تحزن على ما فاتك من هذه النعم، و لا تظن أن الله قد نسيك من نعمه و أنعم بها على هذا الكافر، لا أيها المؤمن، فإن الله عز و جل بين لك حقيقة هذا الكافر في هذه الحياة الدنيا بمثل هذه الآية العظيمة. تأمل معي قول الله تعالى " و لقد ذرأنا" أي خلقنا، و ذرأ الله أي برأ هذه المخلوقات حين خلقها و قدر لها أن ترمى في نار جهنم، و لك أن تتأمل بداية هذه الآية العظيمة فهم خلقوا حين خلقوا ليكونوا من أهل جهنم، و هذا ليس من ظلم الله عز و جل لهم، بل هم الذي ظلموا أنفسهم. لأنهم رأو النور فأعرضوا عنه، و رأوا الظلمة و طريق الشيطان فاختاروه، و لهذا قال الله و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس، ما صفتهم؟ قال لهم قلوب لا يفقهون بها. فعندما ترى قلب هذا الكافر، قد يكون لم يعتريه شيء من الأمراض أبدا، و لكن المرض الأعظم و البلاء الأكبر و الأدهى و الأمر هو مستقر في قلبه، لأن الله عز و جل قد وصف هذا القلب بأنه لا يفقه، و أي داء أعظم من كونه لا يفقه، و معنى لا يفقه أي لا يفهم ، لا يعلم ، لا يدرك، لا يفهم شيئا يستفيد منه في حياة عظيمة هو مقبل عليها، أي لا يفهمون شيئا ينفعهم في الحياة العظيمة الباقية، ثم وصف الله عز وجل أعينهم فقال و لهم أعين، هذه الأعين قد كون صحيحة، قوية حادة، مبصرة، و قد تكون أيضا جميلة، و نقية، و لكن في حقيقة الأمر هم لا يبصرون بها، فإياك إياك أيها المؤمن أن يضعف إيمانك فتتمنى عينا كعين هذا الكافر، الذي و إن كنت تراه على أحسن حال إلا أنه في الحقيقة أعمى، لا يبصر أبدا، هو يرى الآن، يمشي على رجليه و يرى طريقه أمامه فكيف لا يبصر بها؟ لا يبصر بها حقيقة الحياة الدنيا على وجهها الذي خلقها الله عز و جل عليه و لا يدرك الحقيقة الآخرة العظيمة على وجهها الذي خلقها الله عز و جل عليه و من لا يدرك هذه الحقائق في الدنيا أو في الآخرة هو في حقيقة الأمر لا يبصر و إن كان يرى أحدّ نظر و يبصر أشد إبصار و لكنه -و الله- في حقيقة الأمر أعمى لأن الحقيقة الكبرى لم يرها و لم يبصرها، و ما فائدة أن يعيش دهرا من زمنه حياة قل إنه عاش ستين عاما، سبعين، ثمانين، مائة، مائة و عشرين، مائتين، ثلاثمائة سنة، قل ألف سنة، عاشها و هو في أتم صحة و عافية، ثم ماذا؟ إنها حياة انتهت بعد ألف سنة، ثم بدأت حياة لا تنتهي و بدأت أمور لا تنقضي أبدا، و لذا كانت هذه الحياة مهما امتدت السنوات فيها قليلة، و كانت تلك الحياة لا تنتهي أبدا و لا تنقضي طويلة مستقرة دائما. و لذا انظر إلى هذه الدنيا بهذا المنظار أيها المؤمن ، نعم ، بمنظار القرآن لأن القرآن بينه أشد بيان، فإن لم تنظر إلى الحياة الدنيا و إلى الحياة الآخرة بمنظار القرآن لن نهنأ في حياتك و لن تسعد في أمورك و لن تستقر في قلبك، و لا أيضا مع خلق الله عز وجل في هذه الحياة الدنيا لأنك ستكون منجذبا تارة إلى إيمانك الذي في قلبك، و تارة ستجذبك الأهواء إلى هذه الحياة الدنيا و ما فيها من الزينة، و لذا تكون في حالة صعبة من الحوار و النقاش بين النفس الأمارة بالسوء و النفس الأمارة التي تأمرك بالإيمان و طاعة الرحمن فتكون بين قلبك حين يبصر و حين يرى الهدى و بين قلبك حين يعمى و حين يقع في الشقاء . و لذا إن أردت أن تسعد و أن تعيش حياة هانئة دائمة مستقرة سعيدة ثابتة على أمر لا ينقلب و لا يتغير لا في حياتك الدنيا و لا في قبرك بعد أن تموت ولا أيضا بعد أن تبعث من قبرك ، إن أردت أن تعيش حياة هانئة سعيدة ، فهذه هي حياة القرآن التي لا تتغير و لا تتقلب و لا تتبدل ، ليس فيها ما يدعوك إلى الخوف و ليس فيها ما يدعوك إلى الوجل و ليس فيها ما يدعوك إلى انتظار المجهول ، فليس في كتاب الله عز وجل ولا فيمن استدل بكتاب الله عز وجل على هذه الحياة بأنواعها الثلاثة ، ليس فيها مجهول و إنما فيها أمر مبصر ظاهر واضح كالشمس في رابعة النهار، و لذا هنا قال "لهم أعين لا يبصرون بها " ثم قال "و لهم آذان لا يسمعون بها " هم يسمعون الآن الكلام، بل قد يكون سمعهم أصح من سمعنا نحن ، و لكن مع ذلك قال الله عز وجل " لا يسمعون بها" عجبا، كيف لا يسمعون بها؟، هم يسمعون يا رب الآن و يدركون بها أنواعا من الكلام كثيرة يسمعون بها ما يشاءون من الكلام بينهم و بين الناس ، و يسمعون بها أنواعا من الخنا و أنواعا من الغناء و أنوعا من الأباطيل و الكلام الفارغ فكيف لا يسمعون؟ نعم، لا يسمعون كلاما ينفعهم يكون داخلا في قلوبهم، فإن السمع إنما هو في كتاب الله عز و جل على نوعين، سمع بطرف الجارحة، هذا لا قيمة له و لا معنى له لأنه قليل ثم يفنى، و أما السمع النافع فهو السمع الذي يكون في القلب فإن للمؤمن سمعا في جارحته و سمعا في قلبه، فإن استمع بجارحته ثم استمع بقلبه نفعه السماع، و إن استمع بجارحته دون أن يدخل هذا المسموع إلى داخل القلب لم ينفعه السماع. و لذا قال هنا لهم آذان و لكن لا يسمعون بها . إذن ما حقيقة هذا الكافر؟ حقيقته أنه إنسان ليس له قلب و حقيقته أنه إنسان ليس له بصر و حقيقته أنه إنسان ليس له سمع . و لك أن تتأمل إنسانا يسير على هذه البسيطة و سيسير على الصراط بما وصفه الله عز و جل و بما وصفه رسوله صلى الله عليه و سلم ، و سيسير من فوق جهنم التي ملئت بالمراصد " إن جهنم كانت مرصادا" ، سيسير على هذا كله من دون أن يكون له بصر و لا يكون له سمع . تأمل إنسانا هذا حاله ، أيسرك أن تكون على مثل حاله؟ لا أظن ذلك أبدا ، نعم لا أظن ذلك أبدا، فإذن أريد منك شيئا واحد ا أيها المؤمن، لا أريد مرة من المرات إذا أدركت حقيقة الحياة في القرآن ... الحياة في القرآن أن يقع في قلبك ضعفاً وانهزاماً عندما ترى كافراً قد أنعم الله في الحياة الدنيا بأنواعاً من النعم , بل عندما ترى كافراً من الكفار فينبغي لك أن تسعد وأن تحمد وأن ترتفع بإيمانك فتحمد لله عز وجل كثيراً كثيراً كثيراً أن جعلك مسلما , وتسعد بهذا الإسلام لأن الله حرمه فلان وأتاه إياك فإن لم تسعد بالقرآن وتعتز بدينك أقوى وأتم ماتكون العزة فإنما ذلك لمرضاً في قلبك وقلة في فهمك وضعفاً في إدراكك لحقائق القرآن , هذا هو الأمر الأول فيما يتعلق بالحياة في القرءان أريد أن ننتقل بعد ذلك إلى مسألة توضح هذا الأمر جلياً , وهي ما يتعلق بمثال على حياة في ضوء القرءان وعلى مثالاً على حياة في ضلال الشيطان , كيف يكون هذا الأمر ؟ الله عز وجل بين لنا ذلك أشد البيان , نأخذ مثالاً ذكره الله عز وجل لرجل من الرجال , أتاه الله سبحانه وتعالى أنواعاً من النعم الكثيرة , ثم نظر إليه الناس , فلما نظروا إليه منهم من نظرا إليه بنظرة دنيوية بحته , ومنهم من نظر إليه نظرة شفافة يدرك معها حقيقة الدنيا وحقيقة الأخرة ولذا هل تذكرون مثلاً في كتابه الله عز وجل ضربه الله سبحانه وتعالى لرجل نظر الناس إليه نظرين , نظراً لأهل الجهل ونظراً أخر لأهل الإيمان ؟ مثال من القرءان : مثل قارون : ذكر الله عز وجل عبره لمن لم يعتبر فقال الله تعالى : ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ ) تأمل هذا المثل أيه المؤمن , هذا رجل أوتي من أنواع النعيم ما أوتي , مفاتح خزائنه فقط لا يستطيع العصبة من الرجال أن يحملوها ! لا أريد أن أتكلم عن قارون , لا ! وأنما أريد أن أتكلم عن من نظر على قارون . هذا ليس لنا فيه الآن كبير علاقة , وأإنما كلامنا فيمن نظرا إلى قارون . أما الفئة الأولى : لما نظرت إلى قارون , ماذا قالت ؟ (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) شوفوا النظرة ! هؤلاء هل عاشوا في ضوء القرآن ؟ في نور القرآن ؟ أبداً .. وأنما هؤلاء عمين عن نور الله عز وجل . أما الفئة الأخرى : التي نظرت بنور القرآن بنور وحي الرحمن , فماذا قالت ؟ قالت صراحة ,( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) عرفوا الحقيقة ! عرفوا حقيقة هذه الحياة , فماذا قالوا ؟قالوا مباشرةً وهم يتكلمون عما استقرت عليه الأمور في قلوبهم وفي أفئدتهم , تكلم الإيمان من داخل قلوبهم من دون تردد ولا وجل ولا نظرة إلى هذه الحياة الحقيرة الفانية فقالوا كلاماً عظيماً ( وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ ) " فاصل " الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. حياكم الله أيه الأحبة في مجلساً من مجالس القرءان , كنا تكلمنا عن الهدف الأول وما يتعلق به , وهو أننا نريد من هذه الدروس أن نعيش في حياة القرءان وقد ذكرت لكم أن هذه الحياة يسيره سهلة ليست بلعسيرة ليست حياة عبارة عن مثاليات عظيمة وكبيرة ..لا ! وأنما هي حياة يسيره من الممكن أن يعيشها أي مؤمن . ننتقل بعد ذلك إلى الحياة الأخرى التي نريد أن نقف عليها في هذه الدروس , عندنا هدف نريد نحققه من خلال هذه الحلقات وهو ما نستطيع أن نسميه , بـ : نريد أن نعيش مع القرءان . إذا كانت هذه حياة القرءان , فكيف نعيش مع القرءان؟ فهذا هو الهدف الثاني : الهدف الأول تكلمنا عنه , نريد أن نبني على الهدف الأول هدفاً ثانياً وهو : كيف نعيش مع القرءان ؟ الحياة مع القرآن لها طعم ولذة يتمناها كل مسلم وكل مؤمن يتمناها بدليل أن الإنسان عندما يتلوا و يقرأ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم , يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بصعوبات كثيرة جداً في حياته , تأمل حياته صلوات ربي وسلامه عليه , هل عاش حياة رغيدة هانئة , حياة ملأها اللذات , ملأها الشهوات , ملأها كل ما يتمناه صلوات ربي وسلامه عليه ؟ إذا أراد شيئاً حظر أمامه , إذا تمنى شيئاً وجده ؟ وإذا اشتهى من الطعام أنواعاً تيسرت له ؟ وإذا اشتهى أنواعاً من الشراب تيسرت له ؟ أبداً .. وأنما عاش صلى الله عليه وسلم في حياة توصف بأنها حياة المساكين , حياة يجد فيها شيئاً من قوته ,شيئاً مما يحتاجه تارةً يجد طعاماً و إياماً لا يجد طعاماً , تارةً يجد أنواعاً من الأكل وفي أياماً أخرى لا يجد إلا الأسودين التمر والماء .. تارة ً يجد من ينصره وتارةً لا يجد من ينصره ! تارةً يكون منتصر اً صلوات ربي وسلامه عليه داخلاً فاتحاً وعاش قبل ذلك مراراً مطروداً . يضرب بالحجارة صلى الله عليه وسلم فعاش أنواًعاً من الحياة , فهذه الحياة التي عاشها صلى الله عليه وسلم من حين البعثة إلى حين أن توفي صلوات ربي وسلامه عليه , هل كانت حياة سعيدة هنيئة ؟ حياة يتمناها كل مسلم كل مؤمن أم لا ؟ بلى , كلنا نتمنى أن نعيش كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم , كلنا نتمنى أن نسعد كما سعد صلى الله عليه وسلم وكان سعيداً في حياته . كلنا نتمنى أن نخطوا على إثر خطواته , صلوات ربي وسلامه عليه , هل هذا من الممكن ؟ قطعاً أيضاً من الممكن . لما ؟! لأن هناك من سار على خطواته وأقتفى أثره صلوات ربي وسلامه عليه , أليس هناك من يقال له أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ؟ هؤلاء الأربعة ألم يكونوا على خطى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ بلى ! بقية العشرة أصحاب الشجرة , بقية الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين السلف الصالح , جماعة كثيرة من أهل العلم والفضل إلى زماننا هذا عاشوا في نور القرءان , وعاشوا في حياة القرآن فهذا ممكن أن يعيش الإنسان وممكن أن يناله وممكن أن يظفر به .كيف يكون هذا ؟ الذي نريده ونتمناه إذا كان ممكناً ينبغى أن نعرف ما الأدوات التي من خلالها نستطيع أن نعيش مثل ما عاشوا وأن نسعد كما سعدوا وأن نظفر بما ظفروا .لأنهم عملوا لأمر جليل عظيم تعبوا في هذه الحياة الدنيا بقدر ما أعطاهم الله عز وجل من السعادة فيها وادخروا للحياة لأخرة أنواعاً من السعادة الكاملة التامة , كيف فعل القرءان بهم هذا ؟ إنما اهتدى النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق بالقرءان . كيف حصل هذا من القرءان ؟ هذا الذي نريد نبين أنه هدفاً لنا من هذه الدروس المباركة , من أهدافنا في هذه الدروس أن نتعلم كيف نعيش مع القرءان ؟ كيف نعيش مع كتاب الله عز وجل ؟ هناك آية وصفة هذا الإنسان عندما يتلى عليه آيات الرحمن عندما يتنزل القرءان ويدخل القلب , هناك آية وصفت هذا الإنسان في موقفه من كتاب الله عز وجل بل آيات كثيرة , نريد منها شيئاً , حتى نقف على مثلاً واحد ثم نتكلم عن هذا المثل ونبين كيف يكون الأنسان في حقيقته عائشاً مع كتابه الله عز وجل , أحد يذكر لنا آية في هذا الشان ؟ بينت لنا كيف يعيش الإنسان مع القرآن ؟ قال الله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) . دعني أنا وإياك ومع بقية الأحبة و بقية الأخوة المستمعين نقف مع أوائل هذه الآيات , أنظر ماذا يقول الله عز وجل وتأمل بماذا يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية ( الله نزل أحسن الحديث ) من الذي أنزل ؟ هو من ؟ هو الله . فهذا الكلام هو كلام الله وأريد أن تكون هذه الحقيقة مستقرة استقراراً تاماً كاملاً في كل قلب من دون استثناء يجب أن تعرف يقيناً أن هذا الكلام ليس كلامي أنا ولا كلامك أنت وأنما هو كلام جبار السموات والأرض , سبحانه وتعالى تكلم به ليخرجك من الظلمات إلى النور , ليهديك من الضلال إلى الحق , يجب أن تعلم هذا يقيناً ولذا قال في أول الآية التي تلاها الأخ يا بارك الله فيه وقد أحسن باختيار هذه الآية , (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) فقد نزل هذا الكتاب من العلو ! علو الجبار سبحانه وتعالى , نزل سبحانه وتعالى إلى الناس . فقال الله{ نزل أحسن الحديث } هذا الكتاب أحسن الكتب وأحسن الكلام , وأجمل كلام وأعظم كلام , أصفاه الله عز وجل ليجعله منزلا على محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى أمته , فله منة عظيمة سبحانه وتعالى علينا نحن أن جعلنا من أمة القرآن , غيرنا هل هن من امة القرآن ؟ لأ . من قبلنا كانوا من أي أمة ؟ من امة التوراة والإنجيل والزبور , من امة صحب إبراهيم وموسى , أما نحن فمن امة القرآن , أليست هذه منة علينا جميعا ؟ بل هي منة أيها المؤمن لو أدركت هذا لعلمت عظم منة الله عز وجل عليك أن جعلك من امة محمد صلى الله عليه وسلم . تصور يا أخي أنك لست من امة محمد صلى الله عليه وسلم , وأن الذي انزل عليك هو كتاب التوراة أو الإنجيل , هل كان هذا كذاك ؟؟؟ أبدا , أبدا ليس هذا كذاك . التقيت مرة برجل نصراني لا يؤمن بالإسلام , وإنما يخبر عن نفسه انه نصراني ولكنه يقول أنه موحد , نصراني لكنه موحد أي لا يؤمن بالتثليث , فناقشته وحاورته لعله ينتقل من النصرانية إلى الإسلام , فكان مما قلا بعد ان تكلمت معه قلت : أريد أن أصل أنا وإياك إلى حقيقية ثابتة استطيع أن انتقل بعد ذلك من خلالها إلى الحجة التي تليها ثم التي تليها حتى نصل إلى حقائق يجب علي وعليك أن نصير إليها , فقلت له وكنت أظن إنني بحاجة أن ابدأ في قضية الوجود , وان الله سبحانه موجود وانه واحد ثم انه لابد أن يهدي الخلق بكتاب ويرسل إليهم الرسل فقطع علي الأمر مباشرة قال : يا أخي أنا بقولك أمر (وكان من بلاد الشام) أنا }أؤمن بأن هذا القرآن هذا الكتاب هو من عند الله عز وجل , قلت : عجبا لك , ليش تؤمن هذا الإيمان ؟؟؟ قال : بأقول لك شي احجب من هذا , والله ما نمت ليلة واحده حتى أقرا وجه من القرآن !!! قلت : ليش ؟ قال : يا أخي هذا الكتاب عجيب غريب , عندما تقرأه كأنك تقرا تحفة أدبية رائعة , تقرا كلام عالي ليس ككلامنا نحن ,, أنا عندي نسخ كثيرة من الإنجيل من أكثر من 3 سنوات ما فتح الإنجيل ولا قرأت فيه صفحة واحدة , أما كتابكم هذا القرآن فو الله ما أذكر أني منذ عرفت القرآن استمعت إليه مرة , كنت أنا في شركة فصلوا وأخذ الإمام يقرأ , فقلت : ايش هذا الكلام ؟ فطلبت نسخة منه قال لي واحد : لأ أنت كافر ما نعطيك نسخة , فقلت : بأحصل عليه بأحصل عليه بالطيب بالغصب بآخذ نسخة من هذا الكتاب , هذا الكتاب مو خاص فيكم هذا لكل الناس ,, يقول : حصلت نسخة من القرآن بالفعل , و والله من حين حصلت عليها وأنا أقرأ هذا القرآن كل ليلة قبل أن أنام ... ليش ؟؟ أدرك حقيقة القرآن . يقول : قرانا كتب كثيرة ما وجدنا مثل هذا الكتاب , اطلعنا على كتب أدباء ما لهم حد ما اطلعنا على مثل هذا الكلام الذي في القرآن .. ويحكي لي مرة يقول : جاءنا مسلم وكنا في عزاء فقلنا للمسلم : لعلك تقرأ علينا شيء من القرآن , يقول : فأخذ يقرأ وكانت زوجتني حاضرة لا تدري ماذا يقرأ هذا الشخص , فلما دخلنا فيقول : قلت لها : استمعتي للكلام ؟ قالت : قالت أي , لكن هذا المسلم ايش كان بيقرأ , قلت : ليش تسألي ؟ قالت : الكلام غريب جدا , أسلوبه راقي جدا , القصص اللي بيحكيها رائع وأسلوب العرض رائع , الكلام اللي بيأمر فيه وبيقوله كلام حلو جدا الحوار الذي بنفس الكلام عجيب جدا حوار يشدك مالك مخرج منه .. , فيقول : وأخذت تتكلم وأنا ساكت تركتها تتكلم عن هذا الآيات اليسيرة اللي سمعتها , فلما انتهت قلت : هذا هو القرآن . قالت : القرآن اللي عند المسلمين !!!!هذا هو ؟؟؟ قلت : نعم هذا القرآن اللي عند المسلمين , قالت : سبحان الله ايش هذا ... إذا أنا أريدك أيها المؤمن أن نعيش مع القرآن أن تدرك عظمة هذا القرآن , ولهذا هنا قال الله عز وجل { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم } متشابه , تدري ليش متشابه أيها المؤمن ؟ القرآن جاء بحقائق ليست كثيرة جدا لكنها واضحة معروفة محصورة , فهو متشابه , تأتيك حقيقة التوحيد مثلا فترد عليك في سورة الإخلاص { قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد } طيب جاءنا في سورة الإخلاص الكلام عن التوحيد , يأتيك التوحيد مرة أخرى لكن بصفة ثانية , مثاني , بطريقة أخرى , تقرا مثلا { قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون } فهناك الكلام عن توحيد الله عز وجل , هنا الكلام عن نفي الشريك مع الله عز وجل , ثم تأتي إلى سورة ثالثة تتكلم عن التوحيد كذلك لكنها بصورة أخرى , بأسلوب ثالث ورابع وخامس , يأتي الكلام عن التوحيد في قضايا كثيرة في كتاب الله عز وجل , من جهات كثيرة جدا يأتي الكلام عن التوحيد , بل في فاتحة الكتاب يأتي الكلام عن التوحيد بدا فيقول الله عز وجل { الحمد لله رب العالمين } قضية الربوبية والتوحيد .. فيأتي الكلام عن المسألة الواحدة متشابه من جهات كثيرة جدا , يأتي الكلام مثلا عن الإحسان لليتيم والمسكين والضعيف في كتاب الله عز وجل تأتي من جهات كثيرة متنوعة لا حد لها , فيأتيك مثلا يقول لك مثلا في سورة الماعون , ما أولها { أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم *) انظر قليلا , أرأيت الذي يكذب بالدين , الكلام الآن في سورة الماعون عن ماذا ؟ عن الماعون , عن الإحسان إلى الناس , عن إعطائهم ما يحتاجون إليه مما هو زائد عن حاجتك , فضلة لا تحتاج إليها الآن ويحتاج إليها غيرك , فماذا تفعل ؟ ما الذي يجب عليك أن تفعله في مثل هذه المواقف ؟ لما أراد الله عز وجل أن يتكلم مع المسلمين في حقيقة ما يجب عليهم تجاه غيرهم ممن حولهم من الجيران والأهل والأصحاب والأحباب , شف البداية كيف جاءت ؟ أرأيت الذي يكذب بالدين ... الكلام عن ماذا ؟ عن التكذيب بيوم الدين يوم القيامة , شف كيف البدأ الشديد الصعب العسر , من هو هذا يارب الذي يكذب بيوم الدين ؟ قال { فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين } وش معنى يحض ؟ يحث . فالكلام لما أردا ان يتكلم عن إطعام المسكين وعن رحمة باليتيم بدأ بالبداية القوية { أرأيت الذي يكذب بالدين* فذلك الذي يدع اليتيم } وهذا متشابه مثاني , وتأتيك في آية أخرى { فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة *} تكلم عن الإطعام في يوم الجوع { يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة } إذ كان يتيم قريب لك أو مسكين بلغ من الأرض إلى أن وصل إلى التراب . فانظر إلى كونه متشابه , يعرض القضية الواحدة من جهات متنوعة جدا , لأنه يريد من المؤمن أن يتصف بها اتصافا كاملا تماما , فإن لم تدخل عليه من هذه الجهة دخلت عليه من الجهة الأخرى , فغن لم تأتيه من باب مكارم الأخلاق جاءته من باب الوعد , عن لم تأتيه من باب الوعد جاءته من باب الوعيد , وهكذا { متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } هذا هو موقف المؤمن الذي يريد ان يعيش مع القرآن , إذا أردت أن تكون عائشا مع القرآن , أنت في طور حياة كلها من القرآن كما وصف الله عز وجل { تقشعر منه جلود الذي يخشون ربهم } فعند تلاوة آيات الكتاب يكون عندك ماذا ؟ الجلد فيه قشعريرة مع آيات الكتاب , فيه خوف , لما تسمع هذه الآيات والمتكلم بها هو الله عز وجل { تقشعر منه جلود الذي يخشون ربهم } طيب إذا اقشعرت لأنه جاءت آيات الوعيد الشديد بذكر النار , بذكر الأهوال والعذاب الشديد , بعد ذلك ماذا يكون من حال هذا المؤمن { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } انظر في الآولى ذكر الجلود فقط القشعريرة الخاصة بالجلود , أما بالنسبة ليونة القلب مع آيات الرجاء فجاء الكلام عنه { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } الآيات التي فيها رجاء , فيها وعد برحمة الله عز وجل , وبجنته سبحانه وتعالى { ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد } انظر إلى هذه الحقيقة الجميلة في هذه الآية , هذا هو هدى الله , { ذلك هدى الله } أي الذين تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله عز وجل , وتقشعر وتفرح وتحزن للوعد والوعيد هؤلاء الذين هداهم الله { ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده } أما الفئة الأخرى من الناس ما صفتهم وما حالهم ؟ قال الله عز وجل في هذه الآية { ومن يضلل الله فماله من هاد } إذا هما طريقان ما للمرء غيرهما ***** فنظر لنفسك ماذا أنت تختار نعم أيها المؤمن أنظر لنفسك ماذا أنت تختار , أسال الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من أهل هداه وأن لا يجعلنا من أهل الضلالة , برحمته وتوفيقه وتسديده , اللهم إنا نسألك علما نافعا وعملا صالحا , وقلبا خاشعا وإيمانا كاملا , ولسانا ذاكرا , وعينا من خشية الله دامعة , اللهم جميعا نسألك الفردوس الأعلى في جناتك جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ... التعديل الأخير تم بواسطة أم الشهداء ; 24-10-08 الساعة 01:48 PM |
24-10-08, 03:54 PM | #5 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس الثالث .. مجموعة خادمات القرآن
كيف نبني بيتا في أرض القرآن
الحمد لله رب العلمين والحمد لله الرحمن الرحيم والحمد لله مالك يوم الدين والحمد لله الذي إياه نعبد وبه وعليه وحده نستعين ثم أصلي واسلم على حبيبنا ونبينا ومصطفى ربنا محمد صلي الله عليه وسلم وعلى أله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . تكلمنا في الحلقة السابقة عن الحياة في ضوء القرآن ثم عن العيش مع القرآن وكيف يكون الإنسان عائشا مع كتاب ربه سبحانه وتعالى ونريد الآن أن ننتقل إلى الهدف الثالث وهو هدف مهم جدا بل هو من الأهداف التي كانت هذه الدروس من أجلها وكان المقصود من إقامتها أن نستطيع أن نبني بيتا في أرض القرآن الهدف الثالث هو نريد أن نبني بيتا في أرض القرآن هذه العبارة المقصود منها أن يكون لنا حياة وعيشا وبناء في رياض كتاب الله سبحانه وتعالى كيف يكون هذا نعم أيها المؤمن حياتك من الممكن من أولها إلى أخرها من حين أن تستيقظ في الصباح الباكر إلى أن تنام بل من بعد أن تنام وإلى أن تستيقظ من نومك من الممكن جدا أن تكون مع القران من أولها إلى أخرها لما وكيف إذا بنيت بيتك على أرض القران وإذ استعنت في بناء هذا البيت بالقران وإذ أخذت في بناء هذا البيت بأدوات تستلهمها من القران نريد هذا كله نريد أن تكون الأرض من كتاب الله عز وجل قطعة من نور هذا القران الذي أنزله الله عز وجل على هذه الأرض ونريد أيضا عندما نهم في البناء ونشرع في تشييد هذا البيت المبارك نريد أيضا أن نستعين على هذا البناء وفي تشييده بكتاب الله عز وجل فقواعده كلها من أولها إلى أخرها من الممكن جدا أيها المؤمن أن نأخذها من القران وكذلك إذا أردنا أن نأخذ شيئا مما يتعلق بهذا البناء ولنضرب مثلا على ذلك بأحجاره وطوبه بملاطه أي بالخلطة وكذلك ما يتعلق بدهانه بزخارفه بتزويقاته كلها من أولها إلى أخرها أيها المؤمن الممكن أن تكون مع كتاب الله عز وجل نعم تصور هذا البيت قد بني في أرض القرآن وقد شيد من القران وقد جمل وحسن من القرآن أيضا وهذا من الممكن كيف ؟ هذا الذي نريد في الهدف الثالث أن نطمع إليه ثم من خلال الوسائل المقررة في هذه الدروس أن نصل إليه أريدك أن تطمع في هذا وأن تعلم أنه من الممكن تماما أن تشيد بناءا كاملا تاما رفيعا شريفا جميلا حسنا أبيضا ولكنه من القرآن كيف هذا سنأتي به بإذن الله فيما نستكمل من الدروس ولكن دعني اضرب لك أمثلة أيها المؤمن أيها المبارك يا قارئ القران دعني أضرب لك أمثلة لهذا البناء جاء في كتاب الله عز وجل بل كان القران هو الذي يهدي محمد صلى الله عليه وسلم في تشييد بناء هذه الأمة من أولها إلى أخرها نحن لا نستطيع أن نشيد بناء لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من أولها إلى أخرها إنما كان هذا على يده صلوات ربي وسلامه عليه لكن من الممكن أن نساهم في تجديد بناء الأمة من الممكن أن نساهم في إصلاح الخلل والخطأ الذي يوجد حينا في بعض جدران ومنافذ بنيان هذه الأمة في هذا البنيان العظيم هناك ولا شك أمور لا نرتضيها ولا نفرح بها ونتمنى أن تزول هناك أنواع من الإعطاب أنواع من الخلل أنواع من الكسور أنواع من الشروخ في هذا الجدار العظيم في جدار هذا البنيان المشيد في بنيان أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا أردنا أن نساهم في تصحيح وفي تقويم هذا البنيان عند إذ يجب أن نكون أداة صحيحة سليمة في الوقوف على تصحيح الأخطاء وهذا لا يكون إلا من كتاب الله عز وجل نأخذ أمثلة لننظر كيف ساهم هذا القرآن بل كيف أمر هذا القرآن نبي الهدي صلى الله عليه وسلم لتشييد هذا البنيان خذ أول قاعدة أمر بها القران في توجهه الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وأريد منك أن تكون متفتح الذهن جدا في تصور هذه الأوامر من القرآن حينما تنزلت على خير البشر صلى الله عليه وسلم محمد صلوات ربي وسلامه عليه لما تنزل عليه القران كان قبله كما ذكرنا لك (ووجدك ضالا فهدى) بعيدا عن نور القرآن لما تنزل عليه القرآن أمره أن يبدأ في تشييد هذا البنيان العظيم بنيان أمة محمد صلى الله عليه وسلم فما هي الأوامر الأولى التي جاءت من القرآن على هذا النبي الكريم لتشييد هذا البنيان ما هي ؟ انظر إلي أول سورة تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وهي تعتبر اللبنة الأولى في تشييد هذا البنيان العظيم الذي هو أعظم بناء شيده نبي صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين لكل نبي بنيان لكل نبي أمة دعاهم إلى الحق منهم من أجاب ومنهم من رد ورفض وأمة محمد صلى الله عليه وسلم دعاها نبيها فاستجاب منها أمم وبقي أيضا أمم لم تجب ومن أجب بين لهم صلى الله عليه وسلم هذا البنيان العظيم فما هي اللبنة الأولي التي وضعها القرآن لتشييد بنيان أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أول سورة تنزلت على هذا النبي الكريم :هي سورة العلق نعلم جميعا أن سورة العلق هي أول سورة تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم على الصحيح من أقوال أهل العلم لنقرأ أوائل سورة العلق لندرك كيف كانت أول لبنه في هذا البنيان العظيم ( اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*اقرأ وربك الأكرم*الذي علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم ) انظر أيها المؤمن أيها المبارك يا من استمعت إلى هذه الآيات العظيمات وانظر إلى أوائل الأوامر التي جاءت في هذه السورة ولك أن تتخيل أن هذه أول أية سمعها محمد صلى الله عليه وسلم وكأنها أول أيه تستمع أليها أنت من كتاب الله عز وجل لو كنت قبل ذلك لم تستمع إلى شيء من كتاب الله مطلقا ثم استمعت إلى أية إلى ماذا ستستمع ، ستستمع إلى قول الجبار سبحانه اقرأ باسم ربك الذي خلق فما هو أول أمر أمر به محمد صلى الله عليه وسلم ، أمر باقرأ والمقصود هنا بالنسبة لاقرأ تحصيل العلم لان القراءة وسيلة لتحصيل العلم فأول ما أمر به محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن وهو أول لبنة وضعت في تشييد هذا البنيان العظيم تشييد بناء أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو العلم فأعظم قاعدة وأكبر ما عندنا في هذه الأمة هو ما يتعلق بمسألة العلم وإذا جاء الأمر أولا فيها أقرأ باسم ربك الذي خلق اقرأ أي حصل العلم وأي علم أي العلم النافع كيف أدركنا أنه العلم النافع لا غيره أدركناه بقوله سبحانه وتعالى بعده مباشرة ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) الباء هذه تسمى باء الاستعانة باسم ربك الذي خلق فأمر أن يستعين باسم الذي خلق أي باسم الله عز وجل على ماذا على تحصيل العلم والذي يستعين باسم الله سبحانه وتعالى العظيم على تحصيل العلم حيث يحصل علم ليس له نفع هل سيحصل علم ليس له جدوى ليس من وراءه فائدة لا وإنما سيحصل العلم الذي له فائدة عظيمة وجدوى كبيرة سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة ولذا هكذا كان بداية تشييد هذا البنيان العظيم فأول ما ينبغي لكل من أراد أن يبني بيتا عظيما جميلا حسنا في هذه الحياة الدنيا من كتاب الله أول ما ينبغي عليه أن يبدأ بالعلم وبدون العلم لن يستطيع أن يبني بيتا على طريقة وهدى وخطى وأثر هذا النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه نعم لا يمكن وهذا مثال نضرب لك الآن كيف نبني بيتا من القرآن فهذا هو المثل الأول إذا أردت أن تبني بيتا من القرآن عماده هو كتاب الله عز وجل ولا يكون بنيانا حسنا ------- خطأ في صوت الشريط من الدقيقة الثانية عشر وعشر ثواني إلى الدقيقة الثانية عشر وستة وخمسين ثانية --------- أن تشيد بناء في أرض القرآن فلابد لك بهذا العلم نعم أيها المؤمن لابد لك أن تبدأ بالعلم ولذا انظر إلى هذا التكرار العجيب إلى تكرار الله سبحانه وتعالي لمسألة العلم في هذه الآيات التي هي أول ما تنزل ، وأنا لا أريد أن ينقطع ذهنك عن تصور المسألة كما هي النبي صلى الله عليه وسلم ما كان استمع أية قبل ذلك مطلقا ما استمع إلى كلام الله سبحانه وتعالى هذا هو أدب ، ما تنزلت عليه ولا آية ما استمع إلى شيء أبدا وينزل عليه مباشرة أول ما ينزل اقرأ باسم ربك الذي خلق أي تعلم العلم الذي يكون فيه الاستعانة بالله سبحانه وتعالي علم يكون نافع لك في دنياك وأخراك اقرأ باسم ربك الذي خلق ثم ماذا (خلق الإنسان من علق) بيان القدرة الإلهية العظيم ثم ماذا بعدها (اقرأ وربك الأكرم) عاد لمسألة القراءة وربك الأكرم أي إذا استعنت بالله عز وجل فإن كرم الله سبحانه وتعالى سيفيض عليك أنواع من العلوم النافعة الكثيرة فإذا استعنت بالله فبكرم الله سبحانه وتعالى سيكون سببا في تناول أنواع من العلوم كثيرة لا حصر لها ببركة هذا القرآن العظيم وببركة الاستعانة بالله سبحانه وتعالى ولذا قال بن القيم رحمة الله كلمة عظيمة جليلة قال من فعل طاعة من الطاعات ولم يجد لهذه الطاعة أثر في قلبه وفي نفسه فليراجع نفسه فإن الله كريم شوف العبارة فإن الله كريم ، إذا فعلت طاعة وكنت مخلصا فيها ومقبلا على الله عز وجل فإنه لابد أن يثيبك الله سبحانه وتعالى أمر أخر وطاعة أخرى ولذة ثالثة وطاعة رابعة لان الله كريم ، فهنا من أقبل على العلم مستعينا بالله فإن الله كريم (اقرأ وربك الأكرم) أي لا تخشى أن الله سيتخلى عنك سيبخل عليك لا سيمن عليك لا وإنما سيكرمك إذا أقبلت عليه وتعلمت العلم النافع مستعينا به سبحانه وتعالى (اقرأ وربك الأكرم*الذي علم بالقلم ) شوف كرر أيضا مرة ثانية مسألة العلم فكلمة القراءة مرتين وكلمة العلم مرتين فمسألة العلم والقراءة تكررت أربع مرات وهي أوائل ما تنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يفيدك أهمية العلم في تحقيق ما تتمناه من العيش في رياض القرآن ( اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*اقرأ وربك الأكرم*الذي علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم ( وأعظم ما علم الله الإنسان هو القرآن وهذه حقيقة إذا أردت أن تعيش في أرض القرآن وأن تشييد بناءك في ضوء القرآن فلا بد أن يكون بدأ بالعلم وسيأتي الكلام عن هذا تفصيلا بإذن الله سبحانه وتعالى ولكن أردت أن أضرب لك مثلا إذا أخذنا فإن القرآن لما تنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أراد منه أن يدرك هذه الحقيقة العظيمة وأنه لا يمكن أن يبني بناء مستقيما مشيدا عظيما إلا بالعلم ولذا نزلت السورة بداية ، بعد ذلك ننتقل إلى رسالة أخري وهي مهمة جدا في هذا الأمر ، ما السورة التي تنزلت بعد سورة العلق وأنا الآن أعيد واكرر أن مقصودي كيف نبني بيتا في أرض القرآن فإذا أردت أن تبني بيتا في أرض القرآن لابد من العلم وبدون العلم أنت لا تستطيع ولن تستطيع ولن يستطيع أحد من الناس أن يبني بيتا في أرض القرآن ، ما هي السورة الثانية التي تنزلت بعد سورة العلق ؟ هي سورة المدثر على خلاف بين المفسرين ولكن جمهور المفسرين على أن السورة الثانية التي تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم هي سورة المدثر من يقرأ لنا أوائل سورة المدثر حتى نقف على الحقيقة الكبرى الثانية في هذا الأمر الجليل ؟ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ، بسم الله الرحمن الرحيم ( يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهّر * والرّجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر ) أحسنت وبارك الله فيك ونفع الله بك انظر إلى ثاني سورة تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أبدأ أن تنقطع حبال أوصالك في الكلام والتفكر مع هذه الآيات لان هذا الأمر إذا انقطع لن تستفيد شيء نريد أن نعيش وكأن هذه السورة لم يتنزل قبلها إلا سورة واحدة هي سورة العلق فأمرت بالعلم قبلا والآن تأمر بأمر في أخر وهو ما يتعلق ، لما تعلمت يجب عليك بعد ذلك وينبغي لك أيها المؤمن أن تنطلق في الدعوة إلى الله عز وجل أن تنطلق في أرض الله الواسعة فتبلغ دين الله عز وجل وتبلغ ما أمرك الله به سبحانه وتعالي وأنت تتبع نهج الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في أمرهم الناس ونهيهم الناس أمرهم بما أمر الله به ونهيهم عما نهى الله عنه ، ( يا أيها المدثر) كيف ( يا أيها المدثر)؟ هل الإدثار هو أن يأخذ الإنسان لحاف فيلتحف به ويجمع نفسه عليه فيدثر ، يلتحف بهذا اللحاف وكأنه خائف من شيء أو قد جاءه شيء أرده فعندئذ يدثر بهذا خوفا مما قد أحاط به فجاء الخطاب من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في أوائل ما تنزل ( يا أيها المدثر) لم يأتي الخطاب يا محمد ولا يا أيها الرسول وإنما جاء ( يا أيها المدثر) ، فاصل قصير أيها الأحبة ثم نعود إلى الكلام عن سورة المدثر . الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله ، مرحبا بكم أيها الإخوة الأحبة مرة أخرى ، ونحن نتكلم عن سورة المدثر في كيفية أن هذه السورة كانت هي اللبنة الثانية في بناء هذه الأمة العظيمة التي شيد محمد صلى الله عليه وسلم وكان الراعي في هذا البنيان هو القرآن العظيم فتنزلت هذه السورة على هذا النبي العظيم ليبدأ في تشييد هذا البنيات الكبير الهائل الذي هو أعظم بنيان مر على مر تاريخ البشرية ، ولم يمر على تاريخ البشرية أعظم من هذا البنيات ويستحيل هذا في كل الوجوه وعلى كل الأصعدة فإذا ( يا أيها المدثر) هي اللبنة الثانية التي تنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم ماذا فيها من الأوامر ؟ وما الذي جاء فيها حتى تكون بهذه المنزلة العظيمة أن تكون ثاني سورة تنزلت عليه صلوات ربي وسلامه عليه ، استمع إلى هذه السورة واستمع مع فهم آياتها ستلحظ أن هناك شيء تنزلت من أجله فالله عز وجل يقول في أولها يا أيها المدثر * قم فأنذر) وصفة المدثر هنا كأنما جاءت لذكر عتاب يسير من الله عز وجل إلى هذا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي تنزل عليه الوحي العظيم فشق عليه الأمر في بدايته مشقة كبيرة جدا ولك أن تتصور أن إنسان من البشر بلحمة وعظامه ودمه يتنزل عليه أمر من جبار السموات والأرض ويوصل هذا الأمر جبريل عليه السلام وهو أعظم ملائكة الله سبحانه وتعالى والأمر شديد وليس بالهين ولذا لما تنزلت هذه الآيات وتدثر النبي صلى الله عليه وسلم تنزلت عليه مباشر لا لست أنت يا محمد ولا أنتم أيضا يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أتباعه ، لستم أنتم الذين تتدثرون وتختبئون خلف اللحاف وتتركون دعوة الناس لا أنتم تخرجون تبلغون رسالات الله سبحانه وتعالى كما أمركم الله عز وجل ولذا جاء هذا الوصف فيه عتاب يسير ( يا أيها المدثر) هذه الصفة ليست لك ولا تناسبك أنت الذي يناسبك (قم فأنذر) ولك أنت أن تتأمل كلمة قم قبل فأنذر لا يكون الإنذار وأنت جالس لا وإنما الإنذار ينبغي أن يكون وأنت قائم واقف مستعد لتبليغ دعوة الله عز وجل ولذا قبل الإنذار أمره بالقيام فقال (قم فأنذر * وربك فكبر) هو الآن يريد أن ينذر فما علاقة وربك فكبر ؟ العلاقة هنا أيها المؤمن أن الذي لا يعلم أن الله أكبر من كل شيء وأن الله أعظم من كل شيء وأن الله أجل من كل شيء وأن الله رفيق بكل شيء ، لا يمكن أن يبلغ رسالات الله سبحانه وتعالى لان الخلق لن يتركوه ، أنت تريد أن تسد بين ضلال الناس بين شهواتهم بين لذاتهم بين ظلمهم بين طغيانهم بين كل ما هم فيه من المعاصي والشرور التي يرغب فيها الشيطان تريد أن تجعل سدا منيعا وفاصلا عظيما بين هؤلاء الناس وبين هذه الشهوات التي ملئت قلوبهم و لذا ستواجه معضلة كبيرة جدا, و هي ماذا هي هناك طواغيت في الأرض, و هناك ناس سيصدونك عن هذه الدعوة, و يجابهونك مجابهة شديدة, فإن لم تكن مكبرا لله عز و جل معظما لشأنه سبحانه و تعالى لن تستطيع أن تصمد في مسيرك لهذه الدعوة و في تبليغك لرسالات الله و إذا قال (وربك فكبر) ليكن الله أكير من كل شيء في قلبك, ليكن الله أعظم من كل شيء في قلبك, ليكن الله أجل من كل شيء في قلبك لا تخف أحد فالله معك. لا تنتظر من أحد عطاء و الله معك لا تنتظر من أحد رجاء و الله عز و جل هو الذي معك لا تنتظر من أحد حماية و الله عز و جل هو حاميك و لا تنتظر من أحد يعينك و الله عز و جل هو المعين سبحانه و تعالى و هذا هو معناه أن التعلق الكامل بالله و لا يعني أن تترك السنن الكونية التي أمرك الله عز و جل بها لا و لكن التعلق أولا و بدأ إنما يكون بالكبير المتعال يسبحانه و تعالى و لذا قال (وربك فكبر وثيابك فطَهر) أنظر إلى هذا الأمر الجميل للداعية في مبدأ حياته الدعوية. (وثيابك فطَهر) و الثياب هنا ليس المقصود بها الملابس هذه و فقط, لا, و إنما الثياب شاملة لكل ما يحيط بالإنسان، بمعنى أنه أمره ثوبك و الثياب فطهر, جاءت عند أنواع المفسرين بأنواع عديدة منهم من يقول و ثيابك أي طهر نفسك من الشرك هذا كلام جملة من المفسرين, منهم من يقول و ثيابك فطهر أي طهر لسانك من بذيء الكلام , ومنهم من يقول و ثيابك فطهر أي طهر قلبك من الغش و الحقد و الحسد و نحو ذلك, ومنهم من يقول و ثيابك فطهر أي طهر ملابسك من القاذورات و النجاسات و نحو ذلك و منهم و منهم و منهم من يقول و كل هذا صحيح فالواجب على الداعية إذا أراد إن يقوم فيبلغ رسالات الله فالواجب عليه أن يطهر نفسه قبل أن ينتقل إلى تطهير الخلق من بعد ذلك إذا أراد أن يطهر الناس فيجب عليه أن يبدأ بتطهير نفسه من الأنجاس. يطهرها من كل دنس، يطهرها من كل نجس فلا يبقي في داخله شيء من هذه الأنجاس فلا يبقي على ظاهره شيء من هذه الأنجاس، هذا لابد قبل أن ينتقل إلى الدعوة لله عز وجل، أما إذا دخل في سبيل الدعوة و هو إلى الآن متلطخا بهذه النجاسات, متلبسا بهذه القاذورات, لن يستطيع أن يبلغ, و لن يقبل منه الناس و إن بلغ و لذا كان الواجب على الداعية أن يطهر نفسه قبل إن ينتقل إلى تطهير غيره و ثيابك فطهر يجب أن تطهر نفسك بدأ من الشرك, من التعلق بغير الله, من الظن بالله ظن السوء من صرف عبادة إلى غير الله سبحانه و تعالى من دعاء غير الله, من الذبح لغير الله, من الطواف بغير الكعبة من و من أشياء كثيرة جدا يجب أن تطهر نفسك أيضا من الكذب من الغش من الحسد من الحقد من السب من اللعن من الشتم من أنواع الكلام السيئ البذيء. يجب أن تطهر نفسك أيها المؤمن أيضا من ثناء الخلا، الفحش, الغيبة النميمة و أنواع كثيرة جدا من أنواع ما حرم الله عز و جل عليك و من أنواع ما هي من سيء الأخلاق. يجب عليك أن تطهر ملابسك, بدنك تطهره من القاذورات والنجاسات الداعية يجب أن يكون نظيفا حتى في بدنه, نظيفا حتى في شعره و هيئته, نظيفا حتى في ما أمره الله عز و جل في سنن الفطرة, نظيفا حتى في ملابسه الداعية لا يجب أن تكون ملابسه متسخة, قذرة و نحو ذلك عليها نجاسات عليها قاذورات لا إنما كله من أوله إلى آخره إن نظرت إليه من الداخل فإذا هو ابيض نظيف وإن نظرت إليه من الجانب فإذا هو ابيض نظيف و إن نظرت إليه من الجانب الآخر فإذا هو أبيض نظيف , فإذا نظرت إليه من أمامه من خلفه من تحته من فوقه من كل جهاته إذا هو كالمرآة في نظافته من كل شيء لا يجد عليه أحد مدخلا أبدا فإن أراد أن يقدح في دعوته لن يستطيع إلا بالكذب و البهتان إما أن يجد عليه مدخلا فلن يجد و لذا أمر الله نبيه صلى الله عليه و سلم في بداية الدعوة أن يكون كذلك. (وثيابك فطَهر) ثم (والرجز فاهجر) كل من كان من قبيل الرجس كل ما كان من قبيل القبح و السوء هذه التماثيل هذه الأصنام هذه الأحجار هذا التعظيم لهذه المخلوقات الضعيفة التي لا تنفع و لا تدفع لا ينبغي أن يكون في قلب المؤمن وفي قلب المسلم أدنى تعظيم لهذه الأحجار التي يصنع الإنسان منها بيده أشكال و ألوانا من المخلوقات ثم يعظمها و يقدسها و يجلها و قد تقع في قلبه في محل عظيم . (والرجز فاهجر) أي ابتعد عنه ابتعادا كاملا هذه الأوامر في الدعوة في بدايته و أنا أعيد و أكد أن هذا مثل ليس هذا تفسير للسورة لا و إنما هذا مثل أذكره لك الآن لتعلم كيف من أراد أن يشيد بناء القرآن على أرض القرآن بأدوات القرآن هذه هي طريقة القرآن ثاني سورة ثاني لبنة في هذا البناء هي سورة المدثر تنزلت لمن أراد أن يبلغ دين الله عز و جل كيف يكون حاله كيف يجب أن يكون وصفه كيف يجب أن يكون باطنه و ظاهره . بعد ذلك انتقل إلى المثال الثالث وإن كان الكلام عن سورة المدثر حقيقة ينبغي أن يكون طويلا وينبغي أيضا أن يكون جميلا وينبغي كذلك أن يكون مبسوطا لان في هذه السورة من أنواع العبر و العظات ما الله به عليم ولكن نرجئ هذا بإذن الله عز وجل إلى حلقات أخرى أو إلى درس آخر من الممكن أن يتكلم فيه الإنسان ويعرض فيه بعض بدائع هذه السورة العظيمة. المثل الثالث الذي معنا و الذي بني من خلاله هذا القرآن هذه الأمة المحمدية على يد محمد صلى الله عليه وسلم هي سورة المزمل شوف هذه السور تعتبر من قصار السور من جزء تبارك و عمّ سور يقرأها الناس كثيرا و يعرفها عموم المسلمين و هي التي شيدت هذا البناء العظيم فما الأمر الذي جاء في هذه السورة؟ و بماذا تكلمت هذه السورة؟ عن ماذا كانت تتحدث هي تتحدث عن البناء الثالث, عن اللبنة الثالثة وعن القاعدة العظيمة التي لابد من وجودها إذا أراد الإنسان أيضا مرة رابعة و خامسة و سادسة إذا أراد الإنسان أن يبني بيتا في أرض القرآن. نريد من يقرأ لنا أوائل سورة المزمل حتى نتكلم عن اللبنة الثالثة كمثل من أمثلة هذا البناء العظيم: "يا أَيها المزمل * قم الليل إِلا قليلا* نصفه أو انقص منه قليلا* أَو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا" أحسنت وبارك الله فيك ونفع الله بك ، هذه اللبنة الثالثة من هذا البنيان العظيم جاءت حين تنزلت عليه صلى الله عليه وسلم لتدله على أمر يستعين به على هذه الحياة بكل أمورها ألان نبينا صلي الله عليه وسلم أمر بالعلم وحصل العلم الذي استعان على تحصيله بالله عز وجل ، وهذا كان في سورة العلق وهذه هي اللبنة الأولى اللبنة الثالثة هي هذه السورة العظيمة التي أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا ) قيام الليل عبارة عن ماذا؟ قيام الليل عبارة عن عبادة فهو بدأ أمر بالعلم حتى يسير في طريقه وهو مبصر ثم ثانيا أمر بماذا ؟ بتبليغ هذا العلم فإذا سار في طريق تبليغ العلم فعندئذ ستواجهه صعوبات كثيرة في هذا الطريق ، هذا الطريق طريق شائك طريق صعب طريق فيه عسر طريق ستواجهك أمامك مصاعب لا حد لها ولا نهاية لأولها ولا آخرها ، ولذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه أنه قال (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل , يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء ) فإذن أنظر لتربية القرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم أمر بالعلم ثم أمر بالدعوة فإذا أراد أن يبلغ الدعوة ستواجهه صعوبات كبيرة وعظيمة جدا فهو بحاجة إلى زاد يستعين به على هذا الطريق وبحاجة إلى أمور تغذي هذا الجسد وتغذي هذا الروح في هذا الطريق العظيم الطويل الذي يحتف به ما يحتف من أنواع الصعوبات ما هو هذا الغذاء وما هو هذا الزاد ؟ هو زاد العبادة هو غذاء طاعة الرب سبحانه وتعالى التي من أعظمها أن تصف قدميك في آخر الليل لله سبحانه وتعالى والناس لا يرونك ولا أحد يعلم عنك فتصف هاتين القدمين ثم تكبر قائلا الله أكبر وتشرع في صلاة الليل بينك وبين خالقك لا يعلم عنك أحد من الناس أبدا هذا الزاد هذا الغذاء هذا هو الذي يكفل لك أن تسير في طريق الدعوة ويكفل لك أن تسير في طريق العلم من دون أن تنقطع ومن دون أن تتعب ومن دون أن يعتريك ما يعتريك في أثناء الطريق فتترك الطريق وتذهب يمنة ويسرة تاركا طريق الأنبياء عليهم من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم نعم لم هذا أيها المؤمن؟ لم هذا أيها المبارك ؟ لأنك الآن ستسير على هذا الطريق الذي ذكرت لك أنه فيه عسر وأنت بحاجة إلى زاد في سيرك على هذا الطريق هذا الزاد ليس من الطعام والشراب وإنما هو من طاعة الله سبحانه وتعالى وبالأخص من أنوع الطاعة طاعة واحدة وهي ما يسمى بالعبادة التي يطلق عليها عند اصطلاح بعض أهل العلم ( العبادة المحضة ) لأن العبادة الواسعة في مفهومها الشامل تشمل كل أنواع الطاعات والعبادات من دون استثناء ولكن المراد هنا هو الطاعة المحضة أو العبادة المحضة التي يكون فيها سر بينك وبين خالقك سبحنه وتعالى أنت بحاجة الآن أن تقوم الليل ولذا أمر الله عز وجل نبيه بقيام الليل في أوائل الدعوة قبل الأمر بالصيام صيام رمضان تأخر إنما جاء في الهجرة قبل الأمر بالزكاة قبل الأمر بالحج قبل النهي عن شرب الخمر قبل النهي عن الزنا قبل النهي عن أنواع الشرور الكثيرة جدا التي جاء بها الله عز وجل وتنزلت على نبيه صلوات ربي وسلامه عليه تأمل كل هذه الشرور , لم ينهى عنها إلا متأخرا وكل هذه الأمور العظيمة التي هي أركان الدين لم يؤمر بها أيضا إلا متأخرا قياسا بالأمر بقيام الليل لم هذا؟ لأنك يا أخي المؤمن يا أخي المبارك عندما تريد أن تسير إلى الله عز وجل في طريق الدعوة بحاجة إلى غذاء بحاجة إلى زاد هذا الزاد لا يمكن أن يكون من إلا نوع واحد وهو من عبادة محضة التي تصلك مباشرة مع خفاء بالله سبحانه وحده ولذا من سلك هذا الطريق واحتاط لنفسه بهذه العبادات استطاع أن يسير من دون تعب ولا كد ولا انقطاع . أما من أراد أن يشغل نفسه من أوله يومه إلى آخره بالدعوة المجردة مثلا أو لطلب العلم المجرد مثلا فإنه لن يستطيع أن يصل إلى درب الأنبياء ولن يسلك طريقهم ولن يصل مواصلهم ولن يبلغ شأوهم أبدا لأنهم إنما بلغوا هم هذه المنازل وكذلك بلغ أتباعهم من الصحابة والسلف الصالح هذه المنازل بزاد بطعام بشراب هذا الزاد وهذا الطعام وهذا الشراب هو العبادة المحضة التي تكون سرا بينك وبين الله عز وجل والتي جاء الأمر فيها في هذه السورة ذاكرا وهي اللبنة الثالثة في بناء في تشييد هذا البناء العظيم ولذا جاء الأمر بالعبادة المحضة هنا (يا أيّها المزّمّل *قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرءان ترتيلا ) شوف ترتيلا القرآن ما يقرأ في هذه الساعات العظيمة في أخر الليل قرأه هكذا ؟وإنما يرتل (ورتل القرآن ترتيلا ) لم هذا كله ؟ قال الله عز وجل( إنا) تدل على التعليل لما قبلها ما علة هذا كله قال الله عز وجل (إنا سنلقي ) تأمل كلمة الإلقاء والإلقاء لا يكون إلا في شيء فيه شده فيه قوه قال (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) صفته أنه ثقيل كبير عظيم شديد يحتاج أن تستعد له وأن تتهيأ له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت في الصحيح (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق )والرفق هو أن تستعين في مسيرك في طلب العلم وتستعين في مسيرك إلى الدعوة تستعين بالعبادة التي بينك وبين الله عز وجل قيام الليل قيام خاص بينك وبين الله سبحانه وتعالي لا يدري عنها أحد أمور خاصة لا يدري عنها إلا الله سبحانه وتعالى أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلني وإياكم جميعا من أهل القرآن وخاصته اللهم إنا نسألك الفقه في الدين وأن تعلمنا التأويل اللهم إنا نسألك الفقه في الدين وأن تعلمنا التأويل اللهم إنا نسألك الفقه في الدين وأن تعلمنا التأويل اللهم اجمعنا جميعا في الفردوس الأعلى من الجنة اللهم اجمعنا جميعا في الفردوس الأعلى من الجنة يا ذا الجلال والإكرام اللهم في جوار ورفقة حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم أقف إلى هذا الحد ونواصل بإذن الله في الحلقات القادمة وصلوات ربي وسلامه على أشرف خلقه وعلى أتباعه وعلى أله وأصحابه وأنا معهم برحمته وجوده وكرمه . |
27-10-08, 06:27 PM | #6 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس الرابع .. مجموعة نور القرآن
القواعد الخمسة الكبرى لفهم القرآن الحمد لله الذي علم القرآن ، الحمد لله الذي خلق الإنسان ، علمه البيان ، و الصلاة و السلام على نبينا و حبيبنا و مصطفى ربنا محمد صلوات ربي و سلامه عليه.
في هذه الحلقة المباركة نواصل الكلام عن روائع البيان في بدائع القرآن و في هذا اليوم سيكون الحديث عن مسألتين مهمتين أما الأولى فهي : الخطاب لمن؟ أي الخطاب في هذه الدروس التي أرجو من الله عز و جل أن يجعلها مباركة علينا و عليكم و على جميع المسلمين . الخطاب لمن؟ و تحديد الخطاب هي طريقة قرآنية ربانية محمدية سلفية علمية جاءت في كتاب الله عز وجل ظاهرة بينة واضحة. وجاءت في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أيضا ظاهرة واضحة, وجاءت في طرائق أهل العلم من ذاك الوقت ، من وقت الأسلاف رضوان الله عليهم أجمعين إلى وقتنا هذا. فلابد قبل أن ندأ أن نحدد : الخطاب لمن ؟ لأن الخطاب يختلف فإن كان الكلام عن عموم المسلمين فلهم خطاب وإن كان الكلام عن أهل العلم أو مع أهل العلم وطلبة العلم فلهم خطاب وإن كان الكلام أيضا مع غير المسلمين فلهم خطاب آخر.. ولذا لابد أن نحدد الخطاب في هذه الدروس يكون لمن ؟ بدءا سيكون الخطاب لعموم المسلمين ممن لهم شيء من الاهتمام بالعلوم الشرعية . وهو مسلم يقرأ كتاب الله عز وجل ، له رغبة أن يفهم هذا القرآن ، له رغبة أن يستشعر عظمة هذا القرآن ، له رغبة أن يعيش مع القرآن ، له رغبة أن يبكي مع القرآن ، له رغبة أن يفرح ويسر بل ويضحك مع كتاب الله عز وجل. هذا الخطاب في بادئ الأمر لهذا النوع من المسلمين ممن لم يهجر كتاب الله عز وجل بمعانيه وتدبر آياته. فمن كان هاجرا للألفاظ فالخطاب هنا ليس له أبدا ، وإنما له خطاب آخر ، لأن هذا قد يقال عنه إنه ليس بحاجة إلى كلمات تقال له وإنما هو بحاجة إلى قارعة تقرعه أو طامة تطم عليه ، إذ كيف يكون مسلما مدركا إن هذا القرآن تنزل من الله عز وجل ثم مع هذا كله يهجر ألفاظ كتاب الله عز وجل و لا يتلو و لا مجرد حروف آيات القرآن ، هذا عجب من العجب بل هو والله ضرب من الجنون لا بعده جنون ، ولذا لن يكون الكلام مع هذا وأمثاله ممن هجر حروف القرآن وألفاظه وإنما سيكون الكلام عمن أقبل على قراءة القرآن ، ممن جعل له وردا من كتاب الله عز وجل يتلوه آناءا من النهار وآناءا من الليل ، في أطراف النهار وفي أطراف الليل يتلو شيئا من آيات الكتاب العظيم .. ولكنه مع هذا لايستشعر عظمة هذا القرآن ، فسيكون الكلام مع مثل هذا ، ثم بعد ذلك بإذن الله جل وعلا إذا انتهى الحديث عن هذا الموضوع وانتهى الكلام عن مثل هذا الصنف من الناس ننتقل بعد ذلك إلى ما أسميناه المستوى الثاني وهو الكلام مع طلبة العلم على مستوى يكون فيه شيء من ذكر قواعد أهل العلم الكبار في هذا الباب . وهذه مرحلة أخرى سنأتي عليها بإذن المولى.. ولكن الخطاب الآن لعموم المسلمين ممن لهم عناية بكتاب الله عز وجل تلاوة وشيئا من الحفظ وشيئا من الاهتمام بهذا القرآن العظيم. يريد أن يتعلم هو كتاب الله ، يريد أن يعلمه أبناءه ، يريد أن يعلمه أهل بيته ، الخطاب لهؤلاء ويجب أن نعلم علما ظاهرا بينا أن الخطاب هنا لهذا النوع من الناس حتى لا يجنح الذهن إلى سؤال كبير : لِمََ لمْ نقل هذا ؟ و لِمََ لمْ نذكر هذا ؟ و لِمََ لمْ نوسع في الاستدلال على ذاك ؟ و لِمََ نذكر قاعدة ولم نأت بكلام أهل العلم في تأصيل هذه القاعدة ؟ هذا المكان ، وهذا الدرس الآن ليس هذا موطنه وإنما موطنه فيما نستكمل بإذن المولى جل في علاه ، إذا تبين هذا فاعلم أن هذه الطريقة كما سبق طريقة قرآنية ، وطريقة نبوية ، فإن الله عز وجل خاطب الكفار بنوع من الخطاب.. وخاطب أيضا كذلك أهل الإيمان ممن هم في أعلى درجات الإيمان بنوع من الخطاب ، وخاطب من دونهم من عامة المؤمنين بنوع من الخطاب ، فتنويع الخطاب إذن لا تثريب على أحد من أهل العلم فيه مطلقا ,بل هو المطلوب من كل إنسان: أن يخاطب كل فئة بما يناسبها وأن يخاطب كل أناس بما يعقلون " حدثوا الناس بما يعقلون ، أتريدون أن يكَذَّبَ الله ورسوله ؟ " لا نريد ذلك. ولذا كان الخطاب هنا لعموم المسلمين. إذا كان الخطاب كذلك فما الذي نريده من هؤلاء ؟ و ماالذي نطمع أن نوصله إليهم, المراد هنا أن نوصل فهم القرآن علي جهة العموم, أن يتلو آيات الكتاب فعند مايتلوها يكون هناك وجل في القلب وقعشريرة في الجلد وحضور وخشوع وخضوع عند تلاوة آيات الكتاب العظيم, هذا حتى نصل إليه نحتاج إلي قواعد خمس, نحتاج إلي قواعد خمس, لابد من تقريرها ولابد من استقرارها في الذهن والقلب معا, هذه القواعد الخمسة أولها,بل وأجلها وأعظمها هي:أيها المؤمن أنت مع القرآن حي وبدونه ميت,أنت مع القرآن حي وبدونه ميت,وأنت مع القرآن مبصر وبدونه أعمي,وأنت مع القرآن مهتدي وبدونه ضال,هذه القاعدة لابد وأن تكون مستحضرة في الذهن من حين أن يعقل الإنسان المكلف إلي أن يتوفاه الله عز وجل, لابد وأن يدرك يقينا أنه مع القرآن حي وأنه بدون القرآن ميت,لابد وأن يدرك يقينا أنه مع القرآن مبصر يري وأنه بدون القرآن أعمي,لا يري أبدا,ولابد أيضا أن يعلم يقينا أنه مع القرآن مهتدي وموفق ومسدد وأنه بدون القرآن ضال,وغير موفق وغير مسدد,إذا استقرت هذه الحقيقة في قلب المؤمن عند إذا سيسعى,سيسعى,سيسعى, مرة تلوالمرة ليعيش مع كتاب الله عز وجل. وهذه القاعدة وهي أنك مع القرآن حي وبدون القرآن ميت,هذه تتضح لك أيها المؤمن عند ماذا؟عندما تتأمل في هذه الحياة الدنيا, فتنظر إلي إنسان حي وتنظر إلي إنسان ميت,أنظر وقد يقع لك هذا مرة من المرات.. عندما تري ميتا مجندلا,لاحراك له,وتري بجانبه إنسانا حيا,فيه حراك,وفيه روح تأمل الفرق بين هذا وذاك, أترى أن نظر هذا الميت كنظر هذا الحي ؟,أترى أن سمع هذا الميت كسمع هذا الحي ؟ ,أتري أن حركة يدي هذا الميت كحركة يدي هذا الحي ؟,أنظر إلي رجليه,أتري ميت يحرك رجليه كما يحركه الحي؟ تأمل الفرق بين هذا وذاك,خاطب الميت ثم خاطب الحي,أضرب الميت ثم أضرب الحي,أنظر إلي هذا وأنظر إلي ذاك,حرك في هذا ساكنا وحرك في هذا ساكنا,ما الفرق بينهما,الفرق بينهما عظيم جدا** ,هذا نظره ثابت لاحركة له وذاك يقلب عينيه ينظر يمنة ويسري,هذا تخاطبه من اليوم إلي سنة فلا يجيبك,وهذا تخاطبه خطابا يسيرا سيجيبك, هذا لو قربته بالمقارير بل لوأحرقته بالنار لماتحرك ولما شعر,وهذا لو أخذته بإبرة صغيرة يتألم منها ويتحرك,ما الفرق بينهما, الفرق بينهما كبيروعظيم وظاهر جدا لكل ذي عينين, الفرق بينهما أيها المؤمن, الفرق بينهما أيها العاقل كالفرق تماما بل واشد,كالفرق بين المؤمن إذاعاش مع كتاب الله عز وجل وبين المسلم إذا أعرض عن كتاب الله عز وجل,هذا الميت هو شبيه بذاك الميت الذي أغفل كتاب الله سبحانه وتعالي وابتعد عنه ولم تدخل روح القرآن إلي جسده والي نفسه والي جوارحه,وذاك حي دخل القرآن إلي جسده فأحياها حياة كاملة تامة,حياة سعيدا, حياة هنية,هذا هوالفرق بين هذا وذاك وهذا الأمر الذي لابد أن يستقر في القلوب,أنت أيها المؤمن بدون القرآن لامعني لك.. وأنت أيها المؤمن بدون القرآن لاقيمة لك.. ,وأنت أيها المؤمن بدون القرآن لاشيئ في الحقيقة.. وأنت بدون القرآن أعمي تسير في درب طويل,شائك فيه من حفر مافيه ,وفيه من المزالق مافيه, وفيه من الزلات مافيه, ومع ذالك لاتبصرابدا في ظلمة كاملة تامة,لوأخرجت يدك تريد أن تراها لم ترها,وأنت أيها المؤمن أيضا بدون القرآن في حقيقة أمرك تسير إلي خاتمة هي في نهاية الالم,وتصير إلي خاتمة هي في نهاية الشّدة ونهاية العذاب ونهاية ما يتمنى كل إنسان علي وجه هذه البسيطة أن ينجو منه,إذا تبين هذا أيها المؤمن فلتستحضر هذا القاعدة في كل شؤونك من أولها إلي أخرها,لابد وأن تستحضر أنك مع القرآن حي وبدونه ميت وأنك مع القرآن مبصر وبدونه أعمي,وأنك مع القرآن مهتدي وبدونه ضال. ، إذا استحضرت ذلك هل ستترك كتاب الله عز وجل ، هل ستغفل كتاب الله سبحانه وتعالى ، هل ستهمل القرآن ولايكون لك حظ منه في ليل أو نهار ؟! لا والله لايفعل ذلك عاقل .. فاستحضر هذا أيها المؤمن . وننتقل بعد ذلك إلى القاعدة الثانية ولكن قبله أريد أن أقرر لك هذه القاعدة من كتاب الله عز وجل .. أنا أعلم أن كل مسلم يؤمن بهذا الكلام ويصدق بما يسمعه الآن ولكن الذي أريده من ذكر الأدلة على هذه المسألة هو أن يكون الاستدلال عليها من القرآن وأن يكون الاستنباط لهذه القاعدة من كتاب الله عز وجل.. أذكر آية لكم ثم أطلب منكم أن تذكروا لي آيات في هذا الباب من الآيات العظيمة الجليلة في هذا الشأن قوله سبحانه وتعالى في سورة الشورى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}.. تأمل كلمة "روح" .. معنى روح أنه حياة للقلوب كما أن الروح حياة للأبدان .. فالقرآن روح للقلب روح للفؤاد روح لنفسك التي بداخل جنبيك كما أن الروح هي حياة لبدنك ..كما أن الروح هي حياة لجسدك ..كما أن جسدك بدون الروح لاشيء.. فكذلك قلبك كذلك فؤادك.. كذلك هذه المضغة التي في داخل جسدك هي بدون القرآن لاشيء . ولذا قال الله عزوجل {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} هذه الروح هي من أمر الله سبحانه وتعالى ,وهذا تدليل على عظمة هذه الروح ..الذي هو القرآن { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} ثم انظر إلى الكلام {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ} والخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم.. ماكنت أي يامحمد و"ما" هنا نافية ، ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ماكنت تدري عن هذا الكتاب وماكنت تدري عن الإيمان الكامل التام والخطاب لمحمد.. للحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ، "مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ" أي هذا القرآن " وَلا الإِيمَانُ" أي حقيقة الإيمان العظيمة الجليلة الكاملة التامة، ما كان صلوات ربي وسلامه عليه يدري عنها، {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} ..انظر إلى تغيير العبارة.. انظر إلى التقليب بين الكلمات.. انظر إلى اختيار كلمة مكان كلمة.. يختار الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في البدء كلمة "روح" ثم في منتصف الآية يختار كلمة "نور" ففي البدء { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} ثم بعد ذلك {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} .. وهذا التغيير في الكلمات ليقرر لك هذه الحقيقة العظيمة أنك وإن كنت بدون روح القرآن أيضا أنت بدون القرآن أعمى تام العمى فهذا وصف خاص من المعلوم أن الميت في حقيقته أعمى لا يبصر ولكن جاء الله عز وجل هنا ليصف الميت بأنه أعمى أيضا ، جاء الوصف الآن للميت بأنه أعمى لم؟! كأنك تصف ميتا بأنه مبتور القدمين فتقول فلان ميت وأيضا مبتور القدمين أي بدون أقدام ، أو فلان ميت ولكن بدون أيدي ، أو فلان ميت ولكنه بدون رأس، أو فلان ميت ولكنه بدون كذا وكذا فهذا أليس هو أعظم وصف في بيان حال هذا الميت، وأنه ليس ميتا عاديا وإنما هو ميت فيه نقص حتى وهو ميت ، فهو ليس ميتا كاملا وإنما ميتاً ناقصا ، فهذا الذي أبعد عن القرآن فليس هو ميت فقط لا ، وإنما هو ميت وفيه عيب آخر وفيه نقص ثانٍ وهو أنه مع أنه ميت إلا أنه أعمى نيابة في بيان شدة حال هذا الذي أعرض عن كتاب الله عز وجل، وبيان أنه ليس كالأموات وإنما هو ميت له وصف ناقصٌ ثانٍ غير أنه ميت ولذا قال هنا "ولكن جعلناه نورا" فمن تركه ترك النور ، {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ} "أي بماذا" بالقرآن..{ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } هذه آية بينت لك تماما بشكل واضح جلي مايتعلق بالحياة والموت ، الحياة بالقرآن والموت بدون القرآن ، النور مع القرآن والعمى بدون القرآن. وهذه آية أخرى تتعلق بهذا الشأن ، ماذكره الله في سورة الأحقاف أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} انظر إلى أدب الجن مع ربهم سبحانه وتعالى، وهذا الأدب وللأسف الشديد لا يفعله كثير من الإنس . (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) صرفهم الله عز وجل لكي يستمعون القرآن، ( فَلَمَّا حَضَرُوهُ) حضروا عند محمد صلى الله عليه وسلم وهو يتلو آيات القرآن ماذا كان أدبهم مع هذا (قَالُوا أَنصِتُوا) أي: استمعوا إلى هذا الكلام ، استمعوا إلى مايقول هذا الرجل الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم فلما استمعوه وأنصتوا إليه (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ) استمعوا إلى الحق فآمنوا به فرجعوا منذرين. {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ 30 يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 31 وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضَ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآء أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} هذه الآيات من أبلغ مايكون في ما نتكلم عنه نحن.. وذلك أن الحديث لم يأت من إنس وإنما أتى من الجن ,هذا الحديث جاء من الجن هؤلاء الجن استمعوا إلى كلام الله عز وجل ويجب أن تعلم أن الإنس أشرف من الجن وذلك أن الله عز وجل اختص الإنس بأن منهم الرسل وأما الجن فليس منهم رسل وإنما منهم نُذُر فهؤلاء جنٌّ استمعوا إلى الآيات من فِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا كان ردة فعلهم وهم يستمعون إلى هذه الآيات العظيمات.. انظرإلى قولهم وهو يتوجهون إلى قومهم في دعوتهم إلى الله عز وجل (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) في بيان حقيقة فائدة الإيمان في هذا القرآن العظيم إلى أن قالوا ( وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضَ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآء) ماصفتهم ـ ماحالهم ، مالوصف الذي يستحقونه ( أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) وصفوا من آمن بهذا القرآن ووصفوا هذا القرآن (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) أي لما بين يدي موسى عليه السلام (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ) هذا القرآن يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم هذا وصف القرآن ووصف من آمن به أما من لا يؤمن بالقرآن فإن آخر الآيات جاءت بينة ظاهرة في وصفه بالضلال المبين (أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) . هذه الآية والتي سبقتها كافية في تقرير هذه الحقيقة ، وهي أنه لاحياة إلا مع القرآن ولا نور إلا بالقرآن ولا هداية إلا من خلال كتاب الله عز وجل وبعد ذلك نريد أن ننتقل إلى القاعدة الثانية في تقرير هذه الحقائق الخمس الكبرى التي لابد منها قبل أن ندخل في تفسير كتاب الله سبحانه وتعالى . القاعدة الثانية أن الأصل في خطاب القرآن انه موجه إلى القلب .. الأصل في خطاب القرآن انه موجه إلى القلب, و هذه حقيقة كبرى .. عظمى في كتاب الله سبحانه و تعالى, و قد يغفل عن ذلك كثـــــير من المسلمين, يغفل أن خطاب القرآن في أصله إنما هو موجه إلى قلبه, ليس إلى جوارحه, ليس إلى سمعه بصره .. إلى أطرافه لا , و إنما الكلام في أصله هو موجه إلى القلب, و لذا جاء الكلام عن القلب كثيرا في كتاب الله سبحانه و تعالى, و جاء وصف القلوب بأنواع من الوصف , جاء وصف القلوب بأنها تارة تكون مريضة, و تارة تكون ميتة, و تارة تكون عليها الــــرّان, و تارة يختم عليها و تارة يُطبع عليها .. أوصاف كثيرة جاءت في كتاب الله عز و جل .. و جاء مرة الوصف بأن قلوبهم قاسية, فوصف القلب في القرآن جاء كثيرا .. متنوعا, لم هذا؟ لبيان هذه الحقيقة, أن هذا القرآن جاء أصلا في أصل خطابه لعلاج القلب, جاء القرآن ليتحدث مع قلبك أيها المؤمن, ليحاور هذا الفؤاد, ليأخذ في الحديث بينك و بين نفسك, بين فؤادك, فالحديث بالنسبة إلى القرآن متوجه إلى القلب , و أنت بالنسبة لك , لا بد إذا أردت أن تستمع للقرآن , أن تفتح قلبك للقرآن, فالحديث من القلب إلى القلب يجب أن يكون, الحديث موجه إلى القلب و حديثك أنت أيضا مع القران لا بد و أن يكون من القلب , فالخطاب من الله عز و جل توجه إلى القلب , و خطابك أنت مع القرآن في التفكر و النظر لا بد و أن يخرج من القلب , فهو إلى القلب و من القلب , إلى الفؤاد .. ومن الفؤاد , لا بد و أن يكون كذلك, و هناك دلائل كثيرة في كتاب الله عز و جل بينت هذه الحقيقة, بينت أن القرآن موجه في الخطاب إلى قلب الإنسان, و أن المقصود من تنزل هذه الآيات العظـــيمات هي إحيـــاء هذا القلب . كما قال الله سبحانه و تعالى : ( ياأيها الناس ).. انظر إلى نوعية الخطاب هنا .. التي تكلمنا عنها سابقا , لا بد أن تعي الخطاب الآن لمن , لا بد و أن تفرق بين يا أيها الناس و بين يا أيها الذين آمنوا .. لا بد أن تفرق بين الخطاب الموجه لأهل الكتاب , و بين الخطاب الموجه للكافرين ( قل يا أيها الكافرون .. قل يا أهل الكتاب ) فالخطاب متنوع و ليس خطابا واحدا , فهنا جاء الخطاب في هذه الآية لمن ؟ لعموم الناس ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ) تأمل الآية .. تأمل الآية قليلا معي , يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم .. اكتبوا الآية حتى نتدارسها جميعا , يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم : موعظة .. فيها عظة .. فيها عبرة , تعظ القلب , و هذه الموعظة صفتها أنها : (وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) فإذن هذه الموعظة هي ماذا؟ هي القرآن .. اليس كذلك ؟ نعم قد جاءتكم موعظة من ربكم : التي هي القرآن , ما ذا يحقق القرآن لنا جميعا ؟ يحقق لنا أنه شفاء لما في الصدور , لمن أقبل عليه , و شفاء لأي شيء .. هل هو شفاء للجوارح ؟ شفاء للسمع و البصر ؟ لا و إنما شفاء لما في الصدور , و الذي هو في الصدور هو ؟ هو هذا القلب , وهذا بيان لأي شيء تنزل كتاب الله عز و جل , و لأي شيء هو شفاء .. هو شفاء لما في الصدور , في أصل الخطاب , و أنا أعيد و أكرر في أصل الخطاب .. و قد خوطبت الجوارح .. و خوطب السمع و الصبر , و الأيدي و الأرجل و الفروج و غير ذلكـ , و لكن أصل الخطاب هو موجه القلب , ولذا سأذكر لك آية قصيرة من كتاب الله سبحانه و تعالى , في سورة العاديات, جاء فيها ذكر الصدور , ( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ{9} وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) ذكرُ الصدور هنا لم؟ أليس للجوارح أعمال ؟ أليس للسمع .. للبصر .. للسان .. لليدين .. للرجلين أعمال ؟ فلم خُصَّ تحصيل ما في الصدور هنا في هذه السورة ؟ ما السر في ذلك؟ لبيان ماذا؟ ( لأن القلب كما يقولون هو أمير الجسد .. يعني إذا صلح صلح الجسد كله , و إذا فسد فسد الجسد كله ) .. أحسنت يا بارك الله فيك , هذا هو المقصود هنا .. ذكر في الصدور هنا وذكر حصل ما في الصدور, (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ{9} وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) لان مستقر الاعمال انما هو في الصدور ولذا ذكر الله عز وجل هذا الصدر عند ايات الوعد والطمأنينة والذكر في القرءان فقال سبحانه وتعالى:( الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ). ما الذي يطمئن؟ يطمئن القلب, الخطاب اذا موجه الى القلب , ( الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ )الى ماذا؟ الي ذكر الله ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) , اي تطمئن بالقرءان الذي هو اعظم الذكر تطمئن القلوب . فان هذا القرءان في اصله موجه الى القلب ولذا أيضا قال الله عز وجل عن الفئة الاخرى عن أهل الضلالة والبعد والشقاء( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا). فأول ما جعل في قلوب هؤلاء الذين ابتعدوا عن نور الوحي جعل على قلوبهم أكنة, أكنة اي انها تمنع من دخول نور القرءان وروح القرءان الى أفئدتهم وجعلنا على قلوبهم أكنة فما يفقهون القرءان ولا يفهمون القرءان ابدا ,وهذا هو اعظم البلاء وأشد العقوبة التي ينزلها الله سبحانه وتعالى على احد من الخلق كائنا من كان. هو أن يظلم هذا القلب فلا يستطيع أحد من دون الله سبحانه وتعالى أن يوصل نور القرءان اليه وانما تكون هناك حواجز عديدة تحول بين نور القرءان أن يدخل الى فؤاد هذا الانسان وهذه الحقيقة أيضا بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وهناك من الاحاديث العظيمة ما جاءت دالة دلالة ظاهرة ,بينة على هذا الامر الجليل العظيم وهو أن الخطاب في أصله موجه الى القلب ,بل جاء ما يدل على أن هذا الدين من أوله الى اخره هو في الاصل في حقيقته مو جه الى هذا القلب , ولذا ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم )وفي لفظ (لا ينظر الى صوركم ولا إلى أجسادكم)وفي بعض الالفاظ ( الوانكم ) ولكن ينظر الى قلوبكم))), اذا هذه الاجساد وهذه الالوان وهذه الهيئات ,وهذا فلان جميل وهذا فلان قبيح,وهذا فلان أبيض وهذا فلان أسود,وهذا فلان طويل وهذا فلان قصير, وهذا فلان رشيق وهذا فلان سمين, وهذا فلان... وهكذا من أنواع الاوصاف التي يتبارى فيها الناس في هذه الحياة الدنيا فيتمنى أن يكون جميلا ,أبيضا طويلا ,رشيقا... ومن هذه الاوصاف واذا رأى انسانا على غير هذه الصفة وعلى ضدها يشفق عليه ويحصل في نفسه نوع من حسرة عليه. وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون من مسلم أبدا, نعم لا باس أن تفرح بنعمة الله عز وجل عليك ولا باس أن تتطلب شيئا من ذلك لانها من أمور الدنيا التى لم تمنع منها, ولكن لا يكون هذا هو لب اهتمامك وهو غالب قصدك. ان هذه أمور شكلية,أمور ظاهرية .. وانما العبرة في داخل القلب. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ولكن ينظر الى قلوبكم) وفي اللفظ الاخر (ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم) ,فذكر القلب بدءا لانه أصل أعمال الجوارح واذا أيضا ثبت في الحديث المخرج في لصحيحين, بل هو مخرج في الصحاح والسنن والمسانيد من طريق زكرياء ابن أبي زائدة عن عامر الشعبي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه وعن أبيه,أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( ألا وإن في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله, واذا فسدت فسد الجسد كله) , أنظر الى هذا التعبيرالعظيم وهذا الكلام صلى الله عليه وسلم اخذ مما بينه الله عز وجل في القرءان كما أخبرنا بذلك الائمة,فقد نص على ذلك الامام الشافعي في الأم رحمه الله رحمة واسعة, أن ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم انما هو مما استنبطه من القرءان , وهذه حقيقة جليلة ظاهرة بينة. فالرسول صلى الله عليه وسلم يستنبط من كتاب الله عز وجل ويبين للناس في الشرائع سواء كانت موجودة في أصلها أو ليست موجودة ولكنه مما فقهه وفهمه من كتاب الله سبحانه وتعالى, ولذا هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم,الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه (ألا وان في الجسد مضغة) ألا وان في الجسد مضغة. ما حالها؟ (اذا صلحت صلح الجسد كله) . الجسد مقصود هنا ماذا؟ الجوارج كلها من أولها الى اخرها, فاذا صلح القلب صلحت الجوارح واذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي ماذا يا رسول الله, ألا وهي القلب . و قد وعى ذلك الأئمة رحمهم الله رحمة واسعة فجعلوا حديث النعمان ابن بشير ..هذا الحديث جعلوه من أركان و أعمدة حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم , فأحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم عمدتها ثلاثة أحاديث: الحديث الأول هو حديث عمر بن الخطاب :( إنما الأعمال بالنيات) و الحديث الثاني: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) , حديث عاشة ( رضي الله عنها) و الحديث الثالث هو هذا الحديث العظيم , حديث النعمان بن بشير : (الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات , إلى أن قال صلى الله عليه و سلم : ألا إن في الجسد مضغة , إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله .) إذا كان صلاح القلب فيه صلاح للجسد فكيف لا يكون خطاب القرآن في أصله موجه إلى القلب , لا بد و أن يكون الخطاب في أصله موجه إلى القلب لأن في صلاحه صلاح للجسد من أوله إلى آخره و في فساده فساد للجسد من أوله إلى آخره , و هذا الأمر هو الذي بينه أيضا النبي صلى الله عليه و سلم في حديث عمر السابق و هو أعظم حديث في الإسلام , حديث عمر : إنما الأعمال بالنيات , شوف الربط بين الأعمال و بين النيات , فالأعمال تابعة للنيات : إنما الأعمال بالنيات أي إنما قبول الأعمال و رفض الأعمال بحسب النيات .. إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى , فالعمل تابع للنية أي أن العمل تابع للقلب , و لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : و قال ذلك قبله ذلك كثير من الأئمة و لكن أذكر شيخ الإسلام لأنه نص على هذا في رسالة عظيمة له تسمى: رسالة أمراض القلوب و هي من أعظم ما صنف هذا الإمام العظيم , صنف رسالة في أمراض القلوب , قال فيها: الأصل في الدين هي الأعمال الباطنة .. و الأعمل الظاهرة تابعة لها. فهذا إذن كلام الله سبحانه و تعالى في كتابه , و هذه سنة النبي صلى الله عليه و سلم التي لا تنطق عن الهوى , و هذا كلام أهل العلم , فهذه الحقيقة إذن يجب أن تستقر في النفوس , و هي أن أصل الخطاب في القرآن موجه إلى القلب, ولذا دعني أضرب لك مثلا صغيرا من قصار السور لتدرك هذه الحقيقة العظيمة, و هي أن أصل الخطاب في القرآن للقلب , و أن الكلام موجه إلى هذا القلب في البدء , بشكل قوي جدا و بشكل ثابت لا يتزعزع , خذ سورة قصيرة , و أنا اخترت هذه السورة القصيرة لكي تكون حاضرة في الذهن قريبة من القلب لأن كثيرا من الناس يرددها في صلاته , خذ سورة الهمزة كمثل على ما نذكره لك , الله عز و جل يقول في سورة الهمزة : {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ(1)الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ(2)يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ(3)كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ(4) كلا : كلمة ردع و زجر ووعد لينبذن: اللام هنا لام القسم للتشديد , يعني يرمى رمي بعيد , من مكان بعيد . و أين؟ في الحطمة و هي نار جهنم , و إنما سميت حطمة لأنها لا يدخل فيها عظم إلا و حطمته و لا حجر إلا صهرته و لا شجر إلا أحرقته هذه حال النار و لهذا سماها الله تعلى هنا الحطمة. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ(5) : سؤال للتعظيم , و الكلام مع النبي صلى الله عليه و سلم يعني كأن الله عز و جل يقول لنبيه صلوات ربي و سلامه عليه : و ما أدراك يا محمد ما الحطمة الحطمة شأنها عظيم نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ(6) فأضافها إليه سبحانه و تعالى , ليست نار أحد من الناس و إنما نار الله الموقدة. بعد هذا الوعيد الشديد لهذا الإنسان الضال , جاء الكلام عن ماذا.. عن القلب . الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ(7) كيف تطلع على الأفئدة ؟ أي تدخل من منافذ هذا الجسد فتصل إلى قلبه فتحرقه حرقا , و تشويه شويا, لأنه كان فيا لدنيا بقلبه بعيدا عن نور الله عز و جل , بعيدا عن هداية الله , بعيد ا عن وحي الله سبحانه و تعالى , فكان أشد العذاب أن هذه النار تدخل من منافذ الجسد فتطلع و تصل إلى قلبه فتحرقه جزاء ما كان عليه الحال في الدنيا. أسأل الله عز و جل لنا و لكم علما نافعا, و عمل ا صالحا , و قلبا خاشعا, و إيمانا كاملا , و لسانا ذاكرا و عينا من خشيته دامعة , اللهم و من ثم الفردوس الأعلى في جناتك جنات النعيم , مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا, اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين و لا مضلين و صلى الله على نبينا محمد . |
02-11-08, 09:25 PM | #7 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس الخامس .. مجموعة نبراس الهدى
القاعدة الثالثة من قواعد فهم القرآن
.. بسم الله الرحمن الرحيم .. تبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً .. وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً .. وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً .. وتبارك الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون .. ثم أصلي وأسلم على أفضل من قرأ القرآن ، وأصلي وأسلم على أعظم من قام بالقرآن .. واصلي وأسلم على أعظم من عمل بالقرآن .. نبينا وحبيبنا محمد –صلوات ربي وسلامه عليه- .. كنا في الحديث عن القواعد الخمس الكبرى التي لابد منها من أجل أن نسير مع كتاب الله –سبحانه وتعالى- ، ومن أجل أن نكون من أهل القرآن .. الذين هم أهل الله وخاصته .. ووقفنا عند القاعدة الثالثة .. ذكرنا القاعدة الأولى .. ثم ذكرنا القاعدة الثانية .. والآن سنتكلم بإذن الله –جل وعلا- وبعون منه وتوفيق .. عن القاعدة الثالثة .. وهي : أن المقصود الأعظم من القرآن هو التدبر أولاً ثم العمل .. فالتدبر هو المقصود الأول من كتاب الله –عز وجل- .. نعم .. التدبر هو المقصود الأول من تنزل هذه الآيات العظيمات .. ولا بد أن تعي ذلك وعياً كاملاً تاماً .. لأن مصيبة كثير من المسلمين أنه لا يدري عن أهمية التدبر لكتاب الله –عز وجل- .. ولذا تجد فيه حرص شديد على أن يتلو الألفاظ .. وأن يقرا الحروف .. وأن يحصل الحسنات من الحروف .. فمن قرأ حرفاً من كتاب الله –عز وجل- فله بكل حرف عشر حسنات .. والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف .. فله بكل حرف حسنة كما في حديث : " لا أقول : ( ألم ) حرف .. ولكن : ألف حرف .. ولام حرف .. وميم حرف " فله بكل حرف حسنة .. والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف .. فيأخذ في حساب الحسنات على هذه العدة وكأن المسألة مسألة حسابية بحتة .. وينظر في كم قرأ من الحروف .. وكم قرأ من السطور .. وكم قرأ من السور .. وكم قرأ من الأجزاء .. فيقرأ .. ويقرأ ويقرأ من كتاب الله –سبحانه وتعالى- وهمه في كم عدد الحروف التي قرأها من كتاب الله –عز وجل- . ولذا تجد كثيراً من المسلمين يفتخر فيقول لك : أنا قرأت في يوم واحد عشرة أجزاء .. أو قرأت عشرين جزءاً .. أو ختمت القرآن في ثلاث أو في أربع .. أو ختمت في رمضان القرآن كاملاً أكثر من عشر مرات .. أو عشرين مرة .. أو ثلاثين مرة .. أو أقل من ذلك أو أكثر .. فيذكر كم مرة ختم كتاب الله –عز وجل- .. وهذا ولا شك أنه أمر عظيم وجليل وحسناته كثيرة ليست بالقليلة أبداً .. كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحاح .. وكما مر في الحديث السابق .. فالأمر ليس بالهين .. بل هناك من الحسنات العظيمات ما يرجوه العبد المؤمن وهو يتلو آيات الكتاب العظيم .. ولكن أيضاً كذلك فرق كبير بين من يتلو كتاب الله –عز وجل- بحروفه وألفاظه دون معانيه ودون المقصود منه في فهم آياته .. وبين من يتلوه وهو يستشعر معاني الآيات .. ويستشعر خطاب الرب –سبحانه وتعالى- له فيما يتلو من هذه الآيات العظيمات .. هذا الفرق عند الأئمة –رحمهم الله- فرق كبير .. وبون شاسع ليس بالقليل أبداً .. ولذا لابد من وقفة يسيرة مع قضية التدبر ومقارنتها بمسألة قراءة القرآن بلا تدبر .. فقراءة القرآن بلا تدبر من ورائها خير عظيم .. وفيها فضل ليس بالقليل .. وحسنات أخبر عنها النبي –صلى الله عليه وسلم- أنها كثيرات .. ولكن أيها المؤمن إذا قارنت هذا بما تحصله من تلاوة آيات الكتاب بشيء من التدبر .. تجد أن الفرق لا يمكن أبداً أن يحسب .. ولا يمكن أبداً أن تقيسه بالمقاييس المعهودة بالحسنات من الأرقام والأعداد ونحو ذلك .. لا .. وإنما الفرق فرق شاسع جداً .. كما قال ابن القيم –رحمه الله- في بيان الفرق بين المصليين .. مصلي يصلي بجوارحه وظاهره .. ومصلي يصلي بقلبه وخضوعه وذله وخنوعه لله –سبحانه وتعالى- .. الفرق بينهما : قال : كما الفرق بين السماء والأرض .. فنحن أيضاً كذلك أيها المؤمن .. بل هو أعظم .. ولذا أذكر لك عبارة ذكرها الثعالبي –رحمه الله- في تفسيره .. وذكرها ابن القيم أيضاً بنصها في عددٍ من كتبه .. وتناقلها الأئمة –رحمهم الله- من بعدهما .. وهما أخذاها من كلام السلف –رضوان الله عليهم أجمعين- .. والجميع أخذها من كتاب الله –سبحانه وتعالى .. قالوا : لقراءة آية واحدة من كتاب الله –عز وجل- بتدبر خير وأحب إلى الله –عز وجل- من قراءة ختمة كاملة بغير تدبر. الله أكبـــــــــــــــــــر .. تأمل الفرق أيها العاقـــــــل إنما نريد من هذه القراءة لكتاب الله –عز وجل- .. إنما نريد الحسنات .. إنما نريد محو السيئات .. إنما نريد أن نرفع في الدرجات في الجنات .. ونريد أن ننجو من الدركات في النيران .. فإذا كان كذلك فمن أراد الحسنات فالحسنات هنا .. ومن أراد الرفعة في الدرجات فالدرجات هنا في تدبر آيات الكتاب .. نعم .. قد تقرأ سورة كاملة .. تقرأ سورة البقرة كاملة من أولها إلى آخرها .. ولكنك تقرأها بغير تدبر .. ويأتي آخر فيقرأ آية واحدة من سورة البقرة .. ولكنه يقف عندها ويتدبر .. هذا وقف وتدبر آية واحدة من كتاب الله –عز وجل- هو أفضل منك حين قرأت سورة البقرة من أولها إلى آخرها بغير تدبر .. وهذا والله غبن لك .. نعم .. غبن لك .. لأنك إنما تقرأ لتحصيل الحسنات .. إنما تقرأ لرفعة الدرجات .. لمحو السيئات .. فأنت الآن تقرأ .. ولكن ذاك قد غلبك وفاز عليك .. وحصّل ما لم تحصل بشيء من العلم .. بشيء من الفهم .. بشيء من التدبر لكتاب الله –عز وجل .. ولذا أدرك هذا .. أدركه لا تبعد عنه .. فإنه والله غبن ما بعده غبن .. تقرأ آية من كتاب الله –عز وجل- فتحصل بها من أنواع الفائدة : أولاً : في الدنيا .. لأن فيها غذاء لقلبك .. غذاء لأمراض القلب .. فيها علاج لكل أمراض البدن .. من أولها إلى آخرها .. فيها تصحيح لمسارك في توجهك إلى الله –عز وجل- .. فتنجو في الدنيا وتسعد .. ثم تفوز بالرفعة الكاملة لك في الآخرة من كتاب الله –عز وجل- .. ولذا الاهتمام بمسألة التدبر تدل على عقـــل هذا المرء .. الإنسان الذي يكون همه في تدبر كتاب الله –عز وجل- .. لا تجده إلا عاقلاً .. لا تجده إلا حصيفاً .. لا تجده إلا فطناً نبيهاً .. إنه أدرك الفرق بين الحالين .. أما الآخر فلا .. حاله كحال عموم الناس .. لا يدري ما الأفضل من المفضول .. ولا الذي ينبغي أن يفعله .. مما لا ينبغي أن يفعل .. فتجده يشغل نفسه بأنواع من المفضولات .. ويترك أنواعاً كثيرة من الحسنات الفاضلات العظيمات .. فيشغل نفسه بأشياء هي أقل مما كان ينبغي أن يشغل نفسه بها .. ولذا هذه المسألة .. مسألة التدبر .. يجب عليك أن تنتبه لها جلياً .. يجب عليك أن تنتبه لها جلياً .. لأن الفرق بين الحالين واسع .. أدرك ذلك أئمة .. وذكرت لكم كلام الثعالبي وابن القيم .. أذكر لك كلام من هو أرفع وأعلم وأجل من ابن القيم والثعالبي .. وهو الإمام مجاهد –رحمه الله رحمة واسعة- .. إمام المفسرين .. الذي أخذ التفسير عن ابن عباس –رضي الله عنه- عن أبيه .. سُئل الإمام مجاهد عن رجلين .. قيل له : يا إمام .. إنسان قرأ سورة البقرة وآل عمران .. وإنسان قرأ البقرة لوحدها .. وركوعهما وسجودهما ودعاؤهما وتسليمهما كله واحد .. فأيهما أفضل؟ الذي قرأ سورة البقرة وآل عمران معاً ؟ أم الذي قرأ سورة البقرة لوحدها ؟ . فأجاب هذا العالم .. أجاب هذا الذكي النبيه الفطن .. الذي يعلم الموازين .. التي أنزلها الله –عز وجل- في كتابه .. وبينها الرسول –صلى الله عليه وسلم- في سنته .. فقال : "الذي قرأ سورة البقرة أفضل" .. شوف كيف إنسان قرأ سورة البقرة .. وآخر قرأ سورة البقرة وآل عمران .. وزمن الركوع واحد .. وزمن السجود واحد .. وزمن الدعاء والذكر واحد .. التسليم كان أيضاً في وقت واحد لم يختلف أبداً .. كان وقتهما وزمنهما واحد .. لم يذهب على ذاك .. فأيهما أفضل يا إمام .. فكان الجواب من الواثق بعلمه العارف بكتاب ربه .. قال : "الذي قرأ سورة البقرة أفضل " فقط لوحدها .. وذاك حصل كم من الحسنات بالحروف وهو يقرأ سورة آل عمران .. زيادة على سورة البقرة .. ولكن الفضل بينهما كبير .. والبون شاسع .. الذي قرأ سورة البقرة لوحدها أفضل .. لِمَ ؟! .. لأنها لما قرأها وأخذ نفس الوقت الذي قرأ به ذاك سورة البقرة وآل عمران كان يتمعن .. كان يتدبر .. كان يتأمل .. كان يتفكر في سورة البقرة .. فأصبح هذا التدبر وهذا التفكر وهذا التأمل في هذه السورة أصيح أعلى وأجل من قضية حروف تُقرأ بدون تدبر لآيات سورة آل عمران .. ولذا أيها المؤمن .. ينبغي أن تنتبه لذلك .. ولهذا جاء رجل إلى ابن عباس .. جاء إلى هذا الحبر .. إلى هذا البحر .. إلى هذا الفقيه الكبير .. إلى هذا العالم الجليل .. قال له : "إني لأقرأ سور المفصل في ركعة" ..يقرأ سور المفصل من ق إلى الناس في ركعة واحدة!! وجاء أيضاً رجل إلى ابن مسعود فقال له هذا الكلام .. وابن مسعود كما تعلمون من أعلم الناس بكتاب الله عز وجل .. من أعرف الناس بمعاني الكتاب .. بل هو من أعلم ومن أخص صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن .. ومع ذلك لما جاء هذا الرجل إليه وإلى ابن عباس قال له : "أهذاً كهذ الشعر؟!" وقال ابن عباس –رضي الله عنه- وعن أبيه : "والله لأن أقرأ آية واحدة من كتاب الله –عز وجل- أحب إليّ من أن أقرأ القرآن كاملاً كما تقرأ" .. أخي .. انتبه لهذه .. هذه قضية كبيرة جداً .. أنت ماذا تريد إلا تحصيل الحسنات ؟.. والكلام الآن مع من يريد أن يجمع الحسنات .. ليس مع من هو لاهٍ غافل عن قضية أنه يريد النجاة في هذه الحياة وفي الآخرة .. كلامي مع من يريد أن يحيا قلبه بكتاب الله –عز وجل- .. فتردد آية من كتاب الله –عز وجل- .. تقرأ مثلاً في قوله –جل في علاه- : ( خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه ) فتكرر الآيات .. تقف .. تتدبر .. ما معنى : ( خذوه فغلوه ) .. تدبرها .. تأملها .. ماذا تعني ؟! .. أما أن تقرأها هكذا في سورة الحاقة .. تقرؤها سريعاً .. لا .. لابد أن تقف .. الوعيد شديد .. والهول عظيم .. الله –عز وجل- قد جمع الخلائق من أولهم إلى آخرهم .. الخلائق جميعاً من أولهم إلى آخرهم .. تنزّلت الملائكة العظام الذين لا يعلم عددهم إلا الله –سبحانه وتعالى- .. كم عدد الملائكة ؟ .. في الصحيح من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- : البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف .. ثم لا يعودون إليه من حين أن خُلقت الملائكة .. وهذا حالهم .. سبعون ألف في كل يوم .. كم عددهم ؟ .. عددهم عظيم كبير جداً !! .. الملائكة فقط الذين يقبضون على نار جهنم ويأتون بها في يوم القيامة ( وجيء يومئِذٍ بجهنم )هؤلاء الملائكة الذين يقدمون بنار جهنم في يوم القيامة كم عددهم ؟!! .. ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود أنه قال –رضي الله عنه وأرضاه- عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : "يُجاء بجهنم يوم القيامة .. لها سبعون ألف زمام .. مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونه" .. شوف .. سبعون ألف زمام .. مع كل زمام سبعون ألف ملك .. اضرب سبعين ألف زمام في سبعين ألف ملك .. كم عدد الملائكة ؟!! أربعة آلاف مليون وتسعمائة مليون ملك .. قريب من خمسة مليارات ملك مع جهنم .. يعني خمسة آلاف مليون ملك .. هؤلاء فقط الذين يقبضون على جهنم ويجرونها يوم القيامة ..أنت أيها الإنسان أيها المسكين الضعيف عندما تقدم في يوم القيامة وتأتي ملائكة الله عز وجل بهذه الأعداد الضخمة تجر جهنم على هذه الحال الشديدة العصيبة ، هؤلاد فقط الذين يمسكون بجهنم يوم القيامة ! .. كيف سيكون حالك ؟ كيف سيكون شأنك أمرك وضعك حالتك ؟ الأمر شديد ستفزع فزعًا عظيمًا فالحال ليست بالهيبة ولا بالقليلة ولا بالأمر اليسير الذي ينبغي أن تغفل عنه ، بعض الناس لما يسمع هذه العدة العظيمة لملائكة الله عز وجل ربما يقول خمس مليارات والبشر الآن ست مليارات فيحسبها حسبة أعداد ! .. ملائكة الله عز وجل في خلقتهم ليست كخلقة هؤلاء البشر الضعاف المساكين ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كمان في سنن أبي داوود وغيره بإسناد صحيح أنه قال : ( أذن لي أن أحدث عن ملك واحد من حملة العرش ما بين عاتقه إلى شحمة أذنه مسيرة سبعمائة سنة كخطف الطير ) الطير يخفق بجناحه سبعمائة سنة يضرب بجناحه حتى يسير فقط من عاتق الملك إلى شحمة أذنه سبعمائة سنة !! .. تدري كم تعني هذه المسافة ؟ حسبها بعض الأخوة في الهندسة والرياضيات حسبوها ليبين لنا الحالة التي عليها خلقة هذا الملك العظيم الجليل من حملة العرش فوجدوها أيها الأحبة تعادل حجم هذه الأرض بثلاثين ألف ضعف !! .. انظر .. تعرف الكرة الأرضية من أولها إلى آخرها هذه المسافة فقط من هذا الملك العظيم أكبر من حجم الكره الأرضية من أولها إلى آخرها بأكثر من ثلاثين ألف ضعف !! .. أنت عند جبل من جبال الدنيا إيش أنت !! .. أنت عند بحر صغير من بحار الدنيا .. من يدخل في البحر الأحمر في سفينة كبيرة عظيمة ولها ما لها من أنواع الأمان تجد فيها قوارب نجاة وأشياء كثيرة جدًا تعطيك شيء من الأمان وفيها محركات عدة وفيها وفيها ، ومع ذلك إذا مخر البحر وتحرك واهتزت الأمواج إذا أنت لست كشيء في بحر صغير في البحر الأحمر فكيف إذا دخلت في محيط عظيم فكيف إذا جئت إلى الكرة الأرضية من أولها إلى آخرها فكيف إذا ضاعفت هذه الكرة الأرضية بثلاثين ألف ضعف فكيف بالخلقة الكاملة التي خلق الله عز وجل عليها هذا الملك !! .. ستقدم أنت يوم القيامة طولك مترين أو أقل .. أكبر مخلوق بشري على الأرض طوله كم ؟ آدم عليه السلام من عرفنا أنه بلغ طوله أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أن طوله كم ؟ ستون ذراعًا .. يعني ما تأتي عشرين متر .. عشرين متر هذا أعظم إنسان بشري .. فتأتي إلى ملك من الملائكة هذا حاله وحجمه ثم تأتيك هذه الأعداد العظيمة فتقدم هذا القدوم العظيم على الله عز وجل في يوم القيامة فكيف سيكون حالك ؟ .. ثم يأتي الأمر من الله يوم القيامة ، الأمر من الجبار جل في علاه فيقول لملائكته عن فلان هذا : ( خذوه فغلوه ) ، كيف سيكون حال الإنسان ؟ تصور أن هذا الأمر موجه لك أنت ، أنت يقال لك يا فلان ، خذوا عبد الله بن فلان ، خذوه فغلوه ، الأمر ليس بالهين . أيها الأحبة فاصل قصير ثم نعود للكلام عن مسألة التدبر .. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، مرحبًا بكم مرة ثانية أيها الأحبة .. ونعود للكلام عن قول الله عز وجل: ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الجَحِيْمَ صَلُّوهُ ) وأعيد وأكرر أن هذا المثل إنما أخذ لبيان أهمية مسألة التدبر لأن هذه الآية أنا أعلم يقيناُ أنها مرت على أسماء كثير من المسلين مراراُ وتكراراً ولكنها تمر عليه سواء كان يتلوها بنفسه أو يسمعها من يتلوها ولكنها تمر عليها من دون تدبر ولا تأمل ولا تفكر وهذا الخطأ الكبير الذي نقع فيه فلو تأمل الإنسان آية مثل هذه الآية ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) وتصور الحال لما يجمع الناس من أولهم إلى آخرهم والملائكة وقوف صفوف أمام الله سبحان الله ونزله الجبار جل وعلا وهو مستوٍ على عرشه نزل لحساب الخلائق ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَة ) ( وجاء ربُك والُملكُ صفاً صفاً ) وجاء ربك تنزل سبحانه وتعالى تنزلاً يليق بجلاله وعظمته وحال الملائكة أنهم صفوف مرتبة وكذلك الناس ( وعرضوا على ربك صفا ) فالمسألة ليس مختلطة وهكذا عندما ينزل الجبار سبحانه وتعالى لحساب الخلائق تصف الملائكة صفاُ دقيق جداً ويصف الخلائق أيضًا هؤلاء الناس هؤلاء المكلفين من الإنس والجن يصفون صفاً دقيقاً جدًا استعداداً لحساب الجبار سبحانه وتعالى ، الأمر عظيم ( يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً ) الأمر عظيم فعندما يأتي هذا الحال وينادى على فلان من بين الخلائق يقول الله عز وجل ( خُذُوهُ ) فيعود الضمير خذوا فلان ابن فلان ، خذوا فلانة بنت فلان من بين الخلائق كيف سيكون حال هذا الإنسان أمام الناس سيفرح بهذا الخطاب ؟ سيفرح به ؟ يُـسرّ ؟ أمر عادي لا يتأثر ؟ سيبكي ليس بدمعه وإنما بدمه ، سيقطع أصابعه ندما ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) سيعض هذه الأصابع تقطعاً لما يسمع مثل هذا الخطاب من الله عز وجل ولما تتأمل أنت في حالك هذا هو الأمر تأمله في أقرب الناس لك لما تقرأ هذه الآية أو كذلك تقرأ غيرها من الآيات تأمل مثل هذه الآية ( خُذُوهُ ) قد لا يعود لك بإذن الله ويحميك الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه وجوده أسال الله عز وجل أن يحمينا وإياكم والدينا وذرياتنا وجميع المسلمين من ذلك نسأله سبحانه وتعالى بلطفه أي ينجينا من هذا الموقف المخزي الموقف العظيم في ألمه ووقعه على الإنسان ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) لما يعود على الضمير ليس إليك ولكن إلى قرب الناس لك تخيل هذا قليلاً .. تفكر تصور مسالة تصورها تصوراً كاملاً .. لما يعود إلى أقرب الناس لك كيف يكون حالك ؟ أنت نجوت بفضل الله عز وجل ولكنك تلتفت في يوم القيامة والناس يرى بعضهم بعضًا ولذا قال الله عز وجل ( وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يبصَّرونهم ) أي أن الحميم يبصر حميمه ، القريب يرى قريبه الأب يرى أبناءه ، والأبناء يرون أباهم والبنات يرون أمهم والأم ترى بناتها والناس يرون بعضهم ، ترى كل من تعرفه في هذه الحياة الدنيا ، ولا يسال حميم حميما ليس عن بعد وإنما يبصرونهم ، يراه لكن لا أحد يسأل أحد لأنه قد يئس الناس بأن ينفعك أحد ، في البدء كان السؤال ثم يئس الناس من أن ينفعك أحد إلا الله سبحانه وتعالى هو الذي ينفعك ، ولذا قال هنا لما ترى هذه الآية ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) سيأتي إلى أقرب الناس لك قد ي أتي إلى عزيز إلى أم إلى أب إلى ابن إلى بنت إلى صديق حميم أنت وإياه سنوات طويلة تعرفه وتسر به وأنست به سنوات ليست بالقليلة أبدًا وتفرح به ، إلى أخت إلى أخ إلى إلى ... هل ستسر بذلك ؟ لن تسر بذلك مطلقًا ، لن تسر بهذا أسال الله عز وجل أن يحمينا جميعا ولكن لن تسر بهذا أيها المؤمن . ولذا قال إبراهيم الخليل عليه السلام كما في الحديث لما رأى أباه يُجر تجره الملائكة على وجهه قال يا ربي وأي خزي أعظم من أبٍ أبعد ؟ فقلبه الله عز وجل إلى هيئة خنزير حتى لا يراه إبراهيم فيظن أنه أباه فيتألم وقد وعده الله ألا يخزيه يوم يبعثون فيقول لله : وأي خزي أعظم من أبي الأبعد ؟ ، فيغير الله صورة وهيئة الأب لأنه قد كتب الله عليه النار بسبب كفره وعناده وبعده عن توحيد الله سبحانه وتعالى ، فأنت تأمل ( خُذُوهُ ) لو نزلت عليك نزلت على أحد من أقاربك نزلت إلى أحب الناس إليك كيف يكون حالك وموقفك ، في الآخرة لن تستطيع أن تفعل شي إلا الشفاعة إن كنت ممن شفعه الله عز وجل في الناس أما في الدنيا فأنت مدرك الآن تستطيع أن تقترب منه أن تدعوه أن تخرجه مما هو فيه أن تجره من الحال المخزية التي عليها في الدنيا من المعاصي والذنوب واقتراف الكبائر والبعد عن الأوامر والانغماس في اللذات ونحو ذلك أنت في الدنيا تستطيع تدرك أما في الآخرة لن تستطيع أن تفعل شي إلا إذا شفعك الله عز وجل هذه الآية إذا تأملتها أيها المؤمن ماذا تفعل في نفسك؟ أولا تعمل جاهدا على إصلاح نفسك حتى لا ينزل الأمر عليك ثم تعمل جاهدا في إصلاح من حولك تعمل ليلاً ونهارًا سواء تعمل بجوارحك أو بلسانك أو ما آتاك الله عز وجل أو تعمل كذلك بدعائك أخي ، عندك أمك عندك أبوك عندك أحد من أقاربك ابن بنت ، عندك أخ بعيد عن الله عز وجل حاولت أن تهديه حاولت مرارا تقربه إلى الله عز وجل وتبعده عن الشيطان تنجيه مما هو فيه ما استطعت ، إذن هذه الآية تجعلك تبكي في الليل وأنت تدعو له أن ينجيه الله عز وجل مما هو فيه أما بدون تصور هذه الآيات لن تبكي لن تدعو دعاء حار واللهم اهدي فلان واللهم فقط لا .. أن الله لا يقبل دعاء من كان قلبه غافل لاهي وهو يدعو الله عز وجل لكن هذه الآيات تحرك هذا القلب وتنزل هذا الدمع وأنت تتصورها وتتأمل فيها وتتدبر في دلالتها فتقبل على الله عظيما في دعائك وابتهالك إليه سبحانه وتعالى ثم ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) تأملها على أحد ، ستبكي وتدعو لأخيك ستبكي وتدعو لأختك ستبكي وتدو لأمك لأبيك لبناتك لأبنائك لأقرب الناس لجارك لحبيبك لصديقك وسوف يتقبل الله دعاءك بإذنه لأنه وعدنا بالإجابة ( ادعوني أستجب لكم ) فإذ دعوناه بالحق فيستجيب لنا وستنقذ هذا العزيز من هذا الموقف المخزي المهين في حياتك الدنيا بسبب دعائك وإقبالك وحرصك على هدايته وإخراجه أما بدون تأملها قد لا تفعل ذلك تحرص ولكن حرص عابر تدعو ولكن دعوة باردة ولكن بها يتغير الأمر تمامًا أذكر مرة أنه جاء إلي إنسان هداه الله بعد ضلالة طويلة لأنه كان ممن أنعم الله عليه في الحياة الدنيا بشكل لا يوصف ولا يتصور ، أنعم الله عليه نعما حقيقة أقولها وأنا أعرف ما أقول لا يكاد يتصورها الإنسان فضلا أن يعيشها لا يتصورها الإنسان ، النعمة التي فيها هذا الشاب لا يتصورها الإنسان مجرد تصور فضلا أن يكون قد جربها أو نال منها شيئا ، مع هذا جاء لي مرة بعد أن هداه الله عز وجل بالقرآن يا أحبة ، بالقرآن هداه الله عز وجل تأمل آيات من القرآن ، فجاءني وكان والده على بعده وإعراضه عن النور عن الخير عن الهداية عن التقوى عن الصلاح ما زال منغمسًا في أمواله وتجارته وعقاره وصفقاته وأسهمه وأموال هذا الأب قد ملأت الدنيا في كل مكان له أموال ، إن جئت إلى الجزيرة العربية إن جئت إلى البلاد العربية إن جئت إلى أوروبا إن جئت إلى أمريكا في كل مكان له فيها أموال ، فجاءني مرة وقال لي أنا والدي تعرف والدي أمواله كثيرة فيها الحرام وفيها وفيها وعنده انغماس في الذات فقلت له سأهديك إلى أمر واحد أريدك أن تتفكر فيه ، لكن سأسالك سؤال واحد ، أنت حريص على دعوة والدك وعلى إنقاذه مما هو فيه؟ قال : إي والله حريص ، قلت جداً ؟ قال : والله جداً لأني أعرف الحالة السيئة جدا التي فيها الوالد أخشى عليه ، قلت له كيف تدعو له ؟ قال : والله إذا صليت في الليل ، هذا الشاب كان لا يصلي الفرائض إلا نادرا أصبح يصلي الليل بعد آيات من كتاب الله عز وجل ، قال أدعو له يعني إذا ركعت أو سجدت دعوت له ، أو إذا رفعت يدي في صلاة الوتر دعوت له ، قلت له تبكي؟ وكأنه قليلا.. قلت له تشعر أنك تدعو دعاء صادق مخلص منيب إلى الله عز وجل راجي طالب الهداية ؟ قال أنا أدعو لكن لا أظن أني وصلت إلى هذه المرحلة, قلت له ستصلها, قال: كيف ؟ أريد أن أصلها أريد أن أصل إلى هذه المرحلة في دعائي لأبي لعل الله عز وجل أن يهديه في هذه الحياة الدنيا فقلت تأمل آية من كتاب الله عز وجل قال ما هي؟ قلت اقرأ ( خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) نظر إلي, تأمل الآية, ذهب, جاءني بعد أسبوع فقال والله ما تأملت هذه الآية في الليل وأنا أصلي إلا جاءني من الأمر شيء عظيم وشديد جدا وأنا أتصور أبي وما قد يحصل له في ذلك الموقف العظيم فأدعو دعاء خاشع دعاء خانع دعاء خاضع دعاء مخبت دعاء مضطر لعل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أبي ويخرجه مما هو فيه , شفت الفرق؟ هذا هو الفرق , هذا هو الفرق بين آيات تقرأ , هذه الآية مرت علي وعلى كثير من الناس لكن ما اقبل عليها إقبال من يريد أن يتدبر يتأمل في آيات الكتاب وهذه الآيات لما مرت على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى الصحابة فعلت بهم الأفاعيل حركت بهم القلوب أنقذتهم مما هم فيه وأخرجتهم من ظلمات الشرك إلى أعلى درجات الإيمان , بماذا؟ بالقرآن ليس بشيء آخر , النبي نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن معه عصى سحريه ولم يكن معه دابة ولم يكن معه كذا ولا كذا نبينا إنما جاء بالقرآن لم يأت إلا بالقرآن هذا القرآن هو الذي فعل هذه الأفاعيل بالناس من أولهم إلى آخرهم , وهذه المسألة فيما يتعلق بالتدبر جاء الكلام عنها في القرآن كثيرا بالأمر بالتدبر بالتفكر بالنظر ولعلي أذكر لكم بعض الآيات وأنا أعلم أن هذا مستقر أيضا في النفوس ولكن أريد أن نأخذ الدليل عليه من كتاب الله سبحانه وتعالى أريد منكم أن تتأملوا ما تحفظون من كتاب الله عز وجل فتذكروا لي آيات حثت على التدبر وعلقت الهداية بالتدبر فمن يذكر لنا آية من كتاب الله سبحانه وتعالى جاء الأمر فيها بالتدبر والحث عليه؟ نعم جاء في قول الله تعالى في سورة محمد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( أفلا يتدبرون القرآن* أم على قلوب أقفالها ) نعم أحسنت بارك الله فيك,شوفوا الآية ( أفلا يتدبرون القرآن* أم على قلوب أقفالها )الآية عظيمة تدبر قليلا شوف أفلا يتدبرون القرآن؟ (أفلا) هذه لو أردنا أن نتكلم عنها من جهة اللغة والبلاغة ما هي؟ هذه الهمزة جاءت لماذا؟ للتنبيه, للتحضيض هنا تحض الإنسان فتقول له أفلا يتدبرون القرآن؟ طيب إن لم نفعل يا ربنا ما حكمك فينا؟ ما الوصف الذي نستحقه يا اله السموات والأرض؟ قال: أم على قلوب أقفالها فإذن ليس هناك حل ثالث إما أن نقبل على تدبر القرآن وإما أن يكون على قلوبنا ماذا؟ أقفال ليس هناك طريق ثالث أبدا إما أن نقبل على تدبر القرآن أفلا يتدبرون القرآن فان لم نفعل؟ جاءت (أم) التي للإضراب بمعنى انه لم يحصل ما قبلها فالحكم لما بعدها أفلا يتدبرون القرآن؟ لم نفعل يا رب ما حكمك فينا قال أم على قلوب أقفالها فمعناه أن على القلوب أقفالها , وانظر إلى الجمع في قوله أقفال ولم يقل أم على قلوب قفلها وإنما قال أقفالها لأن هذا القلب الذي ابتعد عن تدبر القرآن الذي عليه ليس قفلا واحدا بل أقفال كثيرة القلب الذي أعرض عن تدبر القرآن ليس عليه قفل واحد وإنما عليه أقفال كثيرة بحكم الله سبحانه وتعالى لا بحكم أحد من الناس أفلا يتدبرون القرآن؟ إن لم نفعل ؟ أم على قلوب أقفالها , ليوقن بذلك كل مسلم أنه إن لم يقبل على تدبر القرآن فليعلم أن على قلبه أقفال ما في مجاملة في هذا الأمر ولا في مداهنة لأني أنا لا أستطيع أن أداهن ولا أستطيع أن أجامل وليس الأمر أصلا راجع لي ولا لك ولا لأحد من الناس ليس لعالم من العلماء ولا لفقيه من الفقهاء ولا لمفكر من المفكرين ولا إلى محدث من المحدثين ولا إلى ملك من الملوك ولا إلى وزير من الوزراء ولا إلى جبار من الجبابرة ولا إلى أي أحد من الناس , الأمر راجع إليه سبحانه وتعالى والحكم جاء منه فما لأحد أن يتدخل في هذا الباب ولا يقول لم تصف قلبي إن عليه أقفال ليش هذا الوصف الشديد العنيف الرهيب أقول لك ليس هذا مني ولا من أحد من الناس وإنما من الله عز وجل إن لم تتدبر القرآن فاعلم أن على قلبك أقفال شئت أم أبيت رضيت أم رفضت على قلبك أقفال خذ هذا الحكم من الله عز وجل وتدبره في الدنيا قبل أن تراه بعينك في الآخرة خذ هذا الحكم في الدنيا وتدبره واعمل على تكسير هذه الأقفال في الدنيا قبل أن ترى قلبك في الآخرة بعينيك عليه أقفال ولا تسر بها أبدا, تكسير هذه الأقفال بمفتاح واحد ,فتحها بمفتاح واحد وهو تدبر القرآن أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها,في أقفال كيف تفتح؟ بتدبر القرآن فقط ليس هناك مفتاح ثاني يمكن أن يفتح به القلب ولن تزال الأقفال إلا بالتدبر آية ثانية هذه الآية عظيمة جدا لكن نريد آية ثانية تدل على هذا المعنى ..نعم.. قال الله تعالى في سورة ص أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) وهذه أيضا من الآيات العظيمة وبالمناسبة هذه الآية أطال الكلام عنها ابن القيم رحمه الله في الفوائد أطال الكلام جدا على هذه الآية لم؟ لأن الله عز وجل جمع في هذه الآية أشياء كثيرة في الكلام فيما يتعلق بالتدبر ولزوم التدبر لحياة القلب وما يتبع ذلك فقال سبحانه: أنظر::: كتاب أنزلناه إليك::: ليدبروا آياته ,اللام هذه تسمى لام ماذا؟ لام التعليل لام الحكمة بمعنى أن إنزال القرآن لأي شيء؟ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته فإنزال القرآن كان من أجل ماذا؟ من أجل التدبر لأن لام العلة هنا لام الحكمة جاءت في بيان لأي شيء تنزل هذا القرآن كتاب أنزلناه إليك مبارك لأي شيء يا رب؟ قال ليدبروا آياته هل قال ليقرؤوا حروفه؟ وهذا من المطلوب لكنه ليس هو المطلوب الأسنى الأسمى والأعظم ..لا,, وإنما المطلوب الأعظم والأكمل والأتم هو ليدبروا آياته وتأمل وصف مبارك هنا جاء , جاء وصف مبارك هنا للقرآن في موطنه ليدلك على أمر ليس والله بالهين بل أمر جليل .. لم؟ لأن الله عز وجل قال كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا فكأن بركة القرآن لا تكون إلا لمن؟ لمن تدبر القرآن لأنه قال كتاب أنزلناه إليك مبارك فالقرآن نزل وهو للناس وأهل الإسلام يقرؤونه فهو نزل إليهم لكن صفة أن يكون مبارك فهو مبارك لمن؟ لمن تدبر القرآن كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ليكن التدبر هو الحظ الأعظم من سماع كلام ربك سبحانه وتعالى, ليدبروا آياته وليتذكر ألوا الألباب التدبر هو طريق الذكرى طريق التذكر ثم ختم هذه الآية بقوله سبحانه وتعالى وليتذكر من؟ ليتذكر أولو الألباب ما معنى الألباب؟ العقول, اللب في أصله هو خلاصة الشيء ووسط الشيء هو الذي يخرج من الشيء والمراد هنا العقل ألوا الألباب أي أهل العقل لأن العقل هو الذي يدبر وليس العقل الذي في الرأس إنما العقل الذي يدير هذا الجسد هو أصله في القلب وله ارتباط بالعقل فاؤلوا الألباب هؤلاء أهل العقول فإن الذي لا يتدبر القرآن والذي لا يتذكر بالقرآن هل هو من أولي الألباب؟ لا, إذن هو ممن لم يستخدم عقله ولا فكره فيما أمر الله عز وجل به. أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته اللهم إنا نسألك الفقه في الدين وأن تعلمنا التأويل اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى يا ذا الجلال والإكرام نسألك بمنتك وكرمك وجودك يا ربنا يا خالقنا أن تعلمنا التأويل وأن ترزقنا الفقه في الدين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
04-11-08, 08:15 PM | #8 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس السادس .. مجموعة سنابل الخير
القاعدة الرابعة من قواعد فهم القرآن
الحمد لله الواحد الأحد و الحمد لله الفرد الصمد و الحمد لله الذى لم يلد و لم يولد و الحمد لله الذى لم يكن له كفوا أحد ثم الصلاة و السلام على رسول الله صلوات ربى و سلامه عليه و على آله و أصحابه و أتباعه و أنّا معهم بجود الله و رحمته . أيها الأحبة كنا نتكلم فى الحلقة السابقة عن موضوع التدبر و عن أهميته و عن أثره فى قلب الإنسان بل و فى جوارحه بل وعن أثره فى الدنيا ثم بعد ذلك فى الآخرة . نريد الآن أن ننتقل سريعا إلى القاعدة الرابعة و هى ما أسميناها بــ " القرآن ثقيل متين كبير ليس بالهين" لكن قبل أن نبدأ نريد إن كان هناك سؤال على ما تقدم فليتفضل من كان لديه سؤال ، بسم الله الرحمن الرحيم ، فضيلة الشيخ : قلت فى الحلقة الماضية أن القلب ينقسم إلى ثلاث : قلب حي ، و قلب مريض ، و قلب ميت و الله عز و جل قال :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " فدلت الآية على أن القلب قد تدبر القرآن فهو حي ، و قلب لم يتدبر القرآن فهو ميت ...يعنى كيف نجمع بين التقسيم اللى ذكرتموه ؟ زين ..هذا السؤال طيب ... بالنسبة للقسمة التى جاءت فى كتاب الله عز و جل ، تقسيم القلب إلى ثلاثة أقسام ، قلب حى و قلب مريض و قلب ميت و جاءت الدلالات –الآيات- بل و كذلك السنة على هذا المعنى و استنبط أهل العلم هذا المعنى من هذه النصوص و قسموا القلوب إلى ثلاثة أقسام و لكن بالنسبة لما جاء فى الآية ، الآية لم تتكلم عن قلبى حى و قلب ميت .... لا ،و إنما تكلمت عن قلب متدبر ليس عليه أقفال و قلب غير متدبر عليه أقفال ، فالقلب الحى الذى ليس عليه أقفال –الذى هو قلب متدبر- هذا هو القسمة الأولة الذى قلنا انه القلب الحى ،هذا ليس عليه أقفال مطلقا ... أما القسمة الثانية و هو القلب غير المتدبر الذى عليه أقفال فهذا على نوعين : قلب قد زادت عليه الاقفال و استكثرت عليه حتى أنه من شدة هذه الأقفال ، بلغ إلى درجة الموت ، أصبح ميتا وهو القسم الثالث عندنا ، أما قلب آخر فهو قلب غير متدبر و لكن الأقفال لم تستحكم عليه ، لم تتكابد عليه ، فمازال فيه نبض حياة ، مازال فيه شئ من الحياة فهو القلب المريض فى القسمة الثانية عند أهل العلم . وهذا القلب المتوسط هو قلب كثير من الناس فتجده ليس بالميت – أى ليس بالكافر – و لكنه أيضا كذلك ليس بالقلب الحى كقلب المؤمن ، و إنما هو قلب متوسط ... قلب مريض ، عليه أقفال ، و لكن هذه الاقفال لم تحكم الإغلاق على هذا القلب من كل الوجوه و إنما بقيت فيه نوافذ يدخل منها النور ، بقيت فيه حياة يسيرة فى هذا القلب ...فهذا هو القلب المريض ، فالأقفال تارة تستحكم فيموت القلب تماما ، و تارة لا، تكون أقفال و لكنها لم تستحكم تماما على القلب فتصل منافذ الخير يسيرة إلى هذا القلب فيبقى قلبا مريضا ، يبقى هو مريض ،كحال الانسان المريض ...و حال الانسان المريض بين الانسان الحى الصحيح الطيب و بين الانسان الميت الذى لا حراك له ... واضح؟؟ فى سؤال آخر إن كان... أثابكم الله فضيلة الشيخ على ما قدمتم ، لقد عرفنا مما سبق فى الحلقة الماضية أن أحسن أو أفضل حال لقراءة القرآن الكريم هو قراءته بتدبر فكيف نوفق بين هذه الحالة و الحالة الاخرى التى هى فى مقام التعليم مثلا، مدارسة القرآن أو مراجعته أو تسميع على شيخ فقد تكون هذه القراءة تصل إلى حد الحدر أو أكثر من ذلك ، مثلما ذكرت قول عبد الله بن مسعود تكون مثل هذّ الشعر ..فكيف يمكن أن نوفق بين هذا و هذا ؟ هذا سؤال مهم و جيد جدا حقيقة لأن من يسمع الكلام السابق قد يظن بأن المقصود هو ألا يقرأ القرآن إلا على هذه الصفة و هى قراءة التدبر بمعنى أنه يقرأ قراءة متأنية فيها تكرار و فيها تفكر و فيها تأمل و فيها وقفة طويلة جدا مع آيات يسيرة من كتاب الله عز و جل يظن أن هذا هو المقصود مع كل القرآن من أوله إلى آخره ..لا ،ليس هذا هو المقصود ،و إنما المقصود هو أن يكون لقراءة القرآن بالتدبر ، أن يكون لها حظ من وقتك ، و اهتمام فى قلبك ، فتقرأ القرآن مرات كثيرة بتدبر و تأمل و تفكر و نظر و اعتبار بهذه الآيات ،و لا يغنى هذا أن تقرأ القرآن قراءة أخرى يكون فيها شئ من الحدر شئ من الإسراع بالقراءة و نحو ذلك ، هذا لا يلغيه ، ففى حلقات التعليم ، و فى حال مراجعة حفظ القرآن ، أو الرغبة فى قراءة شئ من كتاب الله عز و جل و ختم بعض أجزائه ..لا بأس أن يقرأ الانسان حدرا ، فقد ثبت عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- أنهم كانوا يحزبون القرآن سبعا ، فيقسمون القرآن سبعة أقسام بحيث أنهم فى الاسبوع الواحد يكون الواحد منهم قد ختم القرآن ختمة واحدة ...هذا أغلب أصحاب النبى –صلى الله عليه و سلم – كانوا يحزبون القرآن سبعا ، فيجعلون من كذا لكذا هذا حزب و حزب ثانى و ثالث و رابع إلى السابع - من المفصل إلى آخر القرآن هذا هو الحزب السابع – ونحو ذلك فيجعلون القرآن على سبعة أحزاب و كان منهم من يجعل القرآن على ثلاثة أحزاب و منهم من يجعل القرآن على عشرة أحزاب و منهم من يجعل القرآن على ثلاثين حزبا و لكن نحو ذلك حسب ما يتيسر للإنسان. فكانوا يقرؤون القرآن حدرا فى مواطن ، ولكن هذا لا يعنى أن تكون قراءتهم من أولها إلى آخرها فى ليلهم و نهارهم كلها حدر ، أن تكون قراءتهم كلها من أولها إلى آخرها حدر فى حدر... لا، هذا ليس بصحيح أبدا ، و إنما لابد لابد أن يكون من قراءتك لكتاب الله عز و جل ما يكون فيه تدبر و تأمل و نظر و تفكر و وقفة طويلة مع كتاب الله عز و جل و لا يمنع أن يكون هناك قراءة أخرى يكون فيها شئ من الحدر مع التنبيه على أن ما نهى عنه ابن مسعود و نهى عنه ابن عباس و نهى عنه أيضا ابن عمر –رضوان الله عليهم أجمعين – وهو القراءة هذّ كهذّ الشعر ..هذا لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون ديدن المسلم مطلقا ، بل لا ينبغى لأى مسلم أن يقرأ القرآن على هذا النحو ..هذّ كهذّ الشعر هكذا ...لا حول و لا قوة إلا بالله بل لا ينبغي لأي مسلم أن يقرأ اقران على هذا النحو هذ كهذ الشعر هكذا لا حول ولا قوة إلا بالله هذ كهذ الشعر حتى قراءة الحدر عندما تريد أن تقرأ القرآن على شيخ تجود عليه القران أو تريد أن تراجع حفظك فتقرا مع زميل لك حدرا لن تستطيع ان تقرأ قراءة مسترسلة فلكن تحدر حدرا لابأس و لكن هذا الحدر لابد أن يكون معه شيء من التفكر في الآيات في شيء الخضوع شيء من النظر فيها فرق أن تقرأ مثلا في سورة عم فتقول مثلا : " عم يتسألون ، عن النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ، كلا سيعلمون ، ثم كلا سيعلمون" ثم تقرا هكذا هذا حدر وتقرأ على هذا النحو هناك فرق أن تقرأ كقراءة بعضهم هداه الله و غفر الله لنا و له عندما يقرأ هذه السورة مثل: " عم يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون" فهذا لا يجوز هذه القراءة لا تجوز مطلقا ففي مراجعة هذا لذاك فان هذا فيه انتقاص من قدر القران فيه انتقاص من قدر القران فالقران لا يقرأ على هذا النحو تصور انك تقرأ كلام الجبار على هذا النحو من يصوغ لك ذلك من يصوغ لك ذلك أن تقرأه على هذا النحو هذا به انتقاص لقدر القران و عظمة هذا الكتاب العظيم و لكن تقرأ حدرا مع استيعاب و تأمل الايات قليلا بعض الناس يقرأ القران و هو يضحك أو وهو يبتسم و هو يظن انه يراجع القران أو ينظر في ي شيء في السماء و في صورة أمامه أو في منبر أعجبه أو في طفل يتحرك أو في شيء و هو يقرأ القران هكذا عينه قلبه ليس مع القرآن و إنما هو يريد أن يراجع الحفظ مجردا هكذا يا أخي لا ينبغي لك عندما تقرأ القرآن أنت مع الله و تقرأ كلام الله سبحانه وتعالى فرسلا رسلا احدر و لكن مع حدرك بلسانك يكون قلبك أيضا يستحضر القراءة و يستحضر شيئا من هذه المعاني التي تجيء في هذه الآيات ندخل بعد ذلك في القاعدة الرابعة في هذا الشان و هي : القرآن ثقيل متين سبق و أن أشرنا الى شيء من ذلك في قوله تعالى :" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " و قلنا :إن "إنا " هنا في الكلام عن سورة المزمل : إن "إنا" هنا جاءت للتعليل لما قبلها و قد جاء قبلها أوامر إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ثم جاءت "إنا " و إن" اذا جاءت بعد أمر أو نهي و ما في حكمهما فإنها جاءت للتعليل فهذا معلوم في لغة العرب فأنا أقول لك مثلا اشرب الدواء فإن فيه شفاء أقول لك مثلا: اقلب رزقك فإن في هذا خير لك و لأولادك و نحو ذلك من الكلام فتأتي إن بعد الأوامر أو بعد النهي فأقول لك :لا تصحب الأشرار فإن في صحبتهم شر لك في دينك و دنياك و نحو ذلك مما يأتي من كلام العرب فإن إذا جاءت بعد الأمر و النهي و ما في معناها تكون للتعليل و هكذا كثيرا جدا في كتاب الله عز وجل كثيرا جدا في كتاب لله عز و جل فهنا أمرنا الله سبحانه و تعالى أمر نبيه بدءا صلى الله عليه و سلم بقوله : " يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا " فأمره بقيام الليل ثم علل ذلك بقوله : "إنا " و إن من المعلوم أنها عبارة عن أصلها : إن و نا الفاعلية التي أصبحت اسما لإن فهي عبارة عن :"إننا" فأدغمت النونين في بعضها فأصبحت عبارة عن نونين . فإن هذه إن التي في إنا نا الفاعلية دخلت معها فدلت على التعليل دلت على أن الأمر السابق مع ما علته ما حكمته: هو قوله تعالى:" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " فإن قيام الليل و إن الصلاة في آخر الليل لأن الله عز وجل سيلقي على نبيه قولا ثقيلا :" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " قولا ثقيلا صفة الكلام أي أنه متين و أنه قوي وأنه كبير و أنه شديد ليس بالهين أبدا و ليس بالهين مطلقا استحضارا لهذا المعنى يعينك أيه المؤمن على أن تقبل على كتاب الله إقبالا يليق بهذا القرآن ... كثير من الناس يأخذ القرآن هكذا كما يأخذ جريدة كما يأخذ مجلة كما يأخذ أدنى كتاب يأخذ القرآن على هذا النحو و هذا لا ينبغي فإن الله عز و جل أمر يحي فقال له:" يا يحي خذ الكتاب " بإيش:" بقوة" أي كتاب ؟ أي كتاب؟ هل هو القرآن ؟ "يا يحي خذ الكتاب بقوة " أي كتاب ليس القرآن و إنما المقصود هنا ماذا؟ الإنجيل أو لكتب التي نزلت قبل الإنجيل فالمقصود هنا كتاب من كتب إسرائيل إن كان الإنجيل فذاك و إلا ما قبله من الكتب التي تنزلت مع أن هذا في كتب من كتب بني إسرائيل فما بالك بهذا القرآن العظيم لأنه أرفع و أعلى و أكبر و أجل من الكتب التي تقدمت بل هو مهيمن عليها و مسيطر على كل الكتب التي جاءت من قبلها و قد جاء عن الحسن البصري رحمه الله رحمة واسعة ان القرآن ضمن جميع ما في الكتب السابقة أن هذا كتاب الله سبحانه و تعالى أن هذا القرآن جمع 104 كتب من الكتب السابقة كل ما تنزل من الله عز و جل من الكتب جمع في هذا القرآن فإذا المقصود هنا أيها المؤمن أن هذا القرآن عظيم جليل و قد أمر الله يحي "خذ الكتاب بقوة " مع أن الكتاب الذي سيأخذه ليس بدرجة الكتاب الذي أمرنا نحن أن نأخذه فكتابنا أعظم من كتبهم جميعا لذا فأمر يحي أن يأخذ الكتاب بقوة أن يأخذ الكتاب "بقوة" :فـ "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا" حتى تستعد النفوس لهذا القرآن لما أمر الله عز و جل من أنواع التلقي به و لولا أن الله يسره لما استطاع أحد أن يفهمه بل لما استطاع قلب بشر أن يتحمله " و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" يسره لنا و إلا ... لو أن الله لم ييسره لم نستطع أبدا أن نتحمله قد تنزل هذا القرآن على... أخبر الله عز وجل سبحانه و تعالى أن هذا القرآن لو تنزل على... على جبل لرأيته إيش ... "خاشعا متصدعا من خشية الله" تصور جبل عظيم لو تنزل عليه القرآن لتصدع و خشع تصدع يعني: تشقق ... تصور أن مجرد القرءان ينزل سيتصدع الجبل ويتشقق من هولِ هذا القرءان ومن عظمة هذا القرءان إذًا بالنسبة لقلوبنا هل يمكن ان تتحمل القرءان لولا أن الله يسره لنا لا يمكن هذا لأن القرءان ثقيلٌ متينٌ عظيم فلا بد ان ندرك ذلك ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه أيضًا قال: (( إنّ هذا الدين متين ، الدين ماذا هو ؟ الدين القرءان وماأمر به القرءان والسنة قد جاء الأمر بها و........ ونحو ذلك وكلُّها عائدة إلى القرءان ، إن هذا الدين متين شوف أرشدك النبي صلى الله عليه وسلم كيف تتعامل بعد ذلك مع هذا القرءان المتين أرشدك بقوله صلاة ربي وسلامه عليه ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ) وسيأتي في القاعدة الخامسة الكلام عن هذا الأمر ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولن يشادّ الدين – أي ولن يشاد القرءان أحد إلا غلبه – من الذي سيغلب القرءان ام أنت ؟ غلب القرءان ..... إذا أخذت القرءان مرة واحدة وجملة واحدة لا يمكن وإنما يؤتى شيئا فشيئا كإجتماع النقط كما قال الزهري رحمه الله تعالى يأتي القرءان بالعلم شيئا فشيئا ما فشيئا ما حتى يجتمع حتى تتعلم هذا العلم العظيم شيئا ما شيئا ما قليلا قليلا هكذا يكون ....قد يكون الناس يريدون أن يأتوا بالقرءان كله في سنه واحدة ياخي هذا من عاشر المستحيلات لم يحصل لأعلم الناس وأفضلهم وازكاهم واحرصهم على العلم لم يتيسر هذا لأحد من الناس أبدًا ابن عباس روي عنه أنه يقول حفظت المفصل وأنا ابن 12 سنة شوف كم عمره 12 سنة حفظ المفصل معناه ليس حفظَا مجردًا انطباع في الذهن وإنما حفظ مع فهم ومع إدراك مع معرفة عمره 12 سنة حفظ المفصل عندنا 8 سنوات تجده حافظ للقرءان كله إذًا ليس هذا مقصود الصحابة وإنما المقصود أن يحفظ القرءان حفظ ومع فهم وإدراك ولذا يفتخر على بعض الصحابة على ابن عمر وابن عمرو وابن الزبير وأقرانه يقول أنا حفظت المفصل وانا 12 سنة يفتخر بهذا افتخارا فتنبه لهذا التنبيه أن القرءان عظيم ليس بالهين ولذا أيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة كما ثبت عنه في صحيح مسلم قال: اقرؤا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة والبطلة هي السحرة لقوتها وعظمتها لا تستطيعها البطلة فاصل.. الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله حياكم الله مرة أخرى في روضة من رياض القرءان كان الكلام عن مايتعلق بالقرءان وأنه ثقيلٌ متينٌ عظيمٌ جليل ليس بالهين أبدا ووقفنا عند الكلام عن سورة البقرة قوله صلى الله عليه وسلم ( اقرؤا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة ) والبطلة هؤلاء هم السحرة ليش مايستطيعونها؟ لعظمتها وجلالتها وكبير قدرها عند الله سبحانه وتعالى لا تستطيعها البطلة أبدًا لا تستطيعها البطلة مطلقا السحرة هؤلاء إذا جاءتهم سورة البقرة قصمتهم وكسرتهم وأبادتهم من أولهم إلى آخرهم بل وأحرقتهم حرقًا . عظيمة جليلة من يستطيع على سورة البقرة هذا القرءان عظيم متين ولذا تأمل أمرا آخر سورة الأنعام جاء عن عدد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بأسانيد يقوي بعضها بعضا . جاء عن ابن عباس وجاء عن ابن مسعود وجاء عن ابن عمر وجاء عن أسماء بنت أبي بكر جاء عنهم جميعا كما ذكرت لك بأسانيد يقوي بعضها بعضا أن سورة الأنعام لما نزلت نزلت من السماء جملة واحدة أي قطعة كاملة لم تكن مفرقة نزلت من السماء جملة واحدة ومعها 70 ألأف ملك يجأرون بالتسبيح لم جأرون بالتسبيح؟ و 70 ألأف ملك يتزلون مع سورة واحدة من كتاب الله عزوجل إنما كان ذلك لعظمة هذه السورة الجليلة لكبير منزلتها عند الله سبحانه وتعالى 70 ألف ملك ينزلون مع سورة واحدة من سور القرءان يجأرون بالتسبيح لم يجأرون؟ سبحان الله مامعنى سبحان الله معناه أنزه الله أقدّر الله أبرىء الله سبحانه من كل نقص، لكنهم رأو شيئا عظيما رأو شيئا جليلا رأوا شيئا مهيبا فأخذوا يجأرون بالتسبيح حال تنزل يورة واحدة من سور القرءان 70 ألف ملك مع سورة وتلك سورة لا تستطيعها البطلة فالأمر عظيم ليس بالهين أبدا ليس باليسير إلا على من يسره الله تعالى عليه هذا الأمر أريد أن يستقر أيضا في قلبك مع ما سبق وهذه هي القاعدة الرابعة: أن القرءان متين عظيم كبير ليس بالهين أبدا فخذه بقدره وأعطه ماتبين حقا إن أردت ان تكون عالما بكتاب الله سبحانه و تعالى ولا علم إلا بالقرءان ولا فهم إلا من القرءان ولانجاة إلا مع القرءان ولا فلاح إلا بالقرءان ولا فوز ولا رفعة ولا وصول للدرجات العالية إلا مع كتاب الله سبحانه وتعالى القاعدة الخامسة: وهي الآخرة منها من القواعد التي لابد من إدراكها حنى تسمح ان ندخل بعد ذلك إلى لب الموضوع هي : التدرج سنة كونية شرعية ضرورية هذا هو التدرج في الشرع ولا بد منه مع كتاب الله عزوجل بشكل أخص ولكن سأجيب على سؤال أظن أن كثير من الناس قد يسألوه فيقول: لم الكلام عن التدرج في هذا الموطن ؟ الكلام عن التفسير وأثر القرءان على الانسان فلم يأتي الكلام عن التدرج من ضمن الحديث عن القرءان؟ وأقول لك أيها المبارك إن مما يلحظ على كثير من المسلمين أنه يستعجل كثيرا تطلب علم كتاب الله عزوجل وهذه العجلة شرٌ محض عليه أن مما يلحظ على كثير من المسلمين أنه يستعجل كثيرا في تطلب علم كتاب الله عز وجل وهذه العجلة شر محض عليه وما من على طريقته في تعلمه من كتاب الله وعلى منهجه في كيفية أخذه لهذا القرآن العظيم ....كيف ذاك ....أنا قد درّست التفسير سنين عددا وشرحته مرارا وتكلمت مع الكثير من الناس فيما يتعلق بآيات الكتاب العزيز مشكلة الكثير من الناس مع القرآن أنه يريد أن يأخذ كتاب الله عز وجل في مدة يسيره على أقصر ما تكون فيقول لك أنا أريد أن آخذ التفسير مثلا في سنه واحدة وأريد أن أتعلم ما يتعلق بتفسير القرآن من أوله إلى آخره وفهم معانيه ومعرفة غريبة وما يتعلق بذلك سأجعل له سنتين وسأجعل لبقية العلوم أيضا كذلك الفقه سنه أو سنتين والحديث سنه أو سنتين و اللغة والنحو سنه أو سنتين ونحو ذلك يريد أن يجعل مدة محددة لتفسير كتاب الله عز وجل وهذا إذا وضعه على هذا النحو لن يستطيع أن يأخذ التفسير مطلقا . بل كما قيل في القديم حُكِي هذا القول عن الزهري "من أراد أن يأخذ العلم جملة ذهب عنه جملة" أي يريد أن يأخذ التفسير كله من أوله إلى آخره بمثل هذا لن يستطيع أبدا وإنما التفسير هو قرينك من حين أن تبدأ بالإدراك والفهم من حين أن تملك بل قبل ذلك من حين أن تدرك معاني الكلام حتى وإن كان الفتى صغيرا أو الفتاة أيضا صغيره من حين أن يبلغ ست سنوات أو سبع سنوات لابد أن يكون متوجها لكتاب الله عز وجل راغبا في معرفة معانيه ويكبر معه هذا إلى أن ينتقل من الحياة الدنيا هذا هو التفسير . التفسير مثله سنه ولا سنتين ولا ثلاث ولا أربع ولا عشرة ولا عشرين ولا مائة وإنما يصحبك من حين أن تبدأ ويوقظ الله قلبك بالالتفاف إلى كتابه إلى أن تنتقل من الحياة الدنيا هذا هو التفسير ولذا خذ التفسير شيئا فشيئا ، أنت تعيش في روضة غناء أنت تعيش في بيت من نور فلا تريد أن تخلي هذا البيت من نور ولا يعني هذا أن تلغي بقية العلوم وتلغي بقية الأمور التي لك في دينك ودنياك ،أبداً وإنما لا تقل أن التفسير له كذا وكذا هذا لا يمكن لايمكن أبدا إنما إجعل له حق من يومك قليل أوكثير بحسب ماتستطيع وإصحبه في سجل حياتك جميعاً من أولها الى آخرها وأن هذا هو كلام الله سبحانه وتعالى هذا الأمر إذا استقر عندك عند إذٍ ستأخذ التفسير بشيء من النور شيء من اليسر شيء من الإستعداد للصبر وإن تطاول الزمان وعند إذٍ أيها المبارك لابد ان تدرك سنة الله الكونية في هذا الباب وهي سنة التدرج . الله سبحانه وتعالى في هذا الكون جعل هناك سنّة كونية بل وهي سنة شرعية بل وهي أيضاً سنّة دليلية في كل أمورك من أولها إلى آخرها وهي مايسمى بالتدرج ,أن نأخذ الأمور شيئاً فشيئاً لا نأخذ الدنيا بل ولا لآخرة كلها لقمة واحدة هكذا وإنما شيئاً فشيئاً ،عبارة عن سلم تصعد مرة ثم الى الدرجة الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ...هكذا ،هذه السنة في كل شيء بل حتى في حياتك أنت عندما تولد ((تولد وعمرك أربعين سنة خمسين سنة ستين سنة؟؟)) تولد وعمرك إيش يوم واحد في بداية حياتك ثم تكبر ...تكبر قليلا كل شعيرة من أولها إلى آخرها إذا هي يا أخي جارية على هذا النحو كل السنن التي حولك من أولها إلى آخرها هي جارية على هذا النحو.العلم كيف تأخذ العلم من أوله إلى أخره ؟ لا ، إنما مرة ومرة ومرة وهكذا.... بل كل شؤونك لو تأملتها ستجدهــا أنها على هذا النحو عبارة عن تدرج شئ ثم يأتي بعدة شي ثم يأتي بعدة شيء .....وهكذا، انظر إلى المطر الذي ينزل من السماء بركة من الله عز وجل إلى هذه الأرض العطشى فينزل الله هذا السيل لها.كيف ينزل؟! لوكان ينزل دفعة واحدة هل سينفع الناس بل سيضرهم بل سيؤذيهم ولكن الله عز وجل أنزله شيئا فشيئا لكم ينزل عليك شيئا فشيئا فينفعك فتستفيد منها أما لو نزل جملة واحدة لكان في ذلك إضراراً بك أيها الإنسان فأنزله الله رحمة بك على هذا النحو أنت أيضاً كذلك في كل أمورك عندما تريد أن تطلب العلم وهو أجل الامور عندما تريد أن تدعو إلى الله عز وجل عندما تريد أن تتعبد الله سبحانه وتعالى لا تكن كالمندك الذي لا ظهر أبقى ولا أرض قطع، إيش المندك الآن مثلاً سمع موعظة عن القرآن دعنا نتكلم في القرآن سمع موعظة عن القرآن وعن أهمية التفسير وعن بعد الناس عن التدبر وعن اثر التدبر وعن فائدته وعن عظيم أجره وعن أهميته له ولأهله وللأمة من أولها إلى آخرهــــا قام فاعتكف في بيته مدة أربعة أيــام خمسة أيـــام ستة فتـح كتب التفسير أخذ يتأمل يتدبر هذا لن يمضي عليه أكثر من أسبوع أو أسبوعين ثلاثة فيترك كل شئ، هذا لا يكون ولا يصلح أبدأً وإنمـــا نأخذه شيئاً فشيئاً ولتتأمل الايات التي ذكرناها لك في حلقـــات سابقة فيما يتعلق بالتدرج, الله عز وجل أولاً أمرنـــا بماذا؟؟ بالعلم ثم أمر بالدعوة ثم أمر بالعبادة التي تكون معيناً لك على الدعوة ونحو ذلك كثــــــر وذكرت لكم مثلاً نأخذ من أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم أول الأوامر التي أمر بها الإنسان على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم مـــاهي؟؟ (اقرا باسم ربك.........) الذي هو العلم ثم جاء الأمــــــر بمــــــاذا ؟؟ بعد ذلك باب التوحيـــــــد جاء الأمر بعد العلم أن يعلم أن أعظم العلم هو توحيد الله سبحانــــــــه فجاءت الأوامـــــــر تكاثرت على النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالتوحيد ونفي الشريك عنه جل وعلا فنزل قول الله سبحانه وتعالى: (قـــــــل هو الله أحـــــد * الله الصمــــــــد *......) ونزل قول الله سبحانه وتعالى : ( قل يا أيها الكافرون .....) وهكذا نزلت الآيات الكثيرات في نفي الشريك وإغلاق التوحيد لله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك ماذا نزل ،نزل الأمر بمكارم الأخلاق الأمر بالإحسان إلى اليتيم الفقير وصلة الأرحام ونحو ذلك فجاءت في بدايات الدعوة نزلت هذه الآيات ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك الهشمي فيما يرويه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده من طريق عوف الى مالك الهشمي أن أباه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أي مالك جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا محمد ،تأمل الحديث فيه بيان يوجهه النبي صلى الله عليه وسلم في تدرجه في كل أموره من أولها إلى آخرها من ذلك فيما يأتيه رجل فيقول يا محمد إلام تدعو ؟ يعني إلى ماذا تدعو إلى أي شيء تدعو؟ فماذا كان جوابه صلى الله عليه وسلم ،أنا أدعو إلى عبادة الله وحدة لاشريك له وأدعو إلى الصلاة وإلى الصيام وإلى القرآن وإلى صلة الأرحام وترك الزنا وترك شرب الخمر وإلى ترك أكل الربا وإلى وإلى !! .. أبداً لم يكن هذا كلامه صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم لا شيء تعجب هذا الأعرابي كيف لا شيء قال صلى الله عليه وسلم لا شيء إلا الله والرحم .والحديث صحيح . ذكر له أمرين اثنين فقط .الله ،أي توحيد الله سبحانه وتعالى ثم الرحم،صلة الأرحام ومايتعلق به هذا في بداية الدعوة إذا وبل في صحيح مسلم في حديث عمر بن عتك السلمي أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنت يا محمد؟ قال أنا نبي، قال ومـــــا نبي؟ قال يأتيني الوحي من السمــــــاء، قال فبأي شيء أرسلك الله؟ فهذا الذي أرسلك بوحي من السماء بأي شيء أرسلك؟ ،شوف كيف النبي صلى الله عليه وسلم كيف يعلم الناس كيف يتدرج في الدعوة كيف يتدرج في أمره صلى الله علية وسلم في كل أموره ليس في الدعوة فقط بل في كل حياته يقول بأي شيء أرسلك قال:( بصلة الأرحـــــــام )، فقدم الكلام عن صلة الأرحــــــــــام قبل كل شيء ليش؟ لأن النــــــــاس لن تقبل دعوتك إلى الله عز وجل لن تقبل أن تخرجهم من الشرك من الظلم من الطغيان إلى التوحيد إلى العدل إلى الإيمـــــــان إلا إذا كان هناك ما يجعلهم يقبلون دعوتك وهو أن تكون حسن الخلق واصل لرحمك عافاً عن المظالم عدلاً مع الناس صغيرهم وكبيرهم ولذا قال له بأي شيء أرسلك قال:( بصلة الأرحـــــــام وكسر الأوثان ) يعني عن الرحم والتوحيد هذه القضية بما يتعلق بالتدرج هذه سنة كونية ضرورية ولذا لو تأملت في الأوامر التي جاءت في سورة الأنعام أو سورة المائدة ونحو ذلك بل في سورة الأحزاب وغيرها ,تجد أنها جاءت أوامر كثيرة لم تنزل في مكة مطلقا! النهي عن شرب الخمر لم يأت إلا في مكة ,كان الصحابة رضوان عليهم جميعا يشربون الخمر ,كان علي بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب و طلحة بن عبيد الله يشربون الخمر وكان ساقيهم أنس وثبت ذلك في الصحيحين لم يأتي النهي لكن لما دخل التوحيد في القلب لما دخل الإيمان تنزّل النهي ، انتهى الأمر ،سكبت الخمر في طرق المدينة , وإذا الخمر يجري في طرق المدينة كأنه وادي يسيل، لماذا؟ لأنه كان بعدما استقر الإيمان في القلب فالقضية فيما يتعلق بسنة الله عز وجل بالتدرج , فهذه سنة في كل أمورك أيها المؤمن وهي في كتاب الله أبين وأظهر لأن أوامر الكتاب جاءت بالتدرج أيضا k أوامر الكتاب لم تأتِ هكذا مرة واحدة وإنما جاءت بتدرج مقصود، تعلمون الجهاد , دعوني أضرب لكم مثلا الجهاد ، الجهاد في أول أمره هل كان مشروعا؟ هل كان واجبا؟ هل كان مستحبا ؟ هل كان مباحا؟ لا , وإنما كان محرما تصور أن الإنسان الذي يجاهد في سبيل الله يكون قد فعل كبيرة من الكبائر ومحرما من المحرمات ، لأن الله عز وجل يقول) ألم ترَ إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، فأمرنا في بداية الأمر بماذا ؟ بكف اليد وعدم القتال أبدا ولذا قال الله عز وجل في الآية الأخرى) أذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا ) لاحظ أذن , يعني قبل هذا الإذن كان محرما ممنوعا فالجهاد في بداية الإسلام لم يكن واجبا ولا مستحبا بل ولا مباحا وإنما محرما من المحرمات فمن قاتل بسيفه فقد وقع في كبيرة من الكبائر والعياذ بالله ولذا لما جاء خباب بن الأرت كما في الصحيح شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يجدون من الضعف وما يجدون من الأذى ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " إنكم قوم تستعجلون " بل في مسند الإمام أحمد لما جاء الصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أكابر أهل مكة لاحظ أكابر أهل مكة من أهل الكفر والعناد صناديد قريش قد جمعوا في وادي منى أكثر من 70 رجلا من أكابر قريش في وادي منى وكان الصحابة في أعلى الوادي ، فقالوا يا رسول الله فرصة ألا تأذن لنا فننزل على أهل منى بأسيافنا فقال صلى الله عليه وسلم الذي يدرك سنن الله الكونية وسنن الله الشرعية ومنها التدرج قال" لا إني لم أؤمر بذلك" ليس هذا وقته وليس هذا حينه أبدا ولا يجوز القتال في حال أن تكون على صفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته ، كان أهل الكفر وصناديد قريش يمشون في أزقة مكة يطوفون بالبيت وكان يستطيع صلى الله عليه وسلم أن يقول لحمزة وأن يقول لعلي وأن يقول لعمر وأن يقول لطلحة وأن يقول لسعد بن أبي وقاص عليك بأبي جهل اقتله، عليك بأبي لهب اقتله ، افعل به كذا اقطع رأسه كان يستطيع صلى الله عليه وسلم وكانوا سينفذونه قطعا وهم أبطال الناس وكانوا يستطيعون قتلهم في حال كفر الجميع فكيف بعد الإسلام وقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ولكن ليس هذا هديه وإنما هو التدرج , القتال متى يكون الجهاد متى يكون , في حينه , في حين أن تكون السنن الكونية قد وجدت وتهيأت لأن يبدأ أهل الإسلام بالجهاد والقتال عندئذ يشرع القتال , أما ماعدا ذلك فلا ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان كما في صحيح مسلم لما أرسله يأتي بخبر أهل الكفر في غزوة الأحزاب قال " ياحذيفة لا تذعرهم عليك" يعني لا تهيجهم لا تجعلهم يثورون علينا بعد أن اطمأنت الأمور وهدأت بعد العاصفة والريح التي أرسلها الله عز وجل لا تحدث شيئا يجعلهم يثورون ويبغون الانتقام من أمة الإسلام والانتقام من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الرسول الملهم المؤيد من السماء ومع ذلك يقول لا تحركهم عليك، ليس فينا قوة وشدة عليهم ولا غلبة لهم فلا تذعرهم ولا تحركهم علينا دعهم في سكونهم وما هم فيه حتى أن حذيفة يقول ( فلما رأيت ظهر أبي سفيان وكان يصلي ظهره بالنار فأخذت القوس أريد أن أرمي -يريد أن يرمي ظهر أبي سفيان يريد أن يقتله- يقول فتذكرت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعدت القوس إلى مكانه )، أعاد السهم وجعله في مكانه حتى لا يخالف نهي النبي صلى الله عليه وسلم وكان هو أدرى صلوات الله وسلامه عليه بما يصلح الناس. إذن التدرج على جهة عامة سنة كونية ضرورية شرعية لابد منها في كل الأمور. نقف عند هذا الحد وأسال الله سبحانه وتعالى لي ولكم أن يرزقنا من كتابه نورا وأن يجعلنا من أهل القران وان ينير بصائرنا وقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا لكتابه سبحانه وتعالى إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد |
05-11-08, 02:19 PM | #9 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس السابع .. مجموعة بالعلم نرتقي
كيف يؤثر فينا القرآن كما أثر في الصحابة
الحمد لله الرحيم الرحمن ، الحمد لله الكريم المنان ، الحمد لله الجواد المتفضل الوهاب بالإحسان ، ومن أعظم آثار هذه الصفات ، صفة الرحمة له سبحانه وتعالى ، وصفة الجود له سبحانه وتعالى ، وصفة الكرم له سبحانه وتعالى ، وصفة الإحسان له جل في علاه . من أعظم آثار هذه الصفات : أن أنزل القرآن ، أنزل الفرقان ، أنزل التبيان على محمد صلوات ربي وسلامه عليه . فله الحمد اولا وآخرا ، وله الحمد ظاهرا وباطنا ، له الحمد في الدنيا ، وله الحمد في الأخرى . كنا تكلمنا سابقا عن القواعد الخمس الكبرى ، التي لابد منها لمن أراد ان يتدبر القرآن ، ولمن أراد أن يعيش مع القرآن ، ولمن أراد أيضا أن يبني بيتا في أرض القرآن ، وهذه القواعد الخمس لابد قبل أن ننتقل إلى مايليها لابد وأن تكون ظاهرة ،بينة ، واضحة مستقرة لا إشكال فيها مطلقا ، فإن كان هناك إشكال ! فمن الآن يكون السؤال . حتى إذا انطلقنا إلى ما يتعلق بالمستوى الأول ، أو المستوى الثاني ، أو ما يلي ذلك ، تكون الأمور قد انجلت ،على أوضح مايكون ، وقد تبينت على أتم ما نريد ومانقصد في مثل هذه الحلقات المباركات . هل هناك سؤال ؟ طيب تفضل . سؤال احد الطلبة بسم الله الرحمن الرحيم الإشكال ياشيخ في القاعدة الخامسة : التدرج سنة كونية شرعية ظاهرة . قد يفهم البعض أن هذا التدرج يكون كذلك في تطبيق الأحكام الشرعية ، مثلا إنسان يكون مدمن على الخمر فيقول أنا لاأترك الخمر حتى اصلي ، فلا يترك الخمر إلا بعد القيام بالصلاة ؟ يعني يفهم من موضوع التدرج أنه يتدرج في تركه للخمر فلا يترك الخمر حتى يصلي ، لايترك الزنا حتى يصوم ، ونحو ذلك . هذا سؤال جيد . ومهم ، وقد يطرأ إشكال في الفهم على كثير من الناس فيما يتعلق بمسالة التدرج . ولكن قبل البدء في الكلام أو الجواب عن هذا السؤال ، لابد وأن نعلم يقينا : أن مسألة التدرج من المسائل الكبار والأصول العظام فيما يتعلق بالدعوة إلى دين الله عزوجل ، فمسالة التدرج من المسائل الكبيرة في دين الله سبحانه وتعالى ، وقد مرت الإشارة إلى شيء من ذلك ولكنها فيما يتعلق بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هي مسألة تعتبر من أصول الدعوة . بالنسبة للدعوة هي مسالة من اصولها ، وبالنسبة لغير الدعوة ، هي من المهمات الكبار فيما يتعلق بجميع شئون الشرع ، فيما يتعلق سواء كان بالعلم ، او سواء كان بالعبادة ، أو ايضا سواء كان ذلك في الدعوة إلى الله عزوجل . فما اورده الأخو الفاضل فيما يتعلق بأن انسان قد يأتي ويقول أنا لن أترك الخمر، لن ادع الزنا ، لن اترك الربا ، لن ولن كذا كذا ، حتى اؤدي الفرائض ، حتى أصلي ، حتى أصوم ، حتى وحتى ... . فهذه المسائل لايمكن الجواب عنها الآن على جهة السرعة ، ولكن لكل مسألة من هذه المسائل لها جواب خاص بها ، فبحسب النازلة يكون الجواب ، بحسب الواقعة يكون النظر في دلالة الكتاب والسنة ، وفي كلام أهل العلم في تطبيق الأدلة على هذه النازلة بذاتها ، فقد يقال للإنسان مثلا إذااراد أو إذا خشي الداعية أن لايدخل هذا المدعو في دين الله عزوجل وينتقل من الكفر إلى الإسلام ، من الإلحاد إلى الإيمان ، من الشرك إلى التوحيد ، ينتقل من الشرك إلى التوحيد ، إذا خشي انه لاينتقل من هذه الظلمات العظيمة إلى نور الإيمان والتوحيد والهداية ، فعند ئذ قد نقول له انت آمن بالله عزوجل ، وتخلص من الشرك الواقع فيه ، ويترك الكلام عن مسألة شرب الخمر ويترك الكلام عن مسالة الزنا او عن الربا ونحو ذلك ويؤجل هذا إلى حينه ، إلى أن يسأل عنه ، وإلا إلى أن يستقر الأمر في قلب هذا المدعو إلى الله سبحانه وتعالى ، فهذه المسائل من اولها إلى آخرها ، فيما يتعلق بالتدرج في جميع شئون الحياة ، أو أيضا فيما يتعلق بالتدرج في مسالة الدعوة إلى الله عزوجل ، هذه مناط تحقيقها عند أهل العلم ، فلا يكون لأحد من عامة المسلمين ممن لايدرك احكام الشرع ولايعرف الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة واستنباط أهل العلم وطرائقهم في فهمهم نصوص الكتاب والسنة لاينبغي له ان يبني حكما خاصا به ، فيقول إذا انا لن أدع شرب الخمر ، لن أدع الزنا ، لن أدع الربا ، حتى اصلي ، وحتى أصوم ، وحتى ، وحتى .. هذه المسائل لها نظر خاص بها ينظر العالم في نصوص الكتاب والسنة ، ثم ينظر في الواقعة ، فيطبق هذه الواقعة على نصوص الكتاب والسنة ، ويأخذ الأدلة فينظر ويقيس الواقع عليها ، ثم ياتي بالحكم الشرعي لكل مسألة لوحدها ، فالحكم حينا يختلف بحسب البلاد ، بحسب المدعو، بحسب الحال ، بحسب الزمان ، بحسب المكان ، يختلف من حال إلى حال ، ومن زمان إلى زمان ، ومن مكان إلى مكان ، فتطبيق هذا إنما هو لأهل العلم الربانيين الذين يعلمون العلم الحق ويعلمون الناس العلم الحق على خشية من الله ونور من كتاب الله سبحانه وتعالى . فإذا ليس المراد هنا أن نتكلم بالتفصيل عن موضوع التدرج لا وإنما الكلام هنا أن نبين فقط ان مسالة التدرج من المسائل المهمات التي لها اثر عظيم فيما نتكلم عنه ، فيما يتعلق بتفسير كتاب الله عزوجل وسياتي قريبا بإذن الله الكلام عن التدرج مع كتاب الله على جهة اخف . واضح . جزاك الله خير ياشيخ . بارك الله فيك . هناك موضوع مهم جدا بل هو لب الكلام عن المسائل السابقة جميعا الكلام عن المسائل السابقة كان كالتمهيد إلى هذه المسائل كان كالتوطئة فقط إلى مانحن الآن قد وصلنا إليه فعندنا موضوع في غاية الأهمية جدا وقد عنونت له اختيارا عنونت له بكيف يؤثر فينا القرآن كما أثر في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القرآن يقينا قد أثر في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقينا قد أثر في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف يؤثر فينا القرآن كما أثر في صحابة رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ورضي الله عن الأصحاب ؟ هذا السؤال جوابه في أن هذا القرآن أثر فيهم بأمور وسيؤثر فينا بأمور وهذه الأمور من الممكن ان تقسم إلى قسمين . قسم من الممكن أن يكون الخطاب فيه لعموم المسلمين حتى لا نحرم عامة المسلمين من الإستفادة من كتاب الله عزوجل بل والإستفادة من دروس العلم المتعلقة بتفسير كتاب الله سبحانه وتعالى ولذا كان ولابد أن يكون لهم حظ من مثل هذه الكلمات وحظ من مثل هذه الدروس فعندنا إذا ماأسميناه اصطلاحا بالمستوى الأول لمن أراد أن يؤثر فيه هذا القرآن كما اثر القرآن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا بداية مايسمى او ماأسميناه بالمستوى الأول هذا المستوى الأول خاص وموجه إلى عموم المسلمين ممن لهم عناية بكتاب الله سبحانه وتعالى بالقراءة والعناية به من جهة قراءة الحروف والنظر فيه وعدم هجره هجرا كاملا تاما هذا هو المستوى الأول . المستوى الثاني بعد هذا وهو الموجه لطلاب العلم . بالنسبة للمستوى الأول الموجه لعموم المسلمين : إذا أراد احد من عامة المسلمين ان يؤثر فيه القرآن كما أثر في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تأثيرا مقاربا تأثيرا مشابها ليس تأثيرا تاما كاملا كماأثر فيهم تأثيرا عظيما كاملا لانقص فيه ولكن على الأقل ان يلحق بالركب وان يقارب وأن يشابه وأن يدنو منهم إذا أراد ذلك فعندنا ثلاث مراحل عندنا ثلاث مراحل بإمكان المسلم العامي ان يخطوها وان يسير من خلالها ليلحق بالركب الأول ليلحق بركب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عنايتهم بهذا القرآن العظيم ليلحق بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عنايتهم بهذا القرآن العظيم وهذه العناية من عموم المسلمين ، ومن عامة المسلمين بالقرآن لابد وان تكون ،لابد من كل مسلم ، ولابد على كل مسلم ؛ أن يهتم بكتاب الله سبحانه وتعالى إن اراد ان يكون من اهل القرآن وإن أراد ان يكون من اصحاب القرآن وإن أراد ان يكون ممن يشفع لهم القرآن ، وهذه المسائل بالنسبة لعموم المسلمين من دون استثناء لابد من إدراكها ، وهذه المراحل بالنسبة أيضا لعموم المسلمين لابد وينبغي لهم ان يعتنوا بها عناية كبيرة . لما يعتنوا بها ؟ ومن أجل ماذا ؟ يهتموا بمثل هذا لأجل ان القرآن العظيم لأجل أن هذا القرآن العظيم هو سبيلهم إلى النجاة وهو سبيلهم إلى الهداية وهو سبيلهم إلى الفلاح بل هو المنقذ لهم يوم القيامة إن اشتدت الأمور وعظم الخطب في يوم الهول الأعظم . أريدك أن تتأمل أيها المسلم من كل المسلمين دون استثناء .أيها المسلم وأنا اكلم كل من كان يقرأ كتاب الله عز وجل وكل من كان يهتم بتلاوة هذه الأيات العظيمات أقول له أن هذا القران ليس بالهين أبدا عند الله سبحانه وتعالى ،فاحرص كل الحرص ان تكون من أصحاب القران وأن تكون من أهل القران، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن أهل القران هم أهل الله وخاصته. أهل القران هم أهل الله وخاصته ،وأصحاب القران هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين إقتربوا منه وإن لم يروه بأعينهم ولم يعاشروه بأبدانهم ، ولكنهم أصحاب له لأنهم صاروا على طريقته صلوات ربي وسلامه عليه ، فهم إخوانه وهم أقرب الناس إليه ،وهو ينتظرهم في يوم القيامة لكي يكون الشافع لهم ، ولكي يكون الحامي لهم ،ولكي يكون صلوات ربي وسلامه عليه الذي يأذن لهم أن يشربوا من حوضه العظيم شربة لا يظمأون بعدها ابدا . ولذا أريدك أن تتأمل أخي المبارك بعض الاحاديث في هذا الباب ، فقد صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كما في صحيح البخاري –وأنا أريد أن أضرب لك أمثلة أيها المؤمن حتى تعلم ماذا يعني أن تكون من أهل القران ،وماذا يعني أن تكون من أصحاب القران ،وماذا يعني أن تكون من طلاب شفاعة القران لك في يوم القيامة ، وأن تكون من أحباب القران . هذه المسألة عظيمة جدا ، هذه المسألة ليست بالهينة مطلقا ، ومن حُرمها حُرم خيرا كثيرا ، ومن فاز بها فاز والله بأمر عظيم جليل . خذ مثلا من ذلك ليتبين لك عظيم الامر وليتبين لك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان حالهم مع كتاب الله سبحانه وكيف حرصوا أن يكونوا من أحباب كتاب الله سبحانه وتعالى ، فقد أخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه وارضاه أنه قال : كان رجل من الأنصار يؤم قومه ، فكان إذا أم في قومه استفتح بسورة قل هو الله أحد، ثم يقرأ بالسورة الاخرى ، وهكذا كان في كل ركعة ، إذا استفتح الصلاة وكبر وأراد أن يقرأ ، قرأ سورة ( قل هو الله أحد) سورة الاخلاص ، ثم بعد ذلك يقرأ سورة أخرى ، وهكذا في كل ركعة في الركعة الاولى في الركعة الثانية في الركعة الثالثة في الركعة الرابعة في صلاة الفجر في صلاة الظهر ولا يسمعونه ولكن عُلِمَ من حاله ، العصر المغرب العشاء كل صلواته كانت على هذه الحال ،فتعجب منه قومه وشكوه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فناداه صلوات ربي وسلامه عليه ودعاه وقال : ما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ –فاسمع الى كلمة هذا الصحابي الجليل- فقال : يارسول الله اني احبها ، فقال له الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه :حبك اياها ادخلك الجنة . هو يحب ماذا ؟ يحب سورة قصيرة من سور كتاب الله ...يحب سورة الاخلاص يحبها..بينه وبينها مودة ..بينه وبينها محبة ..بينه وبينها الفة .. يحب أن يكررها يأنس بها ..يفرح بتردادها ...فقال له صلوات ربي وسلامه عليه حبك إياها أدخلك الجنة ،والحديث في صحيح البخاري بل إنه ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وعن ابيها أنها قالت: كان رجلا يقرأ في الناس يصلي بهم ، فكان كلما صلى ختم بسورة( قل هو الله احد) ، فجاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك ، فقال : صلى الله عليه وسلم سلوه لأي شئ يصنع ذلك؟ فقال :إنها صفة الرحمن . إنها صفة الرحمن ...شوف كيف استوعب معنى سورة الاخلاص ، استوعب معنى وفهم مايريد الله عز وجل منه في قوله سبحانه وتعالى ( قل هو الله احد ) "قل هو الله احد ، الله الصمد ‘لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا احد"...استشعر هذه الايات واستشعر معانيها ...فكان يفرح بتلاوتها ..فقال :إنها صفة الرحمن ،وأني أحب أن أقرأها ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم مبشرا : أخبروه أن الله يحبه . اخبروه أن الله يحبه ! لأي شئ ؟ لانه يحب سورة الاخلاص ...فقال له النبي صلى الله عليه وسلم –انظر الى هذه البشرى العظيمة-أخبروه أن الله يحبه ...ونحن ماذا نريد ؟ وبماذا نطمع أكثر من أن يحبنا الله عز وجل ..وهو أحبه الله سبحانه وتعالى لحبه لسورة قصيرة من القران؟ فهل نحن نحب سورة من سور القران كما كان هذا الصحابي يحب هذه السورة من القران؟ هل بيننا وبين سورة ولو قصيرة من القران هذه الالفة وهذه المحبة ؟ يجب على كل مسلم أن يسأل نفسه إذا وقف في يوم القيامة بين يدي الله ما هي السورة التي تشفع له عند الله عز وجل ؟ ماهي السورة التي أصبح بينه هو وأياها ألفة ومودة ومحبة ، يكررها يرددها يقف معها يبكي لأجلها يفرح ويأنس بها ؟ وهذا ليس في سورة الاخلاص فقط ...بل إنه ثبت في مسند الامام احمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :سورة ثلاثون أية شفعت لصاحبها حتى غفر له ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير )...شفعت لمن؟شفعت لصاحبها ...فلم تشفع لأي أحد ...لكنها شفعت لصاحبها ...ومعنى أنه صاحبها أي أنه كان خليلا لها يتلوها ويتأملها ويكررها صباحا ومساءا ويخلو بها في حدة الظلمة. عودة بعد الفاصل لقد كان الكلام فيما يتعلق بأهل القران ، بأصحاب القران ، بمن يتطلب شفاعة القران ، تمهيدا لما سنقدم عليه بإذن الله جلّ وعلا في الكلام عن المستوى الأول وما يتعلق به في المراحل الثلاث . و كان الكلام عن حديث النبي صل الله عليه وسلم في قوله : " سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له، وهي سورة تبارك" . وهذا الحديث قد ورد بلفظ فيه شيء من التنبيه لأن هذا الأمر يسير ليس بالعسير أبدا . فورد هذا الحديث في مسند الإمام أحمد بلفظ " سورة ما هي إلا ثلاثون آية تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شي قدير " سورة ليست بالطويلة سورة متوسطة هي ثلاثون آية . هذه السور إنما هي أمثلة على سور ستشفع لأصحابها يوم القيامة ، يأتي الإنسان في يوم القيمة وقد يكون جاء بذنوب عظيمة ، جاء بمصائب ، جاء ببلايا ، بكبائر فيكتب الله عز وجل عليه أن يأمر ملائكته بأن يأخذوه إلى جنهم والعياذ بالله ، فيبحث عمن يشفع له عند الله عز وجل وأهل الشفاعات كثير . ومن أعظم أهل الشفاعات كتاب الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة ، وتأتي سورة من كتاب الله ( سورة تبارك ، سورة البقرة ، سورة آل عمران ، أو أي سورة من كتاب الله عز وجل ) فتشفع لصاحبها هذا حتى يغفر له وينجو من الكرب الذي حل فيه . إذا كان كذلك كان هذا الفضل العظيم ، كانت هذه الشفاعة ، وكان هؤلاء هم أصحاب القران. فإذن فلنبدأ على بركة الله عز وجل وعلى نور سبحانه وتعالى بالمراحل الثلاث التي ذكرنا لكم أنها موجهه لعموم المسلمين من المهتمين بكتاب الله سبحانه وتعالى . هذه المراحل هي ثلاث مراحل ! وثمرة هذه المراحل.. حتى نكون من أهل القران ، حتى نكون من أصحاب القران ، حتى نكون من أهل شفاعة القران. وأولى هذه المستويات وهذه المراحل هو : بأي القران نبدأ ؟ المرحلة الأولى في المستوى الأول>>> بأي القران نبدأ ؟ هذه هي المرحلة الأولى التي لا بد منها لمن أراد أن يكون من أهل القران. هناك قاعدة عظيمة ذكرها الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه وبوب عليها فقال: { العالم الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كبارة} وهذه القاعدة هي من القواعد الجليلة جدا عند أهل العلم وذكرها البخاري في الصحيح كما تقدم ، وهي مستفادة من كتاب الله عز وجل ومن سنة النبي صل الله عليه وسلم . والذي أريد أن أنبه عليه هنا ، أن هذه هي صفة العلماء الربانيين، أنهم يربون الناس بصغار العلم قبل كباره . أما من أراد أن يربي الناس على كبار العلم قبل صغاره فهذه ليست هي من صفة العلماء الربانيين أبدا . ومعنى أنهم يربون الناس بـ صغار العلم قبل كباره، معنى هذا ؛ أن صغار العلم هو المسائل الظاهرة ، الواضحة الجلية البينة التي تكررت في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرا كثيرا . وأما كبار العلم فهي المسائل الدقيقة العظيمة التي تحتاج إلى فهم والى إدراك وإلى مقدمات وإلى ألآت وإلى أشياء كثيرة حتى يستطيع المسلم أن يفهمها فهما كاملا وافيا . فعندنا إذن مسائل العلم تنقسم إلى قسمين : ما تسمى بصغار العلم وهناك مسائل تسمى بكبار العلم . فأهل العلم الربانيين إذا أرادوا أن يربوا الناس ربوهم بدءا بصغار العلم وتركوا كبار العلم ، بدءوا بالشيء السهل ، الشيء اليسير الواضح البين ، الجلي الذي تكرر في كتاب الله عز وجل . ولا يأتون الناس بالمسائل المعضلة ، بالمسائل المشكلة ، بالمسائل العميقة ، بالمسائل التي تحتاج إلى دقة و فهم وتحتاج إلى نظر ثاقب ومعرفه كاملة تامة ، تحتاج إلى أدوات كثيرة ، لا توجد عند أكثر المسلمين . فإذن المرحة الأولى لمن أراد من عموم المسلمين ومن عامة قراء كتاب الله سبحانه وتعالى أن يحدد بدءا بأي شي يبدأ من كتاب الله سبحانه وتعالى . وأعيد وأكرر أن المراد هنا ما يتدبره من كتاب الله سبحانه أما ما يـقرأه قراءة عامة فقد سبق الكلام أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحزبون القران ويقرءونه – يحزبونه ثلاث سور ، خمس سور ، سبع سورــ ، وهكذا إلى المفصل . ولكن الكلام هنا إذا أردت أن تدبر شيئا من كتاب الله سبحانه وتعالى فلا تذهب إلى السور الطوال ؛ إلى السور التي فيها كثير من الأحكام الفقهية الدقيقة ، التي فيها بيان مسائل الطلاق فيها بيان مسائل الحج، فيها بيان مسائل الحدود وغير ذلك وتقسيم الميراث وغيرها من السور العظيمة الجليلة الكبيرة التي تحتاج إلى فهم واسع ، وإلى إدراك كبير . هذه أيها المبارك تتلوها من كتاب الله عز وجل وتمر عليها وتحاول أن تتفهم شيئا منها ؛ و لكن بدءا ليست هي الآيات ، بل ولا هي السور التي ينبغي عليك أن تقف عندها طويلا، وأن تتأملها وأن تتدبرها، وان تكررها في صلاتك ، خصوصا عندما تخلوا بربك سبحانه وتعالى ليس بينك وبينك أحد . فإن هذه السور ثقيلة كبيرة عليك ؛ لن تستطيع أن تدخلها على فؤادك كما هو الحال في الأمور الأخرى من البيان الذي جاء في قصار السور الذي يسميه أهل العلم بصغار العلم. ولذا قال البخاري هنا،" الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره " وهذا بدءا لا بد منه .. وهو أمر إن لم نفعله ، وإن لم نأخذ به ؛ فلن نستطيع أن نسير في مراحلنا هذه ولا في غيرها التي في كتاب الله سبحانه وتعالى ؛ لأن اللقمة إذا كبرت وعظمت لن يستطيع الإنسان المسلم أن يستصيغها ، ولن يستطيع أن يستفيد منها أبدا ، بل قد تكون فيها غصة عليه يتعب إذا أراد أن يتخلص منها . فإذن هذا هو الأمر الأول. المستوى الأول الذي هو لعموم المسلمين له ثلاث مراحل : المرحلة الأولى منه أيها المسلم لابد أن تحدد بأي شي تبدأ مع كتاب الله سبحانه وتعالى ، وبعبارة أخرى لابد وأن تحدد بأي شي تبدأ في تدبر كتاب الله سبحانه وتعالى . هذا هو السؤال بأي شي تبدأ في تدبر كتاب سبحانه وتعالى فما هو الجواب ؟ إذا حددنا هذا سننتقل إلى المرحلة الثانية وقد ونحن بإذن الله قد وضح لنا الأمر وتجلت لنا المسألة وبان لنا الصحيح . بأي شي نبدأ ؟. ننظر في سنة الرسول صل الله عليه وسلم وفي موقفه صلوات ربي وسلامه عليه من القران ، وفي موقف صحابة صلى الله عليه وسلم أيضا من هذ1 الكتاب العظيم ، ومن تنزل هذا الكتاب على هذا النبي العظيم صلوات ربي وسلامه عليه ، كيف كان الأمر ؟ نحن نريد أن يؤثر فينا القران كما أثر في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم أليس كذلك ! كيف يكون هذا ؟ لننظر إلى سيرته صلوات ربي وسلامه عليه ، ولننظر إلى سيرة أصحابه . كيف فقهوا هذا وكيف فهموه ؟ سأذكر لكم حديثاً واحداً وإلا فالأحاديث في الباب لا تحصى ولكن سأختار لكم من صحيح البخاري حديثا ًأرجو أن يكون واضحاً جلياً في المسألة فإن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها وهى من الفقهاء الكبار ومن أعلم الناس بكتاب الله عز وجل كيف كان حالها من هذا الأمر؟ جاء إليها إعرابي كما روى في صحيح البخاري فقال لها يا أم المؤمنين أرينى مصحفك (أي أعطيني مصحفك يريد أن يطلع على مصحف أم المؤمنين عائشة) فقالت له ياإعرابى وماذا تريد بمصحفي ؟ قال : أريد أن أرتب مصحفي على ترتيب مصحفك (يعنى كيف أرتبه ؟ يريد أن يرتب السور يرتبه على ما جاء في مصحف أم المؤمنين عائشة ) قالت وما يضيرك يا إعرابي ( أي وما يضيرك أن يبقى المصحف على النحو الذي هو فيه ، ثم قالت هذه الكلمة العظيمة الجليلة التي ولابد أن تستقر في فؤاد كل مسلم )قالت رضي الله عنها وأرضاها إنما نزل أول ما نزل من القرآن سورمن المفصل( وأنا أريدك أيها المؤمن يا قارئ كتاب الله أن تنتبه لقول أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها فإنها لا تتكلم من قبيل نفسها وإنما تحكى واقعاً كان من كتاب الله عز وجل في تنزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأمر ليس في أثر موقف وإنما هو حكاية خبر مرفوع عن حال النبي صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله عز وجل وتقو إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل هل نزلت سورة البقرة ، آل عمران ، المائدة ، الأنعام ، الأحزاب، الجاثية ) لا إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا تاب الناس للإسلام (ما معنى تاب الناس ،رجعوا ......هم ما كانوا مسلمين ؟..........ما معنى تابوا هنا؟...ليس رجعوا فقط حتى إذا تاب الناس للإسلام بمعنى أي أنهم كأنهم كانوا في الإسلام ثم دخلوا في الكفر لأن أصل الناس كانوا على الأيمان أدم عليه السلام وذريته حتى دخل فيهم الكفر حتى إذا تاب الناس للإسلام أي عادوا للإسلام واستقر الإسلام في قلوبهم واستقر الأيمان في أفئدتهم نزل عليه آيات الوعد والوعيد حتى إمتلئت القلوب إيماناً وحتى ملئت هذه الأفئدة يقيناً خالطها اليقين خالطها الأيمان خالطها الرضا بأحكام الله عز وجل ) حتى إذا تاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام هل نزل الحلال والحرام قبل لا وإنما نزلت آيات الوعد الوعيد قبل حتى إذا تاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام ..أنظر ..ثم تحكى لك حكاية الواقع المخالف لهذا الأمر الذي كان عليه القرآن وتبين لك ماذا سيكون الأمر لو تغير هذا الواقع ...واقع مخالف لحال تنزل القرآن وهذا الواقع للأسف الشديد أنك تراه في حال كثير من المسلمين ...نعم.. قبل أن أذكر لك كلام عائشة أريد أن تنظر في حال المسلمين و أن تنظر في حالك أنت مع كتاب الله سبحانه وتعالى وأن تنظر في حال من حولك كثير من المسلمين وللأسف الشديد إذا أراد أن يقرأ كتاب الله أراد أن يتفقه في كتاب الله أراد أن يعتبر من كتاب الله أراد أن يردد ويتلو حزبه ويقف مع آيات الكتاب فإنه يذهب أول ما يبدأ بسورة البقرة ثم آل عمران ..ثم... هكذا ..يقرأ في السبع الطوال وهو لم يستوعب ولم يفقه ولم يتدبر ولم يعرف ولم يعلم مافى قصار السور من كتاب الله عز وجل هذا الواقع المؤلم لحال كثير من المسلمين هو الذي جعل هذا القرآن لا يكون بالمحل الأسمى والأعظم الذي ينبغي أن يكون عليه في قلب المؤمن يقرأ في الطوال لم يفهم ولم يدرك كيف يستقر عظم القرآن في قلبه وهولا يفهم شيئا مما تلاه وكيف يفهم تلك السور الطوال العظام وأصول الدين التي تنزلت في السور القصار لم تستقر في قلبه ...لن يكون هذا أبدا ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه مكث في سورة البقرة ثماني سنوات . وأبوه عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه ثبت عنه أنه مكث في سورة البقرة اثنا عشرة سنة عمر أمير المؤمنين ثاني أفضل رجلين في الأمة بعد رسول الله صلى عليه وسلم (في سورة البقرة اثنا عشر سنة ) ونحن الآن لو قلنا لأحد اقرأ في تفسير القرآن كله من أوله لأخره عشر سنوات يأخذ برأسه ويمسك ...ضاع العمر كله في التفسير وهذا عمر يأخذ اثنا عشر سنة في سورة البقرة ولذا اسمع لكلام عائشة وهى تصف لك الحال لو كان الواقع خلاف ما كان فتقول رضي الله عنها وأرضاها (ولو نزل أول شئ لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر) من الذي يقول هذا ؟ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رأوا الحبيب والوجه المنير هذا النبي الذي تمثلت فيه آيات تدل على نبوته . ولو نزل أول شئ لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر ولو نزل أول ما نزل لا تقربوا الزنا لقالوا لا ندع الزنا ثم تبين رضي الله عنها وأرضاها حال التنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أنزل والساعة أدهى وأمر وأنا بمكة وما تنزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا تحته في المدينة أنظر الفرق هذه تنزلت وعائشة جارية بمكة تلعب وأن السور الطوال نزلت وهى (عائشة) تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا أخذوا القرآن التي فيها والساعة أدهى وأمر بدءاً ثم السور الطوال أتت بعد ذلك لبيان الأحكام . أسأل الله عز وجل بمنه وفضله وكرمه سبحانه وتعالى أسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أسأله باعترافنا بذنوبنا و خطأنا على أنفسنا أن يجعل هذا القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
13-11-08, 05:26 PM | #10 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الدرس الثامن .. مجموعة التجارة الرابحة
بداية التدبر بآيات المفصَّل
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله الذي خلق فسوى.. والحمد لله الذي قدر فهدى .. والحمد لله له الحمد في الأولى والآخرة وأصلي وأسلم على نبينا وحبيبنا ومصطفى ربنا محمد –صلى الله عليه وسلم-.. كنا فيما سبق تكلمنا عن المراحل الثلاث التي لابد منها لمن أراد من عامة المسلمين أن يكون من أهل القرآن.. وأن يكون من أصحاب القرآن .. وأن يكون من أهل شفاعة القرآن .. هذه المراحل الثلاث أيها المبارك هي مراحل منهجية.. مراحل دراسية.. مراحل المقصود منها أن تكون هذه المراحل سبيلاً لك لأن تكون من أهل القرآن فبإمكانك أن تقدم فيها وأن تؤخر .. وبإمكانك أن تضيف عليها أو أن تحذف ونحو ذلك ... وإنما هي مراحل اجتهادية .. ومن فعلها وأخذ بها فإنها بإذن الله –عز وجل- ستكون سبيلاً له لأن يكون من أهل القرآن وقد تدارست فيها عدد من أهل العلم.. وتكلمنا في ذلك طويلاً.. ورأيت بنفسي فائدة ذلك .. أسأل الله –عز وجل- أن لا يحرمنا وإياكم أن نكون من أهل القرآن.. وقد ذكرت لكم سابقاً أن المرحلة الأولى وهي من أهم ما يكون هي أن تحدد أيها المسلم بأي شيء تبدأ في تدبر كتاب الله –عز وجل-.. وأنا هنا قصداً لم أحدد السورة التي تبدأ بها .. بل لم أحدد أيضاً الجزء الذي تبدأ به .. لأن هذا قد لا يتيسر .. بل قد لا يناسب .. فإن الله –عز وجل- لم يحدد شيئاً واضحاً بيناً.. ولم يأتِ على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أيضاً في هذه المسألة تحديد أن يبدأ المسلم بشيء محدد من كتاب الله –جل في علاه- وإنما جاء شيء عام يخص نوعاً من سور القرآن.. وقد ذكرنا لكم سابقاً أن عائشة –رضي الله عنها وأرضاها- كما في صحيح البخاري قالت : "إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل" .. فإذاً المرء بحاجة إذا أراد أن يبدأ بكتاب الله –عز وجل- أن يكون هذا البدء من خلال المفصل.. نعم .. أن يكون هذا البدء في تدبر كتاب الله -سبحانه وتعالى- إذا أردت أيها المؤمن أن تكون من أهل القرآن .. من أهل شفاعة القرآن .بالمفصل.أن يكون البدء بالمفصل .. نعم .. وأقولها وأنا أعلم ما أقول.. لا بد وأن يكون البدء بسور المفصل.. أما ماعدا سور المفصل .. فهذه لها مراحل أخرى ولها أوقات تالية أما بدءاً إذا أردت أن تتدبر كتاب الله –عز وجل- فعليك بسور المفصل.. لأن سور المفصل هي أول ما نزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقد جاءت هذه الإشارة من أم المؤمنين –رضي الله عنها وأرضاها-.. وجاءت أيضاً إشارات كثيرة في هذا الباب من صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم من أهل العلم في هذا الشأن.. فلابد إذن أن يكون البدء بشيء من سور المفصل.. فإذا عدنا إلى السؤال الذي هو عنوانه : المرحلة الأولى من المستوى الأول .. بأي شيءٍ تبدأ ؟! يكون الجواب: بسورة من سور المفصل أو بسور من سور المفصل .. هذا هو الجواب عن هذا السؤال الذي هو عنوان للمرحلة الأولى.. عندنا في هذا المستوى .. فقبل كل شيء لابد وأن تحدد ما هو الفصل الذي تختاره من كتاب الله –عز وجل- لتبدأ به في تدبر كتاب الله –سبحانه وتعالى- .. وقد ذكرنا لك أن هذا الفصل هو الحزب الأخير من القرآن.. والذي يُسمى بحزب المفصل .. بحسب تحزيب الصحابة –رضوان الله عليهم أجمعين- .. لما حزبوا القرآن سبعاً .. فالحزب الأخير هو حزب المفصل .. فإذاً لابد وأن يكون البدء بسورة من سور المفصل.. أي سورة من سور المفصل .. هذا لك أيها المبارك .. أيها المؤمن ..والوعيد.كتاب الله –عز وجل- .. تقرأ في سور المفصل .. فإن وجدت سورة تتكلم عن الآيات في الوعد والوعيد .. عن أهوال يوالقيامة. .. عن جزاالكافرين. .. عن عقاب الكافرين .. عن صفة النعيم .. عن صفة العذاب .. عن أشياء كثيرة في هذا الباب ... فإن أخذت هذي .. أو أخذت تلك .. أو أخذت الثالثة أو الرابعة أو غير متكاملٌ.أجر في ذلك كثير وذلك لأنها كلمتكاملٌ. .. وتدور حول هذه المواضيع المهمة التي هي ركن ركين في حياالمؤمن. .. فلابد من وجودها ولابد من استقرارها فقلبه. . إذاً تتفق بدءاً على أن البالمفصل. بسورة من سور المفصل.. فقبل أن تقبل على تدبر كتاب الله –سبحانه وتعالى- .. لابد أن تختار سورة من سور المفصل .. هذا الذي أرالك. .. وهذا الذي دل عليه كلام عائشة –رضي اللعنها-. .. وكما ذكرت لك هذا الذي دل عليه كلام كثير من أهل القرآن. هذا الباب.. إذا أردت أن تقبل على كتاب الله وأن تكون من أهل القرآن .. أ تكون من خاصة الربالمبارك.وتعالى- .. أن تكون من أهل شفاعة القرآن .. فعندك هذه السور أيها المبارك .. تمسك لك:وعض عليها وابدأ بها. بعد ذلك ننتقل إلى مسألة مهمة في هذه المرحلة .. وهي أي سورة من سور المفصل نختار .. تختار إن شئت أن تختار ما تختار .. لك هذا .. ولكن إن استنصحتني وطلبت مني النصيحة في هذا الباب .. فسأقول لك .. نصيحتي لك : أن تكون هذه السور من جزء عم .. خذ من جزء عم .. وأنصحك أنا أيضاً أن تبدأ بسورة عم تبدأ.في التدرج إلى آخر كتاب الله –عز وجل- وهذه نصيحة أخوية قد جربت ومررت مع عدد من المسلمين.. بل وفي إصلاح الجوارح من أولها إلى آخرها . فنصيحتي لك أيها المؤمن إن أردت أن تبدأ .. تبدأ بجزء عم .. ولا تخرج عن جزء عبأس.وإن خلطت ذلك بشيء من جزء تبارك فلا بأس.. فإن مادة جزء تبارك وعم.تكلم الله –عزالتوحيد، أيضاً في جزء عم .. ولكن في جزء عم الأمر أكثر .. كما يُقال تركيزاً فيما يتعلق بمسائل التوحيد ، فيما يتعلق بمسائل مكارم الأخلاق .. فيما يتعلق بهداية القرآن لهذالإنسان. .. فعندئذ لو كان البدء وأقولك: لو كان البدء بجزء عم أرجو أن يكون في ذلك نفع عظيم لك فتقرأ مثلاً بداية من سورة عم ثم تنزل وتتدبر في سورة عم. وسورة عم من السور العظام الجليلةالمبارك؛ما أنزل الله – عز وجل- على نبيه – صلى الله عليه وسلم- فإن فيها من الفوائد وفيها من العبر وفيها من أنواع الخطاب ما لو تدبره العبد لكفاه عن أشياء كثيرة مما يتطلبه من الكتب التي ألفها الخلق ففي سورة عم أشياء كثيرة . في سورة عم في أولها حوار عقلي محض ثم جاء الكلام عن اليوم الآخر وعن النفخ في الصور ثم جاء الكلام عن الطاغين ( للطاغين مآبا * لابثين فيها أحقابا ) وأنا سأضرب لك مثلاً يسيراً أيها المبارك ؛ أضرب لك مثلاً يسيراً في أنك لو تأملت شيئاً من سورة عم كيف سيتغير الأمر بالنسبة لك كيف سينجلي عنك غمة في عقلك وغمة في قلبك بسبب بعدك عن تدبر كتاب الله عز وجل. عندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى – مثلاً في سورة عم – ( لابثين فيها أحقاباً * لا يذوقون فيها برداً ولا شرابا) لابثين فيها أحقابا هذا اللبث لمن؟ للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا عندما تقرأ أي كتاب في التفسير يتكلم عن التفسير بالمأثور أن ينقل لك كلام الصحابة – رضوان الله عليهم – وكلام التابعين في تفسير هذه الآية فتنظر في تفسير الطبري في تفسير بن كثير أي كتاب نقل أقوال الأئمة نقل أقوال التابعين في تفسير هذه الآية سيقولون لك : (أحقابا):للغة: أقل ما يكون إما بعضهم يقول أقل ما يكون ثلاثمائة سنة وبعضهم يقول ثمانين سنة الحقب في لغة العرب وأقل ما جاء من تفسير السلف – رضوان الله عليهم أجمعين – لكلمة الحقب هو سبعون سنة. الحقب : قال الضحاك : هو سبعون سنة ، أما صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلم يأتِ عنهم أقل من ثمانين سنة في تفسير الحقب ، فلو أخذنا بهذا لن نأخذ الثلاثمائة ولن نأخذ السبعين ، ولكن دعنا نأخذ 80 سنة لأن هذا ما جاء عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على أقل ما يكون ، لم يأتِ عن الصحابة أقل من ثمانين سنة في تفسير الحقب والآية : يقول الله –عز وجل- فيها : (لابثين فيها أحقاباً) (أحقابا) : هذه مفرد أم جمع ؟ جمع، وأقل الجمعمعلوم؛عرب كم ؟ ، ثلاثة كما هوسنة،م؛ فإذاً الجمع هنا أحقاباً جمع حقب والحقب هو كم ؟ ، هو ثمانين سنة، فلو ضربت ثمانين سنة في ثلاثمائة كم ؟ مائتيالتكثير، سنة ، شوف مائتين وأربعين سنة. لفظ الحقب هنا في كتاب الله لما جاء في سورة عم جاء منكرا أم معرفا ؟ منكرا. تنكيره هنا يفيد ماذا؟ يفيد التكثير ، التنوين هنا مع التكثير ، أي أنها أحقاب كثيرة وليست حقب واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ، وإنما هي أحقاب كثيرة . دعنا نأخذ الأقل وهو أنها ثلاثة أحقاب، والحقب الواحد ثمانون سنة، وهذه يعني أكثر من مائتين وأربعين سنة، هذه المائتين وأربعين سنة اليوم فيها بكم ؟ بألف سنة مما نعد نحن (وإن يوماً عند ربك كألف سنةٍ مما تعدون) فعندنا يوم واحد من أيام الله –عز وجل- كألف سنة مما نعد ، فإذا أردت أن تحسب هذا اللغز الذي توعد الله –عز وجل- به الطغاة ، والطغاة هنا ليسوا هم الكفار فقط ، بل كل من استحق هذا الوصف ، (للطاغين) : أي كانوا من الطغاة الكافرين ، أو كانوا أيضاً من الطغاة وإن ظلوا على اسم الإسلام ، فتوعدهم الله –عز وجل- بأن يلبثوا في نار جهنم ثمانين سنة في ثلاث ، مائتين وأربعين سنة ، ثم اليوم الواحد بألف سنة من أيامنا نحن ، كم هذه؟ هذه سنوات طويلة وهذا مكث -والعياذ بالله تعالى- ليس بالقليل ، ليست هي أيام محصورة معدودة ، لبث طويل جداً في نار جهنم لمن اتصف بهذا الوصف ، أنه كان من الطاغين ، فهذا الوعيد وعيدٌ شديدٌ ليس بالوعيد الهين أبداً ، وعيد شديد فيه سنوات طويلة ممتدة لا يعلم قدرها إلا الله –سبحانه وتعالى- ، وهذا أقل ما يكون ، فما بالك بمن أراد الله –عز وجل- وكتب عليه أن يمكث أكثر من ذلك جداً ، فالحال شديدٌ إذا كان المكث سنوات طويلة ، أقرنه بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- : "يؤتى بأنعم أهل الأرض من أهل النار فيغمس في النار غمسة –غمسة واحدة هكذا فقط—فيقال له : هل مر بك نعيم قط؟ هل رأيت خيراً قط؟ فيقول : لا يارب ما رأيت نعيماً قط ، ولا مر بي خيرٌ قط" فهي غمسة أنسته كل النعيم ، وهو أنعم أهل الأرض ، فما بالك بهذا الذي سيلبث أحقاباً طويلة في نار جهنم . أنا أريد من ذلك أن تعلم أن هناك من الأسرار في كتاب الله في هذه السور الشيء العظيم، بل في مبدأها، في مبدأ سورة عم الله –عز وجل- يقول في أولها: (عم يتساءلون) هذه الصيغة ماذا تسمى عند العرب ؟ (عم يتساءلون) أليس هو استفهام ؟ سؤال وفيه ماذا ؟ نعم،عجب (عم يتساءلون) يعني : يسأل الرب –سبحانه وتعالى- هؤلاء الكافرين ، والخطاب موجه إلى محمد –صلى الله عليه وسلم- عن هؤلاء الكافرين يقول : (عم يتساءلون) يعني : عن أي شيء يتساءلون ، وليس السؤال سؤال مجرد ، وإنما سؤال فيه تعجب ، فيه غضب ، فيه عدم رضا عن هذا السؤال (عم يتساءلون) فلم يغضب الرب –سبحانه وتعالى- عن سؤال هؤلاء القوم ولم يتعجب من سؤالهم ، هل هناك ما يدعوا إلى التعجب ؟ نعم ، هناك ما يدعوا إلى التعجب ، وهناك ما يدعوا إلى الغضب ، هم يسألون ، ولكن هذا السؤال ما كان ينبغي أن يسألوا عنه أبداً ، لم ؟ لأن الآيات العقلية والدلائل الكونية من حولهم متكاثرة جحداً في إثبات حقيقة البعث ، ومن أظهرها وأبينها والنقاش معهم هم ، وهم يؤمنون بوجود الله سبحانه وتعالى ولكنهم يشركون معه غيره –جل في علاه سبحانه وتقدس- ، فجاء التعجب من هؤلاء كيف تشركون بالله –عز وجل- ثم تنكرون البعث . قالوا:اءلون * عن النبأ العظيم) وجه التعجب : أن هؤلاء يؤمنون بأن الله –سبحانه وتعالى- إله ، ومن إيمانهم بالله الذي هو إلههم يؤمنون بأنه عدلٌ –جل في علاه- ، ولو سألتهم عن الله هل يظلم؟ قالوا : لا يظلم ، ولو سألتهم عن الله –سبحانه وتعالى- هل هو قادر ؟ ققالوا:قادر تام القدرة . ولو سألتهم عن الله –سبحانه وتعالى- هل هو عليم ؟ قالوا : عليمٌ تام العلم لا يخفى عليه شيءٌ . فهل يليق برب –سبحانه وتعالى- عليم تام العلم ، عدل تام العدل –جل في علاه- قادر تام القدرة ، وهم يؤمنون بذلك كله ، هل يليق بإنسان بعد هذا كله أن يظن بربه –سبحانه وتعالى- أن يترك الناس وهو في الدنيا يرى أن منهم ظالم ومنهم مظلوم ومنهم سارق ومنهم مسروق منه ، منهم معتدي ومنهم معتدىً عليه ، منهم قاتل ومنهم مقتول ، منهم مُعَذَّبٌ .. ومنهم مُعَذِّبٌ ، فهل يليق بالله سبحانه وتعالى ، الذي اتصف بهذه الصفات العظيمة وهم يؤمنون بها ، هل يليق به جل في علاه أن تنتهي هذه الحياة الدنيا وفيها هؤلاء الناس باختلاف أحوالهم وصفاتهم أن ينهي هذه الحياة الدنيا من دون بعث ، لو فعل ذلك هل يكون عدلاً؟ -جل في علاه- هل يكون حكيماً –جل في علاه- ؟ هل يكون قادراً –جل في علاه؟ هل يكون عليماً –جل في علاه- ؟ لا يكون كذلك ، لو أنه فعل هذا فلا يكون مستحقاً لوصف الألوهية وهم يؤمنون بذلك ، فلا يمكن أن يقع هذا أبداً ، ولذا جاء التعجب ، عن أي شيء تتساءلون أنتم ؟ وأنتم تؤمنون بصفات الرب سبحانه وتعالى ، تؤمنون بأن الله قد اتصف بها تمّ الاتصاف وأكمله ، فكيف ينهي هذه الحياة من دون بعث ، ولذا جاء في أولها : (عم يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون) ثم جاءت الدلائل الكونية والدلائل العقلية (ألم نجعل الأرض مهادا) هذا دليل وبرهان عقلي (والجبال أوتاداً) فجاءت عشر آيات كونية ، وبعض أهل العلم قال : تسع آيات كونية عقلية في إثبات البعث ، وهي من أعجب ما يكون ، وذكرها بفهمها من أكثر ما يشرح النفس ، ومن أكثر ما يجعل القلب مستقراً في طمأنينته إلى عدل ربه –سبحانه وتعالى- ، فعندما تتأمل أيها المؤمن مثل هذا ، وتقرأ في سورة عم إلى آخرها وما جاء فيها ، أو سورة النازعات أو عبس أو التكوير أو الانشقاق أو نحو ذلك ، هذا يبعث في قلبك إيماناً عظيماً جليلاً كبيراً لله –سبحانه وتعالى- ، هذا يجعل هذا القلب عندما يتكلم عن ربه يتكلم كلام من يجل الله ومن يعظم الله ومن يحب الله ومن يقدس الله ومن يخاف الله ومن يتوكل على الله ومن يرغب إلى الله ومن يلجأ إلى الله ، وهذا الذي تريده هذه السور من هذا العبد الضعيف ـ تريد هذا القلب أن يتصل بخالقه سبحانه وتعالى ، تريد من هذا القلب أن يعرف يقيناً معنى (قل هو الله أحد) هذا هو التوحيد الذي سعى محمد –صلى الله عليه وسلم – في تقريره بالقلوب ، وهذا هو التوحيد الذي دافع عنه صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وبذلوا من أجله الدماء والمهج ، وهذا هو التوحيد الذي نشره صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والأسلاف من بعدهم ، وهو الذي سار بعد ذلك أئمة التوحيد على الدعوة إليه وبذل كل ما يُستطاع في نصرته وفي نشره وفي هداية الناس إليه . فاصل قصير حيَاكم الله مرة أخرى و نعود لما كنا نتكلم عنه فيما يتعلق بسور المفصل و أنه لابد لمن أراد أن يكون من أهل القرآن و أن يتدبر القرآن أن يعرف من أين يبدأ و أن يهتدي بطريقة صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و طريقة السلف في هذا الباب و قد تكلمنا عما يتعلق بحديث عائشة و ذلك ما يتعلق سور المفصل عموما و ضربنا مثالا على ذلك بسورة (عمَ)و كان الكلام عن بعض ما في هذه السورة من آيات بينة ظاهرة التي لو تأملها المؤمن لكرر سورة (عمَ)ألف مرة و الله ما يمل يكرر سورة (عم) ألف مرة خلال أيام و الله ما يمل ,لأنه كلما قرأها على هذا النحو كلما ازداد إيمانا و كلما ازداد علما و كلما ظهر له علما لم يكن قد ظهر له من قبل ,فان كتاب الله علمه لا ينقضي و لا ينتهي و عجائبه لا تنقضي أبدا كلما أعطيته من نفسك كلما أعطاك هو من علمه الذي استودعه الله عز و جل فيه. هذا الكلام فيما يتعلق بسور المفصل و عما نصحتكم به فيما يتعلق بجزء (عم) و البدء بسورة (عم) ثم الأخذ بسورة النازعات ,عبس,التكوير و الانشقاق و نحو ذلك . أود أن تجربه على نفسك و أن تتبصر في معاني هذه الآيات و لعل الله عز و جل أن يجعل ذلك سببا في انشراح صدرك و في ملء قلبك بنور كتاب الله و قد جرب هذا مرارا فوجد له اثر ليس بالهين أبدا. أريد بعد ذلك أن أعود إلى شيء يسير عما يتعلق بحديث عائشة عندما قالت رضي الله عنها و أرضاها و لقد نزلت (و الساعة أدهى و أمر ) و أنا جارية العب بمكة. و ذكرت لك أن هذا دليل ظاهر بيًن على أن هذه السور التي فيها وعد و وعيد و ما يتعلق بذلك جاءت في أوائل البعثة و هذا الكلام منها تصديق لهذا الأمر لان (و الساعة أدهى و أمر )فيه بيان أن الساعة التي هي يوم القيامة أدهى و أعظم و اشد نكاية و قوة مما يظنون هم . و هي أيضا أمر فيه مرارة على الكافر فيها علقم على الفاسق الفاجر المبعد عن دين الله عز و جل و عن نور الله سبحانه و تعالى لكن قبل هذا المقطع الذي أخذته عائشة من سورة القمر أريد أن أبين لك لما ذكرت عائشة رضي الله عنها و أرضاها هذا المثل من سورة القمر فلعلنا نقف قليلا مع سورة القمر التي تنزلت و عائشة كانت جارية تلعب بمكة فلما تنزلت في ذلك الوقت و لما وقع نظر عائشة رضي الله عنها و أرضاها على هذه السورة في اختيارها لضرب المثل على ما تريد أن تنبه عليه . ليقرا منكم قارئ سورة القمر .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (اقتربت الساعة و انشق القمر *و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر*و كذبوا و اتبعوا أهواءهم و كل أمر مستقر*و لقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر*حكمة بالغة فما تغن النذر*فتول عنهم يوم يدع الداعي إلى شيء نكر) طبعا الوقف هنا لازم و لابد منه لأنه عند الوصل يختلف المعنى تماما (فتول عنهم ) هذا للنبي صلى الله عليه و سلم ثم جاء الكلام عن مسالة أخرى فقال سبحانه و تعالى (يوم يدع الداعي إلى شيء نكر), أي إلى يوم القيامة أما التولي فهو في الدنيا ,التولي عنهم في الدنيا و أما الكلام في يوم القيامة و هذا ليس له علاقة بما سبقه من الآية و لذا كان الوقف هنا لازما لاختلاف المعنى عند الوصل . (فتول عنهم يوم يدع الداعي إلى شيء نكر*خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر*مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر ) تأمل قوله سبحانه و تعالى(خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر )هم الآن أجابوا الداعي يوم دعاهم إلى يوم نكر هذا اليوم فيه شيء منكر ينكره كثير من الناس لم يتعودوا عليه فيه شيء يذهل العقول فيه شيء يجعل الإنسان يستوحش و يفزع بل يصعق من هوله و شدته ,فقال سبحانه و تعالى و هو يصف كيف يجيبون هذا الداعي (خشعا أبصارهم ) لأنهم لما رأوا الآيات و الدلائل لظاهرات خشعت الأبصار,ذلت ,خنعت لله عز و جل. (خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) نعرف كيف الجراد ينتشر ,نعرف هذا يقينا كثير من الناس و لله الحمد يعرفون هذا الوصف . هذا الوصف باق إلى زماننا هذا كأنهم جراد منتشر ,كيف جراد منتشر يخرجون هكذا يخبط بعضهم بعضا من الفزع و الهول و الشدة لما يخرجوا من قبورهم عند النفخ في الصور نفخة البعث يستيقظ الناس فإذا الأمور قد تغيرت الأهوال كلها قد حصلت ,السماء قد تقلبت السماء, السماء التي كان الناس يرونها زرقاء صافية محكمة قوية إذا هي تقلبت إلى لون آخر و أصبحت حمراء فيها شيء من الدهن مفزعة حالها متغير قد فتحت و شققت و تقلبت ليست على حال يعرفونها من قبل ,الأرض أصبحت كأرض الطاولة ليس فيها جبال و لا أودية و إنما هي ساهرة لا عوج فيها و لا أمتا ساهرة هي الأرض المسفرة فهي ارض مستوية تماما ما نرى فيها شيء . تغيرت الدنيا عليهم رأوا ملائكة الله عز و جل من حولهم رأوا الأهوال فماذا كان حالهم ؟ كان حالهم خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر يخبط بعضهم بعضا و يدخل بعضهم في بعض و يمزجون الرجال مع النساء مع الأطفال مع كل احد قد اختلطوا و ماجوا في بعضهم و لم يتميز هذا من ذاك . هذا هو الحال التي وصف الله عز و جل عليها الناس في هذا الموقف العظيم و هذا ما أرادت عائشة أن تبينه لك أن هذه الذكرى في ذاك الموقف العظيم هو الذي يحرك القلوب لتتجه إلى علام الغيوب سبحانه و تعالى . (خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر*مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر ) مهطعين :إيش معنى مهطعين أي أنهم أهطعوا رؤوسهم فنظروا بهذه الرؤوس إلى الأرض خنعوا برؤوسهم بعد أن كانوا ينظرون إلى الأعلى في أول الأمر فإذا برق البصر أي دهش و اخذ ينظر إلى السماء و إلى الأحول التي قد تغيرت من حوله ثم لما عاين الحقيقة أهطع برأسه . مهطعين أي انه نظر ببصره إلى الأرض و حنا رأسه انحناء في ذل و خضوع و خشع و ندم على ما كان منه في الحياة الدنيا و لذا قال مهطعين إلى الداعي :أي يجيبوا الداعي يوم القيامة و هذا حالهم و هذا وصفهم . أكمل الآيات (كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر*أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر *أم يقولون نحن جميع منتصر*سيهزم الجمع و يولون الدبر*بل الساعة موعدهم و الساعة أدهى و أمر*إن المجرمين في ضلال و سعر*يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) أحسنت بارك الله فيك ,هذه الآيات أيها المؤمنون هي التي حركت قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم(يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر) فلما تتأمل هذه الآيات : ما الذي يجعلك تقدم على معصية الله سبحانه و تعالى ؟ ما الذي يجعلك لا تخاف الله جل في علاه ؟ ما الذي يجعلك تقدم على معصية الله ما الذي يجعل الله ليس في قلبك كما ينبغي ,عندما يأتيك وعد الله و وعيده سبحانه و تعالى . هذه الآيات إذا استقرت في قلبك و الساعة أدهى و أمر ,هذه الآيات ذوقوا مس سقر ,هذه الآيات هي التي دخلت في قلوب أولئك فحركتها و جعلت الآخرة عندهم أعظم بكثير من الحياة الدنيا فإذا جاء الأمر و تعارض أمر يخص الحياة الدنيا بأمر يخص الحياة الآخرة هانت الدنيا و سهلت على نفوسهم بل أن أرواحهم بذلوها لما استقر هذا الأمر في قلوبهم ,بذلوا كل شيء أموالهم ,أولادهم ,أرواحهم ,كل شيء من اجل دين الله سبحانه و تعالى . لما ؟ لان هذه الآيات تغلغلت في القلب و استقرت في الفؤاد فأصبح هاجس الآخرة و طلب جنة الله عز و جل في تلك الدار و الهروب من نار الله عز و جل هو الذي يحركهم و هو الذي يجعلهم يتكلمون و يسكتون و هو الذي يجعلهم يذهبون و يجيئون و هو الذي يجعلهم يفرحون و يحزنون. كل هذا لما استقرت الآيات في القلب . و لذا لما تنزل بعد ذلك قول الله سبحانه و تعالى( اجتنبوا كثيرا من الظن) ,( و لا تقربوا الزنا ),(و لا تقربوا مال اليتيم ) مثلا و جاءت هذه الأوامر نهتهم عن الخمر ,الزنا الربا ,أموال اليتامى,الظلم نهتهم عن أشياء كثيرة . هل ترددوا في الاستجابة لها كحال كثير من المسلمين ؟ لا أبدا لم يترددوا في ذلك مطلقا لأنهم علموا أن الأمر هو الله و أن الله قد اعد حياة لمن أجاب و أطاع و اعد حياه لمن عصى و رفض فلما استقر هذا في القلب جاءت الأوامر فقبلت فلما استقر هذا في القلب جاءت النواهي فقبلت أيضا و اخذ بها و هذا الذي ينبغي للمسلم في حياته . نأخذ مثالا آخر:أيضا كذلك من الآيات التي تنزلت في هذا الزمن هذه المدة من حياة النبي صلى الله عليه و سلم و كان لها اثر كبير في استقرار الإيمان في القلب. من يقرأ لنا شيء من آي القرآن و لكن تكون من المفصل. بسم الله الرحم الرحيم ( فإذا برق البصر*وخسف القمر*وجمع الشمس و القمر*يقول الإنسان يومئذ أين المفر*كلا لا وزر *إلى ربك يومئذ المستقر*ينبؤا الإنسان يومئذ بما قدم و آخر*بل الإنسان على نفسه بصيرة*و لو ألقى معاذيره ) أحسنت بارك الله فيك هذه الآيات من أي سورة ؟من سورة القيامة بين الله فيها بعض أحوال يوم القيامة و هذه السورة من أعظم ما ينبغي للإنسان أن يتدبره و يتأمله. تأمل هذه الآيات معي أيها المؤمن ,الله عز و جل يصف فيها حال الناس في يوم القيامة فيقول الله عز و جل فإذا برق البصر ,إيش معنى برق البصر يعنى أصبح البصر كالبرق في ظهوره و وضوحه و جلائه امتد و انفتح انفتاحا عظيما شديدا لما رأى من الأهوال. فإذا برق البصر نظر نظرًا عظيما إلى السماء و إلى الكون ينظر إلى هذا الكون ما الذي جرى فيه هذا في أول الأمر حين يخرج بعد ذلك يكون خشعا أبصارهم. ففي بداية الأمر ينظر بقوة و اندهاش ثم لما عاين الحقيقة حصل في القلب ماذا؟خشوع و خضوع (خشعا أبصارهم)و ذل بصره لما أدرك أن الأمر كما أخبرت به الرسل لكنه في بداية الأمر في اندهاش فإذا برق البصر ثم ماذا و خسف القمر ثم ماذا و جمع الشمس و القمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر. هذا هو السؤال الذي يطرحه الإنسان يوم القيامة و , يريدال يكون في أول البعث بعد معاينة الأهوال و أدرك أن الحقيقة التي جاءت في كتاب الله و على لسان رسله قد وقعت, عندئذ يأتي السؤال من الناس أين المفر؟يريد أن يهرب يريد أن يخرج من حدود الكرة الأرضي, يريدد مكان يلجا إليه . كل الناس كل واحد يسأل الثاني محمد يسأل خالد و حسن يسأل حسين كل واحد يقول للأخر أين المفر سؤال يتردد فيأتي الجواب من الله عز و جل. (كلا لاوزر, كيف لا وزر ,ما معنى لا وزر ؟ لا وزر يعنى لا ملجأ تلجأ إليه ,الوزر أصله في اللغة مأخوذ من الشيء التي تآزر إليه مثل إيش مثل الوزارة أصلها في اللغة إنما سمى وزير لان الناس يزأرون إليه في حاجاتهم و أمورهم و يذهبون إليه لقضاء الحاجات. و كذلك الجبل العظيم يسمى مئزر لان الناس يزرون إليه يذهبون إليه يلتجئون إليه و يحتمون به ,فإذا سئل الناس أين المفر ؟جاء الكلام من الله عز و جل (كلا لا وزر )كلا لا مفر و لا وزر في هذا الموقف العظيم و لذا أيها المؤمن من تأمل هذه الآيات و تأمل ما فيها عاش حياة أخرى حياة الآخرة و هي تختلف عن الحياة التي نعيشها لأنه لا مفر لا ملجأ لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر. و كذا لو تأملت مثلا أيها المؤمن و أريدك أن تتأمل بس بفهم و إدراك آخر سورة النازعات (فإذا جاءت الطامة الكبرى )تأمل أيضا آخر سورة عبس (فإذا جاءت الضاخة )و هكذا من الآيات العظيمة التي تحيي القلب فابدأ أيها المبارك بها و ما شابهها سواء هذه أو ما كان في معناها . اسأل الله عز و جل لي و لكم علما نافعا و عملا صالحا و قلبا خاشعا و إيمانا كاملا و لسانا ذاكرا و عينا من خشيته دامعة. اللهم ونسألك لما جميعًا ولوالدينا وذرياتنا وإخواننا وأصحابنا جنة الفردوس يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم ومن ثم الفردوس الأعلى في جناتك جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم أصلحنا وأصلح بنا يا ذا الجلال والإكرام . اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وصلى الله على نبينا محمد |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي | مسلمة لله | روضة آداب طلب العلم | 31 | 02-08-16 12:15 PM |
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين | أم خــالد | روضة القرآن وعلومه | 15 | 14-02-10 02:56 AM |
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به | طـريق الشـروق | روضة القرآن وعلومه | 8 | 22-12-07 03:50 PM |