العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-08, 01:07 AM   #1
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي الدرس الثامن " شرح مفهوم الإيمان " مفرغ

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم – وآله، ورضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

بعون الله وتوفيقه نستأنف الدرس كالمعتاد بعرض سؤالين للأخوة المشاهدين ونتلقى الإجابة ثم أسئلة للأخوة الطلبة الحضور .

السؤال الأول –للمشاهدين-: هو التبرك، ما المقصود بالبركة؟ هذا أولاً ثم يتبع السؤال البركة ثبتت في بعض الأزمنة وبعض الأمكنة وبعض الأشياء وبعض الأعمال وبعض الأشخاص، خمسة أمور نريد مثالاً واحداً لكل أمر من هذه الأمور جعله الله مباركاً، هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني- للمشاهدين- يتعلق بالنوع الثاني من أنواع أفعال الناس عند القبور، النوع الثاني وهو البدعي ما المقصود بالبدعي؟، وما هي أمثلته؟ نريد ثلاثة أمثلة من التبرك البدعي الذي يحصل من بعض الجهلة من المسلمين عند القبور .

أما أسئلة للطلاب الحضور فأولاً :البركة لا تثبت إلا بدليل فهناك أشياء ثبت الدليل ببركتها، نريد مثالاً على ذلك، مثالاً واحد على أمر مبارك بدليل ؟

بر الوالدين في قصة أصحاب الكهف

يعني كيف يكون التبرك ببر الوالدين ؟

التقرب إلى الله - سبحانه وتعالى – ببر الوالدين بالإحسان إليهما وكذلك في الدعاء الوالدين لابنهم

يعني على اعتبار أن التبرك توسعنا فيه، وقصدنا أنه يجوز التوسل بالأعمال الصالحة - بر الوالدين- هذا جزء من الجواب .

أسأل سؤالاً ثانياً أيضاً: الوسيلة المأمور بها من القرآن ما هي ؟ الوسيلة المشروعة، التوسل المشروع ما هو؟

هو التوسل بأسماء الله وصفاته والتوسل كذلك بالعمل الصالح يعني عمله هو، كذلك التوسل له بدعاء الصالح الحي .

ينشأ عن هذا سؤال، طبعاً أصل التوسل المشروع في القرآن أو الوسيلة المأمور بها هي التقرب إلى الله - عزّ وجلّ – بالأمور المشروعة ، والمشروعة ثلاثة :

التوسل -وذكره زميلكم- التوسل لله - عزّ وجلّ – بأسماءه وصفاته ودعائهم بذلك .

ثم بعمل المتوسل نفسه .

ثم بدعاء الحي الصالح .

لكن ينشأ عن هذا السؤال الآخر وهو هل يعني ذلك أن من التوسل. التوسل والتبرك بذوات الصالحين أو التوسل بجاههم والتوسل بولايتهم لله هل يجوز ذلك ولماذا ؟

التوسل بجاههم بدعائهم، أما الذوات ليست جائزة ولا مشروعة

إذاً البركة لا تتعدى إلا ما جاءت تعديته بنصٍ شرعي .

طبعاً إجاباتهم هذه قد تخدم بعض الأخوة المشاهدين في جوابهم على أسئلتهم لكن مع ذلك نحتاج منهم إلى مزيد من الاجتهاد .

والآن نبدأ -على بركة الله- في الدرس فليتفضل الأخ في قراءة القواعد الأولى في باب الإيمان .

بسم الله الرحمن الرحيم يقول المؤلف- حفظه الله ونفعنا بعلمه-

( رابعاً: الإيمان ... أولاً : الإيمان لغة: هو التصديق، وفى الشرع: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وهو قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح وقول القلب: اعتقاده وتصديقه وقول اللسان: إقراره، وعمل القلب: تسليمه وإخلاصه وإذعانه وحبه وإرادته للأعمال الصالحة ، وعمل الجوارح فعل المأمورات وترك المنهيات )

موضوع الإيمان من أهم الموضوعات التي يجب أن يعنى بها كل مسلم، لأنه ينبني عليها دين.

والإيمان له مفهوم لغوي عام وله مفهوم شرعي اصطلاحي هو المقصود بإطلاق الإيمان في الكتاب والسنة .

أعني بذلك: أن لفظ الإيمان من الألفاظ المجملة التي إذا جاء الشرع بتحديدها أو بوصفها على هيئة معينة وجب الالتزام بهذا الوصف وهذا كسائر المصطلحات الشرعية، الأمر لا يخص الإيمان .

أكثر المصطلحات الشرعية جاء الشرع في التوسع بدلالتها أو بتحديدها يعني وضع مصطلح شرعي إما أن يكون أوسع من المصطلح اللغوي أو يحدده .

مثال ذلك الصلاة، الصلاة أصلاً هي الصلة عموم الصلة يدخل فيها الدعاء والتقرب إلى الله بأي عمل و يدخل فيها الأعمال اللسانية والقلبية وعمل الجوارح تسمى صلاة لغة ، لكن لما حدد الشرع مفهوم الصلاة ركن الإسلام المعروف تبين لنا من النصوص الشرعية أنه يقصد بالصلاة هي هذه العبادة التي جاءت على هيئة معينة بركوعها وسجودها وشروطها وواجباتها.

إذاً الشرع حدد معنى الصلاة، فمن هنا إذا أطلق معنى الصلاة في الدين فإنه يعني الإسم المعروف الذي جاء الشرع بتحديده، بتحديد هيئته وشروطه،

إذاً كذلك الإيمان ، الإيمان له معنى عام لغوي وهو التصديق لكن الشرع وضع للإيمان مفهوماً اصطلاحياً عظيماً يشمل الدين كله، وعلى هذا فيكون الإيمان في الشرع هو الدين بمجمله، كما قلنا: إن الإسلام هو الدين بمجمله، أو السنة هي الدين بمجملها .

لكن نظراً لأن مفهوم الدين إذا وردت فيه مصطلحات شرعية أحياناً تترادف وأحياناً تختلف في بعض معانيها وتجتمع في أمور وتختلف في أمور فالله - عزّ وجلّ – سمى، وكذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – سمى الدين الإسلام وسماه الإيمان إلخ .

فعلى هذا فإن الإيمان في المصطلح الشرعي هو اعتقادات، وأقوال، وأعمال حددها الشرع، وعلى هذا فإن هذا يشمل عامة الدين، فالإيمان له تعريف موجز، وهو كما عبر عنه السلف: قول وعمل .

وتعريفٌ مفصل، وهو : اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح والأركان. والجوارح هي الأعضاء.

وليس بين التعريفين تعارض بل الأول المجمل: يعتبر تعريفاً حدياً أقرب أو أدق في المعنى اللغوي، لكن نظراً لأن اللغة ضعفت في أذهان كثير من الناس اضطر السلف للتفصيل، وإلا فإن الإيمان في أصل تعريفه هو قول وعمل .

والقول يشمل: قول اللسان لا يشمل قول القلب؛ لأن القلب يعبر عن قوله باللسان، كما أنه أيضاً يشمل: عمل القلوب الذي هو الأمور الإيمانية من التقوى والصلاح والاستقامة والإنابة والخوف والرجاء والمحبة كل هذا يسمى عمل القلب،( وعمل الجوارح )التي هي الأعضاء تتمثل في أركان الإسلام الخمسة: شهادة أن لا إله إلا الله -وهي عمل اللسان - ثم كذلك الصلاة والزكاة والحج وسائر الأعمال في الإسلام هي إيمان ومن هنا تدخل في جزء من حقيقة الإيمان وهو أنها عمل .

وعلى هذا فحقيقة الإيمان تعريفه شرعاً يشمل الأمرين :

1-الأمور القلبية التي ذكرتها .

2-والأمور العملية التي هي أعمال الجوارح كما جاء به الشرع وعلى هذا فيمكن أيضاً أن نحدد هذا المفهوم بلغة أبسط وهو أن الإيمان يعني التزام الشرع اعتقاداً وعملاً .

إذاً نخلص إلى أن تعريف الإيمان هذا أدخل الاعتقاد والأعمال في الإيمان وهما لاينفكان فلا يجوز حصر الإيمان بنوع واحد، لا يجوز حصر الإيمان بالأمور الاعتقادية - لأن هذا يدخل في الأعمال التي هي جزء من الإيمان- ولا بالأمور العملية لأن هذا يخرج الأمور القلبية من الإيمان فعلى هذا فالإيمان لا يكتمل تعريفه ولا تكتمل حقيقته شرعاً إلا بأن نجمع بين الاعتقاد والقول والعمل .

ولذا فالإيمان لابد أن يزيد وينقص وهذه تسمى مسائل الإيمان، لأن الإيمان يتمثل بأركان وهي أركان الإيمان الستة المعروفة :

الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره من الله - عزّ وجلّ – وتتمثل أيضاً كذلك بالأعمال التي هي أمور الإسلام كما قلت أيضاً .

ينقسم الإيمان من حيث حقيقته إلى أركان الإيمان وإلى مسائل الإيمان، أركان الإيمان ستة أما مسائل الإيمان فهي:

أولا: حقيقة الإيمان أو تعريف الإيمان التي هي القول: بأن الإيمان قول وعمل أو أن الإيمان اعتقاد القلب ونطق اللسان بالحق وكذلك عمل الجوارح –الأعضاء- على مقتضى شرع الله هذه المسألة الأولى .

المسألة الثانية : أن الإيمان يزيد وينقص، سنعود إليها .

المسألة الثالثة : أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان .

والمسألة الرابعة : الاستثنى في الإيمان لأنه راجع إلى أعمال المكلفين، وأعمال المكلفين ليست معصومة فالمسلم عندما يسأل هل أنت مؤمن؟ يجوز أن يقول مؤمن إن شاء الله، مع أن الأصل أنه لا يشرع السؤال أصلاً ولا ينبغي أيضاً الجواب ، إذا ابتلي المسلم بمثل هذا السؤال فيقول: أنا مؤمن- إن شاء الله- . لا لأنه يشكك في تصديقه، لكن لأنه لا يدري عن مصيره فمصيره عند الله - عزّ وجلّ – فهو يرجو ويعلق الأمر بمشيئة الله تفاؤلاً وتبركاً يعلق الأمر بمشيئة الله لأن الأمر بيد الله من قبل ومن بعد، فلا يجوز التألي على الله.

إذاً نعود إلى كل مسألة على حده، فلعلنا نبدأ بالثانية، وهي أن الأعمال تدخل في مسى الإيمان ، هذه المسألة الأولى في تركيبها الموضوعي، أن الأعمال في مسمى الإيمان هذه في الحقيقة أمر بدهي لكن لماذا قلناه ؟

لأنه من الأمر المعلوم من الدين بالضرورة، لأنه أمر بدهي على مقتضى قطعيات النصوص- الآيات والأحاديث للنبي - صلى الله عليه وسلم – وأعمال الإسلام وأعمال المسلمين كلها تدل دلالة قطعية على أن الأعمال من الإيمان، وأن الإيمان لا يمكن أن يتم ويكتمل إلا بالأعمال ؛ وعلى هذا فإن هذه الحقيقة ما كانت محل خلاف في عهد الصحابة والتابعين إلى وقت تابع التابعين في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني ظهرت فرقة يقال لها المُرجئة،: زعموا أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، وإن كانت مطلوبة شرعاً الأوائل منهم - أهل ورع لا يستهينون بالأعمال لكنهم لا يرونها تدخل في مسمى الإيمان. هذه ناتجة عن عقدة فلسفية وراجعةإلى خطأ في الاستدلال وخطأ في الفهم وتجاوز منهج السلف حينما زعموا -أي المرجئة- بأن الإيمان هو التصديق، التصديق لا يدخل فيه العمل بمعنى أنهم أعادوا المصطلح الشرعي إلى المعنى اللغوي فقط.

وما من أحد يحصر المصطلح الشرعي بالمعنى اللغوي في أمور الشرع إلا ويقع في خطأ فادح، هذه قاعدة هامة مصطلحات الشرع شاع بإطلاق الألفاظ الشرعية على معاني شرعية محددة ومنها الإيمان، لو أخذنا الإيمان بمجرد معناه التصديق لأدى هذا إلى كارثة في الدين بمعنى أننا حصرنا الدين بمجرد التصديق وأخرجنا المعاني الأخرى من الإيمان فاستهان الناس بالأعمال .

وعلى هذا فإني أقول: إن السلف اضطروا أن يقرروا هذه القاعدة البدهية وهي مسألة أن الأعمال تدخل في الإيمان لأن هناك مشككاً .

هل نحتاج إلى أن نستدل على ذلك؟ نعم قد نحتاج. أنا أحصر ذلك بدليلين :

الدليل الأول : من القرآن: لما صرفت القبلة إلى الكعبة بعد بيت المقدس خاف الصحابة - رضي الله عنهم – أن الذين صلوا من المسلمين في التاريخ الأول وماتوا قبل أن يدركوا صرف القبلة خافوا ألا تقبل أعمالهم ولا دينهم .

فقال الله - عزّ وجلّ – ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾[البقرة:143] يعني الصلاة تكون .

الصلاة أليست عمل ؟ فسماها الله - عزّ وجلّ – إيماناً .

الأمر الثاني دليل قاطع واضح جداً عن النبي – صلى الله عليه وسلم – صريح حقيقة. يعني لا أحد يستطيع- إذا كان منصفاً- أن يرد صراحة هذا الحديث في أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان وهو قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( الإيمان بضع وستون ) وفى رواية ( بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ) شهادة أن لا إله إلا الله أليست قولاً وعملاً ؟

يعني عمل اللسان وعمل القلب، لكن أوضح من هذا، قال :( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) أليس إماطة الأذى عن الطريق أعمال ؟ سماها إيمان وعدها من شعب الإيمان، فالأحاديث في هذا في الحقيقة متواترة، الحديث طبعاً في الصحيحين، وفى صحيح البخاري عدا هذا اللفظ وفى كتب الصحاح والمسانيد بألفاظ أخرى ، وعلى هذا مجموع الأحاديث التى تقرر- صراحةً -عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان لا تكاد تحصر وتصل إلى حد التواتر والمتواتر لابد من قبوله .

إذاًَ المسألة الأولى مسألة أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان لأنها جزء من الدين، فالإيمان هو الالتزام بشرع الله عقيدةً وقولاً وعملاً.

ثم المسألة الثانية أنه يزيد وينقص .

من الطبيعي إذا قلنا: إن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان ، فمن الطبيعي أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد الإيمان بزيادة فعل الخيرات، بزيادة التقرب إلى الله - عزّ وجلّ – سواء بالأحوال القلبية أو بالذكر اللساني، أو بأعمال الأعضاء، يزيد بالصلوات، بالنوافل العامة بالبر وبالإحسان إلى الناس، يزيد بزيادة الصيام، بالأذكار المشروعة إلخ .

وينقص بنقص ذلك، وينقص نقصاً في الأعمال القلبية يعني كلما ضعف إيمان الإنسان ضعف يقينه ،ضعف إيمانه، كلما ضعفت الأحوال القلبية فيه ضعفت محبته لله أو ضعف رجاؤه أو ضعفت خشيته أو توكله أو يقينه أو إنابته. كلما ضعف شيء من أعماله القلبيه ضعف الإيمان، وكلما زاد ذلك زاد الإيمان .

وكذلك الأعمال الظاهرة، كلما كثر فعل الطاعات من المسلم زاد إيمانه- إذا توافر عنده عنصر الإخلاص والاتباع- زيادة الإيمان مشروطة بشرطين، الإخلاص لله - عزّ وجلّ – والنية الصالحة واتباع السنة ، وإلا بعض الناس قد يتعب في عمل خيرات لا يريد بها وجه الله فيحبط إيمانه، عكس ما يتصور والعكس كذلك؛ فعلى هذا فإن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالأعمال القلبية وينقص بها ويزيد بأعمال الأعضاء وينقص بها .

قلت الإخلاص والاتباع، الإنسان إذا توافر عنده الإخلاص واتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – واتباع السنة زاد إيمانه.

المسألة الثالثة : قلنا: الاستثناء في الإيمان، قلنا: الأولى الإيمان قول وعمل والثانية دخول الأعمال في مسمى الإيمان والثالثة أن الإيمان يزيد وينقص هو لازم ترتيب، والرابعة أن يجوز الاستثناء في الإيمان، ما معنى يجوز ؟

هل يعني ذلك أن الإنسان يلزمه دائماً أن يقول- إن شاء الله- في كل قربة يعملها ؟ لا يلزم .

والأصل في الاستثناء في الإيمان هو الحادثة، يعني سؤال الناس عن الإيمان من الأمور الحادثة، ولذلك السلف لما بدأت ظاهرة سؤال الناس عن الإيمان اعتبروه بدعة، لأن هذه من الأمور المحدثة في الدين. الناس يُتركون على ظواهرهم، ويحمل المؤمنون والمسلمون على مجملات الدين على ما هم عليه ولا يجوز امتحانهم لكن مع ذلك إذا وقع السؤال بأن سئلت أو سئل غيرك أمؤمن أنت؟ هل أنت مؤمن ؟ الأَولى أن تقول: إن شاء الله أو أنا مؤمن -إن شاء الله - أو تقول آمنت بالله وعليه توكلت ونحو ذلك .

فإذاً يمكن أن تقول: إن شاء الله لكنها لا تلزمك، لكن يجب أن تعتقد أن حقيقة الإيمان مرتبطة بمشيئة الله - عزّ وجلّ – وبتوفيق الله يعني بمعنى: تحقق الإيمان للمؤمن راجع إلى توفيق الله له، فعلى هذا لابد أن يستثني لا لأنه يشك إنما يستثني لأنه لا يدري عن المصير ولأنه يقول : إن شاء الله تفاؤلاً ، واستعانة بالله، وتوكلاً على الله .

قال( فقول القلب اعتقاده وتصديقه) نعم قول القلب : اعتقاده وتصديقه ويضاف إلى ذلك جميع الأحوال القلبية التي يكون بها المؤمن وذكرت لها أمثلة: محبة الله، ورجاؤه، والخوف ، واليقين ، والإنابة، والتوكل....س إلى غير ذلك من الأعمال القلبية .

ثم أيضاً الاعتقاد بمعنى: أن يجزم المسلم بكل ما ثبت في الكتاب والسنة، من أصول الدين وثوابته وأحكامه ، فهذا يدخل في القلب، لكن أيضاً لابد أن يتعدى ذلك إلى قول اللسان. يعني: يعترف الإنسان بلسانه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، بمعاني الإيمان والإسلام ، وأن يلتزم شرع الله فيما يجب من الذكر اللساني، الذكر اللساني كثير في الصلوات وغيرها في التلبية إلخ، لا يحصر الذكر اللساني وكله تعبير عن الإيمان باللسان. ثم( قول اللسان ) يدخل فيه الإقرار ويدخل فيه أيضاً الذكر. ( وعمل القلب )- كذلك - تسليمه وإخلاصه ، و من عمل القلب : التسليم والرضا بشرع الله وحكمه، فهو ثمرة الإيمان .

التسليم والرضا والاستعداد للعمل هو أمر قلبي لابد أن تنتج عنه أعمال ولذلك فإن الله - عزّ وجلّ – جعل العمل امتحاناً لحقيقة الدعوة ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾[آل عمران:31]. الاتباع اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – في كل ما جاء به من الدين . ومحبة الله هي حقيقة الإيمان هي أول أركان العبادة فمن ادَّعى أنه يحب الله مجرد الدعوى في القلب فلابد أن يظهر ذلك على أثر أعماله .

ومن هنا يتبين لنا حقيقة الإيمان أنه قول وعمل وأنه يدخل في أعمال القلب وأعمال الجوارح .

(وإخلاصه) يعني صدق النية، الإخلاص :هو صدق التوجه إلى الله، ألا يشرك مع الله أحداً في التوجه.الإخلاص: إخلاص العبادة، وإخلاص الإذعان، وإخلاص اليقين ،وإخلاص النية؛ لأن النية تدخل في أمور القلبية وأمور الأعمال وكذلك( حبه وإرادته للأعمال الصالحة) .

(وعمل الجوارح) ما هي الجوارح ؟ بعض الناس يسمع بالجوارح وقد لا يفهمها جيداً وإن كانت مفهومة لسياقها .

نعم ما هي الجوارح ؟

الجوارح منها اللسان اليدين، الرجلين

يعني ممكن نعبر تعبيراً شاملاً أنا ذكرته في الحديث، هي الأعضاء أعضاء الإنسان هي جوارحه، طبعاً القلب أليس عضواً يدخل مع الجوارح؟ لكن القلب قد يكون عمله- غالباً -عملاً باطناً بمعنى أعمال قلبية غير ظاهرة، لكن من البدهي أن الأعمال القلبية لا تصدق ولا تصح إلا إذا أثمرت أعمالاً التي هي مجموع الاستقامة على الدين.

إذ( عمل الجوارح هو فعل المأمورات وترك المنهيات) هذا هو عمل الأعضاء، فعل ما أمر الله به من الصلاة وما دونها من جميع الأعمال إلى أقل الأعمال، ثم ترك المنهيات وهي كل المحرمات، والمكروهات وما دون ذلك من المشتبهات .

( ثانياً من أخرج العمل عن الإيمان فهو مرجئ ومن أدخل فيه ما ليس منه فهو مبتدع ).

نعم هذه قاعدة فرعية تابعة للقاعدة الأولى، إذا كنا عرفنا أن الإيمان قول وعمل وأن الإيمان يشمل الأمور القلبية والاعتقادية والمعرفية وغيرها، ويشمل الأعمال الظاهرة، وعلى هذا فإن من ادعى أن العمل لا يدخل في الإيمان كما قالت المرجئة .

المرجئة أصناف منهم المرجئة الغلاة الذين أعرضوا عن شرع الله - عزّ وجلّ – واستهانوا به وزعموا أن مجرد المعرفة تكفي، وهذه فلسفة قد تصل بالإنسان إلى الخروج من الدين إذا أعرض عن الدين بالكلية بدعوى أنه يكفيه أن يعرف .

لكن الصنف الثاني وهو الذي لا نستطيع أن نقول: إنه خرج من مقتضى الدين، لكنه خرج عن السنة وهم الذين ادعوا أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان فكل من ادعى أن الأعمال ليست من الإيمان فهو مرجئ ما معنى مرجئ؟ طبعاً سيلاحظ الأخوة الذين معهم الكتاب من الحاضرين أو المشاهدين أن الكلمة فيها خطأ مطبوع مكتوب مجرئ، هذا خطأ مطبعي والصحيح أنها مرجئ ، و المرجئ هو من يعتقد أن الأعمال لا تدخل في الإيمان- كما ذكرت- لماذا سمي مرجئ؟ لأنه أخَّر الأعمال عن الإيمان وهذا تسميه العرب في لغتها: إرجاء، بمعنى أنهم جعلوا الأعمال متأخرة لا تدخل في مسمى الإيمان فسمى هذا إرجاءً وهذا هو الأصل في التسمية أنهم أرجأوا الأعمال أخروها و أبعدوها عن الإيمان، فصلوها عن الإيمان وهذا يسمى إرجاء.

إذاً كل من أخرج الأعمال الشرعية المطلوبة شرعاً من الإيمان وقال: ليست من الإيمان فهو مرجئ وكذلك العكس ( من أدخل في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع ).

هذا ينطبق على أمثلة ذكرناها في الدرس الماضي ، البدع التي أحدثها الناس وزعموا أنها من الدين وزعموا أنها من الإيمان هذه لا تدخل في الإيمان، فكل ما أحدث باسم الدين من المحدثات فهو لا يدخل في مسمى الإيمان وإن قصد به فاعله زيادة الإيمان .

مثال ذلك: الاحتفالات البدعية التي يتدين بها الناس يقصدون بها أموراً إيمانية، محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومحبة الصالحين ومحبة الأولياء وهذا من أعظم الإيمان، لكن نظراً لأن هذا غير مشروع فإدخالهم هذا العمل في مسمى الدين والإيمان خطأ ، بل هو بدعة .

إذاً من أدخل في الدين أو في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع ؛ لأنه شرع ما لم يشرعه الله - عزّ وجلّ – و النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) و أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – هو هذا الدين الذي يشمله مسمى الإيمان ( ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وهو كذلك أيضاً يعني أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي هو هذا الدين الذي يتمثل فيه الإيمان .

كل من عمل عملاً ليس مشروعاً فلا يدخل عمله في مسمى الإيمان فهو مردود ثم كذلك قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة ) .

( ثالثاً من لم يقر بالشهادتين لا يثبت له اسم الإيمان ولا حكمه لا في الدنيا ولا في الآخرة ).

نعم المقصود بهذا أن من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله سواءً ممن لم يكن مسلماً أصلاً أو من كان نشأ بين المسلمين ثم لما بلغ وقامت عليه الحجة لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداًَ رسول الله عمداً وليس غفلة لأنه قد يغفل .

لكن إذا لم يقر بالشهادتين أو كان غير مسلم ثم لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله (فلا يثبت له اسم الإيمان)، يعني لا يقال: له إنه مؤمن( ولا حكم الإيمان) من حيث ما يترتب على الإيمان من الثواب في الدنيا والآخرة .

فعلى هذا يبقى تحت مسمى غير المسلم أو مسمى الكافر .

قال:( لا في الدني) بمعنى أنه لا يستحق أحكام المؤمنين ؛ لأن أحكام المؤمنين معروفة في التعامل في جميع شئون الحياة وفى الممات من حيث الصلاة عليه وميراثه وغير ذلك مما هو معلوم (وفى الآخرة )ما بعد الموت أي حسابه عند الله - عزّ وجلّ – كما ثبتت قطعية النصوص أن من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فهومن أهل النار يعني ليس له حكم الإسلام، والنبى - صلى الله عليه وسلم – أكد ذلك في حديث صحيح في صحيح مسلم وغيره أحاديث كثيرة قطعية ونصوص، لكن نحتاج أن نختصر في الوقت فنكتفي بدليل واحد لأنه صريح .

قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( لا يسمع بي ) بل في بعض الروايات قال ( والله لا يسمع بي رجلٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا دخل النار ) . إذا كان هذا في أهل الكتاب أليس غيره من باب أولى؟ هذا من جوامع كلم النبي – صلى الله عليه وسلم – .

إذاً هذا يدخل فيه لأن هؤلاء لم يقروا بالشهادتين ولا يثبت لهم الإسلام ولذلك لا يثبت لهم اسم الإيمان ولا حكمه لا في الدنيا ولا في الآخرة .

( رابعاً الإسلام والإيمان اسمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، ويسمى أهل القبلة مسلمين ) .

نعم المقصود بهذا أن الإسلام والإيمان من الألفاظ الشرعية التي تطلق على الدين، وتطلق على أفراد المسلمين يقال مسلم ومؤمن .

لكن هذه الكلمات تترادف من وجه، يعني تشترك من وجه وتختلف من وجه، وهذا عام في عموم المصطلحات الشرعية، فنجد الإسلام والإيمان عبارات تتناوب و تشترك في معانٍ وتتناوب وتختلف في معانٍ فمثلاً الإسلام في الأصل يطلق : على أعمال الدين الظاهرة وعلى ما يبدو من المسلم من تسليمه الظاهر لنا بالدين، حينما يعترف بالإسلام ويقيم شعائر الإسلام فهذا يوصف بأنه مسلم وحكمه أنه على الإسلام .

الإيمان في الأصل المقصود به القطع واليقين في القضايا العقدية العلمية التي هي في القلب .



ولذلك : النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث جبريل عد الإيمان بأركانه الستة والأركان الستة معلومات عقائد ليس فيها أعمال، كلها تصديق ويقين، لكن لابد أن يثمر عنها عمل.

ثم لما ذكر الإسلام في نفس الحديث ذكر الإسلام بأركان الإسلام الظاهرة فهل يعني هذا- كما يظهر لبعض الناس الذي لا يأخذون بعموم الأدلة- هل يعني أن الإيمان هو الأمور الاعتقادية فحسب ولا تدخل الأعمال ؟ لا ، لكن إذا اجتمع الوصفان، إذا جئنا بالإسلام والإيمان في عبارة واحدة في مقطع واحد في حديث واحد فإن الإسلام غالباً يطلق على الأعمال الظاهرة والإيمان غالباً يطلق على الأعمال العلمية اليقينية الاعتقادية الباطنة .

ولذلك إذا انفرد كل واحد منهما شمل المعنى الآخر، إذا قلنا الإيمان بدون ما نذكر الإسلام فلابد أن يشمل الإسلام، إذا قلنا: المؤمن فالأصل أن يكون مسلماً، الأصل .

وإذا قلنا:- كذلك- الإسلام، لابد أن يشمل الإيمان، والمسلم الأصل أن يكون مؤمناً لكن هل هذا لازم ؟



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
قديم 11-01-08, 01:10 AM   #2
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

إذاً الإسلام والإيمان نصان شرعيان بينهما عموم بمعنى أنهما كلهما يشملان الدين وبينهما خصوص بمعنى إذا اجتمعا في سياق واحد فكل واحد منهما يختص بمعنى ويقترن مع اللفظ الآخر بمعاني .

والدليل على هذا: هل تصح أركان الإيمان من المسلم بلا أركان الإسلام ؟ هل تصح أركان الإسلام من المسلم بلا أركان الإيمان ؟ إذاً هما يلتقيان من وجوه ويختلفان من بعض وجوه فإذا انفردت كل لفظة وحدها شملت اللفظة الأخرى وإذا اجتمعت مع أختها كما قلت .

إذاً الإسلام والإيمان اسمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه.

إذاً بقي مسمى الأشخاص المسلم والمؤمن هذه تسمى الأسماء والأحكام وهي تابعة للإيمان، يعني ما نطبقه على الناس:"مؤمن- مسلم- كافر- فاسق- فاجر- ظالم- منافق" هذه تسمى الأسماء والأحكام هذه داخلة في مسميات الإسلام والإيمان، لكن- مع ذلك - كل مصطلح له معناه،لكن يهمنا ما بين مسلم ومؤمن من وجوه الافتراق والاختلاف، فمثلاً كل مؤمن لابد أن يكون مسلماً لماذا ؟ لأنه لا يتصور أن أحداً يدعي الإيمان ثم لا يعمل بمقتضى الإسلام . لا يصح شرعاً أن نصف أحداً بأنه مؤمن ما لم يلتزم شرائع الإسلام لكن العكس غيرذلك ، وهو أنه ليس كل مسلم مؤمناً لماذا؟ لأن الإسلام الأمر الظاهر الذي نراه وكذا الإيمان أمر قلبي ، فقد يكون الإنسان يدعي الإسلام وفيما بينه وبين ربه لا يؤمن بحقائق الدين كالمنافق الخالص .

أيضاً المنافق الخالص يظهر الإسلام خوفاً على نفسه، لكن يكون في قلبه غيره ، معترف لله - عزّ وجلّ – غير معترف بأركان الإيمان أو ببعضها، فهذا- ظاهراً- نسميه مسلماً، لكن لا نستطيع أن نجزم له بالإيمان إذاً من توفر عنده وصف الإيمان فلابد أن يكون مسلماً، لكن من توفر عنده وصف الإسلام فقد لا يكون مؤمناً عند الله - عزّ وجلّ – .

هذا فيما يتعلق بحقيقة الأمر ونحن ليس لنا إلا الظاهر .

(أهل القبلة) معناه الذين يدعون الإسلام كلهم مسلمون حتى من ارتكب معاصي وفجوراً وفواحش -نسأل الله العافية- أو حتى من ارتكب بدعاً- ما دامت أعماله هذه لا تخرجه من الملة- فلا يزال له مسمى الإسلام فهو من أهل القبلة بمعنى النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر المسلم هو( من صلى إلى قبلتنا ومن أكل ذبيحتن) فله حقوق المسلم وإن احتاج إلى شئ من التأديب أو التعزير أو الهجر أو الرد هذه أمور أخرى هذه أمور من مقتضيات التناصح بين المسلمين وإقامة حدود الله وشرعه لا تعني إخراج الأفراد من الملة .

إذاً من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فهو مسلم لكن لا نستيطع أن نجزم أنه مؤمن لأن أمر الإيمان بينه وبين ربه، لكن إن تحققت له حقيقة الإيمان عند الله فلابد أن يكون مسلماً ويسمى( أهل القبلة) يعني جميعهم مسلمين .

إذاً ليس كل مسلم في الظاهر يكون مؤمناً في الباطن ؛لأن الباطن لا يعلمه إلا الله - عزّ وجلّ – وقد يدعي الإسلام وهو منافق .

( خامساً : مرتكب الكبيرة التي دون الكفر والشرك لا يخرج من الإيمان فهو في الدنيا مؤمن ناقص الإيمان وفى الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، والموحدون كلهم مصيرهم إلى الجنة وإن عُذب منهم بالنار من عُذب ولا يُخلد أحد منهم فيها قط ).

نعم هذه الحقيقة قاعدة تتضمنت عدة مسائل عظيمة في الدين وهذه من المسائل العملية التي يحتاجها المسلمون- دائماً-ً في حياتهم، في تعاملهم مع الآخرين ولا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه الخوض والالتباس، كثرت فيه الشبهات والتشكيك والمسلمات، مما أدى إلى كثير من الفتن بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين المخالفين لهم، وهي مسألة مرتكب الكبيرة، هذه مسألة متفرعة عن مسائل الإيمان وستتعلق بما يسمى بالأحكام والأسماء، داخلة في مسائل الإيمان وأعني بذلك : أن من يرتكب معصيةً- ضرب مثلاً بالكبيرة لأن الكبائر هي أعظم المعاصي أليس كذلك ؟ وما دونها من باب أولى- أن يكون حكم صاحبه حكم الإسلام والإيمان، لكن نتكلم عن مرتكب الكبيرة ؛لأنه ارتكب أعظم معصية ما دام لم يصل إلى الردة والشرك .

مرتكب الكبيرة يعني:المسلم الذي يقع في معصية في الكبيرة، كآكل الربا أو الغيبة أو النميمة أو الكذب وغيرها من الكبائر، هذا المسلم يسمى مرتكب الكبيرة .

ارتكبها يعني استهان بالدين وركب المعصية و عملها، عمل الكبيرة التي دون الكفر والشرك، الكفر هنا يعني الكفر المخرج من الملة .

والكبيرة لا تخرج من الملة ولا تقع في الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر فإن صاحبها يبقى مسلماًَ ويبقى مؤمناً لا يخرج من مسمى الإيمان والنبى - صلى الله عليه وسلم – أثبت ذلك في حديث ذكر أن المسلم يبقى على مسمى الإيمان وإن زنا وإن سرق، وكان عنده أبو ذر - رضي الله عنه – فكأنه استغرب مثل هذا الحكم فقال: يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ؟ قال ( وإن زنا وإن سرق ) يعني كررها مما يدل على أنه فعلاً يبقى على مسمى الإيمان والإسلام وإن ارتكب كبيرة .

قد يشكل على هذا أحاديث أخرى مثل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) هذا نفي للإيمان وهذا إثبات للإيمان .

فلابد من الجمع بين النصوص لأنها صحيحة كلها والجمع النصوص يعني بأن هذا الذي ارتكب الكبيرة بقي على أصل إيمانه لأنه ارتكبها ولم ينقض نواقض الدين الأخرى وفى الحديث الآخر نفي عنه الإيمان أي نفي عنه مقتضى الإيمان، لا أصل الإيمان وهذا مثل الصلاة، الصلاة فيها جزء مجزئ وفيه جزء يؤجر عليه فالنبى - صلى الله عليه وسلم – نفى أن تقبل الصلاة من الإنسان مثلاً يسهو في الصلاة ليس له منها شيء لا يعني ذلك أنه لم يؤدي الفرض لكن يعني ذلك أنه لا تقبل عنه القبول الذي يكون له فيها أجر ومثله الإيمان، الإيمان ينفى عن بعض من يفعلون الكبائر يعني حقيقة الإيمان مقتضى الإيمان أقصد مقتضى العمل بالإيمان لأن الإيمان لابد له من ثمرة فهذا لم تتحقق عنده ثمرة الإيمان في هذه الجزئية، ثم يكون –ربما- نفي الإيمان في أمر محدد لا في عموم الدين، ونفي الإيمان في أمر محدد تلك اللحظة لا يعني نفي الإيمان مطلق

أيضاً من توجيه ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نفى الإيمان عن فاعل هذه الكبيرة يعني حين يفعلها يعني اختل إيمانه في هذه الجزئية لا في الدين كله ولم يخرج عن مقتضى التصديق إنما ترك العمل أخل بالعمل فعلى هذا فإن مرتكب الكبيرة التي دون الكفر والشرك لا يخرج من الإيمان ولا من الإسلام فهو في الدنيا مؤمن لكنه ناقص الإيمان، وظَّفَ إيمانه بقدر يعني أفعاله التي اقتضت أو بالوضع الذي اقتضى النقص .

وفى الآخرة يعني المؤمن صاحب المعصية صاحب الكبيرة في الدنيا نقول إنه مؤمن ناقص الإيمان إن تاب قبل موته تاب الله عليه إذا توفرت فيه شروط التوبة، لكن إذا مات -لا قدر الله- وهو ممارس للمعصية، يعني: مات وهو على كبيرته فإن مصيره في الآخرة فيه تفصيل .

هو أولاً قبل أن يُحكم على العباد بجنة أو نار تحت مشيئة الله إن شاء غفر له فيدخل الجنة ورحمته - سبحانه وتعالى – سبقت عذابه ونرجوا المؤمنين الذين وقعوا في الكبائر أن يغفر الله لهم ، لكن أيضاً قد لا يغفر الله له بمعنى أنه يستحق النار، فيعذب بالنار بقدر كبيرته ولابد أن يخرج منها بعدة أسباب شرعية منها: الشفاعة - شفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – لأهل الكبائر من أمته -وشفاعات الأنبياء لأهل الكبائر من أممهم -وشفاعة الملائكة- وشفاعة المؤمنين الصالحين- وشفاعة القرآن شفاعات كثيرة، ثم أيضاً برحمة الله - عزّ وجلّ – .

حينما تنتهي الشفاعات، الله - عزّ وجلّ – يتولى- رحمة بعباده- بإخراج من يشاء من النار .

ففي الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه. والموحدون كلهم مصيرهم إلى الجنة ومن عذب منهم بالنار فلا يخلد أحد منهم فيها قط، من كان عنده أدنى ذرة من إيمان فلن يخلد في النار .

( سادساً : لا يزيد القطع من معوِّل من أهل القبلة بالجنة أو النار إلا من ثبت النص في حقه ) .

هذه أيضاً قاعدة متفرعة من مسألة الإيمان ويغلط فيها كثيرٌ من الناس قديماً وحديثاً يغلطون فيها لأنها تحتاج إلى تفصيل وتفهم خطأ .

فأولاً: يعني نحن نرجو لكل مسلم مؤمن أن يكون من أهل الجنة وهذا هو الأصل وغير المسلم الأصل أنه من أهل النار هذا هو الأصل، لكن مع ذلك لا نستطيع أن نجزم يعني أقصد عموم المؤمنين هم من أهل الجنة ، عموم الكافرين هم من أهل النار .

لكن ومع ذلك الإنسان المعين بعينه فلان بن فلان لا نستطيع أن نجزم له بأنه من أهل الجنة وإن كان ظاهر الصلاح ولا بأنه من أهل النار وإن كان ظاهره الفساد .

لماذا ؟ لأننا لا ندري ما يختم له ولذلك قال السلف: مقتضى القواعد في الشرع- السلف لم يأتوا من عندهم بشيء اخترعوه لأن أمور الدين توقيفيه - قالوا: بأننا لا ندري عن مصير الإنسان ، لا نجزم لأحد بعينه إلا ما جاء النص بأنه من أهل الجنة أو جاء النص بأنه من أهل النار .

بقية الخلق الذين يموتون لا نستطيع أن نجزم لأحد منهم بأنه من أهل الجنة وإن كان صالحاً مسلماً تقياً ورعاً ولا أنه من أهل النار لماذا ؟ لأننا لا ندري على أي حال سبق عليه الكتاب. في هناك دليل واضح يبين هذه القاعدة وهو أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر في الحديث الصحيح ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يظهر للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيكون من أهل الجنة) .

ما هو الذراع ؟ ربما يكون الذراع في حساب الزمن لحظات - والله أعلم- هذا نص مجمل مبهم لكنه يدل على قصر المدة الزمنية التي يكون فيها تحول الشخص لحظة الموت عند الوفاة من حال إلى حال .

- وعلى هذا- هذا أمر قلبي الإنسان قد يكون- فيما يظهر لنا- على حال أهل الكفر وعلى حال أهل النار لكن ربما يجدد الله له توبة لم يستطع أن يفصح عنها ويبينها أو لم يتمكن ويموت على هذه التوبة، أليس هذا وراداً؟ وما يدرينا أحوال العباد عند الله - عزّ وجلّ – والعكس كذلك قد يكون إنسان- فيما يظهر لنا -أنه من أخلص العباد، لكن ربما يحول الله حاله . والله - عزّ وجلّ – هو مقلب القلوب ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .

وهكذا ينبغي على المؤمن- دائماً- أن يلجأ إلى الله - عزّ وجلّ – أن يثبته على الإيمان والإسلام إلى آخر لحظة .

فالمهم: ينبغي أن نعتقد ونجزم أن مصائر العباد غيبيه فمن هنا هذا الشخص الذي ظهر صلاحه ربما آخر لحظة سبق عليه الكتاب فوقع في أمر قد يكون من أهل النار ونحن لا ندري ومات على هذه الحال دون أن ندري، أليس هذا محتملاً ؟ محتمل ما دام محتملاً- والأمر لله من قبل ومن بعد، ومصائر العباد بيد الله- إذاً لا نتألى على الله لكن نحسن الظن بالله ونحسن الظن بالمسلمين ونرجوا للمحسنين ونخاف على المسيئين، نرجوا للمحسنين ولا نجزم، ولذلك من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس إنهم يجزمون لبعض المعينين بأنهم من أهل الجنة، يجزمون لهم بالشهادة حتى وإن قتل في معركة مشروعة لا تستيطع أن تجزم له بالشهادة لكن ترجو وتقول نرجوا له الشهادة حتى في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – شهد الصحابة لأحد المقاتلين بأنه كذا وكذا من أهل الجنة ... النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( لا إنه من أهل النار ) يعني انقلبت الأمور انقلاباً تاماً عما يتصورون لأنه أبلى بلاءً حسناً وجاهد جهاداً عظيماً وفتك بالعدو فتكاً يدل -على ظاهره- على أنه -إن شاء الله- مأجور أعظم الأجر وأنه من أعظم الشهداء ومع ذلك فوجئوا بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( إنه من أهل النار ) لأنه غلًّ تعلق قلبه بدنيا فإذاً المصائر بيد الله ولا يجوز القطع لمعين ،القطع الذي تقسم عليه ؛ لأن مصائر العباد بيد الله لكن مع ذلك نثق بوعد الله نحسن الظن نرجوا للمحسنين ونخاف على المسيئن .

( سابعاً : الكفر الوارد في الألفاظ الشرعية قسمان :

أكبر مخرج من الملة . وأصغر غير مخرج من الملة ويسمى أحياناً بالكفر العملي .

ثامناً : التكفير من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو فعل ما لم يدل دليل شرعي على ذلك ولا يلزم من إطلاق حكم الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق معين إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع، والتكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم ).




أولاً فيما يتعلق بأصل الكفر، الكفر حكم إلهي حكم من الله - عزّ وجلّ – ليس إلى العباد، هذا أولاً.

الأمر الثاني : أن الكفر نوعان : النوع الأول: الكفر الخالص، هذا ليس لنا فيه خيار ولا يجوز أن نخوض فيه من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هذا كفره متقرر في الكتاب والسنة ليس للعباد فيه خيار، ولا يجوز أن يخوض الناس في مفردات هذه الأمور، بل الخوض بدعة وإثم عظيم في الدين؛ لأن هذا حكم الله الذي لا يتبدل ولا يتغير وليس لنا فيه اجتهاد .

النوع الثاني وهو الذي فيه الخطورة وهو الذي يخوض فيه الناس بشكل أدى إلى كثيرمن الأهواء والبدع قديماً وحديثاً وهو الكفر الذي دونه كفر، الكفر الأصغر أو تكفير المسلم، فهذا هو الذي يكون فيه الخطورة، مع أننا نعلم أن في الشك في تكفير من كفرهم الله - عزّ وجلّ – من الكفار الخلص أيضاً إثماًعظيماً وربما يكون ردة أو كفر- ومع ذلك- قلًّ من المسلمين من يقع في ذلك إلا في الآونة الآخيرة عندما كثرت الشبهات ومع ذلك نعتبر هذا لا يزال من البدهيات عند عامة المسلمين .

إذاً :الأمر الذي يحتاج إلى التقعيد هو النوع الثاني من الكفر وهو ما يقع فيه المسلم من الكفريات، الكفر الذي يقع فيه المسلم طبعاً أيضاً نوعان : كفر مخرج وكفر لا يخرج، وهو الأكثر وهذا يحتاج إلى أن أسرد القواعد بسرعة اغتناماً للوقت -ويعني أرجو أن تعذروني في التفصيل لأن التفصيل أحياناً في مثل هذه المسائل يؤدي إلى الغموض أكثر، فعلى هذا فإني سأقتصر على التقعيد مع أمثلة خفيفة جداً- .

أولاً : الكفر: هو حكم الله - عزّ وجلّ – في العباد، إذاً نعي ذلك جيداً وعلى هذا فإن أي قول فيه بلا دليل بين من الله ، بدون برهان من الله - عزّ وجلّ – فهو قول خطير على صاحبه .

الأمر الثاني : أن التكفير ورد فيه الوعيد . كيف ورد فيه الوعيد؟ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:

( إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما ) يعني بذلك أن ولوج واقتحام الإنسان الناس بالتكفير خطر عليهم هم أنفسهم . بعض الناس يظن هذا واجباً عليه إنه ينظر في الخلق ماذا عملوا وفى الناس ماذا ارتكبوا من الأقوال والاعتقادات الكفرية فيحكم عليهم ويظن أن هذا واجبه، يعني هذا ليس لك شأن فيه . واجبك أن تتورع . والله - عزّ وجلّ – يقول: ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[الاسراء:36].

ثم أيضاً النبي – صلى الله عليه وسلم – كما قلت حذر وجعل الكفرحكماً إلهياً إذا وقع على مَنْ تكفره وقع عليك وكيف تجزم بأنه وقع على من تكفره والأمر خطير .

ثم يتبع هذا قاعدة أخرى وهي: أن تكفير الناس بأفعالهم من اختصاص الراسخين في العلم لأنه خطير من قضايا الدين الكبرى ولأنه حكم على العباد أشبه بالحكم القضائي الذي لا يكون إلا من قاض تتوافر فيه شروط القضاء بل هو أشد من ذلك ؛لأنه حكم بحكم الله على العباد وهذا لا يمكن أن يتأتي إلا لعالم راسخ في العلم مستوعب لشروط التكفير وضوابطه وموانعه ويكون أيضاً ممن عنده القدرة على التثبت وعنده القدرة على إقامة الحجة على الأفراد والجماعات والهيئات التي يكفرها الناس وأنى يتهيأ هذا إلا لعبرة وبعض الناس يظن تكفير الناس في ذمته فيجازف ويبدأ يحكم على الخلق .

إذاًَ : يتبع هذه القواعد قاعدة أخرى مهمة جداً وهي: أن أغلب ما وصفه النبي – صلى الله عليه وسلم – من أعمال المسلمين بالكفر هو الكفر الذي لا يخرج من الملة، بل أقول يندر أن يكون مما وصفه النبي – صلى الله عليه وسلم – من أعمال الكفر التي تقع من المسلمين يندر أن يكون من الكفر المخرج .

هذه مسألة مهمة النبي - صلى الله عليه وسلم – وصف أشياء كثيرة بأنها كفر أقوال وأفعال ومواقف لكنها كلها إلا النادر والنادر لا حكم له، كلها من الكفر الذي لا يخرج من الملة، خذ على سبيل المثال الطعن في الأنساب سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – كفراً .

النياحة على الميت سماها كفراً، قتال المسلم سماه كفراً . النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) فهل الكفر مخرج من الملة، إتيان الكاهن كفر سماه كفراً أشياء كثيرة من الأعمال سماها كفراً بل مثل إيمانه – أحياناً- لا يؤمن من يفعل كذا ( لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ) ( من تشبه بغيرنا فليس منا ) ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ( من غشنا فليس منا ) .

نصوص عظيمة كلها لو أخذنا بظاهرها- كما يأخذ بعض المتعجلين المتهورين- لأخرجنا الكثير من المسلمين من الملة - نسأل الله العافية- بل لا يكاد المسلم هذا الذي يكفر نفسه هو وقع في مكفرات لو أنه حاسب نفسه. إذاً كثير من الكفر هو كبائر وليس كفراً مخرجاً من الملة، ثم أيضاً من أجل أن نأخذ بهذه القواعد بتسلسل أيضاً، يعني التكفير له شروط ويقابلها الموانع هذه الشروط حقيقة لو وعاها كثير من الذين وقعوا في غوائل التكفير - نسأل الله العافية- لأحجموا ولما اقتحموا هذا الباب الخطير- عليهم هم أنفسهم قبل الناس- ولذلك الذين اقتحموا هذا الباب الخطير باب التكفير بغير فقه ولا علم ومتى تورعوا أوقعوا أنفسهم- قبل غيرهم- في حرج شديد في الدين . كثير منهم يستبيح قتل نفسه، كيف ؟ لأنه حينما كفَّر الآخر بنى على هذا أحكاماً في تعامله مع الآخر أراد أن يتخلص من هذه الأحكام بأن يقتل نفسه لئلا يقع في غوائل التعامل وما يحدث من خصومة إذاً أعود وأقول شروط التكفير مهمة جداً وهي شروط ثوابت، عليها عمل السلف الصالح لابد من حكمها في المعين .

إذاً: ندخل في شروط التكفير لابد من مقدمة وهي: أن ما يعمله الإنسان المسلمون - أفراداً أو جماعات- من الكفريات لا يجوز تكفير معين بها إلا بعد هذه الشروط أعني أن كثيراً من المسلمين خاصة في العصورالحديثة - أفراداً أو جماعات أو هيئات أو تيارات أو أحزاباً أو فرقاً أو دولاً- يقعون في مكفرات بعضها في ظاهرها مخرج . بعضها من نواقض الإسلام ، حينما يقع هؤلاء الناس أفراداً أو جماعات أو... إلى آخره يقعون في الكفر. هل يعني ذلك حتى الذين وقعوا في ردة مثل المظاهرة مثل الولاء الذي هو نوع من الردة إلخ .

إذا وقع مسلم أو جماعة أو فرقة في هذه المكفرات هل نكفره بعينه بمجرد أن يقع في مكفر؟ بل أغلب من وقعوا في المكفرات قديماً وحديثاً لا يكفرون بأعيانهم، والسلف الصالح- طيلة التاريخ إلى يومنا هذا- واجهوا مما وقع فيه المسلمون - من أنواع الردة أو الكفر أقصد الأنواع التي ظاهرها الردة والكفر- أشياء عظيمة كثيرة جداً ومع ذلك يندر من السلف تكفير الأعيان، فالتاريخ أمامكم ، تاريخ السلف موجود إذاً ليس كل من وقع في مكفر يكفر بعينه حتى تطبق عليه الشروط.

هذه الشروط بإيجاز :

أولاً : ألا يكون من وقع في هذا المكفر مكرهاً، والإكراه وارد

ثانياً: ألا يكون جاهلاً ، والجهل يصرف عن المسلم الكفر

ثالثاً: ألا يكون متأولاً، والتأول بأن الدليل معه يظن أن هذا حلال، وأنه جائز ، التأول السائغ طبعاً .

رابعاً: أن يأمن وجود الالتباس .

الأمر الأخير : أن نعلم أن هذه الكفريات شعب حتى نواقض الإسلام سواء منها: عشرة ،عشرين ، مائة، ألف، خمس. نواقض الإسلام - نفسها – تتشعب، منها ما لا يخرج من الملة، بل منها ما هو صغائر الذنوب وهو يدخل في مفهوم هذه الناقض .

على سبيل المثال المظاهرة، مظاهر المشركين ضد المسلمين منها ما هو من صغائر الذنوب ومنها ما هو من كبائر الذنوب ومنها ما هو كفر دون كفر ومنها ما هو كفر مخرج من الملة .

ولو وقع مسلم أو جماعة أو دولة في هذا النوع من الكفر المخرج فلابد من تطبيق الشروط عليه وأحوال الإكراه اليوم والجهل والتأول كثيرة في الأمة .

فإذاً: أعود وأقول يجب على المسلم أن يتقي الله - عزّ وجلّ – في أمر دينه وأمر المسلمين و أن يحذر ويتورع عن أن يقع في تكفير مسلم لأن ذلك يعود إليه بالضرر، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك علماء يطلقون لفظ الإيمان المطلق و مطلق الإيمان وعندي عدة استفسارات عن المصطلحين هذين ، السؤال الأول : هل بين الإيمان المطلق مطلق الإيمان درجات ؟ يعني أقصد هل الإنسان إذا أطلق عليه يملك الإيمان المطلق وشخص آخر عنده مطلق الإيمان هل بينهما درجات ؟ السؤال الثاني: نلاحظ من تجربة عملية أن الارتقاء في درجات الإيمان ليست من السهولة بمكان يعني تجربة شخصية وتجربة كثير من الزملاء الذين فيهم خير والتزام يعني من عبادات وصيام ومحافظة على الصلوات نلاحظ أن الارتقاء في سلم الإيمان يعني أمر ليس من السهولة بمكان وممكن ندلل على هذا في الآية التي في سورة الحجرات ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴾ فإن هذه نزلت في حق الصحابة فهل يمكن الاستدلال بهذه الآية على التجربة العملية هذه ؟

سألتم عن التبرك وعن المقصود بالبركة والأمثلة ثم سألتم عن التبرك البدعي

تقول البركة هي كثرة الخير وزيادته وبركة الزمان كليلة القدر وعلى المكان بالمساجد الثلاثة والأشياء بماء زمزم والأعمال كل عمل صالح خالص النية لله - عزّ وجلّ –

على كل حال إجابات جيدة في الحقيقة متقنة وتدل على الجدية والاهتمام ، نسأل الله للجميع التوفيق والسداد وأن يفقهنا جميعاً في الدين ويجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم .

ورد في أحد الأمثلة عند إحدى الأخوات التي أجابت أنها جعلت دعوة أهل القبور من الأمثلة البدعية نعم إذا كانت الدعوة تتضمن دعوة الله - عزّ وجلّ – عند القبور فهذا بدعي، أما دعوة أهل القبور من دون الله فهي شركي، فأرجو التنبه لذلك .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) فمعلوم أن هذه الشعب منها ما تركه ينقض الإيمان وينقص منها فما هي الأعمال التي تفسد لصاحبها الإيمان، هل هي أعمال القلوب وحدها تكفي أم أن هناك أعمال من أعمال الجوارح ما يشترط توافره لإثبات الحكم غير الشهادتين والإقرار باللسان بحقائق الدين ظاهرا وإن لم يأتِ الإنسان بما يوافقها من أعمال الجوارح ؟ وهل المراد حفظ المتون التي ندرسها أم المراد فهم المادة التي ندرسها فقط ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالنسبة لحديث أهل الشقاوة ميسر لعمل الشقاوة و أهل الطاعة ميسر لعمل الطاعة. السؤال الثاني: باب الشكوك في الإيمان والاعتقاد هل يدخل في مسألة النفاق أو أنه يكون منافقاً ؟

مسألة الشكوك في الإيمان هذه لابد أن يفصل فيها الشكوك التي تستقر في القلب هذه مرض يجب علاجه لكن لا يعني أن الإنسان خرج من الإيمان، والشكوك ابتلاء من الله - عزّ وجلّ – فالشك العارض هذا دليل قوة الإيمان إذا اندفع بما عند الإنسان من إيمان أقصد أن الخواطر التي ترد، الشبهات العارضة التي بمجرد ما ترد إلى الإنسان إنه ينكرها يعني ينكرها قلبه، يجد النفور منها، يجد أن الإيمان قوي يدفعها. فهذا شكوك عارضة ما تضر لكن أعود إلى ما قلته: الشك الذي يستقر يكون على شكل خواطر مستمرة أو أحياناً بوادر وسواس فهذا في الحقيقة أمر يحتاج إلى علاج ومع ذلك يعني بالأسباب الشرعية : كثرة التفقه في الدين، حضور مجالس الذكر ، كثرة تلاوة القرآن، الأوراد، مجالسة الصالحين- ومع ذلك - إذا الأمر استمر يمكن الإنسان يأخذ علاج نفسي .

أعود وأقول: ليطمئن السائل مهما بلغت الشكوك لأنها لا تعني أن الإنسان يخرج من الإيمان أبداً بل يبقى- إن شاء الله- متفائلاً وربما يؤجر على مثل هذ الدفاع الذي يدافع به عن نفسه وعن يقينه وعن إيمانه.

أول السؤال كأنه غامض .

في الحقيقة مثل هذه الألفاظ الإيمان المطلق ومطلق الإيمان من الألفاظ الفلسفية التي ما وراءها طائل وما ورد بها الشرع ولا أريد أن أشغل الأخوة المستمعين والمشاهدين بها لأنها بين عموم وخصوص، فبعضها يتعلق بالعمل وبعضها يتعلق بالعمل والتصديق فالإيمان المطلق أو مطلق الإيمان كله له لوازم كله يلزم منه العمل وعلى هذا فإن العمل لا ينفك عن الإيمان وأظن الأخ أيض أجاب من خلال السؤال بما يدل على أنه فهم قضية التداخل بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان وبين أيضاً لوازم ذلك من الأعمال .

فعلى هذا فإن الارتقاء كما ذكر في درجات الإيمان يقول: إنه ليس سهلاً . هو في الحقيقة سهل من جانب وصعب من جانب آخر، هو سهل من حيث أنه يتناسب مع ما فطر الله عليه الإنسان ويتناسب مع التركيبة النفسية والعقلية والقلبية لبني آدم بمعني أن الإنسان إذا صدق وصدق قلبه لارتقاب الأعمال وجد ذلك سهلاً لكن مع ذلك نظراًَ إلى أن القلب والعقل والنفس يعتريها الأهواء والشبهات والعوارض والموانع والقواطع وما أكثرها من وساوس الشيطان وجلساء السوء والبيئة والواقع الذي يدفع الإنسان إلى ما يضعف مايضعف إيمانه، نعم هذه أمور تحتاج إلى جهاد. فعلاً الارتقاء في درجات الإيمان ليس سهلاً .

أيضاً أحب أن أذكر السائل بحكمة أقرها السلف وهي ليست حديث هي حكمة من الحسن البصري ، يقول : الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. فهو مجرد دعوة إن ظهر العمل مصدقاً للدعوة فإن الدعوة تكون صحيحة وإلا تبقى مجرد دعوة أريد أيضاًَ أن أنبه على دعوى كثير من الناس أنه إذا قيل له: لما تفعل ولما لا تفعل؟ إذا أُمر بمعروف أو نُهي عن منكر ضرب صدره بيده وقال: التقوى هاهنا. هذه في الحقيقة مقولة خطيرة ، دعوى أن التقوى هاهنا تحتاج إلى تطبيق، الله - عزّ وجلّ – يحاسبك على العمل فماذا عملت تجاه هذه الدعوى، وإلا ستبقى مجرد خدعة إما أن يخدع الإنسان نفسه أو يخدعه الشيطان ويخدع الآخرين، نسال الله العافية .

تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متى يكون الإسلام والإيمان بمعنى واحد ومتى يكونان مختلفان؟

يكون الإسلام والإيمان بمعنى واحد إذا وجدا في لفظ واحد إذا جئنا بإطلاق الإسلام فإنه يعني الإيمان والإسلام في وقت واحد وكذلك الإيمان إذا جاءت وحدها فإنها تعني الإسلام والإيمان في وقت واحد أما إذا اقترنت اللفظتان في سياق واحد فكل واحدة لها معنى مع وجود المعنى المشترك كما ذكرت في أول الدرس.

الذي كان يسأل: عن شعب الإيمان

نعم منها خاصة ترك الصلاة الإعراض عن الدين بالكلية ينقض بالكلية، أيضاً الأعمال التي فيها شرك يعني نواقض الإسلام العملية هي أعمال تخرج من الملة وعلى هذا فإن الإسلام لابد أن يكون له حقيقة كما أن الإيمان لابد له أن يكون له حقيقة الإسلام والإيمان لابد أن تكون لهما حقيقة وقد تنقض هذه الحقيقة بعض الأعمال وعلى هذا فإن الذين يزعمون أنه يتحقق الإيمان الكامل أو الإيمان بمفصل عن الأعمال هم الذي قالوا إنه ليس هناك من الأعمال ما يخرج من الملة .

وهذا في الحقيقة مناقضة لقطعيات النصوص فإن الأعمال الشركية إذا توافرت فيها الشروط على الشخص بأن وقع في شرك خالص فإنها تخرج . وهي عمل بل حتى الأقوال الشركية تخرج من الملة .

وكذلك أحوال القلوب فالقلوب- وهي بين العبد وبين ربه مثل النفاق الخالص- يخرج من الملة .

نعم أعود وأقول لأن المسألة تثار عند كثير من الناس وهناك من يزعم أنه ليس هناك عمل يخرج من الملة فهذه مقالة خطيرة بل كل الأعمال الشركية وأعمال الردة وما يناقض الإسلام بل حتى أفعال الترك التي ليست مجرد فعل الشركيات والكفريات . الترك الذي هو الإعراض عن الدين بالكلية مخرج من الملة، ترك الصلاة بالكلية مخرج من الملة وهكذا .

أيضاً الترك على سبيل الجحود ببعض الأعمال التي ربما لا تكون من أركان الإسلام لكن من باب حجود أن تكون من الحق الذي ثبت في قطعيات النصوص فهذا أيضاً يخرج نعم .

تقول ما حكم قول الحمد لله الذي بنعمته يهتدي الهادون وبعدله ضل الضالون، لأن هناك من قال لنا بأن هذا لا يجوز ولا يليق لأن الله هدى الإنسان النجدين وإنما يعذبهم على اختيارهم الشر عدلاً ولهذا شواهد كثيرة لعلها تكون في القدرية ؟

لا حرج فهذا حق يعني الله - عزّ وجلّ – برحمته وإحسانه يعني فيه قصد الترادف فلا حرج، أنا أظن هذا الدعاء لا عيب فيه فيما يظهر لي .

تقول ما حكم ما تقول به معلمات القرآن من تعليم الصغيرات القرآن وتحفيظهن السورة بعمل بعض الحركات مثلا : ﴿والسماء وما بناه ﴾ تقوم بالإشارة إلى أعلى ﴿والأرض وما طحاه ﴾تشيرإلى أسفل وهكذا... وهل في هذا احترام وتعظيم للقرآن حيث أصبح يتلى وكأنه نشيد مصاحباً للحركات البدائية ؟

نعم الحقيقة هذا فيه تفصيل وفيه نظر أيضاً في الجملة . أولاً: في هذا الأسلوب نوع تحفظ شرعاً لكن ومع ذلك فإن كانت هذه الحركات بدون قصد من المعلمة يعني تعودت بعض المعلمات وكذلك بعض المعلمين إنه يستعمل الحركات كوسيلة إيضاحية دون أن يشعر لأنه يطبق أمر غيبي هذا الأمر- إن شاء الله- أرجو ألا يكون فيه حرج ، لكن إذا كان هذا منهج يعني أسلوب يلتزم في تعليم القرآن فأظن فيه خطورة لأن كثير من الأمور التي ورد ذكرها في القرآن أمور غيبيه.

فعلى هذا إذا ما تعلق بالأمور الغيبية فعلى الأقل أرى أنه مشتبه والأولى الابتعاد عنه ، إذا ما تعلقت الإشارة بأمر غيبي مثل الإشارة إلى أسماء الله - عزّ وجلّ – وصفاته بالإشارات المادية التي لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم – فهذا خطير في الدين ويجب تجنبه وكذلك أمور الغيب الأخرى أحوال القبر والبعث والحساب والجنة والنار لا يجوز تمثيلها بحركات أو بمسائل مادية ولا بصور.

ومن هنا أنبه إلى ما يقع فيه كثير من الذين يستخدمون بعض وسائل الوعظ في التخويف من النار والوعيد بالجنة أو تقييم بعض المعاصي باستعمال صور، تصور الجنة على هيئة معينة والنار على هيئة معينة أو عذاب القبر أو نعيم القبر، أنا أرى أن هذا أمر لا يجوز بل يجب سده لأنه باب فتنة يمثل غيبيات على أمور محسوسة تنطبع في أذهان الأجيال فيقعون في أخطاء فادحة في الاعتقادات، وهذا ما وقعت فيه الأمم السابقة مثلوا الملائكة بنساء جميلات فتفهمت أجيال منهم أن الملائكة إناثاً، هذا جاء على سبيل مجرد وسيلة إيضاح في البداية والله أعلم .

كذلك مثلوا كثير من الغيبيات عندهم بأمثلة وصور فربطوا هذا بتقديس الغيبيبات، فإذا الأمر خطير وأرى أن نبتعد عن مثل هذه الوسائل وخاصة في تعليم القرآن إلا ما يأتي من غير قصد في غير تمثيل الغيبيات، وأرجو أن يكون عفواً .

هل نطلق الإيمان على شخص معين ؟

يعني يقال هذا كامل الإيمان ؟

نعم الكمال النسبي الذي عليه المخلوق يقال: إنه مثلاً بعض العباد كامل الإيمان الكمال النسبي الذي يتصف به البشر فلا حرج في ذلك إن شاء الله .

لكن لا يكون على سبيل التزكية المطلقة إنما على سبيل التفاؤل وعلى سبيل المدح والثناء والترغيب، فيقال: فلان - ما شاء الله - كامل الإيمان وعلى شرط ألا نقصد به الكمال الذي عند الله - عزّ وجلّ – إنما فيما يظهر لنا، أرجو ألا يكون في ذلك حرج .

هل يحكم على الإنسان الكافر الخالص الكفر أنه خالد في النار بعد موته ؟ وكذلك تارك الصلاة ممن يعتقد وجوبها ولكن تركها عمداً من غير عذر شرعي هل يعتبر هذا الفعل كفراً يخرج من الإيمان ؟

أما الكافر المعين فلا يجوز أن نجزم بمصيره. الحكم العام لابد منه من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يدخل النار مقتضى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – الصريح الصحيح ، قطعيات النصوص هذا حكم عام ويدخل فيه الأفراد، لكن أولاً: يجب أن نفهم أننا لسنا متعبدين بالحكم على الأعيان إذا ماتوا -حتى الكافر- يعني لسنا متعبدين بأننا ننتبع فلان بن فلان الذي مات على الكفر الخالص ننتبعه ونظهر اتجاهه واعتقاد معين إلا الحكم العام، الحكم العام هذا ليس لنا هو إلى الله - عزّ وجلّ – فإذاً: المعين في الحقيقة أرى أن المسلم يجب أن يتورع من الجزم بحاله حتى ولو كان كافراً خالصاً. لماذا ؟

لأنه يشمله الحديث لأنه قد يكون أسلم في آخر لحظة ولم يتبين لنا حال إسلامه أليس هذا وارداً ؟ إذا كان وارداً، لماذا نتأله على الله ونحكم بمسائل غيبية؟ وهذا لا يدخل في معارضة حكم الله القاطع في الخلود بالنار لمن لم يكن مسلماً، لا ما يتعارض؛ لأننا نحكم عليه الحكم العام، أما الحكم المعين فإننا لا ندري عن مصيره الذي الله - عزّ وجلّ – توفاه عليه.

يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكرتم عدم جواز الحكم على الناس بالتأله بدخول الجنة أو بدخول النار لأن ذلك حكم الله وحده وأيضاً لا يجوز تكفير مسلم أياًَ كان بدون دليل من الله فما هي كفارة من وقع في هذا الخطأ ؟

من تاب إلى الله - عزّ وجلّ – جعل التوبة تجبُّ ما قبلها بل التائب بصدق يبدل الله سيئاته حسنات فيتوب إلى الله - عزّ وجلّ – توبة صادقة وإذا كان حكماً على معينين أحياء يستطيع أن يستحلهم فيجب أن يستحلهم وإلا فيدعو لهم ولو أمكن ممن ابتلي بحكم العام على الخلق أن يصدر بياناً في ذلك وسائل البيان الآن نُفُرَة، يصدر بياناً بذلك فيقول: أرجو كل من وقع في حقه مني شيء أن يعفوا عني ويسامحني.

فالحمد لله اليوم وسائل البراءة من هذه المواقف الشنيعة متوفرة فليبذل جهده ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ومن لم يستطع أن يصل إليه يكفيه أن يتوب بينه وبين ربه والله يتولى ما بينه وبين عباده .

يقول هل المقصود عندما نقول: أن نجزم لأحد أنه من أهل النار هل هذا وهو حي أو حتى بعد موته , فلو مات النصراني أو اليهودي فلا نقول أنه من أهل النار ؟

من لم يكن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول ومات على ذلك فهو من أهل النار جزماً هذا حكم عام، أما المعين فما قلته قبل قليل هو الجواب. المعين لا لأننا نشك أن الكافر من أهل النار لكن لا نحكم عليه بعينه باسمه لأننا لا ندري على أي حال مات .

فالاستثناء ليس لأنه كافر إنما الاستثناء لأننا لا ندري عن مصيره الذي لا يعلمه إلا الله وحده، فأرجو أن يكون بهذا لا ينسحب على الحكم العام .

طبعاً الحي قبل أن يموت لا يتأتي أننا نجزم له بالنار لماذا ؟ لأنه قد يتوب توبة ويعلنها هذا أصلا لا تتوجه إليه الأحكام إلا على حاله تتوجه على حاله التي هو عليها يقال: إن بقي على حاله إن بقي على ما هو عليه فهو من أهل النار استثناء، لكن هل تدري ؟ ربما يتوب كم الذين الآن يدخلون الدين يدخلون أفواجاً ولله الحمد على مستوى العالم كله أفواجاً يعدون أحياناً في اليوم الواحد بآلاف في بعض الظروف والمناسبات خاصة عند الحوادث وعند المناسبات الإسلامية التي يكون فيها لفت نظر للإسلام .

فإذاً: هؤلاء كانوا على الشرك والكفر ثم تابوا ، فالأحياء لا يتأتي الحكم إلا على حالهم التي عليها ومصائرهم في الآخرة كذلك، كيف تستطيع أن تحكم بحكم على شخص وهو لم يمت ؟
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
قديم 29-01-08, 01:22 PM   #3
ام هند السلفية
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 23-05-2007
المشاركات: 638
ام هند السلفية is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خير ونفع بكم وبارك فيكم
ام هند السلفية غير متواجد حالياً  
قديم 07-02-08, 05:33 PM   #4
اختكم فى الله
~صديقة الملتقى~
افتراضي

جزاك الله خيرا
اثابك الرحمن
شكرا على مجهوداتكم



توقيع اختكم فى الله
[IMG]http://www.up99.com/giffiles/nn686987.gif[/IMG]


[CENTER][SIGPIC][/SIGPIC][/CENTER]

[COLOR="DarkOrange"][CENTER]قال الحسن البصرى"ياابن ادم انما انت ايام....
اذا ذهب يومك ذهب بعضك....[/CENTER][/COLOR]
اختكم فى الله غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لأول مرة:شرح عمدة الفقه من المجد العلمية بجودة عالية@@تـضاف تـبـاعا @@ فرشى التراب مكتبة طالبة العلم الصوتية 3 20-09-06 10:20 PM


الساعة الآن 09:33 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .