22-04-08, 05:55 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
دعوة للتامل في آي الكتاب ( سورة المسد )
بسم الله الرحمن الرحيم
قال سهل بن عبد الله التستري : " لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه لأنه كلام الله وكلامه صفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه .. وإنما يفهم كل بمقدار ما يفتح الله على قلبه وكلام الله غير مخلوق ولا يبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة " وجاء في الإتقان : وقد قال أبوعبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرءون القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. اه وجاء في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ( من أراد خير الأولين والآخرين فليثوِّر القرآن، فإن فيه خير الأولين والآخرين ). وقد جاء في الجامع لأحكام القرآن : عند قوله تعالى " تثير الارض " سورة البقرة وإثارة الأرض: تحريكها وبحثها، ومنه الحديث: (أثيروا القرآن فإنه علم الأولين والآخرين) وفي رواية أخرى: (من أراد العلم فليثور القرآن) اه وقال وهيب بن الورد رضي الله عنه : نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد أرق للقلوب ولا أشد استجلابا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره . ******************** لذلك هذه محاولة لنقل كلام اهل العلم لاستخراج ما يتيسر من فوائد من سورة المسد والاخوات مدعوات إلى هذه المأدبة ليكتبن ما يفتح الله عليهن من فوائد : عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل مُؤدِب يحب أن تؤتى مأدبته . ومأدبة الله القرآن فلا تهجروه". رواه البيهقي **************** |
22-04-08, 05:59 PM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
لكن قبل ذلك : نشير إلى نبذة من سيرة أبي لهب حتى نفهم لماذا حكم الله عز وجل عليه بالتباب والهلاك في وقت مبكر نسبيا من الدعوة الإسلامية :
الموقف الاول : أول ما نزل قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214]، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا. فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال: هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس. ثم دعاهم ثانية وقال: (الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له). ثم قال: (إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا). فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به. فوالله ، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسى لا تطاوعنى على فراق دين عبد المطلب. فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعه ما بقينا. الموقف الثاني : على جبل الصفا : وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا، ثم هتف: (يا صباحاه) وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم. ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل: (يا بني فهر، يا بني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب). فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش. فلما اجتمعوا قال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ؟). قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا. قال: (إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله)( أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو) (خشى أن يسبقوه فجعل ينادى: يا صباحاه) ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله ، فخص وعم إلى ان قال : يا فاطمة بنت محمد رسول الله ، سلينى ما شئت من مالى، أنقذى نفسك من النار، فإنى لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنك من الله شيئًا. غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها) أي أصلها حسب حقها. ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أي ردة فعل، سوى أن أبا لهب واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، وقال: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [سورة المسد:1]. الموقف الثالث : قال ابن إسحاق: كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلى ـ وكانوا جيرانه ـ لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرًا ليستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى يخرج به على العود، فيقف به على بابه، ثم يقول: (يا بني عبد مناف، أي جوار هذا؟) ثم يلقيه في الطريق. الموقف الرابع : وهو عن عتيبة بن ابي لهب : اللهم سلط عليه كلبك: قال الألوسي: كان لأبي لهب ثلاثة أبناء "عُتبة" و "معتب" و "عُتيبة" وقد أسلم الأولان يوم الفتح، وشهدا حنيناً والطائف، وأما "عُتيبة" فلم يسلم، وكانت "أم كلثوم" بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، وأختها "رُقية" عند أخيه عُتبة، عن قتادة قال : تزوج أم كلثوم بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عتيبة بن أبي لهب وكانت رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب ، فلم يبن بها حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم . فلما نزل قوله تعالى : { تبَّت يدا أبي لهب } قال أبو لهب لابنيه عتبة وعتيبة : رأسي في رؤوسكما حرام إن لم تطلّقا ابنتي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقالت أمهما بنت حرب بن أمية حمالة الحطب : طلِّقاهما يا بني ، فإنهما صبأتا فطلقاهما كرامة لرسول الله عليه الصلاة والسلام وإهانة لهما. ولما طلق عتيبة أم كلثوم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فارقها فقال : كفرت بدينك ، و فارقت ابنتك ، لا تجيئني ولا أجيئك ، ثم سطا عليه فشق قميص النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج نحو الشام تاجراً . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما إني أسأل اللّه أن يسلط عليك كلبه ) . فخرج في تجر من قريش حتى نزلوا بمكان يقال له الزرقاء ليلاً فأطاف بهم الأسد تلك الليلة فجعل عتيبة يقول : ويل أمي هذا واللّه آكلي كما قال محمد ، قاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا الشام ، فناموا ، وجعلوا عتيبة وسطهم . فأقبل السبع يتخطاهم حتى أخذ برأس عتيبة فضغمه ضغمة فقتله ، وخلف عثمان بن عفان بعد رقية على أم كلثوم رضي اللّه عنهما . الموقف الخامس : وعن طارق المحاربي قال: "بينا أنا بسوق ذي المجاز إِذْ أنا بشاب حديث السن يقول أيها الناس: "قولوا لا إِله إِلا الله تفلحوا" وإِذا رجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه - مؤخر القدم - ويقول : يا أيها الناس إِنه كذابٌ فلا تصدقوه، فقلت: من هذا ؟ فقالوا هو محمد يزعم أنه نبي، وهذا عمه "أبو لهب" يزعم أنه كذاب" . قال الشيخ المغامسي حفظه الله : (وكان المفترض على الأقل على سنن الجاهليين أن ينصر ابن أخيه لكنه كان يتبعه في كل محفل يكذبه .) الموقف السادس : تم هذا ميثاق الظلم والعدوان بمقاطعة بني هاشم ما لم يسلموا النبي عليه الصلاة والسلام إلى قريش ليقتلوه وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، انحاز بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم ـ إلا أبا لهب ـ وحبسوا في شعب أبي طالب . الموقف السابع : و كان ممن دبر ليلة الهجرة خطة قتل النبي عليه الصلاة والسلام . (واغلب النقل من الرحيق المختوم ) وهذا تفسير الدكتور احمد حطيبة : http://www.liveislam.net/browsearchi...?sid=&id=45504 وهوتفسير ميسر من تفسير القرطبي ويستغرق تقريبا 26 دقيقة **** |
22-04-08, 08:03 PM | #3 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
الفائدة الاولى :
جاء في تفسير بن كثير رحمه الله : قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة، ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ نزل قوله تعالى: { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يقيض لهما أن يؤمنا، ولا واحد منهما، لا باطناً ولا ظاهراً، لا مسراً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة. و اقرأن هذه الفائدة من كلام الدكتور جاري ميلر وانظرن كيف كان تدبره لكتاب الله وهو الذي فتحه لاول مرة يبحث عن شيء يدحضه به فكان ان شرح الله صدره للإسلام للإعجاز الذي رآه في كتاب الله : يقول الدكتور ملير : "هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرها شديدا لدرجة انه كان يتبع محمد صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم,اذا رأى الرسول يتكلم لناس غرباء فانه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم ابيض فهو اسود ولو قال لكم ليل فهو نهار المقصد انه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويشكك الناس فيه . قبل 10 سنوات من وفاة أبو لهب نزلت سورة في القران اسمها سورة المسد, هذه السورة تقرر ان أبو لهب سوف يذهب إلى النار, أي بمعنى آخر ان أبو لهب لن يدخل الإسلام. خلال عشر سنوات كل ما كان على أبو لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول "محمد يقول إني لن اسلم و سوف ادخل النار ولكني أعلن الآن أني أريد أن ادخل في الإسلام وأصبح مسلما !! . الآن ما رأيكم هل محمد صادق فيما يقول أم لا ؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي الهي؟ . لكن أبو لهب لم يفعل ذلك تماما رغم ان كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يخالفه في هذا الأمر . يعني القصة كأنها تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني وتريد ان تنهيني , حسنا لديك الفرصة ان تنقض كلامي ! لكنه لم يفعل خلا ل عشر سنوات !! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام !! عشر سنوات كانت لديه الفرصة ان يهدم الإسلام بدقيقة واحدة ! ولكن لان الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم ان ابو لهب لن يسلم . كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم ان يعلم أن أبو لهب سوف يثبت ما في السورة أن لم يكن هذا وحيا من الله؟؟ كيف يكون واثقا خلال عشر سنوات أن ما لديه حق لو لم يكن يعلم انه وحيا من الله؟؟ لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلا أمر واحد هذا وحي من الله." وهذه قصة جاري ميلر ( عبد الواحد عمر ) http://www.quran-radio.ps/howthegetinisalm22.htm ***************************************** |
23-04-08, 11:17 AM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
الفائدة الثانية :
في المناسبة بين سورة النصر وسورة المسد : قال البقاعي في نظم الدرر : وليكون ذلك بعد وقوع الفتح ونزول الظفر والنصر، والإظهار على الأعداء بالعز والقهر، مذكراً له صلى الله عليه وسلم بما كان أول الأمر من جبروتهم وأذاهم وقوتهم بالعَدد والعُدد، وأنه لم يغن عنهم شيء من ذلك، بل صدق الله وعده في قوله سبحانه وتعالى : { قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جنهم وبئس المهاد } فتحققت خيبة أبي لهب عند كل من حضر موسم الحج لا سيما من كان يعلم دورانه وراء النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه له من مسلم وغيره واستقر الأمر حينئذ ، وعلم أن الدين قد رسخت أوتاده وثبت عماده . انتهى رحمه الله وقد تحقق تباب ابو لهب كاملا في الدنيا بسورة النصر لأن الرجل قد يموت في سبيل قضيته ثم تنتصر القضية بعد حين فيكون ذلك انتصارا له وإن كان ميتا لكن بانتصار النبي عليه الصلاة والسلام وانتشار رسالته التي حاول أبو لهب وأدها بكل ما أوتي من قوة يُعلم مدى تبابه حيا وميتا . ثم السورتين تنبئ بنهايتين متبانيتين تمام التباين وشتان بينهما : سورة النصر جاءت مشعرة بقرب نهاية النبي عليه الصلاة والسلام : وفي حديث ابن عباس في صحيح البخاري هو أجل رسول الله أعلمه له قال ( إذا جاء نصر الله والفتح ) وذلك علامة أجلك ( فسبح بحمد ربك واستغفره ) . فأُمر بكثرة التسبيح والاستغفار ( وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه فقد ذكر ابن كثير في تفسيره : عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء، إلا قال: " سبحان الله وبحمده " فقلت: يا رسول الله رأيتك تكثر من سبحان الله وبحمده، لا تذهب ولا تجيء ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان الله وبحمده قال: " إني أمرت بها " فقال: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إلى آخر السورة، غريب )ثم قال "إنه كان توابا " قال الطاهر بن عاشور : وقد اشتملت الجملة على أربع مؤكدات هي : أن وكان وصيغة المبالغة في التواب وتنوين التعظيم فيه . فالمعنى : هو شديد القبول لتوبة عباده كثير قبوله إياها .انتهى وما رزق العبد بعمل مثل التوبة قبل موته بل لم يجيء في الحديث ان الله يفرح بعمل عبد من عبادة مثل التوبة . وقد ذكر الشيخ خالد السبت في الشريط السادس ( ينظر تفريغه على الموقع ) من قواعد في الاسماء والصفات : إن الله قد يذكر الاسم في آخر الآية دون ذكر الحكم والجزاء فيها تنبيهاً لعباده أنهم إذا عرفوا الله بذلك الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من أحكام وان ذلك الحكم من آثار هذا الاسم.اه فلما انتهت الآية باسم الله التواب بهذا التاكيدات علمنا الوعد بحسن قبول الله عز وجل لنبيه وإكرام وفادته حين يقبل عليه . هذا في الآخرة ........... أما في الدنيا عند وفاته عليه الصلاة والسلام فقد أظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وآفاقها بكته القلوب قبل العيون ........ قال أنس: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا ما كان من شأن النبي عليه الصلاة والسلام ورسالته وخاتمته ...... واما ما كان من شأن خاتمة عدو الله أبو لهب : فقد جاء بالرحيق المختوم : ثم إنه تخلف عن الخروج لغزوة بدر التي لم يتخلف احد من اشراف قريش عن الخروج لها ، فإنه عوض عنه رجلًا كان له عليه دين . وقال أبو رافع ـ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلامًا للعباس وكان الإسلام قد دخلنا أهلَ البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يكتم إسلامه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر، فلما جاءه الخبر كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزًا، وكنت رجلًا ضعيفًا أعمل الأقداح، أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحى وعندى أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طُنُب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهرى، فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم، فقال له أبو لهب: هلم إلىَّ، فعندك لعمرى الخبر، قال: فجلس إليه،والناس قيام عليه. فقال: يابن أخي، أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله مع ذلك ما لمت الناس، لَقِينَا رجال بيض على خيل بُلْق بين السماء والأرض، والله ما تُلِيق شيئًا، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدى، ثم قلت: تلك والله الملائكة. قال: فرفع أبو لهب يده، فضرب بها وجهي ضربة شديدة، فثاورته، فاحتملنى فضرب بى الأرض، ثم برك علىّ يضربني، وكنت رجلًا ضعيفًا فقامت أم الفضل إلى عمود من عُمُد الحجرة فأخذته، فضربته به ضربة فَلَعَتْ في رأسه شجة منكرة، وقالت: استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام موليًا ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة [وهي قرحة تتشاءم بها العرب] فقتلته، فتركه بنوه، وبقى ثلاثة أيام لا تقرب جنازته، ولا يحاول دفنه، فلما خافوا السبة في تركه حفروا له، ثم دفعوه بعود في حفرته، وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه. فشتان بين الخاتمتين . |
24-04-08, 01:02 AM | #5 | |
~ كن لله كما يُريد ~
|
جزاكِ الله خيراً غاليتي أم كلثوم ..
موضوع رائع ومميز .. بوركتِ يا أُخية .. حقيقة قراءة بعض ماكتبتِ أو نقلتِ .. ولي عودة بإذن الله لأكمل القراءة والتأمل .. لكن أشاركك ببعض الفوائد والتأملات من هذه السورة : اقتباس:
محاسن التأويل/ سورة المسد / لفضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي ـ حفظه الله تعالى ـ . http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...series_id=2899 |
|
24-04-08, 10:13 AM | #6 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
الله يبارك فيك ام اسامة
تلك كانت الفائدة الثالثة ( وهي مهمة نعم .........الله يفتح عليك ) لكني سأضعها عموما : الفائدة الثالثة : ليس بين الله وبين خلقه نسب : ثم إن هذه السورة تبين أن الهداية بيد الله -جل وعلا-، والإنسان دائما يكون حريصا على أن يهتدي الأقربون منه، ومع ذلك الله -جل وعلا- لم يهد عمّ نبينا -صلى الله عليه وسلم-، بل هو من أهل النار. قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه : "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " قال البقاعي : فذكر تعالى أعداهم له وأقربهم إليه في النسب إشارة إلى أنه لا فرق في تكذيبه لهم بين القريب والبعيد. وإلى أنه لم ينفعه قربه له ليكون ذلك حاملاً لأهل الدين على الاجتهاد في العمل من غير ركون إلى سبب أو نسب غير ما شرعه سبحانه . وعرف بهذا أن الانتماء إلى الصالحين لا يغني إلا إن وقع الاقتداء بهم في أفعالهم لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سبقت له الشقاوة ************************** الفائدة الرابعة : التباب أنواع : قال الشيخ المغامسي حفظه الله : عاش أبو لهب حتى بعد معركة بدر, ولم يستطيع أن يخرج إليها بعث غيره, حتى لا يموت موطن شرف لا موطن شهادة كافر لا يمكن أن يكون شهيداً , لكن القتل قتل إنسان من أجل مبدأ يسمى شرفاً من وجه أخر أنه يدافع عن شيء يؤمن به فأبو جهل مات موته يقول فيها لمن قتله لقد ارتقيت مرتقى صعب يا رويعي الغنم , فبقيت صورة أبي جهل عند من يؤمنون بنظريته ومذهبه وقوله وأنفته واستكباره نظرة عظيمة وإن كان أبو جهل ومن تبعه في الباطل لكنهم كانوا يعظمون أبا جهل لأن موته كان موتاً بالنسبة لهم عزيزة أما أبو لهب هذا فما قال الله فيه ما قال إلا لخبث طينته مات أصابته نوع من المرض كانت العرب تخشاه يقولون إن فيه العدوى والناس تبقى شفيقة على أنفسها. فلما مات خافوا أنهم إذا قبروه يمرضوا, فيقال أنهم حملوه على خشبان أعواد يدفعونه بها حتى أوصلوه إلى حفرة أسفل جدار ثم أتوا الجدار من الخلف وهدموه على أبيهم , وما دام قد قال الله ( تبت) آي خسرت وهلكت ,فهذا واحد من أنواع التباب التي نالها أبو لهب في الدنيا ولعذاب الأخرة أكبر . ***************************** الفائدة الخامسة : السورة دليل على صدق النبي عليه الصلاة والسلام في التبليغ عن ربه : هذه السورة بيّن الله -جل وعلا- فيها خسارة عدو من أعداء الله -جل وعلا-، وإن كان قريبا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن وحي الله -جل وعلا- الذي أنزله على عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يكتمه نبينا -صلى الله عليه وسلم- أبدا، ولو كتم شيئا لكتم مثل هذه السورة، لأنها نازلة في عمه -أخي أبيه-. |
26-04-08, 02:58 PM | #7 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
الفائدة السادسة :
وفيها الإيمان بالقضاء والقدر : ذكر القرطبي : قال ابن عباس: لما خلق الله عز وجل القلم قال له: اكتب ما هو كائن؛ وكان فيما كتب { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ }. وقال منصور: سُئِلَ الحسن عن قوله تعالى: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } هل كان في أم الكتاب؟ وهل كان أبو لهب يستطيع ألا يَصْلَى النار؟ فقال: والله ما كان يستطيع ألاّ يصلاها، وإنها لفي كتاب الله من قبل أن يُخْلَق أبو لهب وأبواه. ويؤيده قول موسى لآدم: أنت الذي خلقَكَ اللَّهُ بيده، ونفخ فيك من رُوحه، وأسكنك جَنَّته، وأسْجَدَ لك ملائكته، خَيَّبْتَ الناس، وأَخْرجتهم من الجنة. قال آدم: وأنت موسى الذي اصطفاك بكلامه، وأعطاك التوراة، تَلُومني على أمر كتبه الله عليّ قبل أن يخلق الله السموات والأرض. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " فحجَّ آدمُ مُوسَى " ، وقد تقدّم هذا. وفي حديث هَمَّام عن أبي هريرة أن آدم قال لموسى: " بِكَمْ وجدتَ الله كَتَبَ التوراةَ قبلَ أَنْ يَخْلُقَنِي " ؟ قال: " بألفي عام " قال: " فهل وجدت فيها: وعَصَى آدمُ رَبَّهُ فَغَوَى " قال: " نعم " قال: " أفتلومني على أمر وكتب الله عليّ أن أفعله من قبل أن أخلق بألفي عام ". فحَجَّ آدمُ موسى. وفي حديث طاوُوس وابن هُرْمز والأعرج عن أبي هريرة: " بأربعين عاما " والحمد لله رب العالمين |
02-05-08, 09:48 PM | #8 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
18-05-2006
المشاركات: 956
|
ماشاء الله جمع طيب
أثابكم الله |
04-05-08, 12:38 PM | #9 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
جزاك الله خير الجزاء ام عبد الرحمن
|
04-05-08, 02:10 PM | #10 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
29-03-2007
المشاركات: 227
|
جزاك الله خيرا اختي ام كلثوم
نفع الله بكِ.... مجهود رائع وعجبني ترتيبك للموضوع اسلوب مبتكر بارك الله فيك .... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أسئلة لمراجعة سور القرءان | سنبلة | روضة القرآن وعلومه | 115 | 29-08-21 02:29 PM |
أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة في فضائل سور القرآن | سلوى محمد | روضة القرآن وعلومه | 4 | 18-11-12 10:53 PM |