العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-09-13, 01:55 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
Icon185 تعالوا: نتعلم كيف نتذوق!!..ثم نحاول أن نحاكي*


تعالوا: نتعلم كيف نتذوق!!..ثم نحاول أن نحاكي*

قلت لصاحبي وأنا أحاوره ُ:
أعرفُ رجلاً من أقاربي ، لا يزالُ البلاءُ يطحنهُ طحنَ الرحى للحبةِ ،
فما شكا إلى مخلوقٍ ، ولا وهى ولا ونى ، ولا لانتْ له قناةٌ ،
والأعجبُ من هذا :
أنكَ لا تزال تراهُ يواجهُ الحياةَ بوجهٍ يتألق بابتسامةٍ صافية عذبةٍ ..
تُرى ما سرّ هذا الإنسان ..؟

تلألأَ وجهُ صاحبي واستنار ثم قال:
أما أنا فلا أشكُ لحظةً ، أن صاحبكَ هذا يكمنُ في قرارةِ قلبهِ ، قبسٌ من إيمانٍ
يتوهجُ ، وحرارة يقينٍ تحرقُ وساوسَ الشيطانِ كلما ثارتْ تريدُ أن تصرفهُ إلى
السخطِ على أقدارِ الله ، كما نراها تتلاعبُ بكثير من الناس ...
وسكت صاحبي قليلاً وأخذَ يحدقُ إلى بعيدٍ ثم أطلقَ تنهيدةً ، وأخذ يسبّح الله تسبيحةً طويلة
*
ثم قال :
أكادُ أجزمُ أن معدنَ صاحبكَ هذا من الذهبِ الخالص ، ونارُ البلاءِ مهما اشتدتْ عليه ، فإنها لا تزيدهُ إلا صقلاً وجلاءً وتلألؤاً ..
لله دره .. ثم لله دره !
اللهم إني أشهدكَ أني أحبهُ فيكَ ، وإن لم أكن أعرفه ..!!!
* *
قال الراوي ..قلت لصاحبي :
في كثيرٍ من الأحيانِ أراهُ فلا أملكُ لهُ إلا نظرةَ رثاءٍ وإشفاقٍ ..!!
ابتسمَ صاحبي ابتسامة لم أعرف كيف أترجمها ثم قال :
لا يا عزيزي ، هذه النظرةُ أنتَ جديرٌ بها لا هو ..!
نظرة الرثاءِ والإشفاق أنتَ الحقيق بها لا هو ..!!
قلتُ متسائلاً : عجباً لك ، كيف ذلكَ وهو الذي ( يُـفرمُ ) لا أنا ..!؟
**
قال صاحبي : في الحديث الشريف يخبرُ الرسولُ الكريمُ صلى الله عليه وسلم ،
أنّ اشدَ الناسِ بلاءً الأنبياء عليهم السلام _ وهم خيرةُ خلقهِ وصفوة الناس _
ثم الأمثل فالأمثل .. ولو أنكَ قرأتَ قصصَ الأنبياء عليهم السلام ، وسيرَ الرجال الربانيين ،
لهالكَ أن ترى كيف ينصَبّ عليهم البلاءُ على ألوانٍ مختلفةٍ ، ومع هذا لا تزال
تراهم يـتألقون ، كأنما خُلقوا من غير طينةِ بقية الناس !!
وما ذلك إلا بسببِ قوةِ حرارةِ الإيمان في قلوبهم ، وحرارة اليقين التي تتوهج من أرواحهم ..
وسكت صاحبي .. وسكتُ بدوري أنتظرُ منه مزيداً من هذه الجرعاتِ الإيمانيةِ
التي أشعر معها أن تفاعلاتٍ معينة تحدثُ في دمي وعصبي وعقلي وقلبي ، وأنا أصغي إليه وأتشربها ..
غير أن صاحبي واصلَ صمته ، فسألته عندها :
* *

إذن كيفَ الطريق إلى أن أصلَ بقلبي إلى مثل هذا المقام الرفيع ..
أشرقت ابتسامةُ صاحبي وتهللَ وجهه فلقد أطربه هذا السؤال أيما طرب، ثم قال :
أولاً قبل هذه النقطة أحبّ أن ألفتَ نظركَ إلى أن هذا الذي نقوله شيءٌ ،
وأن يتمنى الإنسانُ البلاءَ شيءٌ آخر .. دائرتان منفكتان ..
* *
فالأصل الأصيل في المسلمِ :
أنه يسألُ الله صباحَ مساءَ العفو والعافية ، وأن يجنبه الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطن ،
وأن يصرف عنه كل بلاءٍ ، قلّ أو كثر ، ظهر أو خفي .. ونحو هذا ..
ولكن ....!!!
ولكن ...
إذا نزل البلاء عرفَ كيف يكونُ رجلاً ربانياً يأتي البيوتَ من أبوابها ،
فيبقى ثابتاً ثباتَ الجبال الرواسي لا تهزها الأعاصير ، وهي تقتلع كل شيء في طريقها ، وتدمرُ كلّ شيءٍ بإذن ربها ..
قلت : هذا جيد .. وهي نقطة مهمة بالنسبة لي ، ولكن عُد بي الآن إلى سؤالي ..
فإني مشتاقٌ إلى سماعِ إجابة عنه ، ذلك لأني أجدُ نفسي تنهارُ سريعاً ،
بمجرد أن يمسني البلاءُ مساً خفيفا ، فإذا أنا أتفزعُ كأنما قيامتي قد قامتْ..!!
* *

قال صاحبي :
خذ هذه القاعدةَ ، احفظها ولا تغفلْ عنها :
كلما كان القلبُ منوراً بأشعةِ الإيمان ، فإن بركاتِ السماء لا تزالُ تغمره ،
فيبقى متلألئاً ، ومن ثم يكونُ أقدر على مواجهةِ أمواج البلاء ، والاستعلاء على ضغطها ..

* *

فبادرتُ أسأله :
فما الطريق إلى تنويرِ القلب ؟
قال : ليسَ من طريقٍ إلى ذلك إلا أن تصلهُ مباشرة بالسماء ،
وتتركهُ هناكَ يطل على الدنيا وأهلها ،فيراها ويراهم على حقيقتها وحقيقتهم ..!!
قلت : فكيف يكون ذلك .. زدني توضيحاً وبياناً؟
قال : بمزيدٍ من غرسِ الإيمان ابتداءً ، وإبقاء جذوة اليقين متوهجةً ،
من خلال التفكرِ والتأمل في عجائب هذا الكون الفسيح ، وفي أسماء الله الحسنى ،
وصفاته العليا ، مع ذكرٍ كثيرٍ لا ينقطع
_ تسبيح وتهليل واستغفار وصلاة على رسول الله ، وأذكار المناسبات ، وأذكار الصباح والمساء الخ _
وتلاوة يومية لكتاب الله تعالى ،
وملازمة لأبواب الطاعات ومبادرة إليها ، ومنافسة عليها ، في دوائرها المختلفة ،


* *

وفي نفس الوقت ، وعلى خط موازٍ تماماً :
اجتناب دوائر الحرامِ ، والنفور من أجواء المعصية ، ومجاهدة النفس على ذلك ، ومحاسبتها ..
مع جرعات مكثفة من الدعاء والضراعة والإلحاح ، أن لا يكلك الله إلى نفسك طرفة عين ..
ويقويك على ذلك كله :
أن يتعلق قلبك بالآخرة تعلقا قويا ،
ويعينك على هذا وذاك : كثرة تلاوة ومدارسة لكتاب الله الكريم ..
ومجالسة لأقوام ينتقونَ أطايبَ الكلامِ ، كما ينتقى أطايب الثمر ..
ونحو هذا ...
هذه كلها رصيدٌ لابد منهُ لك ، فمن عرفَ اللهَ في الرخاء ، عرفهُ في الشدة.


* *


قلت والفرحةُ تتراقص بين عيني :
جميل .. جميل ..رائع .. هذا برنامج حافل .. ولكن ماذا تعني بقولك في ختام كلامك :
ونحو هذا ؟
قال : اي أنني لم أذكر كل شيء .. إنما ذكرت لك أموراً وتركت أموراً أخرى .
قلت : مثل ماذا ..!؟
قال : مثل : أن تعرفَ ثمراتِ الصبر في الدنيا قبلَ الآخرة ، وأن تعرف مقام الصابرين عند الله تعالى ..
ومثل : أن تدرسَ السيرةَ النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ،
لترى الترجمة العملية أمام عينيك لكل المعاني الرائعة والراقية ،
ثم تقرأ سير الصالحين بدءاً بالصحابة إلى عصر الناس هذا ، وكيف واجهوا أحداث الحياة بقلوب
سماوية تهون أمامها كل شدة ، وتتكسر على قدميها أمواج البلاء ..

* *

ومثل : أن تتعلم من تجارب الناس حتى من غير المسلمين ،
وخلال ذلك لا يزال قلبك يخفق بذكرٍ دائمٍ متصل لله سبحانه ، على أن يكون ذكراً يولد في القلب
حرارة محبته جل جلاله ، حباً يملك عليك كل مشاعرك ، فلا يبقي منها شيئاً لغيره سبحانه ..

**



قال الراوي : لم أملك نفسي من التكبير فتعالى صوتي :
الله أكبر .. الله أكبر .... ثم قلت :
هذا رااائع جداً والله ..أجزم أني اليوم عثرتُ على كنزٍ عظيم ..
بل أحسبك وضعتني على بوابة الجنة ودفعتني إليها ..!!
بارك الله فيك .. هل من مزيد ؟ وماذا أيضاً ؟ قل ، واصل ، أفض ..!!
قال وأنا أكاد أقسم أني رأيت مسحةً من نورٍ تغمر وجهه كله :
خلال هذه الرحلة الممتعة في رحاب النورِ ، مع الله ومن أجل الله عز وجل ،
وأنت تجاهدُ نفسكَ من أجل تحصيل رضاه سبحانه ،
انتبه ..!!
انتبه ،، فلعلك تنتفعُ بأمرٍ يسيرٍ ، قد يمرُ به غيركَ فلا يكترث له ، ولا يتأثر به ،


* *

ومعنى ذلك :
أنني أدعوكَ أن تفتحَ عينكَ جيداً ، لعلكَ تلتقطُ من هنا أو ها هنا ما يمكنُ أن يكونَ سبباً في تغيير واضح عندكَ ..
وأضرب لك مثالاً على ذلك ..
قلت في فرح :
نعم والله .. وإني لفي شوقٍ ولهفة ، كشوقِ الأرض العطشى لمطر السماء..!!

* *

قال : أعرفُ شاباً قرأ يوماً قصةً كان لها بالغ الأثر على نفسه ، فقد أدارت بوصلته ،
وتغير بسببها اتجاهه الذي كان يمضي فيه ، وخلاصة تلك القصة :
أن ملكاً ناولَ غلاماً له فاكهةً ، ففرحَ الغلامُ بذلك فرحاً شديدا ، وأخذ يشكره عليها
، ثم أكل منها شيئا ، وأخذ يقولُ متنشياً :
إني لم أذقْ ألذ من هذه الفاكهة ..
وعاد من جديد يثني ويشكر الملك على عطيته تلك ..
فرغبَ الملكُ أن يذوقَ تلك الثمرة بعينها ، فلما قضم منها قضمة ،
وجدها شديدة المرارة ولم يستسغ بلعها فلفظها ، ثم عاتب الغلام، فإذا بالغلام يقول :
لا تعجلْ عليّ يا سيدي .. لقد كنتَ تتحفني بعطايا كثيرة ، وهدايا متنوعة ،
فلا ينبغي أن أستاء إذا جاءتني منك مرةً فاكهةٌ مُـرة..!!!!!!
إن كنتَ تنعم عليّ بالكنوز ، فكيف يصيبني شيءٌ مرٌ بأي غصة ،
وما دمت راضياً عني ، فلن أشعرَ بالمرارةِ من يدك التي عودتني الكرم ،
كل شيءٍ منكَ هو عندي هدية ، لابد أن أفرحَ بها ، وأشكركَ عليها ،
لأني على ثقة أنك لا تبخل عليّ بشيءٍ ...!!!
فأكبرَ الملكُ الغلام وأكرمهُ غاية الإكرام ، ورفع مقامه عنده ،

وقربّه إليه ، واستخلصه لنفسه ..!!
قال ذلك الشاب : هزتني هذهِ القصةُ بعنف ، رغم أنها ربما تكون قصةً رمزية ،
وتوقفت بعد قراءتها وقفةً طويلة مع نفسي ،
وأنا أتفكر في كرم الله معي ، وإحسانه إليّ ، وستره عليّ ، وكثرة أياديه عندي ،
ثم أنا لا أكون مثل ذلك الغلام ..!!!!
فكان لهذه القصة ما بعدها ولله الحمد والمنة ..

* *

قال الراوي : وبدوري شعرتُ أني تأثرتُ بهذه القصةِ أيضاً ..
ومن ثمّ رأيت أنّ يومي هذا كانَ يوماً متميزاً بحق ..

* *

فقد انتفعتُ بقصةِ قريبي الذي سقتُ خبرهُ في مطلعِ هذا المقال ..
وأدركتُ أيضا خطورة وأهمية مجالسةِ الصالحين ،
من خلال ما أفاض الله على قلب صاحبي من معانٍ كبيرة كان لها بالغ الأثر على نفسيتي ..
ثم ما وجدتهُ من أثرٍ واضحٍ لقصةِ ذلك الغلام مع الملكِ ..
فلله الحمدُ والمنة ..الذي هداني لهذا ، وما كنتُ لأهتدي لولا أن هداني الله



*منقـــــــــــــــول*

</b></i>



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-13, 07:25 PM   #2
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

جزاك الله خيرا .. رزقنا الله وإياك الرضا بعد القضاء !



توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .