العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-12, 06:35 PM   #1
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
c1 إتحاف المُحِدَّة بشيء من فقه الإحداد والعدّة ...

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد :

قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات : 58

فينبغي أن نتعبد لله على بصيرة :

و قال تعالى :

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف : 108


وتلك البصيرة نحصّلها بتحصيلنا للعلم الشرعي :


وقال الله تعالى: (يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ) المجادلة:11.قال الله تعالى‏:‏ ‏﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ ‏ الزمر‏:‏9‏ ‏‏.

فينبغي على كل منا تعلم ما يعينه على التعبد لربه في أي حال قدره الله سبحانه عليه ..

** ولكل ما سبق رأينا أن نضع هذا البحث بين أيديكم
عسى الله أن ينفع به من يقدر الله عليها المرور بتلكم الحال
سائلينه تعالى الإخلاص والقبول .



إتحاف المُحِدَّة بشيء من فقه الإحداد والعدّة


& -أولا : معنى الإحداد :

ورد في النهاية لابن الأثير:

" «هـ» وفيه «لا يَحِلُّ لامْرأة أن تُحِدَّ على مَيِّتٍ أكثَر من ثلاث»
أحَدَّت المرأة على زَوْجها تُحَدُّ هي مُحِدٌّ، وحَدَّتْ تُحِدَّ
وتَحِدُّ فهي حَادّ: إذا حَزِنَتْ عليه، ولَبِسَت ثِياب الحُزْن([1])، وتَركَت الزِّينَة." ا.هـ ([2]).

قال الإمام النووي رحمه الله:

" قال أهل اللغة : الإحداد والحداد مشتق من الحد وهو المنع لأنها تمنع الزينة والطيب ،
يقال : أحدت المرأة تحد إحدادا وحدت تحد بضم الحاء وتحد بكسرها حدا ،
كذا قال الجمهور أنه يقال: أحدت وحدت ، وقال الأصمعي : لا يقال إلا أحدت رباعيا ،
ويقال : امرأة حاد ، ولا يقال : حادة وأما الإحداد في الشرع فهو ترك الطيب والزينة
وله تفاصيل مشهورة في كتب الفقه." ا.هـ ([3]).

و قال صاحب سبل السلام رحمه الله:

- معنى الإحداد لغة : المنع
- وشرعا : ترك الطيب والزينة للمعتدة عن وفاة ... أ. هـ ([4]).

وقال الألباني رحمه الله:

((...ثم الإحداد إنما يكون للموت لا لغيره ،
لأنه: التظهّر بما يدل على الحزن والكآبة ( 5 ) لمفارقة الزوج بالموت.)) أ.هـ (6)



و .. يتبــــــــــــــــع .
-------------------------------------------------

(1)- شاهد على أن لعدة الوفاة ثياب خاصة.

(2)- النهاية لابن الأثير : المجلد الواحد / مادة حدد / ص :192

(3)- شرح على صحيح مسلم / كِتَاب الطَّلَاقِ /باب :- لا يحل لامرأة تؤمن

بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا / حديث رقم : 1486.

(4)- في سبل السلام ج2 / كتاب الطلاق / باب العدة والإحداد والاستبراء. (5)- ينبغي التأكيد على معنى إظهار الحزن والكآبة على وفاة الزوج ولو تكلفا.

(6)-التعليقات الرضية على الروضة الندية للألباني : ج2 / ص 297.
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:36 PM   #2
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

ثانيًا : حكم الإحداد على الزوج و غيره :

فقد ثبت وجوب الإحداد على الزوج دون غيره بدلالة الكتاب والسنة والإجماع
وفيما يلي تفصيل ذلك:

فأما دلالة الكتاب:
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ ]البقرة: 234[

قال السعدي-رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
أي: إذا توفي الزوج، مكثت زوجته، متربصة أربعة أشهر وعشرة أيام وجوبا، والحكمة في ذلك، ليتبين الحمل في مدة الأربعة، ويتحرك في ابتدائه في الشهر الخامس، وهذا العام مخصوص بالحوامل، فإن عدتهن بوضع الحمل، وكذلك الأمة، عدتها على النصف من عدة الحرة، شهران وخمسة أيام.
وقوله: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾ أي: انقضت عدتهن ﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ ﴾ أي: من مراجعتها للزينة والطيب، ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: على وجه غير
محرم ولا مكروه ،وفي هذا وجوب الإحداد مدة العدة ، على المتوفى عنها زوجها، دون غيرها من المطلقات والمفارقات، وهو مجمع عليه بين العلماء.ا.هـ


وقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾]البقرة: 240[

قال السعدي –رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية الكريمة:
أي: الأزواج الذين يموتون ويتركون خلفهم أزواجا فعليهم أن يوصوا ﴿ وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ أي: يوصون أن يلزمن بيوتهم مدة سنة لا يخرجن منها ﴿ فَإِنْ خَرَجْنَ ﴾ من أنفسهن ﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ أيها الأولياء ﴿ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ أي: من مراجعة الزينة والطيب ونحو ذلك وأكثر المفسرين أن هذه الآية منسوخة بما قبلها وهي قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ وقيل لم تنسخها بل الآية الأولى دلت على أن أربعة أشهر وعشر واجبة، وما زاد على ذلك فهي مستحبة ينبغي فعلها تكميلا لحق الزوج، ومراعاة للزوجة، والدليل على أن ذلك مستحب أنه هنا نفى الجناح عن الأولياء إن خرجن قبل تكميل الحول، فلو كان لزوم المسكن واجبا لم ينف الحرج عنهم.ا.هـ

وأما دلالة السنة :
(قَالَتْ زَيْنَبُ سَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ قُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ. ) (1) وفي رواية لابن حزم –رحمه الله- : ( إني أخشى أن تنفقئ عينها ، قال : لا وإن انفقات ) قال الحافظ : وسنده صحيح . أ .هـ

- قال النووي رحمه الله:
" قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ ) مَعْنَاهُ : لَا تَسْتَكْثِرْنَ الْعِدَّةَ وَمَنْعَ الِاكْتِحَالِ فِيهَا فَإِنَّهَا مُدَّةٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ خُفِّفَتْ عَنْكُنَّ وَصَارَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ سَنَةً . وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِنَسْخِ الِاعْتِدَادِ سَنَةً الْمَذْكُورِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ .وَأَمَّا رَمْيُهَا بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ ، فَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ .
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَمَتْ بِالْعِدَّةِ وَخَرَجَتْ مِنْهَا كَانْفِصَالِهَا مِنْ هَذِهِ الْبَعَرَةِ وَرَمْيِهَا بِهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ وَصَبَرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الِاعْتِدَادِ سَنَةً وَلُبْسِهَا شَرَّ ثِيَابِهَا وَلُزُومَهَا بَيْتًا صَغِيرًا هَيِّنٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ الزَّوْجِ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمُرَاعَاةِ كَمَا يَهُونُ الرَّمْيُ بِالْبَعَرَةِ .

قَوْلُهُ : ( دَخَلَتْ حِفْشًا ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيبَ السَّمْكِ .
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( فَتَفْتَضُّ ) بِالْفَاءِ وَالضَّادِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : سَأَلْتُ الْحِجَازِيِّينَ عَنْ مَعْنَى الِافْتِضَاضِ فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ كَانَتْ لَا تَغْتَسِلُ وَلَا تَمَسُّ مَاءً وَلَا تُقَلِّمُ ظُفْرًا ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَقْبَحِ مَنْظَرٍ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَكْسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْعِدَّةِ بِطَائِرٍ تَمْسَحُ بِهِ قُبُلَهَا وَتَنْبِذُهُ فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ مَا تَفْتَضُّ بِهِ . وَقَالَ مَالِكٌ : مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا . وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِيَدِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تَمْسَحُ بِهِ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَغْتَسِلُ وَالِافْتِضَاضُ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ لِلْإِنْقَاءِ وَإِزَالَةِ الْوَسَخِ حَتَّى تَصِيرَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَالْفِضَّةِ . وَقَالَ الْأَخْفَشُ : مَعْنَاهُ تَتَنَظَّفُ وَتَتَنَقَّى مِنَ الدَّرَنِ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْفِضَّةِ فِي نَقَائِهَا وَبَيَاضِهَا . وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ : أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ قَالَ : رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ( تُقْبَصُ ) بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَبْضِ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ . أ.ه (2)

* وفي صحيح مسلم أيضا حديث رقم : 1486:
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.


قال النووي –رحمه الله-:

وأما قوله : ( أربعة أشهر وعشرا ) :فالمراد به و عشرة أيام بلياليها هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكي عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي : أنه أربعة أشهر وعشر ليال وأنها تحل في اليوم العاشر وعندنا وعند الجمهور أنها لا تحل حتى تدخل ليلة الحادي عشرة ....ا.هـ (3)

وأما دلالة الإجماع:

قال ابن قدامة رحمه الله:
" أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر، مدخولا بها، أو غير مدخول بها، سواء كانت كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ، وذلك لقوله تعالى: ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا) متفق عليه " انتهى. (4)

وقال بعض أهل العلم مستدلا بحديث أم سلمة في الصحيحين :
جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ... الحديث .

فلم يخص صلى الله عليه وسلم كبيرة من صغيرة ولا عاقلة من مجنونة ولا مدخولا بها من غير مدخول بها . ا. هـ

- و قال ابن المنذر –رحمه الله- في كتابه الإجماع :
" 441 - وأجمعوا أن عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشراً، مدخولاً بها وغير مدخول، صغيرة لم تبلغ أو كبيرة."

- قال النووي -رحمه الله-:
"ولما كانت الصغيرة من الزوجات نادرة ألحقت بالغالب في حكم وجوب العدة والإحداد." أ .هـ (5)

- وقال على القاري في شرحه : لمشكاة المصابيح تعليقا على حديث أم سلمة:
" (جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ.... الحديث .) متفق عليه
وفي الحديث دليل على وجوب الإحداد على المعتدة من وفاة زوجها وهو مجمع عليه في الجملة وإن اختلفوا في تفصيله فذهب الشافعي والجمهور إلى التسوية بين المدخول بها وغيرها وسواء كانت صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا حرة أو أمة مسلمة أو كتابية." انتهى
وأضاف بعض أهل العلم : عاقلة كانت أو مجنونة.

- وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله : ( لا يحل ) : دليل على وجوب الإحداد على المرأة التي مات زوجها .. ا.هـ (6)

- قال الشيخ الألباني -رحمه الله-:

" ولا ينافي الصبر أن تمتنع المرأة من الزينة كلها ، حدادا على وفاة ولدها أو غيره إذا لم تزد على ثلاثة أيام ، إلا على زوجها ، فتحد أربعة أشهر وعشرا ، لحديث زينب بنت أبي سلمة قالت : ( دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا )." ا.هـ (7)

- قال ابن القيم –رحمه الله- :

" وأما عِدةُ الوفاة، فتجبُ بالموت، سواءٌ دخل بِها، أو لم يدخُل اتفاقاً، كما دلَّ عليه عمومُ القرآن والسنة ... " ا.هـ (8)
وقال أيضا:
" الإحداد تستوي فيه جميع الزوجات المسلمة والكافرة والحرة والأمة الصغيرة والكبيرة ، وهذا قول الجمهور أحمد ،والشافعي ومالك، إلا أن أشهب وابن نافع قالا لا إحداد على الذمية رواه أشهب عن مالك وهو قول أبي حنيفة ولا إحداد عنده على الصغيرة . .... وسرالمسألة أن شرائع الحلال والحرام والإيجاب إنما شرعت لمن التزم أصل الإيمان ، ومن لم يلتزمه وخلي بينه وبين دينه فإنه يخلى بينه وبين شرائع الدين الذي التزمه كما خلي بينه وبين أصله ما لم يحاكم إلينا ، وهذه القاعدة متفق عليها بين العلماء، ولكن عذر الذين أوجبوا الإحداد على الذمية أنه يتعلق به حق الزوج المسلم، وكان منه إلزامها به كأصل العدة،ولهذا لا يلزمونها به في عدتها من الذمي، ولا يتعرض لها فيها، فصار هذا كعقودهم مع المسلمين، فإنهم يلزمون فيها بأحكام الإسلام وإن لم يتعرض لعقودهم مع بعضهم بعضا، ومن ينازعهم في ذلك يقولون الإحداد حق لله تعالى، ولهذا لو اتفقت هي والأولياء والمتوفى على سقوطه بأن أوصاها بتركه لم يسقط ولزمها الإتيان به فهو جار مجرى العبادات، وليست الذمية من أهلها، فهذا سر المسألة." انتهى مختصرا (9)

- وقال ابن حجر -رحمه الله-:

" قوله ( لامرأة ) تمسك بمفهومه الحنفية فقالوا: لا يجب الإحداد على الصغيرة ، وذهب الجمهور إلى وجوب الإحداد عليها كما تجب العدة ، وأجابواعن التقييد بالمرأة أنه خرج مخرج الغالب، وعن كونها غير مكلفة بأن الولي هو المخاطب بمنعها مما تمنع منه المعتدة، ودخل في عموم قوله (امرأة) المدخول بها وغير المدخول بها حرة كانت أو أمة ولو كانت مبعضة أو مكاتبة أو أم ولد إذا مات عنها زوجها لا سيدها لتقييده بالزوج في الخبر خلافا للحنفية. " انتهى (10)


______________________________ __________________

(1)- نيل الأوطار / ج6 / كتاب العدد / باب : إحداد المعتدة / تحت حديث رقم : 2936 / ص: 346.

(2)- صحيح مسلم بشرح النووي /ج10 / كِتَاب الطَّلَاقِ/ باب:- اكتحال المرأة.

(3)- صحيح مسلم بشرح النووي / كِتَاب الطَّلَاقِ /باب :- لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا / حديث رقم: 1486.

(4)- المغني / ( كتاب العدد) مسألة مات عنها وهو حر أو عبد قبل الدخول أو بعده (93/8).

(5)- صحيح مسلم / كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام / حديث رقم : 1486.

(6)- نيل الأوطار: ج6 / ص: 348 / تحت حديث رقم: 2938، وكذا في سبل: ج3 / ص: 291 / رقم 1040.

(7)- أحكام الجنائز مسألة (20) ص: 24.

(8) - زاد المعاد / ج4 / فصل في العدة / ص: 308.

(9)- زاد المعاد / ج4 / فصل في عدة المتوفى عنها زوجها / ص: 325

(10) - فتح الباري شرح صحيح البخاري / كتاب الطلاق / باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا / رقم الحديث 5337.
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:37 PM   #3
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

عـــــدة الحامـــــل

تنقضي عدة المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل ودليل ذلك:

حديث سبيعة الأسلمية –رضي الله عنها–:
( عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لَهَا مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي. ) (1)


قَالَ ابْنُ شِهَابٍ :
( فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَقْرَبُهَازَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ)


قال النووي –رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث :

" فأخذ بهذا جماهير العلماء من السلف والخلف فقالوا: عدة المتوفى عنها بوضع الحمل، حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله انقضت عدتها وحلت في الحال للأزواج." ا.هـ

فائدة هامة جدا:
قول النووي السابق دليل على أن عدة المتوفى عنها زوجها تبدأبلحظة وفاة الزوج وليس بعد غسله ولا الصلاة عليه ولا دفنه فليُنتبه لهذا فإنه هام.

فـــــــــــــــــائدة:

** ورد في كتاب زاد الميعاد لابن القيم :

" وقد اضطرب الناس في حكمة عدة الوفاة وغيرها فقيل: هي لبراءة الرحم وأورد على هذا القول وجوه كثيرة منها: وجوبها قبل الدخول في الوفاة ومنها : أنها ثلاثة قروء وبراءة الرحم يكفي فيها حيضة كما في المستبرأة ومنها: وجوب ثلاثة أشهر في حق من يقطع ببراءة رحمها لصغرها ، أو كبرها.

ومن الناس من يقول هو تعبد لا يعقل معناه ، وهذا فاسد لوجهين.
أحدهما : أنه ليس في الشريعة حكم إلا وله حكمة وإن لم يعقلها كثير من الناس ، أو أكثرهم.

الثاني: أن العدد ليست من العبادات المحضة بل فيها من المصالح رعاية حق الزوجين والولد والناكح.

مسألة:
قال شيخنا- يقصد ابن تيمية -: والصواب أن يقال أما عدة الوفاة فهي حرم لانقضاء النكاح و رعاية لحق الزوج ، ولهذا تحد المتوفى عنها في عدة الوفاة رعاية لحق الزوج فجعلت العدة حريما لحق هذا العقد الذي له خطر وشأن فيحصل بهذه فصل بين نكاح الأول ونكاح الثاني ، ولا يتصل الناكحان ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عظم حقه حرم نساؤه بعده وبهذا اختص الرسول؛ لأن أزواجه في الدنيا هن أزواجه في الآخرة بخلاف غيره ، فإنه لو حرم على المرأة أن تتزوج بغير زوجها تضررت المتوفى عنها، وربما كان الثاني خيرا لها من الأول، ولكن لو تأيمت على أولاد الأول لكانت محمودة على ذلك مستحبا لها ...)أ.هـ

*- ونقلا من فصل : ( في أن الإحداد لا يجب على الأمة و لا أم الولد ) _ من كتاب زاد الميعاد:
وليس المقصود من الإحداد على الزوج الميت مجرد ما ذكرتم من طلب الاستعجال،فإن العدة فيه لم تكن لمجرد العلم ببراءة الرحم، ولهذا تجبُ قبل الدخول،و إنما هو من تعظيم هذا العقد وإظهار خطره وشرفه، وأنه عند الله بمكان،فجعلت العدة حريما له، وجعل الإحداد من تمام هذا المقصود وتأكده، ومزيد الإعتناء به. حتى جعلت الزوجة أولى بفعله على زوجها من أبيها و ابنها وأخيها و سائر أقاربها، وهذا من تعظيم هذا

ومن الناس من يقول هو تعبد لا يعقل معناه ، وهذا فاسد لوجهين.
أحدهما : أنه ليس في الشريعة حكم إلا وله حكمة وإن لم يعقلها كثير من الناس ، أو أكثرهم.
الثاني: أن العدد ليست من العبادات المحضة بل فيها من المصالح رعاية حق الزوجين والولد والناكح.....ا.هـ


---------------------------------------------------


(1)- صحيح مسلم بشرح النووي / ج10 / كتاب الطلاق / باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل / حديث رقم : 1484.





يتبــــع .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:38 PM   #4
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

**حكم إحداد المرأة على غير الزوج:



( عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) (1)


قال ابن حجر –رحمه الله-في تعليقه على هذا الحديث :
" قوله : ( على ميت ) استدل به لمن قال لا إحداد على امرأة المفقود لأنه لم تتحقق وفاته خلافا للمالكية.
قوله ( إلا على زوج ) أخذ من هذا الحصر أن لا يزاد على الثلاث في غير الزوج أبا كان أو غيره...
واستدل به على جواز الإحداد على غير الزوج من قريب ونحوه ثلاث ليال فما دونها وتحريمه فيما زاد عليها، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية، ولهذا تناولت أم حبيبة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما الطيب لتخرجا عن عهدة الإحداد، وصرحت كل منهما بأنها لمتتطيب لحاجة ؛ إشارة إلى أن آثار الحزن باقية عندها، لكنها لم يسعها إلا امتثال الأمر." ا.هـ بتصرف

وقال أيضا:
قوله في الترجمة : (على غير زوجها) يعم كل ميت غير الزوج سواء كان قريبا أو أجنبيا ودلالة الحديث له ظاهرة.ا.هـ (2)

- قال صاحب سبل السلام تعليقا على حديث (لا تحد امرأة..):
" تحريم إحداد المرأة فوق ثلاثة أيام على أي ميت من أب أو غيره وحوازه ثلاثا عليه." ا.هـ (3)

- قال الشيخ الألباني -رحمه الله-:
" قوله: (فوق ثلاث): ولكنها إذا لم تحد على غير زوجها إرضاءً للزوج وقضاء لوطره منها فهو أفضل لها ويرجى لها من وراء ذلك خير كثير كما وقع لأم سليم و زوجها أبي طلحة .... القصة."
ا.هـ (4)


----------------------------------------------


(1)- فتح الباري شرح صحيح البخاري / كتاب الطلاق /باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا. / حديث رقم 5024

(2)- كتاب الجنائز / باب : إحداد المرأة على غير زوجها

(3)- سبل السلام / ج3 / حديث رقم : 1040


(4)- أحكام الجنائز / مسألة (21)




يتبـع .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:39 PM   #5
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

ثالثا : المحظورات التي يجب على الحادة اجتنابها



يجب على الحاد اجتناب الكحل والطيب والثياب المصبوغة إلا ثوب عَصْب والخضاب والمعصفر من الثياب والمُمَشَّقَة و الحلي.


والأدلة على ذلك ما يلي:

* ( عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: قال لي النبي- صلى الله عليه وسلم:لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج فإنها لا تكتحل ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عَصْب). (1)

قال الشوكاني:
"- ثوب العَصْب: هو الثوب الذي صُبغَت خيوطه قبل أن تُنسج.
- المُمَشَّقّة: أي المصبوغة بالمُشْق وهو المَغْرَة." (2) انتهى.
- و ( المَغْرَة : هو الطين الأحمر يُصبغ به ) انتهى الوجيز.

** ومنها حديث أم سلمة – رضي الله عنها – مرفوعا:
( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل ) (3)

قال العظيم آبادي:
(لا تلبس المعصفر): أي المصبوغ بالعُصفر، بالضم .ا.ه (4)



-قال في لسان العرب / ج9:
العُصْفُر هذا الذي يصبغ به ، منه ريفي ومنه بري ، وكلاهما نبت بأرض العرب .
وقد عَصفرتُ الثوب فتعصفر ا.هـ .




______________________________ ________________

(1)- فتح الباري شرح صحيح البخاري / كتاب الطلاق/ /باب تلبس الحادة ثياب العصب/ رقم: 5028.

(2)- نيل الأوطار / ج6 / رقم : 2940.

(3)- الراوي: أم سلمة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 2304خلاصة حكم المحدث: صحيح.

(4)- عون المعبود / كتاب الطلاق / باب : فيما تجتنبه المعتدة في عدتها / ج4 / رقم: 2301.
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:40 PM   #6
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

الطـِّـــيب
قال ابن قدامة –رحمه الله –:
" فصل : وتجتنب الحادة ما يدعو إلى جماعها، ويرغب في النظر إليها،ويحسنها، وذلك أربعة أشياء، أحدها الطيب، ولا خلاف في تحريمه عند من أوجب الإحداد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
) لا تمس طيبا ، إلا عند أدنى طهرها ، إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار ( . متفق عليه
وروت زينب بنت أم سلمة ، قالت:
) دخلت على أم حبيبة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان ، فدعت بطيب فيه صفرة ، خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا). متفق عليه .
ولأن الطيب يحرك الشهوة، ويدعو إلى المباشرة. ولا يجوز لها استعمال الأدهان المطيبة، كدهن الورد والبنفسج والياسمين والبان، وما أشبهه، لأنه استعمال للطيب. فأما الأدهان بغير المطيب ، كالزيت والشيرج والسمن، فلا بأس به، لأنه ليس بطيب ".ا.هـ (1)
- جاء في الوسيط) والشَّيْرَجُ ): هو زيت السمسم .أ.هـقال النووي –رحمه الله-:
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَلَا تَمَسَّطَيِّبًا إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نَبْذَةً مِنْ قَسْطٍ أَوْ أَظْفَار)
النُّبْذَةُ بِضَمِّ النُّونِ الْقِطْعَةُ وَالشَّيْءُ الْيَسِيرُ، وَأَمَّا الْقسْطُ فَبِضَمِّ الْقَافِ وَيُقَالُ فِيهِ :
(كُسْتٌ) بِكَافٍ مَضْمُومَةٍ بَدَلَ الْقَافِ وَبِتَاءٍ بَدَلَ الطَّاءِ وَهُوَ وَالْأَظْفَارُ نَوْعَانِ مَعْرُوفَانِ مِنَ الْبَخُورِ وَلَيْسَا مِنْ مَقْصُودِ الطَّيِبِ رَخَّصَ فِيهِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ تَتْبَعُ بِهِأَثَرَ الدَّمِ لَا لِلتَّطَيُّبِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . ا.هـ (2)

قال ابن حزم -رحمه الله-:
" وتجتنب أيضا فرضا - الطيب كله فلا تقربه حاشا شيئا من قسط، أو إظفار عند طهرها فقط ." ا.هـ (3)


قال ابن القيم –رحمه الله :
" الحكم السادس في الخصال التي تجتنبها الحادة وهي التي دل عليها النص
دون الآراء والأقوال التي لا دليل عليها وهي أربعة:
أحدها : الطيب بقوله في الحديث الصحيح ( لا تمس طيبا )، ولا خلاف فيتحريمه عند من أوجب الإحداد، ولهذا لما خرجت أم حبيبة رضي الله عنها منإحدادها على أبيها أبي سفيان دعت بطيب فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم ذكرت الحديث، ويدخل في الطيب المسك والعنبر والكافور والند والغالية والزباد والذريرة والبخور والأدهان المطيبة كدهن البان والورد والبنفسج والياسمين والمياه المعتصرة من الأدهان الطيبة كماء الورد وماء القرنفل وماء زهر النارنج، فهذا كله طيب، ولا يدخل فيه الزيت، ولا الشيرج، ولا السمن، ولا تمنع من الأدهان بشيء من ذلك." ا.هـ (4)

جاء في لسان العرب:
الند / الغالية / الزباد / الذريرة : أنواع من الطيب .ا.هـ


-
______________________________ ________________

(1)- المغني / ج11 / كتاب : العدد / باب : الأمور التي يجب على المحدة اجتنابها تحت مسألة
رقم 6390
(2)- شرحه على صحيح مسلم / ج10/ كتاب: الطلاق/ باب: وجوب الإحداد في عدة الوفاة..
تحت حديث رقم: 938.
(3)- في المحلى /ج10/ كتاب العدد/ مسألة المعتدة من وفاة تجتنب الكحل/مسألة رقم: 1996.
(4)- زاد المعاد في هدي خير العباد / ج5 / في هديه صلى الله عليه وسلم في الأقضية والأنكحة والبيوع /ذكر أحكام الرسول صلى الله عليه وسلم في الطلاق / ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحداد المعتدة نفيا وإثباتا / فصل الخصال التي تجتنبها الحادة.



يتبـــــع .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:40 PM   #7
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

الثياب المصبوغة


قال الصنعاني –رحمه الله-
" المسألة السادسة: في قوله ثوبا مصبوغا دليل على النهي عن كل مصبوغ بأي لون إلا ما استثناه في الحديث
وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبوغة إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتخذ للزينة بل هو من لباس الحزن واختلف في الحرير فذهبت الشافعية في الأصح إلى المنع لها منه مطلقا مصبوغا أو غير مصبوغ.
قالوا: لأنه أبيح للنساء التزين به والحادة ممنوعة من التزين." انتهى (1)


قال الشوكاني –رحمه الله-:
" قال ابن المنذر‏:‏ أجمع العلماء أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبغة
إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتخذ للزينة بل هو من لباس الحزن‏.‏
وقال الإمام يحيى‏:‏ لها لبس البياض والسواد والأكهب وما بلي صبغه والخاتم والزقر والودع‏.
‏ وكره عروة العصب أيضاً وكره مالك غليظه.
قال النووي‏:‏ الأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقاً والحديث حجة عليهم‏.
وقال النووي‏:‏ ورخص أصحابنا ما لا يتزين به ولو كان مصبوغاً واختلف في الحرير فالأصح عند الشافعية
منعه مطلقاً مصبوغاً أو غير مصبوغ لأنه من ثياب الزينة وهي ممنوعة منها‏.‏
قال في البحر‏:‏ مسألة ويحرم من اللباس المصبوغ للزينة ولو بالمغرة والحرير وما في
منزلته لحسن صنعته والمطرز والمنقوش بالصبغ والحلي جميعاً‏.‏" انتهى (2)



قال القرطبي –رحمه الله –:
" الخامسة عشرة : قال ابن المنذر : ورخص كل من أحفظ عنه في لباس البياض،
قال القاضي عياض: ذهب الشافعي إلى أن كل صبغ كان زينة لا تمسه الحاد رقيقا كان أو غليظا.
ونحوه للقاضي عبد الوهاب قال: كل ما كان من الألوان تتزين به النساء لأزواجهن فلتمتنع منه الحاد.
ومنع بعض مشايخنا المتأخرين جيد البياض الذي يُتزين به..." ا.هـ (3)



قال ابن حجر –رحمه الله-:
" وقال ابن دقيق العيد : يؤخذ من مفهوم الحديث جواز ما ليس بمصبوغ وهي الثياب البيض،
ومنع بعض المالكية المرتفع منها الذي يتزين به..." انتهى (4)


قال ابن القيم -رحمه الله-:
" فقد دار كلام الإمام أحمد، والشافعي، وأبي حنيفة رحمهم الله
على أن الممنوع منه من الثياب ما كان من لباس الزينة من أي نوع كان،
وهذا هو الصواب قطعا، فإن المعنى الذي منعت من المعصفر والممشق لأجله مفهوم،
والنبي صلى الله عليه وسلم خصه بالذكر مع المصبوغ تنبيها على ما هو مثله وأولى بالمنع،
فإذا كان الأبيض والبرود المحبرة الرفيعة الغالية الأثمان مما يراد للزينة لارتفاعهما
وتناهي جودتهما كان أولى بالمنع من الثوب المصبوغ.
وكل من عقل عن الله ورسوله لم يسترب في ذلك." ا.هـ (5)


______________________________ _______

(1)- في سبل السلام/ج3/ باب: لا يحل للمحدة أن تلبس كل ما فيه أي زينة من ثياب أو حلي/ رقم: 1040.

(2)- في النيل / ج6 / باب: كا تجنب الحادة وما رُخص لها فيه / رقم: 2939.


(3)- الجامع لأحكام القرآن / تفسير آية :234 من سورة البقرة / مسألة رقم: 15.

(4)- فتح الباري شرح صحيح البخاري / كتاب الطلاق/ باب: القسط للحادة عند الطهر/ رقم: 5027.

(5)- زاد المعاد في هدي خير العباد / ج4/ فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في الأقضية والأنكحة والبيوع / ذكر أحكام الرسول صلى الله عليه وسلم في الطلاق / ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحداد المعتدة نفيا وإثباتا/فصل: لا تتزين المعتدة ولا تتطيب بشيء من الطيب.



يتبــــــع .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:41 PM   #8
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

الحُلــــــــــــي

قال ابن قدامة –رحمه الله –:
فيحرم عليها لبس الحلي كله، حتى الخاتم، في قول عامة أهل العلم،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ولا الحلي } ." انتهى.(1)

قال الإمام مالك -رحمه الله-:
" ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئا من الحلي خاتما ولا خلخالا ولا غير ذلك من الحلي " انتهى.( 2 )

-----------------------------------

(1)- المغني / ج11 / كتاب : العدد / باب : الأمور التي تجتنبها الحادة.

(2)- الموطأ / كتاب الطلاق / باب ما جاء في الإحداد.
مصدر الموضوع : إتحاف المُحِدَّة بشيء من فقه الإحداد والعدّة ...
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:43 PM   #9
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

رابعا : أين تعتد المحدّة ؟


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا :
( أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةٍ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَتْ فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ قُلْتِ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي قَالَتْ فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ ) (1)



**قال الشوكاني :
( وحديث فريعة لم يأتِ من خالفه بما ينتهض لمعارضته فالمتمسك به متعيّن ولا حجة في أقوال افراد الصحابة ) انتهى . (2)



** قال ابن القيم :
(... - وقالت طائفة ثانية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم : تعتد في منزلها التي توفي زوجها وهي فيه ، قال وكيع : حدثنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن سعيد بن المسيب ( أن عمر رد نسوة من ذي الحليفة حاجات ، أو معتمرات توفي عنهن أزواجهن )
- وقال عبد الرزاق : حدثنا ابن جريج ، أخبرنا حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : ( كان عمر وعثمان يرجعانهن حاجات ومعتمرات من الجحفة وذي الحليفة )
... وقال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم ، أخبرنا يحيى بن سعيد هو الأنصاري ( أن القاسم بن محمد و سالم بن عبد الله وسعيد بن المسيب قالوا في المتوفى عنها : لا تبرح حتى تنقضي عدتها )
وذكر أيضا ( عن ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء وجابر ، كلاهما قال في المتوفى عنها : لا تخرج )
وحجة هؤلاء حديث الفريعة بنت مالك ، وقد تلقاه عثمان بن عفان رضي الله عنه بالقبول ، وقضى به بمحضر المهاجرين والأنصار ، وتلقاه أهل المدينة والحجاز والشام والعراق ومصر بالقبول ، ولم يعلم أن أحدا منهم طعن فيه ، ولا في رواته ، وهذا مالك مع تحريه وتشدده في الرواية .
وقوله للسائل له عن رجل : أثقة هو ؟ فقال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي : قد أدخله في " موطئه " وبنى عليه مذهبه .
قالوا : ونحن لا ننكر النزاع بين السلف في المسألة ، ولكن السنة تفصل بين المتنازعين .
قال أبو عمر بن عبد البر : أما السنة فثابتة بحمد الله ، وأما الإجماع فمستغنى عنه مع السنة ؛ لأن الاختلاف إذا نزل في مسألة كانت الحجة في قول من وافقته السنة .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : ( أخذ المترخصون في المتوفى عنها بقول عائشة رضي الله عنها وأخذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر &. ( انتهى بتصرف ) (3).

&- يشير لأثر سالم أن ابن عمر قال : ( لا تخرج المتوفى عنها في عدتها من بيت زوجها ) .** قال ابن قدامة :
( ... يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به ، سواء كان مملوكا لزوجها ، أو بإجارة ، أو عارية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { قال لفريعة : امكثي في بيتك } . ولم تكن في بيت يملكه زوجها . وفي بعض ألفاظه : { اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك } وفي لفظ : { اعتدي حيث أتاك الخبر } فإن أتاها الخبر في غير مسكنها ، رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه .

وقال سعيد بن المسيب ، والنخعي : لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها ، اتباعا للفظ الخبر الذي رويناه . ولنا قوله عليه السلام { : امكثي في بيتك } واللفظ الآخر قضية في عين ، والمراد به هذا ، فإن قضايا الأعيان لا عموم لها ، ثم لا يمكن حمله على العموم ; فإنه لا يلزمها الاعتداد في السوق والطريق والبرية ، إذا أتاها الخبر وهي فيها .

فصل : فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك ، أو حولها صاحب المنزل لكونه عارية رجع فيها ، أو بإجارة انقضت مدتها ، أو منعها السكنى تعديا ، أو امتنع من إجارته ، أو طلب به أكثر من أجرة المثل ، أو لم تجد ما تكتري به ..) انتهى بتصرف . (4)



** قال صديق حسن خان :
( ... وقد ذهب إلى العمل بحديث فريعة جماعة من الصحابة فمن بعدهم وقد روى جواز الخروج للعذر عن جماعة من الصحابة فمن بعدهم ولم يأت من أجاز ذلك بحجة تصلح لمعارضة حديث فريعة وغاية ما هناك روايات عن بعض الصحابة وليست بحجة لا سيما إذا عارضت المرفوع وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن مجاهد مرسلا أن رجالا استشهدوا بأحد فقال نساؤهم يارسول الله إنا نستوحش في بيوتنا افنبيت عند إحدانا فأذن لهن أن يتحدثن عند إحداهن فإذا كان وقت النوم تأوى كل واحدة إلى بيتها وهذا مع إرساله لاتقوم به الحجة ) أ.هـ (5)

* و قد علق الشيخ الألباني في على هذه الفقرة فقال :
(... و بخاصة أن هناك آثارا أخرى عن ابن عمر وغيره مخالفة لها وموافقة للمرفوع رواها عبد الرزاق في المصنف (7/ 29- 26 ) وهذا المرفوع الآتي عن مجاهد – يشير إلى الحديث الذي أخرجه الشافعي وعبد الرزاق عن مجاهد مرسلا : [ أن رجالا استشهدوا بأحد فقال نساؤهم يا رسول الله إنا نستوحش في بيوتنا أفنبيت عند إحدانا ؟ فأذن لهن أن يتحدثن عند إحداهن ، فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة إلى بيتها ...]- وهذا مع إرساله فيه
عنعنة ابن جريج ، ومن المعلوم أن الآثار إذا اختلفت ، فالأخذ بما وافق منها الحديث المرفوع ولا سيما إذا جرى العمل عليها ، فقد قال ابن عبد البر في حديث فريعة : استعمله أكثر فقهاء الأمصار . ) انتهى بتصرف .(6)



---------------------------------------------

(1) - عون المعبود شرح سنن أبي داود - كِتَاب الطَّلَاقِ - بَاب فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ / حديث
2300

(2)- نيل الأوطار / ج6 / تحت حديث رقم : 29

(3)- زاد المعاد في هدي خير العباد / ج5 / كتاب : العدد / فصل : في ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتداد المتوفى عنها في منزلها الذي توفي زوجها وهي فيه

(4)- المغني / ج11 / كتاب : العدد / باب : ما لو خافت الحادة هدما أو غرقا

(5)- كتاب الدراري المضيئة شرح الدرر البهية/ باب العدة والإحداد

(6)- حاشية كتابه التعليقات الرضية / ج2 باب العدة والإحداد / ص: 299
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-12, 06:43 PM   #10
أمــــ هـــانـــئ
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 18-04-2009
المشاركات: 230
أمــــ هـــانـــئ is on a distinguished road
افتراضي

بعض المسائل المتفرقة


1- هل يجوز للمرأة المحدّة على زوجها أن تحج في العدة ؟

- قال ابن قدامة :

فصل ... : ولو كانت عليها حجة الإسلام ، فمات زوجها ، لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج ; لأن العدة في المنزل تفوت ، ولا بدل لها ، والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام .ا.هـ (1)


- وقد ورد في : مجموع فتاوى ابن تيمية » :

... وسئل رحمه الله تعالى عن امرأة عزمت على الحج هي وزوجها فمات زوجها في شعبان : فهل يجوز لها أن تحج ؟
فأجاب : ليس لها أن تسافر في العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة .ا.هـ (2)



- وسئل الشيخ العثيمين : السؤال: المرأة إذا مات زوجها, وكانت أول أيام العدة يجوز لها أن تحج أو تعتمر؟
الشيخ: لا يجوز لها أن تحج أو تعتمر.
السائل: لا يجوز؟!
الشيخ: لا يجوز؛ لأن الواجب على المرأة إذا مات زوجها أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:234]. ولا يحل لها تسافر للحج
ولا لغيره ...ا. هـ (3)




2- هل يجوز للمرأة المحدة على زوجها أن تخرج لصلاة العيد في العدة ؟

- قال الشوكاني :

قوله : ( لا يكون لها جلباب ) ... قال والحديث ما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها مالم تكن معتدة ... أ. هـ . (4)


- وبقول الشوكاني قال المباركفوري في كتابه :تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي » (5)


- وبذلك القول قال ابن دقيق العيد في كتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (6)





3- هل تصلي المعتدة صلاة العيد في بيتها ؟

قال الشيخ العثيمين- رحمه الله - :

(( قوله: «ويسنّ لمن فاتته أو بعضها قضاؤها على صفتها» السنّة عند الفقهاء: ما أثيب فاعلها، ولم يعاقب تاركها، فمن فاتته صلاة العيد سُنّ له أن يقضيها، وهذا لا ينافي قولنا: إن صلاة العيد فرض كفاية، لأن الفرض سقط بالصلاة الأولى. ............... والدليل على سنيّة القضاء قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» ، وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»

ولكن في هذا الاستدلال نظر؛ لأن المراد بالحديثين الفريضة، أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر.

ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أنها لا تقضى إذا فاتت، وأن من فاتته، فلا يسنّ له أن يقضيها؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.

فإن قال قائل: أليست الجمعة ذات اجتماع على وجه معين، ومع ذلك تقضى؟

فالجواب: الجمعة لا تقضى، وإنما يصلى فرض الوقت، وهو الظهر، وصلاة العيد أيضاً نقول: فات الاجتماع فلا تقضى، وليس لهذا الوقت فرض، ولا سنّة أيضاً.

فهي صلاة شُرعت على هذا الوجه، فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه صلاها، وإلا فلا.

وبناءً على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيَّض أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ، ولم يقل: ومن تخلف فليصلِّ في بيته.

فإذا قال قائل: لماذا لا نقضيها فإن كنا مصيبين فهذا هو المطلوب، وإن كنا غير مصيبين فإننا مجتهدون؟

فالجواب: نعم، الإنسان إذا اجتهد وفعل العبادة على اجتهاد فله أجر على اجتهاده وعلى فعله أيضاً، لكن إذا تبيّنت السنّة، فلا تمكن مخالفتها. )) انتهى بتصرف . (7)



---------------------------------------------------------------

(1)- المغني / ج11 / كتاب العدة


(2)- مجموع فتاوى ابن تيمية » /الفقه » باب : الاستبراء / مسألة: الجزء الرابع والثلاثون .


(3) - فتاوى الحرمين / رقم : 3


(4)- نيل الأوطار » كتاب العيدين » باب الخروج إلى العيد ماشيا والتكبير فيه وما جاء في خروج النساء / رقم : 1274


(5)- تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي » / أبواب العيدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم » باب : ما جاء في خروج النساء في العيدين / رقم : 539


(6)- إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام / ج2 / كتاب العدين / باب : خروج النساء إلى صلاة العدين / ص: 133


(7)- الشرح الممتع على زاد المستقنع/ المجلد الخامس/ باب صلاة العيدين




تم بفضل الله ومنه .
أمــــ هـــانـــئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موسوعة فقه القلوب - اكثر من رائعة - أم عبد الرحمن مصطفى مكتبة طالبة العلم المقروءة 3 23-01-14 01:48 PM


الساعة الآن 06:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .