|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-08-08, 02:36 PM | #1 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
* - تفريغ شرح حلية طالب العلم لفضيلة الشيخ ابن عثيمين - *
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بدأت الأخت أم الفوارس جزاها الله خيرابتفريغ حلية طالب العلم بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حلية طالب العلم للشيخ: بكر أبو زيد بشرح الشيخ: محمد بن صالح العثيمين رحمه الله المقدمة <<<< الشريط الأول من حلية طالب العلم الفصل الأول آداب الطالب في نفسه : ...يتبع الوجه الثاني ... نكمل إن شاء الله تفريغ بقية الأشرطة سائلين المولى عز وجل أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم |
12-08-08, 02:49 PM | #2 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
* الشريط الثاني --الوجه الأول *
بسم الله الرحمن الرحيم الشريط الثاني الْعِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتِيِّ الْمُتَعالي كَالسَّيْلِ حَرْبٌ لِلْمَكانِ الْعالي الشرح: داء الجبابرة وهو (الكبر) وقد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع تفسير وأبينه وأوضحه فقال: (الكبر بطر الحق، وغمط الناس). وبطر الحق: هو ردُّ الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وازدرائهم. وقوله: (إن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عُصى الله به) يريد فيما نعلم لأننا نعلم أن أول من عصى الله عزوجل هو الشيطان حين أمره الله تبارك وتعالى أن يسجد لآدم لكن منعه الكبرياء، أبى واستكبر وقال: "أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا" [ الإسراء: 611] وقال: "هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ" [ الإسراء: 62] وقال: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" [ الأعراف: 12] فقوله: (أول ذنب عُصى الله به) يعني باعتبار ما نعلم، وإلا فإن الله تعالى قال للملائكة :" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ" [ البقرة: 30] قال أهل العلم: إنما قال الملائكة ذلك لأنه كان على الأرض أمة من قبل آدم وبنيه، وكانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. ثم ذكر أمثلة، قال: (تطاولك على معلمك كبرياء) التطاول يكون باللسان ويكون أيضاً بالانفعال، قد يمشي مع معلمه وهو يتبختر، ويقول فعلت وفعلت، وكذلك أيضاً استكبارك عما يفيدك من علوم كبرياء، وهذا يقع أيضاً لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم يستكبر ولا يقبل. وقوله: (تقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان) نسأل الله العافية، هذا نوع من الكبر، ألاّ تعمل بالعلم. وقوله: ( العلم حرب للفتى المتعالي) يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يُدرك العلم، لأن العلم حرب له، (كالسيل حرب للمكان العالي)، صحيح؟ نعم، المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه. * * * المتن : فَالزَمْ – رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْماً أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقاماً يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ، وَعَنْ عَبْدِ الله بن الإِمام الْحُجَّة الرّاوِيَةِ في الْكُتُبِ السِّتَةِ بَكْرٍ بن عَبْدِ الله الْمُزْنّي- رَحِمَهُما الله تَعالى- قال: سَمِعْتُ إنْساناً يُحدِّث عَنْ أَبي، أَنَّهُ كانَ واقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقال: (لَوْلا أَنّي فيهمْ؛ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ)، خَرَّجَهُ الذَّهْبِيِّ، ثُمَّ قال: (قُلْتُ: كَذلِكَ يَنْبَغي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْري عَلى نَفْسِهِ وَيَهْضُمُها). الشرح: وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبداً، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى للإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام، في مقام عرفة الذي هو مقام تضرع إلى الله عزوجل ومقام استغفار، ويقول مثلاً: إن الله لم ييسر لي الوصول إلى هذا المكان إلا من أجل أن يغفر لي لأني أسأله المغفرة، والله تعالى يقول: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: 60] لكن تظهر هذه العبارات من السلف من باب التواضع وسوء الظن بالنفس لا بالله عزَّ وجل. * * * المتن : 6- الْقَناعَةُ وَالزَّهادَة: التَّحَلي بِالقَّناعَةِ وَالزَّهادَة، وَحَقيقَةُ الزّهُدْ: (الزُّهْد بِالحَرامِ، وَالابْتِعادِ عَنِ حِماه؛ بِالكَفِّ عَنِ الْمُشْتَبَهاتِ وَعَنِ التَّطَلُّعِ إِلى مافي أَيْدي النّاس" الشرح: التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم، يعني أن يقتنع بما اتاه الله عز وجل ولا يطلب أن يكون من الأغنياء والمترفين، لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجد يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين، فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ثم يثقل كاهله من الديون، وهذا خطا؛ لكن عليك بالقناعة فهي خير زاد للمسلم. قال: (وحقيقة الزهد...) كأنه أراد بالزهد هنا الورع، لأن هناك ورعاً وزهداً. والزهد أعلى مقاماً من الورع، لأن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، بينهما فرق. الفرق الذي بينهما: المرتبة التي ليس فيها ضرر وليس فيها نفع، فالوَرِع لا يتحاشاها، والزاهِد يتحاشاها ويتركها، لأنه لا يريد إلا ما ينفعه في الآخرة. * * * المتن : وَيُؤْثرُ عَنِ الإِمامِ الشّافِعّي- رَحِمَهُ الله تَعالى- : لَوْ أَوْصى إِنْسانٌ لأَعْقَلِ النّاسِ؛ صُرِفَ إِلى الزُّهادِ. الشرح: الله أكبر !! يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس،يُصرف لمن؟ إلى الزهاد، لأن الزهاد هم أعقل الناس، حيث تجنبوا مالا ينفعهم في الآخرة، وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاقه، لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العُرف، فإذا كان أعقل الناس في عرفنا الزهاد صُرف لهم ما أوصى به الزهاد، وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صُرف إليهم. * * * المتن : وعن محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى لما قيل له: ألا تصنف كتابا في الزهد؟ قال: “قد صنفت كتاباً في البيوع”(4). يعنى:”الزاهد من يتحرز عن الشبهات، والمكروهات، في التجارات، وكذلك في سائر المعاملات والحرف” ا هـ. شرح الشيخ : لما طلب منه ان يصنف في الزهد قال قد صنفت كتابا في البيوع لان من عرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال , فإن هذا هو الزاهد المتن : وعليه، فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه، بحيث يصون نفسه ومن يعول، ولا يرد مواطن الذلة والهون. وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطى المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله: “لقد جئت من البلاد – شنقيط – ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد، وهو (القناعة)، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية”. فرحمه الله تعالى رحمه واسعة آمين. شرح الشيخ : هذا كلام من الشيخ الشنقيطي , وأشباهه من أهل العلم , لا يريدون بذلك تزكية النفس , إنما يريدون نفع الخلق , وأن يقتدي الناس بهم , وأن يكونوا على هذا الطريق . لأننا نعلم هذا من أحوالهم أي من أحوال العلماء , فهم أبعد الناس عن ذلك . وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ أبو بكر من الزهاد . اذا رأيته لا تقول الا انه رجل من أهل البعث , حتى العباءة تجد انها عباءة عادية , ولا يهتم بهندام نفسه , رحمه الله تعالى المتن : 7"- التحلي برونق العلم: التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها. شرح الشيخ : إن حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، قد سبق الاشارة اليها وأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون أسوة صالحة في هذه الأمور , المتن : وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال: “كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم”. وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل: “حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان”. متماوت : أي ليس نشيطا في فعل الخير . طعان :أي ساب , يطعن الناس ويسب فيهم . رواهما الخطيب في ”الجامع”، وقال [1]: “يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصلة وفاحشة وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة” اهـ. شرح الشيخ : إن هذا من أحسن ما قيل في الآداب , آداب طالب العلم , أن يتجنب اللعب والعبث , الا ما جاء بالشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه , لأن ذلك يعينه على الجهاد في سبيل الله , وفي وقتنا الحاضر اللعب بالبنادق الصغيرة ,فهذا لا باس به والعبث هو ان يفعل فعلا لا داعي له , أو يقول قولا لا داعي له . كذلك التبذل في المجالس , بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، لا سيما عند عامة الناس , اما عند أصحابك وأقرانك فالأمر أهون , اما امام العامة فإياك ان تفتح باب الامتهان على نفسك فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس , فلا يهابونك ولا يهابون العلم الذي تأتي به . المتن : وقد قيل:”من أكثر من شيء، عرف به”. فتجنب هاتيك السقطات في مجالستك ومحادثتك. وبعض من يجهل يظن أن التبسط في هذا أريحية. وعن الأحنف بن قيس قال: “جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصافاً لفرجه وبطنه”.[2] شرح الشيخ : الله المستعان , صحيح , هذا يشغل عن طلب العلم , مثل ان يقول أكلت البارحة أكلا حتى ملئت البطن , وما أشبه ذلك , لا داعي له ,او يتكلم بما يتعلق بالنساء . اما اذا كان يتكلم بما يكون بينه وبين أهله , فذلك من أشر الناس منزلة عند الله يوم القيامة .... الرجل يكون مع أهله ثم يصبح يحدث الناس بما فعل , فإن هذا من أشر الناس منزلة عند الله عز وجل ,. سؤال : ما حكم كرة القدم ؟ كرة القدم لا بأس فيه , بشرط ان يكون اللباس ساترا لما يحرم النظر اليه , والا تلهي عن واجب , والا تشتمل على سب وشتم , والا تكون طول النهار , يلعب طول النهار ؟ فقط للترفيه عن نفسه , وكرة القدم لا شك أنها تنشط البدن وتقويه , وهذا مفيد لطالب العلم . سؤال : اذا قام طالب العلم يسأل شيخه وأومأ بيديه أو تحرك أكثر من اللازم, ما الحكم؟ اذا كان من عادته تحريك اليدين أثناء الحديث , يعني بعض الناس يتكلم بيديه أكثر مما يتكلم بلسانه , فلا بأس ان شاء الله .وإلا لا يجادل استاذه ويقول : لوكان كذا أو كذا , ويحرك يديه . المتن : وفي كتاب المحدث الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في القضاء: “ومن تزين بما ليس فيه، شانه الله”. وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله تعالى[3]. شرح الشيخ : يقول رحمه الله : المحدَّث : يريد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ان يك فيكم محدثون فعمر والمراد الملهم :الذي يلهمه الله عز وجل . وكأنه يُحدَّث بالوحي . وقد أشكل هذا على بعض العلماء , حيث قالوا ان هذا يقتضي أنه أثروا الصحابة, لانه قال : ان يك فيكم محدثون فعمر . لكن أجاب عن هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : بأن عمر إنما يتلقى الاصابة بواسطة , اما ابو بكر قيتلقاها بلا واسطة. وعلى هذا يكون أفضل من عمر , ومن رأى تصرف ابو بكر رضي الله عنه في مواطن الشدة , علم أنه أقرب الى الصواب من عمر . ففي كتاب الصلح , الذي وقع بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين قريش , وراجع عمر فيه رسول عليه الصلاة والسلام , وأجابه ,ثم راجع أبا بكر , فأجابه بما أجابه به رسول الله صلى الله عليه وسلم حرفا بحرف . وفي قتال أهل الردة , وكذلك في تنفير جيش أسامة بن زيد , وكذلك في تثبيت الناس يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , كل هذا يدل على ان ابا بكر أصوب رأيا من عمر . لكن الذي أظهر عمر رضي الله عنه , هو طول خلافته , وتفرغه لأمور المسلمين العامة والخاصة , فكان مشتهرا بذلك رضي الله عنه . ولهذا نحن نقول , أيهما أكثر رواية للحديث أبو هريرة أم أبو بكر ؟ طبعا أبو هريرة , هل يعني ذلك أن أبو هريرة أكثر تلقيا للحديث من ابو بكر ؟ لا , ابو بكر لم يحدث بما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام , والا فإن ابو بكر هو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم .,صيفا وشتاء , ليلا ونهارا , سفرا وإقامة . فهو أكثر الناس تلقيا عنه , وأعلم الناس بأحواله , لكن لم يتفرغ ليجلس الى الناس ليحدثهم بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم . الحاصل : بهذا يتبين لنا الجواب عن الحديث ) ان يك فيكم محدثون فعمر .) يقول في الكتاب الذي كتبه الى ابي موسى في القضاء : من تزين بما ليس فيه شانه الله . الله أكبر .. هذا حقيقة , اذا تزين الانسان بأنه طالب علم , وقام ي رب الجبلين نعضهما ببعض , وكلما أتته مسألة من مسائل العلم شمر عن أكمامه , وقال أنا صاحبها , هذا حلال وهذا وحرام وهذا فرض عين وهذا فرض كفاية ......وقام يفصل ويجمل , ولكن يأتيه طالب علم صغير , ويقول أخبرني عن كذا , فإذا بالله يفضحه ويبين انه ليس (.....) وكذلك من أظهر للناس انه عابد , فلا بد أن يكشفه الله عز وجل , أعاذنا الله وإياكم من الرياء . ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خانها تخفى على الناس تعلن . ومهما يكتم الناس فالله يعلمه , وسيفضح من لا يعمل من أجله . فهذه العبارة من عمر زن بها جميع أعمالك , " من تزين بما ليس فيه شانه الله " قال الشيخ بكر أبو زيد : وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله . شرحه ابن القيم في كتاب : اعلام الموطئين .شرحا طويل طويلا .., حتى تقول ان جميع الكتاب الذي هو ثلاث مجلدات كبار كان شرحا لهذا الحديث . وان لم يكن شرحا لالفاظه , لكنه شرح لألفاظه بوجه , وشرح لكلماته ومعانيه وحكمه . لذا اشار بكر ابو زيد الى ان ننظر الى هذا الشرح . يتبع >>>>
|
12-08-08, 02:50 PM | #3 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
المتن : 8" - تحل بالمروءة[4]: التحلي بـ (المروءة)، وما يحمل إليها، من مكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية، والحمية في غير جاهلية. شرح الشيخ : نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟ حتى الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا : هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يجلسه ويشينه . كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببا للثناء عليك , فهو مروءة , وان لم يكن من العبادات , وكل شئ بالعكس فهو خلاف المروءة . ثم ضرب لهذا مثلا ,فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخلق ؟ ان يكون الانسان دائما متسامحا , او ان يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة . ولهذا جاء دين الاسلام وسطا بين التسامح الذي تضيع فيه الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجور , فنضرب مثلا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر ان بني اسرائيل انقسمت شرائعهم بالقصاص الى قسمين : ** قسم أوجب القتل ,ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة . لان شريعة التوراة تميل الى الغلظة والشدة . ** وقسم آخر أوجب العفو ,وقالوا انه اذا قتل الانسان عمدا فالواجب على أولياؤه التسامح . هكذا نقرأ بالكتب المنقولة , والا فالأصل ان الشريعة هي شريعة التوراة , وقد قال الله تعالى : وقد كتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس . لكن هذا فيما ينقل عن بني اسرائيل نسمع هذا . فجاء دين الاسلام وسطا وجعل الخيار لأولياء المقتول , ان شاؤوا اقتصوا ولهم الحق , وان شاؤوا عفوا مجانا , وان شاؤوا أخذوا الدية . ومعلوم ان كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شئ . مثلا اذا كان هذا الرجل شريرا وأولياء المقتول يحبون المال وطلبوا الدية , نقول ان هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وانتم اذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خير منه . اقتلوا هذا القاتل . ولهذا اوجب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تبعا للامام مالك , اوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا اولياء المقتول , حتى لو كان له صغار , فانه يجب أن يقتل , لان قتل غيلة لا يمكن التخلص منه . الانسان في قتل الغيلة لا يمكن ان يدافع عن نفسه , والمغتال مفسد في الارض , ( وانما جزاء من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ....9 إذن , مكارم الاخلاق ما هي ؟؟؟ هي ان يتخلق الانسان بالاخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والاحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين . ** أيضا طلاقة الوجه : من مكارم الاخلاق , ولكن هل أطلق وجهي لأي انسان حتى لو كان من أجرم المجرمين ؟؟ طبعا على حسب الحال , اطلق الوجه في ستة من تسعة : أي ثلثين الى ثلث . لتكن سيمتك طلاقة الوجه , هذه أحسن شئ , تجذب الناس الى نفسك , ويحبوك , ويفضوا اليك ما يستطيعون من أسرارهم . لكن اذا كنت عبوسا , تعض على شفتك السفلى , فإن الناس يهابونك , ولا يستطيعون التكلم معك . لكن اذا اقتضت الحال الى ان لا تطلق الوجه , فافعل . ولهذا لا يلام الانسان على العبوسة ذم مطلقا , ولا على اطلاق الوجه مدحا مطلقا . ** افشاء السلام : أي نشره وإدخاله على كل من يستحق ان يسلم عليه , على كل مسلم وان كان عاصيا , او زانيا او شاربا للخمر او مرابيا ....., فإنه مسلم . لقول النبي عليه الصلاة والسلام : لا يحل لمؤمن ان يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث ........وخيرهما الذي يبدأ بالسلام . فإن فعل المسلم منكرا ,ولاسيما ان يكون منكرا عظيما يخشى منه ان يتفكك المجتمع الاسلامي , فهذا واجب هجره ان نفع, وانما أقول لقصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف في غزوة تبوك , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهجره , فهجره الناس وصاروا لا يتكلمون معه , حتى انه ذات يوم تسور حديقة ابي قتادة رضي الله عنه , وهو ابن عمه وأحب الناس اليه , فسلم على ابي قتادة فلم يرد عليه السلام , سلم ثانية فلم يرد عليه , سلم ثالثة فلم يرد عليه , فقال : أنشدك الله , هل تعلم اني احب ظهر رسولك , ( يعني كيف تهجرني وان احب الله ورسوله ) ألم تعلم ؟؟؟... فلم يرد عليه . قال : الله ورسوله أعلم . لان النبي عليه الصلاة والسلام أمره بذلك , ولو أمرهم أن يفعلوا اكبر من ذلك لفعلوا . تصوروا يا إخوان انه يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ويلقي عليه السلام فيقول : لا أدري أحرك شفتيه برد السلام أو لا . الا أن الرسول الكريم يحب كعبا , لانه اذا قام يصلي فان الرسول ينظر اليه . فهل هذا الهجر الذي وقع من الصحابة لكعب بن مالك أثر أم لا ؟ نعم أثر ... رجوعا عظيما الى الله عز وجل , حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم , وظنوا ان لا ملجأ من الله الا اليه , وظنوا أي أيقنوا , لجؤوا الى الله , ففرج عنهم . فهذا الهجر اثر تأثيرا عظيما , حصل فيه مصلحة عظيمة , تتلى قصتهم في كتاب الله عز وجل , يقرؤها المسلمون كلهم في صلواتهم وخلواتهم . وفيها ايضا محنة عظيمة لكعب , جاءهم كتاب من الملك غسان , قال له : انه بلغنا أن صاحبك قد قلاك , فالحق بنا نواسك , ( يعني تعال الينا نجعلك مثلنا ) (وكأنه يشير الى ان يجعله ملك ) فماذا فعل الصحابي كعب ؟؟؟ انظر الى هذه الفتنة العظيمة , ذهب بالورقة فسجَّر بها التنور , يعني أحرقها , كراهة لها ولما تضمنته , ولئلا تغلبه نفسه بالمستقبل حتى يجيب لهذا الطلب . <<<<<<يتبع الوجه الثاني . [1] -”الجامع”(1/156). [2] -”سير أعلام النبلاء”(4/94). [3] -”إعلام الموقعين". (2/161-162). [4] - فيها مؤلفات مفردة، انظر:”معجم الموضوعات المطروقة”(ص392). |
12-08-08, 05:46 PM | #4 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
* , الشريط الثاني -- الوجه الثاني , *
بسم الله الرحمن الرحيم
وهذه لا شك انها محنة عظيمة , حصلت من أجل هذه القصة . الحاصل ان إفشاء السلام الاصل فيه انه عام , ولكل أحد من المسلمين , الا من جاهر بمعصية , وكان من المصلحة ان يُهجر فيُهجر . أما غير المسلمين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام . فيحرم علينا ان نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم أن نبدؤهم بالسلام . أما إن سلموا نرد عليهم , لقول الله تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها . فإذا قالوا : السلام عليكم , فنقول :وعليكم لان النبي وضح لنا بأنهم يقولون : السام عليكم , لذلك نحن نرد عليهم بقولنا وعليكم . كما جاء مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر : قال إن أهل الكتاب يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا : وعليكم . طيب ما يستثنى من ذلك شئ آخر ؟؟ أقصد الطلبة بعضهم مع بعض . يعني الطالب لا يفشي السلام مع إخوانه وزملائه , لأن القلوب سليمة , والسلام تحية وبشاشة , وتقبل وقبول , يعني يغني ما في القلوب عن التعبير , فلا حاجة لذلك . ما تقولون في هذا الاستثناء ؟ نعم هذا استثناء باطل , الطلبة فيما بينهم أحق الناس بإفشاء السلام . أيضا عند بعض الناس : يستثنى من إفشاء السلام من خالفك في المنهج ووافقك في الهدف الآن يوجد زمر من الناس ينتمي الى جماعة دون أخرى , لكن لا يتأنى بعضهم ان يسلم على بعض , بل بالعكس , هم متناحرون , والعياذ بالله , بالألسن بل وربما بالسوف , والله أعلم يسبوا بعضهم بعضا وينكروا بعضهم بعض , وبعضهم يمضي أوقاتا طويلة في مجالس عديدة للقدح بالطائفة الأخرى , مع أن الهدف واحد , كل منهم يريد الوصول الى تحقيق العبادة والى الإقبال على الله , وبما يكون هناك من اهل البدع المنصرفين بمخالفة السنة , من لا يتكلمون عليهم , وهذه محنة لمسناها في بعض الزمر , التي كل منها تنحاز الى منهج معين ,فتجد بعضهم يغلِّب بعضا , وهذه محنة . فمثل هذه الزمر يجب ان يسلموا على بعضهم البعض , وان ينصحوا بعضهم بعضا , وان يبين كل واحد لأخيه فيما هو مخطئ فيه , لتأتلف القلوب . اما ان تضرب القلوب بعضها ببعض من أجل اختلاف في المنهج , مع اتحاد في الهدف , فهذا أمر عظيم . المتن : وعليه فتنكب (خوارم المروءة)، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب، والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب. شرح الشيخ : لما ذكر انه على طالب العلم ان يتحلى بالمروءة ,قال تنكَّب خوارم المروءة :أي أبعد عن خورام المروءة , في طبع او قول او عمل : أي حاول أن تكون طباعك ملائمة للموضوع , ومن المعلوم أنه ليس التكحل في العينين كالكحل ,وليس التطبع كالطبع , لكن الانسان مع ممارسة الشئ ربما يكون الكسب غريزة , والتطبع طبيعة , والا لو حاول الانسان ان يظهر من الاخلاق ما ليس فيه وهو ليس كذلك فإنه سيجد صعوبة , لكن مع التمرن تحسن الحال . وهذا مُجرب , فقد سمعنا عن بعض الناس الذي كان بعيدا عن العلم وله أخلاق سيئة , ولما منَّ الله عليه بالهداية وطلب العلم صات أخلاقه طيبة , لأنه مرن نفسه على هذه الأخلاق حتى صارت كأنها من طباعه وغرائزه . قوله من حرفة مهينة , او خلة رديئة : الخلة هي الخصلة , والحرفة هي كل ما يحترف به الانسان من عمل . ثم ضرب لذلك أمثلة بقوله كالعجب , أن يعجب الانسان بنفسه , فإذا استنبط فائدة قال : ماشاء الله أنا استنبطت هذه وما احد استنبطها غيري , ثم أٌعجب بنفسه , ورأى نفسه كبيرا وانتفخ . أما الرياء أن يرائي الناس ويتكلم بالعلوم أمامهم حتى يروا انه عالم فيقال : هذا عالم . البطر هو رد الحق , وهذه تحصل في المجادلات والتعصب لرأي من الآراء , او لمذهب من المذاهب , تجده يجادل ما يسمع ويرد الحق لأنه خلاف ما يقول . الخيلاء هي نتيجة العجب , يظهر نفسه بمظهر العالم الواسع العلم , ومن ذلك أن يكون للعلماء في بلد ما زيُّ خاص بهم ؟ فيأتي المبتدئ ويلبس لباسهم ليقال أنه من كبار العلماء , هذا من الخيلاء ايضا احتقار الآخرين , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكبر بطر الحق وغمط الناس . وأيضا غشيان مواطن الكبر . رحم الله امرء كف الغيبة عن نفسه , والرسول صلى الله عليه وسلم أطهر الخلق , قال للرجلين الأنصاريين وهو مع زوجه صفية رضي الله عنها , قال لهما : انها صفية . هذا رسول الله فكيف بغيره . الحاصل لا تثق بنفسك وتقول ان الناس لن يظنوا بي شيئا , فأنت وإن كنت عند الناس بهذه المثابة , لكن الشيطان يلقي في القلوب الشر والظن , فيتهموك مما أنت منه برئ , فتجنب مواطن الريب حتى تسلم من النميمة . والأنفة غير الكبرياء ,يعني ان يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب طاعته عند الناس لكن بدون كبرياء العزة غير الجبروت : أن يكون عزيز النفس , قويا لكن من غير جبروت , بمعنى أن لا يذل أمام خصمه , عند مناظرة أو غيرها , بل يتصور أنه غالب , لكن من غير أن يؤدي ذلك الى الجبروت , ويصير خلقا ذميما . عكس ذلك من كان ذليلا حتى لو كان عنده علم لا يستطيع ان يناظر او يجادل , فتجده يُهزم حتى في مواطن الحق التي أصاب فيها . الشهامة غير العصبية : يكون الانسان شهما لكن من غير عصبية , لا يقول انا من القبيلة الفلانية ولي شهامة ,, انا من تميم او انا من قريش او كذا او كذا .... الحمية غير الجاهلية : ان يكون انسان عنده حمية وغيرة , لكن في الحق لا في الجاهلية . المتن : 9" - التمتع بخصال الرجولة: تمتع بخصال الرجولة، من الشجاعة، وشدة البأس في الحق، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال. وعليه، فاحذر نواقضها، من ضعف الجأش، وقلة الصبر، وضعف المكارم، فإنها تهضم العلم، وتقطع اللسان عن قوله الحق، وتأخذ بناصيته إلى خصومة في حالة تلفح بسمومها في وجوه الصالحين من عباده. شرح الشيخ: هذا تكميل للأول لأن التمتع بخصال الرجولة من المروءة بلا شك , اذا أنزل نفسه منزلة الرجال الذين هم رجال بمعنى الكلمة , فإنه سوف يتمتع بما ذكره الشيخ , الشجاعة وشدة البأس في الحق , ، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال.اي حتى لا يسبقك أحد على هذه الخصال . فالشجاعة والإقدام في محل الإقدام , ولزم أن يسبق ذلك الحنكة والتفكير ولهذا قال التنبي : الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا بنفس الكرة بلغت من الياء كل أماني فلابد من رأي , لأن الاقدام من غير رأي تهور , وتكون نتيجته عكس ما يريده . كذلك شدة البأس في الحق ,بحاجة ان يكون فيه صادق وصابر على ما يحصل من أذى . مكارم الأخلاق سبق الكلام عليها وانها تشمل كل خلق كريم يحمد الانسان عليه , البذل في سبيل المعروف يشمل بذل المال والجاه والعلم , وكل مايبذل للخير في سبيل المعروف . وكل مايبذل في سبيل المنكر فهو منكر , والبذل فيما هو ليس معروف ولا منكر فهو إضاعة الوقت أو من إضاعة المال . يتبع >>>>> |
12-08-08, 05:51 PM | #5 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
المتن : 10" - هجر الترفه: لا تسترسل في (التنعم والرفاهية)، فإن ”البذاذة من الإيمان”[1]، وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه: “وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا 000”[2]. شرح الشيخ : يقول لا تسترسل في التنعم والرفاهية ... وهذه نصيحة تقال لطالب العلم ولغيره , لان الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم , فقد كان ينهى عن كثرة الإبذاء ويأمر بالاحتفاء أحيانا, والانسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور ,لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ومثال ذلك : ان النبي صلى الله عليه وسلك كان يأمر بالاحتفاء أحيانا , بعض الناس لا يحتفون , دائما عليه جورب وخف أو نعل , هذا الرجل لو عرض له عرض ٌ ما , وقيل له تمشي 500 متر بدون تنعل , لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة , وربما تدمى قدمه من مماس الأرض , لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وترك الترفه دائما , لحصل له خير كثير . ثم إن البدن إذا لم يعتاد على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة , فتجده يتألم من أي شئ من ذلك , فمثلا تجد الآن أيدي العمال أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم , لأنها اعتادت على ذلك وكان العمال فيما سبق يتعاملون مع الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها ,وربما لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا . فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك ضرر عليه كبير . قوله : " البذاذة من الإيمان " ما هي البذاذة ؟؟؟ البذاذة : عدم التنعم والترفه , وهي ليست البذاءة , هناك فرق بينهما . البذاءة صفة غير محمودة , أما البذاذة فهي صفة محمودة . يقول : المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه: “وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا 000”[3]. هذه الجمله تحذيرية , العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية .فإن وردت في مغرور فهي إغراء , وإن وردت في محذور فهي تحذير . فلو قلت لشخص : الأسد الأسد , هذا تحذير . وإن قلت : الغزال الغزا ل, هذا إغراء . أما ( إيَّا ) فهي للتحذير . قال أبو مالك : إياك والشر ونحوه , نصب بما استجار وجر ومعنى إياكم : أحذركم , والتنعم : الواو للعطف , وقيل للمعية , والمعنى : أحذركم أن تكونوا مع التنعم ,باللباس أو البدن , والمراد بذلك كثرته . لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه , من الأمور المحمودة بلا شك . ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي , هو مذموم ., أما قوله زي العجم ... ما هو زي العجم ؟؟؟ هو الشكل . سواء كان باللحية أو شعر الرأس أو اللباس ...فإننا منهون عن زي العجم , والمراد بالعجم كل ما سوى العرب , لكن المسلم من العجم التحق بالأعرابي حكما , لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا , صلى الله عليه وسلم . تمعددوا أي كأنه يقول اتركوا زي العجم وعليكم زي العرب . اخشوشنوا : هو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم . وكل هذا وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه , لو أن الناس عملوا بها , سواء طلبة العلم أو غيرهم , لكان في هذا خير كثير . لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش زكثرة المال , صار الأمر بالعكس , التنعم موجود ولا يعجب الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا ... ولهذا كثرت الأمراض التي تترتب على عدم الحركة , كالسمنة والضغط وضيق التنفس , غيرها تجد الشاب اذا صعد جبلا لا ينتصف الجبل إلا وقد انقطع نفسه , وانت تكون مستريح لأنك متعود على ذلك وهو لا مع أنه شاب , كذلك الأمر : زي العجم موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها , وقد أتعبت النساء رجالها تجدها تأتي الصباح بلباس نظيف ساتر , ثم تنزل آخر النهار الى السوق فإذا بموضة جديدة , تجدها تريد ان تشتريه مع أنه أبلى وأسوأ من الأول , لكن هذا جديد تريد شراؤه , خصوصا من منَّ الله عليه بالمال , فلا يهمها تشتر ما تريد , وهذا غلط . كذلك المجلات التي كثرت بين أيدي النساء تسمى البردة , تأخذها وتنظر ما فيها حتى ولو كان لا يتناسب مع اللباس الشرعي , لكنه جديد ؟ نسأل الله السلامة والهداية . المتن : وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟! فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إن كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من: الرصانة والتعقل. أو التمشيخ والرهبنة.أو التصابي وحب الظهور. فخذ مم اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق. وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه[4]: “أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب”. أي: ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق. والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض[5]. فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن. وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في ”الجامع” للخطيب[6]. ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس[7]، والله أعلم. شرح الشيخ : هو لما ذكر , وفقه الله , هجر الترفه , أطنب في ذكر اللباس , لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن . ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر , فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر, تزدري باللباس ان يكون على غير هذا المنظر . إما بالكيفية أو باللون أو بالخياطة أو غير ذلك , والثاني لا ترفه به رأسا ولا ترى بلباسه بأسا , لأن لكل قالب ما يناسبه . مثلا لبس العقال : في الأصل لا بأس فيه , وبعضهم يقول أنه العمامة العصرية , وعمامة الرسول عليه الصلاة والسلام لفافة تطوى على الرأس , لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك , عمامة ميسرة , ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون ( العقل ) بيضاء لتكون كالعمامة تماما , وهذه العقل لا يلبسها كل الناس على حد سواء , مثلا يمر بك رجلان كلاهما يلبسان العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به , لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما لا يلبسه مثله ولا تهتم به . وايضا مثلا مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون والآخر عالم أيضا عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء فيه البنطال ,تجد نفسك تزدري الثاني ولا تزدري الأول . المهم أن الشيخ وفقه الله , يقول أن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه , حتى وإن كانت مباحة , فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس , كالتأنق في لبس الغترة وأجعلها مرزاب لما مرزابين أو ثلاثة .. لا تهتم لذلك , ولكن أيضا لا تكون بالعكس , لا تهتم بنفسك ولا بلباسك , وقد سبق أن التجمل باللباس مما يحبه الله عز وجل , وهذا عمر رضي الله عنه يقول : أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب . لأنه جما ل, وقول الشيخ بكر أبو زيد , وفقه الله , : ، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق لأن كل انسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس , كما يزنه بالنسبة لحكاته وكلامه وأقواله , وخفته ورزانته . والناس مجبولون على التشبه بعضهم ببعض ,ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتطايرون عليه . ثم حذر من لباس التصابي , وهو أن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان , من رقيق الثياب وما أشبه ذلك . أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه , ما هو حكمه ؟ التحريم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم . لكن ما هو اللباس الافرنجي ؟؟ هو اللباس المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم , وإذا رآه الرائي قال إن لابسه من الإفرنج , وأما ما كان شائعا بين الناس , من الإفرنج وغيرهم , فهذا لا يكون من التشبه , لكن من جهة أخرى قد يحرم كأن يكون حريرا بالنسبة للرجال , أو قصيرا بالنسبة للنساء وما أشبه ذلك , ولما خاف الشيخ بكر ان يذهب الذهن بعيدا قال : وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه كما بفعله بعض الناس , إظهارا للزهد .تجد ثوبه مشق ومتسخ لا يهتم به , يقول أنا مآلي للتراب والأرض تأكل البدن وتوسخ البدن , ... لا .. الانسان يجب ان يعتني بنفسه ولا يأتي بهزءا في حقه , رحم الله امرئ كف الغيبة عن نفسه , انتهى الشريط الثاني [1] - كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، راجع له:”السلسة الصحيحة”(رقم 341) و”تعظيم قدر الصلاة”(رقم 484) لابن نصر المروزي.
[2] - “مسند على بن الجعد”(1 / 517) (رقم 1030)، وعنه”الفروسية” لابن القيم (ص9)، و”أدب الإملاء والاستملاء”(ص118). وأصله في الصحيحين وغيرهما. [3] - “مسند على بن الجعد”(1 / 517) (رقم 1030)، وعنه”الفروسية” لابن القيم (ص9)، و”أدب الإملاء والاستملاء”(ص118). وأصله في الصحيحين وغيرهما. [4] -”الإحكام” للقرافي (ص 271). [5] -”مجموع الفتاوى”(28 / 150). [6] - “الجامع”(1 / 153 – 155). [7] - “أدب الإملاء والاستملاء”(ص116 – 119)،”اقتضاء الصراط المستقيم”،”مجموع الفتاوى”(21 /539)، وانظر ”الروح” لابن القيم (ص40). |
12-08-08, 05:53 PM | #6 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
" , الشريط الثالث -- الوجه الأول , "
بسم الله الرحمن الرحيم المتن : 11" - الإعراض عن مجالس اللغو: لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر، ويهتكون أستار الأدب، متغابياً عن ذلك، فإن فعلت ذلك، فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة. شرح الشيخ : اللغو نوعان : لغو ليس فيه فائدة ولا مضرة , ولغو فيه مضرة . أما الأول فلا ينبغي للعاقل أن يذهب وقته فيه , لأنه خسارة . وأما الثاني فإنه يحرم عليه أن يمضي وقته فيه لأنه منكر , والمؤلف حمل اللغو على المعنى الثاني لا شك أن المجالس التي تجتمع على المحرم لا ينبغي للانسان أن يجلس فيها لأن الله تعالى يقول : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم فمن جلس مجلس منكر وجب عليه أن ينهى عن هذا المنكر , فإن استقامت الحال فهذا المطلوب , وإن لم تستقم وأصروا على المنكر فالواجب أن سنصرف . خلافا لما يتوهمه البعض بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : فإن لم يستطع فبقلبه وأنا كاره لهذا المنكر بقلبي , وهو جالس معهم , فيقال له : لو كنت كاره لهذا حقا ما جلست معهم لأن الانسان لا يمكن أن يجلس على مكروه إلا إذا كان مكرها , أما ان تجلس باختيارك في شئ تكرهه , فان كراهتك له ليس بصدق . أما قوله : ، فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة. أما كونه جناية على نفسه فالأمر ظاهر , يعني أن طالب العلم يجلس مجالس اللهو والمنكر , فإن جنايته على نفسه واضحة . لكن كيف تكون جناية على العلم وأهله ؟ لأن الناس يقولون هؤلاء طلبة العلم , هؤلاء العلماء , هذا نتيجة العلم , وما أشبه ذلك , فيكون قد جنى على نفسه وعلى غيره . المتن : 12" - الإعراض عن الهيشات: التصون من اللغط والهيشات، فإن الغلط تحت اللغط ، وهذا ينافي أدب الطلب. شرح الشيخ : الهيشات : أي هيشات الأسواق , لأنها تشتمل على اللغط والسب والشتم . وبعض طلبة العلم يقول أنا أدخل الأسواق من أجل أن أرى ما يفعل الناس وما يكون بينهم , فنقول هناك فرق بين الاختبار والممارسة , يعني لو ذكر أن في السوق الفلاني كذا وكذا , فهنا لا حرج عليك أن تذهب وتختبر بنفسك . لكن لو كان جلوسك في هذا السوق مستمرا , كل عصر تروح للسوق , لكان هذا خطأ بالنسبة لك لأنه إهانة لك ولطلبة العلم عموما وللعلم الشرعي أيضا المتن : ومن لطيف ما يستحضر هنا ما ذكره صاحب ”الوسيط في أدباء شنقيط” وعنه في ”معجم المعاجم”: “أنه وقع نزاع بين قبيلتين، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح، فتراضوا بحكم الشرع، وحكموا عالماً، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قتلوا من القبيلة الأخرى، فقال الشيخ باب بن أحمد: مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي: إن هذا لا يوجد في كتاب. فقال: بل لم يخل منه كتاب. فقال القاضي: هذا ”القاموس” يعنى أنه يدخل في عموم كتاب – فتناول صاحب الترجمة ”القاموس” وأول ما وقع نظره عليه: ”والهيشة: الفتنة، وأم حبين[1]، وليس في الهيشات قود”، أي: في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله، فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج”أ هـ ملخصاً. شرح الشيخ : هؤلاء النقباء جرى بينهم فتنة فقتل من إحدى القبيلتين أربعة رجال فحضروا الى القاضي , والشيخ اسمه باب بن أحمد فقال : مثل هذا لا قصاص فيه , قال القاضي : إن هذا لا يوجد في كتاب . فأين الدليل على أنه لا قصاص فيه ؟ لا يوجد في أي كتاب أن لا قصاص في ذلك , فقال الشيخ : بل لم يخل منه كتاب , فقال القاضي : هذا القاموس , لأن الشيخ قال :منه كتاب . وكلمة كتاب عامة تشمل كل الكتب , لذلك قال القاضي : هذا القاموس . والقاضي الآن واثق من نفسه بأن الحكم غير موجود هنا لأنه ليس كتاب فقه وإنما كتاب لغة , فتناول صاحب الترجمة ”القاموس” وأول ما وقع نظره عليه: ”والهيشة: الفتنة، وأم حبين[2]، وليس في الهيشات قود”، وقصتهم فتنة وليس في الفتنة قود : أي قصاص , فأخذ الحكم من هنا , وكان حكم القاضي بأن يقتل من القبيلة الأخرى أربعة خطأ , فتعجب الناس طبعا الهيشة : الفتنة , وأم حبين : نوع من الحشرات تشبه الخنفسة , المتن : 13" - التحلي بالرفق: التزم الرفق في القول، مجتنباً الكلمة الجافية، فإن الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة. وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة. شرح الشيخ : هذا من أهم أخلاق طلبة العلم , سواء طالبا أو معلما , كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله . وما كان الرفق في شئ إلا زانه , وما نزع من شئ إلا شانه . لكن لا بد أن يكون الانسان رفيقا من غير ضعف , أما أن يكون رفيقا ممتهن ولا يؤخذ بقوله ولا يهتم به , فهذا خلاف الحزم , فكن رفيقا في مواطن الرفق وعنيفا في مواطن الحزم . ولا أحد ارحم بالخلق من الله عز وجل , ومع هذا يقول : "" الزاني و الزانية اجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ."" لكل مقام مقال ,لو أن الانسان عامل ابنه بالرفق في كل شي حتى في مواضع الحزم , ما استطاع أن يربيه , مثلا الابن لو كسر الزجاج وشق الثياب و... ثم جاء الأب ووجده على هذه الحال فقال له : يا ولدي لا يصلح هذا وتكلم معه ... هل هذا يكفي ؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر . لكن إذا دار الأمر بين الرفق والعنف , فما الأفضل ؟ طبعا الرفق , فإن تعين العنف صار هو الحكمة . قوله : فإن الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة أقول :الكلام اللين يغلب الحق البين , يعني تليين الكلام للخصم ولو كان الحق معه ,فإنه يتنازل عن حقه . وليس معناه أن الكلام اللين يبطل الحق , يغلب الحق البين يعني فيما جاء به الخصم , لأنك إذا ألنت له الكلام لانَ لك , وهذا مُشاهد , إذا نازعت أحدا فإنه سيشتد عليك ويزيد وإذا ألنت له الكلام فإنه يقرب منك , ولهذا : قال الله تعالى لموسى وهارون : فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى المتن : 14" - التأمل: التحلي بالتأمل، فإن من تأمل أدرك، وقيل:”تأمل تدرك”. وعليه، فتأمل عند التكلم: بماذا تتكلم؟ وما هي عائدته؟ وتحرَّز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق، وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد، وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين؟ وهكذا. شرح الشيخ : وأيضا تأمل عند الجواب , كيف يكون جوابك : هل هو واضح ؟ ليس فيه لبس أو مبهم . وهل هو مفصل أو مجمل .. حسب ما تقضيه الحال . وقوله التأمل : يريد بذلك : التأني , وأن لا تتكلم حتى تعرف ما ذا تتكلم وماذا تكون النتيجة , ولهذا لا تضع قدمك إلا حيث تعرف السلامة , يعني عندما تخطو لا تكمل حتى تعرف أين تضع قدمك . فالتأمل هذا مهم , لا تتعجل , إلا إذا دعت الحاجة الى ذلك , يقول الشاعر الناظم : قد يدرك المتأني بعض حاجته .. وقد يكون مع المستعجل الزلل . وربما فات قوم جلُّ أمرهم ..مع التأني وكان الرأي لو عجبوا . فإذا دار الأمر بين أن أتأنى وأصبر وبين أن أتعجل وأقدم , فالأول أقدم أولا , لأن القولة أو الفعلة إذا خرجت منك لا يمكن ردها لكن إذا لم تقل أو تفعل فأنت حر . فتأمل بماذا تتكلم به , وما هي فائدته ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت . تحرز في العبارة والأداء وهذا أيضا من أهم ما يكون , يعني لا تطلق العبارة على وجه تؤخذ عليه , بل تحرز ,إما بقيود تضيفها الى الإطلاق وإما بتخصيص تضيفه الى العموم , وإما بشرط وما أشبه ذلك ولكن نقول دون تعنت أو تحذلق أي دون أن تشق على نفسك , او تدعي انك حاذق , يقول وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد لعله أراد إذا كنت تذاكر غيرك وتناظره في شئ , فخذ القالب المناسب للمعنى المراد , وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين؟ وهكذا. وكذلك أيضا في الجواب وهو اهم لأن السؤال يسهل على المسؤول أن يستفهم من السائل , لكن الجواب إذا وقع مجملا فإنه يبقى عند الناس على تفاسير متعددة , كل انسان يفسر هذا الكلام بما يريد ويناسبه . المتن : 15" - الثبات والتثبت: تحل بالثبات والتثبت، لا سيما في الملمات والمهمات، ومنه: الصبر والثبات في التلقي، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ، فإن ”من ثبت نبت”. شرح الشيخ : اهم ما يكون من الآداب هو التثبت , التثبت فيما ينقل من أخبار , والتثبت فيما يصدر منك من الأحكام , والأخبار إذا نقلت لا بد أن تثبت أولا , ثم إذا صحت فلا تحكم وتثبت الحكم لانه ربما يكون الخبر الذي سمعته مبني على أصل تجهله , فتحكم بأنه خطأ , والواقع غير ذلك . فكيف العلاج في هذه الحال ؟ العلاج هو الاتصال بمن نسب إليه الخبر . وتقول له نقل عنك كذا وكذا , ثم تناقشه . فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه لأول وهلة سمعته فيها لأنك لا تدري ما سبب هذا الموضوع , ويقال إذا عرف السبب بطل العجب . فلا بد أولا من التثبت , الثبات معناه الصبر والمصابرة وألا يمل ويضجر وأن لا يأخذ من كل كتاب نتفة ومن كل فن قطعة ,لان هذا هو الذي يضر الطالب , يقطع عليه الأيام من غير فائدة , فلا يثبت على شئ , تجده مرة في الآجرومية , ومرة في متن القطر , ومرة في الألفية , ومرة في ألفية العراقي , ويتخبط في الفقه .....وهكذا ... هذا في الغالب أنه لا يحصل العلم , ولو حصل علما فإنما يحصل مسائل لاأصول لها , وتفصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة تلو الاخرى , لكن التأصيل والرسوخ والثبات هذا هو المهم . أثبت بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع , واثبت أيضا بالنسبة للشيوخ الذين تتلقى عنهم , لا تكن ذواقا كل أسبوع عند شيخ , قرر أولا من الذي ستتلقى عنده العلم , ولا بأس أن تجعل لك شيخا في الفقه وتستمر معه في الفقه , وشيخا آخر في العقيدة وتستمر معه في العقيدة ... وهكذا .. المهم أن تستمر لا ان تتذوق وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة أيام تركها وذهب الى اخرى هذا يبقى طول عمره لم يتمتع بزوجة ولم يحصل على اولاد في الغالب , والتثبت من اهم الامور , التثبت فيما ينقل عن الغيب , لان أحيانا ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه , قصدا وعمدا , وتارة لا تكون لهم مراد سيئ , لكنهم يفهمون الشئ على خلاف معناه الذي أريد به , ولهذا يجب التثبت , فإذا ثبت بالسند ما نقل فحينئذ يأتي دور المناقشة مع الذي نُقل عنه , قبل ان تحكم على هذا القول , بانه خطأ أو غير خطأ , وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة ان الصواب مع هذا الذي نقل عنه الكلام وإلا من المعلوم أن الانسان لو حكم على شئ بمجرد السماع من اول وهلة لكان منقضي عنه أشياء تنفر منها النفوس , عن بعض العلماء الذين يعتبرون منارات للعلم . لكن عندما يتثبت ويتامل ويتصل بهذا الشيخ مثلا يتبين له الامر يقول وطي الساعات في الطلب على الأشياخ، فإن ”من ثبت نبت”. انتهى الفصل الاول <<<<<يتبع الفصل الثاني كيفية الطلب والتلقي . [1] - هي دويبة. [2] - هي دويبة. |
12-08-08, 10:18 PM | #7 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
29-09-2007
الدولة:
المغرب
المشاركات: 648
|
ماشاء الله حبيبتي اليمان وجزاك الله خيرا وجزى الله الغالية أم الفوارس
جعل الله ما قدمتن في ميزان اعمالكم |
14-08-08, 03:04 AM | #8 |
|نتعلم لنعمل|
تاريخ التسجيل:
04-03-2008
المشاركات: 849
|
بارك الله فيك ام اليمان هذا المجهود الرائع سيحفزنا جميعا على الأنتهاء من الحليه جعله الله فى ميزان حسناتك
|
14-08-08, 10:30 AM | #9 |
طالبة دورة أزاهير رَسم الحرف
|
اليمان كيف حالك
وحشتيني جدااااااا يعلم الله كم أحبك ~~~~~~~~~~~~~~~~~ جزاكم الله خيرا لكم حاولت كثيرا سماع الشريط ولكن لم أفهم كثيرا من كلام الشيخ وهذا سيحفزنا على المذاكرة فجزيتن خيرا وبوركتن |
14-08-08, 12:39 PM | #10 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
جزاكن الله خيرا أحبتي
أسأل الله الاخلاص والتوفيق في طلب العلم حياك الله حبيبتي محبة الصحابة , أحبك الله يا غالية نتابع ان شاء الله في تفريغ الحلية ..... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
~ مكتبة طالب العلم ~ | بشـرى | مكتبة طالبة العلم الصوتية | 8 | 18-02-07 05:40 PM |