|
خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-05-11, 04:00 AM | #1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
استوقفتني " كم عمرك " ؟؟ // وقفة بقلمي//
استوقفتني " كم عمرك " ؟؟ وقفة : لقي الفضيل بن عياض رجلا ؛ فقال له الفضيل : "كم عُمُرك ؟ قال الرجل : ستون سنة قال الفضيل : إذا أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله توشك أن تصل فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون قال الفضيل : هل تعرف معناها ؟؟ قال : نعم أعرف أني عبدالله وأني إليه راجع فقال الفضيل : يا أخي ، من عرف أنه لله عبد ، وانه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوف بين يديه ،ومن علم أنه موقوف فليعلم انه مسئول ، ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا فبكى الرجل وقال ما الحيلة ؟؟ قال الفضيل : يسيرة قال وماهى يرحمك الله ؟ قال : تُحسن فيما بقى ، يغفر الله لك ماقد مضى وما بقى فإنك إن أسأت فيما بقى أُخذت بما مضى وما بقى " استوقفني مليا كلام التابعي الجليل الفضيل بن عياض فقلت في نفسي : كم أتى علي الآن ... ؟؟ وكم عمري ...؟؟ وكم بقي لي ؟؟ وأنت أختي : كم أتى عليك ؟؟ وكم عمرك ... وكم بقي لك ؟؟ أتساءل ويا ليتني أجد إجابة شافية تروي ظمئي ، وتشفي غليلي .. ليس المهم كم هو عمري ؟؟ وكم أتى علي ؟؟ لكن المهم ماذا عملت خلال عمري ؟؟ وكيف قضيته ؟؟ ألم يقل المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه :: " لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه .. وعن شبابه فيم أبلاه .. وعن علمه ماذا عمل به .. وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .." فياترى فيم أفنينا أعمارنا ... ؟؟ أعمارنا هي حياتنا .. الحياة .. التي كان من المفروض أن نقضيها في طاعة الله .. ونحن للأسف الشديد قضيناها غفلة ولهوا ولعبا إلا من رحم ربي طبعا .. الحياة التي هي معبر وقنطرة إلى الآخرة .. نحن اتخذناها مقاما وأخلدنا إليها .. انشغلنا بملذاتها وشهواتها الفانية .. لاهين .. لاعبين .. غافلين .. نسينا أو تناسينا الهدف الذي من أجله خلقنا ألا وهو العبادة .. العبادة ؟؟ نعم العبادة التي هي تمام التذلل والخضوع لله تبارك وتعالى .. العبادة كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .. يا غافلاً عما خلقت له انتبه جدَّ الرحيل ولست باليقظان يوم القيامة لو علمت بهوله لفررت من أهل ومن أوطان انظري أختي جواب الرجل للفضيل بن عياض : لما سأله هل تعرف معنى إنا لله وإنا إليه راجعون بم أجابه ... ؟؟ ألم يقل عرفت أني عبد لله وأني إليه راجع ... عرف أنه عبد كما نحن نعرف أننا إماء لله .. لكن هل لزمنا إذ عرفنا .. لا تقل إحدانا هي حياتي وأنا حرة فيها .. أفعل ما أشاء .. متى أشاء ... وكيفما أشاء .. لأن حياتنا ليست ملكا لنا بل هي ملك لله ... ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } حياتنا مهما قصرت أو طالت لابد وأن لا ننسى مامن أجله خُلقنا وُجدنا ... ومهما طال المقام بنا فيها فلابد من لقاء الله الواحد الأحد .. الذي سنقف أمامه ليحاسبنا على كل صغيرة أو كبيرة عملناها ... تأملي قوله ـ رحمه الله ـ يا أخي ، من عرف أنه لله عبد ، وانه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوف بين يديه ،وإذا علم أنه موقوف ، فليعلم انه مسئول ، ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا موقوف : أي نعم موقوف ..... وسنقف أمام الجبار بغدراتنا وفجراتنا ... بذنوبنا ومعاصينا ... تحاصرنا زلاتنا وسيئاتنا .. سنقف وياله من وقوف كم سيطول بنا ... فلنتخيل هذا الموقف العظيم .. في أرض المحشر ... قال تعالى { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ وَمَا نُؤَخّرُهُ إِلاَّ لأجَلٍ مَّعْدُودٍ }[هود:103، 104] وقد يختلف المحشر والوقوف من شخص لآخر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنف مشاة، وصنف ركبان، وصنف على وجوههم)) فصنف يمشون على أقدامهم فيبلغهم الجهد بقدر أعمالهم. وصنف يركبون، ماذا يركبون؟ يركبون نجائب إبلاً من الجنة، عليها سرج من ذهب لا يعلم قدرها إلا من أعدها، في أرض المحشر؟ فياترى من أي الأصناف سنكون نحن : أمن الذين قيل فيهم : { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [مريم:85] أم من الذين قيل فيهم : { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان:34] فاللهم سلم سلم .. إن هول المطلع لعظيم .. { يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } الحج 1 يا الله ... ترى الصمت وقد خيم على الموقف ... السؤال همس .. والكلام خافت ..هناك ترتعد الفرائص .. وتضطرب الجوارح .. وتبهت العقول .. و يغمر المكان حينئذ نور الحي القيوم وهو آت في ظلل من الغمام والملائكة صفاً صفا، { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً }[طه:107-111]. وقال أيضا {وَجَاء رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }[الفجر:22] رب سلم سلم يالله كيف بنا يوم يصدق قول الملك جل وعلا {وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } [الفجر:23]، نعم يؤتى بها لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، يا للهول، يا لعظمة النار، التي تكور فيها الشمس على عظمتها كما تكور العمامة ... ماهو موقفنا أخواتي يومئذ .. تتمنى الواحدة منا لو تعود إلى الدنيا لتعمل صالحا .. أليس كذلك .. ؟؟؟ قال تعالى { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأنعام:27]، فلا تلبث النار أن تزفر زفرة ما يسمعها ملك ولانبي إلا ويقول نفسي .. نفسي .. مثل وقوفك يوم الحشر عريـانا مستـوحشاً قلـق الأحشـاء حيـرانا والنار تزفـر من غيظ ومن حنقٍ على العصـاة وتلقى الرب غضبــانا اقرأ كتـابك يا عبدي على مهلٍ هـل تـرى فيه حرفاً غير مـا كـانا لمـا قـرأت ولم تنكر قراءتـه وأقررت إقرار من عرف الشيء عرفانا نـادى الجليل: خذوه يا ملائكتي وامضـوا بعبـد عصى للنار عطشـانا المشركـون في نار جهنم يلتهبوا والمـؤمنـون بـدار الخلـد سـكـانا ربنا لا تخزنا يوم الحسـاب ولا تجعل لنـارك اليوم علـينـا سلطـانا مماجادت به قريحتي
وللوقفة بقية بإذن الله |
11-05-11, 12:12 PM | #2 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
عودة للوقفة نكمل ما بدأنا بحول الله وقوته .......... تأملت قوله ـ رحمه الله ـ يا أخي ، من عرف أنه لله عبد ، وانه إليه راجع، فليعلم أنه موقوف بين يديه ،ومن علم أنه موقوف فليعلم انه مسئول ، ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا مسئول أي نعم مسئول مسئول عن ماذا ؟؟ قال الله سبحانه وتعالى : { عم يتساءلون } النبأ 1 نعم سنسأل عن : عن أعمالنا التي عملناها ، وعما تمتعنا به من النعيم في الحياة الدنيا ، كما سنسأل عن عهودنا ومواثيقنا ، وعن أسماعنا وأبصارنا وأفئدتنا فاللهم سلم سلم .. قال تعالى : (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ - عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الحجر : 92-93] . وقال : (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) [الأعراف : 6] ، وفي سنن الترمذي عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه ؟ " .سنن الترمذي : 2417 يانفسُ ماذا عملت في دنياك .. ؟؟ ياحسرة عليك .... كيف بي وبك أختي يوم نقف لنسأل عما عملناه في دنيانا .. ؟؟ ماذا جنته أيدينا ..؟؟ ماذا قدمنا ليوم العرض ويوم السؤال ؟؟ كيف سيكون جوابنا يوم نسأل عن النعيم الذي خولنا إياه في الدنيا ، كما قال : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) [التكاثر : 8] . يعني بالنعيم شبع البطون ، وبارد الماء ، وظلال المساكن ، واعتدال الخلق ، ولذة النوم ..... قال سعيد بن جبير : حتى عن شربة عسل . وقال مجاهد : عن كل لذة من لذات الدنيا . وقال الحسن البصري : من النعيم الغذاء والعشاء . وقال أبو قلابة : من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي . وعن ابن عباس : النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار . تفسير ابن كثير : 7/364 . نعم أختي كم من نعمة نرفل تحتها لا نعلم قدرها ولاعددها ، سنسأل عنها يوم القيامة :: ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [إبراهيم : 34] ومن النعم التي نغبن فيها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم "" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " صحيح البخاري : 6412 روى الترمذي بإسناده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ؟ ونروك من الماء البارد " .مشكاة المصابيح : (2/656) ورقمه : (5196) ، وقال محقق المشكاة : إسناده صحيح . والسؤال عن النعيم سؤال عن شكر العبد لما أنعم الله به عليه ، فإذا شكر فقد أدى حق النعمة ، وإن أبى وكفر ، أغضب عليه الله ، ففي صحيح مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ، فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها " قال تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} سنسأل أخواتي عن عهودنا ومواثيقنا : قال تعالى : { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولا } الأحزاب 15 وقال أيضا { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } [ الإسراء : 34 ] . سنسأل عن أسماعنا وأبصارنا وأفئدتنا ... يالله ..... كيف يكون الجواب ياترى حين يلقى إلينا قوله تبارك وتعالى { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [الإسراء : 36] ، قال قتادة : " لا تقل رأيت ولم تر ، وسمعت ولم تسمع ، وعلمت ولم تعلم ، فإن الله سائلك عن ذلك كله "تفسير ابن كثير : (4/308) . قال ابن كثير : " ومضمون ما ذكروه في الآية أن الله نهى عن القول بغير علم ، بل بالظن ، الذي هو التوهم والخيال . كما قال تعالى : ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) [الحجرات : 12] . وفي الحديث: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ، وفي سنن أبي داود بئس مطية الرجل : ( زعموا ) وفي الحديث الآخر : " إن أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا " وفي الصحيح : " من تحلم حلماً كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل " تفسير ابن كثير : (4/308) . نعم سنسأل عن كل صغيرة وكبيرة وسنجازى على أعمالنا قال تعالى { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } الزلزلة لي عودة مع الوقفة فانتظرنني فتح الله علي وعليكن بما يرضيه ....
التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 13-05-11 الساعة 03:39 AM |
13-05-11, 03:38 AM | #3 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
نكمل وقفتنا بحول الله وقوته : وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم" تأملت قوله رحمه الله : ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا فبكى الرجل وقال ما الحيلة ؟؟ قال الفضيل : يسيرة قال وماهى يرحمك الله ؟ قال : تُحسن فيما بقى ، يغفر الله لك ماقد مضى وما بقى فإنك إن أسأت فيما بقى أُخذت بما مضى وما بقى " يانفس .. تجهزي بجهاز تبلغين به *** يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثاً وحاذري سقطة الذل وانكسري *** باب كريم كم هدى وعفا واخشي حوادث صرف الدهر في مهل *** واستيقظي لا تكوني كالذي سقطا في هوة الذل كان فيها قطع مدته *** فوافت النفس سعيها كما سلفا تراكمت في نفسي أسئلة كثيرة وتزاحمت وقفت أمامها مشدوهة ؛ كيف يا ترى سيكون اللقاء .. ؟؟ ناجيتها : يا نفس ماذا أعددت ليوم الحساب ؟؟ أين زادك الذي تزودت به ليوم اللقاء ؟؟ أين أنا وأين أنت أختي من محاسبة النفس ؟؟ فلنقف وقفة نجول في رحابها ، ولننتبه من غفلتنا ، ولنوقظ أرواحنا التي بين جنباتنا ، علنا بمحاسبة أنفسنا .. نسلك مسلك الناجين من عذاب الله .. الفائزين برضاه ... وقفة محاسبة للنفس .. يقول جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.يقولُ ابنُ كثيرٍ – رحمه الله – في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } : (( أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِكم ، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم ، لا تخفى عليهِ منكم خافيه )) انتهى كلامه رحمه الله . كم يا نفس غفلت .. وكم يانفس أخطأت وأذنبت .. وكم زللت وعصيت .. كم أطعتك .. وكم طاوعتك .. إذا ما أطعت النفس في كل لذة *** نسيت إلى غير الحجا والتكرم إذا ما أجبت النفس في كل دعوة *** دعتك إلى الأمر القبيح المحرم ألا فتنبهي يا نفس من غفلتك ، وقومي من رقدتك .. ولا تبقي سادرة في غيك .. أنسيت يوم العرض على الله : قال تعالى { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }الحاقة: 18 قال الفضيل بن عياض: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه وحسن منقلبه ومأبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها . وقال الحسن – رحمه الله - : " إن المؤمنَ واللهِ ما تراهُ إلا يلومُ نفسهُ على كلِّ حالاته ، يستقصرها في كل ما يفعل ، فيندمُ ويلومُ نفسَهُ ، وإنّ الفاجرَ ليمضي قُدُمـاً لا يعاتبُ نفسَه " . وهاهو عمربن الخطاب يخاطب نفسه كما يقول أنس أني سمعته وبيني وبينه جدار وهو يحاسب نفسه ويقول (عمربن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أوليحاسبنك الله ويكررها ) وكان الأحنفُ بن قيسٍ يجيءُ إلى المصباحِ فيضعُ إصبَعهُ فيه ثم يقول : يا حُنيف ، ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟ ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟ كيف بك يا نفس إذا ما وقفت بين يدي الله ذليلة خاضعة متحسرة على كل ما قدمت وأسلفت ...
" لكن رجائي في عفو ربي يبدد مخاوفي ويَحسُن به ظني " حاسبت نفسي لم أجد لي *** صالحاً إلا رجائي رحمة الرحمن ووزنت أعمالي فلم أجد *** في الأمر إلا خفة الميزان التوبة طريق النجاة تأملي قوله ـ رحمه الله ـ قال : تُحسن فيما بقى ، يغفر الله لك ماقد مضى وما بقى فإنك إن أسأت فيما بقى أُخذت بما مضى وما بقى " يالرحمة الله ويالعطفه .. مهما شكرته يا نفس فلن تؤديه حقه في الشكر والثناء عليه ... قال تعالى :{ ياأيها الذين آمنوا توبوا إى الله توبة نصوحا } [التحريم:8]، وقال أيضا : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:31]. تذكرت الحديث القدسي في قوله تعالى : لله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من الأم بولدها " وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – " واسمعي يا نفس إذا ما جاءك طائف الشيطان ليحبطك ، وليوسوس لك بأنك كثيرة الذنوب والسقطات ... قيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار أقبلي يا نفس فإن الله يحب من تاب إليه : قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } [البقرة:222]. يا نفس إن منادي الله يناديك فهل ستجيبين ؟؟ { أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:74]. واستمعي إلى هذا النداء الرباني الذي يفيض رحمة: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]. فماذا تنتظرين بعد هذا؟ ما عليك يانفس إلا أن تقلعي وتندمي وتعزمي على عدم العودة، واطرقي باب مولاك: قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [ البقرة:186]. أذرفي دموع الندم، واعترفي بين يدي مولاك، وعاهديه على سلوك سبيل الطاعة وقولي كما قال القائل: أنا العبــد الــذي كسب الذنوبا و صـدتــه الأمـاني أن يتـوبَ أنا العبــد الذي أضحى حزينــاً علـى زلاتــــه قـلـقـاً كـئيبـــا أنا العـبد الــذي سطــرت عليه صحـائف لم يخف فيهـا الرقيبا أنا العبــد المســيء عصيت سراً فمـا لي الآن لا أبــدي النحيـبا أنا العبــد المفرط ضــاع عمري فلـم أرع الشـبيـبة و المشيــبـا أنا الـعـبد الغـريـق بلــج بحـر أصيــح لربمــا ألقى مجيـــبــا أنا العبـد السقيــم من الخطــايا وقــد أقبلـت ألتــمس الطبيبـــا أنا العبــد المخـلف عـن أنــاس حووا من كل معـروف نصيبـا أنا العبـد الشــريد ظلمت نفسـي وقـــد وافــيـت بابكــم مـنـيبــا أنا العبــد الفقــير مـددت كفي إليكـم فادفعــوا عني الخطــوبـا أنا الغدار كم عاهــدت عهــداً وكنت على الوفــاء به كــذوبـا أنا المقطوع فارحمـني و صلـني و يسـر منك لي فرجــاً قريبــا أنا المضطر أرجـو منك عفـواً و من يرجو رضاك فلن يخيبــا وتذكري قول الله عز وجل: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طـه:82) وأخيرا فهذه وقفة وقفتها مع النفس الأمارة بالسوء من خلال كلام التابعي الجليل عسى أن ينفعني الله بها وإياكن فلا تنسوني من صالح دعائكن وإلى وقفة أخرى مع كلام آخر ...... |
13-05-11, 09:24 AM | #4 |
|نتعلم لنعمل|
|
جزاااااااااااااك الله خير الجزاء ونفع بك
سبحان الله كم ترك هذا في نفسي من اثر طيب ، أسأل الله أن لا يحرمك عظيم الاجر والثواب بوركتِ وبوركت وقفاتك لا حرمناكِ |
15-05-11, 10:03 PM | #5 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
08-02-2011
المشاركات: 167
|
الله يبارك فيكي اختي
ام حاتم الأثريه بوركتي الله ينور قلبك وقلوبنا بالأيمان اللهم آآآميييين[/url] |
19-06-11, 10:09 PM | #6 |
~مستجدة~
|
جزاك الله خيرا اختي ام حاتم
نسأل الله ان يبارك لنا فيما تبقى من اعمارنا وان يختم لنا بالخاتمة الحسنة |
13-12-11, 01:35 AM | #7 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
|
13-12-11, 01:44 AM | #8 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
|
13-12-11, 01:45 AM | #9 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
|
13-12-11, 03:28 AM | #10 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
| طالبة مستوى متقدم | دورة ورش (3) |
الله يطوّل بعمرك على طاعته يارب
بوركتِ وبورك قلمك |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|