بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على النبي المصطفى.
أما بعد :
تعلق القلب بغير الله جل جلاله.
قال ابن القيم في مدارج السالكين-بتصرف-: المفسد الثالث من مفسدات القلب: التعلق بغير الله تبارك تعالى، وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق، ولا أقطع له عن مصالحه، وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله، وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل. انتهى.
وسئل الشيخ محمد المختار الشنقيطي: هناك ظاهرة التعلق بالأشخاص، فما هو علاجها، والسبيل إلى النجاة منها؟
الجواب: أما التعلق: فبلاء، وأي بلاء! ذلك البلاء الذي تتألم، وتتأوه منه القلوب, فحق عند الله ثابت لا مرية فيه, معلوم بسنته أن من أحب لغير الله، عذبه الله بحب شيء سواه, كل من أحب شيئًا لغير الله، عذبه الله بذلك الحب؛ ولذلك تجد أشد الناس عذابًا أهل العشق, وتجدهم يهيمون في أودية الدنيا، يرتعون ويعذبون ليجمع الله لهم بين عذابي الدنيا والآخرة، وهم يفتنون، أعظم البلايا تعلق القلوب بغير الله جل وعلا على وجه لا يرضي الله, إن التعلق اتجاه القلوب إلى الصور، والمناظر، والجمال, ويجلس الإنسان طليق الوجه، حسن العبارة، لا لله جل وعلا, وتخرج منه الكلمات المنمقة المعسولة المكذوبة، الفاجرة الجائرة الخارجة عن منهج الله وصراطه, هذا من أعظم البلايا، وأشد الرزايا، فلذلك ينبغي للإنسان أن يعلم من قرارة قلبه أن من أشد البلايا، وأعظمها انصراف القلب لغير الله جل جلاله, فإياك أن ينصرف قلبك، أو شعبة من شعب قلبك إلى غير الله جل جلاله, واجتهد من الليلة أن تجعل قلبك لله, تمسي وليس فيه إلا الله, وتصبح وليس فيه إلا الله, تتفقد حالك ما الذي فعلته من الطاعات، فتشكر الله جل جلاله, وما الذي فعلته من المعاصي فتندم، وتتوب وتريق الدمعة الصادقة بينك وبين الله جل جلاله, تجعل القلب لله، فإن القلب مخلوق لله, وما خلقه الله إلا لعبادته جل جلاله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }(الذاريات:56) ما خلق الله هذه المضغة إلا لكي تسكن بتوحيده، وحبه، وتعظيمه، وتمجيده، واليقين فيه، وإخلاص العمل له جل جلاله, ما خلقت لكي تهيم في تلك الأودية السحيقة المليئة بعذاب الدنيا والآخرة؛ ولذلك كم من شباب ذاقوا حياة التعب والنصب الذي لا يعلمه إلا الله، حتى وصل بأحدهم أنه فتن في صلاته، وعبادته -نسأل الله السلامة-.