23-04-06, 09:20 AM | #1 |
ما كان لله يبقى
| المديرة العامة | |
مسألة مهمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
محمد بن إبراهيم الحمد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر قوام هذه الأمة، وسبب خيريتها . قال الله – تعالى- : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ). والحديث في هذا المقام سيكون حول مسألة في هذا الباب ألا وهي أن ارتكاب الذنوب لا يسوغ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله : فكثيرٌ من الناس إذا قصَّر في الطاعة ، أو وقع في المعصية - ترك الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله ؛ بحجة أنه مُقَصِّر ، وأنه يفعل خلاف ما يأمر به ، وأنه يخشى أن يدخل في الوعيد لمن دعا وترك ما يدعو إليه كما في قوله - تعالى - : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ) [البقرة : 44] ، وقوله :( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) [الصف : 3]. وهذا خطأ يجب على المسلم أن يحذره ويتجنبه ؛ فترك أحد الواجبين ليس مسوغاً لترك الآخر ، والذم الوارد في النصوص إنما هو لترك المعروف ، لا للأمر بالمعروف. قال - تعالى - :( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) [المائدة : 77/78]. فانظر كيف نعى الله عليهم ترك التناهي مع أنهم مشتركون في المنكر ؛ فلا يجوز للمسلم أن يجمع بين إساءتين ، وإلا لتعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال ابن حزم - رحمه الله - : " ولو لم يَـنْـهَ عن الشر إلا من ليس فيه شيء منه ، ولا أمر بالمعروف إلا من استوعبه - لما نهى أحد عن شر ، ولا أمر بخير بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - " .[1] وقال النووي - رحمه الله - : " قال العلماء : ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ، ممتثلاً ما يأمر به ، مجتنباً ما ينهى عنه ، بل عليه الأمر وإن كان مُخِلاً بما يأمر به ، والنهي وإن كان متلبساً بما ينهى عنه ؛ فإنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه ، وينهاها ، ويأمر غيره ، وينهاه ؛ فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟ " .[2] قال سعيد بن جبير - رحمه الله - : " لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ، ولا نهى عن منكر " . قال الإمام مالك - رحمه الله - معلقاً على قول سعيد بن جبير : " وصدق سعيد ؛ ومن ذا الذي ليس فيه شيء " .[3] وقال الحسن لمُطَرّف بن عبدالله : " عظْ أصحابك. فقال : إني أخاف أن أقول ما لا أفعل! قال : يرحمك الله ، وأيُّنا يفعل ما يقول ؟ يود الشيطان أنه قد ظفر منا بهذا ؛ فلم يأمر أحد بمعروف ، ولم ينه أحد عن منكر " .[4] وقال الطبري - رحمه الله - : " وأما من قال : لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة ، فإن أراد أنه الأوْلى فجيِّد ، وإلا فيستلزم سد باب الأمر بالمعروف إذا لم يكن هناك غيره " .[5] وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – بعد أن ساق بعض الآثار الواردة في ذم من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويرتكبه: " واعلم أن التحقيق أن هذا الوعيد الشديد الذي ذكرنا من اندلاق الأمعاء في النار، وقرض الشفاه بالمقاريض من النار ليس على الأمر بالمعروف وإنما هو على ارتكاب المنكر عالماً بذلك، ينصح الناس عليه؛ فالحق أن الأمر غير ساقط عن صالح ولا طالح، والوعيد على المعصية لا على الأمر بالمعروف؛ لأنه – في حد ذاته – ليس فيه إلا الخير ".[6] وعلى هذا فعلى من وقع في معصية ، أو قصَّر في طاعة ألا يدع الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله حسب قدرته واستطاعته ؛ فلربما اهتدى على يده عاص ، أو أسلم كافر ، أو تسبب في ذلك ؛ فكان له من الأجر مثل ما لهم من غير أن ينقص ذلك من أجورهم. ولا يفهم مما سبق أنه لا بأس في ترك المعروف وفعل المنكر للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. بل يجب عليه فعل المعروف ، وترك المنكر ؛ لأنه يعرض نفسه لغضب الله عند التساهل في هذا. بل ينبغي له أن يكون أولَ ممتثل لما يأمر به ، وأولَ مُنْتَهٍ عما ينهى عنه. وغاية ما في الأمر أن فعل المعروف ، وترك المنكر ليس شرطاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ فلا يقال لمن أمر بالمعروف ، ولم يفعله أو نهى عن المنكر ، وفعله : لا تأمر بالمعروف ، ولا تنهَ عن المنكر ، وإنما يقال له : داوم على أمرك ونهيك ، واتق الله فيما تأتي وما تذر. وإذا كان هذا في شأن من هو عاص أو مقصر - فكيف إذا كان الشخص ذا علم ، وصلاح وهو مقصر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ فعليه أن يتوب من ذلك ، وأن يستدرك ما فات ؛ لأن الله سائله عن علمه ماذا عمل به ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) [هود : 7]. 1 / 11 / 1425 هـ -------------------------------------------------------------------------------- [1] الأخلاق والسير لابن حزم ص 92 [2] صحيح مسلم بشرح النووي 2/23 [3] تفسير الطبري : الجامع لأحكام القرآن 1/367 [4] تفسير الطبري : الجامع لأحكام القرآن 1/367 [5] تفسير الطبري : الجامع لأحكام القرآن 1/367 [6] أضواء البيان 2/173 المصدر : موقع دعوة الإسلام الرابط |
26-12-14, 09:56 PM | #2 |
~مستجدة~
|
جزاك الله خيرا ياغالية
افدتينا حبيبتي سلمت يمناك ياقمر شكرا جزيلا |
29-12-14, 08:41 AM | #3 |
|تواصي بالحق والصبر|
|
بالفعل مسألة مهمة .. ومدخل من مداخل إبليس على بعض المستقيمين
نفع الله بكِ أختي الكريمة / رياحين الأمل |
01-02-15, 02:56 PM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
بارك الله بكِ .. باذن الله ترك المنكرات ونهي عنها
|
07-08-15, 10:21 PM | #5 |
| طالبة في المستوى الثاني 3 |
|
أحسن الله إليك أختى
المسائله مفيده جدا وكانت ملتبسة على حتى سمعت عالم يتكلم عنها من زمن وشرح المسائله كما فصلت فجزاكِ الله خيرا |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|