العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أرشيف الدروس العلمية في معهد العلوم الشرعية๑¤๑ > أرشيف الأنشطة الإثرائية > قسم الدورات العلمية المكثفة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-12-09, 01:49 PM   #51
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الحادي والثلاثون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏أسرعوا بالجنازة‏،‏ فإن تك صالحةً فخير تقدمونها إليه‏،‏ وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)‏)[متفق عليه]‏.‏
يقول -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسرعوا بالجنازة)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب؛ لكن المراد بالإسراع يعني بعد التأكد من الوفاة، ولذا يستحب أهل العلم أنه في موت الفجأة ينتظر الميت ولا يسرع به، حتى يتأكد من وفاته، وحصل بعض القضايا النادرة التي كتب التقرير على أنه مات وانتهى، ثم يتبين أنه ما مات، فله أسرع بمثل هذا كان الأمر خطير، فمثل هذا يتأخر به، ومثله من له من أقرب الناس إليه كان غائب مثلاً، مثل هذا ينتظر إذا كان قريباً، نقله من بلد إلى بلد يكون أيسر إلى أهله ومعارفه وذويه إذا لم يترتب عليه تأخير ومشقة، أيضاً هذا يرخص فيه بعض أهل العلم، فالأمر بالإسراع نسبي، ((أسرعوا بالجنازة)) يعني في تجهيزها والصلاة عليها، وتشييعها ودفنها، والعلة في ذلك فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، جنازة المسلم الصالح العبد الصالح المؤمن مثل هذا تأخيره جناية عليه؛ لأنها إذا كانت صالحة فستقدم على ثواب ما قدمته، فتقدم إلى مثل هذا الخير، وحجبها وتأخيرها عن هذا الخير جناية عليها، ((إن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك غير ذلك -يعني غير صالحة- فشر تضعونه عن رقابكم)) لأن مجالسة غير الصالحين وبال، في حال الحياة وفي حال الممات، لا خير في مجالسة غير الصالحين، لا خير في مجالستهم لا في حال حياتهم ولا في حال مماتهم، إلا من أجل نفعهم ودعوتهم وهدايتهم، ((وإن تك غير ذلك)) فلننظر لهذا الوصف المؤثر في التقديم إلى الخير أو ضده، وهو الصلاح، فعلى المسلم أن يسعى في إصلاح نفسه، يسعى جاهداً في إصلاح نفسه ليقدم على خير، ولا يجتنب الصلاح ويتنكب الصراط المستقيم، وطريق الصالحين، فيسلك به المسلك الآخر، فالصلاح لا شك أن أثره في الحياة وبعد الممات، وإذا كان المرء صالحاً واتصف بهذا الوصف كم يجني من أجور غيره؟ كل مصلٍ يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فيدخل، وإذا حرم من هذا الوصف حرم من هذه الدعوة، ومع ذلك يَقْدم ويُقدم إلى خير، أما إذا لم يتصف بهذا الوصف حرم من ذلك كله، والله المستعان.



توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 01:50 PM   #52
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثاني والثلاثون: عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة‏،‏ وليس فيما دون خمس أواقٍ من الوَرِق صدقة‏،‏ وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة)‏)[متفق عليه]‏.‏
هذا الحديث في الزكاة المفروضة، وفيه تحديد الأنصبة –أنصبة الأموال الزكوية- ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) من التمر والحبوب والثمار هذا مما يكال، هذا نصاب خمسة أوسق، والأوسق: جمع وسق، والوسق ستون صاعاً، فأقل من ثلاثمائة صاع لا زكاة فيها، هذا بالنسبة للزكاة المفروضة، أما المستحب فلو كان عند الإنسان صاع واحد وقسمه وبينه محتاج نصفين أجره عظيم عند الله -جل وعلا-؛ لكنه لا على سبيل الوجوب والإلزام، فالشرع حينما لاحظ حاجة المحتاج أيضاً لم يهدر حاجة المتصدق، بينما ما غفل عن حوائج الأغنياء، نعم لاحظ حوائج الفقراء وجعلها هي الباعث الحقيقي على مشروعية الزكاة، لكن أيضاً حوائج ومصالح الأغنياء غير مهدرة، فمن رحمة الله -جل وعلا- أنه جعل هذه الأنصبة، ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)) وهذا هو النصاب عند الجمهور، الحنفية لا يرون أن في ما يزكى من الحبوب والثمار والتمر والأطعمة ليس لها نصاب {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] ((فيما سقت السماء العشر)) فيطلقون، يعملون بالنصوص المطلقة، ويقولون: إن مثل هذا الحديث زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ عندهم، والآحاد -مثل هذا الحديث- لا ينسخ القطعي، {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] ما في تحديد بنصاب، وهذا هو المقطوع به، والحديث يقولون: آحاد، والزيادة على النص نسخ، والنسخ لا يكون إلا بمساوٍ، القطعي لا ينسخ إلا بقطعي؛ لكن أهل العلم قاطبة على أن أخبار الآحاد إذا صحت أنها يجب العمل بها، العمل بها واجب، ولو لم تبلغ حد القطع والتواتر، ولا يلزم من كونها أخبار آحاد أو لا تفيد العلم أنه لا يجب العمل بها، بل يجب العمل بها، وجوب العمل بأخبار الآحاد قول عامة من يعتد به من أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع، الحنفية يعملون بأخبار الآحاد، يعملون بها؛ لكنها عندهم هنا فيه شيء من التعارض، نعم التقييد والتخصيص فيه مشابهة للنسخ؛ لأنه نسخ جزئي للحكم، نسخ جزئي، إيش معنى نسخ جزئي؟ إذا خصصنا النص العام بدليلٍ يقتضي التخصيص أخرجنا بعض أفراده، وإخراجنا لبعض أفراد العام إلغاء، وهذا الإلغاء بدليل، فهو نسخ وإن لم يكن كلياً إلا أنه جزئي، ومثله التقييد، وعندهم أن النسخ لا يكون بين المراتب المختلفة من النصوص، فعامة أهل العلم على أن هذا تخصيص أو قل: تقييد، والتقييد ليس بنسخ، حتى عند من يقول: أن الآحاد لا ينسخ المتواتر ما يطبق عليه مثل هذا؛ لأن النسخ والتقييد ليس بنسخ، وإن كان جزئياً إلا أنه ليس بنسخ، على كل حال الراجح في المسألة معروف قول الجمهور.
((وليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة)) هذا نصاب الفضة والورق هي الفضة، مضروبةً كانت أو غير مضروبة، فإذا كان عند شخص خمس أواقٍ والأوقية أربعون درهماً فيتحصل من المجموع مائتا درهم، هذا هو نصاب الفضة، ((وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة)) يعني من الإبل، دون الخمس ما في، الخمس فيها شاة، العشر فيها شاتان، العشرون فيها ثلاث شياه، الخمسة والعشرون تبدأ زكاة الإبل بالإبل، وهكذا، والغنم لها نصاب، والبقر لها نصاب محددة في كتب الفروع، ولا تخفى عليكم، جاء تحديدها في حديث أنس وغيره، وحديث الجوامع الزكاة فيما كتب به أبو بكر إلى عماله في الصدقات، هذه الجوامع تبين الأنصبة.


أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-12-09, 01:50 PM   #53
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثالث والثلاثون: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏ومن يستعفف يُعفّه الله‏،‏ ومن يستغن يُغنه الله‏،‏ ومن يَتَصَبَّر يُصّبِّره الله‏،‏ وما أعطِيَ أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر)‏)[متفق عليه]‏.
يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه-: ((من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)) الاستعفاف عما في أيدي الناس لا شك أن من فعله جاهداً وقهر نفسه على ذلك ما لم يصل إلى حد الضرورة لا شك أن الله -جل وعلا- يعنيه على العفاف، هذا جواب الشرط، وجاء الأمر به {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(33) سورة النــور] المقصود أن على المسلم أن يكون عزيزاً لا يهين نفسه، ولا يبتذل نفسه باستكفاف الناس، وطلب إعاناتهم، وبعض الناس يسهل عليه هذا الأمر ولأدنى شيء يسأل الناس، مثل هذا يبتلى، لا يعان على العفاف، وإنما يبتلى بالحاجة الدائمة.
((ومن يستغن يغنه الله)) من يستغن بما في يده، عما في أيدي الناس يغنه الله -جل وعلا-، فمن تعلق بالله -جل وعلا-، وأنزل حاجته بربه، وتوكل عليه، وقطع العلائق عن الخلائق، لا شك أنه سوف يعيش حياةً مطمئنة، ويتحقق له الموعود في هذا الخبر، من يستغن بالله -جل وعلا- عن خلقه يغنه الله.
((ومن يتصبر)) والصبر معروف، حمله على النفس، يتصبر على نفسه أن تتخلق بهذا الخلق الجميل فيتصبر إذا لم يكن الصبر عنده خليقة يتصبر ويجاهد نفسه على ذلك، فيحمل نفسه على الصبر على طاعة الله، ويحملها على الصبر عن معصية الله، ويحملها على الصبر على أقدار الله، فإذا وجدت عنده هذه الملكة، وهذه السجيّة فليحمد الله على ذلك، إذا لم توجد عنده يحمل نفسه عليها ويجاهد نفسه عليها، حتى تكون عنده خليقة وملكة ((يصبره الله)) يعنيه الله -جل وعلا- على الصبر، والصبر ثوابه عظيم، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [(155-156) سورة البقرة] والنصوص كثيرة، فلا بد من الصبر على طاعة الله، لا بد من الصبر عليها، لا يقول: الجادة طويلة ومن يبي يصبر على هذه التكاليف؟ الذي ما يصبر عليها يصبر على نار جهنم بعد، بعض الناس يقول: أيام حر شديد كيف نصبر على الصيام؟ وكيف نصبر على الجهاد في أيام الحر؟ يقول الله -جل وعلا-: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [(81) سورة التوبة]
يعني إن لم يصبر هذه الساعات وهذه الأيام، وعيده في جهنم، نسأل الله العافية، فليصبر على طاعة الله، وليصبر عن معصية الله، يقهر نفسه، لا شك أن الشهوات تنازع الإنسان، والنفس الأمارة، والشيطان إذا اجتمعت له هذه الأمور لا شك أنه تدعوه نفسه إلى ذلك، وتتوق إليه؛ لكن عليه أن يقهر نفسه، ويحمل نفسه على الصبر عنها، وإنما هي صبر ساعات، ثم بعد ذلك يبشر، بشر الصابرين، وليصبر على أقدار الله، فإذا أصيب الإنسان بمصيبة عليه أن يرضى ويصبر ويحتسب الأجر من الله -جل وعلا-، فإن صبر له الأجر العظيم، وإن لم يصبر فالأمر بضد ذلك، فالأجر معلق بالصبر، من سخط فعليه السخط، على كل حال المصائب جاء فيها أنها مكفرات للذنوب، وقد يبتلى الإنسان بأمرٍ يخرج من ذنوبه بسببه، يخرج من ذنوبه كلها، والله -جل وعلا- يبتلي عباده، وقد يكتب لعبده منزلة لا يبلغها بعمله فيصاب ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) وحينئذٍ عليه أن يصبر ويحتسب لينال الأجر العظيم من الله -جل وعلا-.
منهم من يرى أن الثواب المرتب على المصيبة غير الثواب المرتب على الصبر، فالمصائب مكفرات، صبر أو لم يصبر، مكفرات عند بعض أهل العلم فإذا صبر كان له أجر الصبر وهو قدر زائد؛ لكن الجمهور على أنه إذا لم يصبر فلا أجر له، لا أجر له على هذه المصيبة، وقد يأثم إذا اقترن بذلك تسخط واعتراض وما أشبه ذلك، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر، نعم؛ لأن الإنسان لا بد أن يعرض له أمور في حياته أمور كثيرة جداً في كل ساعة وفي كل يوم على خلاف ما تهواه نفسه، من طلبٍ، من طلب إيجاد فعل، أو طلب كف، على خلاف ما تهواه النفس، وقد يعتريه ما يعتريه؛ لكن إذا كان ممن أعطي الصبر وصبر على ما أمر به وصبر عما نهي عنه، وصبر على ما يعتريه أثناء حياته ومدة بقائه في هذه الدنيا، لا شك أنه اتصف بهذه الخصلة التي قال عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر)) لأن الصبر يحتاج إليه في كل لحظة، ما يمكن أن يستغني الإنسان عن الصبر والحياة كلها مجبولة على الكدر، طيب، في أمورك العادية إذا لم تصبر عندك سلعة تريد بيعها ما انباعت أول يوم وثاني يوم إيش بتسوي إذا ما جبلت على الصبر؟ تنتظر زيد من الناس تأخر، حصل له مانع وتأخر، إذا ما تصبر وش يصير؟ تحترق وبعدين وش الفايدة؟ وبعض الناس ينتظر شخص على موعد معه، يتأخر خمس دقائق يطلق ويدخل، يخرج ويقف على الرصيف ينتظر، وبعدين إيش النتيجة؟ استفاد شيء؟ ووصل الأمر ببعض الناس أنه إذا وقفت السيارة عند الإشارة نزل ومشى يخترق الإشارة حتى يصل صاحبه، وش يسوي هذا؟ وش يستفيد هذا؟ ما يستفيد شيء؛ لكن الصبر قهر النفس لا بد منه، لا بد أن تواجه ما يتطلب منك الصبر في كل لحظة من اللحظات، وما ضاق النفس ذرعاً بتأخر المواعيد إلا لأن حياتهم تكدرت، ومعايشهم تنغّصت، وما مرّنوا أنفسهم وجبلوا أنفسهم وقضوا أوقاتهم بما يرضي الله -جل وعلا-، يعني افترض أنك وعدت شخص الساعة خمس بيجي لك، تأخر إلى خمس وربع، الربع الساعة هذه عند بعض الناس تعادل أيام، عند بعض الناس يحترق، كاد أن يمزق ثيابه من ربع ساعة، لكن لو قال: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم خلال الربع هذه الساعة لتمنى أن يتأخر ربع ثاني؛ لكن ما عودنا أنفسنا على هذه الأمور، فمن عود نفسه على استغلال أوقاته بما يرضي الله -جل وعلا- ارتاح من كثيرٍ من هذه الأمور، أنت تنتظر فلان من أجل إيش؟ افترض أن فلان تنتظره يعطيك مال، لك عليه دين أن يعطيك حقك، تنتظره بفارغ الصبر؛ لكن تأخر عليك حصل له ما حصل وتأخر عليك، لو جئت بالباقيات الصالحات صارت أفضل بكثير مما يعطيك، ولو كانت الدنيا بحذافيرها، في هذه المدة التي تظنها أحلك الأوقات بالنسبة لك، فعلينا أن نتحلى بالصبر، وعلينا أن نعمر أوقاتها بما يرضي الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك لا يهمك إذا اتحليت بهذا وعمرت وقتك بما يرضي الله ما عليك يتقدم يتأخر أنا مرتاح، الآن بعض الناس من خيار الناس إذا سمع المؤذن خرج إلى المسجد؛ لكن إذا تأخر الإمام دقيقة واحدة وقع في محرمات، اشتغلت الغيبة بين الأخيار في روضة المسجد، سببها إيش؟ عدم الصبر، يا أخي خذ مصحف واقرأ، أنفع لك من كونك تتكلم في عرض أخيك، وما يدريك ما الذي عرض له؟ سبح وهلل، اكسب الأعمال الصالحة في حياتك، ومع ذلك هذا لا يعفي من يخلف الموعد، كما جاء في الحديث علامات: ((إذا وعد أخلف)) هذا لا يعفي من التبعة؛ لكن بالمقابل الطرف الثاني لو وظيفة، وهذا عليه حقوق، فالشرع جاء بما يعالج وضع هذا ووضع هذا، ما هو أحد يسمع مثل هذا الكلام ويعد الناس الساعة خمس ويتأخر ساعة بدون عذر وبدون شيء ويترك أخاه يحترق؟ لا يا أخي هذا ما هو مبرر، أنت وعدت لا بد أن تفي؛ لكن إذا حصل لك مانع أو قصرت وأنت مسؤول عن فعلك وتفريطك أخوك له وظيفة أخرى، يوجه بالكلام الثاني، والله المستعان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:54 PM   #54
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

شرح جوامع الأخبار (6)
شرح حديث: (إذا مات العبد انقطع عمله..) وحديث: (أنا ثالث الشريكين..) وحديث: ("‏قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم..) وحديث: (على اليد ما أخذت حتى تؤدِّيَه..) وحديث: (مَطْل الغنيِّ ظلم..) وحديث: (الصلح جائز بين المسلمين..) وحديث: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة..) وحديث: (البيِّعان بالخيار..) وحديث: (من عادى لي ولياً..) وحديث: (كل عمل ابن آدم يضاعف..) وحديث: (ما نقصت صدقة من مال..)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، قال المؤلف العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -عليه رحمة الله تعالى-:




الحديث الرابع والثلاثون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً‏،‏ وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)‏)[رواه مسلم]‏.‏
هذا الحديث العظيم يقول فيه -عليه الصلاة والسلام-: ((ما نقصت صدقة من مال)) الزكاة المفروضة والصدقات التي يتطوع بها أصحاب الأموال الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما نقصت صدقة من مال)) عندك ألف ريال تصدقت زكاة مفروضة بخمسة وعشرين ومثلهن نفل، نقص الألف وإلا ما نقص؟ ينقص وإلا يستمر الألف؟ يصير ألف إلا خمسين، يصير تسعمائة وخمسة، قد يقول: كيف ما نقص؟ لكن ما يتصور الإنسان قدر النمو والتطهير لهذا المال الذي زكي، وهذا أمر يعرفه العامة قبل الخاصة، يعرفه العامة قبل الخاصة، إذا فقد الإنسان شيئاً ثم وجده قال: الحمد لله هذا مال مزكى ما يضيع، هذا عند العوام يقولون هذا، وأنتم تجدون في دنيا الناس كثير ممن يبذل ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر وأمواله في ازدياد في الدنيا، وقد يحصل له الابتلاء، والله -جل وعلا- يبتلي بأعراض هذه الدنيا وجوداً وعدماً، قد يزكي ويبتلى بجوارح؛ لكن ما عند الله -جل وعلا- أعظم، والحسنة بعشر أمثالها؛ لأن بعض الناس وقد أورد من قبل المتقدمين يقول: لا شك أن الزكاة فيها أجر وفيها ثواب؛ لكن كيف يباع العاجل بالنسيئة؟ هنا ندفع أموال حاضرة والنسيئة تأتي بعدين، لو أن الله -جل وعلا- وعدك على الحسنة بحسنة، وعلى الريال بريال، يمكن تقول هذا الكلام، لكن وعدك على الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، مثل هذا يخطر على بال عاقل؟! وإلا قيل مثل هذا الكلام، كيف نبيع عاجلاً بآجل؟ لو كانت المسألة متساوية تبيع ألف بألف مثلاً، أو سيارة تستاهل منك خمسين ألف تقول: اشترها يا فلان بخمسين ألف لمدة عشر سنوات، وأنت لا ترجو إعانة أخيك، نقول: ما يصح تبيع شيء بقيمته الحاضرة تنتقد في موازين الناس؛ لكن يبقى هل هذا الأمر متقارب بينما تدفع وما ترجو وما وعدت، فرق كبير جداً جداً لا نسبة بينهما، ولذا مثل هذا الكلام لا يرد البتة، والوعد الصادق: ((ما نقصت صدقة من مال)) لأن الصدقة سميت بذلك لأنها تصدق صاحبها أو علامة على صدق دعوى صاحبها أنه مسلم وملتزم بأحكام الإسلام إذا أدى هذه الزكاة، نعم صدق في دعواه، وهي أيضاً جاءت تسميتها بالزكاة؛ لأنها تزكي المال وتنميه، سواء كانت هذه التنمية بالكيفية أو بالكمية، وتنمية الأموال بالكمية ظاهر، الناس يبذلون الملايين فيما يرضي الله -جل وعلا- وأموالهم تزيد زيادات كبيرة جداً، وبالمقابل أهل الشح والبخل أموالهم تنقرض، وكثير من أموالهم يصرفها أهل الشح والبخل فيما لا يرضي الله -جل وعلا-، بل تتفلت منهم رغم أنوفهم، يبتلى بولدٍ مبذر، يبتلى بامرأة سفيهة، يبتلى بأمراض، يبتلى بكوارث ومصائب وجوارح، وهذا الواقع يشهد بهذا، ولهذا الوعد الصادق لا يتخلف، قد لا يزيد المال في الكمية، يزيد في الكيفية، يستفيد من هذا المال فيما يرضي الله -جل وعلا-، وفيما يسعده في دنياه، وهذا من الزيادة، والزيادة تحتمل أن تكون الكمية والكيفية، كزيادة العمر مع الصلة، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً؛ لأن الناس يتصورون إن الإنسان إذا عفا عمّن ظلمه يتصورون أنه أنزل نفسه، ويرمونه بالعجز، لولا أنه عاجز عن استيفاء حقه ما عفا، فيتصورونه أو قد يتبادر على بعض الأذان أنه ذل بعفوه، والحديث الصحيح يدل على العكس والواقع يشهد بذلك، ولا شك أن من عفا أجره على الله، {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] وإذا كان أقرب للتقوى فهو العز الحقيقي، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله، ما تواضع أحد لله يرجو بهذا التواضع ثواب الله -جل وعلا-، ما تواضع من أجل ثناء الناس عليه، ولا تواضع للأغنياء لكي يصلونه بشيءٍ من أموالهم، إنما تواضع لله -جل وعلا-، إذا تواضع لله -جل وعلا-، والمتواضع والتواضع خضوع وقرب حسي، وإن كان من حيث الناحية المعنوية رفعة عند الله -جل وعلا- وعند خلقه، وهذا شيء مجرب، بعض الناس لا يطيق رؤية المتكبر، بل وجد من يعتدي عليه، متكبر في مشيته، في كلامه، في تعامله مع الناس، هذا لا يطاق، مثل هذا وإن رفع نفسه أذله الله -جل وعلا-، يقول الشاعر:

تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ *** على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه *** إلى طبقات الجو وهو وضيعُ
لا شك أن المتكبر مثل الدخان رافع نفسه؛ لكن لا شيء، رؤيته تزكم الأنوف، مثل الدخان، وتقضي العيون، وأما بالنسبة للمتواضع المتحبب الأليف لا شك أن الناس يألفونه ويحبونه، وشواهد الأحوال على ذلك كثيرة، والتواضع لا شك أنه قرين للدين والعلم، كلما زادت عبادة الشخص وقربه من الله -جل وعلا- تواضع لله، وخضع له، وكلما زاد علم الإنسان بربه وبأحكامه زادت معرفته بنفسه، ثم دعاه ذلك إلى التواضع، والله المستعان.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:55 PM   #55
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الخامس والثلاثون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:‏ (‏(‏كل عمل ابن آدم يضاعف‏، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف‏،‏ قال الله تعالى‏:‏ إلا الصوم‏‏ فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي‏،‏ للصائم فرحتان‏:‏ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه‏‏ ولَخَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك‏،‏ والصوم جُنَّة‏،‏ وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل‏:‏ إني امرؤ صائم‏))[متفق عليه]‏.‏
في هذا الحديث وهو مما يتعلق بالصيام بعد أن ذكر المؤلف بعض الأحاديث المتعلقة بالصلاة والزكاة على الأبواب ماشي -رحمه الله- ينتقي من كل باب أجمع حديث فيه، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)) الحسنة مضاعفة، والسيئات أفراد لا تضاعف، ولذا يقول أهل العلم: خاب وخسر من فاقت آحاده عشراته، الحسنة بعشر أمثالها، هذا أقل تقدير، أقل المضاعفات إلى سبعمائة ضعف، {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} [(261) سورة البقرة] الحبة صارت سبعمائة حبة إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعافٍ كثيرة، وهذه المضاعفات مردها إلى قوة الإخلاص لله -جل وعلا-، وحسن العمل فإذا كان العمل أدخل في هذين البابين الإخلاص والإصابة زادت المضاعفات؛ لكن إذا كانت صورته صورة العمل الشرعي وحصل ما حصل تنقص هذه المضاعفات، المقصود أن الله -جل وعلا- فضله لا يحد، سبعمائة ضعف، يتصور الإنسان أنه يقرأ القرآن في مدةٍ وجيزة ويحصل على ثلاثة ملايين حسنة، وهذا أقل تقدير، الحرف بعشر حسنات، فكيف إذا ضوعف الأجر إلى سبعمائة ضعف؟ من يقدر هذا القدر؟! وكم يختم الموفق في عمره، وإذا ضربت هذه المضاعفات بعدد ما قرأه المسلم من آي القرآن من الأمور السهلة الميسرة، يعني بالإمكان يجعل له ورد يومي بحيث يقرأ القرآن بالراحة، ويحصل على هذه الأجور ولو لم يقرأ لذهب الوقت في القيل والقال، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وذكرنا حديث المسند، وفيه كلام ضعيف عند أهل العلم؛ لكن هو لائق بفضل الله -جل وعلا- إلى ألفي ألف ضعف، مليون ضعف، هل يخطر ببال مسلم أنه من أين جاب هذه الأعداد؟ من فضل الله -جل وعلا- وفضله لا يحد، يعني ما هو ينفق من حساب مهما طالت أرقامه تنتهي، لو اجتمع الناس أو اجتمع الخلق كلهم إنسهم وجنهم من أول ما خلق الله الخليقة إلى أن تقوم الساعة فسألوا الله -جل وعلا- فأعطى كل واحدٍ مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئاً، وتعرفون حديث: أدنى أهل الجنة منزلة، وليس فيهم دنيء، أدناهم منزلة هو آخر من يخرج من النار يقال له: تمنَ، يكفيك ملك أعظم ملك في الدنيا؟ قال: يكفي، لك وعشرة أمثاله، هذا أقلهم منزلة، فكيف بمتوسطيهم؟! وكيف بأعلاهم؟! فما عند الله -جل وعلا- لا ينفد، قال الله تعالى: ((إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به)) والصوم يشمل صوم الفرض وصوم النفل هو لله -جل وعلا-، وإضافته إلى الله -جل وعلا- إضافة تشريف، ومزيد عناية وإلا فكل العبادات لله -جل وعلا-، ((إلا الصوم فإنه لي)) لأنه لا يمكن أن يصرف منه شيء، أمر غيبي لا يطلع عليه أحد، فلا يمكن أن يدخله الرياء إلا إذا كان الإنسان ما يحتمل الخير وإلا فبالإمكان أن يصوم الإنسان ولا يدرى به، ((إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به)) يعني جزاء لا يحد، ما يدخل في التضعيف المذكور سبعمائة ضعف، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) سبعين سنة، يوم واحد، وفي سبيل الله، منهم من يرى أنه في الجهاد، ومنهم من يقول: أنه خالصاً لوجه الله -جل وعلا-.
((يدع شهوته وطعامه من أجلي)) من أجلي، الباعث على هذا الصيام طلب ما عند الله -جل وعلا-، قد يقول قائل: زيد من الناس أصيب بمرض، فأوصاه الأطباء بالحمية، وقال: بدلاً من الحمية أصوم، هل هذا ترك شهوته وطعامه من أجل الله؟ له أجر وإلا ما له أجر؟ له أجر؛ لأنه ما عدل عن الحمية التي لا توافق الشرع إلى ما يوافق ما أمر به الشارع إلا طلباً لثواب الله -جل وعلا- فله أجره؛ لكن يبقى أن ثوابه ما هو مثل ثواب الذي من أجل الله -جل وعلا- ترك الطعام والشراب، وقل مثل هذا الكلام فيمن أمره الأطباء بكثرة المشي فقال: بدلاً من أن أجوب الأسواق طولاً وعرضاً أطوف، يطوف، ويسأل بعض الناس السعي فيه ثواب وإلا ما فيه ثواب؟ رياضة، يبي يمشي هو، يقول: لا السعي ما فيه ثواب إلا إذا كان في نسك حج أو عمرة، أما الطواف ففيه الثواب مطلقاً، وفيه النصوص المعروفة ((من طاف أسبوعاً يحصيه كان له بكل خطوةٍ حسنة)) المقصود أن فيه ثواب، فيقول: بدلاً من أن أجوب الأسواق رايح وجاي، والناس وش بك؟ وأين تبي؟ وين أنت رايح؟ وواحد اللي يوقفه يبي يشيله لا، بدون إحراج، باروح إلى المطاف وما شاء الله آخذ لي أسبوع أسبوعين ثلاثة، نقول: نعم، عدولك عن المشي المباح إلى المشي المستحب فيه ثواب؛ لكن يبقى أن الباعث يختلف، فليس ثوابه ثواب من عمل العبادة خالصاً لوجه الله تعالى.
((يدع شهوته وطعامه من أجلي)) شهوته يدخل فيها الجماع وما دونه مما يفطر، مما اشتمل على الشهوة، وبهذا يستدل من يقول: أن مجرد خروج المذي ما يفطر؛ لأنه ليس فيه شهوة، على كل حال الجماع مفطر إجماعاً، وفيه كفارة، والطعام أيضاً مفطر إلا إذا كان ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه، من أجل الله -جل وعلا- وطلباً في رضاه.
((للصائم فرحتان)) وكل صائم يدرك هذا بنفسه، ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطرة)) ولولا هذا النص، فرحة عند فطرة، يعني الإنسان جبلة خلقة إذا قدم الفطور ينتظر أذان المغرب، ويبدأ بالفطور يفرح، هذا موجود عند الناس كلهم، ولولا مثل هذا النص لقلنا: أن هذا الفرح فرح بالفراغ من العبادة، وهذا ما هو طيب الشعور بهذا، لكنه ما دام ثبت في الشرع أن الصائم له أن يفرح فليوجه هذا الفرح بأنه فرح باستكمال هذه العبادة، الحمد لله أنه أكمل هذا اليوم من غير أن يعرض له شيء يضطره إلى الفطر، ومباشرة ما امتن الله به -جل وعلا- عليه وأباحه له، ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطرة)) إذا افترضنا أن هناك اثنين، كلاهما صائم، واحد ينتظر كل شيء ينظر للساعة متى يؤذن؟ والثاني: غافل عن هذا الأمر يذكر الله ويتلو القرآن، والحمد لله هو في عبادة، هل نقول: أن الذي يفرح بقرب الفطور أفضل من الذي ينشغل عن هذا الأمر بعبادةٍ أخرى، أو على الأقل ما يخطر على باله يعني يستوي عنده أنه يؤذن أو ما يؤذن، يستوي عنده الأذان وعدمه، كله واحد، لو استمر النهار ساعتين ثلاث ما... في الحديث يقول: ((للصائم فرحتان)) له ذلك؛ لكن هل معنى هذا أنه يؤجر على هذه الفرحة أو لا يؤجر؟ بحسب ما يقر في قلبه من هذه الفرحة، إن كان متضايق من الصيام لا شك أن هذا لا يؤجر عليه البتة، هذا خلل؛ لأن هذه عبادة، نعم قد يحتاج إلى الأكل في
شدة أيام الحر فمثل هذا لا يؤاخذ، أما من لم يخطر الفطور والفطر على باله هذا لا شك أنه منسجم مع هذه العبادة وانشغل وقته بما يرضي الله -جل وعلا- لا شك أنه أكمل، وأما الفرحة هذه فرحة جبلية، الفرحة الثانية عند لقاء ربه، عند لقاء ربه إذا رأى ما وعد الله به عباده الصائمين، وفي الجنة باب يقال له: الريان لا يدخل منه إلا الصائمون، لا شك أن مثل هذا يبعث على الفرح، ويحث على العمل.
((ولخلوف فم الصائم)) الخلوف الرائحة التي هي في عرف الناس كريهة، التي سببها فراغ المعدة من الطعام إذا فرغت المعدة من الطعام انبعث هذه الروائح الكريهة، وهذا يسمى خلوف، ((ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) لماذا؟ لأنها رائحة نشأت عن عبادة، أثر عبادة، ولذا الغبار في سبيل الله أمره عظيم، الدم دم الشهيد شأنه عظيم، وهو دم وهذه الرائحة الكريهة أيضاً أطيب عند الله من ريح المسك، ((والصوم جنة)) جنة وقاية يجتن بها الصائم، ويتقي بها، الصوم جنة، والتقوى من أعظم فوائد الصيام، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة]
هذه العلة والحكم من مشروعية الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فهو جنة يقي العبد مما يكره في الدنيا والآخرة.
((وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخب)) الرفث: الكلام البذيء سواء كان منه ما يتعلق بالنساء وهو الأقرب أو غيره، ولا يصخب الكلام الذي فيه صخب ولغط ويؤدي إلى شجارٍ ونزاع كل هذا ممنوع منه المسلم مطلقاً، وهو يتأكد منع منه في حال الصيام، فلا رفث ولا فسوق ولا عصيان ولا صخب في حياة المسلم كلها، ومن باب أولى إذا كان متلبساً بعبادة كما هنا، فلا يرفث ولا يصخب، وفي الحج: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) ((فإن سابه أحد أو قاتله)) اعتدى عليه بلسانه أو بيده ضاربه أو بسلاحه ((فليقل: إني امرؤ صائم)) يخبره بذلك ليكف وليخبره أنه ليس بعاجز عن الرد عليه، وإنما يحجزه هذه العبادة التي تلبس بها، ((فليقل: إني امرؤ صائم)) من أهل العلم من يرى أن مثل هذا الكلام يقال في صوم الفرض؛ لأن الناس كلهم صائمون والفرض لا يدخله رياء، مطلوب من الناس كلهم، أما في النفل لا ينبغي أن يقول: إني امرؤ صائم؛ لئلا يخبر بسريرته، ويكشف حقيقة أمره، وإن كان النص عام، يعني إذا سابه أحد أو قاتله يخبره بأنه ما حجزه وما منعه عن الاقتضاء منه والاقتصاص إلا الصيام، وإلا ليس بعاجز.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:57 PM   #56
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث السادس والثلاثون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏إن الله قال‏:‏ من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب‏،‏ وما تقرب إلى عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضت عليه‏،‏ وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه‏،‏ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها‏،‏ ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه‏،‏ وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن‏:‏ يكره الموت، وأكره مساءته‏،‏ ولا بد له منه)‏)[رواه البخاري‏].
هذا الحديث حديث أبي هريرة في حق الأولياء في مالهم عند الله -جل وعلا-، وفي أوصافهم، وهذا الحديث عند أهل العلم يسمى القدسي، الحديث الإلهي، الحديث الرباني؛ لأنه مضاف إلى الله -جل وعلا-، يقول: ((إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) والولي: هو الذي يتقرب بالفرائض ويتبعها بالنوافل، هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، والمؤمنون كلهم أولياء لله، فليحذر المسلم من معاداة ولي الله؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) إذا عادى المؤمن المطيع لربه المجتنب عن محارم الله المتقرب إلى الله بالفرائض والنوافل فقد آذنته بالحرب، والعداوة قد تكون قلبية، ولا شك أن سبب هذا خلل إما في قلب الشخص وعدلاً من سلامته، أو فساد في تصوره وإلا فكيف يعادي المسلم أخاه المسلم بغير جريرة وبغير عداوةٍ منه أو اعتداءٍ عليه؟ باعث على هذه العداوة إما فساد في قلب الشخص أو خلل في تصوره، أو وجود حسد، ولا شك أن بعض الناس يعتدي على غيره حسداً، {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} [(54) سورة النساء] وإلا فكيف تتصور شخص مطيع لله -جل وعلا- مؤدي ما افترض الله عليه، مجتنب لما نهى الله عنه فتعتدي عليه في يدك أو في لسانك وتعاديه وتهجره لغير سبب؟ فلينته المسلم لا سيما طالب العلم أن يعادي الأولياء بسبب لأنه إذا كان هناك سبب يقتضي العداء فإنه ليس بولي، إذا كان هناك سبب حقيقي يقتضي العداء فمثل هذا ليس بولي، على أن المسلم لا سيما من كانت عنده موافقة ومخالفة، تجده مطيع لله -جل وعلا-، مؤدي الفرائض، مجتنب لبعض المحرمات، مرتكب لبعضها، مثل هذا يحب بقدر ما عنده من إيمان، بقدر ما عنده من إسلام، بقدر ما عنده من طاعات؛ لكنه يبغض بقدر ما عنده من مخالفات ومعاصي، يجتمع في المسلم موافقة ومخالفة.
((فقد آذنته بالحرب)) ومن لديه قدرة على مبارزة الله -جل وعلا- بالحرب؟ وجاء في آكل الربا {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] ((وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحب إليّ مما افترضته عليه)) لا شك أن أداء الواجبات واجتناب المحرمات أولى من الانشغال بالمستحبات، ((وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحبّ إلي مما افترضته عليه)) يعني على الإنسان أن يؤدي ما افترض الله عليه، فإذا حصل فيها خلل غير مقصود وتنفل الإنسان بعدها جبر النافلة هذا الخلل، أما أن يعنى بالنوافل وهو مخل مصر على الخلل في الفرائض يخل بالفرائض عن قصد يقول: نكملها بالنوافل، ((وما تقرب إليّ عبدي أحب إلي مما افترضته عليه)) هنا مسألة يحتاجها كثير من الإخوان المشايخ وطلاب العلم، تجد بعضهم باذل في وجوه الخير والنفع لكن هذا البذل له أثر في عمله الأصلي الذي استؤجر عليه ووجب عليه، تجد مثلاً مدرس مقصر في التدريس الواجب وعنده في آخر النهار حلقة تحفيظ، أو أستاذ في جامعة أو في غيره عنده دروس لكنه يتخلف عن المحاضرات الواجبة عليه، ((وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحبّ إلي مما افترضته عليه)) عليه أن يؤدي هذا الواجب الذي يأخذ مقابله أجرة، ثم إذا تنفل بما زاد على ذلك نور على نور، وبعضهم يتسامح في مثل هذا الأمر، ويقول: ما دام العمل الثاني يحقق الهدف الذي من أجله استؤجر على العمل الأصلي هذا يجبر هذا، وعلى كل حال كل له نظرته؛ لكن ينبغي العناية بما أوجب الله عليك، احرص على أن تؤدي ما أنيط بك من عمل، وأخذت عليه أجرة كاملاً، وما زاد على ذلك لك أجره -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال على الإنسان أن يؤدي ما اؤتمن عليه، وما استؤجر من أجله، وعليه أيضاً أن يبذل، ((وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) لكن هل الشخص الباذل الذي يبذل قدر زائد على ما أوجب عليه، هذا إذا حصل خلل فيما أوجب عليه يجبر بهذه النوافل، كما أن الصلوات المفروضة تجبر بالرواتب؛ لكن الإشكال إذا قال: أنا من أهل التحري والتثبت وأؤدي العمل الواجب، ولا أستطيع أن أتنفل، ويحرم من النفع العام الذي يؤديه إلى غيره، يحرم الناس بسبب أنه يريد أن يتحرر، ويؤدي الواجب، ويخشى أن يكون هذا العمل المندوب له أثر على الواجب فيحرم من ما يكمل هذا الواجب، فعلى الإنسان أن يحرص على الواجب ويؤدي المستحب.
((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) يتقرب بالنوافل: وأعظم النوافل طلب العلم، طلب العلم ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، هذا أعظم وأفضل من نوافل العبادة، فعلى الإنسان أن يحرص عليه ويتقرب بوجوه الخير الأخرى اللازمة والمتعدية من صلاةٍ وزكاةٍ وصيام وحج وعمرة، ونفع لإخوانه المسلمين، وإعانة للمحتاجين، وسعي في قضاء حوائجهم، ((وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه)) وفي هذا إثبات المحبة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)) وإذا كان الله -جل وعلا- سمع الإنسان فإنه لن يسمع إلا ما ينفعه في أموره ودنياه، وسوف يحمي سمعه عن سماع المحرم من غيبة ونميمة وأغاني وفحش وإسفاف ((وبصره الذي يبصر به)) وقل مثل هذا فيما يرى، فإذا أحب الله -جل وعلا- العبد حماه عن مزاولة المنكرات المسموعة والمرئية، وكنت يده التي يبطش بها، فلا يمد يده إلا إلى شيءٍ مشروع، أو على أقل الأحوال مباح ((ورجله التي يمشي بها)) فلا يمشي إلا إلى عبادة أو إلى شيءٍ مباح يستعين به على عبادته، ((ولئن سألني لأعطينه)) ومع ذلك يكون مجاب الدعوة، ومع ذلك يكون مجاب الدعوة، ((ولئن سألني لأعطينه)) لأن من حافظ على الواجبات، وتقرب بالنوافل عصمه الله -جل وعلا- عن المحرمات، لا سيما ما يدخل في جوفه من مأكولٍ ومشروبٍ، وما يلبسه على بدنه مما يقتضي رد الدعوة، فمثل هذا إذا عصم من الأكل الحرام، وشرب الحرام، وغذاء الحرام، وكسوة الحرام، مثل هذا يكون مجاب الدعوة؛ لأن من موانع الدعوة هذه الأمور، مزاولة المحرمات، ذكر الرجل ((يطيل السفر، أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له)) لكن هذا الولي ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني...)) سألني شيء ينفعه في دينه ودنياه لأعطينه، وإن استعاذني من شيء يضره في دينه ودنياه لأعيذنه.
((وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه)) إذا وجد أمر ينتابه أمران، أمر يحث عليه، وشيء يحذر منه، يحصل هنا التردد، هل يفعل أو يترك؟ يفعل نظراً إلى ما يحث عليه، يترك نظراً إلى ما يحذر وينفر منه؟ هذا بالنسبة لتردد المخلوق، تردد المخلوق في شيء لما ينتابه مما يأمره بالإقدام ويعارضه من الإحجام، هذا يورث التردد بالنسبة للمخلوق، وهذا الباعث على تردد المخلوق؛ لكن بالنسبة للخالق؟ هذا التردد يليق به -جل وعلا- ما لا يشبه تردد المخلوق، ويكره عبده الولي الموت فالله -جل وعلا- يكره قبض روحه؛ لأن الموت يسوء هذا الولي؛ لكنه أمر مكتوب محتوم عليه لا بد من وقوعه، فلا بد من نفاذه حينئذٍ.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:57 PM   #57
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث السابع والثلاثون: عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏((‏البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا‏، فإن صدقا وبيَّنا‏‏ بورك لهما في بيعهما‏،‏ وإن كذبا وكتما‏‏ محقت بركة بيعهما‏)‏) [متفق عليه]‏.
نعم هذا الحديث في البيع وإثبات للخيار، وهو خيار المجلس بين الطرفين المتعاقدين، ما داما في مجلس العقد، هما بالخيار لكل واحدٍ منهما أن يمضي العقد أو يفسخ العقد، فكل منهما له أن يختار بين إمضاء البيع أو فسخه، ما لم يتفرقا بأبدانهما، كما يفيده هذا الحديث، لا بالأقوال كما يقوله بعضهم، كالحنفية والمالكية، لكن إثبات خيار المجلس هو الصحيح لهذا الحديث، وما جاء في معناه، فإذا تفرقا بأبدانهما عن مكان العقد لزم البيع، فلا خيار لأحدهما، ثم بين النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ينبغي أن يتحلى به المتعاقدان، ((فإن صدقا)) ولم يكذب أحدهما على الآخر لا في السلعة وقيمتها، ولا فيما طلبت به وسيمت، لا يجوز للبائع أن يقول: اشتريتها بكذا، بل عليه أن يصدق إذا أراد أن يخبر إذا قال له المشتري: بكم اشتريت هذه؟ لا يجوز له أن يكذب في ثمنها، له أن لا يخبر؛ لكن إذا أخبر يجب عليه أن يصدق، إذا قيل له: كم سيمته؟ لا يجوز له أن يخبر بخلاف الواقع، بل يخبر ما سميته بدقة، وعن السوم الذي قريب من المجلس، قد تكون السلعة السيارة سيمت في العام الماضي لكن هذه السنة كم تسوى؟ تسوى ثلاثين مثلاً، تقول: كم سميت السيارة؟ يقول: والله سميت خمسين ألف، متى سميت خمسين ألف؟ هذا كذب بلا شك، لا بد من الصدق من المتعاقدين، وبين لا بد من بيان حقيقة السلعة، لا بد من بيان حقيقة السلعة ووصفها بالوصف الدقيق وما فيها من عيوب، لا بد من البيان، فلا يجوز أن يكتم عيباً تشتمل عليه مما لا يراه المشتري، فإن حصل منهما ذلك حصل الصدق والبيان ((بورك لهما في بيعهما)) والبركة في هذا البيع يبارك السلعة للمشتري المثمن، ويبارك في القيمة للبائع، فيستفيد منه على أكمل وجه، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما، لو جاء شخص لصاحب سيارة وقال له: كم تسام هذه السيارة؟ قال: خمسين ألف، بالفعل قبل مدةٍ يسيرة بنفس اليوم سيمت خمسين ألف، قال: سميت خمسين ألف، وهو يبي ستين ألف، قال: ماني زائدك أكثر أزيدك ألف واحد وخمسين، النسبة للفضل والأجر والثواب والعقاب معروف مفروغ منه، لكن بالنسبة لأمور الدنيا؟ سميت خمسين ألف قال: هذه واحد وخمسين قال: هات، واحد وخمسين مع الصدق والبيان يبارك به -إن شاء الله-، لكن لو قال: سميت تسعة وخمسين على شان يقول له: ستين وليس بصادق أيهما أبرك؟ الواحد والخمسين وإلا الستين؟ شواهد الأحوال في الواقع تدل على أن الصدق والبيان مثل هذا يضمن البركة، فيستفيد البائع من القيمة على أكمل الوجوه، وأما إذا كذب أو غش ولم يبين وكتم، يمكن أن ترتفع قيمة السلعة، ويحصل على أعظم مبلغ لكن مع ذلك الشواهد تدل على أنه لا يستفيد من هذا المال البتة، والله المستعان.
((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما)) والبركة تكون في الثمن والمثمن، إذا صدق الطرفان، وأما إذا صدق أحدهما دون الآخر حصلت لهما البركة بمفرده، والمحق للطرف الآخر، ((وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) فلا البائع يستفيد من الثمن، ولا المشتري من المثمن، والله المستعان.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:58 PM   #58
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الثامن والثلاثون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة، وعن بيع الغَرر"‏ [رواه مسلم]‏.‏
نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الحصاة، هذا نوع من البيوع كانوا يتعاملون به في الجاهلية، يأتي من يريد السلعة إلى صاحبها وعنده حصاة يقول: خذ حصاة واضرب بها أي شيءٍ تريده وما وقعت عليه هذه الحصاة فهو عليك بكذا، أو ارم هذه الحصاة فالحد الذي تصل إليه من الأرض عليك بكذا، هذا غرر لأن الناس يتفاوتون في دقة الإصابة، إصابة المراد، بعض الناس يرمي يريد أمامه، تروح يمين وإلا يسار، وبعض الناس يصيب بدقة، فإذا راحت يميناً وشمالاً لا شك أنها ستقع على سلعةٍ إما أن تكون بأكثر من الثمن أو بأقل، فيتضرر أحدهما، وفي هذا غرر وجهالة، وإن كان الرامي دقيقاً في رمي ما يريد وأصاب سلعةً قيمتها أكثر مما حددت به يتضرر البائع، وفي هذا من الغرر والجهالة ما لا يرد الشرع بمثله، هذا بيع الحصاة، وقل مثل هذا في البيوع التي تشتمل على الغرر، والصور كثيرة جداً، كل ما فيه غرر بحيث لا يتبين البائع والمشتري السلعة والثمن بدقة؛ لأن من شرط صحة البيع أن يكون الثمن معلوماً، وأن يكون المثمن الذي هو السلعة معلوماً، وأما الجهالة المفضية إلى النزاع والخصومة، مثل هذا ممنوع، والمراد ما من شأنه أن يفضي إلى النزاع والخصومة، بمعنى أنه لو تراضيا قال: أنا مستعد آخذ السلعة بكم؟ أي سلعة تقع عليها هذه الحصاة علي بمائة ريال، اتفقنا اتفقنا، رضيت رضيت، يأخذ الحصاة ويضرب ما قيمته ألف، قال: احنا متراضيين، قال: خلاص متراضيين متراضيين، ولو تراضيا، مثل هذا ما يجزئ، ما يكفي فيه الرضا، وإلا كان الميسر والرهان كان جائز، وأنه حصل برضا الطرفين، لكن الشرع جاء بتحريمه، القمار والميسر كلها غرر وجهالة، ما في بطون الأنعام، نهى عن بيع الحبلة، ونهى عن بيع حبل الحبلة، لك ما في بطن هذه الناقة بكذا، لك ما في بطن هذه الناقة هذا غرر وجهالة، ما تدري وش تلد؟ ذكر أنثى، مكتمل ناقص ما تدري، ميت لا تدري، كل هذا من بيوع الغرر والجهالة، في الأسواق وفي المحلات صور كثيرة للغرر، فلا بد أن يكون الثمن معلوم، والمثمن معلوم، طيب؟ صور التأمين الصحي وغير الصحي تدفع كذا مبلغ ألف ريال وتعالج في هذا المستشفى لمدة سنة أنت وأسرتك، هذا احتمال أن لا تراجع هذا المستشفى البتة، واحتمال أن تراجع هذه المستشفى بما قيمته عشرة آلاف بدل ألف هذا غرر وجهالة، ولذا حرم أهل العلم التأمين، الضمان، إذا كان مقابله له وقع في الثمن، غرر وجهالة، تشتري السيارة مضمونة لمدة سنتين، كيف مضمونة؟ إذا خربت يجوا يصلحونها لك؟ لكن ما مقابل هذا الضمان من الثمن؟ إن كان صاحب السلعة يقول: الثمن مائة ألف تبي ضمان نضمن، ما تبي بكيفك؟ ما يتغير الثمن، نقول: هذا تبرع بالإصلاح سهل؛ لكن إذا كانت مضمونة بمائة ألف وغير مضمونة بأقل بتسعين ألف مثلاً؟ نقول لا، هذا غرر وجهالة؛ لأنه يمكن هذه العشرة الآلاف التي دفعتها ما تستغرق منها شيء خلال السنتين، ويمكن أن تستغرق ضعف قيمة السيارة، هذا غرر وجهالة، وقل مثل هذا في ضمان الجوال مثلاً، إذا كان هذا الضمان يقابله نسبة من الثمن شيء له وقع في الثمن، الجوال والله بألفين، هذا بألفين، ضمان وإلا بألف وخمسمائة بدون ضمان، نقول: لا ما يجوز لأن هذا غرر وجهالة، يمكن يخرب كل يوم هذا الجوال، ويمكن ما يخرب، ولذلك تجدون في صور الضمان المشاكل كثيرة جداً، المشاكل كثيرة، تأتي إلى الوكالة وكالة السيارة تقول: والله الآن السيارة ما لها إلا شهر وخربت، تجي للمهندس يعني الأصل أن يصلح لك السيارة، يقول: لا هذا غير داخل تحت الضمان، أنت ما تدري عن شيء، تجي مرة ثانية يقول: لا هذا ناتج عن سوء استعمال، إيش معنى سوء استعمال؟ فمثل هذه المنازعات والخصومات الذي أوقعنا فيها إقدامنا على هذا الغرر والجهالة، بعض الغرر والجهالة قد يتجاوز عنه لندرته وقلته، أو لعدم الوصول إلى حقيقته، اشتريت بيت، ومن اللازم أن تشوف القاعدة كم عرضها مترين مترين، متر متر، ثلاثة أمتار، يا أخي غرر القاعدة ما تشوفها أنت، هذا غرر لكنه يسير، ولا يمكنه الوصول إليه، الأصل أن القاعدة المبنى ما دام على مخطط صادر من مهندس ومدروس الأصل فيه أن قواعده ماشية، الصور في هذا الباب كثيرة، يسأل كثيراً عن البيع الذي يسمونه تأجير منتهي بالتمليك، وهو صورة من صور الغرر، كيف؟ تشتري هذه السيارة لمدة ثلاث سنوات تدفع كل شهر ثلاثة آلاف ثم تدفع القيمة الأخيرة التي هي البيع عشرة آلاف، إذا انتهت الأقساط، إذا انتهت الأجور تدفع القيمة، هما عقدان في عقدٍ واحد، وواقع السلعة عند بيعها إذا انتهت الأقساط مجهولة، احتمال أن تسوى السلعة عشرين ألف السيارة، واحتمال ما تسوى إلا خمسة ألف، ولهذا أفتى العلماء بتحريم مثل هذا، من جهةٍ أخرى هذا العقد الضمان فيه عائر، لا يدرى هل هو على صاحب السلعة أو على دافع القيمة والأجرة؟ اشترى سيارة بهذا العقد، تأجير منتهي بالتمليك، بعد ستة أشهر احترقت السيارة، يأتي المستأجر يذهب إلى صاحب الوكالة يقول: أنا أجير، أمين ما أضمن، ما عليه ضمان، السيارة لك وأنا مستأجر أجرة، ولا تعديت ولا فطرت، إذاً من ضمانك؟ لكن الثاني يقول أنا بايع عليك، والضمان على المشتري، ما الذي يحل مثل هذا الإشكال؟ قد يقول قائل: يحله التأمين، كل وكالات السيارات مؤمنة، نقول: يا أخي الحلول لا ندري نتائج شرعية على مقدمات ممنوعة، لا بد أن تكون مقدماتنا شرعية؛ لأن بعض الناس يقول: سهل هذه مسألة محلولة، احترقت التأمين، نقول: لا يا أخي ما دام قلنا: أن التأمين حرام، إذاً كيف نبني عليه الحلال، فمثل هذا العقد الذي لا يعرف ضامنه لا يأتي الشرع بجوازه، ولذا أفتى العلماء بتحريم مثل هذه الصورة.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:58 PM   #59
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث التاسع والثلاثون: عن عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ((الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً‏،‏ والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً‏))[رواه أهل السنن إلا النسائي]‏.‏
هذا الحديث فيه الكلام عن الصلح {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] كما قال الله -جل وعلا- بجميع أنواعه وأشكاله وأطرافه، الصلح بين المتبايعين، الصلح بين المتخاصمين، الصلح بين أخوين، صلح بين زوجين، هو خير على كل حال، إلا ما استثني، الصلح الذي يحرم الحلال أو يحل الحرام لا يجوز بحال، ارتكاب ما حرم الله -جل وعلا- لا يجوز بحال، حصل نزاع وشقاق بين غاصبين، تحصل بينهما أو بين سارقين، أو بين مرتبطين بوعد محرم على شيءٍ محرم، ثم تخاصما وتشاجرا لا يكون بحال، إنما الصلح في المباحات والمشروعات من باب أولى، فالصلح جائز بين المسلمين، وهو من أفضل الأعمال، تصلح بين اثنين صدقة، والله -جل وعلا- يقول: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] بم يكون الصلح؟ يكون بتقريب وجهات النظر، بتنازل الطرفين، بهذا يكون الصلح، يعني إذا وجد خصومة بين شريكين، لا بد من أن يتنازل هذا عن بعض الشيء، وهذا عن بعض الشيء، ليتم تقريب وجهات النظر بينهما والإصلاح بينهما، ويكون بمساعي المصلحين، إذا حصل نزاع وشقاق بين زوج وزوجته يبعث حكم من أهله وحكم من أهلها، وتقرب وجهات النظر، ويصلح بينهما، ويتنازل الزوج عن بعض حقوقه، والمرأة عن بعض حقوقها، فالمرأة إذا رأت من زوجها إعراضاً عنها وتنازلت عن بعض ما أوجب الله لها لها ذلك، الأمر لا يعدوها، وإذا تنازل الزوج عن بعض حقوقه الأمر لا يعدوه، ولا يتم الصلح إلا بالتنازل، أما كل واحد يريد حقه كاملاً عند المشاحة لا يمكن أن يتم صلح؛ لكن عند المسامحة وينبغي أن يكون المسلم سمحاً في جميع تصرفاته، إلا إذا انتهك الحرمات، وإذا تحلى المسلم بهذا الخلق العظيم السماحة فإنه يكون قريباً من هذا الخير الذي هو الصلح؛ لكن إذا تضمن الصلح حرام من إحلال الحرام أو تحريم حلال فلا يصح، ولا يجوز بحال، أو تنازل عن واجب، حصل نزاع بين زوج وزوجته وبذلت المساعي للصلح بينهما فقال: نعم أنا أرضى وأتنازل عن حقوقي على أن لا تصلي الفجر مثلاً، أو لا توقضني لصلاة الفجر، نقول: لا هذا لا يجوز، أو تسمح له بأن يرتكب بعض المحرمات، نقول: لا، لا يجوز، وقل مثل هذا في الشركاء وغيرهم.
((والمسلمون على شروطهم)) إذا اشترط المسلم على أخيه، أو اشترط له والتزم له لا بد أن يفي، وأحق ما يوفى به من الشروط ما استحلت به الفروج، ما كان بين الزوجين، ((إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) كسابقيه؛ لكن إذا لم يتضمن ذلك فالأصل أن الوفاء بالشروط واجب، من الشروط بين الزوجين تشترط المرأة على الزوج أن تواصل التعليم، وأن تعمل بعد التخرج، بعد سنة سنتين تضايق الزوج قال: أنا لا أريد هذا الشرط، نقول: يا أخي المسلمون على شروطهم؟ يقول: أنا بيدي خيار أنا أملك خيار ثاني، تبي تتنازل عن هذا الشرط وإلا ما صار شيء، تذهب لأهلها، نقول: ارتكب محرم وإلا ما ارتكب محرم؟ لأنه يملك الخيار الثاني، كونه شرط يجب الوفاء به من جهة أنها لو أصرت لا يستطيع إلزامها؛ لكن هو يملك الخيار الثاني تروح لها، لا يملك إجبارها في البقاء في بيته مع ترك الشرط، أما يملك الخيار الثاني يملك؛ لكن هي إذا رأت أن المصلحة بالتنازل عن هذا الشرط في مقابل أن تبقى عنده زوجة، الأمر لا يعدوهما، فمثل هذه الشروط هي مثلما يقال في حياة الناس: عرض وطلب، هو لما التزم بالشرط يعني إن كان في نيته أن لا يفي بهذا الشرط من الأصل لا يجوز له ذلك؛ لكن في نيته أن يفي لكنه تضرر من هذا الشرط، ويملك خيار آخر، نقول: هي أيضاً بالخيار، إن شاءت تبقى بدون عمل، تبقى في الخدمة في البيت، وعليه أن يوفر جميع ما تطلبه مما هو لائق بها، وإن أصرت على لزوم هذا الشرط على أن ينفذ ما له تنفيذه الأمر لا يعدوهما، طيب شخص اقترض من زيد مبلغ من المال، قال: الآن أنا والله محتاج عشرة آلاف على أن أسددها لك في كل شهر ألف لمدة عشرة أشهر، قال: تفضل، هذا عشرة ألف، بعد شهر نزلت بالمقرض حاجة، المقترض اشترط أن تسدد في كل شهر ألف، المقرض نزلت به حاجة واضطر إلى هذا المبلغ، هل له أن يلزم المقترض بدفعه فوراً، أو نقول: المسلمون على شروطهم؟ نعم، كيف؟ بمعنىً آخر هل القرض يقبل التأجيل أو لا يقبل؟ الجمهور على أنه لا يقبل التأجيل، بمعنى أنك لو اشترطت عليه، هو محسن، وليست حاجتك بأولى من حاجته، يلزمك أن تسدد فوراً، إذا احتاج إليها، متى طلب يلزمك تسدد؛ لأن القرض لا يقبل التأجيل، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: لا المسلمون على شروطهم؛ لأن المقترض قد يتضرر، اقترض منك عشرة آلاف تصرف بها، فأنت تلجئه إلى ما فيه ضرر عليه، ((والمسلمون على شروطهم)) وهذا يرجحه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، المسلمون على شروطهم.
قلت: مثل هذا في القروض المؤجلة ذات الأمد الطويل، لو احتاج المقرض مثلاً هل له أن يلزم المقترض؟ صندوق التنمية العقاري وغيره وكذا، ناس قدموا على هذا القرض على أساس أنه على خمسة وعشرين سنة، فهل للدولة أن تلزم الناس بالدفع فوراً؟ على الخلاف؛ لكن الذي رجحه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: المسلمون على شروطهم؛ لأنه يتضرر المقترض بهذا، وينقلب الإحسان إساءة، وحينئذٍ يكون هذا القرض على خلاف الهدف الشرعي من القرض وهو الإحسان.

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-09, 04:59 PM   #60
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الأربعون: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏مَطْل الغنيِّ ظلم‏،‏ وإذا أُتْبع أحدكم على مَلِئٍ فليَتْبع)‏)‏ [متفق عليه]‏.
هذا الحديث يقول فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مطل الغني ظلم)) وفي لفظ: ((لي الواجد ظلم، يبيح عرضه وعقوبته)) مطل الغني: يعني تأجير التسديد من قبل الغني للدائن ظلم، والظلم كما تقدم ظلمات يوم القيامة، تجد الأموال عنده والأرصدة في البنوك فإذا جاء الدائن تأتينا بعد شهر -إن شاء الله-، إذا جاء بعد شهر قال: اصبر أسبوع، اصبر عشرة أيام، اصبر شهر ثاني، وهكذا، هذا لا يجوز حرام؛ لأنه ظلم، فلا يجوز للملي –الغني- أن يماطل بدفع الدين، بل عليه أن يسارع لإبراء ذمته، ولو لم يحضر صاحب الدين، إذا كان حالاً فهذا الظلم يجعل مثل هذا المطل محرم، وجاءت الأحاديث الأخرى أنه يبيح العرض والعقوبة، بحيث إذا رفع أمره إلى الإمام يعزر حتى يدفع؛ لكن ليس للشخص الممطول أن يعاقبه، يضربه أو يعتدي عليه، لا؛ لأن العقوبات منوطة بولي الأمر، وإلا صارت المسألة فوضى، عليه أن يرفع أمره إلى ولي الأمر فيعزره على هذا.
((يبيح عرضه وعقوبته)) يقول أهل العلم: ماذا يبيح من العرض؟ يبيح أن يتحدث الشخص بقوله: فلان مطلني فقط، لأن بعض الناس إذا سمع إباحة العرض خلاص الآن الفاكهة جاهزة مقدمة: الخبيث المخبث الفاعل التارك، نقول: لا، لا، لا يبيح لك أن تقول: مطل فلان مطلني، هذه إباحة العرض هنا، إباحة العقوبة يعزر من قبل الإمام، ومفهوم الحديث أنه إذا كان مطل الغني ظلم فالمعسر مطله وترديده ليس بظلم، بل يجب إنظاره {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}
[(280) سورة البقرة] يعني فالواجب نظرة إلى ميسرة، ((وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)) الملي الواجد بحيث إذا طلب منه المال يدفع، بخلاف المفلس، فإذا أحيل صاحب الدين على واجد مليء عنده المال بحيث يسدد الدين متى طلب منه مثل هذا عليه أن يتبع، عليه أن يتبع، فإذا كان لك على زيدٍ من الناس مبلغ من المال وله نظير هذا المبلغ أو أكثر منه عند عمرو فأحالك على عمرو فإن كان عمرو مفلساً لا يلزمك القبول، وإن كان ملياً بحيث إذا طلبت منه المال أعطاك يلزمك أن تقبل، وحينئذٍ تبرأ ذمة المحيل، والجمهور على أن قبول الحوالة على المليء الباذل واجبة، وقال بعضهم: باستحبابها؛ لكن الجمهور على أنها واجبة للأمر بها ((فليتبع)) أما إذا كان معسراً أو في حكم المعسر مماطل أو لا يقدر استخراج الحق منه أحالك على ظالم، نقول: لا يا أخي لا قبول، أحالك على أبيك وأنت محرج من أبيك مثلاً، أحالك على أخيك وفي حرج عليك أو صهرك أو ما أشبه ذلك، يقول: لا يا أخي لا تحرجني، فهذا في حكم غير المليء.
أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
برنامج تفريغ الأشرطة (الإصدار الذهبي) أم خــالد الأرشيف 19 01-02-14 07:09 PM


الساعة الآن 06:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .