23-02-11, 01:13 PM | #41 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الهاتف الجوال والبنات (منقول) في لقاء مع السيّدة وفاء والتحدث معها عن الجوّال والبنات أعربت عن استيائها من تصرف الشباب حين يشترون هواتف جوّالة للفتيات مع البطاقات ، إغراء لهنّ بالتحدّث معهم . وبهذا التصرف يصبح امتلاك الجوال سهلاً ، ولا كلفة على الفتاة ، وتستطيع وضعه على الصامت ، أو إخفاءه عن العيون ، أو التحدث به ليلاً والأهل نيام . وفي الوقت نفسه تراه نعمة لمن ابتعد عنها زوجها بسبب السفر لأن بواسطته يتم التواصل عبر الرسائل ، أو التحدث الأقل كلفة . وهذا التواصل يقارب بين الشتيتين ، لكنها ترى سيّئة له ، وهي انشغال من تجالسه حين ينكب على كتابة الرسائل وهو منشغل فكرياً ووجدانياً يضحك ويفرح ويحزن وأنت لا تعلم ماذا جرى ، ولم تحظ بجليسك بمتعة المؤانسة . وبما أنّ السيّدة وفاء تدرس في الكلية ، فهي تسمع أحاديث البنات معظمها يدور حول الاتصالات بين الشباب والبنات ، فكلمة اتصل بك أو لم يتصل تتكرر على مسامعها أينما ذهبت وحيثما حلّت . وهي شخصيّاً تستخدم الموبايل استخداماً مفيداً حيث أن عمل زوجها قد يكون خارج المكتب ، ووقت عمله طويل . وجميع أفراد عائلتها يمتلكون هذا الجهاز ، لكن مما ساءها مرة أن ابنها الأكبر اتصل على أخيه الأصغر كي يأتي ليطفئ نور الغرفة ! وختمت حديثها قائلة : الفتاة هي المسؤولة عن نفسها لتحافظ عليها . تقول أحياناً تأتيني معاكسة فأغلق الهاتف مرة واثنتين وثلاثة حتّى يمل المعاكس . +++++++++++++++++++++++++++++++ كما تمّ التحدّث مع فتاة تدرس في الجامعة فذكرت عن هذا الجهاز ما يلي : الجوّال أعطى المراهقات فرصة للتحدث مع الشباب بلا رقيب ، وغالباً ما تبدأ العلاقة عن طريق النمرة الغلط وتتكرر المحاولات إلى أن تتعدى العلاقة المكالمات الهاتفية إلى لقاءات ، وقالت كثيرات من صاحباتي ما منعهنّ الاتصال بالشباب المعاكسين إلا وجود جهاز واحد في غرفة الجلوس . وتردف قائلة : الموبايلات الجديدة تعرض أفلاماً إباحية ، نرى الشباب أو الفتيات في الجامعة متجمهرين على أحد الهواتف وضحكاتهم تملأ عنان السماء ، هذا فضلاً عن محنة التصوير بواسطة الهاتف النقّال . وتتابع قائلة عندي جوّال منذ سنتين ، ولم أتلق ولا معاكسة ، أصلاً لو حصل اتصال خطأ فأعتبر وكأنني أنا التي ضربت نمرة خاطئة فأرد بشكل جدي ، إن تكرر الرقم الخاطئ لا أرد عليه ، وإن ضرب مرتين وثلاثة ، وبعدين أنا ( الألو عندي دفشة ) بصراحة لا تشجع التكلم معي . وتقول السيّدة هناء إن (رسائل الجوّال ) جعلت نوعاً من المجاملات الاجتماعية ، فكلما تسلّمت رسالة عليّ أن أرد ، وأنا أستمتع بتلك الرسائل ، لكن في حالة وجود زوجي أراه يتضايق ، فلا أجرؤ على الرد إلا أنني أدخل الحمام وأدخل معي الموبايل وأرد على الرسائل جملة واحدة ، وأخرج وكأن شيئاً لم يكن . ! وأمّا هذه الخريجة حديثاً من الجامعة فقالت فصلت هاتفي وارتحت ، ثمّ ضحكت وقالت : كان رقمي رقم طالب ، أما وأنني تخرجت فقد بدأت البحث عن عرض مغر آخر يتناسب مع ما أملك من مصروف ، أرى في الجوال تواصلاً مع صديقاتي ، ومع قريباتي في بلد آخر ، نتواصل بواسطة الرسائل التي تصاغ بطريقة مضحكة أو طريفة ، نتبادل الضحكات ، ونعرف أخبار بعضنا بشكل يومي ، وهذا لم يكن يحدث من قبل الجولات ، كما أرى أن للجوال استعمالاً هامّاً في حالة الوقوع في ورطة مثل أن يتوقف المصعد ، أو أي ( زنقة ) أخرى . وأما الموظفة التي بعد لأي اقنت الجوال قالت : من أول يوم أتتني معاكستان ، فقصصت لأهلي ما حدث فما كان من أخي الأصغر إلا هددني بانفعال أعجبني وأضحكني ، وأنا لا يهمني الجوال وكثيراً ما أنساه في درج المكتب . واهتمامي أكبر بالبريد الالكتروني حيث طبيعة عملي على الانترنت . وأخيراً فقد تذكرت قصة إحدى الفتيات وخطيبها المغترب فقد اشترى لها جوّالاً حتى تحادثه ، لكن العمل المختلط جعل زميلها في العمل أكثر استعمالاً لهذا الهاتف ، ولكم أن تكملوا ما حدث لهذه الفتاة بعد التواصل مع صديقها في العمل آناء الليل وأطراف النهار المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:20 PM | #42 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
رسائلي الرمضانيّة موضوع في شهر رمضان المبارك أخاطب فيه الصائمين والصائمات على اختلاف أوضاعهم وتنوع وجهاتهم راجية التوفيق والسداد فيما أكتب والتفاعل من القرآء الكرام ******* ( 1) رسالتي الرمضانيّة إلى الأحياء هنيئاً لمن أدرك رمضان وهو على قيد الحياة ، يتنفس ويتحرك ويتكلم ، ويدرك قيمة انتهاز الفرص ، أمامك أيّها الحيّ فرصة لا تُقدّر بثمن ، إنّها فرصة النّجاة من النار ، ودخول الجنان ، الفرصةُ متاحة لمن أدركوا شهر رمضان وهم فوق الأرض يعيشون ، ومن خيرها يأكلون ، وأهلهم يعايشون ، وبالإسلام يدينون أما من ماتوا فإننا نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة أيّها الحيّ ويا من لا تدري متى تموت ؟ إنّك تعمل لدنياك ، وتبذل قصارى جهدك كي تعيش حياة حرّة شريفة هلا تبصّرت في حقيقة وجودك ، وفي قيمة جهودك ؟ أتحبّ أن تحوّل هذه الجهود إلى أجور ، وتضمن مستقبلاً مشرقاً ينتظرك بعد الحياة الفانية ؟ إذن بادر بالتوبة ولعلك تسألني : عن ماذا أتوب ؟ أقول لك : أنت أدرى بنفسك ، وأعلم بما قصّرت به في جنب الله ، وأعلمُ بما قطعك عن درب الخير ، تبصّر في جنبات نفسك ... هل قطعتك عن الله شهوة عاجلة ؟ أم غفلة سادرة ؟ أم فكرة خاطئة ؟ أم غرور ؟ ثم عالج نفسك بنفسك جاهدها حق الجهاد وانأ بها عن الزلات وأنت أيها الطائع لا تركن إلى طاعتك لأن ّ درب الإيمان مضمار سباق فعجّل بالتوبة من التقصير ، واملأ وقتك بما يرضي العزيز القدير ويا من أطاع ربّه بالعبادات ، وقصّر في المعاملات ، تُب من التقصير وواصل إلى ربك المسير بحسن التعامل مع النّاس كي تحافظ على مكتسباتك وحسناتك وتضاعفها وهاكم مشاعر عبد يحب ربه ويناجيه شعراً ، ويطلب عفوه ومغفرته بيني وبينك جسر حبٍ خالدِ ******* ورؤىً تحرك كل قلبٍ جامدِ بيني وبينك من صلاتي سلمٌ******* مازلت أمنحه عزيمة صاعدِ أرقى به عن هذه الدنيا التي ******* تغري ببهجتها فؤاد العابدِ يا رب عفواً إن ذنبي لم يزل *******عبئاً يعذبني ويوهن ساعدِي أخطأتُ ياذا العفو حتى صرتُ في ******* طرق الأسى أمشي بذهنٍ شاردِ أرنو إليك بمقلةٍ مكسورةٍ******* فيها من العبرات أصدقُ شاهدِ ياربِ أوهن قلبي الشاكي الأسى *******ياربُ ماجت بالأنين قصائدِي من ذا يفك الطوق عن عنُقي إذا******* جُمع الأنام على صعيدٍ واحدِ مالي سواك إذا تضاربت الرؤى ******* حول الصراط وجفّ ماء الرافدِ وجهت نحوك يامهيمن دعوةً ******* مشفوعةًً مني برهبة ساجد ******* (2) رسالتي الرمضانية إلى قاطع الرحم [كيف تجرأتم على الخصام ، ومنعكم الشيطان من الوئام ، وابتعدتم عن سنة خير الأنام ، وحُرمتم جواره في الجنان[أخي المسلم / أختي المسلمة يا من ابتليتم بذنب عظيم قادكم إليه شيطان رجيم ، أو نفس أمارة بالسوء ، أو موقف من ذي رحم ساءكم ، هلا عدتم عن قطيعة الأرحام ، ووصلتم ما أمر الله به أن يوصل لتتحقق لكم ثمرتان : هما طول العمر وسعة الرزق كما وعد سيد الأنام أخي قاطع الرحم ... لست أدري من قاطعت ؟ أهي اختك التي توخت منك أن تقف إلى جانبها ، وتؤيدها على الخير وتقف معها أمام أي شر لتصده عنها . أم أن من قاطعت هو أخوك الذي قدمته أمك وأبوك لك هدية في هذه الدنيا الدنية فشرعت سيف العداوة في وجهه ، وصرمت حبل الوصال ، وقطعت بينك وبينه كل اتصال ]أم أن من قاطعت هي خالتك أخت أمك والخالة كما يقولون : ( أمُ ) لأنّها تحب لك الخير كما تحبّه لأبنائها أم أن من قاطعت هي جدتك أو جدك وهما بمنزلة الأب والأم رضاؤهما يسري ، ودعاؤهما يجري ، وتطييب خاطرهما فيه ثواب كبير . قد تقول لي معي حق في المقاطعة فقد فعلوا بي ما يوجب أن اقاطعهم ، وأنا أقول لك كن بحراً لا تكدره الدلاء كن مختلقاً لهم الأعذار ، وكن متسامحاً معهم يعفو ، ويصفح ، وانت الرابح بدليل قوله تعالى : وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم بادر بالحصول على بركة الرزق والعمر وأبشر بما وعد به النبي الكريم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» رواه البخاري أخي الكريم أختي الكريمة : إن مات من قاطعته فكيف تصله ؟ وكيف تحصل على رضى الله والجنة ؟ ******* (3) رسالتي إلى الكاسيات العاريات بناتي الغاليات لماذا إحداكن ترتدي ثياباً ولكنّها في الواقع تبدو كالعارية ؟ أتعلمين أنه ذنب كبير يحتاج منك إلى مراجعة وتفكير ؟ اسألي نفسك : لماذا تضيقين البنطال وتضعين على رأسك الغطاء تزعمين بذلك أنك محجبة ؟ هل هذا أمر منطقي ومعقول ؟ ما الذي خبأته ؟ وما الذي جعلته موضع فتنة ؟ ولماذا ؟ إن فئة غير قليلة من الفتيات يفعلن هذا وهنّ غافلات ، أي كأنهنّ ريشة في مهب عواصف الذنوب يتّبع بعضهن بعضاً دون التفكير بالمآل أو المصير .. ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام عن الكاسيات العاريات والمائلات المميلات أنهنّ لن يدخلن الجنة ولن يجدن ريحها ، فهن مائلات عن جادة الصواب وعن الخير وعن العفاف ، ومميلات لقلوب مريضة تتبع نفسها هواها وتتمنى على الله الأماني والكاسيات العاريات ملعونات ، واللعنة تعني الطرد من رحمة الله أختي الحبيبة : تأملي في مظهرك ، وليكن قربى لك من الله لا سبباً في طردك من رحمة الله . إن ديننا فيه الكمال وينسجم مع العقل فهل ما ترتدينه يجعل المجتمع فاضلاً ؟ وهل ما ترتدينه هو لباس العفة ؟ قد تكونين ممن يحسب حساباً للصحبة وإرضائها ولكن هل تفيدك مثل هذه الصحبة ألم يقص علينا القرآن قصة القرين الذي بحث عن قرينه الضال فرآه في سواء الجحيم قد تقولين عندما أتزوج ألبس اللباس المحتشم ولم هذا التأجيل ؟ أأنت ضامنة البقاء ؟ وهل تعرفين متى الانتهاء ؟ راجعي حساباتك وانتبهي أن التجارة مع الله رابحة [فأطيعيه وكوني كما يحب أن يراك لا كما يحب الناس أن تكوني ، وهل رأيت شيئاً يتمّ إلا إذا قدره الله ، وهل رأيت بشراً يدفعون ضراً إلا بإذن الله ، إذن أنت مع الله قوية وبه عزيزة فلم لا ترضينه بطاعته ؟ فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أهل طاعتي أهل محبتي ) فانضمي من الآن إلى قائمة أحباب الله بما تفعلينه من طاعات وعلى رأسها حجاب شرعي لا يصف ولا يشف وعبادات تزيد في قلبك تقوى الله وعمل صالح يجعلك قريبة من الله ضعي أملك في رضى والفوز بالجنان تحصّلي حياة طيبة ومنزلة في الجنة عالية ويا لها من تجارة رابحة ******* (5) رسالتي الرمضانية إلى الشباب إن في الشباب ريح الجنة فلا تُذهبوا - أيها الشباب - ريح الجنة بذنوب قد تظنون أنها صغيرة ، لكنها إذا اجتمعت شكلت حاجزاً بينكم وبين النور والصلاح الآن أنتم في الصيام تتنسمون رائحة الجنان ، وبقدر الالتزام بمبادئ الإسلام وأخلاقه يكون نصيبكم من تذوق الإيمان هذا رمضان موسم الخيرات ، وهذه هي النفحات ، وهنا في هذا الزمان يتقرب الإنسان من خالقه ورازقه ومدبر أمره ويمحو ذنوبه بالاستغفار والأذكار وتلاوة القرآن وحفظ القلب والجوارح ومجاهدة النفس والهوى أنتم ترون أن الحياة صعبة وهمومها كثيرة فقد تستجيبون لمن يقدم لكم ما يدعي أنه ينسيكم هذه الهموم لكنها في الحقيقة سموم تفتك بصاحبها ولا تزيل هماً ولا تفرج كرباً والصحيح إن من جعل الهموم هماً واحداً فرج الله همّه ، وذلك باللجوء إلى الله فارج الهم ومزيل الكرب فهو سبحانه إذا أراد جعل الحزن سهلاً . فكونوا- أيها الشباب - مع الله في جلواتكم وخلواتكم وعهودكم ومواثيقكم فالعهد مع الله يرقى بالنفس ، ويجعلها سامية المطالب والمسارب كونوا - حفظكم الله - مع الله في طلب العلم لرفعة وطنكم ودينكم ولا تقولوا : لن يصلح هذا الحال ، بل بقدرة الله ثم بتصميمكم ينجز الله وعده فكوا الأغلال التي تكبلكم باتباع هدي القرآن وسنة نبيكم تجدوا لديكم من الطاقات ما تنجز به الأعمال لماذا يكبل بعضكم نفسه بالأهواء ؟ ولماذا بعضكم يبتعد عن جادة الصواب بتتبع خطوات الشيطان ؟ فهنا شاب عاكف على التلفاز يتنقل من قناة إلى قناة يرى ما يرضي نفسه ويشبع شهواته من مناظر ، ويحلم أن يقترن بالمستقبل بفتاة آية في الجمال وإلا فالزواج محال وهناك شاب عاكف على شاشة الكومبيتر يحادث الفتيات ويضاحكهن ويعدهن ويمنيهن وهن يُخدعن به ، وعمرهم يمر سدى دون فائدة ، بل يحصدون الكثير من الآثام ، ويطوقون نفوسهم بالأغلال ، ويقترفون الآثام وهناك شاب استهوته الأسواق فدار فيها وجال وقضى الليالي الطوال يتسكع ويرمي شباكه ويؤيده أصحابه وعمرهم يمضي بلا إنتاج لأنهم يسهرون الليل وينامون النهار وهناك شباب مظهرهم لا يدل على واقعهم ، فالناظر إليهم يظن أنهم غربيون ، وتعجب حين تسأل عن اسمهم فيقول الشاب : اسمي محمد أو أحمد وتقول الفتاة : أنا فاطمة أو أسماء ! وأعجب وأتساءل أين أنتم من هذه الأسماء ؟ قد جاءكم - أيّها الشباب - رمضان ليبين لكم بوضوح هويتكم ، أنتم مسلمون ، هل تعلمون ماذا يعني أنكم مسلمون ؟ إنه إسلام يشمل مظهركم ومخبركم إنه ينظم شؤون حياتكم ويطهر ظاهركم وباطنكم لتعيشوا حياة الرشاد وتموتوا ميتة السعداء كما قال تعالى : ( فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) ******* يتبع... |
23-02-11, 01:27 PM | #43 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
تابع رسائلي الرمضانيّة رسالة الأخوة في الله ..... أن مما يعمق معاني الأخوة في الله أمور منها إخبار من أحببته في الله بذلك لما أخرجه أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ) طلب الدعاء منه بظهر الغيب فعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لِي وَقَالَ(لَا تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ) فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا التلطف والابتسام في وجه الأخ لقوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَلْقَ أَخَاهُ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ وَإِنْ اشْتَرَيْتَ لَحْمًا أَوْ طَبَخْتَ قِدْرًا فَأَكْثِرْ مَرَقَتَهُ وَاغْرِفْ لِجَارِكَ مِنْهُ) أن يكثر من زيارة أخيه بلا إثقال وإنما حسب ماتتهيئ الظروف المناسبة لحديث (وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) تهنئته عند المناسبات السارة وإظهار الفرح والسرور وتعزيته في حال نزول البلايا به والمصائب والوقوف معه،أيها الأحبة في الله إن التفريط في تحقيق معاني الأخوة في الله أدى إلى تفكك المجتمعات وبالتالي ضعفت الأمة بأسرها فاسعوا إلى تحقيق عزة أمتكم من خلال تحقيق معاني الأخوة في الله ليس بينكم وبين من يعيش معكم في قطركم فقط بل لا بد من تحقيقها على مستوى الأمة ككل المتحابون في الله تغفر ذنوبهم كلما التقوا خرج الطبراني عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحر) المتحابون في الله وعدهم الله بظل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله ففي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) ******* رسالتي إلى أرباب البيوت يا معشر الرجال المسلمين ما نصيبكم من خلق الرجولة الرجولة تعني صفات غاية في الرفعة والمكانة إنها الشجاعة والمروءة والكرم والحلم والنجدة والرعاية والحماية والوفاء ... وبمثل هذه الصفات يتفاضل المسلمون ويعطون من الاحترام والتقدير والثناء الحسن والأحسن أن تنبعث هذه الصفات من معين تقوى الله وحبه وإرضائه ، والأولى أن يحظى أفراد عائلة الرجل بالنصيب الأوفر من هذه الصفات . ما أجمل أن تكون - أيها الرجل - في بيتك شجاعاً يتلمس أفراد عائلتك الشجاعة بأنواعها في مواقف حياتية مختلفة تمر على العائلة ففي أحد المواقف أنت شجاع الرأي وفي موقف آخر أنت رابط الجأش لا تزلزلك المحن ، وفي موقف آخر أنت تصد ظلماً قد يقع على آخرمستضعف ، ولكن الشجاعة عند بعضهم - مع الأسف - تعني إظهار القوة والعنف للزوجة والأولاد ، وهذا ليس من الرجولة في شيء فكل من يتجبر على الأطفال والزوجة مريض النفس دنيء الطوية منبوذ من القلوب يتمنى من حوله غيابه ، ويستجيرون بالله من حضوره ، ويظهر التأذي منه أكثر في شهر رمضان حيث تزداد إساءته ويسوء خلقه وهو من حكمة الصيام بعيد وعن اكتساب الأجر يحيد ما جاء الصيام إلا ليجعلنا أتقياء أنقياء نحرص فيه على الثواب ، ونحفظه بسياج الخلق الحسن فإن شهد أهل الرجل أنه في شهر رمضان المبارك أوسع صدراً وأطول بالاً وأكثر استيعاباً للهفوات فإنه يكون قد أدرك الحكمة من الصيام ، وجاهد نفسه ليعدل من سلوكه ، ولذا ينبغي للرجال مراجعة حساباتهم الإيمانية ، فمن ظلم زوجته بتعنيف في الكلام أو ضرب يتناول الوجه والأبدان فليعلم أنه لن يشم رائحة الجنة فهو بعيد كل البعد بسلوكه الذي يستخدمه وبكلامه الذي ينثره كقذائف مدمرة وبنظراته التي تلقي في القلب الرعب أهكذا تكون الرعاية ؟ أغرك أيها الغافل أنك قوي البنية لديك مال ومركز اجتماعي محترم ألم تعلم أن الله يسمع ويرى ويمهل ولا يهمل ، وغرّك أن أهل بيتك لن يحدثوا بقبيح فعلك فاستأسدت عليهم ... أتحرم زوجتك من الطعام وتأكل منه خارج البيت ما لذ وطاب أنسيت المعروف والفضل بينكما كل هذه السنوات ، وغدوت تبدي الكره والعنف وترتاح وأنت ترى هذه المستضعفة تتحطم نفسياً أمام ناظريك ، دموعها لا تكف ، ونفسها تعف عن الشكوى عليك لكنها على - ما أظن - تشكوك لواحد أحد يرى حالها وغني عن سؤالها فهو الجبار المنتقم الذي للمظلوم ينتصرf'] أما رأيت أن جرثومة صغيرة قد قضت على عتاة قبلك وفتكت بهم فلمَ تتعالى بما وهبك الله على الضعفاء من حولك ؟ يا أرباب البيوت ويامن تفرطون بما وضعكم الله عليه أمناء تعلموا من حياة المسلم الحق الهين اللين في أهله الذي يدخل عليهم والسرورعلى مُحياه والعطف بين جنباته ، والرحمة تكلله ، والسماحة تصاحبه والكلمة الطيبة ترفعه ، وما ذاك إلا لأنه أمين على ما استأمنه الله متابع لسنة نبي الله عليه الصلاة والسلام ، يقدم لحياته الآخرة ويأمل أن يبقى ذكره الحسن حين تُذكر مواقفه بعد مماته فيترحم عليه الناس ويدعون له . ******* رسالتي الرمضانية إلى ربات البيوت لله دركنّ من أمهات لهنّ الجنّات - بإذن الله - تحملن بين جوانحكنّ قلباً حيّاً نابضاً بذكر الله ، وعقيدة سليمة تجعل النفس موقنة أن كل شيء بأمر الله يجري ، وبحكمه يسري ، وأن ربنا إله يعبد لما يغزونا به من نعم ، ولأنه أهل للثناء ، وإليه تتوجهن بالدعاء ، قد علمتنّ أن طاعة الزوج من أحسن القربات بعد الخمس من الصلوات المفروضات وصيام شهر القربات ووجدتن أن عليكنّ الكثير من الواجبات والتبعات فتقبلتنّ ذلك بقلوب محبة وجهد دؤوب يشمل العناية بالزوج والأولاد على كافة الأصعدة والمستويات مع القدرة على الصبر والمصابرة لأن الحياة لا تخلو من المنغصات والابتلاءات . ولكن إذا فقدت النساء هذه المعاني ، وأصبح همهنّ 0 ( الشات ) والأغاني والمسلسلات وعادات تجعلهن أقرب إلى التصابي والتجافي عندها يكون بيتهنّ اقرب إلى الضياع ، وأولادهنّ وإن أطعمتهنّ جياع لافتقارهم إلى الرعاية والقدوة الحسنة . أيتها الأمهات لا تجعلن عيشكن كداً وجهدكنّ هباء منثوراً ، بل اتخذن من هذه المسؤوليات مطية للجنان والقرب من الرحمن ، ولا تنسين أنفسكن وأنتنّ في غمار الواجبات ، فأعطين انفسكن من خير الدنيا والآخرة ، انتبهن إلى الغذاء الجيد والنوم الكافي والبعد عن القيل والقال وعليكن بحفظ اللسان كي تبقى الحسنات في موازين اعمالكن انهضن بأحوالكن وارتقين بعقولكن وهذبن أنفسكن وبمثل هذا يرتقي من هم حولكن وبرعايتكن ******* رسالتي الرمضانيّة إلى المعلم والمعلمة سلام مني إلى من قام بالتعليم ، وتأمل فيما ينتظره من خير عميم ، ذلك أن من يبغي الخير في التعليم تصلي عليه ملائكة السماء ، وتدعو له الحيتان بالبحر ، ولا ينسى فضله البشر انت أيّها المعلم تغدو كل يوم في الصباح الباكر وتعود بعيد منتصف النهار وقد قابلت اعداداً كثيرة من الطلبة وزملاء المهنة ، وقد كنت محط الأنظار ومثار الاهتمام والانتباه ، وأعطيت دروساً نطقت بها الكلمات والمواقف وجميع التصرفات ، فأي زاد يجب عليك أن تحمله حتى يستفيد منك الآخرون ؟ أهم تزود هو زادك الروحي ، فحتى تنهض بأحوال من تلقاه ، وترشده إلى الصواب ويصغي إليك بقلبه وعقله فإنك تحتاج إلى طاقة روحية مصدرها علاقتك بربك وتقربك منه والتزامك بأوامره وابتغاء رضاه وسلوكك الذي يطابق كلامك ومعتقدك ثمّ يلي ذلك نيّك في أن يتخرج على يديك شباب صالحون ، و بالأمة ينهضون ، وللأوطان يخلصون ، وعلى دينهم يحافظون ، وبذلك سينتابك شعور بالرضى والسعادة والعلم في هذه الأيام مصادره عديدة ، والوصول إلى المعلومة بات يسيراً ، ودورك يقوم على تحفيز المتعلم ، وتزويده بطريقة البحث ، وتعميق حب العلم ، وكيفية التركيز والمذاكرة بعد شرح المادة المقرر بلغة بسيطة وطرق عديدة مشوقة قد تقول إن ما يصرف الطلبة عن العلم أصبحت وسائلة كثيرة ، والملهيات عديدة وجذابة ، ولكننا نأمل منك أن تكون للنفوس مطمئناً وللعقول منيراً وللهمم محفزاً ، وللمهارات مكتشفاً ، وللمثبطات مزيلاً ، وللأمل غارساً . ورمضان شهر تكون في النفوس اقدر على التغيير ، والتغيير نحو الأحسن هو الأبقى والأثبت ، فاغتنم هذه الفرصة وكن كالوالد للطلاب رحمة بهم ورأفة وعطاء ، ولعلي ألمس في نفسك تأسفاً لأن وقتك في رمضان ضيّق مع التدريس والتحضير والدوام ، وحسبك أنك على ثغرة من ثغرات الأمة تنشر العلم وتقود الجيل إلى الصلاح والفلاح ، وباستحضار هذه النية ، والعمل على تحقيقها تكون كعابد في محرابه متبتل إلى الله لكن العابد في محرابه يرتقي بنفسه ويكسب ثواب عبادته بإذن الله إلا أنك في مدرستك تفيد العديد ، ويصبح كل عمل رشيد من أعمال طلابك في موازين حسناتك بإذن الله . فاستحضر أيها المعلم هذا الفضل وامض في عملك راجياً الأجر فلعله يكون في كل خطوةس أو حركةٍ أو سكنةٍ الأجرُ الوفير والزاد النافع . ******* رسالتي الرمضانية إلى حسُنت خاتمته يأتي الأجل بلا موعد ولا وجل يأتي أحياناً على عجل وقد يسبقه نذير من مرض أو عجز أو زعل فيدرك المصاب أن الأجل على الأبواب فيراجع حساباته ويستدرك ما فاته وللأيام وللأعمال مع الآجال ارتباط ، فالوفاة في رمضان تعني أنها ساعات رحمة ومغفرة ، والموت ليلة الجمعة أو يومها ثوابه له دليل من الأثر وحال المتوفى حين وفاته يدل على أمل ، فمن توفي صائماً ، أو في الصلاة قائماً أو ساجداً تناله الغبطة ممن حوله ويستبشر بهذا أهله ومن توفي محرماً معتمراً أو حاجاً يعطي الأمل لأهله بحسن الختام ، كل هذا بشارات بشارات في آخر الحياة تنبئ عن القبول ، ويؤكدها حسن السيرة والسريرة إضافة إلى أن بعض من يتوفاهم الله يكون في كلامه ما يحمل البشارة بحسن خاتمته فتسكن نفوس أهله وتطمئن إن فراق هؤلاء مؤلم لأن من حولهم كانوا ينعمون برفقتهم وبعلمهم أو بعطائهم ، ويمكنك من خلال ساعة وداع الميت أن تستقرئ مدى ألمهم للفراق ، وإذا أصخت السمع تستطيع أن تعلم من خلال العبارات كم كانت للميت في قلوب ذويه ومعارفه من مكانة ولعل الارتباط العائلي يلعب دوراً في التأثر بهذا الفراق ، فإذا رافقه ارتباط وجداني إيماني لاحظت عمق التأثر والرغبة في متابعة المسيرعلى نهجه وضبط السلوك بما يتناسب مع سيرته إنني أستطيع أن أسجل عبارات قالها أقرباء من توفوا على الصلاح أحدهم ومثال ذلك : توفي أحدهم وسارت جنازته فقيل إن كثيراً ممن رأى الجنازة أثناء سيرها في الشارع كان يقف ويرفع كفيه بالدعاء ، ومن أنزله إلى القبر كان يقول : إن كان الموت هكذا فيا مرحباً بالموت مثل هذه المواقف والأقوال تجعل أهل الميت مطمئني البال مستبشرين بحسن المآل . وقد يتكلم من يحتضر بعبارات أشبه بوصايا كما قالت لي إحدى السيدات التي فقدت والدها منذ اسبوعين أنها كانت تتحدث حديثاً عادياً مع من حولها فقال لهن وهو في سكرات الموت لو ترين ما أرى ما تحرك لسانكن إلا بذكر الله ، وكانت في موته علامات من حسن الختام يؤيدها ما ذكرته قريباته من أعمال صالحة . ومسلم آخر توفي من يومين كان قد بنى منزلاً ومسجداً واسعاً وكان يهتم بشؤون هذا المسجد كما يهتم بأعماله وقد صلى العصر مع الإمام وبعد التسليم فاضت روحه ورفع إصبعه متشهداً ، فكان كما ذكر الإمام أول مكلف يصلى عليه في مسجده مات وهو صائم مصل حضر الصلاة عليه كل أولاده وبناته وأحفاده وأقرباؤه فكانت دموعهم وعباراتهم تنبئ عن مدى محبتهم وافتقادهم له والخلق ألسنة الحق تنطق بما رأت وسمعت والملائكة تسجل هذه الشهادات علماً بأن من أحسن العمل لا ينتظر أن يقول الناس عنه بل يكون أمله معلقاً بقبول الله له ما أروع أن يودع بعضنا بعضاً وقد ترك من الأعمال الحسن ، وترك في النفوس عميق الأثر والتأثير وحسن الختام والمصير . ******* رسالتي الرمضانية إلى من تصلي في بيوت الله ما أجمل أن تيمم المرأة صوب بيت الله تبتغي رحمته وفضله ، تضع نصب عينيها أن المزور سيكرم زائره وثواب الجماعة وثواب قيام الليل وحضور مجلس العلم وأجمل من ذلك أن تنتبه إلى الأمور التي تنقص الأجور أو تنقضها ففي ذهاب المرأة إلى المسجد يلاحظ أمور ينبغي التنبيه إليها منها : عدم الانتباه إلى الاحتشام في اللباس وعدم الحرص على الالتزام باللباس الساتر أو عدم الاكتراث بما تضعه من روائح عطرية أو المشي إلى المسجد دون الانتباه إلى الصوت المرتفع والضحك أحياناً والمرور من طرق تجمع المصلين ، وأما داخل المسجد فلا تفرق بعضهن بين الزيارة العادية وزيارة بين الله فتتحدث مع صويحباتها بما خطر في بالها من كلام وقد ترتفع الأصوات ، وأحياناً الضحكات ، بل أحياناً تتطور الأمور إلى منازعات لسبب أو آخر وأقرب مثال تبريد المسجد وتكييفه فبعض الأجسام تبرد بسرعة وبعضها تشعر بالحر بسرعة ، وبعضهن تأتي بالأطفال الذين لا يدركون معنى حرمة المسجد ، والأسوء من تجعل جوالها على نغمة تصدح بين فينة وأخرى لتعطل على المصليات الخشوع وتثير في أنفسهن الاستياء لقد بين الله ورسوله أهمية ارتياد بيوت الله ، وآداب هذه الزيارة وعلينا أن نستشعر أهمية هذا المكان وحرمته ، وخاصة حين يصادف زماناً شريفاً كيوم الجمعة أو شهر رمضان المبارك مع التركيز على الهدف من الخروج من البيت إن فرصاً كبيرة ننال خيرها إذا قصدنا بيت الله ، فبيت في الجنة بالغدو والرواح ، ووعد من الله بإكرام من يتطهر في بيته ويزوره في بيته ، وفضل في زيادة الثواب في صلاة الفرد عنه في صلاة الجماعة بسبع وعشرين ضعفاً وأجر كبير في صلاة الجمعة ومغنم لا يفرط فيه بشروط مخصوصة يعدل عبادة سنة صيامها وقيامها بشرط التغسيل والغسل والمشي إلى المسجد والتبكير قبل أن يقوم الإمام خطيباً وعدم اللغو والإنصات للإمام ، ما أسهلها من شروط وما أعظمها من أجور ! واما ثواب الحجة والعمرة بتأدية صلاة الفجر جماعة والجلوس مع ذكر الله إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين فهو فضل لا ينبغي التفريط في إن شرف الزمان والمكان والعمل واستثمارهم مغنم وذخر فلا تغفلن عنه واحرصن عليه وشجعن غيركم عليه حتى تجمعوا إلى ثوابكم ثواب من اتبعكم واستنار بقولكم . ******* رسالتي الرمضانية إلى المحسنين والمحسنات سلام عليكم يا أصحاب الأيادي البيضاء ، يا من تمسحون دموع الباكين ، وتسدون جوعة الجائعين ، وتكسون الفقراء بين حين وحين ، وتدخلون الفرحة على القلوب الحزينة ، وتكفّون المحتاج عن سؤال البخلاء واللئيمين ، وتسهلون درب التعلم والمتعلمين . يا لوجوهكم البيضاء ما الذي بيضها ؟ ! إنكم بعيونكم نظرتم إلى حال الفقير ، وبأذنيكم سمعتم منه الشكوى والأنين ، وبألسنتكم طيبتم الخواطر فقدمتم الخير الوفير . هل كان دافعكم إلى الإحسان آيات الذكر الحكيم التي تثني على من أنفق ماله فغدت حسناته سنابل تتضاعف ؟ أم أخذتم عبرة من قصة أصحاب الجنّة في القرآن الكريم حين منعوا العطاء عن المساكين فخسروا دنيا ودين فما كان منكم إلا أنكم حصنتم أموالكم بالصدقات ؟ أم أنكم خشيتم على أعراضكم فعلمتم أن الصدقة تحفظها وتصونها فقدمتموها لله خالصة ، أم خفتم من غضب الله فقدمت الصدقات إسراراً ، أم أن الأخوة بالدين دفعتكم إلى مد يد العون للقريبين والبعيدين ؟ . أيها المحسنون ... أنتم تجار ماهرون تعلمون مصادر الربح ، وأن الصدقات لا تنقص المال بل تزيده ، وأن ما أنفقتم في الصدقات هو ذخر لكم في الحياة وفيما بعد الممات ، لقد وجدتم العمر قصيراً ، والعمل قاصراً أن يوفي شكر الله على نعمه ، فأحدثتم مشاريع تضمن لكم جريان ثواب العمل وإن قطع حياتكم الأجل ، فهناك يسرتم حفر بئر ، وهنا علمتم جاهلاً ، وفي ذاك المكان أنفقتم على يتيم فكففتم عنه مذلة السؤال ، وهنا نشرتم العلم وبنيتم مؤسساته ، وهناك ساهمتم بعلاج مريض أوشك الألم أن يذهب به . أيها المحسنون : منكم نتعلم كيف يكون المال أداة لسعادة الإنسان ، فالغني الشاكر بالمال يسعد ويُسعد المحروم ، لقد رسا في وجدانكم أن هذا المال لله أودعه في أيديكم ليعلم كيف أنتم به فاعلون ؟ لقد اجتهدتم أن يكون مالكم حلالاً حتى يقبل الله صدقاتكم ، وأنفقتموه على عيالكم فوسعتم النفقات بقدر ما وسع الله عليكم ورأيتم أن شكركم لله على ذلك لا يكون إلا بالإنفاق فبدأتم بمن تعولون ، وأحصيتم من الفقراء الأقرباء مَن تعرفون فكان وصالكم لهم بالمال بعد زيارتهم شكراً للمنعم وبالشكر تدوم النعم وتدفع النقم . إنكم لم تعيشوا لأنفسكم بل تعدت اهتماماتكم إلىى أبناء وطنكم فتحسستم حاجاتهم ، وأمددتموهم بما تستطيعون ، وأنتم الآن تفرحون ، ففي كل عام نصيب الفقراء من الزكاة تزيد نسبته من أموالكم ، وهذا يعني نماء في أموالكم وصحة في ابدانكم وسعادة في قلوبكم . أنتم – أيها المحسنون - أكثر الناس تنعماً وفرحة بالعيد لأن أكفّ من أحسنتم إليهم وألسنتهم تلهج بالدعاء لكم أن يسعدكم الله كما أدخلتم السرور عليهم وأن يزيدكم من فضله . بشرى لكم هذه الحسنات التي تزيد قلوبكم رقة وتفكيركم دقة فتزيد الهمة وتدفع النقمة وتقربكم إلى الله والناس محبة . ******* رسالتي في وداع شهر رمضان كما أتى رمضان بالبشرى و بالفرحة يودعنا تاركاً لنا فرحة العيد أتى رمضان وفي أزمنته وفرة من العطايا كالمغفرة ومضاعفة الثواب لمن أطاع وأناب ، أيقظ الغافلين ونبه الشاردين وآنس قلوب الطائعين ، وشد من الهمم ورفعها إلى القمم غيّر رمضان الكثير من نفوسنا فقد جلا صدأ قلوبنا ، وفك أغلال نفوسنا ، ومسح مسحة الحزن - على اختلاف مسبباته - بفرحة ينالها الصائم عند فطره ويأمل بأخرى عند لقاء ربه غيّر رمضان العديد من عاداتنا فغدت تبعاً لما جاء به الدين وما فعله سيد المرسلين ، وكانت من قبل تحكمها أهواء شخصية أو أعراف اجتماعية غيّر رمضان سلوكنا مبيناً أن تغيير السلوك ممكن فكل صائم اتجه في معاملاته مع الآخرين صوب اللين والرفق خوفاً على ثواب الصيام من الضياع وكان من قبل الصيام فظاً غليظ الطباع غيّر رمضان ترتيب حياتنا من حيث اليقظة الطعام والمنام ، فغدا بعضنا يقول قد كنت مفرّطاً في النوم عن صلاة الفجر وآخر يقول : كيف لا أكرم نفسي بقيادتها نحو ما ينفعها من تحصيل الثواب ؟ عاش بعضنا تجارب في التعامل مع نفسه حيث تأملها وعرضها على ما تلا من الآيات فسلك بها سبيل الرشاد ، وجرب التعامل مع الناس بالحسنى والإحسان فارتاح خاطره واطمأن قلبه جرّب كل منا أن يكون قريباً من الله بالتسبيح تارة وبتلاوة القرآن الكريم تارة أخرى ، ثم بمد يد العون للآخرين فغدا مبتعداً عن ثقل الأبدان ، ولمس طهارة الأرواح ، وأنس بمن حوله وهم يؤدون ما يؤدي ويحرصون على ما يحرص وفي الوقت نفسه شعر بالاغتراب من حرم نفسه من هذه الخيرات . ومما ساعد على هذا التغيير جهود العلماء والدعاة الذين تنوعت منابتهم واتحدت عقيدتهم ، ونوعوا من أساليبهم لتناسب كل الفئات والأذواق والاهتمامات وكما يودع الحبيب حبيبه نودعك إلى آخر لحظة ، نبكي لفراقك ، نجدد العهد على متابعة المسير ، ونعيش أملاً في لقاء قادم تأتي إلينا فيه كعادتك بالبشر والفرحة والأمل ، وسنردد ذكرياتك المحببة إلى نفوسنا ، وسنحتفظ بمكتسباتنا التي جنيناها في أيامك المشرقة ولياليك المنورة ، نخجل أن تعود إلينا وترانا قد فقدنا هذه المكتسبات ، وقادتنا أنفسنا إلى المهلكات ، نخجل أن تعود فلا ترى أثراً لعمارة الأرض من جد أيدينا وعرق جبيننا ، نخجل أن تعود لترانا قد وقع بيننا وبين من حولنا خصام بعد أن علمتنا سبل الوئام . سنستقبل العيد بفرحة الطائعين وأمل المذنبين بالعفو يوم الدين فرحة مجردة لا دخل لها بظروفنا ، وجوائزنا تنتظرنا في طريقنا لصلاة العيد من الملائكة المطهرين ، ستزداد فرحتنا وتتضاعف برؤية الفرحين في هذا اليوم من مصلين وأطفال أسعدتهم ملابسهم وما جمعوه من مال وما نعموا به من رعاية أسرية وبرؤية المساكين الذين شعروا بالأخوة والتضامن وسنتعلم أن الفرح لا يأتي إلا بعد طاعة وأن الفرحة يعبر عنها بأعمال تخلو من المعاصي . وكل عام والأمة الإسلامية بخير المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:29 PM | #44 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
ما هي آداب وأحكام القرآن الكريم الموجود بداخل الجوال ؟ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله لكم فضيلة الشيخ بهذا الشهر الفضيل وجزاك الله خيراً أصبح الجوال أداة تساعدنا في تلاوة القرآن والاستماع إليه وذلك لسهولة استعماله وخفة حمله ومزايا أخرى عديدة فما الآداب التي ينبغي للمسلم أن يتبعها إذا كان جواله يحتوي نسخة من القرآن مسموعة ومقروءة ؟ يرد عليها الشيخ عبدالرحمن السحيم الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك . المصحف الذي يكون في الجوال ليس له حُكْم المصاحف ؛ لأن الْحُكم للغالب ، وغالب الاستعمال للجوال . ويأخذ حُكم المصحف إذا كان المصحف مفتوحا للقراءة . ومما ينبغي مُراعاته في المصحف الذي في الجوال : أن لا يُدخَل به دورات المياه والمصحف مفتوح للقراءة ، ولا وهو مسموع أيضا . إلاّ أن يكون الدخول لغير قضاء الحاجة وهو في أذن صاحبه يسمعه . وأن لا يُوضع الجوال على شاشته والمصحف مفتوح للقراءة . وأن لا يُوضَع شيء على الجوال أثناء فتح المصحف . هذا إذا كان المصحف مفتوحًا . أما إذا لم يكن مفتوحا فالحكم – كما قلت – للجوال . والله تعالى أعلم . المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:42 PM | #45 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الأسرار بين النشر والكتمان كنت أقرأ أقوالاً عن الأسرار فوجدته موضوعاً جديراً بالذكر والتذكير وإهماله في الجانب التربوي يترك الأثر الخطير ، ومن هذه الأقول : ( إن كتمان الأسرار من اقوى أسباب النجاح ، وأدوم لأهل الصلاح )( إن سرك أسيرك إن تكلمت به صرت أسيره ) ( إن القلوب أوعية الأسرار ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها )( إإن قلوب الأحرار قبور الأسرار ) ( إن من كتم سره كان الخيار بيده ) من هذه الاقوال يتبين لنا أهمية الاحتفاظ بالأسرار فهي طريق النجاح ، وحفظها دليل حزم الإنسان وتمكنه من قيادة نفسه ، وأن من استُودع سراً وحفظه صنف مع الأحرار ، وكذلك حفظ الأسرار يمكنا من حرية الاختيار وكذلك إذاعة السر ترغمنا أحياناً على المضي في أمر قد نكون عدلنا عنه . هذا ما وجده السابقون فهل حفظ الأسرار المعاصرون ؟ قد يبدو السر على المستوى الشخصي أمراً بسيطاً ، لكنه حين تتسع دائرته فإنه يصبح خطيراً فكم من أسرار تكتنف الدول والأمصار ، وكم من أسرار ينبغي حفظها عن أعين الأعداء والفجار ويكفي أن دعوة الإسلام حين ظهرت بين الكفار انتشرت بالسر حتى آن الأوان وأمر الرحمن بالإعلان وهذا يدعونا لننتبه إلى هذا الجانب التربوي الهام كيف نربي أبناءنا على أن المجالس أمانه ، وأن من استودعنا سراً نحفظه وأن ينجزوا أعمالهم مستعينين بالكتمان حفاظاً عليهم من التثبيط أو الحسد أو ضياع الفرص باستلابها .؟ وليست البيوت سواء في هذا الأمر فبعض البيوت تبدو أكثر حساسية في هذا الموضوع كبيت الرجل السياسي والقائد والضابط والعالم علماً بأن كل بيت يحتاج إلى افراد يكتمون ما يجري فيه من احداث خاصة لا ينبغي نشرها ، ومنها تلك العلاقة الخاصة بين الزوجين لتبقى البيوت مطمئنة ، ويبقى الزوجان في أمان وتتهم المراة بانها لا تقدر على كتمان السر لأنها بطبيعتها تحب أن تتكلم ، وأن تتباهى ، ولكن الموضوع ليس خاصاً بجنس الرجل أو المرأة ، بل هو تابع لنوع التربية التي تلقتها الفتاة أو الفتى في بيت العائلة . ولكن هل هناك أسرار تخبأ على أفراد العائلة الواحدة ؟ يعني هل تخبئ المرأة على الرجل أموراً عائلية تعتبرها سراً ، وهل يخبئ الرجل على زوجته الأسرار ؟ إن شيئاً من القلق يعتري علاقة الزوجين إن كتم أحدهما على الآخر بعض الأمور ، وغالباً ما تكون النتائج سلبية فيما بعد وغالباً ما تلجأ المرأة إلى كتمان ما يغضب زوجها ويثير عصبيته ، وتتحمل نتائج أعمال أولادها أو حتى انحرافهم . ولئن راعى الإسلام الخصوصية فجعل المجالس بالأمانة ، ونهى الرجل والمرأة عن إذاعة ما بينهما من أمور خاصة ونصح بالكتمان حتى تنجز الأعمال فإنه حذر أن يكون السر شيئاً يحمل معنى الخيانة أو سوء التدبير ، أو ضرر المسلمين فأنبأنا الله أنه يعلم السر واخفى ، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وأنه لا ينظر غلى الصور والأجسام بل إلى القلوب والأعمال نسأل الله أن يجعل سرنا خيراً من علانيتنا ، وأن يجعل علانيتنا خيراً . المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:44 PM | #46 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
العاصفة قد تعصف بنا الأيام ، وقد تتحدانا الظروف ، فيشبه حالنا كمن ركب سفينة في بحر لجي ثمّ عصفت به الرياح وضربته الأمواج ، لكننا حيال تلك العواصف مختلفون ، فبعضنا لا تسكين نفسه عند الخطر ولا يلجأ إلى ربّ البشر ، فيعصف بمن حوله بصياحه وشنمه وتحميلهم عبء ما لم يقترفون ، فيعمد الطرف الآخر الى استجماع قواه والرد بما أوتي من حيلة وقوة ، فيتصلرع الطرفان والعاصفة الخارجية دائرة والمصيبة قائمة فيزداد الطبن بلة ، والمصيبة عظمة وتخرب الديار العامرة وتتعس النفوس السعيدة وتتأذى نفوس صغيرة بريئة لا ناقة لها ولا جمل بما قد حصل بينما يقف آخرون حيال العواصف بتفهم لما يحدث وتوكل مخلص على الله ودعاء ومناجاة فينجو هو ومن معه وتعود السعادة من جديد تتمة الخاطرة قد تعصف بنا الأيام ، وقد تتحداناالظروف ، فيشبه حالنا كمن ركب سفينة في بحر لجي ثمّ عصفت به الرياح وضربته الأمواج، لكننا حيال تلك العواصف مختلفون ، فبعضنا لا تسكين نفسه عند الخطر ولا يلجأ إلىربّ البشر ، فيعصف بمن حوله بصياحه وشتم من حوله وتحميلهم عبء ما لم يقترفوا ، فيعمد الطرفالآخر الى استجماع قواه والرد بما أوتي من حيلة وقوة ، فيتصارع الطرفان والعاصفةالخارجية دائرة والمصيبة قائمة فيزداد الطبن بلّة ، وهذه المواقف تخرب الديارالعامرة ، وتتعس النفوس السعيدة ، وتتأذى بها نفوس صغيرة بريئة لا ناقة لها ولا جمل بما قدحصل. بينما يقف آخرون حيال العواصف بتفهم لما يحدث ، وتوكل مخلص وتوكل على الله ودعاءومناجاة فينجو هو ومن معه وتعود السعادة من جديد[ إن هذه المواقف تتوارثها الأجيال ، وتضطبغ بصبغتها ، ولذا نرى ان جواً من العصبية المشحون يرافق الناس في البيت وفي العمل إلى أن يأتي الأجل فهل تبدو الحياة مريحة في مثل هذه الأجواء ؟ وهل يمكن لأفراد الأسرة أن يتفرغوا لبناء ذواتهم وتنمية مواهبهم في مثل هذه الأجواء ؟ كثيراً ما أصادف نساء تشتكي من عصبية زوجها أو من عصبيتها ! أو من عصبيتهما معاً ، الكل يعلم أن هذا السلوك غير صحيح ولكن قلة منا تعلم أجر من يكظم غيظاً او يترك جدلاً عقيما ، والأقل من ذلك من يطبّق هذا العلم في حياته الواقعية فمعظم الناس _ إلا من رحم ربي لسان حالهم ( ونجهل فوق جهل الجاهلينا ) عند امتلاء القلب بالغيظ ينثر الإنسان من الكلمات ما لا يدرك معناها ومؤداها ونتائجها ، فيسمع الطرف الآخر ما لا يرضيه ويجرحه ومعلوم ان الجراحات تشفى إلا ما جرحه اللسان جراحات السنان لها التئام ***** ولا يلتام ما جرح اللسان ومن النصائح التي تقدم في مثل هذا الحال · التريث في إطلاق الأحكام · تمرير الكلام على العقل قبل النطق به ، وقد يجدي كتابة ملخص ما نريد قوله · إزالة حالة الغصب والتمكن من قيادة النفس قبل التكلم · استشارة بعض الناس المؤهلين · قراءة عن الموضوع الذي حوله يدور الخلاف · عدم الوقوف مع أنفسنا موقف المحامي المدافع · اصطحاب الاحترام للآخر في سائر المواقف · استخدام الإرشاد الإلهي ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) · اتباع الهدي النبوي ( لا تغضب ) · فهم سنة الابتلاء ، والاقتداء بالأنبياء . فإذا فعلنا ذلك مرت العواصف دون أن تترك في حياتنا آثاراً مدمرة وخسائر فادحة . المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:49 PM | #47 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
النمو الانفعالي إن الفرح والحزن والغضب والرضا والضحك والبكاء والحب والكره إالى آخر ما يعترينا من انفعالات تشمل كل المجالات وترافقنا في كل السنوات هل تنمو بنمو أجسادنا؟ وهل يكون نموها تلقائيا؟ أم أن للإنسان دورا في هذا النموظ إن الوليد يبكي إذا جاع أو تألم أو إذا شعر بالوحشة وهذا شئ طبيعي، لكن الإنسان عندما يكبر يتصرف حيال هذه الأمور بطريقة مختلفة لانه يملك القدرة على الحركة ويمتلك التفكير المؤدي إلى التخلص من المشاعر المؤلمة وإن بكى فبكاؤه لا يكون صراخا وحركات تدل على اضطراب بل تكون فعلا سليما يدفع عنه هذا لاألم ويحقق له تلك الرغبة. وإذا أردنا أن نقوم انفعالاتنا ومدى نموها فعلينا أن نرقب تلك الحالات والانفعالات في أنفسنا ، هل حالنا فرح دائم مهما مر علينا من ظروف ؟ أم حزن دائم يرافقنا في حلنا وترحالنا ونهارنا وليلنا ؟ إن هاتين الحالتين لا ينبغي أن تنفرد إحداهما بشعورنا فتنتظم في كل ظروفنا بل هما حالتان طارئتان ناتجتان عن ظرفين أحدهما مفرح والآخر محزن وعدم الاسترسال مع هاتين العاطفتين يكون بالشكر القولي والعملي في الحالة الاولى والصبر ةالدعاء في الحالة الثانية . ومن مظاهر النمو الانفعالي اجتناب الغضب وعدم الاسترسال فيه ان كان لغرض شخصي و إبداء الإنكار إن كان في الأمر انتهاك لحد من حدود الله إبداءا يؤدي الى نتيجة صحيحة يقرها كل عاقل. ويرتاح الناس عند البكاء لأنه يطلق الحزن من القلب ويخفف عليه الضغط ولكن من نمى انفعاله وهذب مشاعره يسعى لجعل عينيه تبكي من خشية الله وحزنا على انتهاك الحرمات عندها يعز عليه أن يطلق دموعه الا لكل عزيز وغال. المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:50 PM | #48 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
معجزة ذات دلالات كل معجزة ربانية آتاها الله أحد أنبيائه كانت تحمل عنواناً واحداً وهو تأييد ذاك النبيّ على أعدائه بقدرة الله التي تفوق قدرة البشر وتتحدى تعنتهم ، وكل المعجزات كانت مبهرة لأنها من القويّ العزيز لكن لكل واحدة منها دلالة تؤدي غرضاً مرتبطاً بظرف القوم الذين أرسلت إليهم تلك المعجزة . ودين الإسلام خاتم الأديان جاءت فيه معجزة الإسراء والمعراج تتحدى الزمان والمكان الذين ظهرت فيهما ، وتبقى ذات دلالات لأجيال وأجيال . بقاع مقدسة تنطلق منها الرحلة الربانيّة التكريميّة لنبي البشريّة ولحامل دعوة أزليّة ألا وهي دعوة التوحيد التي نادى بها أول نبيّ ، وحمل لواءها كل نبيّ ، وكانت عنوان رسالة الإسلام بلّغها محمّد عليه الصلاة والسّلام . ومن مظاهر هذا التكريم الربانيّ في هذه الرحلة شق الصدر وامتلاؤه حكماً وعلماً ، وحمل النبيّ على البراق من بقعة لبقعة ، ولقاء الأنبياء الأتقياء الأنقياء ، واستقبالهم له في الأرض والسماء ، كل ذلك برفقة جبريل عليه السّلام . لماذا الأقصى ؟ ولماذا الحرمان الشريفان وما الرابط ؟ إنها بقاع مقدسة اختارها الله واصطفاها كما يصطفي الأنبياء من البشر ، فهي وجدت ليعبد النّاس فيها رب النّاس بلا تحريف ولا شرك هي للمؤمنين الذين يحفظون العهد ، هي للمسلمين الذين رعوا الود ، هي للأقوياء منهم في دينهم وعقيدتهم وتفانيهم هي للذين يدافعون عن الحرمات ويفعلون المكرمات . رحلة الإسراء والمعراج رحلة تكريميّة لنبيّ قاسى من طغيان البشريّة وهذا التكريم امتدّ من الأرض بالإسراء إلى السّماء بالمعراج ليكون التكريم للجسم في الأرض وللروح في السماء و ليدل أن الرقيّ البشريّ لا يتم إلا إذا ارتقت روح المسلم إلى مدارج الكمال ومعراج النفس الصلاة التي فرض في السماء ، فللجسم أرض وللروح السماء . وماذا في السماء ؟ في السماء الأنبياء ورفقاؤهم الأصفياء ، وفي السماء تكريم لكل من كان على الأرض لله حبيباً ولدينه نصيراً ، وفي السماء عذاب مقيم لمن كذّب وكان لأهل الحق خذولاً ، وفي السماء صرير أقلام تكتب أعمال العباد حتى يكون العدل يوم المعاد . وفي السماء جنة المأوى وسدرة المنتهى ونعيم مقيم وعذاب أليم ، يا لها من سماء فيها ينصب ميزان العدل ، وترصد الأعمال ! ومهما كان موقف النّاس بعد تلك الرحلة فإنه يميط اللثام عن حقيقة أمرهم وتقبلهم للحق الواضح الجليّ فمنهم سعيد ومنهم شقيّ . لقد تكشفت نفس أبي بكر رضي الله عنه عن مؤمن صادق ، وعقل غير مشّوه هو مصدق برسالة السماء وهذا الخبر أتى من الصادق الأمين فلم لا يصدقه ؟ قياس صحيح ينبئ عن فطرة ما خالطها كبر وغمط للحق . وأم هانئ رضي الله عنها صدقته لكنها امرأة شأنها شأن بقية النساء خافت عليه من الابتلاء فتكشفت نفسها عن محبة دفعتها لتقول له : لا تحدث النّاس بهذا خوفاً عليه من تكذيب قومه الذين _ لسوء فطرتهم _ ما كفاهم وصف النبيّ عليه الصلاة والسّلام لما رأى في موطن الإسراء ولما وصفه للعير التي كانت تعبر الطريق تلك الليلة . إنها معجزة ذات دلالات ، في كل عام نقرأ فيها شيئاً جديداً ، وتبدو لنا دلالات مفيدة فنحن من أحداثها نستقي وحدة الديانات السماوية ، ومكانة سيد البريّة ، وأهمية المقدسات الإسلامية ، ويقين وعد السماء لعباد الله المخلصين في التمكين في الأرض وفي التكريم في السماء ، تسري أفكارنا وتتوق أرواحنا إلى بقع اصطفاها الله دون البقاع ، وتتشوق أرواحنا إلى أن نكون رفقاء لمن كرمهم الله في الأرض والسماء وتعرج أرواحنا في محراب صلواتنا ولدينا أمل بأجر الخمسين صلاة التي فرضت في تلك الليلة ، ونأمل أن نصلي في المسجد الأقصى أسوة بنبيّنا محمّد عليه الصلاة والسلام . ملاحظة : استفدت مما كتبه الأخ المهذب في مقاله عن الإسراء والمعراج فكانت هذه الخاطرة المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 01:51 PM | #49 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
يا رياح النصر هبي أين أجدك أيها النصر ، يا أيها الغائب الحاضر ؟ أأنت قريب فأناجيك ، أم بعيد فأناديك ، قل لي ما الذي يجلبك ؟ تعب من الاحتجاج اللسان ، وتفطر من الحزن الجنان ، وخارت من غدر العدو الأبدان ، وتبدلت الأفراح إلى أحزان . أيّ مكر اجتمع ؟ يهود وصليب ، وقف في وجهه كل حبيب ، يدافع بروحه وماله وأهله منادياً أهل النفوذ والسلطان ، ولكن ما من مجيب ! أيّ قوة تحمي الباطل ، أكانوا حين صنعوا تلك الأسلحة يعّدونها لنا ؟ أكانوا حين يدرسون ويتفوقون ويخترعون يريدون محونا ؟ الله الله يا أمة العرب ، الله الله يا أمة الإسلام لا تهابي مكراً ولا قوة ، فالله خير الماكرين ، وهو خير الناصرين ، وهو مع الصابرين . اشتاقت أنفسنا إلى النصر ، وباتت ترقب الفرج ، كأرض تشققت من الجفاف ، فباتت بارتقاب الغيث ، ولا يكون الغيث بعد القحط إلا بتوبة خالصة من كل ذنب ، ولا يكون إلا بالخروج متجردين من قواتنا إلى قوة العزيز الحكيم ، ولا يكون إلا بخروج الجميع إلى صعيد واحد ، ويكون بردّ المظالم ، ووصل الأرحام وتحري الحلال وإنهاء المظالم ، وإعداد القوّة ، والاجتماع على قلب واحد ، هكذا رسم لنا ربّنا طريقه ، وأمرنا بسلوكه ووعدنا عندها بالنصر أو الشهادة . إلهي ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ، إلهي تبنا إليك من الغفلة والضلال قاقبلنا ، إلهي سامحنا على الانحلال ، والانصياع إلى النفس الأمارة بالسوء . إلهي ها هي قوافل المجاهدين تعبر أمامنا بنور وضّاء ، فاقبلهم عندك ولا تحرمنا أجرهم ولا تفتّنا بعدهم ، هم عرفوا الحق وتمسكوا به ، وعزفوا عن الاسترخاء والاستخذاء شحذوا هممهم وصانوا دينهم ، ودافعوا في سبيلك عن حقهم في أرضهم وذوداً عن عرضهم ، ذاقوا ألوان العذاب سجن وتشريد وإبعاد ، وتفكير في شأن الأمة وصلاحها ، لله درهم ما تركوا لنا حجة نعتذر بها أمام الله ، وجوههم وضيئة ، وأنفسهم هنيئة ، وقلبهم كبير وسع هموم الأمة ، وهمتهم عالية تحدت قوى الشر والطغيان ففازوا_ بإذن الله _ بروح وريحان ........ لم يكن همهم مال وجاه وسلطان ، لم يكن همهم الركون إلى الحياة ، تجاوزت اهتماماتهم حدود أنفسهم وأسرتهم ، فانطلقوا يدافعون عن حقّهم ، سالت دماؤهم الزكيّة ، غطت وجه أرضهم ، فملأت الأرض مسكاً فوّاحاً ، ورفرفت أرواهم في سماء عالية ، إنهم يبغون رضاء الرحمن إنهم يطلبون الجنان . أنتم الملوك أيّها الشهداء ، فقد ملكتم قلوب الناس ، وانساقت إليكم الجماهير متوحدة النداء تعرب عن حبها وانتمائها ، نعم كلنا من هذه الكوكبة المضيئة ، نعم إننا مثلهم ، نؤمن بحق وجودنا على أرضنا أعزّة لا أذلّة ، أقوياء لا جبناء ، مرفوعي الهامة التي لا تسجد إلا لخالقها إننا نؤمن أن النصر موجود ، ونعرف مكانه إنّه عند الله ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ) سنعود إليك يا ربنا تائبين ضارعين ، نعدك أننا لن ترانا في موقف مشين ، نعدك أن ترانا على درب الجهاد قائمين وقاعدين كل في خندقه ، وكل يسد ثغرة من ثغور الإسلام ، وكلنا قد هجر الملذة والمذلة والهوان . نعوذ بنور وجهك أن نخلد إلى المعاصي ، وأن نستمرئ الجهل ، وأن نتبع أهل الضلال ، نؤمن أنك ناظر إلينا ، ونخجل أن يكون لنا تصرّف يتنافى مع رفعة ما يفعله المجاهدون ، فنحن لك عابدون ، وعلى طريقهم سائرون . المصدر: شبكة مشكاة |
23-02-11, 02:00 PM | #50 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
تجربة أبوية لغوية فطرية نظرية الاكتساب الفطري للفصحى وصلتي بها وبرائدها د.عبد الله الدنان أيمـن بن أحمد ذوالغـنى كان من سوالف الأقضية أن يحدثني أستاذي الفاضل الدكتور محمد حسان الطيان في مطلع دراستي الجامعية سنة 1992م عن تجربة طريفة لأستاذ تربوي أجراها على ولديه الصغيرين، تعتمد على تواصله معهما باللغة العربية الفصحى تواصلاً تامًّا، في حين يتواصل سائر أفراد الأسرة معهما باللهجة العامية، فغدَوَا طفلين فصيحَين قادرَين على الحديث بالعربية الصحيحة دونما لحن، مع إتقانهما لهجة بيئتهما العامية! ووقعت قصة هذه التجربة في نفسي موقعًا حسنًا، لكنني لم ألبث أن نسِّيت أمرها إلى أن شاء المولى سبحانه أن تقع عيني بعد سُنَيَّات -في نحو 1996م- على إعلان عن محاضرة في كلية التربية بجامعة دمشق، يلقيها صاحب تلكم التجربة؛ الدكتور عبدالله الدنَّان، يعرض فيها نتائج تطبيقها وأهم ثمراتها. سبيل النهوض وبادرتُ إلى مكان المحاضرة، وكلي شوق إلى الاطلاع على نظريته وطريقة تطبيقها، يحدوني إلى ذلك حبٌّ راسخ في جَناني للعربية لغة كتابنا، وعنوان هويتنا، وأملٌ في إحياء هذه اللغة العبقرية الشريفة على الألسنة، والعودة بها إلى المكانة المرموقة التي ينبغي أن تعتليَها. لم تكن المحاضرة أيَّ محاضرة، ولم يكن المحاضر أيَّ محاضر! كانت الكلمات تخرج من فيه لتستقرَّ في قلوب سامعيه لا في آذانهم، تستشعر فيها غيرةً صادقة على العربية، وحميَّة جيَّاشة لكيانها، ورغبة مخلصة في النهوض بأمتنا من كبوتها، وإنشاء جيل جديد مبدع وقادر على المضيِّ في ميادين الحياة كافَّة بثقة واقتدار. أجل لم تكن نظرية الاكتساب الفطريِّ للعربية الفصحى فكرةً عابرة، ولكنها أساس لنهضة علمية ومعرفية وثقافية وتربوية يتطلَّع إليها الغُيُر ويرجون قيامها، إنها السبيل إلى العودة بأمة اقرأ إلى عالم القراءة الواعية الذي طالما استدبروه، وإلى تملُّكهم الأداة الناجعة لفهم ما يقرؤون، إنها باختصار عقَّار نافع لكثير من الأدواء التي تعانيها أمتنا في ميادين المعرفة والتعليم! كان المحاضر يومها في نحو الخامسة والستين من عمره، قد اشتعل رأسه شيبًا، بيد أنه ذو همة وحماسة تتقاصر أمامها همم الشباب وحماستهم! وخير ما فعله حينها عرضُه فلمًا تلفازيًّا مسجَّلاً لولده باسل يوم كان في الثالثة من عمره يُظهره يتحدث العربية السليمة المعربة بطلاقة وثقة بالنفس. وكذلك اصطحابُه عددًا من أطفال روضته التي يطبق فيها نظريته ليرى الحاضرون بأعينهم ويسمعوا بآذانهم كيف يغرِّد الأطفال بالعربية تغريد البلابل، ليكون ذلك أبلغَ ردٍّ على كل مشكِّك في قدرة العربية على الحياة، وعلى كل زاعم أن الفصحى لغةٌ صعبة يعسُر على أبنائنا أن يتقنوها، فإذا بهم لم يتقنوها فحسب، بل صارت لغةً فطرية لهم، تخرج من أفواههم عذبة شجية، تطرب لها الآذان وتجذل بها المُهَج! وخرجتُ من القاعة طاويًا صدري على همٍّ عظيم، أن أجعل العربية الفصحى قضيتي التي أحيا لأجلها، وأن أعمل على نشرها والتمكين لها، ما قدَرت، وأن أطبق نظرية الدكتور الدنان الفريدة على أولادي في المستقبل، إن شاء الله ويسر. وتحقَّق الحلُم وفي النصف الثاني من العام التالي 1997م يهيِّئ الله لي بفضله أسبابَ الزواج، وتلقى رغبتي وطموحي عند زوجتي الرضا والقبول، وتشتدُّ العزيمة على اتباع نهج الدنان، والسير بسيره، والتأسي بفعله. وفي أَصيل الثلاثاء السادس من ربيع الأول سنة 1419هـ يوافقه 30/ 6/ 1998م يُقبل ولدي أحمـد إلى الدنيا كما يُقبل سواه من المواليد، غير أن أباه كان قد أعدَّ له من الخطط والعدَّة ما لا يُعدُّه إلا قليل من الآباء لأبنائهم، ومن أهم ذلك عزيمة حازمة ألا يحدِّثه إلا بالعربية الفصيحة الصحيحة، ليكتسبها اكتسابًا، ولتجريَ في عروقه مجرى الدم! بل كان والده من قبلُ قد قرأ كتبًا في التربية، منها كتابٌ نفيس لأحد أعلام التربية العرب الأستاذ عدنان السَّبيعي عنوانه ((الصحة النفسية للجنين)) عرض فيه تجاربَ مهمة للغربيين في التواصل مع الجنين مذ يبلغ شهره الخامس في عالم الظلمات الثلاث، وقد طبقتُ كلَّ ما أورده من طرائق، وآتت أكُلَها جميعًا، ومن أهمها الحديث مع الجنين، وكنت ملتزمًا به اللغة الفصيحة.. ومن ثَم كان بدء حديثي مع أحمد بأفصح اللغات وأشرفها من قبل أن يُقبل إلى الدنيا! عزيمة تهزم التثبيط لم يكن الأمر سهلاً فكل من حولي يثبِّطني ويفُتُّ في عَضُدي، حتى من كنت أنتظر منهم النصرة والتأييد من أهل الوعي والثقافة لم أسلم من سهام نقدهم واعتراضهم؛ إذ كانوا ينكرون عليَّ أن أحدثَ طفلاً لم يعِ ولم يدرك، ولما ينطِق ويتكلم، بلغة يظنونها صعبةً متأبِّيةً على الكبار بله الصغار، ودع عنك العامة وتعليقاتهم وتندُّرهم، فذلك أمر لم أعبأ به ولم ألتفت إليه! وحين بلغ أحمد شهره السادس تشرفت بزيارة الدكتور الدنان في روضته (الأزهار العربية) بحرستا، صحبة زوجتي الفاضلة، واطَّلعنا من قرب على أطفال كبراعم الزهر، تجري العربية السليمة المعربة على ألسنتهم جريانَ النهر المتدفِّق، وتستشعر أنهم قد اكتسبوا مع العربية قوة الشخصية والقدرة على التعبير عن النفس، ولم أملك إلا أن أذرف عبرات باردة ابتهاجًا بما رأيت وطربًا لما سمعت. وزادتني الزيارة عزيمةً وإصرارًا، فمضيت في سبيلي التي اخترتُها غيرَ متوان ولا هيَّاب! وينقضي حَولٌ كامل ويبدأ أحمد في الوعي والإدراك وتظهر بوادر النجاح بيِّنة غير خفيَّة، فهو يفهم عني ما أحدثه به بالعربية الفصحى، ويفهم أيضًا ما تحدثه به أمه بلهجتنا العامية الشامية.. وما هي إلا سنة أخرى حتى يبدأ يُنتج الأصوات، ويركِّب بعض الألفاظ بلغته الطفولية الخاصة التي لم تكتمل بيانًا غير أنها مفهومة لوالديه، ومن حينها شرع يخاطب كلاًّ بلغته، فإذا جمعتنا مائدة الطعام واشتهى تناول المربَّى، قال لأمه: (مأؤود، مأؤود) [أي: معُّود، باللهجة الشامية]، وإذا طلب مني قال: (أبَّى أبَّى) [أي: مربّى]. أما خير ما أثمرته هذه التجربة في ذاك الوقت المبكر فموقفٌ بديع دَهِشتُ له وتحيَّرت، ومُلئتُ عَجَبًا واستغرابًا، لقد كان هذا الموقفُ الغريب دليلاً بيِّـنًا على إعجاز كتاب ربِّنا الجليل القرآن الكريم، وفيه من الدَّلالات العظيمة ما يُثبتُ بما لا يَدَعُ للشكِّ مجالاً، أن كلام الله نَمَطٌ فذٌّ معجز، دونه كلُّ كلام، مهما علا في سماء الفصاحة والبيان. وقد دوَّنت خبر ذلك الحدث في مقالة بعنوان (موقف طريف من ثمرات الفصحى) نشرت في بعض المجلات. لغة مختزنة! ويشاء الله سبحانه أن أنأى عن ولدي وأسرتي، للعمل في مدينة الرياض، في الخامس والعشرين من المحرَّم سنة 1422هـ، يوافقه: 19/ 4/ 2001م. ولم يكن يقلقني ويحزُّ في نفسي مثل انقطاعي عن مواصلة تطبيقي لنظرية اكتساب الفصحى على ولدي الذي بلغ المرحلة التي طالما انتظرتُها وتشوَّفَتْ إليها نفسي، مرحلة إنتاج اللغة والقدرة على الكلام والتواصل! وتمضي ثمانية أشهر كاملة كأنها ثمانون عامًا، وأنا على مثل الحديد المحمَّى؛ همًّا وضيقَ صدر! حتى يهيئ الله بلطفه أسبابَ استقدام أسرتي للإقامة معي في السعودية، وحين أصل دمشق لاصطحابهم يكون ما لم أتوقَّعْه! لقد انطلق ولدي بالحديث في مدة غيابي عنه، وجرى لسانه بلغة بيئته المحلية ولغة أهله وذويه وهي اللهجة الشامية! وشعرتُ أنني أخفقت، وأن ما بذلته في زهاء ثلاث سنين ذهب أدراج الرياح! وأن أحلامي وآمالي بتملُّك ولدي لسانَ الفصحاء قد اضمحلَّت وتلاشت! كان أحمد يكاد يطير فرحًا وسعادة بعودة أبيه، وكأنه يدرك أن رابطةً خاصة تشده إليه، غير رابطة الأبوة والبنوة، ولكنه بلا ريب كان يجهل أن تلك الرابطةَ هي رابطةُ البيان واللغة التي نشِّئ عليها، والتي طالما سمعها من أبيه وحدَه مذ كان جنينًا في رحم أمه! ولم يذعن الأب للإخفاق ويقبل بالهزيمة، فغضَّ الطرف عن نظرات الشماتة من جلِّ مَن حوله، واستمرَّ كما كان من قبلُ يحدِّث ولده بالعربية الفصحى، والولد يفهم عن أبيه بيد أنه لا يجيبه إلا بالعامية! ولكنها كانت ليلة لا ثاني لها، فقد خرجتُ بولدي في اليوم التالي لشراء بعض الأغراض، وفي سوق الحَميدية لفت انتباه أحمد (بسطة) على قارعة الطريق، فيها أصنافٌ من التحف الشرقية، فاشرأبَّ إليها يتأمَّلها، وكنت أحمله وأضمُّه إلى صدري، فسألني وهو يشير إليها: (بابا شو هيّ؟)، (بابا شو هَيّ؟)، فأبديتُ عدم الفهم، وكأنه يتحدث بالصينية أو اليابانية! وأعاد السؤال مرات، (بابا شو هَيّ؟)، وأنا أنظر إليه نظرةً بلهاء، وأقول: لا أفهم، ماذا تريد؟! ثم بلغ الغضب منه مبلغًا فصاح بقوة وحزم: (أبي ما هذه؟)! هنا غمرتني سعادة لا توصف، وشعرتُ وكأن طَودًا من الهم قد زال عن صدري، وأدركت إدراكًا جازمًا أن ما زرعتُه في السنوات الماضية لم يضِعْ ولن يضيعَ بإذن الله، وأن اللغة التي اكتسبها من قبلُ مختزنة في دماغه، وما عليَّ سوى الصبر والمصابرة حتى يستعيدها شيئًا فشيئًا. نجاحٌ فاق التوقُّع وما ظننتُه كان بفضل الله، فما هو إلا أسبوعٌ واحد وإذا بأحمد يستحضر مخزونه من اللغة الفصيحة، ويكون قادرًا على تركيب جملة سليمة بلا خطأ، ولم يتمَّ الشهرُ إلا وقد استقام لسانه سليقة، وانطلق بالعربية الصحيحة انطلاقًا، مع تحريك الأواخر دونما لحن ولا خطأ ولا تلكُّؤ! وصار يترجم بيني وبين أمه ترجمة فورية لطيفة، بل اكتسب - بعد أشهر قليلة - من لسان ابن جيراننا الصغير المصريِّ لهجته، فإذا رأيته يحدثه لم يخطر ببالك إلا أنه مصري مثله! وكثيرًا ما كان يروي لتِرْبه وشريكه في اللعب قصةً ما على مسمع منا، يقصُّها عليه باللهجة المصرية، فإذا مضى رفيقه سألته أمه عن القصة فيرويها لها باللهجة الشامية، ثم يعيدها عليَّ بالعربية الفصحى، كل ذلك في مجلس واحد! ولم يكن يترجم العبارات والألفاظ فقط، بل حتى الصوت كان يؤدِّيه بحسب مخاطبه، من ذلك مثلاً: إذا طلب أن يتناول بيضة عند الإفطار قال لأمه: (عَطيني بِيضَة)، وإذا طلبها مني قال: (أعطني بَيضَة). ومن المواقف الطريفة أنه أجرى مرة سباقًا بيني وبين أمه، وكان الاتفاق أنه إذا أتمَّ تنظيم ألعابه نادانا، ومن يسبق في الوصول إليه يكن فائزًا، وحين فرغ صار ينادي بصوت عالٍ: (ماما انتَهِيت، بابا انتَهَيت، ماما انتَهِيت، بابا انتَهَيت) يكررها مرارًا، مناديًا كلاًّ بما ألفه من لسانه! وفي هذه المرحلة حفظ قدرًا طيبًا من جزء عمَّ، وحين استظهر سورة الفيل سألني: (أبي، ما معنى {طيرًا أبابيل}؟)، فأجبتُه: أي جماعات جماعات من الطير. وبعد أسبوع يفاجئني بقوله: أبي، رأيت قرب حاوية القُمامة قططًا أبابيل! وكثيرًا ما كان يقوم بالقياس باستعمال ألفاظ وتراكيبَ لم يسمعها مني قط، من ذلك: بعد مشاهدته فلم الافتراس في عالم الحيَوان، أقبل يحدثني عما شاهد، ومما قاله: (ورأيت أُسَيدًا يفترس حُصَينًا!) بتصغير اللفظين، مع يقيني أني لم أنطِق بهما أمامه أبدًا، ولكنه قاس على ما سمع من ألفاظ التصغير، فأصاب في الأول وأخطأ في الثاني؛ إذ الصواب في تصغير الحصان (حُصَيِّن)، وهذا دليل على أنه اعتمد القياس لا السماع! ومن ذلك أيضًا: أنني كنت أستعمل له اللفظ القرآني (حار يحور، بمعنى: رجع يرجع) ليفهمَ إذا ما قرأ قوله تعالى: {إنه ظنَّ ألن يحور} مرادَ الله تعالى سليقة، ولكنه أدهشني مرة حينما كلمني بالهاتف وقد تأخرتُ في عملي، ليقول لي: (أبي، أرجوك لا تتأخَّر، حُرْ إلى البيت) فاستعمل فعل الأمر (حُر) مع أنه بلا ريب لم يسمعه من أحد قطُّ! وكان يُظهر بين حين وآخر فهمًا لما يسمع من آيات قرآنية، ويسأل أسئلة تدلُّ على وعي وإدراك لما يطرق سمعه منها، ومن المواقف الطريفة: أنه ذات ليلة كان منشَغلاً باللعب، وأمه بجواره تُصغي إلى ترتيل للقرآن من (المسجِّلة) ومرَّ قوله تعالى: {وقالت اليهودُ والنَّصارى نحنُ أبناءُ الله وأحِبَّاؤُه} فانتفض وصاح: كذبوا.. كذبوا ! كل ذلك وهو لما يبلغ الرابعةَ من عمره، فالحمد لله على توفيقه وإحسانه. وقد حملتني سعادتي الكبيرةُ بنجاح تطبيق نظرية د. الدنان، واكتساب ولدي للعربية الفصحى اكتسابًا فطريًّا، على أن أرسلَ إليه من الرياض رسالة شكر وتقدير؛ لجهوده في نشر العربية على ألسنة الأطفال، ولدلالتنا على هذا الخير العظيم، وتبشيرًا له بنجاح التطبيق؛ لأكون أول من يطبق تجربته على ولده في المنزل، وفق منهجه وأسلوبه وسنَّته. شهادة رائد التجربة وبعد أشهر قليلة من الرسالة، يقدَم أستاذنا الدنان إلى الرياض زائرًا، وأُهرَع إليه في نُزُله، مصطحبًا ولدي أحمد، ليسمع منه ويحاوره، وليطلع من قرب على نتائج تطبيقي. وكم كانت سعادتي حين رأيت من أستاذي الرضا التامَّ، والابتهاج بما حصَّلته معه، وقال لي: إن أحمد الآن كولدي باسل تمامًا حين كان في سنِّه. وفي هذا اللقاء أظهر أحمد من الفرح والسرور بالدكتور الدنان ما لا يوصف، إذ وجد شخصًا فصيحًا غير أبيه، يتواصل معه بلسانه، وبما يحب أن يسمع من لغة وبيان! وعبَّر عن ذلك بحركات طفولية تلقائية من عناق وتقبيل والتزام! وقد شرفني أستاذي الفاضل بأن كتب لي فيما بعد شهادةً بنجاح التجربة، وكتب لولدي مثلها، في إهداءين منه أحدهما لي والآخر لأحمد أطيبُ الجَنى كنت قد لخَّصتُ في ندوة شاركتُ فيها بمدارس الرشد الأهلية بالرياض، بتاريخ 22 من ربيع الأول 1428هـ عنوانها (كيف ننمِّي الذائقة اللغوية عند الأطفال ؟) = أهمَّ الثمرات المرجوَّة من إتقان الأطفال للعربية الفصيحة في سنيهم الأولى، وهي: 1- القدرة على التعبير عن النفس تعبيرًا دقيقًا مُحكَمًا. 2- الثقة بالنفس، وقوة الشخصية. 3- نشوء علاقة حبٍّ حميمة مع العربية. 4- انعقاد أواصر صداقة دائمة مع الكتاب، تتميز بالوعي وسرعة الفهم. 5- التفوُّق في التحصيل العلمي والمعرفي والثقافي. 6- التعلُّق المتين بتراث الأمة الجليل، وتاريخها المشرق النبيل. 7- امتلاك شخصيَّة أصيلة سويَّة منتمية انتماء حقيقيًّا صادقًا إلى العروبة والإسلام. 8- الإحساس المُرهَف والشعور العميق بإعجاز القرآن الكريم، وأنه فوق كلِّ بلاغة وبيان، وأنه مُفارقٌ لجنس كلام البشر. وقد تبدَّت بفضل الله تعالى كلُّ هذه المكاسب العظيمة في شخصية ولدي أحمد وحاله، بعد اكتسابه للعربية الفصحى فطرة وسليقة، فغدا قارئًا نهمًا سريع القراءة مع الإتقان والفهم الدقيق، وقد بلوتُه مرارًا مذ بدأ تعلُّم القراءة، فكان يقرأ القصةَ غير المشكولة بضبط ألفاظها وإقامة حروفها في زمن (قياسي)، ثم يعيد روايةَ ما قرأ بحذافيره، دون أن يفوِّت أيَّ معنى من المعاني مهما دقَّ! وكنت مضيتُ معه على عادة دائمة من بداية وعيه، أن أقرأ له قبل النوم وفي كلِّ وقت فراغ قصصًا نافعة، حتى بلغ ما قرأتُه له مئات القصص، وعندما أتقن القراءة استمرَّ على هذه السنَّة الحميدة، وأحصيتُ له في الصف الثالث الابتدائيِّ زهاء 350 قصة قرأها في العام الدراسيِّ بتمامها! وحين كان في الصف الثاني اشترك في (مجلة باسم) للأطفال، وكان ينتظر وصول أعدادها كل أسبوع بشوق كبير، وما إن تصل حتى يلتهم صفحاتها التهام الجائع، وما يزال حتى اليوم مشتركًا فيها، ومتابعًا لأعدادها التي صارت شهرية. وفي معرض الكتاب الأخير بالرياض قبل شهرين أهدى إليه أحد أفاضل الناشرين رواية للكاتبة البريطانية العالمية (أغاثا كريستي) فقرأها في ليلتين وهي في زهاء 300 صفحة، وأُعجب بها أيَّما إعجاب وبحبكتها (البوليسية) فأصرَّ أن يقتنيَ جميع روايات الكاتبة، فضلاً عن سلسلة روايات (شيرلوك هولمز) العالمية للكاتب الإسكتلندي (آرثر كونان دويل). أما تفوقه الدراسي فقد ظهر من الصف الأول، وطالما أخبرني أستاذه أن أحمد يصحِّح له أخطاءه بتلقائية، وحين يعيد المعلم النظر فيما يقرأ يتيقَّن من خطئه وصحة كلام تلميذه الصغير! وفي الصف الثالث الابتدائي لم يجد معلمه ضرورة لأن يحضرَ مع زملائه حصص القراءة، فكان يرسله إلى المكتبة ليطالع ما يشاء من مقتنياتها، بدل إضاعة وقته في الفصل مع طلاب دونه بكثير في القراءة والفهم! وكان إحساس أحمد بجمال الكلام العربي إحساسًا مرهفًا، وكثيرًا ما يبدي إعجابه بعبارة أدبية راقية، أو بيت شعري رائق، بل تجاوز تذوُّقَ الأساليب والتراكيب إلى شعور دقيق بالألفاظ وظلال دلالاتها، من ذلك مثلاً: سألني وهو ابن سبع سنين: أيهما أقوى النسر أم الصقر؟ ولم أعرف الجواب، فقلت: لا أدري، ولكني أظن النسرَ أقوى. فقال: لا، بل أرى أن الصقر أقوى، انظر يا أبي، كلمة نسر ضعيفة، أما كلمة صقر فقوية! وطَفِقَ يكرِّر اللفظين (نسر) و(صقر) يروزهما رَوزًا، يستشعر ضعف الأول وقوة الثاني !! ولم يقتصر تميُّزه على فصاحة النطق واللسان، إذ تعدى ذلك إلى فصاحة القلم والبَنان، فأنشأ وهو في الصف الثاني قصة قصيرة بعنوان (القطة اللطيفة)، ثم أتبعها بأخرى بعنوان (القطة الجريحة)، وشارك في مسابقة للناشئة في أحد المواقع الإلكترونية بمقالة عنوانها (أحبك يا رسول الله) فازت بالجائزة الثالثة، وهو في السابعة والنصف من عمره. ونشر هذه الموادَّ في (مجلة باسم)، مع مراسلات معها واشتراك بمسابقاتها، حتى انضمَّ في الثالث من جمادى الأولى 1430هـ إلى نادي الصحفيين فيها، لتكون باكورةُ عمله الصحفي حوارًا أجراه مع وكيل مدرسته نُشر على صفحاتها. وكذلك ألقى هذه النصوصَ في ملتقى الإبداع الشهري برابطة الأدب الإسلامي العالمية بالرياض، وما يزال من خمس سنين يشارك في نشاطات الرابطة بإلقاء قصائدَ مما يستظهر من عيون الشعر العربي، تجد القَبول لدى الحضور، بل افتتح في 13 من شعبان 1429هـ الأمسيَّة الشعرية للرابطة في العاصمة التركية إستانبول بقصيدة من شعر إمامنا الشافعي. وفي 23 من ذي القعدة 1430هـ صدر قرار بضم أحمد إلى الرابطة عضوًا مناصرًا؛ تقديرًا لنشاطه وتشجيعًا له، ليكون بذلك أصغرَ عضو فيها منذ تأسيسها! وقد نُشر عن نشاطاته وأشيد بإبداعه في عدد من المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية، منها مجلات: الأدب الإسلامي، وبريد المعلم، وحياة للفتيات، وشباب، والدعوة، والرسالة، وشعاع الأمل. وصحف: الجزيرة، والبلاد، وشمس. فضلاً عن استضافة أستاذنا الكبير الدكتور عبدالكريم بكار لي ولولدي أحمد في برنامجه (معالي) الذي يُعرَض في قناة (المجد) الفضائيَّة، في حلقة مساء الاثنين 19 من ربيع الأول 1430هـ، على الهواء مباشرة، عنوان الحلقة: (مبادئ النجاح)، تحدثتُ فيها عن طريقة أستاذي د.عبدالله الدنَّان في نشر العربية الفصيحة بالفطرة، وتجربتي في إكساب ولدي أحمد الفصحى، مع حوار أجراه معه المقدم الأستاذ تركي الظفيري. ولا يخفى أن غشيان أحمد - منذ وقت مبكر - للمؤتمرات والندوات والمحافل الأدبية، ومشاركته في الإلقاء بشجاعة وجرأة، دليل على ما يتحلَّى به من ثقة بالنفس وقوة في الشخصية، ولذلك كان وما يزال يتولى تقديم الإذاعة الصباحية في مدرسته منذ الصف الثاني. تنويه وإشادة تقدم آنفًا - في بدء كلمتي - أن أول من هداني إلى تجربة الدكتور الدنان وأنبأني خبرها أستاذي الفاضل د.محمد حسان الطيان، الذي ما فتئ بعد ذلك يشجعني ويشد من عضدي، لأغذَّ السير في التزام الفصحى مع ولدي، حتى آتى التطبيقُ أكُلَه على خير وجه مَرضي، وقد تفضَّل مشكورًا بالتنويه بنجاحي والإشادة بما حققته، بفضل الله وتوفيقه، في مقالة نشرها بعنوان (نحوُ الفطرة.. ونحوُ الفطنة)، ويطيب لي أن أقتطفَ منها ما يكون مسكَ الختام لكلمتي، قال حفظه الله، وجزاه عني خيرًا: ((ولعل من أبرز أبطال هذه المدرسة [أي: مدرسة الاكتساب الفطري للفصحى] صاحبًا لي آخر، يُدعى أحمـد أيمن ذوالغـنى، أخذه والده أخذًا حازمًا بهذه اللغة الفطرية، فلم يُسمعه إلا إياها، ولم يرتضِ أن يسمع منه سواها، فإذا رَطَنَ الولد بالعامية، زعم الوالد أنه لم يفهم، فعاد الولد إلى فُصحاه، وانطلق يغرِّد بها تغريدَ العنادل، يرفع وينصب، ويجر ويجزم، ويعطي كلَّ ذي حق حقَّه فطرةً وسليقةً، يفعل ذلك كله دون أن ينسى لهجته العامية، تلك التي يتكلم بها مع أمه وأقاربه، وأصحابه وأترابه. ومن طريف ما رواه لي والده: أنه لقِيَه مرةً يلعب مع أترابٍ له خارج المنزل، وكانوا من جنسيات مختلفة، فيهم السعودي، وفيهم المصري، وفيهم الحلبي، فجعل الولد يترجم لأبيه ما ينطِق به هؤلاء من لهجاتهم المحلية؛ لأنه موقن أن أباه لا يفهم إلا هذه الفصحى الشريفة! وزاد أبوه فجعل يروِّيه من الشعر أجزلَه، ومن الأدب أجملَه، فضلاً عن محفوظه من القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، فنشأ الولد أديبًا أريبًا، يكتب القصة، وينشد الشعر، ويسهم في نشاطات صحفية مختلفة، ولمَّا يجاوز العاشرة؛ بل إن أباه زفَّ لي منذ أيام بشرى انضمام أحمد إلى نادي الصحفيين، وإجرائه الحوارَ الأول له مع وكيل مدرسته، وكان من قبل هذا قد استضيف في إحدى القنوات الفضائية ونوِّه بتجربته الرائعة)). المصدر: شبكة مشكاة |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هديتي لكم : الأربعين النووية مع شروحها والإستماع لها :) | تواقة الى الجنة | روضة السنة وعلومها | 4 | 18-03-07 05:05 AM |