|
روضة المتحابات في الله للترحيب بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-,تواصل أخوي، مناسبات.. |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-02-10, 11:13 AM | #31 |
|نتعلم لنعمل|
|
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إخوتي في الله، إني أحبكم في الله، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم للنهوض بالأمة. نحن مجموعة شباب نعمل في الحقل الدعوي، وأصبح في علاقتنا فتور، فقررنا أن نجلس مع بعضا البعض لنعالج هذا الفتور، ولماذا لا ينصح بعضنا البعض كما كان يحدث في الماضي، وخرجنا بمجموعة من النقاط، وهي خاصة بـ: لماذا لا نتناصح، ووضعنا بعض أسباب العلاج أذكرها لك إن شاء الله وأريد التعليق وسبل العلاج: 1- الحرج من الأخ سواء كان الأخ المسئول أو الأخ الذي يعمل معي في فريق العمل. 2- عدم الاعتياد على النصح والتناصح. 3- الخوف على مشاعر من أمامي. 4- قانون التوقع؛ أي أن أتوقع مسبقا أنه لن يسمع مني، وبالتالي لا أنصحه. 5- التشهير به؛ يعني كلما أرى شخصا أقول له: فلان فعل كذا وكذا. 6- فترات الانقطاع توجد وحشة أحيانا بين الناس (مثل السفر أو الانشغال بالامتحانات أو كثرة العمل). 7- الحساسيات بين الأفراد. وقد وضعنا بعض سبل العلاج مثل: 1- المصارحة الفورية، لأن لو انتظرت فسوف يدخل الشيطان سريعا. 2- المعايشة مع بعضنا البعض، فالمعايشة توجد روح أخوة وحب. 3- عند حدوث مشكلة تكون الشكوى لمن يستطيع الحل، يعني أحيانا يحب الأخ أن يفضفض، والفضفضة طيبة، ولكن مع من يستطيع أن يحل وليس لأي شخص. و قلنا جملة جميلة: "لا خاب من استخار، ولا خسر من استشار". وهذه الأسباب التي خرجنا بها وبعض سبل العلاج، ونحن نريد منك رأيك في المشاكل وسبل العلاج وجزاكم الله خيرا. ___________________________________ "قواعد وفنون التعامل عند فتور العلاقات".. لم يتركها الإسلام، وإنما وضعها وعلمنا إياها ليعجل الناس والأحبة إليها عند حدوثها لتعود لطبيعتها الأولى وأفضل؛ فينعموا بذلك، ويعيشوا متعاونين أقوياء سعداء في دنياهم.. ثم في آخرتهم. نشكر لكم - أخي الحبيب - حرصكم على طرد الفتور، وما ذكرتموه من أسباب له، وكذلك أشكر لكم ما وضعتموه من وسائل للعلاج، ودعني أخي الكريم أشارككم ببعض القواعد والفنون التي وضعها الإسلام للقضاء على الفتور في العلاقات الدعوية بين الإخوة: 1- تحريك الحب: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عني غضبى"، قالت: فقلت من أين تعرف ذلك؟ فقال: "أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم"، قالت: أجل والله يا رسول، والله ما أهجر إلا اسمك. رواه البخاري.. فقد حرّك صلى الله عليه وسلم بكلماته حب عائشة له، وأظهره، وجدّده تقوية للعلاقات بينهما. 2- تطييب الخاطر: فقد بلغ صفية أن حفصة - وهما من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم – قالت عنها: إنها بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي وهي تبكي فقال: "ما يبكيك؟" قالت: قالت لي حفصة: أنت بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي؛ فبم تفتخر عليك؟" رواه الترمذي. فقد طيّب صلى الله عليه وسلم خاطرها وأزال حزنها؛ لأن هدوء الخواطر واستقرارها يمنع أي معوقات ضد عودة العلاقات. 3- النظر للمحاسن: يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر" رواه مسلم، ولا يفرك: أي لا يكره، فتعديد صفات الخير في الغير وتغليبها من خلال حسن المعايشة والمصاحبة يجعل النفس تستصغر أي فعل سيئ منه ولا تراه؛ فيمهد ذلك لحسن لقياه. 4- نسيان الماضي: يقول تعالى: (فَاصْفَح الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [الحجر: 85].. قال الإمام السيوطي في تفسيره الدر المنثور: "أخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس، قال: هو الرضا بغير عتاب".. فهذا النسيان لما مضى وترك الحساب التفصيلي الجازم كما يقول تعالى: (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ). والذي قال فيه الإمام الطبري: "عن الربيع قال: ليتعاطفا.. وعن سعيد قال: لا تنسوا الإحسان.."، يعين على طيّ هذه الصفحة الحزينة، والنظر للمستقبل السعيد، وحسن الاستعداد له. 5- تذكر الماضي السعيد: كما يقول تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأّيَّامِ اللهِ) [إبراهيم: 5].. قال الإمام القرطبي: "قل لهم قولا يتذكرون به أيام الله تعالى، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: بنعم الله عليهم".. فتذكُّر أيام الخير السعيدة الماضية يجعل النفس تشتاق إلى محاولة إعادتها، ويجعلها تجتهد في التغلب على كل ما يحول دون ذلك. 6- مراعاة العدل: فمراعاة أين الحقوق تحسم أي خلاف، وتطمئن النفوس، وتدفع للتسامح والتغافر، بينما تضييعها وأكلها يدفع لمزيد من الخلافات حتى تسترد، كما يفهم من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ) [النساء: 135]. 7- التوجيه الرقيق: بما يناسب الأحوال والأشخاص والأوقات والبيئات، دون خوف أو حرج أو توقع عدم قبول.. ويكون إما: أ- بصورة مباشرة: كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تؤمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" رواه مسلم.. فقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم نصيحته له بأنه يحبه، ويحب له ما يحبه لنفسه. ب- أو بصورة غير مباشرة: كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول كثيرا في لقاءات عامة: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟" أو "يفعلون كذا وكذا" رواه البخاري.. فالتوجيه الودود مفيد مذكر لكل مؤمن، كما يقول تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55]. 8- قبول التوجيه: على أي صورة حتى ولو كان بصورة فظة غير لائقة؛ لأن الذي سيتقبله هو الذي سيستفيد منه في دنياه وآخرته، ثم هو سيعين على حفظ العلاقات، كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حينما تقبل نصيحة جيدة صحيحة لكنها كانت غليظة من أعرابي جذبه بشدة من قميصه، وقال له: "يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك".. فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء رواه البخاري ومسلم. 9- العتاب أحيانا: فهو يذكر بما هو حق وبما هو صحيح؛ فيدفع لإتباع الخير.. فقد حدث بين النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة كلام حتى دخل أبو بكر حكما بينهما، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "تكلمي أو أتكلم"، فقالت: "تكلم أنت ولا تقل إلا حقا"! فلطمها أبو بكر حتى أدمى فاها، وقال: "أو يقول غير الحق يا عدوة نفسها؟!"، فاستجارت برسول الله وقعدت خلف ظهره!! فقال صلى الله عليه وسلم: "إنا لم ندعك لهذا، ولم نرد منك هذا" رواه البخاري. 10- تذكر فضل الصلح: وتذكر أضرار الخلاف.. كما يقول تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128]، ويقول: (وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]؛ فهذا سيدفع بكل تأكيد لتنشيط العلاقات بين الناس، حينما يعلمون أن الصلح يقوي الفرد والأسرة والمجتمع ويسعدهم.. بينما الخلاف يضعف ويُتعس. 11- تذكر فضل الثواب: كما يقول تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَّغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) [النور: 22]، وكما يقول صلى الله عليه وسلم: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري.. فبعد العدل ومعرفة أين الحقوق، إذا تنازل صاحب الحق عن بعض حقه أو كله؛ فله ثواب عظيم؛ إذ ساهم في التئام الجراح، وعودة سلاسة الحياة وسعادتها، فإذا حرص في المقابل مَن عليه الحق على أدائه، تقارب المتخاصمون وزال خلافهم وسعدوا.. ولا ينقص ذلك المتنازل شيئا، بل يزيده عزة لأنه هو الأوسع صدرا، والأرجح عقلا، والأكثر ثوابا، كما يفهم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" رواه مسلم. 12- اعتذار المخطئ: فهو يهدئ من نفس صاحب الحق فيدفعه لقبول عذره.. والاعتذار يكون بالنظرات أو الكلمات أو الهدايا أو نحو هذا من صوره المتعددة. فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاما لي، فسمعت من خلفي صوتا يقول: "اعلم أبا مسعود، لَلهُ أقدر عليك منك عليه"، فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله تعالى، فقال: "أما إنك لو لم تفعل لمستك النار" رواه أبو داود. 13- قبول عذره: فكل إنسان قد يتعرض لظروف من بيئته قد توقعه أحيانا في الخطأ إذا استجاب لوساوس الشيطان، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم مشجعا لقبول الأعذار، ومحذرا من عدم قبولها: "من اعتذر لأخيه فلم يقبل منه.. كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس" رواه ابن ماجة، والمكس هو نوع من كسب مال خبيث.. وذلك حتى تعود المياه لمجاريها وأفضل. 14- الستر: فهو يضيّق الخلاف قدر الإمكان؛ ولذا حث الرسول صلى الله عليه وسلم عليه في قوله: "ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة" رواه مسلم. 15- حسن الظن: فهو يقرّب، بينما إساءته تُبعد؛ ولهذا يحذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم منه في قوله: "إياكم والظن.." رواه البخاري ومسلم. 16- الحلم والتأني والصبر: فالهدوء يعين على حسن الاستماع، وحسن جمع المعلومات، والتجاوز عما قد يحدث في أثناء ذلك من تجاوزات، وعزلها عن التأثير على ما سيتخذ من قرارات.. وعدم التعجل يعين على حسن دراسة كل الآراء للخروج بأفضل الحلول.. والصبر يعين على قبول المعقول من التنازلات من أجل عودة الأمور لطبيعتها وأفضل. 17- السؤال والتواصل والتزاور والتهادي: واستغلال المناسبات المختلفة؛ فكل هذا يذيب أي جمود في أي علاقات، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم: "تهادوا؛ فإن الهدية تذهب وحر الصدور" رواه مالك، وحر الصدور أي ما يمر بها من وساوس الشيطان. 18- حسن الكلام: فهو يجذب المتباعدين، ولذا يجوز حتى الكذب بما ينفع ويقرّب، كما تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: "ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخّص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدّث امرأته والمرأة تحدّث زوجها" رواه مسلم. 19- الرضا بالواقع حتى تغييره: فلكلٍ أخطاؤه؛ فقبولها وحسن التعامل معها، ووجود القدوة الصالحة أمامها يعين المخطئ على علاج خطئه تدريجيا، وهذا هو ما يفهم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت وفيها عوج" رواه البخاري ومسلم، أي تعاملوا يا رجال ويا نساء بحكمة مع المرأة حين يظهر منها بعض العوج، وهو تغليب عاطفتها أحيانا على عقلها. إذ هذه هي الدرجة التي لها فوق الرجل، وخلقها خالقها بها في مقابل الدرجة التي له عليها، وهي تغليب العقل على العاطفة ليتساويا بعدله تعالى كما يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ)؛ حتى يتوازن الكون، ويمتلئ عقلا وعاطفة؛ فيسعد الجميع. 20- الرغبة الصادقة في الصلح: فبدونها لن يتم أي تقارب، كما ألمح لذلك سبحانه عند الإصلاح بين الزوجين في قوله: (إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا) [النساء: 35]. 21- زيادة الإيمان: فزيادته من الطرفين تعالج أي فتور بينهما، فقد كان الصحابي يقول لأخيه: "اجلس نؤمن ساعة" للعون على ازدياد قربهما. 22- مقاومة الشيطان: لأن وساوسه كثيرا ما تكون بعض أسباب توتر العلاقات، ولذا نبهنا الله تعالى لهذا في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: 201]. 23- الدعاء: والاستعانة به سبحانه، إذ الأسباب تبدأ منا، ثم استكمالها وإتمامها والتوفيق في تحقيق نتائجها إنما يكون منه تعالى، كما وضّح لنا هذا في قوله: (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103]. 24- البدء بالعلاج والأمل وعدم اليأس: حتى لا يتراكم الفتور مع الوقت فيصعب إزالته، ومن بدأ خطوة سيوفقه سبحانه حتما لبقية الخطوات كما يقول: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11]، وكما يقول في الحديث: ".. ومن تقرّب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا.." رواه البخاري ومسلم. 25- الشكوى لمن يستطيع الحل: مع طلب تحكيمه ووساطته بين الطرفين عند الحاجة لذلك، وعدم نجاح الوسائل السابقة.. فقد سأل عمرو بن العاص رضي الله عنه زوجة ابنه عن حال زوجها معها، فقالت: "نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه" رواه البخاري؛ فقد أظهرت شكواها انشغال زوجها عنها، وعدم إشباعها جنسيا بأسلوب مناسب، وفي وقت مناسب، ولشخص مناسب، يمكنه حل المشكلة. أخي الحبيب، هذه بعض الفنون التي علمنا إياها الإسلام لإعادة الروابط الوثيقة، وأنتم ولله الحمد قد وفقتم لبعضها كما ذكرت في رسالتك، فاستكملوا باقيها حتى تستكملوا منافعها.. وسيكون لكم بكل تأكيد ثوابكم العظيم على ما ستتخذونه من إجراءات. وفقكم الله وأعانكم، ولا تنسونا من صالح دعائكم. |
01-02-10, 11:17 AM | #32 |
|نتعلم لنعمل|
|
http://www.islamonline.net/servlet/S...awaCounselingA
_________________________________ من لوازم الإخاء في الإسلام: التعاون والتراحم والتناصر؛ إذ ما قيمة الأخوة إذا لم تعاون أخاك عند الحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعف؟. لقد صور الرسول الكريم مبلغ التعاون والترابط بين أبناء المجتمع المسلم بعضه وبعض هذا التصوير البليغ المعبر حين قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا" [متفق عليه عن أبي موسى] وشبَّك بين أصابعه. فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المبعثرة المتناثرة لا تصنع شيئًا، ولا تكون بناء. إنما يتكون البناء القوي من اللبنات المتماسكة المتراصة في صفوف منتظمة، وفق قانون معلوم، عندئذ يتكون من اللبنات جدار متين، ومن مجموع الجدر بيت مكين، يصعب أن تنال منه أيدي الهدامين. كما صور مبلغ تراحم المجتمع وتكامله، وتعاطف بعضه مع بعض بقوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر" [رواه مسلم عن النعمان بن بشير]؛ فهو ترابط عضوي، لا يستغني فيه جزء عن آخر، ولا ينفصل عنه، ولا يحيا بدونه، فلا يستغني الجهاز التنفسي عن الجهاز الهضمي، أو كلاهما عن الجهاز الدموي أو العصبي، فكل جزء متمم للآخر، وبتعاون الأجزاء وتلاحمها يحيا الكل، ويستمر نماؤه وعطاؤه. ويقول: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على مَن سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم، ومسرعهم على قاعدهم" [رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو بإسناد حسن]. ويُدخِل في نصرة المسلم للمسلم عنصرًا جديدًا حين يقول: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قيل: ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا يا رسول الله؟ قال: "تأخذ فوق يديه، أو تمنعه من الظلم فذلك نصر له" [رواه البخاري عن أنس]. والقرآن الكريم يوجب التعاون، ويأمر به بشرط أن يكون تعاونًا على البر والتقوى، ويحرمه وينهى عنه إذا كان على الإثم والعدوان. يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. ويجعل المؤمنين أولياء بعضهم على بعض بمقتضى عقد الإيمان، كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71]، وهذا في مقابلة وصف مجتمع المنافقين بقوله: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [التوبة: 67]. كما وصف مجتمع الصحابة بأنهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]؛ فالتراحم سمة أولى من سمات المجتمع المسلم. ومقتضى ذلك أن يشد القوي أزر الضعيف، وأن يأخذ الغني بيد الفقير، وأن يُنير العالم الطريق للجاهل، وأن يرحم الكبير الصغير، كما يوقر الصغير الكبير، ويعرف الجاهل للعالم حقه، وأن يقف الجميع صفًا واحدًا في الشدائد والمعارك العسكرية والسلمية، كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف: 4] وفي قصص القرآن صور حية للتعاون المثمر البناء: من ذلك صورة التعاون بين موسى وأخيه هارون، وقد سأل الله أن يشد به أزره في قيامه برسالته: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه: 29 - 35]. وكان الجواب الإلهي: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص: 35]. وبهذا كان هارون يعاون أخاه موسى في حضرته، ويخلفه على قومه في غيبته. ومن صور التعاون ما قصَّه علينا القرآن من إقامة سد ذي القرنين العظيم، ليقف حاجزًا ضد هجمات يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض. وكان ثمرة للتعاون بين الحاكم الصالح والشعب الخائف من بغي الأقوياء عليه: {قَالُوا يَا ذَا القَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 94 - 97]. التكافل المادي والأدبي ومن مظاهر هذا التعاون والتراحم والتناصر: التكافل بين أبناء المجتمع المسلم، وهو تكافل مادي ومعنوي، اقتصادي وسياسي، عسكري ومدني، اجتماعي وثقافي.
يبدأ هذا التكافل بين الأقارب بعضهم وبعض، كما يفصل ذلك نظام النفقات في شريعة الإسلام. فالقريب الموسر ينفق على قريبه المعسر وفق شروط وأحكام مفصلة في الفقه الإسلامي، كما قاله الله تعالى: {الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: 75]. ثم تتسع دائرة هذا التكافل لتشمل الجيران وأبناء الحي الواحد في البلد الواحد، بمقتضى حق الجوار، الذي أكده الإسلام، وفي الحديث: "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جنبه جائع" [رواه الطبراني وأبو يعلي ورواته ثقات عن ابن عباس، ورواه الحاكم من حديث عائشة بنحوه وصححه ووافقه الذهبي]. وفي الحديث الآخر: "أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله" [رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم]. ثم تتسع أكثر وأكثر بحيث تشمل الإقليم عن طريق الزكاة التي أمر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن تؤخذ من أغنياء كل إقليم لترد على فقرائه؛ فوضع بذلك أساس التوزيع المحلي، على عكس ما كان يصنع في الحضارات السابقة على الإسلام؛ فقد كانت الضرائب تؤخذ من مزارعي ومحترفي الأقاليم النائية والقرى البعيدة، لتوزع في المدن الكبيرة، ولا سيما عاصمة الملك أو الإمبراطور. ثم تزداد اتساعًا ليشمل التكافل المجتمع كله، ومنذ فجر الدعوة إلى الإسلام في مكة والمسلمون أفراد معدودون مضطهدون، ليس لهم كيان ولا سلطان، كان القرآن يدعو بقوة إلى هذا التكافل بجعل المجتمع كالأسرة الواحدة، يصب الواجد فيه على المحروم، ويحمل فيه الغني الفقير. ولم يجعل القرآن ذلك شيئًا من نوافل الدين، يقوم به من ترقى في درجات الإيمان والإحسان، ولا يطالب به الشخص العادي من الناس. بل اعتبره القرآن أمرًا أساسيًا من دعائم الدين، لا يحظى برضا الله من لم يقم به، ولا ينجو من عذابه من فرط فيه. اقرأ في السور المكية مثل هذه الآيات: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 11 - - 17]. وقوله تعالى في سورة أخرى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 38 - 44]. فجعل مصيرهم النار؛ لأنهم أضاعوا حق الله بإضاعة الصلاة، وأضاعوا حق عباده؛ إذ لم يطعموا المسكين. وإطعام المسكين كناية عن رعاية ضروراته وحاجاته؛ إذ لا معنى لأن نطعم المسكين وندعه مشردًا بلا مأوى، أو عريانًا بلا كسوة، أو مريضًا بلا علاج. ولم يكتف القرآن بإيجاب إطعام المسكين، بل زاد على ذلك فأوجب الحض على إطعامه، والحث على رعايته، وجعل إهمال ذلك من دلائل الكفر والتكذيب بالدين: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1 - 3]. ويجعل ذلك مع الكفر بالله من موجبات العذاب الأليم، واصطلاء الجحيم. فيقول في شأن أصحاب الشمال ممن أطغاه ماله وسلطانه، فلم يغن عنه من الله شيئًا: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 30 - 33]، ثم يذكر أسباب هذا الحكم الشديد، فيقول: {إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 33 - 34]. ويزيد على ذلك فيوجب في المال حقًا معلومًا، ليس بصدقة تطوعية، ولا بإحسان اختياري، من شاء أداه ومن شاء تركه، بل "حق" -أي "دين"- في عنق المكلفين، وحق معلوم غير مجهول، كما في قوله تعالى في وصف المتقين: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]. وفي سورة أخرى يصف الحق بالمعلومية فيقول: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24 - 25]. وفي الحديث عن الزروع والثمار، والجنات المعروشات وغير المعروشات، يقول سبحانه: {كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، وهذا الحق هو الزكاة التي فرضت في مكة غير محددة ولا مفصلة. كل هذا في القرآن المكي؛ فلما أصبح للمسلمين دولة وسلطان، حددت أنصبة الزكاة ومقاديرها بوضوح، وبعث السعاة ليجمعوها من أهلها ويصرفوها في محلها. وهم الذين سماهم القرآن: "العاملين عليها"، وجعل لهم نصيبًا من حصيلة الزكاة نفسها، ضمانًا لحسن تحصيلها وتوزيعها. ووصل الإسلام بهذه الفريضة المالية إلى أعلى درجات الإلزام الخلقي والتشريعي فجعلها ثالث أركان الإسلام، وأوجب أخذها كرهًا، إن لم تدفع طوعًا، ولم يتردد في قتال من منعوها إذا كانوا ذوي شوكة وقوة. وهذا التكافل المادي أو المعيشي ليس هو كل ما طلبه الإسلام في هذا المجال، بل هناك أنواع أخرى من التكافل، ذكرها العلامة الفقيه الداعية الدكتور مصطفى السباعي -رحمه الله- وجعلها بالتكافل المعيشي عشرة كاملة. والله أعلم للمزيد عناء الحب في الله http://www.islamonline.net/servlet/S...awaCounselingA |
01-02-10, 11:19 AM | #33 |
|نتعلم لنعمل|
|
متى نبدأ أخواتي في صياغة البحث ؟؟حتى نفكر في الموضوع القادم
|
01-02-10, 02:42 PM | #34 |
|طالبة في المستوى الثاني1 |
|
يسر الله الأمور أعتذر مرة اخرى وهذه المرة أنا خجلة من نفسي لكن يشهد الله أيام وأنا أبيت تقريبا خارج المنزل
أكرر اعتذاري لكن نبدأ على بركة الله |
01-02-10, 07:17 PM | #35 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
هل يمكنني المشاركه ..أخواتي ..
التعديل الأخير تم بواسطة أنفاس الفجر ; 01-02-10 الساعة 07:23 PM |
02-02-10, 09:10 AM | #36 |
|نتعلم لنعمل|
|
|
02-02-10, 11:15 PM | #37 |
~نشيطة~
|
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين شكرا أختواتى الكريمات والله يعطيكن الف عافيه وبعد الجهد والتعب تفضلن هذه الهدية البسيطة لنا كلنا لنمضي قدما ونشد الهمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
12-02-10, 09:29 PM | #38 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
ما شاء الله جهد رائع
معذرة حبيباتي للتقصير لو فيه اي مساعده في انتظاركم |
12-02-10, 09:44 PM | #39 | |
~نشيطة~
|
اقتباس:
|
|
12-02-10, 09:54 PM | #40 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
ما شاء الله
صفحتكن جميلة مفيدة أدام الله بينكن المودة .. بوركتن. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
♥ ♥ ♥ تلاخيص حلقات دورة الأطفال الصيفية ♥ ♥ ♥ | خالتو محبوبة | المادة العلمية لدورة الأطفال الصيفية | 6 | 24-07-13 03:10 PM |