|
دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
24-12-08, 03:01 AM | #31 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تابع تفريغ الشريط الرابع والعشرين
قرأ الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم المرحــــــــلة الخــــــــامســـة: فهم موضوع السورة وما يتعلق به المقصود بموضوع السورة إذا أطلق هو المعنى العام وهو الذي أنزلت السورة من أجله أو هو الموضوع الذي تدور عليه آيات سورة ما، هذا هو المقصود بموضوع السورة أو مقصود السورة وهذا الاسم لهذا العلم لم يكن موجوداً عند السلف كشأن كثير من العلوم التي كانت ممارسة عند السلف لكن لم تكن التسمية موجودة كعلم النحو والبلاغة وأصول الفقه ومصطلح الحديث وغير ذلك. أكمل الشيخ : أريد أن أقف معك قليلاً هنا، كثير من العلوم التي وجدت الآن ولها تسميات من قديم الزمان لم تكن موجودة بهذا الاسم عند السلف فلا يعترض عليك معترض في علم تسمعه الآن أن يقول لك بأن هذا العلم ليس مذكوراً عند السلف أو ليس مذكوراً عند من تقدم من أهل العلم فهذا الإيراد ليس بصحيح، لأن هناك علوم كثيرة جداً كانت موجودة ولكنها ليس لها تسمية خاصة فعندما نتكلم مثلاً عن علم البلاغة مثلاً علم النحو هل هذه العلوم كانت موجودة قديماً في بادئ الأمر لم تكن موجودة بهذه التسمية وإنما نشأت وتطورت شيئاًَ فشيئاً وهي قطعاً كانت موجودة في الكلام قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجدت معه صلوات ربي وسلامه عليه ثم وجدت بعده أيضاً كذلك وهكذا فإذا مسألة التسميات لا ينبغي أن تكون محل رد واعتراف إذا قيل هناك علم اسمه مقصود السورة أو موضوع السورة فلا يرد على هذا أن يقال أن أين هذا العلم من كلام من تقدم من هذا العلم خصوصاًَ من كان في زمن الصحابة ومن بعدهم هناك كانت العلوم مدسوسة داخلة في الكلام دون أن يكون لها تسميات خاصة وانظر مثلاً إلى ما يتعلق بمصطلح الحديث مصطلح الحديث متى نشأ؟ هذه التسمية متى نشأت؟ إنما نشأت متأخرة جداً إنما عرفت في أواسط القرن الرابع ثم جاء القرن الخامس وتطورت قليلاً وهكذا حتى القرن السادس يعني أصبح عندنا علم يسمى بعلم مصطلح الحديث يسمى بهذه التسمية مصطلح الحديث ولكن قبل ذلك لم يكن هناك شيء يسمى بهذه التسمية مع أن علم مصطلح الحديث موجود قديماً جداً موجود في كلام التابعين موجود في كلام بعد التابعين ولكن كتسمية إنما جاءت التسمية متأخرة فعدم وجود التسمية لا يدل على أن العلم ليس له أثر، واضح؟ أكمل. قرأ الطالب : وإنما دليل من قال به هو الاستقراء والتتبع لطريقة الأئمة في تفسير كتاب الله وهذا العلم أي علم موضوع السورة لم يطرأ كثيراً في كتب التفسير لا المتقدمين ولا المتأخرين ولهذا أسباب : -أن فيه نوع من الجرأة على تفسير كتاب الله جلّ وعلا ولهذا أنكره جماعة من أهل العلم من المتأخرين وكان هذا الإنكار ردة فعل لتكلف الناس ذكر مقصد السورة فيها تكلف وبعد. -ثانياً أن كثيراً من كتب التفسير إنما تناولت تفسير كتاب الله جلّ وعلا من خلال مدرسة تفسير الآية والكلمات كما هو حال مدرسة أهل الأثر وأهل الرأي أما الربط بين الآيات فلم يفرد له أحد من الأئمة كتاباًَ في التفسير ممن تقدم وهذه هي الأسباب في قلة الكلام حول موضوع السورة . ولهذا اختلف العلماء في هذا العلم على ثلاثة أقوال : القول الأول: لا تناسب بين السورة والآيات مطلقاً أو غالباً وهو قول جماعة من المتأخرين منهم الشوكاني في فتح القدير. أكمل الشيخ : هذا القول، الآن هناك من يقول من أهل العلم أن السورة لا يقال عنها إنها تنزلت من أجل مقصود واحد ومن أجل غرض واحد لأن هذه السورة في الأغلب أنها تنزلت بحسب الوقائع، فعندما يحدث أمر فعندئذ تنزل هذه الآيات في بيان هذا الأمر الذي تنزلت من أجله ثم يأتي آخر واقعة أخري وثالثة ورابعة وخامسة ثم تجمع هذه الآيات فتكون في سورة واحدة فيقول كيف يكون هناك ترابط بين هذه السورة من أولها إلى آخرها في معنى واحد والآيات أصلا تنزلت في أوقات مختلفة في أزمان مختلفة في أماكن مختلفة في بيان أحكام مختلفة فكيف يكون الترابط بين هذه وتلك هذا قول جماعة من أهل التفسير وهو قد قال به جماعة ممن تأخر ممن كتب في هذا الأمر وممن شدد فيه جداً الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه فتح القدير وكان يُعَرِّضُ في كلامه هذا بالإمام البِِقَاعِي في كتابه ماذا؟ في كتابه سيأتي الآن تأملوا الآن أنا أتكلم الآن بين إمامين سيأتي هذا الكلام بين الإمام الشوكاني رحمه الله وبين الإمام البقاعي، الإمام البقاعي صنف مصنفاً جليلاً في هذا الباب كبيراً والإمام الشوكاني رحمه الله اعترض عليه في هذا الشأن نريد أن نقف قليلاً بين هذين الإمامين فانتبه للكلام هنا انتبه للكلام هنا لأنه سيفتح لك أمراً في القول الوسط بين هذا وذاك ومن الذي اختار القول المتوسط بين هذين الإمامين أرجو أن تنتبه للكلام لأنها محل خلاف ولا تظن أننا لما عنونا لهذه المرحلة بموضوع السورة أن معناه نقر هذا تماماً في كل سورة لا، ولكن هناك قول وسط لابد منه وقد استخدمه أهل العلم الأكابر من المحققين من المفسرين في هذا القول وهو مهم ومفيد جداً فيما يتعلق بفهم كلام الله سبحانه وتعالى لعلك تقرأ شيئاً من كلام الإمام الشوكاني . قرأ الطالب : قال الإمام الشوكاني في فتح القدير: اعلم أن كثيراً من المفسرين جاءوا بعلم متكلف وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه وتعالى وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الله سبحانه وتعالى حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدمه حسب ما ذكره في خطبته. أكمل الشيخ : نعم هذا هو القول الأول، قوة كلام الإمام الشوكاني رحمه الله يعني تكلم كلاماً شديداً عن هذا الأمر، ننظر في المقابل إلى كلام الإمام البقاعي في هذا الشأن، نعم . قرأ الطالب : القول الثاني: أنه ما من آية أو سورة إلا ولها موضوع خاص بها وما من آية إلا ولها مناسبة بينها وبين الآية التي قبلها وهذا هو القول الذي نصره برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي المتوفي سنة خمس وثمانين وثمانمائة في كتابه - نظم الدرر في تناسب الآيات والسور- واختاره السيوطي وغيره. أكمل الشيخ : نعم هذا هو القول وجنح إلى أن كتاب الله عزّ وجلّ محكم ومعنى أنه محكم معنى أنه كل آية بينها وبين التي تليها ترابط بل بين كل سورة والتي تليها ترابط ولذلك تكلف الإمام البقاعي في كتابه هذا الكبير الجليل نظم الدرر في تناسب الآيات والسور يعني تكلف تكلفاً في الربط بين السور وأن ما من سورة إلا ولها معنى خاص بها وهذا المعني يناسب السورة التي تليها فاجتهد في هذا وتوسع في الكلام جداً عن هذا الأمر وعندما ترى كتابه سترى شيئاً عجباً حقيقة ترى قوة الذهن في محاولة استنباط المسائل لكنه من أجل ما فيه من التكلف تارة تطمئن إلى كلامة وتارة نوعاً ما تنقبض من هذا التكلف الذي قد يطرأ في بعض المواطن بل في كثير منها إذاً هذا القول الثاني ننتقل بعد ذلك إلى القول الثالث والذي أريدك أن تنتبه له وأن تصغي سمعاً إلى كلام الأئمة رحمهم الله في هذا الباب لأنه مفيد جداً فيما يتعلق حتى في استنباط مسائل الحلال والحرام ليس فقط فيما يتعلق بالأمور العقدية القلبية لا حتى في مسائل الحلال والحرام بل حتى في مسائل التربية والاخلاق في تهذيب الناس وفى تربيتهم وفى تهذيب النفس قبل ذلك ستستفيد كثيراً فيما يتعلق بموضوع السورة وكيفية الاستنباط منها في فهم كلام الرب سبحانه وتعالى، نعم لعلك تواصل. قرأ الطالب : القــــول الثالــــث: أن ما من سورة في الأغلب إلا ولها موضوع تدور عليها وكذلك الآيات فالآية في الأعم الأغلب تكون متصلة بما قبلها وما بعدها، لكن لابد لمن أراد أن يخوض في هذه المسالك من أمرين : الأمر الأول أن يكتفي بما ظهر له من الموضوع وتناسب الآيات من دون تكلف ولا تنطع على خلاف ما جري من البقاعي رحمه الله. الأمر الثاني أن يكون الخائض في هذه المسالك عالماً لأقوال السلف في تفسير الآيات والسور التي يريد أن يستنبط لها مناسبة أو موضوعاً معيناً وأن يكون مطلعاًَ عارفاً بعلوم البلاغة بفروعها الثلاثة البيان، البديع ، المعاني. أكمل الشيخ : أحسنت بارك الله فيكن إذاًَ لا مانع من الخوض في هذا المسلك على هذا القول الثالث، ولكن أولاً هذا الاستنباط وهذا يعني الاستنتاج من هذا الترابط لا يكون في كل كتاب الله سبحانه وتعالى قد لا يظهر لك في كثير من المواطن إنما قد يكون أغلبي أو قد يظهر لك في كثير من المواطن أيضاً ولكنه لا يكون عاماً في كل السور هذا الأمر الأول. الأمر الثاني: هناك أمور لابد أن تنتبه له: - أنه ما كان ظاهراً بيناً حتى مقبولاً عند السامع مقبولاً عندك أنت، مقبولاً عند أهل العلم، عند طلبة العلم عند السامعين لمثل هذا الكلام بدون تكلف فهذا هو الحق وهذا هو الصواب أما ما كان فيه تكلف وتلحظ أنك تحتاج إلى كثير من المقدمات والممهدات والتوطئة حتى يقبل منك هذا الكلام فهذا لا داعي له، هذا لا داعي له في الكلام عن مقاصد السور وعن موضوع السور، وإنما خذ الكلام السهل اليسير الواضح الجلي الذي يفرح به من سمعه أما الكلام الذي تحتاج أن تقنع فيه من أمامك إقناعاً بالحجة والبرهان ونحو ذلك ومقدمات ومطولات فلا داعي له فإن التكلف في هذا الباب لا داعي له مطلقاً وإنما هو من باب أنك إن أحط به أخذت منه علماً لطيفا جيداً مناسباً في سعة الفهم لكلام الله سبحانه وتعالى وهذا تجده في كلام كثير من المفسرين المحققين وسنأتي إلى ضرب أمثلة على هذا الكلام نعم . -الأمر الآخر أن الذي يتكلم في هذه المسائل لابد وأن يكون عالماً بكلام السلف رحمهم الله في التفسير لأنك إن استنبطت استنباطاً وأبعدت فيه عن كلام السلف فقد أخطأت، إذاً إذا تكلمت في هذه المسائل لابد وأن يكون هناك رابط بين كلامك أنت واستنباطك هذا وبين كلام السلف كلام الصحابة كلام التابعين كلام ما بعد التابعين كلام الأئمة رحمهم الله في تفسيرهم لكتاب الله أما إن استنبطت شيئاً هو معارض لكلامهم مخالف لما جاء عنهم فاعلم أن هذا التفسير أو هذا الاستنتاج الذي ظهر لك ليس بصحيح وأن هذا المقصد الذي ظهر لك في هذه السورة ليس بصواب فإذا فلابد وأن يكون هناك عدم تخالف عدم تعارض بين كلامك وبين كلام السلف رحمهم الله نعم أكمل. قرأ الطالب : وهذا القول الثالث هو القول الأقرب وهي طريقة بن العربي في تفسيره فقد ذكر أنه ألف كتاباً كبيراً في ذلك ومنهم الرازي في تفسيره والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وقرره أيضاً الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن ويستخدمها شيخ الإسلام بن تيميه وتلميذه ابن القيم وجماعة من المحققين من أهل العلم. أكمل الشيخ : أحسنت بارك الله فيك، نقف عند هذا الحد ونواصل بإذن الله عزّ وجلّ فيما نستقبل، أسأل الله عزّ وجلّ لنا ولكم علماً نافعاً وعلماً صالحاً وأسأله سبحانه وتعالى أن ينور قلوبنا وبصائرنا وأسماعنا وجوارحنا بكتابه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . |
03-01-09, 10:37 PM | #32 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تفريغ الدرس الخامس والعشرين:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. حياكم الله أيها الأخوة في روضة من رياض الجنة أسأل الله لنا ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وقلباً خاشعاً وإيماناً كاملاً ولساناً ذاكراً وعيناً من خشيته دامعة اللهم ومن ثم الفردوس الأعلى في جناتك جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. كان الكلام في ما تقدم في المرحلة الخامسة هو ما يتعلق بموضوع السورة ووقفنا عند القول الثالث المتوسط بين القول الأول الذي جنح إلى إبطال هذا الأمر وإلى إنكاره إما إنكاراً كلياً أو إنكاراً أغلبياً وإلى القول الثاني الذي جنح إلى إثبات هذا الأمر في كل سورة وأن هناك ترابط بين السور وهناك ترابط كامل أيضاً كذلك بين الآيات لا يمكن أن ينخرم أبداً فإذاًَ سنقف الآن مع القول الثالث الذي رأيت أن هو القول الأقرب والأصوب وهو القول الذي يناسب ما جاء عن الأئمة المحققين في هذا الباب. قرأ أحد الطلبة: القول الثالث وهذا القول الثالث هو القول الأقرب، وهي طريقة ابن العربي في تفسيره فقد ذكر أنه ألف كتاباً كبيراً في ذلك ومنهم الرازي في تفسيره أيضاً والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وقرره أيضاً الزركشي أيضاً في كتابه البرهان في علوم القرآن ويستخدمها شيخ الإسلام بن تيميه وتلميذه ابن القيم وجماعة من المحققين من أهل العلم وبما يراجح هذا القول أنه هو الصواب لما جاء في قوله تعالى ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾[هود:1]. وقوله تعالى ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِير﴾[النساء:82]. هذه الآيات تدل على أن جميع آيات القرآن محكمة وأنه لا خلاف فيه وهذا مدح لكتاب الله عزّ وجلّ وكمال المدح إنما يتم إذا كانت الآيات متناسبة مع قبلها وما بعدها غالباً وإذا كانت السورة في مجملها تحوي موضوعاً أو مقصوداً واحداً أو عدة مقاصد تدور عليها فإن هذا هو تمام الإحكام وتمام نفي الاقتراب والاختلاف. أكمل الشيخ: نعم هذا هو الأمر الأول القرآن محكم، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن هذا الأمر بأنه محكم ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾هذا الكتاب أحكمت آياته ثم فصلت وهذا التفصيل جاء من لدن حكيم خبير سبحانه وتعالى فأيضاً كذلك لما تتأمل مسألة الإحكام تجد أنها من أثر هذا الإحكام أن يكون هناك ترابط وأن يكون هناك وأن يكون هناك تواصل بين هذه الآيات على الأقل يكون أغلبياً لا تكون الآيات مقطعة الأوصال بين كل آية وآية كذلك فيما يتعلق بالسورة الكاملة المتكاملة فإن السورة إنما سميت سورة كاملة لأجل أنها تحوي موضوعاً كاملاً فإذا تكلم عن أمر عظيم أو عن أمور عظيمة وهذه الأمور بينها شيء من الترابط فإذا من دلالة إحكام هذا القرآن أن يكون هناك شيء من الترابط بين الآيات التي دخلت تحت مسمى سورة واحدة من سور القرآن. إذا هذا هو الدليل الأول الذي استند إليه من قال بوجود هذا التناسب بين الآيات وبين السورة الواحدة من أولها إلى آخرها نعم. نأتي بعد ذلك إلى كلام قد يكون أوضح قليلا فيما يتعلق بكلام أهل العلم في هذا الباب. قرأ أحد الطلبة: ويدل على ذلك أيضاً فعل السلف فإن من تأمل كلامهم في التفسير وجد أنهم يعتبرون بمقاصد السور، ولذا قد لا يفهم المرء وجه تفسير السلف حتى يربط بين كلامهم وبين مقصود السورة التي أنزلت من أجله، وسيأتي أمثلة على ذلك. أكمل الشيخ: هذا ما يتعلق بتقرير تفسير السلف بكتاب الله عزّ وجلّ ونأخذ الآن في الأمثلة حتى يتضح النقاط، قد يكون الكلام إلى الآن لم يتضح وضوحاً كاملاً ولكن بالأمثلة أرجو أن يكون الكلام أوضح وأتم بالنسبة للمستمع. قرأ الطالب: المثال الأول سورة الفاتحة فإن مقصودها أن تجمع علوم القرآن بحيث تكون كالمقدمة لكتاب الله جلّ وعلا والفاتحة لجميع مقاصده وأغراضه ولذا أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب، والسبع المثاني) . أكمل الشيخ: إذا جاء خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وهناك أحاديث أخرى أيضا في صحيح مسلم وفى غيره من كتب الحديث وهى أحاديث صحيحة ثابتة هذه الأحاديث أخبرت أن هذه السورة المسماة بسورة الفاتحة هي من تسمياتها أنها أم القرآن ما معني أم القرآن؟ معناها التي تجمع معاني القرآن، الأم في أصلها إنما سميت هذه التسمية في لغة العرب أم بمعني أنها تجمع جامع، تجمع ما يتعلق بشيء من الأشياء فهذه السورة سميت أم القرآن لأنها جامعة لجميع معاني القرآن ولذا أصبحت هذه السورة وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل السور فسورة الفاتحة هي أعظم سور القرآن وهي أفضل هذه السور من أولها إلى آخرها فهذه السورة إنما كانت كذلك لأنها جمعت مقاصد القرآن كله من أوله إلى آخره فعندما تقرأ في هذه السورة يجب أن تعلم ذلك فانظر في مقصد السورة في موضع السورة هي فاتحة وإنما سميت فاتحة أيضاً كذلك إضافة إلى تسميتها بأم القرآن إنما سميت فاتحة من أجل ماذا؟ أنها إيش ؟ افتتح بها القرآن العظيم افتتح بها هذا الكتاب العظيم فسميت فاتحة، ومعني أنها فاتحة يعني تفتح لك كل العلوم التي جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى فكل علم في كتاب الله راجع إلى هذه السورة المسماة بسورة الفاتحة. فهذا ما يتعلق مثلا بسورة الفاتحة وأن من مقاصدها ومن موضوعها أنها جمعت علوم القرآن من أولها إلى آخرها فمن أراد علم القرآن فلينظر في سورة الفاتحة يجد أن أصول علوم كتاب الله عزّ وجلّ قد جمعت فيها، مثال آخر. قرأ الطالب: المثال الثاني سورة البقرة مقصدها والغرض منها يدور حول الضرورات الخمسة وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ العرض هذا هو المقصد الأكبر. أكمل الشيخ: أحسنت بارك الله فيك، الآن سورة البقرة أنت تقرأ في سورة البقرة عندما تقرأ في سورة البقرة وأنت في بالك ما الذي جاءت هذه السورة من أجله فعندئذ تقرأ وأنت تستوعب وتدرك أحكام هذه السورة العظيمة التي جاء فيها بيان لمسائل هي من أهم مسائل هذا الدين هذه السورة جاءت لما يتعلق بالضرورات الخمس وتأمل هذا في كتاب الله عزّ وجلّ تأمله في سورة البقرة الضرورات الخمس التي هي ماذا؟ ضرورات ماذا؟ أولا: أول شيء حفظ ماذا؟ حفظ الدين. ثانياً: حفظ النفس. ثالثاً: حفظ العقل. رابعاً: حفظ المال. خامساً: حفظ العرض. نعم فعندنا هذه الضرورات الخمس جاءت سورة البقرة لحفظها وبيانها وتسليط الضوء على أحكامها من أجل أن يتضح الأمر جلياً هؤلاء القارئين لكتاب الله عزّ وجلّ وخصوصاً القارئين لسورة البقرة فيما يتعلق فيما جاءت به هذه السورة ولما تنزلت وما الغرض منها هذه السورة جاءت لحفظ هذه الضرورات الخمس وجاء معها أيضاً ما أشرنا إليه سابقاً فيما يتعلق بالكلام عن ؟ أجاب أحد الطلبة: في الكلام عن اليهود . أكمل الشيخ: في الكلام عن اليهود نعم أحسنت بارك الله فيك، في الكلام عن اليهود وعن كيفية التعامل معهم وعن ما في قلوبهم من الحقد والبغضاء لأهل الإيمان وما يجب على المسلمين تجاه هؤلاء اليهود فإذا هذه السورة تناولت موضوعين الموضوع الأول فيما يتعلق بالضرورات الخمس، والموضوع الثاني فيما يتعلق بمعاملة اليهود الذين هم من أهل الكتاب هذا الأمر فيما يتعلق بأن سورة البقرة جاءت لبيان ما يتعلق بالضرورات الخمس هذا سمعته بنفسي من شيخنا الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله ويقول إني نظرت كثيراً في سورة البقرة وتأملت فيها فمما ظهر لي أن من مقاصد هذه السورة العظيمة ما يتعلق بالضرورات الخمس وحفظ الضرورات الخمس، واضح هذا الكلام، اقرأ المثال الثالث . قرأ الطالب: المثال الثالث سورة آل عمران وهي تتمة للضرورات الخمس ففضح للعدو الثاني وهم النصارى. أكمل الشيخ: نعم وهذا واضح، تأمل سورة آل عمران أيها المبارك ستجد أن هذا بيّن فيما يتعلق بالضرورات الخمس وفى الكلام عن النصارى بالذات، فضلاً من أن تتأمل اسمها، اسم السورة ما هو؟ سورة آل عمران، فبدأً من مطلع السورة ومن اسمها فأنت تعلم أنها تتحدث عن آل عمران ومن المعلوم أن آل عمران هم ماذا؟ هم من أصل هذه الطائفة وهم النصارى فآل عمران ومريم عليها السلام والكلام عن هذه العائلة المباركة ثم ما حصل بعد ذلك من مولد عيسى عليه السلام ثم نزول الإنجيل وهكذا هذا كله عائد إلى ما يتعلق بدين النصارى. قرأ الطالب: المثال الرابع سورة النساء هي تتمة للضرورات الخمس وأضافت مقصودين أضافت فضح المنافقين والكلام عن أحكام النساء . أكمل الشيخ: هذا واضح تأملها أيها المبارك تأملها الكلام عن كل مثلاً بما يخصه قد يطيل الكلام قليلاً لكن تأملها بنفسك فستجد هذا ظاهراً بإذن الله نعم. قرأ الطالب: المثال الخامس سورة المائدة، ذكر شيخ الإسلام أنها تدور حول الحلال والحرام وبيان الأحكام وحتى القصص التي وردت في هذه السورة لم تأتي للعظة والعبرة وإنما جاءت لاستنباط الأحكام ولم يمكن لهم فهم ذلك أو استنباطه إلا بعد فهم موضوع السورة وأنها نزلت للأحكام. أكمل الشيخ: نعم مثلا خذ هذه سورة المائدة، سورة المائدة تعرضت لمسائل الحلال والحرام بل هي من السور الطوال التي جاء فيها بيان المسائل الفقهية فيما يتعلق بأن هذا حلال وهذا حرام بياناً واضحاً شافياً وهو من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا قالت عائشة إن ما نزل في سورة المائدة محكم وليس بمنسوخ، وهذا مما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها لكن تأمل هذه السورة سورة المائدة جاء فيها أيضاً ذكرٌ لعدد من القصص جاء فيها ذكر لقصة موسى عليه السلام وجاء فيها إخبار عن بعض أحوال الأمم السابقة العجيب في الأمر أن شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله ذكر أن مما يستنبط منه الأحكام في هذه السورة ما يتعلق أيضاً بالقصص الواردة في قصة موسى عليه السلام الواردة في غيرها من القصص الواردة في هذه السورة وذلك لأن هذه السورة من أولها إلى آخرها جاءت أصلاً ومقصوداً فيها بيان الحلال والحرام فعندما يرد شيء مما يخالف هذا في الظاهر فإن الإمام يعمل ذهنه وفكره ويستنبط من هذه القصص ما يتعلق أيضاً بمسائل الحلال والحرام. هذا أيضاً كذلك مما يعني ذ كره الأئمة رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام بن تيميه فيما يتعلق بسورة المائدة، نعم أكمل. قرأ الطالب: المثال السادس سورة الكهف فهي نزلت لتدور حول الابتلاء وبيان أنواعه تارة يكون بالنعم كذي القرنين، وتارة يكون بالنقم كفتية الكهف وبيان ثمرته. أكمل الشيخ: نعم هذه السورة عندما تتأمل فيها فإن مما يظهر للمتأمل والعلم عند الله سبحانه وتعالى أنه يقرأ ما يتعلق بالابتلاء فمن مبدأهم مبدأ السورة كان الكلام عن ماذا ؟ عن فتية الكهف وهم فتية آمنوا بالله عزّ وجلّ وكان من ثمرة هذا الإيمان أنهم إيش؟ ابتلوا وطردوا واحتُبِسوا في كهف من الكهوف سنين عدداً فحصل لهم فتنة وابتلاء ثم تنتقل بعد ذلك إلى بقية السور تجد أن هذا الأمر أيضاً جلي وواضح، فتارة يكون الابتلاء بالنعم كما في سورة الكهف في قصة ماذا؟ قصة ذي القرنين فيها ابتلاء بالنعم مكنه الله عزّ وجلّ في هذه الأرض وهيأ له من كل شيء ماذا؟ سببا، جعل له أسباب يستطيع بها أن يصل إلى ما يريد فهيأ الله سبحانه وتعالى لذى القرنين أسباب في المكنة في هذه الأرض فهذا ابتلاء بالنعم وذاك ابتلاء بالنسبة لقصة أصحاب الكهف بالمحن، فإذا هناك تتأمل سورة الكهف تجد أنها من أولها إلى آخرها عبارة عن ابتلاء. قال أحد الطلبة: وأيضاً قصة صاحب الجنتين ابتلاء بالنعم أيضاً. أكمل الشيخ: نعم قصة صاحب الجنتين ابتلاه الله عزّ وجلّ بماذا؟ أجاب أحد الطلبة: بالجنة والنعم والخيرات في الجنة فجحد أمر الله وأنكر البعث وكان ممن فُتنوا بهذه النعمة. أكمل الشيخ: نعم أحسنت بارك الله فيك، إذاً فأنت تتأمل هذه السورة كذلك حتى في آخرها في قصة يأجوج ومأجوج وما يتعلق بأخبارهم هذا كله من الابتلاء الذي يبتلي الله به عزّ وجلّ في هذه الحياة الدنيا فإذا من أولها إلى آخرها يعني قصة وقعت في أول الزمان بالنسبة لنا حصلت قديماً قصة أصحاب الكهف ثم في آخر الزمان يكون ما يحصل من مأجوج ومأجوج وهكذا الصورة عندما تتأملها تجدها من أولها إلى آخرها تتكلم عن الابتلاء سواء كان بالنعمة أو بالنقمة، عندما تقرأ هذه السورة وأنت تستحضر هذا المعني ستجد أنك تفقه وتفهم من هذه السورة ما لم تكن فهمته من قبل. قرأ الطالب: المثال السابع سورة العنكبوت تدور حول الفتنة بشتى أنواعها وصنوفها وهناك شريط سورة العنكبوت للشيخ صالح آل الشيخ فقد بيّن روابط الآيات في هذه السورة. أكمل الشيخ: نعم للشيخ كلام جميل جداً حقيقة في شريط سمعته قديماً فيما يتعلق بمقاصد السور وكان مما ضربه مثلاً في هذا الشريط الجيد الجميل القوي في كل شئونه إذا تأملت إلى الاستنباط إلى الفهم إلى المثل الذي ضربه ضرب مثلاً فيما يتعلق بسورة العنكبوت وأن سورة العنكبوت من أولها إلى آخرها مع تنوع المواضيع التي تكلمت عنها ومع تنوع الآيات والأخبار التي جاءت في هذه السورة إلا أن موضوع الابتلاء من أول السورة إلى آخرها تجد أنه ظاهر بين واضح وتأمل السورة كذلك وإن حصل لك أن تستفيد من هذا الشريط ستجد فيه علماً ليس بالقليل أبداً . قرأ الطالب: المثال الثامن سورة الصف نزلت لتدور حول الجهاد. المثال التاسع سورة الفلق نزلت حول إزالة الشرور الظاهرة وكيفية التعوذ منها فكما أن الله جعل النهار يسبق الليل قادر أن يفلق هذه الشرور الظاهرة ويخرج منها الخيرة. أكمل الشيخ: بارك الله فيك، الكلام إذاً في سورة الفلق قد تقدم أليس كذلك؟ تكلمنا عن ما يتعلق بسورة الفلق وهذا ظاهر بيّن فتأمل سورة الفلق تجد أنها من أولها إلى آخرها تدور حول إزالة الشرور الظاهرة، كل الشرور لكن خص الله منها عزّ وجلّ في آخرها الشرور الظاهرة في الآيات الأخيرة الثلاث تجد أنها تتكلم عن الشرور الظاهرة ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾[الفلق:1-2]هذا عام، ثم خص سبحانه وتعالى ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾[الفلق:3]الشر المتعلق بالزمان ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾[الفلق:4-5]. الثانية ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾الشرور المتعلقة بالأشخاص ممن فيهم شر . التي منها الحسد إذا فهذه السورة تتكلم عن الشرور الظاهرة وعن كيفية إزالتها ومن أقوى ما يزيل هذه الشرور الظاهرة ويقشع أثرها ويذهب خطرها ما جاء في هذه السورة العظيمة. نعم المثال العاشر. قرأ الطالب: المثال العاشر سورة الناس حول إزالة الشرور الباطنة وكيفية التعوذ منها وهذه الشرور الباطنة النافذة الاستعاذة برب الناس ملك الناس كلهم. أكمل الشيخ: نعم وقد أيضا كذلك سبقت الإشارة إلى ما يتعلق بسورة الناس لأن الله سبحانه وتعالى هو الظاهر من أولها يقول ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ ﴾من شر ماذا ؟ ﴿الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾[الناس:1-5] فالكلام كله عن ماذا ؟ عن الوسوسة عن الخنوس وعن هذا الشر الذي يكون خفياً على الإنسان فسورة الناس تعيذ الذي استعاذ بها مما يخافه من الشرور الباطنة الخفية التي تأتي من قبل الشياطين فيما يتعلق بالوسوسة ونحوها نزلت هذه السورة لبيان هذا الأمر العظيم بيان هذا الأمر فإذا سورة الناس في الشرور الباطنة وسورة الفلق في الشرور الظاهرة فإذاً قد أعاذك الله عزّ وجلّ من كل الشرور من أولها إلى آخرها من الشرور الظاهرة بسورة الفلق ومن الشرور الباطنة بسورة الناس لكن هناك شرط لابد منه هو ماذا ؟ أجاب أحد الطلبة: الاستعاذة . أكمل الشيخ: الاستعاذة لكن قبل ذلك عندنا ثلاث سور تتعوذ بها أليس كذلك؟ تتعوذ بثلاث سور فسورة جاءت لإزالة الشرور الظاهرة إن كانت موجودة وسورة جاءت لتخلصك من الشرور الباطنة إن كانت موجودة وهاتان السورتان أيضاًَ كذلك جاءتا لحمايتك من الشرور الظاهرة والباطنة ولكن هذا كله بشرط جاء قبلها وهو ماذا ؟ أجاب أحد الطلبة: هو تحقيق التوحيد. أكمل الشيخ: هو تحقيق التوحيد الذي جاء في أي سورة ؟ سورة قل هو الله أحد سورة الإخلاص. إذاًَ التعلق بالله سبحانه وتعالى بأنه هو الله أحد ثم بعد ذلك تتعوذ به بعد الإيمان الذي استقر في قلبك فعندئذ ستنزل حماية كاملة حفظ كامل كفاية كاملة من الله سبحانه وتعالى ولن يستطيع أي كائن كائنا من كان ولو أتي إبليس بنفسه لكي يضرك بأمر من الأمور لن يستطيع ولو جمع جنوده في البر والبحر لن يستطيع أن يتعرض لك بشيء. أيها الأحبة فاصل قصير ثم نعود للكلام عن المرحلة الخامسة بإذن الله . فاصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل تلفزيونـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى في الكلام عن تفسير كتاب الله سبحانه وتعالى وكان الكلام عن المرحلة الخامسة، ويظهر أن آية سورة هود قرأت المر، والآية كما هو معلوم ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾نواصل ما كنا بدأناه فيما يتعلق بالمرحلة الخامسة والآن نريد أن نصل إلى أمر إذا ظهر لنا من جهة ما يتعلق بأن هناك من السور ما لها موضوع محدد معين وأن هذه السور إذا فُهم معناها فعندئذ يكون هناك ظهور فيما يتعلق بالاستنباط وفهم لكتاب الله عزّ وجلّ وقد ذكرت لك أمثلة من كلام الأئمة رحمهم الله في هذا الشأن وفى هذا الباب لكن نريد أن نعرف ما الوسيلة التي يمكن أن نصل من خلالها إلى ما يتعلق بمقصود السورة وأنا أنبه وأكرر أن هذا الأمر لا ينبغي تتكلف فيه إن جاء هكذا، جاء بنظر في كتاب الله سبحانه وتعالى بذكر لأحد من أهل العلم ونحو ذلك أما التكلف في هذه المرحلة فلا تتعنى لأنه لا يناس أبدا وقد يكون من الجرأة على الغيب الذي نُهينا عنه. فالآن نريد أن نقف عند ما الطريقة التي من خلالها نستطيع أن نستخرج وأن نستظهر موضوع السورة فلعلنا نقرأ في هذا الأمر. قرأ الطالب: كيف يمكن أن نستخرج المقصود العام للسورة وهذا يمكن بإحدى ثلاث وسائل أن ينص العلماء من أهل التحقيق على أن مقصود السورة كذا وكذا كما نصوا على أن مقصود سورة الإخلاص هو العلم الخبري بوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وأن سورة الكافرون مقصودها هو بيان التوحيد العملي الطلبي وهو المسمى بتوحيد الألوهية. أكمل الشيخ: نعم هذا مثل أهل العلم ينصون على هذا وقد نص مثلا بن القيم رحمه الله على هذا الأمر، فنص على أن سورة الإخلاص جاءت في توحيد المتعلق بماذا ؟ بالله عزّ وجلّ ما يجب لله سبحانه وتعالى يعني صفته سبحانه وتعالى ولذا أيضاً ثبت في الصحيح أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عن تكرار هذه السورة وقد مر الحديث عنها سابقاً فقال: إنها صفة الرحمن، وإني أحب أن أقرأ بها. فهذه السورة جاءت في بيان صفة الرب سبحانه وتعالى في بيان الإخلاص له جلّ وعلا في معرفة ما له من العظمة والقدر وما له من أنواع التنزيه والتقديس جلّ في علاه فهذه السورة لها مقصد، عندما ننظر مثلاً إلى سورة أخرى سورة الكافرون فالمقصد هناك مختلف نعم جميعها تتكلم عن التوحيد ولكن هنا الموضوع يختلف والمقصد يغاير المقصد الذي في السورة الأخرى هي متكاملة لكن هذه لها موضوع وتلك لها موضوع، فإذا نظرنا في سورة الكافرون ما الموضوع الذي يمكن أن نقول إن سورة الكافرون تتكلم عنه ؟ أجاب أحد الطلبة: التوحيد. أكمل الشيخ: التوحيد، أي أنواع التوحيد؟ أجاب الطالب: توحيد الألوهية . أكمل الشيخ: الذي هو إيش ؟ أجاب الطالب: توحيد العبادة. أكمل الشيخ: توحيد العبادة الذي هو توحيد ماذا؟ التوحيد الطلبي، يعني العملي ماذا يجب عليك أنت تجاه ربك سبحانه وتعالى أما بالنسبة لسورة الإخلاص فعن ماذا تتكلم؟ توحيد ماذا؟ أجاب أحد الطلبة: الخبري . أكمل الشيخ: الخبري الذي هو ماذا؟ ما يتعلق بإيش ؟ أكمل الشيخ: بالأسماء والصفات، والكلام عن الخبر عن الله سبحانه وتعالى عن أسمائه عن صفاته، أما بالنسبة لسورة الكافرون فالكلام هنا عن ما يجب عليك أنت تجاه الرب سبحانه وتعالى، واضح الفرق بين السورتين؟ هذه في التوحيد، وتلك في التوحيد لكن هذه في توحيد الإخلاص في التوحيد الخبري في توحيد الأسماء والصفات ولكن تلك في التوحيد العملي الطلبي الذي أنت تتوجه فيه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتوحيد والبراءة من الشرك ونحو ذلك. قرأ الطالب: كذلك نصوا أن سورة النحل نزلت في النعم وشكرها، وامتنان الله بها على عبادة. ثانياً أن يكون موضوع السورة ظاهراً من اسمها أو من أولها أو بهما معاً مثل سورة القيامة من اسمها ومن مطلعها فمقصود السورة هو الكلام عن يوم القيامة لكن عندما تصل إلى قوله تعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾[القيامة:16-17]. فتقول ما علاقة هذه الآيات بموضع السورة ومقصدها، فنقول هذه الآيات لابد لها من رابط بما قبلها وفى هذا إشارة إلى أن مثل هذه السورة لا ينبغي لأي عبد أن يمر عليها مروراً من دون أن يتذكر في هذا اليوم وهو يوم القيامة الذي ورد ذكره في هذه السورة فمن قرأها فلا تعجل بقراءتها. أكمل الشيخ: أحسنت بارك الله فيك، الآن نقف قليلاً مع هذا الأمر فعندما تريد أن تستنبط موضوعاً لسورة من السور انظر مثلاً لسورة القيامة سورة القيامة لما تنظر إلى اسمها فإنك تقرأ مباشرة إيش؟ سورة القيامة، تقرأ في مطلعها فإذا هي تتكلم عن يوم القيامة ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾[القيامة:1]عندما تقرأ في سورة القيامة فيمر بك الكلام كله الآن عن يوم القيامة هذا ظاهر بيّن ويمر بك قول الله سبحانه وتعالى ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾هذه الآيات هل لها تعلق مباشر فيما يتعلق بيوم القيامة هل لها تعلق مباشر بذكر يوم القيامة وأهوال اليوم الآخر تأمل ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾الكلام عن ماذا ؟ عن جمع القرآن وعن نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرك بهذا القرآن لسانه يستعجل به فإذا فهمت مقصود السورة من مبدأها ومن مطلع السورة فعندئذ سيراودك أمر هل هناك ربط بين هذه الآيات وبين موضوع السورة التي تكلمت عنه وهو ما يتعلق بيوم القيامة هل هناك ربط بين هذا وذاك نعم هناك رابط بينهم ما هو هذا الرابط؟ هو الذي أريدك أن تحرك الذهن قليلاً في محاولة الاستنباط والاستنتاج وقد تكلم عن ذلك أهل العلم فانظر إلى قوله سبحانه وتعالى في حديثه مع نبيه ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾هنا هذه الآية عندما جاءت في هذا الموطن في الكلام عن يوم القيامة لا تحرك به لسانك لتعجل به لما نُهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تحريك اللسان على جهة عجلى بكتاب الله سبحانه وتعالى لما نُهي عن ذلك ما السبب؟ أجاب أحد الطلبة: وكأن الله يريد منا أن نقرأ في هذه المواضع بتأني وتدبر. أكمل الشيخ: نعم هو نُهي بدأً صلى الله عليه وسلم لما؟ ما السبب الذي نُهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة القرآن على هذا النحو، هذا الكتاب عظيم جليل فلن يقرأه قارئ مهما كان أن يقرأه على جهة يكون فيه استعجال نوع من العجلة لا ينبغي هذا أبداً حتى وإن كان القارئ من هو محمد صلى الله عليه وسلم ولذا جاء التأديب من الله عزّ وجلّ لهذا النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بعجلة من أجل ماذا ؟ خوفاً من أن يتفلت القرآن فهو من باب الحرص على تبليغ كتاب الله عزّ وجلّ وعلى تمام هذا التبليغ من دون أن يكون هناك أدنى نقص أو تغيير ونحو ذلك فكان يستعجل صلوات ربي وسلامه عليه حفظاً لكتاب الله وخشية أن يتفلت منه وأن يبلغ كما نزل وأن يكون هناك كتابة مباشرة للتنزيل فكان يحرك اللسان صلوات ربي وسلامه عليه حرصا على تبليغ الكتاب كما أنزل. فهذا الحرص لا يناسب هذا الحرص مع العجلة لا يناسب مقام القرآن ولذا جاء التأديب من الله سبحانه وتعالى بهذا النهي اللطيف من الله عزّ وجلّ ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ما قصدك يا محمد المقصود أن يبلغ القرآن كما أنزل فجاء الخبر من الله عزّ وجلّ بأن القرآن سيبلغ كما أنزل لما إن علينا جمعه في قلبك وفي صدرك وقرأنه ثم أنك تقرأ للناس وتبلغه ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾فأيش ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ﴾يعني الكلام كله الآن على أن سينزل هذا القرآن على قلبك سيجمع في فؤادك ستبلغه وسيحفظ لك ولن يحصل هناك نقص فالله عزّ وجلّ هو الذي حفظ هذا الكتاب من النقص ومما قد يشوب الكتب الأخرى من الدواخل ونحو ذلك. إذا أُمن هذا على محمد صلى الله عليه وسلم فالواجب أن تكون القراءة من دون عجله جاء هذا الكلام وهذا الحديث من السورة لأمرٍ وهو ما ذكرته يا إدريس - الطالب - من الكلام عن أن هناك تربية لابد أن نترباها نحن مع كتاب الله عزّ وجلّ خصوصاً في مثل هذه المواطن الكلام الآن عن أمرٍ إيش؟ عن أمرٍ عظيم أمر شديد، الكلام عن يوم القيامة، ويوم القيامة يوم عظيم جليل الذي عظمه هو الله سبحانه وتعالى والذي أخبر عن أهواله هو الله عزّ وجلّ والذي سماه تسميات كثيرة في كل تسمية دلالة على عظمة هذا اليوم أيضا هو الله عزّ وجلّ فسماه تارة إيش؟ القيامة، وسماه تارة ماذا؟ القارعة، وسماه تارة ماذا؟ الحاقة، وسماه أيضاً كذلك الحاقة، وأسماء كثيرة وردت كل اسم هو أشد من الاسم الذي قبله أسماء شديدة جداً لهذا اليوم فالله عزّ وجلّ هنا يتكلم عن يوم القيامة إذا كان الكلام عن يوم القيامة هل يناسب أن تُقرأ السور سريعاً بشكل عجلي لا يجب أن يكون التأني هنا أبلغ وأكثر ويكون التدبر أكبر ولذا جاء هنا لما جاء الحديث عن يوم القيامة جاء الكلام هنا بأنك يا محمد صلى الله عليه وسلم لا تحرك به لسانك لتعجل به خصوصاً في هذه المواطن، ونحن كذلك خصوصاً في مثل هذه المواطن ما يناسب أبداً أن نحرك بالقرآن لساننا على عجل وأن نقرأ القرآن في حال سرعة وهذرمة لكتاب الله سبحانه وتعالى لا، وإنما نتأنى في قراءة كتاب ربنا خصوصاً عندما يكون الكلام عن يوم القيامة فلا تحرك به لسانك أيها المسلم أيها المؤمن لتعجل به، الله قد حفظه وضبطه سبحانه وتعالى وبلغه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم إليك فإياك إياك والعجلة محمد صلى الله عليه وسلم تعجل في بادئ الأمر حرصاً على حفظ هذا القرآن وضبطه وإتقانه وتوثقاً من إملائه كما أنزل عليه وأنت الآن ليس لك عذر مطلقاً، بل قد أزال الله عزّ وجلّ حتى لمحمد صلى الله عليه وسلم فأنت من باب أولى قد حفظ القرآن فإذا قرأت القرآن فلا تعجل ولا تحرك به لسانك سريعاً وإنما خذه شيئاً شيئاً واقرأه حرفاً حرفاً تدبره لتكون قراءتك لمثل هذه السور العظيمة قراءة كما كانت قراءة الفضيل بن عياض قراءة شهية بطيئة حزينة كأنه يخاطب إنساناً هذا الذي ينبغي لك عندما تقرأ مثل هذه السور التي تتكلم عن يوم القيامة واضح المقصود الآن؟ هذا إن أخذناه لما فهمنا موضوع السورة من أولها إلى آخرها تتكلم عن ماذا؟ تتكلم عن يوم القيامة وعما يجري للإنسان بعد الموت مباشرة تأملوا السورة من أولها إلى آخرها هي أبداً حينما ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾[القيامة:29-32]وهكذا كل الكلام عن ما بعد الموت وعن قيام الساعة وعن هذه الأهوال فجاء الكلام إذاًَ في هذا المقطع من السورة ملحقاً بالكلام عن يوم القيامة على نحو يفهمه من فتح الله قلبه لنور كتابه، واضح. قرأ الطالب: ثالثاً الاستقراء، والاستقراء يكون نافعاً عند الأصوليين إن كان كاملاً أو أغلبياً أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به وهذا مثله كما في سورة الصف والمتأمل لهذه السورة يعلم أنها نزلت في الجهاد بالسيف والسنان كذلك سورة الماعون بالاستقراء أنها جاءت لمكارم الأخلاق الواجب على المؤمن التحلي بها ومن انتقص شيئاً منها فقد ترك شيئاً من واجبات الدين ومن اتصف بالصفات التي نهت عنها فقد اتصف بصفات الذين يكذبون بيوم الدين. أكمل الشيخ: نعم هذه هي الوسائل التي يمكن أن نستعين بها لاستخراج مقصود السورة نعيدها سريعاً عندنا ثلاث وسائل نستخدمها من أجل أن نستنبط موضوع السورة من أجل أن نفهم ما موضوع السورة التي جاءت من أجلها فعندنا الوسيلة الأولى ما هي ؟ الوسيلة الأولى؟ أجاب أحد الطلبة: وصف المحققين من أهل العلم على ذلك. أكمل الشيخ: نعم أن ينص محقق من أهل العلم على ذلك من الأمثلة أن ينص محقق من أهل العلم على هذا الأمر، هل عندكم أمثلة مر بنا أمثلة على هذا، كما نص من مثلا؟ أجاب أحد الطلبة: كما نص شيخ الإسلام بن تيميه على أن مقصود سورة المائدة أنها تتعلق بالأحكام والأوامر والنواهي. أكمل الشيخ: أحسنت بارك الله فيك، أنها تتكلم عن الحلال والحرام وما يتعلق بذلك هذا جيد وجميل، الوسيلة الثانية ما هي؟ أجاب أحد الطلبة: أن يكون موضوع السورة ظاهر جلي كأن يكون اسمها مثلا متعلق بموضوع معين وضربنا مثلاً بسورة القيامة من اسمها يدل على موضوعها. أكمل الشيخ: أحسنت يعني نظرنا في اسم السورة ثم نظرنا في مبدأ السورة الاسم والمبدأ وختام السورة كلها تتكلم عن موضوع واحد، الوسيلة الثالثة؟ أجاب أحد الطلبة: الاستقراء الكامل، أما الاستقرار الجزئي فلا عبرة به . أكمل الشيخ: نعم الاستقراء الكامل أو الاستقراء الأغلبي كلاهما حجة ولا شك أن الاستقراء الكامل أقوى ولكن أيضاً الاستقراء الأغلبي في مثل هذه المواطن يكفي فعندنا استقراء كامل واستقراء جزئي استقراء كامل واستقراء أغلبي هذا هو المعتبر أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به. سأل أحد الطلبة: ما معني كلمة الاستقراء؟ أجاب الشيخ: الاستقراء أن تأتي في هذا الموطن، دعني أضرب لك مثلا في هذا الموطن أن تأتي إلى سورة من السور تستقرأ هذه السورة آياتها من أولها إلى آخرها فتنظر هي تتكلم عن ماذا فتنظر إذا كانت الآية جميعاً تتكلم عن موضوع محدد معين فعندئذ يكون هذا الاستقراء كامل إذا نظرت في هذه الآيات وجدت أنها لا تتكلم كلياً عن موضوع واحد وإنما أغلبياً أغلب هذه السورة تتكلم عن موضوع واحد فإذاً بقية الآيات بالإمكان أن تتبع لهذه الآيات الغالبة على السورة . سأل أحد الطلبة: شيخ هل يمكن أن نقول السياق أو السباق واللحاق ؟ أكمل الشيخ: لا السباق واللحاق قد يكون جزئياً في عدد من الآيات السباق واللحاق عندما فرقنا بينهم السباق واللحاق قد يكونا في جزء من السورة وهذا هو الفرق بينهما يعني قد يأتينا سباق ولحاق يدل على معني آية من الآيات من دون أن يدل على معني السورة كلها من أولها إلى آخرها لكن الكلام هما عن سورة من أولى آية فيها إلي آخر آية هذا هو الفرق يعني المرحلة الخامسة قريبة من المرحلة الرابعة ولكن الفرق بينهما أن المرحلة الرابعة تتكلم عن آية وقبلها سباق وبعدها لحاق وهذا السباق واللحاق يكون الموضوع فيها واحدا، لكن الآن الكلام على ما هو أوسع من هذا وهو أن تكون السورة من أولها إلى آخرها تتكلم عن موضوع محدد معين تصور سورة المائدة من أولها إلى آخرها سورة طويلة جداً ومع هذا هي من السبع الطوال ومع هذا يقول مثل هذا الإمام أنها تتكلم عن مسائل الحلال والحرام خذ أمثلة كثيرة سورة العنكبوت تتكلم عن الابتلاء ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾[العنكبوت:2]عن الفتنة من أولها كلها عن الفتنة من أولها إلى آخرها وعن فتنة الناس وعن ابتلاء المؤمن وابتلاء الكافر ونحو ذلك تأمل سورة الصف أيضاً من أول آية إلى آخر آية تتكلم عن الجهاد وهذا ظاهر وبيّن وواضح عن الجهاد عموماً، وخذ ما شئت يعني لو تأملت ما سبق من الكلام عن المعوذات تجد هذا ظاهراً في السورة من أولها إلى آخرها أما بالنسبة للسباق واللحاق فيكون في مجموعة الآيات لا يلزم أن يكون في سورة من أولها إلى آخرها واضح، بقي شيء؟ ننتقل بعد ذلك إلى المرحلة السادسة. |
03-01-09, 10:38 PM | #33 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
قرأ الطالب:
المرحلة السادسة جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد في موضع واحد ويسمى في المصطلح المعاصري بالتفسير الموضوعي وهو الذي ألف فيه الإمام اللغوي الشنقيطي أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن، المقصود بهذه المرحلة أن نأخذ من كل سورة المقطع والغرض لإنزالها ليتضح لك المقصود عند جمعها مع الآيات الأخرى، مثال ذلك المثال الأول ما قصّه الله تعالى من أحوال السماء يوم القيامة أنها تمور موراًَ وأنها تنفطر وأنها تنشق بالغمام وأنها تطوي كطي السجل للكتب إلخ. أكمل الشيخ: أحسنت بارك الله فيك، الآن المرحلة السادسة لو تأملت أيضاً كيف بُنيت لتجد أنها بُنيت على المراحل السابقة لأن الآن انتهينا من الكلمات ثم انتهينا من حروف المعني انتهينا من الجملة الرابعة انتهينا من ماذا؟ من السباق واللحاق، ثم انتهينا من ماذا؟ الخامسة المقصود العام للسورة، إذاً وصلنا إلى السورة بكاملها فإذا فهمنا السورة وموضوع السورة من أوله إلى آخره بقي أن ندرك ما يتعلق بماذا؟ الآيات جميعاً في كتاب الله عزّ وجلّ أن نجمع الآيات التي تكلمت عن موضوع واحد وهذا الجانب من الآيات التي تكلمت عن موضوع واحد يدخل فيه شيء كثير فيما يتعلق بالناسخ والمنسوخ ويتعلق أيضاً بالمطلق والمقيد ونحو ذلك، لأن الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد إذا جمعت فإنها ماذا؟ فإنها يبين بعضها بعضاً. ونقف عند هذا الحد أيها الأحبة ونواصل بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة أسأل الله عزّ وجلّ لي ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وقلباً خاشعاً وإيماناً كاملاً ولساناً ذاكراً وعيناً من خشيته دامعة، اللهم اجمعنا جميعاً في الفردوس الأعلى من الجنة يا ذا الجلال والإكرام. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله صحبه وسلم تسليماً كثيراً. |
03-01-09, 11:00 PM | #34 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تفريغ الدرس السادس والعشرين:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا أكرم الأكرمين، حياكم الله أيها الأحبة في روضة من رياض الجنة، أسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعاً رياض الجنان في مستقر رحمته في جوار حبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم كنا في الكلام عن المرحلة السادسة وسنبدأ بإذن الله في هذه المرحلة عوداً نقرأ من أول هذه المرحلة . قال أحد الطلبة: المرحلة السادسة جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد في موضع واحد ويسمى في المصطلح المعاصر بالتفسير الموضوعي وهو الذي ألف فيه الإمام اللغوي الشنقيطي أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن المقصود من هذه المرحلة أن نأخذ من كل سورة المقطع والغرض من إنزالها ليتضح لك المقصود عند جمعها مع الآيات الأخرى المثال الأول ما قصه الله سبحانه وتعالى من أحوال السماء يوم القيام أنها تمور موراً وأنها تتفطر وأنها تنشق بالغمام وأنها تطوى كطي السجل للكتب إلى آخره فهذه الآيات جميعاً تتكلم عن موضوع واحد وهو السماء لذلك ينبغي له أن يعرف أن هناك أمراً عظيماً في تغاير هذه الألفاظ بعضها مع بعض في موضوع واحد وهو حال السماء في اليوم الآخر . أجاب الشيخ: أحسنت بارك الله فيك الآن تأملوا معي أيها الأحبة عندنا ما يتعلق بجمع الموضوع الواحد في مكان واحد من آيات في كتاب الله عز وجل عندنا آيات كثيرة تكلمت عن موضوع واحد وتفرق هذا الكلام في سور كثيرة من كتاب الله عز وجل هذه الآيات التي تكلمت عن الموضوع المحدد المعين لو جمعت فإنه عندئذٍ ستحلق أن هذا الموضوع قد اكتمل وتم من كتاب الله عز وجل بمعنى أنك عندما تقرأ آية في كتاب الله في أية سورة من السور فإذا هي تتكلم عن موضوع مثلاُ قصة موسى عليه السلام ثم تقرأ في سورة اخرى قصة موسى في سورة ثالثة رابعة خامسة عاشرة وهكذا تكررت كثيراً في القرآن عندما تنظر في هذه القصة وقد تنوع ذكرها في كتاب الله عز وجل ألا يتبين لك أمر جديد ويعني قضية قد تكون تظهر لك فيما سبق فيما يتعلق لو جمعت هذه الآيات من أولها إلى آخرها بلى سيظهر لك وهذا مطلوب لأنك تلحظ كثيراً من السلف عند تفسيرهم لكلام الله عز وجل يجمع هذه الآيات ويفسر هذه الآيات بالآية الأخرى التي وردت في سورة أخرى وهذا ما يسمى بتفسير القرآن بالقرآن فتجمع الآيات في قصة ما أنت لو جمعت مثلاً قصة موسى في كتاب الله عز وجل ما تبين لك الأمر جلياً (............)موسى عليه السلام كما في سورة القصص إلى كل ما وقع له عليه السلام في كل ما ذكره الله عز وجل من عبر وعظات في هذه القصة إذا لم تجمعها فإنها ستكون مشتتة مفرقة ليست بداخل الوضوح الكامل في ذهنك لكن اجمع هذه الآيات من كتاب الله عز وجل وهو ما يسمى بالتفسير الموضوعي في الاصطلاح المعاصر سيظهر لك الموضوع جلياً جداً وسيتبين لك الأمر أضرب لك مثلاً الآن ليتضح هذا الأمر بل لتضح هذه القضية بشكل لتكون معه شيئاً من الرغبة في فهم كتاب الله سبحانه وتعالى على هذا النحو كيف يكون هذا الأمر خذ مثلاً ما يتعلق بأحوال السماء في يوم القيامة الله عز وجل تكلم عن السماء في يوم القيامة في موطن واحد فقط ، في مواطن كثيرة جداً أليس كذلك إذاً هذا الكلام عن حال السماء في مواطن كثيرة جداً في كتاب الله عز وجل هل هو لتكرار هذا الوصف فقط أم هناك أمر جديد في كل مرة يتكلم القرآن عن هذه السماء وعن أحوالها في يوم القيامة هناك أمر جديد هناك وصف جديد هناك خبر عن حال هذه السماء يختلف عن الخبر الذي جاء في سورة أخرى هناك ولا شك اختلاف نعم هناك شيء من السرادق في بعض الآيات ولكن أكثر الآيات ليس فيها هذا السرادق وإنما فيها إخبار بصفة أخرى بحال ثانية لهذه السماء وما يقع لها في يوم القيام أضرب لك مثلاً على هذا بعدد من الآيات تكلمت عن حال السماء في يوم القيامة انظر مثلاً إلى قوله جل وعلا في سورة الطور وهو يتكلم عن السماء ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً﴾[الطور:9]. هذا المور ما هو في لغة العرب عند المفسرين في كلام الصحابة ومن بعدهم (.............)اللغوين ماهو المور في لغة العرب ، هو الاضطراب والحركة الشديدة هذا هو المور وهذا هو التفسير الواضح البين حتى في كلام السلف رضوان الله عيلهم أجمعين ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً﴾. أي انها تضطرب وتتحرك هذه السماء إذا اضطربت وتحركت وتغيرت أي بدأت في التغير عن حالها الذي كانت عليه في الدنيا هي في هذه الدنيا كيف حال هذا السماء أتراها مضطربة تتغير أم أنها ثابتة مستقرة هي ثابتة مستقرة في هذه الحياة الدنيا في الآخرة تختلف إذاً هناك حركة واضطراب في الآخرة لم تكن في الحياة الدنيا عندما تنظرأيضاً في الآيات الأخرى التي وصفت حال السماء في قوله عز وجل : ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾[الذاريات: 47]. في قوله أيضاً عز وجل: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً﴾[النبأ:12]. أي في هذه الحياة الدنيا ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً﴾. معنى الشداد أي قوية متينة ولذا قال الله عز وجل في سورة تبارك : ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾[تبارك: 3]. اي أن السماء ليس فيها أي فطور ليس فيها أي انشقاق محكمة متينبة وكما في الآيات الأخرى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾. وبأيد هنا معناها بقوة وليس جمع أيدي هنا مع إثبات صفة اليد لله سبحانه وتعالى على وجه يليق به ولكن المقصود هنا هو ذكر القوة أن السماء بنيت بقوة بإحكام فهي متينة محكمة ليس بها فطور ليس بها شقوق سبع طباقاً شداداً عظيمة بخلاف الأصل فيها من التشقق وفيها من الضعف ما فيها هذا هو حال السماء في الدنيا ما حال السماء في الآخرة اختلف الأمر جلياً اختلف ففي الآخرة قال الله عز وجل بدءاً في سورة الطور : ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرً﴾. أي تبدأ في الحركة تبدأ في الاضطراب تبدأ في التغير ثم بعد ذلك أخبر الله عز وجل أن هذا الاضطراب وهذه الحركة يكون بعدها انفطار والانفطار هو بداية الانشقاق النبي صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تفطرت قدماه بمعنى بدأت في التشقق فالانفطار هو بداية التشقق ثم بعد ذلك عندنا بعد الانفطار عندنا التشقق الكامل الواضح : ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾[الانشقاق: 1]. ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾[الحاقة:16]. المقصود أن الاخبار عن الانشقاق والتشقق جاء بعد ما يتعلق بالانفطار وهذه حال ثالثة للسماء إذاً في البداية تحركت واضطربت ثم بدأت في الانفطار بداية التشقق ثم انشقت بالفعل ثم بعد ذلك ما يكون في حال هذه السماء أخبر الله عز وجل أيضاً في سورة عم بخبر جديد عن هذه السماء فقال سبحانه وتعالى : ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً﴾[النبأ: 19]. بعد أن انشقت وبدأت بالتشقق إذا هي الآن ليس مجرد تشقق وإنما هو أمر أعظم من من ذلك بكثير وهو أنها فتحت فأصبحت أبواب أبواب ظاهرة بينة للعيان بل أن سياق هذه الآية يدلك على أن السماء كلها من أولها لأخرها أصبحت ماذا أبواب ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً﴾. يعني كأن السماء كلها أصبحت أبواب فأنت إذا نظرت إلى السماء في اليوم الآخر بعد هذه البدايات لها إذا هي بعد ذلك كلها من أولها إلى آخرها أبواب أبواب لتنزل الملائكة كما قال الله عز وجل: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلً﴾[الفرقان:25]. تشقق بالغمام الأبيض يفتح السماء استعداداً لنزول ملائكة الله عز وجل إذاً هذه مرحلة من مراحل احوال السماء في يوم القيام عندنا بعد ذلك مرحلة تكلمنا عليها سابقاً وهي ما يتعلق بقوله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾[الأنبياء:104]. وكما قال سبحانه وتعالى في سورة أخرى في سورة التكوير : ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾[التكوير:11]. وذكرنا معنى كشطت قبل وتكلمنا أن تفسير هذه الآية ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾هو ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾. إذاً هذه الأحوال للسماء بدءاًَ من أنها تضطرب وتتحرك ثم يحصل لها إنفطار ويحصل لها انشقاق يحصل لها بعد التفتح الشديد لهذه السماء ونزول الغمام الأبيض من خللها ثم بعد ذلك ما يحصل أن هذه السماء تطوى كطي السجل للكتب هذه أخبار عظيمة جداً عن أحوال هذه السماء إذا جمعت هذه الأخبار تبين لك ما الذي يحصل للسماء الدنيا في يوم القيام كذلك أخبر الله عز وجل من أحوال هذه أنها تكون وردة كالدهان الآية في سورة الرحمن: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾[الرحمن : 37]. الانشقاق يحصل ثم بعد ذلك تكون السماء وردة كالدهان وردة ذكرنا لكم معناها أنها تكون بلون الورد هي ما يتغير لونها بعد هذه الزرقة أصبحت تميل إلى لون الورد فيها شيء من الحمرة مع اضطراب اللون ليست حمرة قانية صافية وإنما هي حمرة يخالطها ألوان أخرى ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾. الدهان هنا إشارة إلى الدهن معنى أن هذه السماء يكون فيها مع هذه اللون صبغة الزيت يعني فيها كالمهل والمهل هو الزيت المغلي الذي يتقطع في حركته فانظر إلى هذه الحال للسماء تصور الآن السماء التي تراها عندما تكون في يوم القيامة فأنت ترى هذه الحال العظيمة للسماء تجد السماء تضطرب تتحرك تجد أنها بدأت تنفطر ثم تنشق ثم تتفتح تفتحاً عظيماً ثم الغمام الأبيض ينزل من خلل السماء وأنت تنظر إليها ثم يحصل بعد ذلك أن الله سبحانه وتعالى يطوي هذه السماء يقشعها قشعاً جل وعلا ثم أن هذا اللون للسماء يتغير ويضطرب تصبح كالمهل فيها شيء من صبغة الزيت ونحو ذلك هذه الحال للسماء عندما تنظر إليها الآن بنظر فكرك بنظر تأملك بنظر خيالك عندئذٍ توقن ما الذي سيحدث في هذا الموقف العظيم لكن دون جمع هذه الآيات لا يتحقق لك هذا لكن إذا جمعت هذه الآيات في موطن واحد تبين لك ما سيحدث للسماء في اليوم الآخر كذلك اجمع ما سيحصل للجبال أيضاً في اليوم الآخر الله عز وجل أخبر عن الجبال بأحوال عظيمة شديدة جداً فما الذي يحصل للجبال في ذلك الموقف تأمل ما قصه الله عز وجل هل هو خبر واحد لا أخبر عن الجبال بأحوال كثيرة وأخبر عن غير الجبال عن الأرض أيضاً بأحوال كل ذلك من أجل أن تتخيل وأن تتصور وأن تدرك ما الذي سيجري لهذا الكون من أوله لآخره في يوم القيامة وهذا من أعظم ما يجعل الإيمان بالله عز وجل على أعلى ما يكون وعلى أتم ما يكون لأنك عندما أنت نفسك الضعيفة المسكينة ثم تنظر إلى هذه السماء العظيمة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها كسفاً كل سماء مسيرة خمسمائة سنة كسف كل سماء فقط يعني سمك كل سماء خمسمائة سنة ثم بعد ذلك يحدث لها ما يحدث فأنت يعني ماأنت في هذا الكون العظيم يوم القيامة لست بشيء هذه الجبال العظيمة التي تراها يعني أعلى جبل كما يذكرون ارتفاعه عن سطح الأرض فقط قرابة ثماني كيلو مترات تحت الأرض ثلاثة أضعاف إذا أردنا أن نأخذ حجمه بالكلية عند الثلث فوق الأرض وعندك الثلثان تحت الأرض إذاً كم كيلو تقريباً عظم هذا الجبل اضرب ثمانية في ثلاثة كم أربعة وعشرين كيلو متر ارتفاع هذا الجبل مع ذلك تقرأ في كتاب الله ما الذي سيحدث في هذه الجبال (............)ولا شيء ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾[القارعة: 5]. بل إنها تسير سيراً ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرً﴾[الطور:10]. لم تصبح شيء لما تتأمل هذا وتتأمل ما يجري يوم القيامة وتتأمل الآيات التي تكلمت عن هذه الأمور يقر في قلبك تعظيم الله سبحانه وتعالى وتعظيم قدرة الله عز وجل الذي فعل بهذه الكائنات العظيمة ما فعل إذاً ما حالك أنت ما موقفك يوم القيامة وأنت ترى هذه الكائنات كيف تطورت كيف تغيرت كيف حصل بها ما حصل معي في هذا فيما يتعلق بجمع الآيات التي تكون موطن واحد في موضع واحد وضربنا مثلاً فيما يتعلق بالسماء الأحوال الكثيرة سنتجاوز هذا لأن الكلام عن الجبال وما يتعلق بها سوف يطول تكلمنا عن السماء وهناك آيات أخرى أحوال الجبال ندع هذا إلى المثال الثاني مباشرة واتمنى من قارئ لكتاب الله عز وجل أن ينظر في أحوال الجبال في كتاب الله تجد عجباً يثير عنده شيء من الخوف من ربه سبحانه وتعالى الذي فعل بهذه الجبال مع عظمها مع كبير حجمها وقوة صلابتها مع ذلك بأمر واحد منه سبحانه وتعالى أصبحت هذه الجبال لاشيء تأمل الآيات الواردة في شأن الجبال اجمعها من كتاب الله عز وجل ستجد عجباً من العجب وستلحظ بيناً إنك عندما تقرأ هذه الآيات من كتاب الله ستلحظ أنك أمام شيء عظيم سيحدث في اليوم الآخر . سأل أحد الطلبة: بالنسبة للآيات التي تذكر قصة موسى عليه السلام نجد من كثرتها قد هناك دلالة على أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يخاطب رسوله ويقول له أنت ترى حال موسى فاصبر على حالك لقرب قصة موسى من قصة محمد صلى الله عليه وسلم. أجاب الشيخ: هذا صحيح عندما تتأمل ما يتعلق ما جرى لموسى مع قومه موسى جرى له مع هؤلاء اليهود شيء عظيم جداً شيء لا يكاد أن يوصف تأمل ما ذكره الله عز وجل من حال هؤلاء اليهود موسى وجد من فرعون ما وجد ووجد من هؤلاء اليهود من قومه ما وجد فعندما يكون هذا مع بني إسرائيل مع اليهود بالنسبة لموسى فلا شك أن هذا يهون على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما وجد وهو بعد ذلك يهون علينا جميعاً ما نجد من أقوامنا نحن من منا وجد كما وجد موسى من قومه بعضنا وللأسف الشديد يواجه أبوه أو أخوه أو أمه أو أحد من أقاربه أو جار له أو صاحبه بكلمة أو شيء من العتاب وقد شيء من الإيذاء له في أمر من أموره أو طرد من البيت أو نحو ذلك في قضية هو كان يقصد منها أمراً دعوياً شرعياً يريد أن يأمر بمعروف أن ينهى عن منكر ثم يواجه بقوة من أحد من أطراف عائلته أو أحد ممن هو قريب منه فعندئذ يحصل ما يحصل من الغضب أحياناً ندم على أنه أقدم على ما أقدم عليه (..............)أحياناً يعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك يترك الدعوة إلى الله عز وجل أو إنه أيضاً كذلك حيناً يريد أن يأخذ الأمر أمر شخصي نفسي فيواجه الأمور بقوة بحزم بشدة فإذا واجهه أبوه مثلاً بكلمة ردها مرة أو مرتين ونحو ذلك وهذا ما ينبغي أبداً إنما واجهك ما واجه الأنبياء عليهم السلام فلاشك أن من هذه القصة قصة محمد صلى الله عليه والسلام لاشك أن هناك من العبر والعظات الكثير الذي ليس بالقليل ابداً. قال أحد الطلبة: المثال الثاني في الآيات المتعلقة بالخمر والفرق بينها وبين خمر الآخرة ومراحل تحريمها وأنها مرت بأربع مراحل ولا يكفي الاستدلال بتحريمها بدليل واحد فقط وإنما تجمع الآيات الأخرى ليتبين لك بقية الأوجه التي حرمت الخمر من أجلها فقد يقول لك إنسان إن قوله تعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾[المائدة: 90]. أجاب الشيخ: أحسنت بارك الله فيك نعم تأمل هذه الآية الله عز وجل نهى عن الخمر بقوله سبحانه وتعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. قد يأتيك إنسان فيقول لك الله عز وجل أمرني بأن أجتنبه شيئاً ما معنى أجتنبه يعني أبتعد عنه قليلاً لم يحرمه كما حرم الميتة ولحم الخنزير قد يقول قائل هذا نتكلم عن هذه المسألة بعد فاصل قصير فابقوا معنا بارك الله فيكم فـاصـــــــــــــــــــــــــــــــــل تليفـزيـونــــــــــــــــــي بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله أيها الأخوة مرة أخرى في روضة من رياض الجنة قد كان الكلام سابقاً فيما يتعلق بقوله عز وجل : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾[المائدة: 90]. جاء النهي بقوله سبحانه وتعالى : ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. عندما تتأمل هذا النهي بقوله عز وجل ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. قد يأتيك قائل وقد قيل لي هذا حصل أن اتصل علي متصل من خارج بلادنا وقال لي أنتم تقولون الخمر فلم حرام ليس بحرام قلت له كيف ليس بحرام فقال أبداً ليس بحرام لأن الله عز وجل إنما قال ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. والحرمة عندما تؤخذ من قوله سبحانه وتعالى حرمت أو حرام عليكم فهذه ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. وهذه حرام وحرمت ففرق بينهما بدليل أن الله فرق بين هذه وتلك قلت له طبعاً لابأس التفريق بين العبارتان وارد ولكن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني اجتنب واترك قال لا ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني ابتعد عنه قليلاً لو أنك قاربته مرة من مرات لا بأس يعني كأن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يعني مش كويس بالعبارة التي يذكرها ونحو ذلك، فحصل كلام في مسألة الخمر وما يتعلق بها ونريد الآن نحن الآن في الكلام عن أي مسألة عن أي مرحلة عن مرحلة جمع الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد من جمع الآيات التي تتكلم عن الخمر في القرآن سواء كان الخمر من خمر الدنيا أو من خمر الآخرة يتبين له قطعاً ويقيناً أن الله عز وجل حرم الخمر بل يتبين له ما الحكمة من تحريم الخمر يتبين له بجلاء ما بينه الله عز وجل في القرآن من تحريم الخمر قبل هذا أريد أن أقف قليلاً عند قوله سبحانه وتعالى ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. لأن كثير من الناس يورد مثل هذه الشبهة أو أمثالها في الاعتراض على تحريم أمر ما معلوم من الدين بالضرورة أنه محرم معلوم بإجماع أهل العلم من السلف والخلف أن الخمر حرام بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بإجماع أهل العلم وبالقياس الصحيح وبغير ذلك لكن اريد أن اقف قليلاً مع مثل هذا الإراد الذي يريده حقيقة عدد من المسلمين بسبب ما أورده أهل الاستشراق وما أورده أهل الباطل عليهم في هذا الباب ولذا يخصصون في هذه المسائل ويظنون أن الأمر فيها ليس بالشديد ولا بالعظيم يعني تأمل قول الله عز وجل : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾. لن أتكلم عن الآية هذه بعينها لكن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. تأملها في كتاب الله عز وجل المنهيات التي نهى الله عز وجل عنها بقوله ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. ما هي تذكرون شيئاً منها مثل ماذا ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾[الحجرات: 12]. ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾[الاسراء: 32]. أيضاً كذلك ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[الاسراء: 34]. أيضاً كذلك: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾[الحج: 30]. الآن تأمل في أحد يقول أن الرجس من الأوثان منهي عنه نهي بسيط يعني تقاربه مرة الرجس من الأوثان هي الأصنام يعني لو قيل فاجتنبوا في الخمر إنها طيبه ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾. قول الزور حرام أو حلال حرام بإجماع المسلمين أيضاً كذلك النهي عن قربان مال اليتيم ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[الأنعام: 152]. هل أحد يقول ان الاقتراب من مال اليتيم بغير التي هي أحسن حلال من المسلمين هل يقول أحد بهذا أنه حلال أبداً مع أنه لم يأتي في كتاب الله عز وجل النهي عنها بلفظ حرمت انظر أيضاً الزنا أعاذنا الله وإياكم من كل ذلك ﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾. هل هناك من يقول أن الزنا حلال لأن الله عز وجل لم ينه بلفظ حرمت لا ولا ينبغي أن يكون هذا أبداً فعندما تتأمل هذه الآيات التي نهي عنه بلفظ اجتنبوه بلفظ لا تقربوا تجد أنها منهيات قد أجمع أهل الإسلام (..............)على أنها محرمة فمن أراد أن يقول أن الخمرة ليست محرمة تحريماً شديداً لأن الله عز وجل لم يحرمها بلفظ التحريم وإنما حرمها ونهى عنها بلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾فيلزمه أن يقول أن كل هذه المنهيات أيضاً ليست منهيات شديدة وإنما منهيات يسيرة (.........)بأن الزنا كذلك النهي عنه ليس نهياً شديداً وإنما نهي يسير كذلك يقول (.........)أيضاً كذلك ليس منهياً نهياً شديداً كذلك الأوثان والأصنام والأرجاس وقول الزور وغير ذلك كثير يلزمه أن يقول أن هذه المنهيات غير منهي نهياً شديداً وهذا ما قال به أحد من أهل العلم بل من أهل الإسلام لايقولوا به وإنما هو التمسك بحبال الشيطان في هذا الباب هذا الشخص المتصل ذكرت له هذه الآيات قلت له ولو هذه الآيات جاءت بـ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾. إذاً فهل هذه الأمور ليست محرمة تحريماً شديداً في دين الله عز وجل ابحث عن آية واحدة في كتاب الله عز وجل نهت عن هذه الأمور بلفظ حرمت لا تجد أو حرام لا تجد فما كان منه إلا أن وقف وهذا ما أريد منك يا طالب العلم في مثل هذه المسائل يعني لم تجمع الآيات في موطن واحد التي تكلمت عن لفظ الاجتناب والابتعاد يتبين الحقيقة أن لفظ الاجتناب في كتاب الله عز وجل لم يرد قط في مسألة أن تبتعد عنه قليلاً وأن المحرم ليس تحريم شديد لا لفظ الاجتناب إذا جاء في كتاب الله عز وجل فإنما يرد في الأمر المحرم التحريم العظيم الشديد، يبقى هناك سؤال قد يرد عليك أو قد يرد أيضاً في ذهنك انت إذا انتبهت إلى كتاب الله العظيم ويقال لك إنه إذاً لما جاء النهي عن الخمر عن الزنا عن أكل مال اليتيم عن سوء الظن عن قول الزور جاء عنها بهذه الألفاظ وجاء النهي عن الميتة وعن الدم ولحم الخنزير لما يبقى عندك سؤال لكن إنه الإشكال السابق قد زال أليس كذلك الإشكال بأن ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾لم تدل على التحريم الشديد قد زال لأنه قد قرنت بأشياء محرمة باتفاق المسلمين ولا أحد يقول من أهل الإسلام إنها ليست محرمة تحريماً شديداً يبقى فقط سؤال ينبغي أن تجيب عليه لأنه قد يورد عليك ويقال لك إذاً لما جاء النهي عن حرمت في الميتة والدم ولحم الخنزير وبقي النهي في ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾في هذه المسائل تأمل هذا في كتاب الله وهذا ما أريده أن تجمع الآيات من أجله في موطن واحد عندما تجمع الآيات التي فيها النهي ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾وعندما تجمع الآيات التي فيها النهي بحرمت سيتبين لك أمر عجيب وأمر غاية في بيان عظمة هذا القرآن أنت الآن عندما تتأمل هذا الذي ذكرت لك ونهى الله عنه بلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾تجد أنه هذه الأمور جميعاً مما ترغبه النفس وتتطلبه وترغب في الحصول عليه الله عز وجل نهاك بهذا اللفظ عن الخمر عن الأنصاب عن الأزلام نهاك عن الزنا نهاك عن أكل مال اليتيم جمع المال هذا والناس يحرصون حرصاً شديداً على هذا المال نهاك عن هذه الأمور بهذا اللفظ لما هذه الأمور بطبيعة الإنسان البشري يريدها يرغب فيها له تتطلب يقصدها حريص على أن يحصل بفطرته فجاء النهي عنهابلفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾لأن التحريم هنا لا يكفي وإنما يجب عليك أمران الأمر الأول أن لا تقترفها لأنها حرمت عليك ويجب عليك كذلك أمر آخر وهو أن تباعد عنها عن فاجتنبها لا تقربها أصلاً فإذاً في لفظ ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾﴿وَلَا تَقْرَبُو﴾.في حقيقة الأمر هنا أمران أمر بعدم الوقوع وأمر بالمباعدة ولذا جاء النهي ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾في هذا لكن أنظر في الأشياء التي حرمت بهذا اللفظ بلفظ التحريم ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾[المائدة:3]. هل الميتة الناس تقبل عليها بنفسها لها رغبة فيها الميتة لحم الخنزير بقذارتها النفس السليمة بفطرتها لا تقبل عليه كذلك الدم هل الانسان يرغب في الدم وأن يشربه وأن يأكله إنما يفعل ذلك من كان منكوساً في فطرته فإذاً هذه الأشياء لا تحتاج أن تباعد عنها لأن نفسك البشرية تباعد عنها بطبيعتها فيكفي فيها لفظ ﴿حُرِّمَتْ﴾. لأنها لا تحتاج إلى مباعدة لأن النفس تبتعد عنها بطبيعتها فجاءت ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾( ......)عنها فكفى فيها أن تحرم عليك لأن النفس لا ترغب فيها أما لو جئت إلى الزنا والعياذ بالله جئت إلى أكل المال جئت إلى ما يتعلق بالخمر جئت إلى الأنصاب والأزلام هذه التي تؤكل فيها أموال الناس بالباطل وبعض الأشياء التي تظن أنها تخبرك بالغيب بشيء من الغيب أو نحو ذلك هذه أشياء مرغبة ومحببة إلى النفس فلا يكفي فيها أن لا تقع كما في الميتة والدم ولحم الخنزير وإنما ينبغي لك أن تكون بعيد حتى لا تقع لأنك إن اقتربت قد تقع أيهما أبلغ في النهي الآن حرمت أم فاجتنبوا فاجتنبوه فبين لنا هذا المثل حين جمعنا الآيات جمعنا النهي ﴿فَاجْتَنِبُو﴾هذا اللفظ في القرآن جاء على أي نحو وجمعنا ﴿حُرِّمَتْ﴾جاء في القرآن على أي نحو عندما تجمع هذا مع ذلك يتبين لك أن النهي ﴿فَاجْتَنِبُو﴾أبلغ من النهي ب﴿حُرِّمَتْ﴾. من هذا واضح الكلام . قال أحد الطلبة: والآيات التي ذكرت فيها خمر الدنيا ومراحل تحريمها فمنها مثلاً ما غاير بين السكر والرزق الحسن ليبين أن السكر ليس رزقاً حسناً ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[النحل: 67]. ومنها ما نهى عن قربان الصلاة حال السكر فمن أراد أن يشربها فلا يشربها إلا في الليل وفي هذا تضييق لوقت شربها في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾[النساء: 43]. ومنها مادلت على حصول الإثم الكبير بها قال تعالى: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾[البقرة: 219]. ومنها ما صرحت بالتحريم والأمر باجتنابها كما قال تعالى : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة: 90]. إلى قوله تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة: 91]. وفي هاتين الآيتين الأخيرتين اشتملت على ثمانية في أدلة على تحريم الخمر. أجاب الشيخ: نعم أحسنت بارك الله فيك المقصود هنا لما تجمع هذه الآيات فإنك سيتبين لك المزيد على ما سبق فيتبين لك أوجه كثيرة جداً في تحريم الخمر في القرآن يعني قوله سبحانه وتعالى عن خمر الآخرة: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾[الصافات: 47]. الآن هنا هذه الآية تأمل ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾هذا نفي لماذا ما معنى الغول؟ الغول هو الأخذ بشدة الغول هوفي أصل اللغة الأخذ بشدة بمعنى أن معلوم ان خمر الدنيا تأخذ الانسان بالأمراض فتسبب له أمراض شديدة كأنه تغوله غولاً بمعنى أنها تسبب له من الأمراض التي تقيده في حركته تثبت هذا الجسد عما يراد منه من القوة والنشاط والصحة والعافية فهذه الخمر الدنيا ليست كخمر الآخرة ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾فعندما تنظر في هذه الآية ينفي الله عز وجل عن خمر الآخرة أن فيها غول فإذاً خمر الدنيا فيها غول هذا دليل على تحريمها إذا كان في غول يعني في أخذ شديد للأمراض ونحو ذلك إذا كان فيها هذا فإنه لا يجوز للإنسان العاقل فضلاً عن المسلم أن يعرض نفسه لهذا الغول كذلك ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾فمعنى ﴿يُنْزَفُونَ﴾هنا نهي عن أي شيء ؟ هي أن هذه الخمر لا تأخذ الإنسان بشدة والأمراض ونحو ذلك وأيضاً كذلك لا تنزف عقل الانسان لا تذهب عقل الانسان لا تنزف هذا العقل لا تذهبه فإذاً هذه الخمر في الدنيا ماذا تفعل بعقل الانسان؟ تذهبه وتفسده وإذا كانت كذلك تذهب عقل الانسان فالإنسان مكلف فإذا ذهب عقله معناها هو بنفسه أذهب التكليف عنه وهذا لا يجوز له ولا أيضاً كذلك ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾أيضاً كذلك أنه هو يسبب لنفسه إنزاف العقل وكذلك أيضاً بالنسبة لا ﴿يُنْزَفُونَ﴾أنها ليس هناك ما يعرض لهذا الشارب للخمر في الآخرة ليس هناك ما يعرض له من الأشياء التي تجعله يبتعد عن الخمر بل خمر الآخرة كلما شربت منها كلما ازدت رغبة فيها بخلاف خمر الدنيا التي تأخذ الإنسان بأنواع من الأمراض بأنواع من الإنزاف تنزفه قد ذكر أهل الطب في الحديث وذكره قبلهم ابن عباس رضي الله عنهم أن الخمر تسبب للإنسان كثرة الحاجة إلى إخراج الفضلات في ( .....)خصوصاً ما يتعلق بالأشربة ونحو ذلك فهي منزفة له من هنا وهناك لعقله ولجسده ولغير ذلك فعندما تتأمل ما وصف الله عز وجل به خمر الدنيا من جهة أنه وصف خمر الآخرة فأثنى عليه بأشياء ونفى عنه أشياء علم أن هذه الأشياء المنفية عن خمر الآخرة هي ثابتة في خمر الدنيا لأنها ما أصبحت مدح. لخمر الآخرة وخص خمرة الآخرة بهذا المدح إلا أن خمر الدنيا فيه هذه الأمور فإذاً عندما تتأمل وتجع الآيات التي في الخمر وتتكلم مع عاقل يريد أن يفهم وأن يدرك لا شك أنك ستصل معه إلى (كلمة غير مفهومة)ثابت أن هذه الخمر حرام بكتاب الله عز وجل حرام بالسنة الصحيحة الثابتة حرام بإجماع أهل العلم حرام بالعقل والفطرة السليمة حرام من كل وجه واجمع هذه الآيات تجد أمر جميل وجيد فيما يتعلق بالكلام عن هذه الخمر لأن بعض الناس قد بلي فيه بلاء عظيماً فلا تستطيع أن تنزع منه هذا الأمر إلا بأن تأيته من كل وجه كما فعل القرآن مع المشركين بالنسبة لدين التوحيد جاءهم من كل صوب من كل فوج جاءهم من هنا وهناك من فوقهم ومن أسفل منهم جاءهم من كل وجه من أجل أن يقرر قضية التوحيد لأن مسألة الشرك قد علقت بقلوبهم فاحتاجوا أن يأتيهم الأمر من كل وجه حين تسمع أن شارب الخمر مدمن عليها فما تستطيع أن تقنعه بآية بآيتين بأن تأتيه من كل وجه تأتيه بالآية والحديث والإجماع والسنة والعقل والفطرة ومن كل وجه تأتيه فأنت بحاجة لهذا وهذه طريقة قرآنية ثابته في كتاب الله عز وجل بأن يبذل الداعية ما يستطع من كل وجه حتى يستطيع أن يقنع المخالف بترك هذه المخالفة والامتثال بالأمر الذي جاء عن الله عز وجل واضح ننتقل بعد ذلك إلى المثال الثالث . قال أحد الطلبة: المثال الثالث ويمكن أن نمثل بهذا التدرج للشريعة في أحكامها بالجهاد ايضاً فقد مر بمراحل كان في أول الأمر محرماً أي :﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾[النساء: 77]. ثم جاء الإذن به ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾[الحج: 39]. والإذن هنا يدل على أن هناك منعاً صادقاً ثم قتال من يلينا فقط قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[التوبة: 123]. ثم جاء الأمر بالجهاد وقتال الكفار قال تعالى : ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾[البقرة: 191]. ولا يعني ذلك أن هذه الآيات السابقة قد ذهبت من أصل الاستدلال بل هي باقية قد يحتاج إليها في بعض العصور والأزمان. أجاب الشيخ: نعم هذا هو المقصود عندما مثلاً تجمع الآيات التي وردت في الجهاد فأنظر إلى أول ما جاء في الجهاد في قوله سبحانه تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾[النساء: 77]. هذه الآية فيها أمر ظاهر بين فيما يتعلق بالأمر في كف اليد يعني كف يدك وإياك وإياك والقتال وقد ذكر أبو السعود في تفسيره أنه نزل أكثر من بضع وسبعون آية تنهى عن القتال فتصور أكثر من سبعين آية هذه الآيات جميعها تنهى عن القتال هذا في أول البعثة فعندنا أكثر من سبعين آية في كتاب الله تنهى عن القتال وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية وكذلك بن القيم وغيرهم من أهل العلم أن كل آية تأمر بالعفو والصفح والأخذ بالحسنة ونحو ذلك أنها تنهى عن القتال لأنها لما أمرت بالعفو والصفح إذاً فلا قتال ولا جهاد وذكروا أيضاً ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾[الكافرون: 6]. لأنه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الكافرون ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾معنى أن هذا الأمر هو المطلوب في شيء آخر بعد لا في هذه المرحلة إنما يؤمر الداعية أن يقول لهؤلاء الذي عارضوا الدعوة وحاربوها أن يقول لهم لكم دينكم ولي دين بدون قتال وبدون جهاد بالسيف ونحو ذلك إذاً هذه المرحلة كانت ثابتة أنها امتدت مدة طويلة جداً من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن انتقل إلى المدينة بل إنه حتى في المدينة مضت سنتان بدون قتال إنما بدأ القتال في السنة الثانية هذه المرحلة لا ينبغي أن تنسخ عندما تجمع الآيات جميعاً في الجهاد لا ينبغي أن تقول هذه المرحلة قد نسخت وانتهت تماماً لا وإنما هي باقية محكمة ولكنها تنزل في حينها فانظر إلى الآية الأخرى التي بعدها أيضاً والتي جاء فيها الإذن: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُو﴾[الحج:39]. هناك إذن في مرحلة يكون فيها الأمر متقارب فما يكون هناك منع ولا أمر إنما إذن ثم جاء الأمر بعد ذلك بالنسبة للجهاد بأن نقاتل الذين يلوننا :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾[التوبة : 123]. بعد ذلك جاء الأمر بقتال الكفار عموماً : ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾[البقرة: 191]. هذا التدرج لا ينبغي أن ينبغي أن لا يغيب عن بالك عندما تجمع الآيات جميعاً فلا ينبغي أن يغيب عن بالك هذا التدرج فتنتبه إلى آخر آية وردت في كتاب الله عز وجل تنزلت في هذا الشأن ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ثم بعد ذلك تقول هذا هو الأمر يجب قتال المشركين حيث وجدناهم وحيث لقيناهم لا وإنما تأخذ بهذا التدرج نقف عند هذا الحد ونكون هنا قد انتهينا من المرحلة السادسة ونبدأ بإذن الله في الحلقة القادمة في المرحلة السابعة أسأل الله عز وجل لي ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 03-01-09 الساعة 11:02 PM |
03-01-09, 11:17 PM | #35 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تفريغ الدرس السابع والعشرين:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. حياكم الله أيها الأخوة في روضة أخرى من رياض الجنة هذا ثبت في حديث أنس وقد خرج هذا الحديث الإمام أحمد والإمام الترمذي في جامعه ونصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الله قال ( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال : حلق الذكر ) واله الهيثمي وكذلك المنذري وأيضاً الترمذي وجماعة وإسناده لا بأس به، فلما نستفتح هذه الحلقات وهي حلقة من حلقات الذكر فإذاً هي روضة من رياض الجنة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد استعمل هذه اللفظة وهذا المصطلح استخدمه أهل العلم كثيراً فلو تأملت كتب العلم في كلامها عن حلق الذكر وفى فضل حلق الذكر لوجدت أن هذا الأثر يورد كثيراً في هذا الباب وكذلك أورده أيضاً ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب وأورده غيره من الأئمة إذا استخدام هذه اللفظة لا بأس بها أولاً لأنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وصف بها حلق الذكر ثم إن أهل العلم قد جروا وهذا مما يؤكد أولاً ثبوت هذا الحديث وأيضاً يؤكد أن استعمال هذه العبارة في مثل هذا الموطن لا بأس به نعم، ندخل في المرحلة السابعة . سأل أحد الطلبة: شيخ ذكرتم أن تناسب الآيات والسور فأين يكون موقع البحث عن أسباب النزول ؟ أكمل الشيخ: أين يكون البحث عن أسباب النزول؟ أحسنت بارك الله فيك، الكلام عن أسباب النزول بل عن أمور أخرى كثيرة لم تذكر في هذه المراحل أولاً ينبغي أن يعلم أن هذه المراحل إنما هي من قبيل التمهيد والتوطئة لما يتعلق بالكتب المصنفة في علوم القرآن، عندنا عدد كبير جداً من علوم القرآن هذه الكتب لا غني عنها أبداً فيما يتعلق بتفسير كتاب الله عزّ وجلّ وهذا الذي تدرسونه لا يعني أنه يغنيك عن تلك أبداً إنما هي توطئة وتمهيد لكي تستفيد من هذه الكتب بأكبر قدر ممكن، مشكلة كثير من طلبة العلم في هذا الباب أنه يقبل على كتب علوم القرآن على مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في التفسير على كلام الإمام السيوطي في عدد من كتبه على قواعد منثورة لأهل العلم في هذه الأبواب ولكنه لم يمهد نفسه ولكن يهيئ هذه النفس بأمور تجعل من فهم تلك الكتب أمراً ميسراً واضحاً جلياً بل تجعله يستطيع أن يفهم تلك الكتب فهماً كاملاً فهذا هو المقصود هنا المقصود هنا أن ننتقل من المرحلة الأولية التي فيها توطئة وتهيئة ثم بعد ذلك نكون قد دخلنا في حيز النظر في كتب أهل العلم في الإتقان للإمام السيوطي في البرهان للإمام الزركشي وغير ذلك من الكتب أو أيضاً في مقدمة شيخ الإسلام بن تيميه في علوم التفسير هذا من جهة فليس ما ذكروه بمستغن عنه أبداً وإن ما نذكره لك هو توطئة وتمهيد لتلك الكتب هذه جهة الأمر الآخر أن ما يتعلق بأسباب النزول ما يتعلق بالناسخ والمنسوخ ما يتعلق بأشياء كثيرة ستجدها في كتب أهل العلم ما يتعلق بأن أولى التفسير هو تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بكلام الصحابة والتابعين ثم بلغة العرب ونحو ذلك من الكلام الذي تجده مسطراً في كتب علوم القرآن هذا الكلام هو مضمن في الحقيقة لهذه القواعد أيضاً كذلك لو تأملتها بشيء من التوسع شيء من البسط فعندما نتكلم مثلاً عن معرفة القواعد والضوابط التي تعين على الترجيح عند اختلاف المفسرين هذه القاعدة يدخل فيها كلام كثير جداً للأئمة رحمهم الله فيما يتعلق بعلوم القرآن فإن كثيراً من هذه القواعد في كتب علوم القرآن تعينك في ماذا ؟ في الترجيح فهي عبارة عن قواعد للترجيح أيضاً انظر إلى القاعدة التي قبلها المرحلة السادسة ذكرت لك ما يتعلق بجمع الآيات التي تكلمت عن موضوع واحد محدد معين هذه الآيات عندما تجمعها تبين لك الناسخ والمنسوخ تبين لك ما يتعلق بأشياء كثيرة حتى تبين لك ما يتعلق بأسباب النزول لأنك إن ضمنت الآيات ثم نظرت في تفسير الآيات وقد اخترنا لك من كتب التفسير تفسير ابن جرير أو تفسير بن كثير أو الدر المنثور عندما تنظر في تفسير هذه الآيات هذه الكتب المصنفة في التفسير بالمأثور قد ذكرت أسباب النزول فإذًا هذه الأمور ستأتي معك تبعاً لهذه القواعد المنثورة ولكنها ستأتي ليس على أنها أصل في الباب وإنما تستفيد منها في معرفة وفهم الآيات وإذا عرفتها كأصل عندئذ تحتاج أن تتوسع بعد هذه القواعد بعد هذه المراحل تكون قد هيئت نفسك للدخول فيما يتعلق بالكتب المصنفة في علوم التفسير وتكون قد أخذتها بعد توطئة بعد تمهيد بعد استعداد علمي لفهم هذه الكتب المصنفة المهمة في هذا الباب ولذا أذكر لك أمراً فيما يتعلق بالنظر في هذه الكتب والدخول في هذا العلم بدون توطئة وتمهيد هو الذي جعل كثيراً من الناس ممن يقرأ هذه الكتب في علوم القرآن لا يشعر بأهميتها فعندك عدد كبير جداً من طلبة العلم درسوا الإتقان مثلاً في علوم القرآن للإمام من ؟ للإمام السيوطي رحمه الله، الإتقان في علوم القرآن عندما كنا نحن نقرأه في الجامعة أو كانوا أيضاً الأخوة كذلك يقرأونه في الجامعة ويتدارسونه هل شعر الإنسان بشيء من فائدة هذه الكتاب في تفسيره لكلام الله عزّ وجلّ ؟ قد يكون الشعور بسيط وليس بالكبير لم؟ لأنه لم يفهم هذه القواعد على وجهها ولم يفهم كيف يطبقها على كتاب الله سبحانه وتعالى وهذا الأمر الذي لا نريده نريد أن تستعد وأن تتهيأ عندما تقبل على هذه الكتب تكون عندك من الآلة تكون عندك من التهيئة ما تستطيع به بإذن الله عزّ وجلّ أن تفهم هذه الكتب فهماً جلياً واضحاً بيناً وإلا فمقدمة شيخ الإسلام بن تيميه في علوم التفسير جليلة لكنها لم يتعرض لكل مسائل التفسير كتاب البرهان للزركشي في علوم القرآن أيضاً جليل ولكنه أيضاً لم يتعرض لكل شيء وأنت عندما تقرأ في البرهان مثلاً لن تستطيع أن تستوعب منه ما كتبه ذاك الإمام إلا إذا كان عندك من المقدمات ما يهيئك لفهم هذه الكتب واضح الكلام؟ إذا لا نستغني عن هذه الكتب أبداً وإنما هنا فيه إشارات وفيه أبواب وفيها مفاتيح تهيئ لكل شيء مما يتعلق بهذه الكتب المهمة الجليلة التي صنفها أئمة أهل العلم ممن كتب في تفسير كتاب الله عزّ وجلّ، نعم ندخل في المرحلة السابعة اقرأ. قرأ الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم المرحلة السابعة معرفة القواعد والضوابط التي تعين على الترجيح عند اختلاف المفسرين فأولاً ينبغي أن يعلم أن الاختلاف عند الأئمة في التفسير أقل منه في سائر العلوم فإن الناظر في كتب المفسرين يدرك إدراكاً بيناً أن اختلاف السلف في تأويلهم لكتاب الله ليس كاختلافهم في سائر الحلال والحرام بل هو دون ذلك بكثير وأكثر ما وقع من الاختلاف عند السلف هو من قبيل اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد كما قرره ابن حزم رحمه الله وتبعه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وابن رجب وغيرهم كثير من أئمة السلف وذلك راجع إلى أن هذا الكتاب محكم بين ظاهر فيما يدل عليه كما قال تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴾[البقرة:2]. وقال: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾[هود:1]. ومما يدل على ذلك أيضاً أنه قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾[النحل:44]. فهو مأمور بالبيان ولم يكن منه صلى الله عليه وسلم أن يتخلف عما أمر به ومع ذلك فإن تفسيره صلى الله عليه وسلم للفظ القرآن قليل أيضاً فإذا تقرر هذا فإن أكثر الخلاف في التفسير إما وقع من المتأخرين من السلف وكثرة الخلاف عند المتأخرين تعود إلى أسباب. أكمل الشيخ: نعم هذه المقدمة فيما يتعلق بالخلاف عند المفسرين إذا أردنا أن نعرف القواعد والضوابط التي تعين على معرفة الراجح عند اختلاف المفسرين يجب أن نعلم أن هذا الاختلاف عند المفسرين رحمهم الله ليس بالكثير أبداً الاختلاف عند المفسرين قليل جداً إذا ما قورن بالاختلاف عند أهل الفقه مثلاً أو عند أهل الأصول أو عند أيضاً كذلك أهل الحديث فالاختلاف عند المفسرين قليل إذا ما قورن بغيره خصوصاً فيما يتعلق بتفسير السلف يعني تفسير الأئمة الأوائل رحمهم الله الخلاف بينهم قليل وإن ما جرى الخلاف عند المتأخرين وتوسع لأمور ستسمع بعضها ولكن أريدك أن تنتبه لقضية وهي أن الله عزّ وجلّ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نُزِّل إليهم لأن الله عزّ وجلّ قال عن نبيه ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ فهذا أمر من الله عزّ وجلّ بأن يبين للناس ما نُزِّل إليهم، النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عنه من تفسيره لكتاب الله عزّ وجلّ لم يأتِ عنه إلا أحاديث قليلة في تفسير هذا الكتاب العظيم يعني تفسيره للفظ القرآن وإن كان فعله صلى الله عليه وسلم من أوله إلى آخره حياته صلوات ربي وسلامه عليه من أولها إلى آخرها إنما هي تفسير لكتاب الله ولكن الكلام الآن عن التفسير اللفظي أن يفسر القرآن بلفظه لم يأتي كثير في السنة في تفسيره لكلام الله عزّ وجلّ وذلك لأن هذا القرآن في أصله ماذا واضح وظاهر بيّن فمن يقرأه وهو يتكلم بلسان عربي مبين سيفهم هذا الكلام فلا حاجة إلى تفسير الواضح وتبيين البيّن وإنما الحاجة لتبين ما لم يتضح فعندئذ لم يكن الكلام منه صلى الله عليه وسلم في تفسير القرآن كثيراً كذلك بالنسبة للصحابة وإن كان الأمر أكثر لكن أيضاً لم يكن بالكثير كما هو الحال عند المتأخرين إذاًَ القرآن في أصله واضح ولذا قل الخلاف جداً عند السلف رحمهم الله في تفسيرهم لكلام الله عزّ وجلّ وهذه القضية يجب أن تنتبه لها لأنك تتعامل مع كتاب الله عزّ وجلّ وجل فإذا كنت على يقين بأن أكثر ما جاء من الآيات إنما هي محل إجماع في تفسيرها وتأويلها فعندئذ يكون في نفسك نوع طمأنينة نوع ثقة بالاستفادة من كلام أهل العلم في تفسيرهم لكلام الله عزّ وجلّ بحيث أن المسائل المختلف فيها قليلة إذاً فالبقية هي محل ماذا ؟ هي محل المختلف فيه قليل فالبقية تكون محل ماذا ؟ اتفاق، محل إجماع منهم رحمهم الله إذاً عندما تقرأ كتاب الله وتعلم أن الاختلاف في تأويل كتاب الله قليل يطمئن النفس تطمئن هذه النفس وترتاح إلى أن تتعلم كتاب الله وأن تتفقه فيه وتتفرغ لمسألة الاستنباط والبيان والإيضاح ومزيد إخراج المعاني اللطيفة والجميلة من كتاب الله سبحانه وتعالى أما مسألة الاختلاف فالحمد لله فهي قليلة، نعم هناك اختلاف موجود ولكنه قليل جداً إذا ما قورن باختلاف الفقهاء واختلاف المحدثين أو اختلاف اللغويين كذلك، هذه هي التوطئة والتمهيد الذي لابد منه قبل الخوض فيما يتعلق بالقواعد المرجحة عن المفسرين. قرأ الطالب: أولاً ضعف الآلات التي تعين على فهم القرآن في اللغة والنحو والبلاغة وسائر علوم اللسان وكذلك ضعف ما يتعلق بالأصول التي يستعين بها المرء على فهم آيات الكتاب كأصول الفقه وأصول الحديث ونحو ذلك. أكمل الشيخ: نعم هذا هو الأمر الأول الذي حقيقة تلحظه بيّن في كثير من المتأخرين عندما يتعرض لكلام الله عزّ وجلّ في تفسيره فهذه الآلات حينا تكون ضعيفة لا تكون قوية فعندئذ يكون نظره في كلام الله عزّ وجلّ بل نظره في كلام السلف في كلام الأئمة المحققين في هذا الباب ليس نظراً كاملاً وافيا وإنماً يكون نظره فيه ضعف فيه قصور فعندئذ يخالف فلا يعجبه كلام من تقدمه ولا يرتاح إليه ولا يطمئن فيأتي بمخالفة لهذا القول لكلام من تقدمه من أهل العلم فيحصل هنا خلاف يأتيه الآخر فيخالفه لأن نظر هذا يختلف عن نظر ذاك فإذا تقرر هذا حصل عندئذ خلاف كبير جداً فيما يتعلق بتفسير الآيات ولذا تلحظ أن كتب التفسير المتأخرة فيها خلاف واسع بينما تجد أن كتب التفسير المتقدمة لا تجد فيها هذا الخلاف الذي يسمى بخلاف التضاد أو الخلاف الذي فيه تعارض بين الأقوال بينما عند كثير من المتأخرين تجد هذا ظاهر وهذا هو السبب الأول وهناك سبب آخر لابد وأن ننتبه له جيداً لأنه له أكثر كبير فيما يتعلق بالفهم الخاطئ لتفسير كثير من آيات كتاب الله عزّ وجلّ، أقر. قرأ الطالب: ثانياً أن كثيراً من كتب المفسرين عند المتأخرين لم يكن على جادة السلف في علوم الكتاب والسنة بل كانوا في علوم الاعتقاد على طريقة أهل البدع سواء كان ذلك من الابتداع فيما يتعلق بتوحيد الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات أو كان ذلك في غير مسائل الاعتقاد كبدعة التقليد والتمذهب من غير نظر في الدليل أو الحجة التي أخذ منها هذا القول ولذا نشأت أقوال في السلف لم تأتي عن السلف رحمهم الله بسبب تعصب المفسر لعقيدته أو مذهبه أو لشيخه أو لفنه الذي يتقنه ونحو ذلك. أكمل الشيخ: نعم، ولذا نشأت أقوال في التفسير لم تأتي عن السلف رحمهم الله سبب هذه الأقوال هو حيناً أن يكون هناك خلاف في الاعتقاد فعندنا المفسر وهو يريد أن يفسر عقيدة وظنها أنها الحق فأخذ يفسر كتاب الله عزّ وجلّ وقد بنى هذا التفسير على ما اعتقد فأخذ يئول كتاب الله سبحانه وتعالى يحمله على محامل وإن كانت بعيدة يدعى المجاز البعيد يأتي بقرائن كثيرة جداً يريد أن يؤول هذه الآية لتتوافق مع ما كان قد اعتقده قبل هذه الآية فلذا يحصل الخلاف حيناً يكون أيضاً ليس لخلاف عقدي وإنما يكون لخلاف فقهي فيأتي متمذهب بمذهب من المذاهب مذهب الحنفية المالكية الشافعية الحنابلة وغير ذلك من المذاهب فيريد أن يفسر كتاب الله عزّ وجلّ ليوافق هذا الموطن من كتاب الله ما اعتقده هو من القول في هذه المسألة فعنده راجح في هذه المسألة بناه على تمذهبه بمذهب محدد معين فيقول بهذا القول فإذا جاءت الآية أراد أن يفسر الآية لكي توافق ما ذهب إليه وما اختاره وما ارتضاه من المذاهب وهذا الأمر كثير أيضاًَ كذلك في كتب التفسير وهي في أكثر كتب التفسير التي تأثرت بنوعين من البدعة إما أن يكون هذا الابتداع يتعلق بالعقيدة بالتوحيد فيريد أن يفسر القرآن تفسيراً يوافق مذهبه وعقيدته وإما أن يكون بالبدعة الأخرى وهي بدعة التعصب الممقوت الشديد الذي يتعصب فيه الإنسان لقول إنسان كائناً من كان من الناس ثم يأخذ يفسر الآيات ويئول أيضاً كذلك الأحاديث التي جاءت في هذا المعني من أجل أن توافق مذهبه فتلحظ هذا حقيقة في كتب الأحكام كتب أحكام القرآن وهي كثيرة التي صنفت في أحكام القرآن سواء كانت مصنفاً في المذهب الحنفي في المذهب المالكي في المذهب الشافعي في المذهب الحنبلي تجد أن من تعصب لهذه المذاهب إذا أراد أن يفسر آيات الأحكام في كتاب الله سبحانه وتعالى تجد أنه يلوي عنق هذه الآيات لتوافق ما ذهب إليه هو فينتبه لهذا وتجده أيضاً عن بعض المفسرين الذين امتلئوا ببعض العقائد المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة فيحرف الآيات ويريد أن يجعل الآية إلا أن تدل على هذا المعني وهي أبعد ما تكون عن ذلك فينتبه لهذين النوعين من كتب التفسير حتى لا تؤثر على القارئ في فهمه للآية التي يطلع على كلام المفسرين فيها. قرأ الطالب: ثالثاً قلة الاطلاع على تفاسير السلف ومعرفة ما يثبت منها وما لا يثبت وهذا الباب الناس فيه على طرفي نقيض منهم يهمل الأسانيد إهمالاً كلياً فلا يعتد بها في الآثار المروية عن السلف ومنهم من يبالغ في ذلك حتى أنه يعامل ما جاء من الآثار في أبواب السلف كمعاملة ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث الحلال والحرام وهذا وذاك كلاهما خطأ في فهم منهج السلف. أكمل الشيخ: أحسنت يا بارك الله فيك، سنواصل بإذن الله بعد فاصل قصير ثم نعود إلى استكمال النقطة الثالثة التي تتعلق بأسباب حصول الخطأ في التفسير عند كثير من المتأخرين. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى كنا في الكلام عن أسباب حدوث الخطأ في كثير من كتب المتأخرين ووقفنا عند السبب الثالث، نواصل ما كنا قرأناه نعم اقرأ. قرأ الطالب: المنهج الحق بين هذا وذاك هو أن الأسانيد التالفة المكذوبة الموضوعة التي تُروى بها هذه الآثار لا يعتد بها مطلقاً أما ما كان صحيحاً أو حسناً أو ضعفه يسير لضعف الراوي أو إرسال أو نحو ذلك من أسباب الضعف فإن الأصل في مثل هذه المرويات أن تقبل وأن يعتد بها ما لم يكن في متنه نكارة أو شذوذ فعندها لا ينظر في هذا المتن مطلقاً ولا يعتد به في حال من الأحوال بل لو جاءنا أثر ظاهره الصحة وفى متنه نكارة فأنه لا يقبل بل يضعفه الإسناد ويرد على من رواه وهذه هي طريقة أهل السنة والجماعة من المتقدمين والمتأخرين رحمهم الله ومثال ذلك أسانيد تفسير ابن جرير الطبري لو تعاملنا معها كتعامل أهل الحديث مع كتب الحديث لرددنا أكثرها لكن أهل العلم تقلبوا كتابه وما فيه من الأسانيد وقد ذكر الإمام أحمد أن ثلاثة كتب ليس لها أصول المغازي والملاحم والتفسير ومن نُقل عنه جواز التساهل في ذلك عبد الرحمن بن مهدي فإنه قال لو روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا في الرجال وإذا روينا في الفضائل والثواب والعقاب تساهلنا وقال الإمام أحمد الأحاديث في الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجئ شيء فيه حكم. أكمل الشيخ: أحسنت يا بارك الله فيك، نعم هذه المسألة أيها الأحبة من أهم ما يكون لطالب علم التفسير وعلم الحديث في آن واحد فالآن أنت مفسر تريد أن تتعرض للتفسير عندك أسانيد تُروى بها تفاسير السلف رحمهم الله فكيف تتعامل مع هذه الأسانيد التي تُروى في كتب التفسير عندنا أسانيد تُروى في كتب التفسير وهذه الأسانيد قد تعامل معها أهل الحديث تعاملاً خاصاً مختص بالأسانيد المروية في كتب التفسير هناك من الناس من يتعامل مع هذه الأسانيد المروية في كتب التفسير، كن معي سندخل الآن في مسألة يعني مسألة دقيقة جداً تتعلق بعلم الحديث ولها علاقة بعلم التفسير وتستطيع أن تقول على عكس هذا الكلام مسألة دقيقة جداً تتعلق بعلم التفسير ولها علاقة بعلم الحديث فهي من هنا وهناك الكلام في هذه المسائل يأتي على طرفين هناك من يقول بأن الأسانيد التي في كتب التفسير يتعامل معها كالأسانيد التي في كتب الحديث ورُوي بها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيريد أن يعامل الأسانيد المروية في كتب التفسير كما يتعامل مع الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتب الحديث المختصة بالحلال والحرام ونحو ذلك فينظر مثلاً في سنن أبي داود في أسانيده في تحقيق الكلام في صحة الحديث من ضعفه كما أنه ينظر نفس النظر في تفسير ابن جرير الطبري في تفسير ابن كثير في تفسير البغوي في كل التفاسير التي تنقل الأحاديث وتنقل الآثار بالإسناد وهذا مما لا ينبغي أبداً فإن أهل الحديث وهم أهل الحديث الذين أخذ عنهم الاصطلاح وأخذ عنهم علم الحديث أصلاً أخذ عنهم لم يتعاملوا مع كتب التفسير كما يتعاملوا هم مع كتب الحلال والحرام مع الكتب المروية بالأسانيد التي فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يُروى فيه حلال وحرام بل جعلوا لهذه شأن وقدر وجعلوا لتلك شأن وقدر آخر فإذا ما يتعلق بالأسانيد المروية في كتب التفسير كان أهل الحديث يتساهلون فيها هذا وجه يتساهلون فيها ولا يشددون بل إن نظرهم غالباً ما ينصب على المتن فإن كان المتن مستقيم وليس فيه نكارة وليس فيه مخالفة لظاهر الآية والآثار الأخرى التي تُروي في نفس الباب جاءت متوافقة معها فعندئذ أهل الحديث يقبلون هذا الإسناد الذي رُوي فيه هذا المتن لتوافقه مع دلالة الآية لتوافقه مع بقية الآثار ليس فيه مخالفة ليس فيه نكارة ليس فيه شذوذ فيقبلونه و يتحملونه وإن كان في الإسناد ضعف يسير إن كان في الإسناد جهالة يسيرة إن كان في الإسناد إرسال أو انقطاع يسير ونحو ذلك فإنهم يتحملون هذا ولا يشددون في ذلك كما نقل الكلام عن الإمام أحمد رحمه الله وهذا بيّن ظاهر في نقول أهل الحديث في كتب التفسير التي صنفوها رحمهم الله فإن ابن جرير من أئمة التفاسير الأكابر وهو أيضاً من علماء الحديث الأكابر وقد اختار لتفسيره أسانيد قوية عنده صالحة لما يتعلق بالتفسير فهو إمام في الحديث إمام في التفسير فانتقى من الأسانيد ما ضمنه هذا التفسير العظيم وقبل بعض أهل الحديث منه هذا وما زالوا يروون هذا الكتاب ويعظمونه ويجلونه بل إنهم يعدون هذا الكتاب من أعظم ما صنف في تفسير كلام الله سبحانه وتعالى وانظر إلى غيره أيضاً ممن صنف في كتب التفسير من أهل الحديث انظر إلى ابن أبى حاتم و من المعلوم أن تفسير ابن أبى حاتم هو من أنظف الكتب التي رُويت فيها الأسانيد بالآثار التي فسر التابعون فيها آيات الكتاب العزيز وذلك أن هذا الإمام وهو ابن أبي حاتم رحمه الله جاء ليجمع الآثار القوية المتينة التي ليس فيها مخالفة ولا شذوذ ولا نكارة في كتاب واحد فجمع هذا الكتاب العظيم، الكتاب من المعلوم فُقد منه ما فُقد وجد منه قطعة وقد طبع منه جزء والبقية منه مخطوط لكن فيه جزء كبير منه لم يعثر عليه إلى الآن لكن محل الشاهد هنا أن أهل الحديث عندما يتعاملون مع تفسير ابن أبى حاتم يتعاملون معه وكأنهم يتعاملون مع كتاب صحيح في جمع الآثار التي فسر بها التابعون آيات الكتاب، كيف هذا ؟ انظر إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يتكلم عن تفسير بن أبى حاتم إذا أراد أن يتكلم عن تفسير ابن أبى حاتم يقول ماذا؟ قال : ابن أبي حاتم في صحيحه هكذا عبارته رحمه الله ابن القيم لا يكاد يذكر تفسير ابن أبي حاتم إلا ويقول: قال ابن أبى حاتم في صحيحه ويقصد في تفسيره فهم يصفون هذا الكتاب بأنه ماذا ؟ بأنه صحيح ويجعلون هذا الوصف ثابتاً لهذا الكتاب لم؟ لأجل أن هذا الكتاب وإن وجدت فيه بعض الأحاديث أو بعض الآثار المنقطعة بعض الآثار التي فيها جهالة في الرجال إلا أن في جملة ما رُوي في هذه الكتب من الآثار أنها مستقيمة سليمة ليس فيها شذوذ ليس فيها نكارة ليس فيها ما يستغرب وإنما هي موافقة لمعاني الآيات موافقة لما جاء عن السلف رضوان الله عليهم أجمعين في تفسير هذه الآية ولذا في التفسير يخففون في الشرط ولا يتشددون في هذا الباب كثيراً هذا كان ديدنهم وهذه هي طريقتهم ويعني من شدد في هذا الباب كما هو حال بعض المعاصرين أجحف فيما يتعلق بالآثار المروية في التفسير ولذا تجد أنه يحقق مثلاً كتاب في التفسير ككتاب مثلا ابن كثير أو كذلك غيره من الكتب تجد أنه في الأغلب إذا مر على هذه الأحاديث الآثار المروية يقول لك الإسناد ضعيف الإسناد ضعيف الإسناد ضعيف الإسناد منقطع يا أخي الفاضل ليس الأمر على النفي أبداً ليس الأمر على هذا النحو في التعامل مع هذه الكتب مطلقاً هذه الآثار هي التي اعتمدها أهل العلم في تفسير كلام الله عزّ وجلّ وإذا أردنا أن نسقطها سنسقط جملة كبيرة جداً من الآثار المروية في كتب التفسير وهذا لا ينبغي مطلقاًَ يعني سنترك كثير مما جاء عن السلف في تفسير كلام الله من أجل هذا العمل وهذا لم يكن منهم تأمل كلام الأئمة المحققين رحمهم الله في تفسيرهم لكلام الله كيف كان وكيف يكون إنما كان على هذا النحو انظر إلى المحققين منهم كيف ساروا مع هذه الكتب كيف تعاملوا معها أنت أيضاً أيها المبارك سر على طريقتهم أما أن تأخذ القواعد التي أصلها أهل الحديث لأجل التعامل مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسائل الحلال والحرام في مسائل الاعتقاد ونحو ذلك ستأخذ هذه القواعد تريد أن تطبقها على الآثار المروية في التفسير فإن هذا فيه غبن لهذه الآثار وفيه ظلم لها وفيه عدم حسن تعامل معها وأهل الحديث الذين صنفوا وقعدوا في هذه المسائل هم الذين أيضاً تعاملوا أيضاً مع هذه الأسانيد وهذه المرويات على نحو آخر وهذا ليس بخاص فيما يتعلق بالحديث والتفسير ، لا حتى فيما يتعلق ببقية العلوم فعند المفسرين أولاً أسانيد مقبولة ليست مقبولة عند أهل الحديث يقبلها أهل الحديث في التفسير ولا يقبلونها في الحديث لأنها أسانيد قد نُقلت بها الآثار وقبلها الأئمة رحمهم الله في نقل الأخبار في هذا الشأن عن التابعين عن أتباع التابعين بل أيضاً عن الصحابة ولن يقبلوها في الحديث لأنهم رأوا أن هذه الأسانيد لم تبلغ من القوة ما يصحح به الحديث إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصاً إذا كان في الحلال والحرام، الكلام في هذه المسألة قد يطول قليلاً ولكن أكتفي بهذا القدر وأرجو أن يكون الكلام واضحاً لأنه قد يلبس وقد يأتيك إنسان فيقول لما لا نتعامل مع هذه الأسانيد كما نتعامل مع تلك الأسانيد بل إن بعضهم قد قرأت هذا قريباً لبعض المصنفين أراد أن يعامل كتب التاريخ كما تعامل أهل الحديث مع كتب الحديث ومن أراد أن يتعامل هذه المعاملة مع كتب التاريخ على طريقة أهل الحديث في كتب الحديث فإنه سيخرج بنتيجة وهو أنه لا يثبت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً من التاريخ أبداً إلا اللهم أقل القليل المروي في الصحيحين وفى غيرها من الكتب التي اختصت بالصحيح ولم ترضَ إلا أعالي الأسانيد ويكون هذه الكتب المصنفة في التاريخ تكون كلها لا معني لها ولا قيمة منها لأجل أن أسانيدها ليست على صنو وليست على قدر الأسانيد المروية في كتب الحديث وهذا ظلم لتلك الكتب وظلم لهذه الفنون بل إن الله عزّ وجلّ لم يأمرنا بذلك بل أمرنا سبحانه وتعالى أن نجعل لكل شيء قدراً فالأسانيد التي تُروى بها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لها قدر أما الأحاديث التي تروى في فضائل الأعمال ونحوها لها قدر وكذلك ما يتعلق بالآثار لها ليست كقدر الأحاديث المرفوعة وهكذا يعني أنزل كل شيء منزله وكما في الأثر المروي عن عائشة (أنزلوا الناس منازلهم) فكل شيء ينزل في منزلته أما أن تجعل هذا لذاك فكأنك تأتي بثوب مفصل لإنسان كبير يعني الذي يتعامل مع كتب التفسير كتعامله مع كتب الحديث فيما يتعلق بالأسانيد كأنه يأتي بثوب مفصل لإنسان كبير في حجمه ثم يريد أن يلبسه فتى صغير أو أيضاً العكس يأتي بثوب مفصل لإنسان صغير في حجمه في عمره فيريد أن يلبس هذا الثوب لإنسان كبير في حجمه لا لكل فن لبوس خاص به ولكل طائفة تعامل مع هذا الفن الذي اختصوا به يجب أن تعطي كل فن حقه وقدره ولا تخلط بين الفنون فلا تظلم هذا وذاك ولا تظلم هذا بذاك ونحن لا نرضى أيضاً كذلك لأهل أصول الفقه أن يتعرضوا لعلم مصطلح الحديث لأنهم لا يفهمون في هذا الباب فيتعرضون من كتب أصول الفقه فيتعرضون لأصول الحديث فيقعدون القواعد ويبنون البناء فيما يتعلق في كيفية التصحيح والتضعيف فتجد عجبا في هذا الباب لا ينتهي تجد في كتب أصول الفقه عجباً لا ينتهي ولا ينقضي مطلقاً وأنت تنظر في كتب أصول الفقه كيف تعاملوا مع أسانيد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك إلا للخوف الذي حصل عند بعض الناس فيما يتعلق بالفنون فحكموا من هذا الفن على ذاك الفن ومن ذاك الفن على هذا الفن فحصل ما حصل في مزج العلوم على صفة لا تنبغي أبداً إنما لكل علم ما يكون مناسباً له ولكل فن ما يكون خاصاً به، واضح الكلام،الآن نبدأ ندخل في مسألة وهي ما يتعلق باختلاف المفسرين من أي نوع هو ونعرض سريعاً حتى ننقضي منها بإذن الله عزّ وجلّ وأتأكد من أنها وصلت بالصورة المرتضاة، أقرأ، والمقصود باختلاف المفسرين قرأ الطالب: والمقصود باختلاف المفسرين هو اختلاف التضاد وهو أن يكون القول معارضاً للقول الآخر بحيث لا يمكن أن يجمع بينه وبين القول الثاني لا أن أحد القولين فيه زيادة على الآخر ونحو ذلك فهذا ليس مقصوداً هنا فإن كثيراً من كلام الأئمة أهل السنة فيه زيادة على تفسير أهل السلف فهذا من باب الاستنباط والتدبر والتفكر في آيات الكتاب العزيز وهذا محمود من السلف والخلف وليس هو اختلاف تضاد ولذلك ينبغي أن يعلم أن قول القائل بهذا القول لم يأتي عن السلف في التفسير لا يعني أن هذا التفسير باطلاً ينكر على قائله فهذا ليس بصحيح وإنما ينظر في هذا التفسير فإن كان معارضاً مناقضاً لما جاء عن السلف رد على صاحبه وإن كان تابعاً له مع زيادة دل عليها السياق فإنه يكون مقبولاً بل محموداً يثنى على صاحبه بالعلم والفضل. أكمل الشيخ: أحسنت يا بارك الله فيك، لا يعني أن هذا التفسير باطل وهذه المسألة أريدك أن تنتبه إليها قبل أن نختم هذه القاعدة وهي أن المراد باختلاف المفسرين هو ما يتعلق باختلاف ماذا؟ اختلاف إيش ؟ اختلاف التضاد، اختلاف التعارض أما إذا كان الاختلاف مجرد أن المتأخر زاد على المتقدم من دون خلاف بينهم خلاف تعارض فإن هذا ليس بمذموم أبداً وإنما هو ممدوح إذا كان هذا المعني الذي استنبطه صحيحاً فإن هذا يكون ممدوحاً ليس بمذموم أبداً وإنما الذم متى ؟ الذم إذا كان هناك اختلاف تعارض وتناقض وجاء إنسان بقول متأخر فيه مخالفه لكل من تقدمه من أهل العلم ومعارضة لهم يريد أن يفسر الآية على جهة يكون فيها إبطال للتفسير السابق مع إجماع أهل العلم على ذاك التفسير أو على تفسير لا يوافق هذا التفسير الحادث هذا هو المقصود أما أن يأتي بزيادة يأتي باستنباط يأتي بفائدة يأتي بأمر مستحسن ومعنى لطيف من كلام كتاب الله عزّ وجلّ يستنبطه من الآيات فإن هذا لا إشكال فيه ولذا لما تتأمل في كتب أهل العلم تجد هذا كثير جداً يعني تأمله مثلاً في تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور تجد أنه استنبط أشياء كثيرة جداً لم يسبق إليها أبداً وهي جملية عند أهل العلم ممدوحة ليست بمذمومة لأنه ليس هناك تعارض بينها وبين ما يذكره هو وإنما هي موافقة لما جاء عما تقدمه من أهل العلم انظر مثلا إلى ما سطره ابن القيم أيضاً كذلك في كتابه الفوائد تجد أشياء جميلة غاية في الجمال والروعة يرتاح إليها الناظر ويأنس بها المتأمل لما؟ لأنها موافقة ليست مخالفة وإنما فيها زيادة في الاستنباط زيادة في الدلالة وهذا كثير جداً في كلام أهل العلم إذاً المعارضة التي ينهي عنها والاختلاف الذي يحتاج إلى ترجيح هو الاختلاف الذي فيه تضاد فيه تعارض أما الاختلاف الذي مجرد زيادة خلاف تنوع زيادة في المعني استنباط تفقه تأمل تفكر تدبر فهذا مما لا إشكال فيه عند الأئمة رحمهم الله لا من تقدم ولا أيضاً من تأخر، نعم نريد أن نعرض الآن إلى قضية مهمة في هذه القاعدة وهي ما يتعلق بالقواعد القاعدة الآن معنا عندنا مرحلة سابعة تضم معني وهو أن عندنا أقوال في كتب التفسير حصل فيها خلاف بين المفسرين فنحتاج إلى قرائن إلى قواعد ترجح عند اختلاف المفسرين فنريد أن نتكلم عما يتعلق بهذه القواعد التي تعينك على الترجيح عند اختلاف المفسرين ترجح قولاً على قول نتكلم سريعاً عن هذه المسألة ثم نعود بإذن الله عزّ وجلّ إلى فتح باب الأسئلة. قرأ الطالب: القواعد، القواعد كثيرة تصل إلى مائة قاعدة وقد صنفت في ذلك رسائل جامعية منها: قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور/ حسين بن على بن الحسين الحربي وهناك كتاب آخر اسمه قواعد التفسير جمعاً ودراسة للدكتور/ خالد السبت، وهناك قواعد منثورة في كتب المتأخرين منها ما ذكره الطاهر بن عاشور في أول كتابه ومنها ما ذكره ابن السعدي في أول كتابه في التفسير وهناك قواعد مبثوثة في كتاب مقدمة التفسير لشيخ الإسلام وهناك أيضاً قواعد مهمة للغاية في الفوائد وفى فوائد الفوائد وفى بدائع الفوائد لابن القيم وللسيوطي رحمه الله كذلك فوائد جيدة ذكرها في عدد من كتبه وفى كتاب البرهان للزركشي والإتقان وعموم كتب علوم التفسير لا تخلو من فائدة في هذا الباب. أكمل الشيخ: أحسنت يا بارك الله فيك، نعم هذا الكلام عن الكتب التي صنفت شيئاً فيما يتعلق بالقواعد هناك مصنفات جيدة في هذا الباب وقد جمعت هذه القواعد بعض المصنفات المعاصرة وقد ذكرت لك منها رسالة جامعية اسمها قواعد الترجيح عند المفسرين للدكتور/ حسين الحربي وهذا الكتاب من أجمل ما يكون في الكلام عن قواعد الترجيح عند المفسرين وهو مفيد إلى الغاية وهو مفيد إلى الغاية هناك كتاب آخر للدكتور/ خالد السبت اسمه قواعد التفسير جمعاً ودراسة وهذان الكتابان لعلهما يكفيان كافي هذا الباب في مسألة القواعد المعينة على الترجيح عند اختلاف المفسرين فأرجو أن تستفيد منهما إن أمكنك أن تحصل على نسخة من هذا الكتاب أو من ذاك فإن هذا مفيد لك إلى الغاية لأنها جمعت هذه القواعد بينتها ضربت الأمثلة تكلمت عن الترجيح ذكرت أقوال المفسرين الأوائل في هذا الكتاب وهذا كما ذكرت لك مفيد جداً في هذا الباب لأن الكلام عنها هنا تفصيلاً يطول جداً ولا داعي له فما دام أن هذه القواعد قد خدمت فنكتفي بخدمة هؤلاء المهتمين بعلم التفسير لها. أسأل الله عزّ وجلّ أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين. اللهم إنا نسألك بفضلك وجودك وكرمك أن تجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا ذا الجلال والإكرام. ويبقي لنا حلقات قليلة نستكمل فيها بإذن الله ما بقي لنا من هذه المراحل وكذلك نأخذ مثلاً فيما يتعلق بتفسير كتاب الله عزّ وجلّ . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . |
08-01-09, 12:02 AM | #36 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تفريغ الدرس الثامن والعشرون من طرف الطالبة ومض جزاها الله خيرا ~ دروس سلسلة روائع البيان في تفسير القرآن ~ بسم الله الرحمن والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .. حياكم الله أيها الأحبة مرة أخرى في ~ روضة من رياض الجنة ~ .. كان الكلام عن المرحلة السابعة بما يتعلق القواعد التي نستعين بها عند الترجيح ف ما إذا اختلف مفسر مع مفسر آخر ,فعندنا اختلاف بين المُفسرين يقع في بعض الآيات كيف نرجح بين هذا وذاك. هناك قواعد كثيرة مبحوثة في كتب التفسير وقد جمعت متأخرا ، وقد ذكرنا لكم ببعض الكتب التي اعتنت بهذا الشأن، ولكن الآن نريد أن نتكلم عن هذه القواعد من جهة إجمالية كيف نقف عليها كيف نجدها في كتب التفسير ، وأريدك أن تنتبه إلى قضية ، أن هذه القواعد وإن جُُمعت عند المتأخرين إلا أنها في كتب المتقدمين رحمهم الله ممن توسع و بسط الكلام في التفسير عندك تفسير ابن جرير رحمه الله, و تفسير ابن سعود رحمه الله, وكذلك تفسير الطاهر بن عاشور وكذلك تفسير, الإمام السعدي رحمه الله, و لغيرهم من الأئمة ممن بسط الكلام في التفسير. هناك قواعد ما زالت مبثوثة في هذه الكتب لم تستخرج لم يستفد منها إلى الآن تارة لأن الباحث الذي يريد أن يجمع هذه القواعد تارة لأنه يريد قاعدة منصوص عليه ، يريد أن يكون الإمام المفسر أن هذه القاعدة منصوص عليها عنده في كتابه فيقول وهذه قاعدة في كذا وكذا فينص على أنها قاعدة وينص على أنها مرجح عند الاختلاف ونحو ذلك وهذا لا يلزم ، بل إن ما تأخذه من أهل العلم إذا عرفت طريقتهم ومنهجهم في كتبهم أكثر مما تأخذه من بعض الألفاظ . فإذا ًعرفت طريقة الإمام في كتابه عندئذ تأخذ من القواعد وتستنبط من الفوائد من كتابه ما لا يكون منصوص عليه, وهذه أيضا أيها المبارك هي طريقة أهل العلم عندما تنظر في كتب أهل العلم الأكابر، رحمهم الله من المحققين في كتب التفسير، تجد أنهم يستنبطون قواعد ليس هناك نقص عليها في كتاب إمام من الأئمة وإنما أخذوها من مُطلق الكلام مُجمل التفسير ونحو ذلك، فأخذوا هذا الكلام لأنه تكرر عندهم في عدد من المواطن وأشار إليه في أكثر من موضع وهكذا يأخذون هذه القاعدة ويستفيدون منها ويبنون عليها قاعدة جديدة في فهم كلام الله سبحانه وتعالى . :: قرأ الطالب :: بسم الله الرحمن الرحيم وهناك قواعد مذكورة في كتب المتأخرين منها ما ذكره الطاهر بن عاشور في أول كتابه, ومنها ما ذكره السعدي في كتابه في أول كتابه في التفسير وهناك قواعد مبثوثه في كتاب مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ، وهناك قواعد مهمة في الفوائد وفي بدائع الفوائد لإبن القيم ، وللسيوطي كذلك فوائد جيدة ذكرها في عدد من كتبه ، وفي كتاب البرهان للزركشي ، والإتقان للسيوطي. وعموم كتب علوم التفسير لا تخلو من فائدة في هذا الباب . :: تـع،ليق الشـيخ :: هذا الكلام الذي سمعته أيها المبارك لا بد أن تنتبه إلى قضيه مهمة، وهي أن كتب علوم القرآن لا تخلو أبدا من فوائد جليلة في هذا الشأن، ولكن في أحيان كثيرة الذي يحصل أن الذي يقرأ هذه الكتب ليس عنده من الأهلية, لأن يفهم ما ذكره الأئمة رحمهم الله وأن يفهم أثر هذه القاعدة في تفسير كلام الله ، ولكن ما ذكرناه لك في هذه الدروس هو مُعين لئن تقف على تلك الفوائد في كتب علوم القرآن . لو تصفحت كتاب الإتقان للسيوطي رحمه الله ستجد فوائد عظيمة فيما يتعلق بفهم كتاب الله عز وجل وقد تزهد بها إن لم تُدرك كيف تستفيد منها ولكن إن أدركت هذا ـ وأرجو أن نكون وصلنا إلى هذه المرحلة ـ إن أدركت هذا بالفعل ستقف على فوائد جليلة جدا ًمن كتاب الإتقان للسيوطي رحمه الله ومن كتاب البرهان للزركشي ، كتب كثيرة صُنفت في علوم القرآن. أريد الآن أن أوضح هذا وأن أُجليه في مثال نأخذه وإن كان مثال يسير ولكن الخوض في هذا الباب في اختلاف المفسرين قد يطول بنا جدا ، وأريد أن نأخذ مثلا واحد من كتاب الله عز وجل نفسره كنموذج على ما تقدم من هذه المراحل السبعة، بل وعلى ما قبلها من الكلام عن مراحل الثلاثة في المستوى، بل وعلى ما قبلها أيضا على التوطئة وذكر الأهداف ونحو ذلك. فنذكر الآن مثال واحد وأضيفوا ما تقدم من الامثلة عند اختلاف المفسرين ، كما ذكرنا لكم عندما اختلف المفسرون في لفظ ( الزينة ) ، في قوله تعالى : ( ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ذكرنا لكم أن المفسرون اختلفوا في هذه الآية ما الزينة هنا هل الزينة الظاهرة أو الزينة الباطنة , وذكرنا لك أن الراجح هنا الزينة الظاهرة هي المراد في هذه الآية (إلا ما ظهر منها) ، أي إلا ما ظهر من الزينة الظاهرة ، وذكرنا لك دليل الترجيح وهو ما سميناه [ بلغةالقرآن ]، وهذه من دلائل الترجيح القوية في كتاب الله عز وجل ، لغة القرآن ، فلغة كتاب الله عز وجل من المرجحات بمعنى على معنى فلفظ الزينة في كتاب الله عز وجل إذا تكرر فإنما يُُراد به الزينة الظاهرة ، كما بينّا من آيات كثيرة وردت الزينة فيها . فإذا المراد بالآيات الأخرى هي الزينة الظاهرة وهذا واضح بيّنْ ، فعندما يختلف المُفسرون في آية ذكر فيها كلمة الزينة فعلى أي المحملين نحمل هذه اللفظة على المحملة في كتاب الله عز وجل كثيرا أو على محمل لم يرد في كتاب الله ولا في موضع واحد ورودا ً بينا ظاهرا ً على أي المحملين نحملها؟ نحملها على ما ورد في كتاب الله عز وجل كثيرا وهذا ما يسمى بلغة القرآن ، أي مفردة تكررت في كتاب الله عز وجل في أكثر من موطن، عندما ننظر في هذه المُفردة ونجد أنها وردت بمعنى خاص محدد ثم تكررت في موطن وأصبح هذا الموطن محل اختلاف عندئذ نقيس هذا الموطن على بقية المواطن ،وهذا الموضع في ذكرها هنا لابد وأن يكون هنا موافق لتلك المواضع الأخرى التي وردت في كتاب الله عز وجل . وهذا كثير أي ما يتعلق بالترجيح من خلال لغة القرآن ليس بالقليل أبد ًوهي من القواعد المرجحة الكبيرة, ولكن وللأسف الشديد في الحقيقة ليس هناك من أفرد هذه القاعدة كمرجح ممن كتب في قواعد الترجيح عند المفسرين لم يتلفت إليها التفاتا كبيرا مع أهميتها، ومع أن السلف رضوان الله عليهم أجمعين بل و الخلف من المحققين منهم اعتنوا بهذا الأمر جدا ً . أضرب لك مثلا آخر على هذه المسألة حتى يوضح لك هذا الأمر بالنسبة لقواعد الترجيح :: مثال :: لفظة ( البأس ) في كتاب الله عز وجل تكررت كثيرا ، عندما يرد في موطن من ,المواطن لفظة فيها ذكر ( البأس ) فأي المعنيين تحمل على معنى هذا أو على ذاك . الآن لفظة ( البأس ) الواردة في سورة الكهف اقرأوا أولا بداية الكهف , قال الله تعالى: ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر به بأسا شديدا ولم يجعل له ولدا ً ) (بأسا شديدا) لفظة البأس : هنا هل المراد بها البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟ أسألكم الآن لكي أحرك الفهم قليلا إلى فهم ما يتعلق بالترجيح من خلال قاعدة من قواعد الترجيح عند المفسرين . لفظة البأس : هنا هل المراد بها البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟ قال طالب : الأخروي . قال الشيخ : هل ممكن أن تذكر لي ما سبب القول بأن البأس هنا يراد به البأس الدنيوي أو البأس الأخروي ؟ قال الطالب : لينذر بأسا شديدا . قال الشيخ بعد نقاش .. عندما ننظر في هذه الكلمة ، فتأملوا ( البأس ) في كتاب الله عز وجل ، تكررت أكثر من 25 مرة هذه الكلمة تكررت كثيرا فعندما تتأمل فيها لن تجد إلا إنها تتعرض بما يتعلق بالبأس الدنيوي لا البأس الأخروي . إذا ً هذه الكلمة عندما تكررت في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي كل المواطن الأخرى يكون الكلام فيها عن بأس دنيوي فجاءت في هذا الموطن حصل عندنا الآن اختلاف كما اختلفتم ، قيل إنها في البأس الأخروي وقيل في البأس الدنيوي ، فما المرجح الذي يرجح هذا من ذاك ؟ المرجح عندما ننظر في هذه اللفظة وكيف دارت في كتاب الله عز وجل ، انظر لهذه اللفظة وكيف دارت في القرآن فعندئذ تستطيع أن ترجح لأن هذا البأس الذي جاءت الندارة به من الله سبحانه وتعالى يتعلق بالبأس الدنيوي لا الأخروي . نعم ساعة الكلام و بسط الكلام ممكن أن يقال أن هذا البأس في الدنيا وفي الآخرة ,ولكن بالنسبة للآخرة لا يكون مقصوداً بنفس العبارة أو لفظ الكلمة ، وإنما يكون مُستنبط من سعة اللفظ ، لأن الندارة تكون في الآخرة كما تكون في الدنيا ، ولكن لفظة البأس لم تأتي في كتاب الله عز وجل إلا في الدنيا ، ولكن لفظة البأس في الآخرة لم تأتي في كتاب الله عز وجل إلا في الدنيا فيكون الإنذار بدءا بالبأس الذي حذرهم الله عز وجل منه في الدنيا ( ليُنذر بأسا ُ شديدا من لدنه )،أي في الدنيا قبل أن يكون ذلك في الآخرة ,وإلى ذلك أشار الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره . :: سؤال من أحد الطُلاب :: جزاكم الله خيرا يا شيخ بالنسبة فضيلتك للغة القرآن نرجع إلى لغة القرآن، في المرحلة السابقة جمع آيات القرآن التي تدور في موضع واحد هل هناك اختلاف بينهم أم الاختلاف بالمسمى فقط ؟ :: يجيب الشيخ :: ليس هناك اختلاف جذري بينهما أبدا ً،ولكن الاختلاف أيضا ليس من جهة التسمية المجردة وإنما الاختلاف بالنسبة للمرحلة السادسة تتعلق بضمن الآيات التي وردت في موضوع واحد محدد، أما ضمن الكلمات جمع الكلمات التي وردت في كتاب الله عز وجل هذا لا يسمونه بالتفسير الموضوعي إنما يسمى بلغة القرآن، مفردات القرآن،الألفاظ التي جاءت في كتاب الله عز وجل . لذا لو ألحقت هذه اللفظة ، لفظة ( البأس ) ، لفظة (الزينة ) ، لفظة ( فاجتنبوه ) ، (حُرمت ) كما سبق هذه الألفاظ ولو جمعتنها تكون منها مادة يسيرة وتكون مبدأية لمادة أكبر وأوسع وهذا من العلم الجميل النافع الذي يستحق أن يبذل الإنسان نفسه، وأن يجمع فيه ما استطاع من كلام المحققين من أهل العلم أن يجمع ما يتعلق بـ مفردات القرآن ، أو لغة القرآن . وقد صنف الأئمة رحمهم الله قديما كتبا في هذا الباب ولكنها تحتاج إلى مزيد من تصنيف وتحرير وتهذيب وجمع ، وحقيقة مزيدا من الجهد الذي قد لا يتحمله إلا من بذل نفسه ووقته ورغب في تعلم كتاب الله سبحانه وتعالى وبذل قي ذلك الغالي و النفيس . :: الأمثـلة :: منها ما جاء في تفسير قول الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) . في كُذبوا قراءتان : الأولى: كُذَّبُوا، بضم الكاف وتشديد الذال وكسرها، والأخرى: كُذِبُوا ، بضم الكاف و كسر الذال وتخفيفها . فعلى قراءة التشديد يكونوا المعنى، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان من كذّبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم بما لحقهم من الدلائل والامتحان وتأخر النصر . وبهذا قالت عائشة رضي الله عنها وصحت الرواية عنها بذلك و به قال قتادة ورجحه أبو جعفر النحات، وقال هو أشبه بالمعنى وهو أعلى اسنادا ً . :: تعليق الشيخ :: الآن هذه الآية قول الله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) . (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ) من الذي استيأس الآن ؟ الرسل ، استيأسوا من ماذا ؟ من ايمان قومهم ، وظنوا من الذي ظن هنا ؟ الرسل أو القوم ، وظن القوم أن الرسل كذبوا ؟ القوم ، هذا الذي جاء عن عائشة كما في الصحيح ، أن الضمير هنا وظنوا أنهم قد كذبوا هذا عائد إلى القوم معنى الآية إذا ً : حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أي من القوم أن الرسل قد كذبوا ، هذا هو المعنى الأصلي الذي جاء عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عدد كبير من السلف وهو أقوى المعاني في تفسير الآية لأن في الأصل عود الضمير يعود إلى أقرب مذكور ، ما هو أقرب مذكور هنا حتى إذا استيأس الرسل ممن؟ من قومهم، جار ومجرور أليس كذلك، حتى إذا استيأس الرسل من قومهموظنوا قومهم أنهم أي الرسل قد كذبوا . هذا هو المعنى الجلي الواضح للآية، وليس معناه أن الرسل بأنفسهم ظنوا أنهم قد كُذبوا أو كذبوا من الله هذا ظن لا يمكن أن يكون أبدا . ومن فسر الآية على هذا النحو فقد أخطأ وإن كان قد جاء أنه حكي عن بعض السلف رحمهم الله ولكنه خطأ في تفسير الآية قال به من قال وهذا خطأ في تفسير الآية وإذجاء به عن جاء . هذا القول الأول لتفسير الآية وهناك تفسيرات أخرى للآية نريد أن ننظر في مرجح هذا التفسيرعلى تلك التفاسير .. :: قراءة الطالب :: وذهب الحسن وقتادة إلى أن المعنى حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم وأيقنت الرسل أن قومهم قد كذبوهم، فيكون الضميران في ظنوا وكُذبوا يعودان على الرسل وظن بمعنى اليقين، وضعف هذا القول الطبري لأجل مخالفته لجميع أقوال الصحابة في الآية واستعمال العرب الظن بمعنى اليقين . أما على قراءة تخفيف الذال فذهب ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير ومُجاهد والضحاك وغيرهم من المعنى حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم وظن الرسل أن القوم كذبوهم . فيعود الضميران في ظنوا وكُذّبُوا إلى الرسل إليهم وهم القوم . :: تعليق الشيخ :: إذا لدينا كم تفسير للآية ؟ ثلاثة تفاسير . التفسير الأول .. الذي ذكرناه لك، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن القوم أن الرسل أن قومهم كُذبوا. التفسير الثاني .. حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن أيضا الرسل أن قومهم كذبوهم .. التفسير الثالث .. حتى إذا استيأس الرسل وظن القوم أن القوم قد كذبوا الرسل . عندما نتأمل القراءة في ترجيح بين هذا وذاك ، ستجد أن بظهور الترجيح التفسير الأول هو الأظهر في الآية لما سيذكر الآن المُصنف. :: قراءة الطالب:: وروي عن أبي عباس رضي الله عنه وابن مسعود وسعيد بن جبير أن معنى الآية، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنت الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعدوا من النصر , فيكون الضمير في ( ظنوا ) وفي ( كذبوا ) عائد على الرسل، وهذه القاعدة تُضعف هذا القول، وذلك لما فيه وصف الرسل من بسوء الظن بربهم وهذا يفتح بصالح المؤمنين فضلا ً عن من فُضل بالنبوة والرسالة، فمقام النبوة عظيم قد اصطفى الله لها أفضل الخلق على الإطلاق وأعرفهم بالله تعالى وقد ردت عائشة رضي الله عنها هذا القول بما ألمحت له من برفعة مقام النبوة ولما عُلم من حال الأنبياء والرسل . :: فاصل ونواصل :: كان الكلام عن قوله تعالى ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) وفي آية لفظ ( قدْ كُذِّبوا ) ، وذكروا الأقوال الثلاثة في هذا الباب لكم . كذلك التفسير الأخير .. إذا استيأس الرسل وظن أتباع الرسل أنهم كذبوا الرسل وهناك قول ثالث والذي أشرنا إلى أنه ضعيف ولا ينبغي أن يُقال به لما فيه من قدح لمقام النبوة بل إن حتى عائشة رضي الله عنها وأرضاها رفضت هذا القول وردته ردا ًعنيفاً رضي الله عنها وعن أبيها , وذلك لما ذكرت لك من أن فيه شيء من الظن بالانتباه من أن يظنوا الظن بربهم سبحانه وتعالى أو نسبة هذا الظن إلى الأنبياء مع ربهم جل وعلا،فتفسير الآية على هذا النحو ( وظنوا أنهم قد كُذبوا ) أي حتى إذا استيأس الرسل وظن الرسل أنهم قد كُذبوا من ربهم وهذا الظن لا ينبغي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا يكون من الصالحين .فإذا هذا التفسير يُضعفه أن فيه تقليل وفيه نوع من الإنزال من مقام النبوة.و الذي يُرجح التفسير الأول فهناك قراءة أخرى من قرأ الترجيح القراءات التي ترد في الآية الواحدة وعندنا :( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا ) هذه للقراءة مُحتملة ، وأما القراءة الأخرى ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) , من الذي كذب هنا ؟ هم أتباع الرسل وظنوا أنهم كذبوهم هؤلاء وغلب على ظنهم أن أقوامهم لن تؤمن لهم، ولن تتبعهم فيما دعوهم إليهم فحصل هذا الأمر ، استيأس الرسل من أقوامهم وظنوا أنهم لن يؤمنوا بهم، وظن القوم أن الرسل كُذبوا من ربهم سبحانه وتعالى . وهذا الظن الذي يليق بهذا القوم وما عليه من الكفر والإعراض عن دعوة أنبيائهم . فإذا من المُرجحات في هذا المعنى ما يتعلق بما يسمى ب ( القراءات ) . وهذا المثل على قاعدة من قواعد الترجيح ، فعندنا القراءات تُرجح ، ولغة القرآن تُرجح وعندنا أشياء كثيرة من القواعد ذكرها أهل العلم أنها تُقارب المئة قاعدة ترجح عند اختلاف المفسرين . وبهذا نكون بعون الله وتوفيقه، وأسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه تعالى، نكون قد انتهينا من ما يتعلق بالمراحل السبعة، وبهذا نكون انتهينا أيضا مما يتعلق بالمستوى الأول الذي وجه لعموم المسلمين بمراحله الثلاث، وانتهينا من المستوى الثاني الموجه لطلبة العلم فيما يتعلق بمراحلة السبعة المراحل السبعة لطالب فهم القرآن . ويبقى علينا أخيرا أمران : الأمر الأول: أن نستقبل أسئلتكم الواردة على ما مر ّ في الكلام أي كان السؤال فيما يتعلق بمبدأ الكلام وفي وسطه أو في آخره بعد ذلك نُريد أن نأخذ نموذج وسأجعل اختيار النموذج لكم أنتم تختارون نموذجا مما تُريدون أن نُفسره من كتاب الله سبحانه وتعالى وتعرض إلى الآيات تفسيرا ً فيه إيضاح لكل ما سبق بإذن الله جل وعلا . |
08-01-09, 12:03 AM | #37 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني من الدرس :: أسئلة خاصة بما سبق :: في المرحلة السادسة تكلمت عن السماء في مراحلها الأخروية ليوم القيامة (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) فهناك صور فلكية للسماء مثل هذه الوردة بمثل لون الورد موجودة في المساجد أو على الأنترنت وقرن واضعها بالآية هل هناك اختلاف في التفسير أو يجوز ذلك ؟ :: إجابة الشيخ :: أحسنت يا بارك الله فيك حقيقة لم يكن ورد هذا الأمر عندي مع أني اطلعت على هذه الصورة ولكن لم يأتي في خاطري أنهم كانوا يُفسرون هذه الآية بهذه الصور التي تُعرض للسماء على هذا النحو . ولا أذكر في حقيقة أني وقفت على من صور هذه السماء وقال أنها كالوردة التي كذا وكذا ، ففسر انشقاق السماء في أنها الآن وأنها صورت بهذه المراصد الفلكية المعاصرة وهذا في حقيقته ليس بصحيح أبدا ً، الآية هذه تتكلم عن الإنشقاق في يوم القيامة (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) الإنشقاق هنا المراد به في يوم القيامة وليس الإنشقاق في الدنيا وإلا لكان الكلام كله مُتعلق بالقيامة (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) فالكلام هنا عن السماء وعن انشقاقها وليس عن مرصد يُصور في مرصد من المراصد الكلام عن السماء من أولها إلى آخرها ، تتشقق ، تتحور ، تمور ، وتضطرب فليس الكلام عن موضع دون موضع . نعم لو قيل هذه الصورة مُشابهه للمعنى الذي جاء في قوله تعالى (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) ، فيقال إنه من الممكن تقرب الآية ويوضح المقصود من الآية بمثل هذه الصورة بأن هذا الإنشقاق للسماء قريب في الدنيا وأصبحت السماء فيه كالوردة الدهان أو نحو ذلك ، فلما يراها الإنسان يُقرب له الآية ، لا على أن هذه الآية جاءت في هذا الموطن أبدا . ثم إن لا أحد من المُفسرين قال (فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ)، أي كانت كالوردة يعني من جهة الشكل ، إنما وردة ذكرها المُفسرون من جهة اللون أما من جهة الشكل إنها تُشبه الوردة فأنا لم أقف على كلام أحد من أئمة المُفسرين مُطلقا ، فهذا نوع من الخطأ في الإستدلال في الآيات .. أو لو قالوا هذا يوضح يفسر ليُقرب الذهن، ولو أني لا أحبذه أبدا ً وهذا فرق بين هذه الآية والآية التي سألت عنها يا إدريس، قول الله تعالى : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ). فهذه الآية بالنسبة للتي ذكرت في يوم القيامة قطعا ً والكلام عن انشقاق الآية ، والآية التي ذكرها الأخ ادريس فهي أيضا تتكلم عن يوم القيامة وعن الناس في أنهم لا يستطيعون أن ينفذوا من أقطار السموات والأرض يوم القيامة وقد ذكرت آيات كثيرة في هذا المعنى، منها ما ذكرها الله تعالى في سورة القيامة : (يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ *كَلَّا لَا وَزَرَ) أي لا ملجأ ،( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍالْمُسْتَقَرُّ ) . كذلك في السور الأخرى : ( ويقولون حجرا ً محجورا ً )، أي تقول الملائكة حجرا ً محجورا ً أي قد حُجر عليكم فلا سبيل إلى هروبكم فهذا هو المقصود من الآية (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ )هذا التحدي الذي وقع في الآخرة للجن والانس هو أيضا واقع في الدنيا ، أنا ذكرت أنه من الممكن يُستفاد من المعنى استفادة أي ليس المعنى الأصلي ولكن بإيحاء أن يُستفاد منها هذا ، ولكن ليس في الآية التي ذكرت حتى الإيحاء فيه ...... لأن الآية نصا ً (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةًكَالدِّهَانِ) لا شك أن الكلام هنا عن الإنشقاق للسماء في الآخرة ومن زعم أن السماء تنشق الآن فقد خالف قوله تعالى : ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) السماء ليس لها فطور ، ليس فيها انشقاق الآن ومن زعم أن السماء تنشق الآن فقد خالف نص الكتاب ، أما ما يتعلق بالآية الأخرى فالإيحاء فيها يُقبل . :: سـ،ؤال :: كان البعض يقول إن الله سبحانه وتعالى يضع علامات وإشارات في هذه الحياة تدل على إمكانية حدوث ذلك يوم القيامة ، كأنه يبرهن للكفار ويثبت الحدوث بوضع علامات صغيرة يُثبت من خلالها إنها تمكن الحدوث وهي كإشارة صغيرة . :: تـعـ،لق الشيـ،خ :: أحسنت يا بارك الله فيك وهذا ما ذكرناه مع الآية التي ذكرها الأخ إدريس (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) أما آية قد جاءت بالنص على أن شيئا لا يحدث في هذه الحياة الدنيا هذا الكلام عن انشقاق السماء (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) هذا الإنشقاق هل يمكن أن يكون في الدنيا ؟ لا يمكن لأن الله عز وجل أخبر أن هذه السماءلم تنفطر ولم تنشق ، بل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرجع البصر ، ويُكرر البصر والنظر مرة ، وثانية وثالثة ورابعة وعاشرة ومئة ومئتين وألف ينظر للسماء ، ليس فيها فطور ، ليس فيها انشقاق وإنما السماء لها أبواب في هذه الحياة الدنيا . هذا التفسير للآية حتى من جهة الإيحاء الذي تشير إليه لا يمكن فبعض الإيحاء مقبول كما أشرنا في الآية السابقة ، أما هنا في هذه الآية لا يمكن والإيحاء مرفوض لأنه سيكون فيه تعارض في نفي الإنشقاق لهذه الحياة الدنيا . :: مُـداخـ،لة :: أمْر النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر وتكرار النظر هذا ينطبق للبشر فيما بعد حتى لو بالتلسكوب أو بمكبرات ؟ :: تعـ،ليق الشيخ :: نعم حتى بالنسبة لنا ، وليس النظر خاصا ً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، إنما هو لأجل أن يزيد إيمانه صلى الله عليه وسلم بربه ويقينه مع علو هذا الإيمان أمره أن يتفكر بهذا الكون وينظر في هذه السماء هل فيها من فطور مع عظمها وسعتها ومع شدة ما يعتليها ومع ذلك ليس بها فطور . فتنظر إليها هل بها من فطور، هل بها من شقوق ، هل فيها عيب ، هل فيها خلل ، هل ينزل شيء إلا بأمر الله سبحانه وتعالى ، وهل هناك شيء ينزل هكذا عبثا ، إنما ترى ونحن نعلم يقينا إن ما ينزل من السماء شيئا إلا بقدر من الله سبحانه وتعالى ، ولو أن أبواب السماء فتحت علينا لرأينا شيئا عجبا لكن كل شيء ينزل بمقدار. فنحن يجب علينا أن نتفكر في الكون ونُعيد النظر مرة بعد مرة في النظر إلى السماء وفي آيات الله الكونية عموما ً هذا مما طُلب منا ونحن تبعا ً لمحمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن . :: سـ،ؤال :: الذين يخْتصون بالإعجاز العلمي بعضهم يسقط بعض الآيات القرآنية على حوادث مثل ( وردة كالدهان ) وهكذا فهل يشترط لمن يُسقط هذا إن يكون عالما ً بالتفسير ؟ :: إجابة الشيخ:: لا شك ونحن ذكرنا ذلك من شروط من الكلام لهذه المسائل لما يتعلق بتفسير كلام الله تعالى خصوصا من المتأخرين ذكرنا أسباب الخطأ عند المتأخرين سواء كان المتأخر يُفسر القرآن باللغة أو يُفسره بالرأي أو بالإعجاز العلمي يُفسره بأي شيء آخر. من أسباب الخطأ بل هو من أعظم الأسباب وأجلّها هو أنه يُفسر كلام السلف وهو غائب عنه مُطلقا ً ! وهذا لا ينبغي أبدا ًوإنما إذا أردت أن تفسر آية من القرآن فانظر أول ما تنظر في كلام السلف ونبهنا على هذا مرارا ًَ ، قبل أن تستنبط وقبل أن تستخرج قبل أن تتدبر وتتفكر قبل ذلك لا بد وأن تكون وقفت على كلام السلف لكي يكون لك كالإضاءة في هذا الطريق تنير لك هذا الطريق لا تزل بك القدر أنت في آلاتك في فقهك ، في فهمك لكلام الله عندك من أنواع الضعف ما عندك ، ومن جهة اللغة لا من جهة السياق لا من جهة الإدراك ، لا من جهة شدة النظر والفحص لكلام الله تعالى فعندئذ لا بد أن تستنير لكلام السلف رحمهم الله ، فإذا أردت أن تستنبط فائدة تستخرج تربية من القرآن أردت أن تتكلم بالإعجاز العلمي قبل ذلك لا بد لك أن تعود لكلام السلف رحمهم الله وتنظر فيه حتى يضعوا لك الحدود العامة التي لا يجوز لك أن تتجاوزها وأن تتخطاها أبدا ً وهذا هو الخطأ الآن فقط ، هذا هو خطأ يقع فيه الإعجاز العلمي الآن والذي نلحظه أنه بلغ مبلغا جميلا وجيدا فيما يتعلق في دقة النظر وعدم التقول على الله تعالى بخلاف ما تقدم في أول الأمر ،ولكن بقي أمران : 1ــ الحال أن هناك حاجة لكلام السلف رحمهم الله ، 2ــ وهناك حاجة للنظر في لغة العرب التي نزل بها هذا القرآن ، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين. فإذا ً لا بد أن تستضيء بكلام السلف في فهم الآيات حتى تضبط هذا الإعجاز وحتى لا يحدث فيه ما يحدث من خلل وأيضا لا بد وأن يكون هذا الإستنباط أيضا موافقا ً لكلام العرب ، قد يكون بلسان عربي مُبين لا تستخرج معنى لا توافقه اللغة من أي وجه ولا يمكن أن يأتي في لغة العرب بأي حال من الأحوال فإذا انضم هذا وذاك مع الإتقان الموجود فما يتعلق بالاعجاز العلمي فأرجو أن يحصل نفع كثير وخير أرجو أن لا يكون قليلا ً . :: سـ،ؤال :: نجد في القرآن الكريم كذلك في السنة الشريفة ذكر عدد معين مثل سبعة ، فسبعة نجدها كثيرا في القرآن الكريم سبعة أو سبعين أو سبعمئة أو سبعمائة ألف مثلا نجد آية في قوله تعالى : (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ)، ثم نجد أيضا في آية أخرى ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا)، فنجد كثيرا سبعة ، كذلك في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوما في سبيلبعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا." متفق عليه وهذالفظالبخاري.) رواهالبخاري ، وأيضا قال " من صام يوما في سبيل الله باعد الله عنه النار سبعين خريفا " يعني تحديد هذا العدد بالتحديد ما المراد منه ؟ :: إجابة الشـيـ،خ :: أيضا لو تأملت كلام العرب رحمهم الله من كان منهم أسلم ومن كان قد تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنك ستجد هذا الرقم سبعة كثير ستجده في الجاهلية قبل الإسلام وستجده في الإسلام حتى كلام العرب ، العرب يحبون هذا العدد ويكثرون من ذكره كثيرا ، وأيضا جاء في الكتاب والسنة كثيرا ًجاء على نحو متكرر ، لما هذا أولا أريد أن تنتبه لقضية وهي ما تتعلق بالعدد له مفهوم مخالفة ولكن مفهوم مخالفة للعدد ضعيف عند الأصوليين ، هذه مسألة أصولية ، فكل الأعداد من أولها إلى أخرها في لغة العرب المخالفة منها ضعيف . فلما تقول مثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات " مفهوم المخالفة من هذا الكلام أن السبع الموبقات هي فقط هذه السبع لوحدها ولكن هذا المفهوم ، مفهوم لا يكون قويا ً جدا ًإنما يكون فيه شيء من الضعف، أي لا يأخذون به بشكل كامل ثابت كالنص ، لا مفهوم المخالفة عموما فيه ضعف ليس بالقليل فإذا جاء هذا في العدد سبعة ، فإن العدد سبعة في الكتاب والسنة لا يُراد به التحديد وإنما يُراد به التكثير. (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَفِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُوَاسِعٌ عَلِيم) المراد هنا التكثير ،" باعد الله عنه النار سبعين خريفا " المراد هنا التكثير . " يدخل أمتي الجنة سبعون ألفا من غير حساب ولا عذاب " أيضا المراد هنا التكثير . " سبعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتماسكون بالأيدي يدخلون الجنة من باب واحد" ، هذا في الصحيح كثير ورد يُلفظ سبعين ألف وورد سبعمائة ألف المقصود أن العدد سبعة ومضاعفاته أكثر ما ترد في الكتاب والسنة من باب التكثير لا لحد السبعة . فما يعني يراد بها التكثير ويُراد بها العشرة لا وإنما قريب من السبعة أو يزيد عنها أو ينقص عنها قليلا ً لكن يعني يقال السبعة للتكثير أي أن هذا العدد غير مراد أبدا ًهو مراد ، ولكن الكلام هل يُراد سبعة تجد بذاتها وبعينها بدون زيادة ولا نقصان لا وإنما يُراد أن هذه السبعة أو ما يقاربها زيادة قليلة أم نقصان قليل . :: مُداخلة :: بالنسبة للسموات السبع والأرضين السبع فيجب أن تعتقد أن هذا عدد ثابت من السموات . :: تعـ،ليق الشـ،يخ :: نعم بالنسبة للسموات والأرضين السبع وللطواف سبع بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة سبع ، ونحو ذلك أعدادا ًَ مُرادة بنفسها. ولكن الكلام عن الأعداد غالبا ًما تأتيك في الثواب أيضا في العقاب في الإخبار عن جزاء المؤمنين ، أيضا عن عقاب المجرمين ونحو ذلك هذا في أغلبه يُراد به التكثير ، أما بالنسبة لهذه الأمور يجب أن يُراد نصا ً من دون زيادة أو نُقصان . :: سـ،ؤال سـ،ريع جدا ً:: شيخ تكلمان عن السباق واللحاق بالنسبة لتناسب الآيات فهل هناك كتب اهتمت لتناسب السور فيما بينها ؟ :: إجابة الشـيـ،خ:: يوجد ولكن هذا المبحث لم أرد أن أدخل فيه لأن فيه ما فيه ، يعني لا أستطيع أن أثبته ولا أرده ، أئمة أهل التفسير تركوه ولم يتعرضوا له بإثبات ولا برد ولذا لم يتعرض له إلا القله من علماء التفسير فأحببت أن أتركه لأنه أسلم ولا أتعرض له بنفسي ولا بأثبات .. نقف إلى هذا الحد ونواصل بإذن الله عز وجل في الحلقة القادمة ، أسأل الله لنا ولكم علما ً نافعا ً وعملا ً صالحا ً . انتهى ولله الحمد والمنه |
08-01-09, 12:08 AM | #38 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
22-05-2007
المشاركات: 7,201
|
تفريغ الدرس التاسع والعشرون
~ آخر دروس سلسلة روائع البيان في تفسير القرآن ~ بســم الله الرحمـن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملا يا أكرم الأكرمين. كنا في الكلام عن سورة التكوير، عن هذه السورة العظيمة، وكان الكلام وقف عند قول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7]، وجرى الحديث بأن المراد هنا بالنفوس هؤلاء الناس إذا حُشروا في يوم القيامة فإن منهم من يُحشر مع قرينه من أهل العلم والفضل والدعوة والخير والصلاح والبر والإحسان، ومنهم من يُحشر مع قرينه وزوجه الذي شابهه في هذه الحياة الدنيا في الشر والضياع والشرك وأكل المال الحرام وفي دفع اليتيم وفي عدم الحث على طعام المسكين وفي مقارفة الكبائر أيان كانت. فالناس في يوم القيامة يكونون أزواجًا، لكن هؤلاء الأزواج ليسوا على هيئةٍ تختار أنت زوجك الذي يكون معك، لا، وإنما الله عزّ وجلّ هو الذي يقسم هؤلاء الخلائق جميعًا، فيا أيها المبارك كن على ذكرٍ بيِّنٍ واضحٍ ظاهرٍ جدًا من هذه القضية، من تريد أن تكون معه في يوم القيامة، من هو الزوج الذي تريد أن تكون أنت زوجًا له في هذا الموقف العظيم؟ من هم الناس الذين ترغب أنت أن يكونوا لك صحبٌ وتحشر أنت وإياهم يوم القيامة تحت لواءٍ واحدٍ؟ وتكون أنت وإياهم في مكانٍ واحد؟ يحدث في هذا الكون من الأشياء العجيبة الغريبة وأنت معهم إما في أمانٍ كاملٍ تامٍ، وإما في فزعٍ وهولٍ تامٍ، فاختر ما دمت في أرض الإمكان، ما دمت في هذه الحياة التي هي حياةٌ يمكن فيها العمل اختر الآن أيها المبارك، اختر الآن تريد مع من أن تسير في يوم القيامة، أن تسير من مكان دفنك إلى أن تسير إلى جنة ربك أو -والعياذ بالله- إلى نار ربك، هذا المسير سيكون أزوجًا، ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7]، سيحشر الناس أزواجًا. ولذا تأمل في آية من آيات كتاب ربك وهو يحكي هذا الموقف العظيم، هذه القضية في مسألة الأزواج ليست مسألة هينة أبدًا، لا، من كان معك في هذه الحياة الدنيا وكان زوجًا لك –أي مصاحبًا وخليلا ورفيقًا أنت وإياه تتعاونان على أمورٍ كثيرة- سيكون هو صديقك عند خروجك من قبرك، سيكون هو صديقك عند دخولك إما إلى جنة ربك وإما إلى نار ربك سبحانه وتعالى، تأمل قول الله عزّ وجلّ حين يقول عن حال عباده –بل عن حال المجرمين بخصوصهم- مع ناره سبحانه وتعالى ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴾ [الفرقان: 12، 13]، كيف؟ ﴿ مُقَرَّنِينَ ﴾، ما الصفة؟ ﴿ مُقَرَّنِينَ ﴾، كيف مقرنين؟ ما معنى هذا الكلام؟ مقرنين هي بنفسها ما ذكره الله عزّ وجلّ هنا ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7]، نعم هي بنفسها معنى تلك الآية. ما الحال؟ ما الذي يجرى؟ الذي يجري أيها المبارك أنك عندما تُبعث ليوم القيامة وتُبعث للحساب وتُبعث لنزول الجبار سبحانه وتعالى والفصل بين الخلائق عندئذٍ سيكون من حالك ومن شأنك أنك تقدم على الله عزّ وجلّ مع أقرانك ومع أصحابك ومع زملائك ومع من كان لك شكلا وخليلا في هذه الحياة الدنيا ستقدمون جميعًا فإذا فُصل بين الخلائق وكان ذاك من أهل النار ومن أهل الشر ومن أهل الضلال ومن أهل البعد ومن أهل الغيِّ ومن أهل الشرك ومن أهل معصية الله عزّ وجلّ والبعد عن دينه وعن شرعه ونهجه جل في علاه ممن تكبر على الله وتعاظم على أوامر الله ماذا سيكون حاله؟ الذي سيكون من حاله في ذلك الموقف أنه عندما يُرمى في نار جهنم سيُبحث عن أقرانه، سيُبحث عن أصحابه وعن زملائه وعن من شاكلوه في هديه وعن من أعانوه على معصية ربه ثم يُرمون جميعًا في نار جهنم فيُقرنون جميعًا ﴿ مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ ﴾ [الفرقان: 13]، أي يُجمعون في مكانٍ ضيِّقٍ في نار جهنم قد قُرن بعضهم مع بعض، سُلسلوا جميعًا بسلسلة واحدة. فذا الذي أعان أخاه على معصية الله في الدنيا بكلمةٍ أو بقولٍ أو بمالٍ أو بفعلٍ أو بشيءٍ من هذه الأمور عندما أسمعه الكلمة الحرام في الحياة الدنيا سيُسمعه كلمة لكنها ليست من جنس الحرام، لكنها ليست من جنس الحرام وإنما هي كلمة فيها صراخ، فيها عويل، فيها صياح، أين؟ في نار جهنم، سيُسمع صاحبه، لكن ما الذي سيُسمعه؟ سيسمعه صراخًا، عويلا، سيسمعه بكاءً مرًا لما أسمعه تلك المعاصي في الحياة الدنيا كان جزاؤه أن يسمعه ذاك الصراخ في الحياة الآخرة. جزاءٌ من جنس العمل، لما أعانه على معصية الله في الدنيا بفعلٍ أو بمال كان جزاؤه أيضًا أن يراه بعينه وهو يُعذب بعذاب الله عزّ وجلّ، يُقرنون جميعًا بسلسلة، لا يُفصل بينهم، هذا هو العدل المطلق من الله سبحانه وتعالى لما تعاونت على تضييع -مثلا- صلاة الفجر بالسهر إلى الليل، يسهر الإنسان إلى قُبيل الفجر ثم ينام كما ينام البعير ثم لا يستيقظ إلى صلاة الفجر إلا وقد طلعت الشمس أو أيضًا كذلك قد فات الوقت ودخل وقت الظهر، أو يتركها مطلقًا، هؤلاء الذين تعاونوا على السهر على معصية الله ثم على تفويت أمر الله ماذا سيكون من حالهم في يوم القيامة في نار جهنم أنهم سيسهرون جميعًا، ولكن أين؟ في مكانٍ ضيقٍ مقرنين قد سُلسل بعضهم مع بعض، سيُجمعون جميعًا. قال المفسرون في قوله وكنتم ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7]، وقالوا أيضًا في قوله سبحانه وتعالى ﴿ ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ ﴾ [الفرقان: 13]، قالوا هو أن يُضرب بهذا المجرم في نار جهنم كما يُضرب بالمسمار في الجدار، فيؤخذ هؤلاء المجرمين فيُضربوا ضربة في نار جهنم كما يُضرب بالمسمار في الجدار، ثم ينظر بعضهم إلى بعض، هكذا ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7]، هذا هو التزويج الذي يكون في يوم القيامة. وسيكون في الجنة أو في النار، نعم في الجنة هناك تزويج، ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ [الـطور: 21]، تُلحق الذرية الصالحة بالرجل الصالح، فإذا كان من أبنائك وبناتك –بل حتى من والديك- من نقص عنك في درجتك –كما ثبت في الآثار- تدخل الجنة فتقول يا رب أين أبي؟ أين أمي؟ أين ابني؟ أين ابنتي؟ أين أخي؟ أين أُختي؟ فيقول الله عزّ وجلّ ( إنا لا نسوؤك في هذا اليوم )، ثم يأمر ملائكته سبحانه وتعالى فيُرفعون معك في جنّات نعيم، أنت من المقربين وهم من الأبرار فيُرفعون من أجلك إلى مكانك وإلى مُستقرك. إذًا هذا معنى قوله سبحانه وتعالى أو شيء من معنى قوله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7]، ثم ذكر الله عزّ وجلّ أمرًا عظيمًا كان يحصل من الجاهلية الأولى وما زال يحصل حتى في الجاهلية المعاصرة إذا قال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]، في يوم القيامة هناك قصل بين الخلائق وهناك حساب، يُخبر الله سبحانه وتعالى عن الموءودة، والموءودة هي الطفلة التي تُذبح وهي صغيرة، يذبحها أبوها أو أخوها أو من كان وليًا لأمرها بدون ذنبٍ جنته، وبدون شيءٍ اقترفته، فيأتي هذا المجرم هذا الطاغية هذا المتجبر إلى هذه النفس البريئة هذه النفس الطاهرة هذه التي تنظر إلى الحياة الدنيا لتوها في مطلع سنيها تنتظر ماذا سيكون من أمرها، إذا هذا المجرم يأخذ بها فيذبحها ذبحًا ويقتلها قتلا بدون ذنب، وبدون جُرمٍ حصل منها، فماذا يكون لها مع هذا المجرم في يوم القيامة؟ هذا المجرم حينما فعل هذا الفعل الشنيع الفظيع لا يكون أبدًا أن الله عزّ وجلّ يُحاسبه حسابًا بينه وبين نفسه، لا، جرمه أعظم من ذلك، وذنبه أكبر من ذلك، وإنما الذي سيكون من حاله ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]، أي يكون السؤال أمام الخلائق جميعًا في هذا الجرم الفظيع والذنب العظيم، فتسأل الموءودة ربها سبحانه وتعالى: يا رب سل هذا بأي ذنبٍ قتلني؟ يا رب سل هذا بأي ذنبٍ أزهق روحي؟ سيحصل السؤال من هذه الموءودة الطفلة المسكينة لربها جلّ وعلا، وتنتظر من ربها أن يفصل بينها وبين هذا الذي اعتدى على روحها، فالموقف عظيمٌ وشديدٌ، وهذا ليس خاصًا بالموءودة الطفلة، وإنما أيضًا للطفل، بل يكون لكل من اعتدى على ضعيفٍ مسكينٍ فقيرٍ لا دافع له ولا عنده من يدرأ عنه فيعتدي عليه. ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ ﴾ وُئدت ﴿ سُئِلَتْ ﴾ هي ﴿ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾، فيأتيها السؤال من الله عزّ وجلّ ومن ملائكة الله أيضًا لها ﴿ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾، فما الجواب؟ لا جواب، إنما هو الظلم، إنما هو البغي، إنما هو الاعتداء، وهذا يبين لك عظيم حرمة الدماء في دين الله عزّ وجلّ، فإنه من أهوال يوم القيامة –ولك أن تتأمل هذا جيدًا- أن تُسأل الموءودة بأي ذنبٍ قُتلت، عجبًا لهذا الأمر! من أهوال يوم القيامة أن تُسأل الموءودة بأي ذنبٍ قُتلت؟ نعم من أهوال يوم القيامة، لأن هذا السؤال سيكون عظيمًا سيكون كبيرًا، سيكون شديدًا، السائل هو الله عزّ وجلّ لهذه الموءودة، والقاتل موجودٌ يرى بأم عينيه ما الذي يحصل في هذا الكون، فهذا هولٌ من أهوال يوم القيامة، بل هو من الأهوال العظيمة جدًا في يوم القيامة، لأن الخلق سيتجهون إلى هذا القاتل، سينظرون ماذا يفعل به جبار السماوات والأرض وقد اعتدى على هذه النفس الضعيفة، ولذا كان هذا الموقف من أهوال يوم القيامة، كأن الشمس قد كسفت، وكأن النجوم قد تساقطت، وكأن البحار قد سُجّرت. هذا الذي يحدث بالنسبة للموءودة، نعم هو هولٌ من أهوال يوم القيامة، لأن السؤال سيكون شديدًا، والأمر سيكون عظيمًا حينا تسأل الموءودة عمن اعتدى عليها، ولذا أيها المبارك إياك إياك ثم إياك إياك ثم إياك إياك وأمر الدماء، إياك إياك إياك إياك وأن تقترف ذنبًا فيه تعلقٌ بدمٍ لنفسٍ حرم الله عزّ وجلّ أمرها، فإياك إياك وأمر الدماء، إياك إياك وأمر الأنفس، إياك وإياك أن تعتدي على نفسٍ حرم الله عزّ وجلّ أن تعتدي عليها وأن تقترف في حقها شيئًا لم يُبحه لك الله عزّ وجلّ، إيّاك ثم إياك فإن الأمر عظيم، ويكفيك في هذا أن الله عزّ وجلّ جعل أمر الموءودة هولا من أهوال يوم القيامة. ثم قال سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ [التكوير: 10، 11]، ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾، هذه الصحف يوم القيامة لها شأنٌ ولها حالٌ، وذلك أن الخلائق حينما يُحشرون يوم القيامة فإنه في حال حشرهم ينتظرون ماذا يُفعل بهم، الذي يُفعل بهم أن هناك أمور قد أُعدت لهم فيما تقدم من حياتهم الدنيا، ومن هذه الأمور أن هناك صحفًا كانت تُكتب عليهم في هذه الحياة، وهذه الصحف لا تُغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها أبدًا، ﴿ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ﴾ [الكهف: 49]، كل ما فعلت في هذه الحياة الدنيا من خيرٍ أو شر فإن هذه الكتب قد حوته، وقد أحصته، وقد حفظته لك، فإذا جاء يوم القيامة فهذه الكتب طُويت وأُعدت لك، ثم بُني عليها النتيجة، كما أنك في هذا الامتحان الذي في الحياة الدنيا، عندك إجابة تكتبها في ورقة، ثم تؤخذ هذه الورقة وتُصحح لك، ثم تأتيك النتيجة إما راجح وإما ناجح وإما راسب، إما درجتك عالية وإما درجتك منخفضة. هذا الذي يحدث في يوم القيامة قريب من هذا المنظر تمامًا، لكنه في امتحانٍ يختلف عن امتحان الدنيا، نعم يختلف اختلافًا كبيرًا، تصور أيها المبارك أن الناس كلهم قد جُمعوا في مكانٍ واحد وفي صعيدٍ واحد، ثم أمر الله عزّ وجلّ بهذه الصحف أن تتطاير بين الناس، ثم الناس ينظرون إلى هذه الصحف ما الذي يُصيبهم منها، فجأة إذا صحيفة قد توجهت لك أنت، صحيفة من هذه الصحف التي نُشرت قد توجهت لك أنت، ماذا سيكون حالك؟ بأي يدٍ ستستقبل هذه الصحيفة؟ باليمين؟ أرجو من الله جلّ وعلا لنا جميعًا ذلك، بالشمال؟ أسأل الله عزّ وجلّ أن يُعيذنا من هذا الموقف العظيم، هذا الموقف المخزي، من الناس من يستقبل هذا الكتاب بيمينه، فهنيئًا له، ومن الناس من يستقبل هذا الكتاب بشماله من وراء ظهر، فيا حسرةً عليه والله، نعم يا حسرةً عليه، الموقف ليس بالهين، هل هناك من يستطيع أن يقلب هذا الكتاب من الشمال إلى اليمين؟ لن يوجد أحدٌ يقدر على ذلك في ذلك الموقف العظيم. فإذًا أيها المبارك تصور ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾، نُشرت أي بمعنى أنها تطايرت، نُشرت على الخلائق وفُتحت، لما تطايرت على الناس فكل إنسانٍ عندما وقع هذا الكتاب بإحدى يديه إذا هو يفتح هذا الكتاب وينشره ليقرأ، يقرأ هذا الكتاب وماذا كُتب فيه، ولك أن تتأمل في يومٍ واحدٍ فقط من أيام حياتك أنت، أنت الآن تُملي هذه الصحف، أنت الذي تُمليها في الحياة الدنيا، لك أن تتأمل هذه الصحف الآن في الحياة الدنيا قبل أن تتطلع عليها في الآخرة. احسب عملك في يومٍ واحدٍ من دون أن تتعنى لشيءٍ معين، ابدأ اليوم، بدأت في هذا اليوم من بعد الفجر إلى أن تقوم من نومك، ما الذي يحدث؟ الذي يحدث أنك صليت الفجر مع الجماعة، الحمد لله، قرأت وردك، الحمد لله، قرأت حزبك من القرآن، الحمد لله، قمت وخرجت إلى عملك بنيةٍ صالحة، الحمد لله، صليت الضحى، الحمد لله، جاء الظهر وصليت النافلة الراتبة قبل الظهر، الحمد لله، صليت الظهر خاشع متوجهًا إلى الله عزّ وجلّ منيبًا مُخبتًا، الحمد لله، أديت الراتبة الحمد لله، عدت إلى راحتك تستعد لبقية يومك، العصر كذلك أربعًا قبل العصر، ثم قرأت وردك وحزبك من القرآن، جاء المغرب أيضًا كذلك، ذهبت في عملك في طلب رزقك، وكل ذلك بطاعة لله عزّ وجلّ وبخشيةٍ منه، ثم انتهى يومك ونمت على ذكرٍ لله عزّ وجلّ وعلى قراءةٍ لأورادك، فإذا أنت في يومٍ ستسر إذا رأيت هذه الصحيفة في يوم القيامة. لكن اقلب هذا الأمر أسيسرك يوم القيامة أن يُقال فلان واقع فلانة حرامًا؟ أيسرك هذا أن تجد في صحيفتك فلان زان؟ فلان آكل الربا، فلان كذب، فلان ضيع الصلاة لم يصلها مع جماعة المسلمين، ضيع الصلاة لم يصلها في المسجد، ضيع الصلاة أخرها عن وقتها، أتُسر بهذا إذا وجدته يوم القيامة؟ لن تُسر، وتكذب إن قلت ستسر، وإن قلتها عنادًا سترى ما الذي يحدث لك في ذلك الموقف العظيم، إن ظلمت إنسانًا ستسر أن يُقال ظلم فلانًا؟ أكل ماله، كذب عليه، اعتدى عليه، كان ضعيفًا فرأى في نفسه قوة فجاءه بالبهتان والظلم والاعتداء، لن تفرح به، هذه هي صحفك أيها المؤمن، هذا الذي ستراه في يوم القيامة فانتبه لذلك، فانتبه لذلك هذه الصحف إذا ملئت والله لن يستطيع إنسانٌ كائنًا من كان أن يمحو منها شيئًا، قد أُثبتت عليك، فلن يستطيع أن يمحو منها شيئًا. أيها الأحبة، فاصلٌ قصير ثم نعود لاستكمال تفسير هذه السورة. فــاصــــــــــــــــل تليفزيونـــــــــــــــي بســم الله الرحمٰن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. حياكم الله أيها الأخوة مرةً أخرى، ونواصل الكلام عن تفسير هذه السورة عند قول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]، وتم الكلام عن الصحف وعن واقعها، وهذا الأمر الذي أُريده منك أيها المبارك أن يبقى منك في ذهنك أن تتذكر هذه الحال وأن تتذكر هذه الصحف إذا مُلئت، بعد ذلك قال الله عزّ وجلّ وهو يُبين هولًا أخرة من أهوال يوم القيامة ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ [التكوير: 11]، وقد سبق الكلام عن السماء وعن مراحلها وعن ما يتعلق بكشطها، وأن هذه المرحلة التي ذكرها الله عزّ وجلّ في هذه السورة من أواخر ما يقع من أهوال يوم القيامة، وهي مُفسرةٌ بقوله سبحانه وتعالى ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾ [الأنبياء: 104]. بعد ذلك قال الله تعالى ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴾ [التكوير: 12]، وهذه الجحيم لها أمرٌ عجيبٌ جدًا في يوم القيامة، وقد أخبر الله عزّ وجلّ هنا أن الجحيم سُعرت، وهذا التسعير هو تسعيرٌ خاصٌّ يكون في يوم القيامة استعدادًا لأهل النار الذين سيُلقون فيها، وإلا فإن نار جهنم –أعاذنا الله وإياكم من ذلك- كأنها قد سُعرت قديمًا، وقد ثبت عند الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه موقوفًا عليه وهو في حكم المرفوع أنه قال "أوقد على النار ألف عامٍ حتى احمرت" معنى احمرت أنها بدأت تشتعل، بدأ لهبها يظهر، "ثم أوقد عليها ألف عامٍ حتى ابيضت"، معنى ابيضت أن لهبها بدأ يظهر دخانًا فغطى هذا الدخان الأبيض هذه النار، "ثم أوقد عليها ألف عامٍ حتى استودت، فهي سوداء مظلمة". ولذا قال سلمان الفارسي وابن عبّاس والضحاك بن مزاحم وجماعة من أهل العلم في تفسير هذه الآيات "كل شيءٍ في النار فهو أسود"، أهلها سود، ودوابها سود، ووحوشها سود، وأغلالها سود، ودخانها أسود، ونارها سوداء، وكل أكلها أسود، طعامها أسود، وشرابها أسود، وكل ما فيها أسودٌ في أسودٌ، وهذه حقيقة في نار جهنم أن كل ما فيها أسود فليس فيها قطعة من نورٍ أبدًا، لا يدخل إليها نور ولا يخرج منها نفس، هذه هي النار التي ستسعر في يوم القيامة، ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴾ [التكوير: 12]. وهذه النار إذا أقبلت في يوم القيامة وسُعرت فإن لها هولٌ عظيمٌ على الناس، ولها وقعٌ شديدٌ، ومن هولها أنها عندما تزفر فإن ملائكة الله عزّ وجلّ وأنبياء الله عزّ وجلّ حتى إبراهيم الخليل يجثو على ركبتيه، وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال عن قوله سبحانه وتعالى ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان: 12]، هذا الزفير عبارة عن هواء حارٌّ يخرج من النار يوم القيامة، قال عن هذه الآية "عندما تزفر جهنم يجثو الأنبياء، حتى إن إبراهيم الخليل عليه السلام ليجثو على ركبتيه ، فيقول ربي ربي لا أسألك اليوم إلا نفسي، ربي ربي لا أسألك اليوم إلا نفسي، ربي ربي لا أسألك اليوم إلا نفسي"، من هول الأمر إنما تُسعر جهنم في يوم القيامة، هذا إبراهيم الخليل، هذا أبو الأنبياء، هذا شيخ التوحيد، هذا حاله!، فما حالنا نحن؟ ما أمرنا نحن؟، الأمر ليس بالهين أيها المبارك. ولذا أيضًا جاء عن جبريل في حديث ابن عباس موقوفًا عليه أنه قال عن جبريل عليه السلام "إذا ذفرت جهنم فإن جبريل يقول اللهم سلم سلم اللهم سلم سلم اللهم سلم سلم"، هذا كلام جبريل وهذا كلام إبراهيم الخليل، فما حال الناس في ذلك الموقف العصيب؟ ما حال المجرمين؟ ما حال الكفرة؟ ما حال الفجرة؟ ما حال الذين يرتكبون منهيات نهى الله عزّ وجلّ عنها في الليل والنهار؟ في اليوم مراتٍ كثيرة، ما حالهم؟ ما شأنهم؟ إذا كان هؤلاء جثوا على الركب، هؤلاء سيفعلون ماذا؟، أمرٌ عظيم ليس بالهين أبدًا، هذه نار جهنم، شأنها وحجمها وعظمها، ألا يكفيك أن الله أضافها لنفسه فقال ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ [الهمزة: 6]، الأمر ليس بالهين أبدًا، فعندما تُسعر النار هذا من أعظم أهوال يوم القيامة، ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴾ [التكوير: 12]، ثم بعد ذلك إذا سُعرت الناس ماذا يحدث للناس؟ يحدث للناس قنوط، يأس، خوفٌ رهيب، رهبة. بعد ذلك تقدم الجنة، ﴿ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ [التكوير: 13]، تقدم جنة الله عزّ وجلّ، تقدم رحمة الله سبحانه وتعالى، تقدم هذه الجنان، هي من وراء النار ولكن يراها أهل الإيمان قد أزلفت قربت، فيرتاحون لذلك ويطمئنون، ويأتيهم من روحها ويأتيهم من ريحها فتطمئن الأنفس وتهدأ النفوس قليلا لأن جنة الله قد أقبلت، ولأن رحمة الله قد شُرعت، ﴿ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ [التكوير: 13] قُربت لأهل الإيمان، فتصور هذا الحال، فتصور حال أهل الإجرام وهم يرون النار ويعلمون وأنهم من أهلها، وتصور حال الجنة وقد تزينت لقاطنيها وسكانها وهو يعلم أنه سيُحرم منها، وتصور أنت أيها المؤمن والنار تزفر وأنت في أمان قد أمنت من الفزع الأكبر، وهدأت نفسك وأنت ترى الجنة وتتمنى متى ينقضي الحساب فتكون من أهلها، الأمر ليس بالهين أيها المبارك، فهذه ستٌ بعد البعث، وتلك ستٌ قبل البعث. بعد ذلك أنت أيها المؤمن أيها المبارك يُخبر الله عزّ وجلّ عن حالك كما يُخبر عن حال ذاك المجرم فيقول الله سبحانه وتعالى في ختام هذه الست وفى ختام تلك الست بعد هذه الأهوال العظام وبعد هذه الأمور الكبار يقول الله عزّ وجلّ لك ويذكرك ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾[التكوير:14] ستعلم أنت ماذا أحضرت في يوم القيامة ستعلم نفس ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ ستعلم هذه الأنفس ما الذي جاءت به إلى يوم القيامة لا إله إلا الله إذا كنا سنعلم ما الذي سنأتي به في يوم القيامة ألا نأتي بحسنات نتقرب بها إلى الله يا أخي الحسنات أبوابها واسعة، والسيئات والله أبوابها ضيقة ولكن النفس والهوى، عندك من أبواب الحسنات أشياء عظيمة عندك الصلاة عندك الصيام عند كذلك غير هذه العبادات عندك الإحسان إلى اليتيم والمسكين والصغير والضعيف، عند التسبيح والتهليل والذكر وما أسهلها وما أهونها على الإنسان لو أنه عالج نفسه وغالبها ورباها على ذكر الله سبحانه وتعالى إذاًَ أيها المؤمن أيها المبارك الأمر يسير ولكن أين القلوب التي تتفتح لكتاب الله عزّ وجلّ ؟ أين القلوب التي تريد أن ترتوي بكتاب الله سبحانه وتعالى ؟ أين القلوب التي تريد أن تحيا بكتاب الله جلّ وعلا ؟ أين القلوب التي تريد من هذا القرآن أن يكسر الأقفال التي وضعها الشيطان على قلب هذا الإنسان يريد منها أن يحرمه من الجنان ويريد منها أن يقذف به في مدارك ودركات النيران أين أنت أيها المؤمن من كتاب ربك؟ والله لو تأملنا آيات قليلات من كتاب الله لساقنا هذا القرآن إلى عظيم من الإيمان لساقنا إلى رفعة من الجنان والأمر يسير يا أخي هي ساعة لكن تعيش هذه الساعة مع كتاب ربك، نعم هي ساعة لكن هذه الساعة تكون أنت مع الله عزّ وجلّ مع كلام الله هي ساعة ولكن تقبل فيها على تدبر كلام ربك سبحانه وتعالى هي ساعة ولكنها تتصل بها برحمن السماوات والأرض بهذا الرحمن الرحيم بهذا القريب ممن اقترب منه إذا أتيته تمشي أتاك هرولة جلّ وعلا تريد أعظم من هذا الإحسان تتقرب إليه شبراً يتقرب إليك ذراعاً جلّ وعلا تريد أعظم من هذه الرحمة بين يديك كلام رب الأرباب سبحانه وتعالى لما لا تعيش معه في لحظات تكون أنت أيها المؤمن في حياة تخرجك قليلا عن طور هذه الحياة الدنيا وما فيها من التعب وما فيها من النكد وما فيها من الأشغال وما فيها من الهموم ولكن ساعة تكون أنت فيها قد أحط نفسك بكلام ربك فاسمع هذا القرآن بكل جوارحك ليس بأذنيك فقط بكل جوراحك تسمع هذا القرآن بقلبك تسمع هذا القرآن بأذنيك تسمع هذا القرآن أيضاً بجوارحك بقشعريرة جلدك تسمع هذا القرآن من كل وجه عشها ساعة مع كتاب ربك، نعم عشها ساعة أيها المؤمن أيها المبارك عشها ساعة مع كتاب ربك ستجد الفرق العظيم بين حياة بدون القرآن ومع حياة مع القرآن ستجد الفرق الكبير الشاسع بين حياة يكون غذاؤها من كتاب الله وبين حياة يكون غذاؤها من الشيطان، نعم ستجد الفرق العظيم أيها المبارك ولكن أعيد وأكرر عليك كتاب ربك، كتاب ربك، كتاب ربك، عليك بهذا الكتاب العظيم ثم أبشر فوالله ليكونن معك هذا الكتاب في الحياة الدنيا ووالله ثم والله ثم والله ليكونن معك هذا الكتاب معك في قبرك والله ثم والله ثم والله ليكونن معك هذا الكتاب بعد نشرك والله ثم والله ثم والله ليكونن معك هذا الكتاب وأنت فوق الصراط وليكونن معك هذا الكتاب عندما تدخل جنة ربك نعم سيكون معك وسيقال لك اقرأ وارتقِ كما كنت ترتل في الدنيا ستصعد لكن أين ؟ تصعد في الدرجات العالية من الجنات أين ؟ إلى درجات لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى نعم أيها المؤمن درجات والله هي الدرجة الواحدة في جنات عدن لو قيل لك في ذاك الموقف تشتريها بماذا لتشترينها بكل شيء تشتريها بروحك تشتريها بأمك وأبيك تشتريها بكل الناس من حولك تشتريها بكل حال من أحوالك والآن تستطيع أن تحصل درجات عالية في الجنان بأمر يسير بأن تعيش حياة سعيدة ولذة والله ليست بالقليلة لكن مع القرآن جرب هذا أيها المؤمن لا تحرم نفسك لم تحرم نفسك؟ لم تحرم نفسك هذا ؟ ما السبب ؟ ما تستطيع أن تجعل ساعة لكتاب ربك ساعة تكون فيها أنت والقرآن أحبه تصاحب كتاب الله عزّ وجلّ تستطيع لكن رتب أوقاتك، رتب هذا اليوم الذي أعطاك الله عزّ وجلّ إياه هذه الدقائق هذه اللحظات رتبها قليلاً اجعل لكتاب الله عزّ وجلّ حظاً ساعة واحدة مع كتاب الله ساعة واحدة تقبل فيها على كلام ربك ساعة واحدة يكون فيها المرء مع الله ومع كلام الله يقرأ ويتدبر ويتأنى حين يقرأ إذا كان كذلك، والله أبشر بالخير ستفرح عظيما وستفرح شديداً وستفرح والله في كل موطن ولن يكون الأمر في فرحك أن يكون هذا خاصاً بك لا، وإنما فرح أيها المؤمن لن يقتصر عليك بل سيفرح بك كل من يشفعهم الله عزّ وجلّ أو يجعلك شفيعاً لهم في يوم القيامة هذه الأمور أيها المبارك أريد أن تبقي منك على وأنت على ذكر وأنت على كتاب ربك ونحن في ختام هذه الدروس التي أريده منها أن تتعلق بكتاب ربك لا تتعلق بأحد من الخلق كائناً من كان الذي أريده من هذه الدروس أن تتوجه بعد ذلك إلى كلام الله وأن يكون هو مهربك وهو ملجأك وهو حصنك لا تتوجه إلى أحد من الناس كائناً من كان إلا إلى كتاب ربك ستجد فيه الحل لكل المشاكل من أولها إلى آخرها ستجد فيه إزالة الهموم كلها من أولها إلى آخرها ستجد فيه الناصر والمعين في كل الأمور من أولها إلى آخرها قد عاش في رياضه رسولنا وحبينا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنستغني نحن أن نعيش في هذه الرياض؟ كلا والله، إذاً فلنقبل على كلام ربنا، إذاً فلنأتي إلى كلام الله عش مع هذا الكتاب أيها المبارك ساعات وسترى ما الذي يحدث في قلبك؟ وما الذي يجري لجوارحك؟ وما الذي يجرى للدنيا جميعا من حولك ؟ ستتغير الدنيا من حولك نعم ستتغير ستهدي الناس أنت لكن بكلام الله وستخرج الناس من الظلمات إلى النور لكن بأي شيء؟ بكلام الله وسيأتي الناس إلى دين الله أفواجا بأي شيء؟ بكتاب الله كل هذا يكون بهذا القرآن العظيم إذا أقبلت عليه وإياك ثم إياك أن يأتيك ما يشغلك عن هذا القرآن فإنه والله خسارة ليس بعدها خسارة ونكر للجميل من الله عزّ وجلّ الجليل الجميل بأن منّ عليك بهذه النعمة العظيمة إذاً أيها المبارك تعلق بكتاب الله وكن قريباً من الله وعليك بكتاب الله ثم أبشر وأبشر وأبشر بنور من الله سبحانه وتعالى هذا القرآن نور. أسأل الله عزّ وجلّ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، اللهم إني أسألك بجودك وكرمك اللهم إني أسألك برحمتك اللهم إني أسألك بقوتك اللهم إني أسألك بجبروتك اللهم إني أسألك بأنك رب السماوات والأرض، يا ربنا ويا خالقنا ويا رازقنا يا ذا الجلال والإكرام ربنا إلهنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا يا ذا الجلال والإكرام اللهم ربنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل لنا من هذا القرآن العظيم نوراً في قلوبنا اللهم اجعل لنا منه نوراً في قلوبنا اللهم اجعل لنا منه نوراً في قلوبنا اللهم ونوراً في أسماعنا اللهم ونوراً في بصائرنا اللهم ونوراً في بصائرنا اللهم ونوراً في أبصارنا اللهم ونوراً في أبصارنا اللهم واجعل لنا منه نوراً يا ذا الجلال والإكرام عن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا ومن أمامنا ومن خلفنا واجعل لنا نوراً يا ذا الجلال والإكرام اللهم اجعله هادينا وقائدنا إلى جناتك جنات النعيم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. سأل أحد الطلبة: جزاكم الله خيراً يا شيخ ونفعنا الله بهذا الشرح الرائع، نريد أن نعرف كيف يمكننا الاستفادة الفعلية من هذه الدروس، ربما يعني أحدنا يجد هذه المراحل السبعة وتعلمها والمراحل الثلاثة الأوائل بالنسبة لعموم المسلمين ولكن لا يستطيع أن يطبقها فما السبيل كي يطبقها بمثل هذه المراجع الكثيرة التي كتبناها وعلمناها؟ سأل الشيخ: السؤال عن كيفية تطبيق هذه المرحل؟ أكمل الشيخ: الاستفادة منها بالفعل كي نفهم كتاب الله عزّ وجلّ . أكمل الشيخ : جيد تقصد الاستفادة الفعلية؟ حقيقة فيما ذكرت سابقاً أنا حرصت على الشيء العملي الفعلي يعني حاولت أن يكون هناك شيء علمي وفعلي وهذا الذي جربته يعني مع نفسي وجربته معه الأخوة والأحبة أيضاً كذلك في شرح هذه المراحل سواء كانت ثلاثة أو المراحل السبعة فأريد منك أيها المبارك فقط أن تحاول أن تطبق هذا بشيء من الهمة شيء من الجهد وهذا سهل ويسير ليس بالعسير أبداً يعني هذه المراحل التي تراها ليست بالعسيرة أبدا خصوصاً الثلاثة الأولى يعني تحدد من أين تبدأ تقبل على كلام الله عزّ وجلّ بتلاوته بتأني وترك العجلة أن تختار كتاباً ميسراً في التفسير هذه يسيرة سلهة ممكنة التنفيذ أليس كذلك ؟ هذا الذي أريده الأشياء التي أمامك ليست صعبة أبداً وإنما قد يضع الشيطان حواجز دونك ودونه فتقول أين أنا والمراحل الثلاثة أين أنا والمراحل السبعة أين أنا من فهم كلام الله عزّ وجلّ هذا كله من الشيطان أن تستعذ من الشيطان وأقبل على كلام الرحمن سبحانه وتعالى ثم أبشر بالخير لكن ابدأ، دع عنك الهواجس دع عنك هذه الخواطر التي هي خواطر نستطيع أن نقول إنها خواطر ليست من الله أبدا وإنما تكون من الشيطان يعني هذه الحواجز والصعوبة، أبداً ليست صعبة لكن أقبل وإذا أقبلت على الله فأبشر بإعانة وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى، واضح إذاًَ الجواب أنك أقبل وسترى بإذن الله عزّ وجلّ كل خير. بهذا نختم هذه الحلقات وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي | مسلمة لله | روضة آداب طلب العلم | 31 | 02-08-16 12:15 PM |
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين | أم خــالد | روضة القرآن وعلومه | 15 | 14-02-10 02:56 AM |
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به | طـريق الشـروق | روضة القرآن وعلومه | 8 | 22-12-07 03:50 PM |