العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . بوابة الملتقى . ~ . > فعـــاليات صــــ 1432 ــــيف هــ والاستعداد لشهر رمضان

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-09-09, 05:09 AM   #21
إشراف الأقسام العامة
|تواصي بالحق والصبر|
 
تاريخ التسجيل: 19-09-2006
المشاركات: 927
إشراف الأقسام العامة is on a distinguished road
افتراضي

غذاء الروح في رمضان

إن هذا الشهر المبارك الكريم هو أعظم موسم لغذاء الروح، وغذاؤها يكون بأمرين:
أحدهما: تفريغ ، والثاني: تعبئة.
أما التفريغ، فهو الإمساك عن الأكل والشرب، فإنه يعين على التفكر والتأمل، ويصون القلب عن وساوس الشيطان؛ لضيق مجاري الدم بقلة الأكل، إلا أن هذا الصيام لا بد أن يكون معه خمسة أمور من جنسه، فيها تفريغ، وهي:
الأول: صيام العين: إن الصائم تصوم عينه فيغض بصره ويكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره، وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل([1])، قال صلى الله عليه وسلم ((النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله، فمن تركها خوفًا من الله آتاه الله عز وجل إيمانًا يجد حلاوته في قلبه))([2]).
ألم تر أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)} [سورة طـه 20/131]، فالصائم يمسك عينه عن هذا النظر الذي يملأ القلب بزينة الحياة الدنيا والتعلق بها، ويشغل الجوارح بطلبها، فإذا صامت عينه عن ذلك فرغ قلبه من التعلق بزخارف تتحول وتتبدل، ووجه نظره إلى ما هو خير وأبقى، واستعد لاستقبال ما يرد عليه من كلام الله وهداه، وذكره والانشغال به.
الثاني: صوم اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت عما فيه مضرة، أو ما لا منفعة فيه، وقد قال سفيان الغيبة تفسد الصوم رواه بشر بن الحارث عنه، وروى ليث عن مجاهد: خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب([3])، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم))([4])، وقال صلى الله عليه وسلم ((ليس الصيام من الطعام والشراب، وإنما الصيام من اللغو والرفث))([5])، وقال أيضًا: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه؛ لأن كل ما حرُم قوله حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى {سماعون للكذب أكالون للسحت}، وقال عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت}، وقال تعالى{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140)} [سورة النساء 4/140]([6]).
والسمع بريد القلب، فمن حفظ سمعه فقد حفظ قلبه وروحه من أن يصل إليها ما يفسدها، وقد ورد أن ((الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع))، والألحان شراب الأرواح التي تسكر بها، وتطرب لها، وتنشغل بها عن سماع كلام الله والاستفادة منه.
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الأكل الحرام وقت الإفطار، فلا معنى للصوم -وهو الكف عن الطعام الحلال- ثم الإفطار على الحرام، فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا، فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته، لا بنوعه، فالصوم لتقليله، وتارك الاستكثار من الدواء خوفًا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيهًا، والحرام سم مهلك للدين، والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره، وقصد الصوم تقليله([7]).
الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار، بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغضُ إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال، وكيف يُستفاد من الصوم قهرُ عدوِّ الله وكسرِ الشهوة إذا تداركَ الصائمُ عند فطره ما فاته ضَحوةَ نهارِه؟!! وربما يزيد عليه في ألوان الطعام، حتى جرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان، فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى، وإذا فرغت المعدة من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس، حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها، ثم أُطعمت من اللذات وأشبعت، زادت لذتها وتضاعفت قوتها، وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها، فلهذا ترى من بعض الناس في رمضان زيادة في الشر، وبعدًا عن الخير، وتفننًا في أنواع المعاصي؛ لما يفعلونه في ليلهم من ملأ البطون، وتلبية دواعي الشهوات، فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل، وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً، فلم ينتفع بصومه، بل إن من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش، ويستشعر ضعف القوى، فيصفو عند ذلك قلبه، وليبق لليله شيئًا من الضعف والجوع، حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء، ومن ملأ بطنه بأصواع من الطعام فهو عن ملكوت الله محجوب، وقد أوسع للشيطان مجراه، وفتح له الأبواب([8]).
والمتأمل في عبادة الاعتكاف يجدها تعين الصائم على هذه الأمور كلها.
ثم بعد هذا التفريغ تكون الروح جاهزة لاستقبال ما يرد عليها من النور الإلهي، والفيض الرباني، فتشتاق بسببه إلى فعل الخيرات، وتنشغل به عن المحرمات.
فأول ذلك: الصلاة، وهي الصلة بين العبد وربه، وشهر رمضان شهر القيام، فالنفوس تتعلق فيه بالصلاة، وتقبل عليها، وتمتلئ المساجد بالمصلين.
والصلاة لا تكون غذاء للروح حتى يخشع صاحبها فيها ويخضع، ويستحضر قلبه، وجميع جوارحه فيحضرها ذليلة بين يدي الله، فينكشف له في هذه الحال من عظمة الله وكبريائه، وقوته وجلاله، ما يصغر معه كل كبير في الدنيا، فينطق قلبه بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل قبل أن ينطق لسانه، قال تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
الثاني: قراءة القرآن، وهو الروح الذي أنزله الله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، فلا حياة لأرواح بني آدم إلا به، فهو غذاؤها ودواؤها، وهو حياتها ونظامها، قال تعالى {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}، وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً (82)} [سورة الإسراء 17/82]، وقال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [سورة البقرة 2/185]
الثالث: مداومة الذكر، من التسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، فإن الله مع عبده إذا ذكره، وهو يطرد الشيطان، ويحيي القلب ويغنيه، ويحط السيئات، ويزيل الوحشة بين العبد وربه، قال سليمان الخواص رحمه الله: الذكر للقلب بمنزلة الغذاء للجسد , فكما لا يجد الجسد لذة الطعام مع السقم , فكذلك القلب لا يجد حلاوة الذكر مع حب الدنيا([9]).
الرابع: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقًا مضطربًا بين الخوف والرجاء؛ إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين، وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها، فقد روي عن الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون، فقال: "إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته" أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك، وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك، فقال: إني أعده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه([10]).
وقيل لأبي مسلم الخولاني: ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟! قال: إن الخيل لا تجري الغايات وهن بُدَُّن([11])، إنما تجري وهن ضُمَّرٌ، إلا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل([12]).

([1]) إحياء علوم الدين (1/233).

([2]) رواه الحاكم في المستدرك (4/346، رقم 7875) من حديث حذيفة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه الطبراني (10/173، رقم 10362) من حديث عبد الله بن مسعود.

([3]) إحياء علوم الدين (1/234).

([4]) متفق عليه من حديث أبي هريرة.

([5]) رواه البخاري (1770).

([6]) إحياء علوم الدين (1/235).

([7]) إحياء علوم الدين (1/235).

([8]) إحياء علوم الدين (1/235).

([9]) نقله عنه ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (5/52).

([10]) إحياء علوم الدين (1/235- 236).

([11]) قال في القاموس: ككتب، وركع. هذا إذا أردت الجمع، أما المصدر فهو:

([12]) سير أعلام النبلاء (4/10).
إشراف الأقسام العامة غير متواجد حالياً  
قديم 07-09-09, 05:15 AM   #22
إشراف الأقسام العامة
|تواصي بالحق والصبر|
 
تاريخ التسجيل: 19-09-2006
المشاركات: 927
إشراف الأقسام العامة is on a distinguished road
افتراضي

آثار غذاء الروح.

إن الروح إذا تغذت بتفريغ المفسدات، والتزود بهدى الله الذي أنزله لعباده، فإن لذلك آثارًا عظيمة على الجوارح، فتقبل على العبادة بنفس منشرحة، وترى فيها أنسها وراحتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).
حتى إن الله تعالى يوكل بها من يوقظها إذا هي غفلت أو تكاسلت، كان العلاء بن زياد له وقت يقوم فيه، فقال لأهله تلك الليلة: إني أجد فترة، فإذا كان وقت كذا فأيقظوني، فلم يفعلوا، قال: فأتاني آت في منامي، فقال: قم يا علاء بن زياد اذكرِ الله يذكرْك، وأخذ بشعرات في مقدَّم رأسي، فقامت تلك الشعرات في مقدَّم رأسي، فلم تزل قائمة حتى مات، قال يحيى بن بسطام: فلقد غسلناه يوم مات وإنهن لقيام في رأسه([1]).
1- فالصوم يغذي في روحك محبة الصلاة؛ لأنها تصلك بالله، الذي أنعم عليك بجميع النعم، وهداك لهذا الدين القويم، ومن عليك بتعليمك القرآن العظيم، ولهذا ورد في الحديث ((أن شرف المؤمن قيامه بالليل))([2]).
2- ومن آثار غذاء الروح أن تجود النفس ببذل المحبوبات طاعة لله تعالى، فتنفق في سبيل الله، وتعطي المحرومين، وتواسي الفقراء والمعدمين، وهي ترجو الخلف من الله، كما قال تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}.
3- ومن آثار غذاء الروح الانتصار على العدو، ونشر دين الله في الأرض، ولقد كان شهر رمضان شهر الانتصارات في تاريخ الأمة الإسلامية، بل إن فرضه كان قبل معركة بدر بشهر، ووقعت بدر في شهر رمضان من هذه السنة بعد أن فرض([3])، وكأنه والله أعلم مقدمة بين يدي النصر، ولتكون النفوس قد تربت على الطاعة والصبر، فمن أطاق حبس نفسه عن شهواتها وملاذها، وقهَر عدوه الذي يلازمه ليل ونهار، بل يجري منه مجرى الدم، استطاع مقابلة العدو الظاهر، الذي لا يراه إلا في ساحة المعركة.
وهذا العلاء الحضرمي أراد أن يلحق العدو في جزيرة يقال لها دارين، وليس معه سفن، فارتحل وارتحل معه جيشه، حتى إذا أتوا ساحل البحر اقتحموا على الصاهل والجامل، والشاحج والناهق، والراكب والراجل، ودعا ودعوا، وكان دعاؤه ودعاؤهم: يا أرحم الراحمين يا كريم يا حليم يا أحد يا صمد يا حي يا محيي الموتى يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت يا ربنا، فأجازوا ذلك الخليج بإذن الله جميعًا، يمشون على مثل رملة ميثاء، فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل، وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن البحر في بعض الحالات، فالتقوا بها عدوهم واقتتلوا قتالا شديدًا، ونصرهم الله، فلما فرغوا رجعوا عودهم على بدئهم حتى عبروا، وفي ذلك يقول عفيف بن المنذر:
ألم تر أن الله ذلل بحـــره وأنزل بالكفار إحدى الجلائل
دعونا الذي شق البحار فجاءنا بأعجب من فلق البحار الأوائل([4]).
4- ومن آثار غذاء الروح أن تعف النفس عن مواقعة الشهوات، فالصيام يقوي الإرادة، ويدرب الصائم على أن يمتنع باختياره عن شهواته، فلا يكون عبدًا لشهوته، يلبي نداءها كلما نادته، ويطعمها كلما استطعمته.
ومن يطعم النفس ما تشتهي كمن يطعم النار جزل الحطب([5]).
5- والصوم يغذي في الروح الزهد في الدنيا والتعلق بالله والتوكل عليه، والرضا بما قسم، وعدم التعلق بالدنيا وحطامها، اجتمع بعض الزهاد، ومعهم سليمان الخواص، فتذاكروا الفقر والغنى، فقال بعضهم: الغني من كان له بيت يسكنه، وثوب يستره، وسداد من عيش يكفُّه عن فضول الدنيا، وقال بعضهم: الغني من لم يحتج إلى الناس، فقيل لسليمان: ما تقول أنت في ذلك؟ فبكى وقال: "رأيت جوامع الغنى في التوكل، ورأيت جوامع الفقر في القنوط، والغني حق الغني من أسكن الله في قلبه من غناه يقينًا، ومن معرفته توكلًا، ومن قسمته رضًا، فذلك الغني حق الغني وإن أمسى طاويًا وأصبح معوزًا" فبكي القوم من كلامه([6])
6- ومن آثار غذاء الروح حصول صفة الحياء، فإن الروح المتغذية بعبادة الصيام يحصل لها حياء عظيم من خالقها، إذ كيف تمتنع عما فيه حياتها طاعة له، ثم تقبل على ما فيه هلاكها، وهو ينظر إليها في كلا الحالين؟!! وكيف تقبل عليه في هذا الشهر ثم تنتكس على عقبيها بعده؟! وكيف تمسك عن الطعام وتفطر على لحوم إخوانها؟! وكيف تطيع في النهار وتعصي في الليل؟ ومن تخلق بخلق الحياء فقد فاز بأحسن الأخلاق، واكتسى أجمل الثياب، وتزود بأطيب الأزواد.
7- ومن آثار غذاء الروح التربي على التدرج في الأعمال، وأن يكون الانتقال من صغيرها إلى كبيرها، وأن يكون الإتقان فيها هو أول أركانها، فالنبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، بعد أن تكون الروح قد أخذت قدرًا كافيًا من الغذاء، وتعودت على الجوع، فيكون الاجتهاد في العشر الأواخر ليختم المؤمن عبادته بمضاعفة عمله، وتوديع هذا الشهر بما يستحقه.
فتتعود النفس على إتقان أعمالها، وتحرص على إتيان البيوت من أبوابها، وتعلم العلم النافع من أهله، واتباع الوسائل الصحيحة لتعلمه، واستكمال الشروط اللازمة له، وفي ذلك حصول الفلاح في الدنيا والآخرة([7]).
8- ومن آثار غذاء الروح مراجعة أحوال العبد في دنياه، ماذا قدم؟ وماذا فعل؟ وبأي شيء سيقبل على الله، وهو الذي يقول {إلى ربك يومئذ المساق}، ويقول {إن إلى ربك الرجعى}.
9- ومن آثار غذاء الروح الترفع عن الوقوع في أموال الناس بالظلم والبغي والباطل، كما قال تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} [سورة البقرة 2/188].
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
وكتبه عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين

([1]) الروح لابن القيم (1/190).

([2]) رواه الشهاب في مسنده (رقم 151، 746) عن سهل بن سعد، وقال الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ج1/ص34): "رواه الخطيب عن سهل بن سعد مرفوعا، وفي إسناده محمد بن حميد كذبه أبو زرعة، رواه عن زافر بن سليمان، وهو ضعيف، قال في اللآلىء: أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق عيسى بن صبيح عن زافر وصححه، قال ابن حجر في الأمالي: تفرد به زافر وهو صدوق سيىء الحفظ كثير الوهم، وفي إسناده محمد بن عيينة وفيه مقال، فالصواب أن الحديث ضعيف لا كما جزم به الحاكم من كونه صحيحا، ولا كما جزم به ابن الجوزي من كونه موضوعا، وله شواهد ولكن بدون قوله واعلم" وقال أيضًا: "ورواه العقيلي عن أبي هريرة وهو موضوع".

([3]) انظر: البداية والنهاية (3/254- 255).

([4]) تاريخ الطبري (2/289- 290).

([5]) انظر: رمضان دروس وعبر (253).

([6]) المستطرف في كل فن مستظرف (307- 308).

([7]) انظر: رمضان موسم تعبئة ومراجعة ومواجهة (52).

التعديل الأخير تم بواسطة إشراف الأقسام العامة ; 07-09-09 الساعة 05:57 AM
إشراف الأقسام العامة غير متواجد حالياً  
قديم 07-09-09, 05:44 AM   #23
إشراف الأقسام العامة
|تواصي بالحق والصبر|
 
تاريخ التسجيل: 19-09-2006
المشاركات: 927
إشراف الأقسام العامة is on a distinguished road
Icon15

روابط مفيدة :
=======


ملف 1 :
أفلا يتدبرون القرآن؟!

عناصرالملف :
1- مقدمة.
2- هل هو من عند الله؟
3- في القرآن جميع العلوم النافعة.
4- كيفية التدبر ووسائله.
5- ثمرات التدبر
6- صوارف التدبر.
7- أيهما أفضل؟
8- الاقتصاد في قراءة القرآن.
9- من هم أهل القرآن؟
10- بأي شيء نبدأ؟

للتحميل (بالضغط بالزر الأيمن)


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


ملف 2 :
كيف نفهم القرآن الكريم؟

عناصرالملف :
1- لماذا الحديث عن فهم القرآن.
2- تيسير القرآن للعباد..
3- هل فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء؟
4- الخطأ في فهم القرآن.
5- الاختلاف في الفهم والتفسير.
6- معالم ترشدك إلى الطريق الصحيح.


للتحميل (بالضغط بالزر الأيمن)


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

فتاوى :


سؤال عن قضاء الصيام

النفساء التي تفطر رمضان هل عليها صيام أم إطعام

سؤال خاص بالصيام والوقت؟

افيدونا فى رؤية هلال رمضان وشوال

بخاخ الربو ..

ما حكم بلع البلغم فى نهار رمضان؟

صيام ست من شوال

صيام الاثنين والخميس عاجل

الصيام في شعبان

الحيض بعد العصر

ارجوكم افيدونى سؤال فى الصيام

الصوم بعد نصف شعبان

التعديل الأخير تم بواسطة إشراف الأقسام العامة ; 07-09-09 الساعة 05:55 AM
إشراف الأقسام العامة غير متواجد حالياً  
قديم 07-09-09, 05:52 AM   #24
إشراف الأقسام العامة
|تواصي بالحق والصبر|
 
تاريخ التسجيل: 19-09-2006
المشاركات: 927
إشراف الأقسام العامة is on a distinguished road
افتراضي

في ختام رمضان: تأمل في بعض ثمراته وفوائده


د.عبدالسلام بن إبراهيم الحصين



الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد:
فنحن بحاجة إلى مراجعة دائمة، وتفقد لأحوال النفس، وهل حصل لها بعد هذه المرحلة الفاضلة من التعبد والتقرب تغيير؟؟!
وما من شك أن النفس في قصور دائم، والسعي إلى الكمال مطلوب، فإن لم نكن خرجنا بزيادة في إيماننا، وتقوى في جميع أحوالنا، وقرب من مولانا، يزيد عن السابق فلا أظن إلا أننا محرومون..
ظللت أتأمل:
هل لعمل الإنسان وطلبه تزكية النفس منتهى؟
وهل تختلف مرحلة التزكية، والوصول إلى أعلى درجاتها، عن مرحلة المحافظة على الموجود، وعدم الانتكاس مرة أخرى؟
إن النفس في علو ونزول، وكذا الإيمان في القلب يزيد وينقص، ويعلو ويخبو، والواجب أن نحافظ على علوه وزيادته.
أمران مهمان في حياة المسلم كان لهما حضور قوي في هذا الشهر:
الأول: الصلاة، وهي قرة عيون الموحدين، وأنس عباد الله المقربين، وراحة العباد الزاهدين.
الثاني: القرآن، كلام الله ووحيه، وحبله المتين، وصراطه المستقيم.
فهل أدركنا أثر الصلاة في حياتنا كلها، وفهمنا قوله تعالى: {
واستعينوا بالصبر والصلاة}؟؟!!
وهل عشنا مع كل كلمة في القرآن، وتلذذنا به، وتدبرناه حق تدبره، وتدارسنا معنى ألفاظه، ومقاصد كلماته؟؟!
هناك أمر مهم يجب أن نحس به بعد انتهاء هذا الشهر، وهو:
قرب الله!
تأمل قول الله تعالى في وسط آيات الصيام: {
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}، ولن أتحدث عن القرب، ولكن أدع الخيال يسبح في هذا القرب؛ فإن الحديث عنه قد يفسد معناه، ويحصره في أشياء معينة.
لو لم يكن في الصيام إلا أنه ينور القلب بقرب الله تعالى، ويشعره بالمحاسبة الدقيقة لجميع تصرفاته لكان ذلك كافيًا!
واستشعار قرب الله يحمل على التخلق بخلق الصدق، ومن كان صادقًا مع الله في عبادته، ومع نفسه في هدايتها وتزكيتها، وعدم تدسيتها، ومع الخلق في التعامل معهم؛ فإنه سيكون من الأبرار المنعمين في جنة الخلد، ((
وإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا)).
أرأيت أخي الكريم لو أننا تخلقنا بخلق الصدق في جميع أمورنا، كيف ستكون أحوالنا؟؟!!
وتأمل آية أخرى، وهي قوله تعالى: {
هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض، وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم، فلا تزكوا أنفسكم، هو أعلم بمن اتقى}، تأمل هذه الآية، واجمع بين علمه بنا من حين خلقنا من الأرض، ثم خلقنا في بطون أمهاتنا، ثم هو مع ذلك أعلم بمن هو المتقي، فلا حاجة إلى أن نخبر بما في نفوسنا!
إنه الأمر بغاية الاجتهاد، مع الخوف والطمع.
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلمًا كثيرًا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين.
إشراف الأقسام العامة غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .