|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-02-09, 05:42 PM | #11 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع الشريط الثالث ........
المتن التفسير التفسير لغة : من الفسر ، وهو : الكشف عن المغطى . وفي الاصطلاح . بيان معاني القرآن الكريم . وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) ولقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24) وجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ أن يتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها . والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها . ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه . ووجه الدلالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها . وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن . وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم . ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه . والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره . شرح الشيخ : التفسير : لغة من الفسر , وهو الكشف عن المغطى , ولذلك اذا كشف الانسان كمة انكشف ما تحتها , ويقال فسر ثوبه يعني : ابان ما تحته في الاصطلاح : بيان معاني القرآن الكريم , فسر القرآن اي بين معناه , وبيان معاني القرآن واجب وتبينها واجب لان المقصود من انزاله هو فهم معناه والعمل به , واذا كنا لا نفهم المعنى صار القرآن بيننا كأنه عربي بين عجمي , لا يعرف معناه ولا المراد به , والانسان ول اراد ان يعمل بكتاب فقه من كتب الفقهاء فانه لا بد ان يعرف معناه . ولو ألقي اليه وهو يطلب علم الطب, كتاب فيه الطب وانواعه وما يتعلق به ولم يشرح له لم يستفد منه . اذن فلا بد من ان نفهم معنى القرآن . وهل فهم معنى القرآن صعب ؟ لا , قال تعالى : -( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )- [القمر/17] اي هل من متذكر ؟ وهلهنا للتشويق , لانهلما اخبر واكد انه يسره للذكر شوّق الى ادكاره وفهمه , فانت اذا اقبلت بصدق لتفهم معنى كلام ربك عز وجل , فانه لا بد ان ييسر لك , اما بفتح يفتحه الله عليك , واما بجلب عالم يبين لك معناه , واما بكتب تفسير توضح لك المعنى , لان الله تعالى أخبر واكد هذا الخبر بالآية الكريمة السابقة . وتعلم التفسير واجب واستدل المؤلف بذلك , ولكن هل هو واجب عين , على كل واحد ؟ الجواب : اما ما يحتاجه الانسان فانه يجب عليه وجوب عين ان يفهم معناه واما ما لا يجب فان تعلمه فرض كفاية , اذا قام به احد سقط عن الباقي , واما ان يبقى المسلمون كلهم لا يفهمون معنى القرآن فهذا خطب عظيم , واننا لنأسف لقوم يعتنون غاية العناية بالحديث وليس في الحديث ايضا دراية بل هواية , في اسانيده واقسامه ورجاله وما أشبه ذلك . لكنك تجدهم في فقه الحديث ضعفاء , وفي تفسير القرآن أضعف وأضعف , وهذا لا شك انه حسن من وجه , لكنه فيه قصور عظيم , لانه كون الانسان يعتني هذه العناية التامة ويعرض عن القرآن ويقول في نفسه : القرآن والحمد لله ثابت ولا حاجة لان أبحث عن رجال سنده.... نقول نعم ولكن هل انت تفهم معناه ؟ كثير من هؤلاء لو عرضت عليهم آية ليست صعبة المعنى , عجز عنها ولم يعرفها ولا اعرابها ولا بلاغتها , وهذا قصور . وانا رأيي انه يجب ان نبدأ في طلب العلم بالقرآن , نفهم معناه ونعمل به , ثم بالسنة لان السنة تحتاج الى نظرين : النظر الاول : ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم , فننظر في السند والرجال والاتصال وغير ذلك . النظر الثاني : النظر في المعنى . اذن علم التفسير واجب , لكن من كان يحتاج الى شئ معين منه فهو فرض عين عليه , مثل ان يكون رجلا عنده مال يريد ان يزكي , ويعطي الزكاة أهله , لا بد ان يفهم معنى الآية الكريمة : -( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )- [التوبة/60] من أجل ان يقوم بما أوجب الله عليه , وهكذا ايضا الوضوء : -( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6] لابد ان يعرف ما معنى الغسل , ما هو حد الوجه ؟ ويعرف غسل الرجلين , متى يكون واجبا ومتى يجوز المسح على الخفين ... وما أشبه ذلك . اما ما عدا هذا فهو فرض كفاية , يجب على المسلمين عموما ان يقومون به , ان قام به احد يكتفى به , لكونه مأمونا موثوقا ومرجعا للمسلمين في التفسير ... قال تعالى : -( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29] يعني هذا كتاب وانما قدرنا هذا لان ما قبلها حروف هجائية , ليس لها محل من الاعراب , والقول الرجح ان هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في ذاتها , والقرآن نزل بلغة العرب والعرب لا يرون لهذه الحروف معنى , لكنها ليست لغو , لا , لها مغزى عميق بليغ , وهو ان هؤلاء العرب الذين هم أبسط الناس ركبوا كلامهم من هذه الحروف , وجاء القرآن بهذه الحروف , ومع ذلك أعجزهم , لا يستطيعون ان يؤلفوا مثله , هولو جاء بحروف جديدة لكان للعرب عذر ان لا يعارضوه, لكنه لم يأتي الا بالحروف التي هم يكونون كلامهم منها زلذلك لا تجد سورة مبدوءة بالحروف الهجائية الا وبعدها ذكر القرآن . هذا هو الغالب , وما ابرك من هذا القرآن ؟ لماكان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا , سرا وعلنا , عقيدة وعملا , وخلقا وأدبا , نالوا بركته وسادوا به العالم , وجاهدوا به أعداء الله . ولما تخلفوا عنه نزعت بركة القرآن منهم وصاروا يعظمون القرآن تعظيم طقوس , لا تعظيم عمل به , يكتبونه في الجدران وفي الاحراز والحجب , وما أشبه ذلك .... تعظيم القرآن هو العمل به تصديقا بأخباره وعملا بأحكامه . ليدبروا آياته : كل الآيات سواء طالت ام قصرت , فمثلا يجب علينا ان نتدبر آية الدين في سورة البقرة , وهي أطول آية في القرآن , وكذلك قوله تعالى : -( ثم نظر )- [المدثر/21] وهي من الآيات القصار في القرآن . يجب ان نعرف من الذي نظر ؟ وهل نظر بفكره ام بعينه ؟ لا بد ان نعرف هذا , وقوله : وليتذكر أولوا الالباب .. أولوا العقول , يتعظون بالقرآن . ولذلك فاعلم انه اذا لم تتعظ بالقرآن فانه لا عقل لك . لانه لا يتذكر بالقرآن الا اهل العقول . وقال تعالى : -( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )- [محمد/24] والاستعلام هنا للتوبيخ , (أم) هنا منقطعة , بمعنى بل أي :" بل على قلوب أقفالها " ووجه الدلالة من الآية الاولى ان الله تعالى بين ان الحكمة من انزال القرآن مبارك ان يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها , والتدبر والتأمل في الالفاظ , للوصول الى معانيها واذا لم يكن كذلك فاتت الحكمة من انزال القرآن , وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها , ولانه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه . ووجه الدللالة من الآية الثانية ان الله تعالى وبخ أؤلئك الذين لا يتبرون القرآن واشار الى ذلك من الاقفال على قلوبهم وعدم وصول الخير اليهم . وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن . وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا . تعلموا القرآن اي ألفاظه والعلم يعني معانيه , والعمل اي العمل بما فيه . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم وصدق رحمه الله , الانسان اذا قرأ كتابا لا بد ان يفهم معناه , ولا لم يستفد منه , لو قرأت كتابا بالنحو كالآجرومية مثلا , هل تستفيد منها بدون معرفة المعنى ؟ لا . فكيف بكلام الله عز وجل ؟ ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه . اذن طريقة السلف في القرآن انهم يتعلمون ألفاظه , ومعانيه ويعملون به . اذا نزلت آيات في البيع تعلموها وعملوا بها -( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )- [الجمعة/9] أيظن الظان ان الصحابة يدعون الصلاة ويقبلون على البيع ؟ لا ابدا , بل هم عملوا بذلك , وهكذا بقية الآيات , حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خاطب النساء وأمرهن بالصدقة وقال انكن أكثر أهل النار , ماذا فعلن ؟ صارت المرأة تأخذ قرطا من أذنها وخاتمها من اصبعها وتلقيه الى بلال رضي الله عنه . قال : والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره . تصديق الاخبار : هذه من غايات علم التفسير , ان تصدق الخبر , وتمتثل للخبر لا مجرد ان تفهمه فقط . مثلا اذا قال الله تعالى " ان الله كان سميعا بصيرا "هذا خبر ام امر ؟ خبر طبعا .. الانتفاع ليس مجرد ان تعلم ان الله سميع بصير , الانتفاع ان تخشى الله , فلا تقل ما يسمع منك ما لا يرضاه , ولا تفعل ما يبصره ويراه وهو لا يرضاه . انتبه لهذا لما قص الله علينا قصص الانبياء السابقين قال : -( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )- [يوسف/111] عبرة ينتفع بها الانسان اذا كانت وعيدا , وينتفع بها ان كان بها فوائد وحكما , كما في قصة ذي القرنين وقصة أصحاب الكهف , وغيرها من القصص النافعة , كما قال تعالى : -( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )- [يوسف/3]
|
01-02-09, 05:46 PM | #12 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع الشريط الثالث ..............
المتن : المرجع في تفسير القرآن يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي : أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها : 1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62) فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63) شرح الشيخ : لا يمكن ان تجد تفسيرا احسن من هذا , اللهم اجعلنا من أولياؤك , الذين آمنوا وكانوا يتقون , آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم , هؤلاء هم أولياء الله , وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله : من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا . فاذا ادعى مدع انه ولي لله , وقال انا ولي لله , قلنا القرآن يكذبك , بماذا ؟ فالله تعالى يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) والله تعالى يقول : -( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )- [النجم/32] وانت الآن زكيت نفسك ولم تتق الله فلست بولي . واذا قال انه من اولياء الله وانه يحل له ان يتزوج خمسين امرأة وان يأخذ ما اصطفى له من أموال الناس , نقول انت الآن من أعداء الله , اين الايمان والتقوى الذي تستحق ان تكون بهما وليا لله ؟ وسمعت انه يوجد في بعض البلاد من يفعل ذلك , يدعي انه ولي لله , ولكن هؤلاء أشار اليهم شيخ الاسلام رحمه الله : بأنهم قوم من الصوفية يقولون ان هذه العبادات يؤمر بها العامة , فهي وسيلة حتى يصلوا الى الغاية , فإذا وصلوا الى الغاية سقطت عنهم كالانسان المسافر يشد الرحل ويدني البعير ويحمل الزاد فإذا وصل , باع البعير . ذكر ان عبد الرحمن الجيلاني رحمه الله , رأى في المنام نورا عظيما عظيما وسمع منه صوتا , يقول : يا عبد القادر , وصلت الى الغاية فلا صلاة عليك , فقال له : كذبت ولكنك شيطان , يقول : فتمزق من فوره . فصار هذا النور من تخيلات الشيطان . بالعودة الى الآية نقول: ان تفسير أ,لياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون , واما جزاؤهم بانه لا خوف عليهم ولا يحزنون على ما مضى, لانهم قد ملؤوا ما مضى بالايمان والتقوى , ولاحزن يكون على فوات المحبوب اما هؤلاء فقد عمروا أوقاتهم بالايمان والتقوى . اللهم اجعلنا منهم . المتن : 2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2) فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) . شرح الشيخ : قوله تعالى : -( والسماء والطارق )- [الطارق/1] هل هو للقسم ام للعطف ؟ للقسم أحسن من كونه عطف , لانه لو كانت عطف صارما بعدها تابعا لما قبلها , واذا كانت قسما صار ما بعدها مستقلا , اما تفسير الطارق فقد فسرها بانها النجم الثاقب , الثاقب هو الثاقبة للظلام بنوره ولهذا لو انك في البر ليس به اي نور لوجدت ظلك بنور بعض النجوم , ومعنى الثاقب ايضا اي الثاقب للشياطين , كما في قوله تعالى : -( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )- [الصافات/10] لو قال قائل : الطارق هو الطارق الذي يطرق أهله ليلا , نقول كذبت , ان الله تعالى قال هو النجم الثاقب . المتن : 3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32). شرح الشيخ : الله تعالى ذكر في سورة فصلت انه خلق السماوات بعد الارض , كما قال ز وجل : -( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )- [فصلت/9] -( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )- [فصلت/10] -( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )- [فصلت/11] قال عز وجل : -( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27] نقف بعد قولنا أأنتم أشد خلقا أم السماء ثم نقول بناها لانه لو وصلنا اختلف المعنى , ثم فصل الله تعالى بقوله : -( رفع سمكها فسواها )- [النازعات/28] -( أخرج منها ماءها ومرعاها )- [النازعات/31] -( والأرض بعد ذلك دحاها )- [النازعات/30] بين الله تعالى الدحو بقوله : أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها , متاعا لكم ولأنعامكم . يتبع الشريط الرابع .............
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:56 PM |
11-02-09, 03:00 PM | #13 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تفريغ الشريط الرابع ....
بسم الله الرحمن الرحيم هذا تفريغ الشريط الرابع : المتن : المرجع في تفسير القرآن يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي : ب - كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفسر القرآن بالسنة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى، فهو أعلم الناس بمراد الله تعالى كلامه . ولذلك أمثلة منها : 1- قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26) ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى ، فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس:26) 2- قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60) فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي . رواه مسلم (5) ، وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه . شرح الشيخ : اذن يفسر القرآن بالسنة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى وهو اعلم الناس بمراد الله بكلامه فاذا جاءت السنة تفسر القرآن وجب الرجوع اليها , ولكن أقول لكم : قد يكون تفسير الستة للآية ذكر بعض انواع ما يدخل في الآية , لا أن المراد تفسير كل المعنى وهذه كما تأتي بالسنة تأتي ايضا في كلام الصحابة , قد يفسرون الشي ببعض انواعه مثال ذلك : قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26) الحسنى : مبدأ مؤخر للذين أحسنوا : خبر والحسنى : هي الجنة يعني الدار الحسنى , اما الزيادة فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها النظر الى وجه الله تعالى , فهل نقول ان الزيادة هي زيادة النعيم كزيادة الاكل والشرب وغيره ؟ لا طبعا , الزيادة فوق ذلك, وهي النظر الى وجه الله الي هو من أحب الاشياء الى أهل الجنة, فيما رواه جرير وابن ابي حاتم حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وما حجاب الرب عز وجل ؟ حجابه النور . وتلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بعد ان قال انه يكشف الحجاب , يدل على ان معنى الزيادة هو النظر الى وجه الله. - قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60) الضمير في كلمة (لهم ) يعود الى الكفار , وقوله أعدوا يعود الى المؤمنين , وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة هي الرمي , بما رواه مسلم من حديث عقبة بن نافع, قال : ألا إن القوة الرمي (كررها ثلاثا ) هناك بما يعرف بالسلاح الابيض , السكاكين والخناجر .... وهو قوة لا شك , لكن الرمي أقوى ,لان بالرمي يقتل الانسان عدوه من بعيد , فلا شك انه أقوى . وهل الرمي يختلف ؟ نعم , في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمي كان بالنبال ,ثم جاءالرمي بالبندقية ثم جاء الآن في عصرنا الصواريخ العابرة للقارات , هل يدخل بالرمي ؟ نعم فكلام الرسول عليه الصلاة والسلام عام ويكون الرمي في كل وقت بحسبه . المتن : ج- كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم ، ولأنهم بعد الأنبياء أصدق الناس في طلب الحق ، وأسلمهم من الأهواء ، وأطهرهم من المخالفة التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب . ولذلك أمثلة كثيرة جدا منها : 1- قوله تعالى:( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) (النساء: الآية 43) فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه فسر الملامسة بالجماع(6). شرح الشيخ : بعد ان ننظر الى الآية ولم نجد تفسيرا لها في القرآن ولا في السنة الشريفة ننظر نرجع الى كلام الصحابة, وعلل ذلك بان القرآن نزل بلغتهم ومعلوم ان من نزل القرآن بلغته فهو اعلم الناس به . ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة بسورة (ق ) الآن لو خطب بالناس بسورة (ق) ما يكفي , لانهم لم ينتفعوا , غاية ما هنالك ان الآيات التي فيها ترقيق للقلوب قد يبكون منها ,لكن لا يستفيدون , في عهد الرسول اذا قرأ عليهم (ق) كانما يكون في عهدنا بخطبة الكلام العادي , يعني يفهمون المعنى تماما , وكذلك نزل القرآن في عصرهم فيعرفون القرائن التي يراد بها المعنى , لان الحوادث تنزل ويعرفونها , قال تعالى : -( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )- [البقرة/158] لو قرأ الانسان هكذا لظن ان السعي جائز وليس بحرام , لقوله : لا جناح عليهم , لكن الصحابة يعرفون ان السبب في ذلك ان الناس كانوا يتحرجون من الطواف بينهما فنزلت الآية , اذن كان لنزول القرآن في عصرهم له أثر في معرفة المراد , ولانهم بعد الانبياء اصدق الناس في طلب الحق , لو سالك سائل : من اصدق الناس في طلب الحق بعد الانبياء ؟ لقلت الصحابة .
لهذا كان يرجع الواحد منهم لو كان اكبر واحد في المجتمع يرجع الى قول امرأة او قول صبي . كان انس من الانصار يلومون الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على كون جاز لعبد الله بن عباس وهو صغير ان يحضر مجالس الكبار ,فجمعهم ذات يوم وسألهم ما تقولون في قوله تعالى : -( إذا جاء نصر الله والفتح )- [النصر/1] -( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا )- [النصر/2] -( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )- [النصر/3] قالوا : نقول ان الله يأمر نبيه اذا جاء النصر والفتح ان يسبح بحمده ويستغفره . فقال : ما تقول يا ابن عباس ؟ قال : اقول ان هذا نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم , يعني االاشعار بقرب أجله . قال عمر : والله ما فهمت منها الا ما فهمت . اذن هو رجع الى قول ابن عباس اذن الصحابة هم أشد الناس قبولا للحق وان كان من صغير , ولانهم أسلمهم من الاهواء وأطهرهم من المخالفات التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب , اي مخالفات امر الله , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين التوفيق للصواب , اللهم إنا نستغفرك , والدليل على هذا : قوله تعالى : -( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين )- [المائدة/13] اذن جمعوا بين التحريف فيما يعلموه وبين النسيان لما كانوا يعلموه من قبل لماذا ؟ لانهم نقضوا الميثاق وقال تعالى : -( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما )- [النساء/105] -( واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما )- [النساء/106] قال بعض اهل العلم , اذا نزلت بك نازلة فقدم بين يدي حلها الاستغفار , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين الحق والتوفيق للصواب , ويدل على هذا ايضا -( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )- [المطففين/13] -( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )- [المطففين/14] هذا الرجل لم يصل حلاوة القرآن الى قلبه , بل قال ان هذا اساطير الاولين , بين الله السبب , ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فلم يقدروا القرآن حق قدره . قال تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6] ] فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما ,انه فسر الملامسة بالجماع , وبعض العلماء فسر الملامسة هي اللمس باليد , فاذا نأخذ بقول ابن عباس , ونقول المراد بالملامسة الجماع , وكما انه قول ابن عباس فيؤيده سياق الآية , الآية فيها ذكر الطهارتين الاصلية(فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا) والبدنية(فتيمموا صعيدا طيبا) والكبرى والصغرى وفيها ذكر الحدثين الاصغر(او جاء أحد منكم من الغائط ) والاكبر( او لامستم النساء ) . وهذا قوة البلاغة , ولهذا كان القول الراجح والمتعين ان المراد بالملامسة هو الجماع , د- كلام التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم ، لأن التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم . قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك . وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا شرح الشيخ : التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم . قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك ذكر ذلك في رسالة له ( مقدمة التفسير ) وهي رسالة مختصرة مفيدة جدا ينبغي لطالب التفسير ان يرجع اليها وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا اذن المرجع بعد الصحابة هو أقوال التابعين . المتن : هـ - ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ )(النساء: الآية 105) وقوله : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) وقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )(ابراهيم: الآية 4) . فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي ، أخذ بما يقتضيه الشرعي ، لأن القرآن نزل لبيان الشرع ، لا لبيان اللغة إلا أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به . مثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم الشرعي : قوله تعالى في المنافقين : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(التوبة: الآية 84) فالصلاة في اللغة الدعاء ، وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي ، لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب ، وأما منع الدعاء لهم على وجه الإطلاق فمن دليل آخر . ومثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم فيه اللغوي بالدليل : قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)(التوبة: الآية 103) فالمراد بالصلاة هنا الدعاء ، وبدليل ما رواه مسلم (8) عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي " . وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعي واللغوي كثيرة : كالسماء والأرض والصدق والكذب والحجر والإنسان شرح الشيخ : اذن تفسير القرآن بما تقتضيه اللغة , او بما يقتضيه الشرع اذا اتفق الشرع واللغة فالامر واضح , وان اختلفا نقدم الشرع لان القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة الا ان يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به , مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم الشرعي : قال تعالى: -( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا )- [التوبة/84] الصلاة لغة هي الدعاء شرعا : هنا , قوله هنا احترازا من الصلاة على غير جنازة فان لها معنى شرعيا غير هذا وفي الشرع هنا : الوقوف على الميت بالدعاء له بصفة مخصوصة كيف الصلاة ؟ يقف المصلي عند راس الرجل وعندعجيزة المرأة ( هكذا جاء في السنة ) ولا فرق بين ان يكون الراس من الجانب الايمن او من الجانب الايسر , واما ما يظنه بعض العوام الآن انه لا بد ان يكون الراس من الجانب الايسر فهذا لا صحة له , بل لو اردنا ان نرجع الى عموم الميت لقنا يجب ان يكون الراس عن اليمين , لانه في القبر يكون الراس عن اليمين , لكن الامر واسع في هذا . اذن قوله ( لا تصل على احد منهم مات ابدا ) هل المعنى لا تدعو لهم ؟ لا , لا تقوم عليه مصليا بالصفة المخصوصة , يقدم المعنى الشرعي لانه المقصود للمتكلم , واما منع الدعاء لهم على وجه الاطلاق فله دليل آخر , اي للكفار , ماهو ؟ الدليل قوله تعالى : -( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )- [التوبة/113] من السنة : استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعظم الناس جاها عند الله وأكرمهم عند الله - استأذن ربه ان يستغفر لأمه , فلم يأذن له , فاستأذنه ان يزور قبرها فأذن له , فزاره مرة واحدة ومعه من اصحابه من كان معه , وبكى عليه الصلاة والسلام , وأخبر انه بكى رحمة بأمه لانها من اهل النار , ومعلوم ان حنان الرحم والقربى لا شك ان الانسان يبكي ان فات امه او اباه الاسلام , فبكى الصحابة معه . لكن هل وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها يدعو لها ؟ لا ابدا لم يقف لهذا لانه عليه الصلاة والسلام هو أشد الناس امتثالا لربه عز وجل , عبد الله ورسوله , لكنه زار القبر فقط وبكى رحمة لامه من النار . وهل شفع لها او لابيه ؟ لا ابدا , جاءه رجل يقول : يا رسول الله أين أبي ؟ فقال : ابوك في النار , ثم ناداه فقال : ابي وابوك في النار . حتى يسليه , ولا يمكن ان يكون الرسول قد قال هذا كذبا لاجل تسلية الرجل , بل نحن نشهد بما اخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام بان اباه في النار , -( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13] ابو طالب , قال النبي له : لاستغفرن لك ما لم أنه عنك . فنهاه الله , لكن هل أذن له أن يشفع فيه ؟ نعم أذن له ان يشفع فيه , فكان في ضحضاح من نار عليه نعلان يغلي منهما دماغه , اعوذ بالله , خفف عنه . فاذا قال قائل : لماذا أذن له ان يشفع في عمه دون أبيه ؟وأيهما أحق ؟ الاب أحق . لا شك , لكن الله عز وجل لا يقرب احد عنده من نسب بل ان اكرمكم عند الله اتقاكم اذن له ان يشفع لعمه لان عمه نصره , ودافع عنه وحصر معه في الشعاب وصبر على أذى قريش واعلن في قصائده المشهورة ان الرسول حق , قال ولقد علمت ان دين محمد من خير اديان البرية دينا لولا الملامة واحضار المسبة لرأتني سمحا بذلك مبينا وقال ولقد علموا ان ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الاباطل سبحان الله اذنفهو صادق , هذا الكلام حصل له من الذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه وحمايته , لهذا أذن الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يشفع لعمه شفاعة ليست لاخراجه من النار , وانما لتخفيف العذاب عنه لانه ذب عن دين الاسلام وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام , وليس لانه عم الرسول , عم الرسول الثاني ابو لهب انزل الله فيه آيه نتقرب الى الله تعالى بتلاوتها , وتقرأ في الصلوات , لانه ما فيه خير ولا نصر رسول الله بل قام ضد دعوته . فالمهم نحن اطلنا في هذا ليتبين ان الامر هو امر الله , وان الله لا ينظر الى الانساب ولا الى القرابات , وكفى بذلك عزا وسلطانا لرب العالمين ان يكون ابن الكافر نبيه , ابراهيم عليه الصلاة والسلام ابوه كافر , حتى النبي لما امره بالتغيير قال له : ان لم تنته لارجمنك بالحجارة , وانا اعجب من بعض الناس من يقول ان هذا عم ابراهيم عليه السلام وليس اباه , لان العم يطلق عليه اب كما في قوله تعالى : -( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )- [يوسف/38] وهم اسحاق ويعقوب اعمامه , نقول نعم اذا كان عن طريق الاشتراك لا باس لكن اما ان يسنى العم ابا ويصرح به , فهذا كذب على اللغة العربية , وما يهمنا نحن اذا كان ابا محمد او ابا ابراهيم كافرا هل يهمنا شي ؟ هل يضر الرسول شيئا , بل هو مما يدل على عظمة الله انه يخرج اصبياء الخلق من اراذل الخلق , في الكفر , لكن الحمد لله مسألة الخنا والاخلاق السافلة , هذا لا يوجد ولله الحمد لا في ابراهيم ولا محمد عليهما الصلاة والسلام , يعني انه ليس فيهم من تجرأ على الزنا والعياذ بالله , ابدا هم طاهرون مطهرون , لكن مسالة الكفر والايمان . اذا قال احدهم لآخر : يا كافر , كم جلدة حده ؟ لا حد فيها . يضرب جلدات ليردع عن هذا القول , لكن لو قال يا زاني , ولم تقم البينة , يجلد ثمانين جلدة . لان عيب الناس في الزنا اعظم من عيبهم في الكفر . بالعودة الى التفسير . مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم المعنى اللغوي قوله تعالى : -( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم )- [التوبة/103] الصلاة هنا الدعاء بدليل ما رواه مسلم عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي فالرسول عليه الصلاة والسلام أشد الناس امتثالا لامر الله عز وجل , اذا جاءه الناس بصدقة قال : اللهم صل عليهم . امتثالا لامر الله , ما قال دعاء آخر مثل : الله اخلف على من أنفق , ... يقول : الله صل عليه . لان الله يقول : فصل عليهم . فاراد ان يكون دعاؤه مطابقا للفظ النص . وامثلة ما اختلف فيه المعنيان كثيرة السماء : لفة هو العلو وقد يراد من السماء التي هي السقف المرفوع , وكذلك في الشرع قال تعالى : -( أأمنتم من في السماء )- [الملك/16] يراد به العلو . قال تعالى : -( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون )- [الأنبياء/32] المراد هو السماء المبنية كقوله تعالى -( والسماء وما بناها )- [الشمس/5] -( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27] يتبع >>>>>>>>> |
11-02-09, 03:02 PM | #14 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع تفريغ الشريط الرابع ....
تابع ,,,, المتن : الاختلاف الوارد في التفسير المأثور الاختلاف الوارد في التفسير المأثور على ثلاثة أقسام : الأول : اختلاف في اللفظ دون المعنى ، فهذا لا تأثير له في معنى الآية ، مثاله قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء :23) قال ابن عباس : قضي : أمر ، وقال مجاهد : وصي ، وقال الربيع بن انس : أوجب ، وهذه التفسيرات معناها واحد ، او متقارب فلا تأثير لهذا الاختلاف في معنى الآية . الثاني : اختلاف في اللفظ والمعنى ، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما ، فتحمل الآية عليهما ، وتفسر بهما ، ويكون الجمع بين هذا الاختلاف أن كل واحد من القولين ذكر على وجه التمثيل ، لما تعنيه الآية أو التنويع ، مثاله قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الأعراف:175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (الأعراف:176) قال ابن مسعود : هو رجل من بني إسرائيل ، وعن ابن عباس أنه : رجل من أهل اليمن ، وقيل : رجل من أهل البلقاء. والجمع بين هذه الأقوال : أن تحمل الآية عليها كلها ، لأنها تحتملها من غير تضاد ، ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل . ومثال آخر قوله تعالى (وَكَأْساً دِهَاقاً) (النبأ:34) قال ابن عباس : دهاقاً مملوءة ، وقال مجاهد : متتابعة ، وقال عكرمة : صافية . ولا منافاة بين هذه الأقوال ، والآية تحتملها فتحمل عليها جميعاً ويكون كل قول لنوع من المعنى . القسم الثالث : اختلاف اللفظ والمعنى ، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره . مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) قال ابن عباس : غير باغ في الميتة ولا عاد من أكله ، وقيل : غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني ، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة ، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام ، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك . ومثال آخر قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: الآية 237) قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج ، وقال ابن عباس: هو الولي ، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه ، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شرح الشيخ : هل هناك تفسير مأثور ؟ وتفسير بالعقل والنظر ؟ نعم موجود, فامام المفسرين بالمأثور هو ابن جرير رحمه الله وهو على اقسام اولا : اختلاف باللفظ دون المعنى هذا لا تأثير له في معنى الآية , لان الاختلاف في اللفظ مع اتفاق المعنى لا تأثير له . لان القولان قول واحد ولا خلاف مثال -( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )- [الإسراء/23] قال ابن عباس : قضي : أمر ، وقال مجاهد : وصي ، وقال الربيع بن انس : أوجب هل تختلف ؟ لا الامر الاصل فيه وجوب وهو وصية من الله عز وجل ثانيا الاختلاف في اللفظ والمعنى الآية تحتمل المعنيان لعدم التضاد بينهما فتحمل الآية عليهما وتفسر بهما , مثال -( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين )- [الأعراف/175] -( ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )- [الأعراف/176] قوله فانسلخ منها : يعني تخلى , كما ينسلخ جلد الشاة عنها عند سلخها , فأتبعه الشيطان اي اتبعه. ولو شئنا لرفعناه بها : لان الله عز وجل يرفع بآياته -( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )- [المجادلة/11] العلم يرفع بيتا لا عماد له .... والجهل يهدم بيت العز والشرف فالله تعالى يرفع بالعلم أقواما ويضع آخرين , والرفعة تكون في الدنيا والآخرة , او في الآخرة دون الدنيا . وربما يضع به آخرين يكونون من الذين علموا الحق ولكن اشتروا به ثمنا قليلا قال ابن مسعود هو رجل من بني اسرائيل وعن ابن عباس قال انه رجل من اهل اليمن وقيل انه رجل من اهل البلقاء هل بينها تنافي ؟ ابدا , الآية تحتمل المعاني , فهنا من بني اسرائيل قد يكون في اليمن وقد يكون في الشام ... لكن الآية تعم هذا وهذا , وكلما وجدت اتساعا للمعنى في الآية فخذ به , حتى بما هو متضاد , -( والليل إذا عسعس )- [التكوير/17] -( والصبح إذا تنفس )- [التكوير/18] عسعس : يعني اقبل او ادبر ؟ الا يمكن ان نقول انه بمعنى اقبل وادبر ؟ يمكن لانه لا منافاة والجمع بين هذه الاقوال ان تحمل الآية عليها كلها لانها تحتملها من غير تضاد ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل . ومثال آخر قوله تعالى -( وكأسا دهاقا )- [النبأ/34] قال ابن عباس ان دهاقا : كاس مملوءة وقال ابن مجاهد : متتابعة وقال عكرمة : صافية والمعاني مختلفة لا شك , يعني اهل الجنة يشربون كاسا دهاقا اي مملوءا , وكلما شربوا كاسا جئ اليهم بآخر متتابع , وقال عكرمة انها صافية ولا منافاة بين هذه الاقوال والآية تحتملها جميعا . تابع شرح التفسير بالمأثور المتن : القسم الثالث : اختلاف اللفظ والمعنى ، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره . مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) قال ابن عباس : غير باغ في الميتة ولا عاد من أكله ، وقيل : غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني ، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة ، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام ، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك . ومثال آخر قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: الآية 237) قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج ، وقال ابن عباس: هو الولي ، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه ، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شرح الشيخ : الآن القسم الثالث , اختلاف اللفظ والمعنى والآية لا تحتمل المعنيين جميعا يعني ان التفاسير الواردة تختلف في اللفظ والمعنى ,والآية لا يكن ان نحتمل المعنيين جميعا , فتحمل الآية على الرجح منهما بدلالة السياق او غيره . ويلفى الثاني . لان الجمع غير ممكن قال تعالى : -( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم )- [البقرة/173] الميتة : يستثنى منها ما ميتته طاهرة , كالسمك والجراد الدم : يستثنى منه ما يبقى منه في اللحم والعروق بعد الزكاة الشرعية ,فانه حلال , وعلى هذا فانه لو شق القلب بعد ان زكاها زكاة شرعية واكل الدم الذي فيه فانه حلال . ففي الحديث : أحلت لنا الميتتان والدمان , اما الميتتان فالجار والحوت , اما الدمان فالكبد والطحال . ولحم الخنزير : لا يستثنى منه شيئا , كله حرام . وما اهل لغير الله به : اي ما ذكر غير اسم الله عليه , مثل ان يقول باسم المسيح او اسم محمد... فلا يجوز فمن اضطر : اي ألئته الضرورة الى اكل هذه المحرمات غير باغ ولاعاد:لياكل ما يسد به رمقه اي ما تبقى فيه الحياة , ولا يزيد الا ان يخاف ان لا يجد هذا المحرم فلا باس ان يزيد على ما يسد رمقه , قوله فمن اضطر : هذه في قضية معينة , ولكن هناك آية عامة وهي قوله تعالى : -( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه )- [الأنعام/119] هذه تقضي على كل المحرمات اذا اضطر الانسان اليها صارت حلالا قال ابن عباس رضي الله عنهما : غير باغ : في الميتة , وغير عاد : في أكلها . يعني غير باغ : اي غير طالب لاكل الميتة ولاعاد : اي زائد على ما تقتضيه الحاجة . هذا تفسير ابن عباس واذا اتاك التفسير عن ابن عباس وصح عنه فحسبك به لان الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له ان يعلمه الله التأويل . وقيل : غير خاج على الامام ولا عاص في سفره , وهذا القول ضعيف , والارجح الاول , لانه لا دليل في الآية على الثاني , البغاة وجودهم نادر فلا تحمل الآيات على الشئ النادر القليل الوقوع , لان المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة , وهي واقعة في حال الخروج على الامام وفي حال السفر المحرم وفي غير ذلك . فان قال قائل : هل يعقل ان انسانا يطلب اكل الميتة ؟ نقول نعم , قد تكون الميتة صغيرة او سمينة فتشتاق نفسه الى هذا , ممكن هذا الذين يقولون ان المراد بالمعنى : هو غير عاص في سفره اذا كان الانسان عاصيا في سفره مثل ان يكون سافر للزنا او للخمر او غيره , هذا عاص في سفره , فاضطر الى الاكل والا مات , فنقل له : تب ثم كل هل تصح هذه التوبة التي الجأت اليها الضرورة ؟ في هذا نظر , فلا تنفعه التوبة من اكل الميتة على كل حال متى اضطر الانسان الى اكل المحرمات فليأكل سواء كان عاصيا في سفره او خارجا على الامام او غير ذلك . مثال آخر قوله تعالى : -( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير )- [البقرة/237] طلقتموهن :الخطاب للازواج وضمير الغيبة للنساء فريضة : هي المهر او الصداق فنصف ما فرضم : اي لكم ويصح عليكم الا ان يعفون : اذن نرجح التقدير عليكم , النون هنا ضمير تعود على النساء لا يجوز ان تحذف او يعفو الذي بيده عقدة النكاح : قال علي ابن طالب رضي الله عنه ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج , وقال ابن عباس : هو الولي . كلاهما ناهيك به علما وفقها وعمقا بالفهم , فمن نرجح ؟ نرجح ما دل عليه السياق , وهو الزوج , الذين قالوا انه الزوج لان الزوج هو الذي يستطيع ان يطلق .فيحل العقد . والذين قالوا انه الولي : قالوا انه لا يمكن ان يتزوجها الا اذا عقد له الولي وأوجب , وقال زوجتك . ولكل وجهة نظر , لكن الراجح ان المراد به الزوج , لانه في المقابل يعفون وهن الزوجات , ولان الولي قد لا يكون له الحق ان يسقط حق المرأة , لو فرضنا ان هذا ممكنا في الاب لم يكن ممكنا في ابن العم مثلا , ابن العم لا يمكلك ان يسقط حق المرأة في صداقها , فصار تفسير علي ابن ابي طالب ارجح من وجهين , الوجه الاول : التقابل (الا ان يعفون وهن الزوجات , او يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج ) الوجه الثاني ( الولي لا يملك ان يسقط حق الزوجة في الصداق الا ان يكون الاب , على خلاف في هذا ايضا ) الا ان يعفون : فيعود الصداق الى الزوج كاملا او يعفو الذي بيده عقدة النكاح : فيكون الصداق كله للزوجة . وقد روي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج . يتبع >>>>>>>>>>
|
11-02-09, 03:06 PM | #15 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع تفريغ الشريط الرابع .....
تابع ....... المتن : ترجمه القرآن الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح . وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى . وترجمة القران : التعبير عن معناه بلغة أخرى والترجمة نوعان : أحدهما : ترجمة حرفية ، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها . الثاني : ترجمة معنوية ، أو تفسيرية ، وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب . مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) فالترجمة الحرفية : أن يترجم كلمات هذه الآية كلمةً كلمة فيترجم (إنا ) ثم (جعلناه) ثم (قرآنا) ثم ( عربيا) وهكذا . والترجمة المعنوية : أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإجمالي . شرح الشيخ : اردفنا التفسير بالترجمة لان الترجمة في الحقيقة هي التفسير وهما رضيعا لبان واحد . الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح . وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى . مثال ذلك : ان يترجم عربي لغة عربي الى فارسية مثلا او فارسي يترجم اللغة الفارسية الى العربية وترجمة القرآن هو ان يعبر عن معنا وليس عن لفظه بلغة اخرى . والترجمة نوعان : 1" حرفية : وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها مثل : قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم . ترجم قال , الله , هذا , .... كل كلمة 2" ترجمة معنوية او تفسيرية : وهي ان يعبر عن معنى الكلام بلغة اخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب مثال : -( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )- [الزخرف/3] انا جعلناه : اي القرآن اي مقروءا او قارئا يعني جامع عربيا : بلغة العرب لعلكم تعقلون : اي لاجل ان تعقلوه وتفهموه . استدلت الجهمية بهذه الآية على ان القرآن مخلوق وجعلوا لهذا نظيرا , وهو قوله : -( وجعل الظلمات والنور )- [الأنعام/1] اي خلق الظلمات والنور ولكنهم أخطؤوا , لانهم لا يعرفون اللغة العربية لانه جعل متعدي الاثنين بمعنى صيَّر لا غير , والمتعدي للواحد بمعنى أوجد في الآية الاولى : جعلناه قرآنا عربيا بمعنى :الاثنين, اي صيرناه قرآنا عربيا , اي بلغة العرب الآية الثنية : بمعنى أوجد الظلمات والنور . لانها لم تتعدى الا لواحد فهنا نقول في الترجمة المعنوية : يخبر الله ان القرآن بلغة العرب من اجل ان يعقله العرب . وقد تكون الترجمة المعنوية اطول وقد تكون اقصر ولهذا عندما يتكلم الانسان في محاضرة ثم يأتي مترجم بعده احيانا يشك في انه يترجم الكلام , لانه في اللغة العربية يقرؤها حوالي سطر ثم ذاك ياتي بها بكلمتين . المتن : حكم ترجمة القرآن : الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم ، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي : أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها . ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها . ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإضافات وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية . وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعا ، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها ، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس . شرح الشيخ : العلماء الذين يتكلمون في اصول التفسير يقسمون الترجمة الى حرفية ومعنوية , هو تفسير فكري نظري لا واقعي , الترجمة الحرفية مستحيلة في القرآن الكريم لا يمكن , فهي مستحيلة واقعا محرمة شرعا , لانه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معه : وهي : أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها . وهل هذا متوفر ؟ لا , قد يكون في بعض اللغات حروف مفقودة . ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها . هل كل ادوات الاستفهام الموجودة في اللغة العربية موجودة في اللغات الاخرى ؟ وقد تكون هناك ادوات اخرى لا توجد في اللغة العربية . ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات واللغات تختلف وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية الا ان تنرجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها من غير ان يترجم التركيب كله فلا باس . المتن : وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ، لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . لكن يشترط لجواز ذلك شروط : الأول : أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه ، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له . الثاني : أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق . الثالث : أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن . ولا تقبل الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها ، بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه . شرح الشيخ : الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ، لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . لكن لذلك شروط: الأول : أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه , وهذا مهم , يعني ما نترجم القرآن ترجمة معنوية ولا نكتب القرآن باللغة العربية ,لاننا لو فعلنا ذلك لكانت بدلا عن القرآن بالنسبة للناطقين بهذه اللغة وهذا ضرره عظيم وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له الثاني : أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق, وهذا ايضا مهم , لا بد ان يعرف المعنى في اللغتين الثالث : أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن , مثل ان يعلم معنى الصلاة ومعنى الزكاة والطهارة وما اشبه ذلك , لئلا يترجم هذه المعاني بمقتضى اللغة العربية فيضل ولا تقبل ترجمة القرآن الكريم الا من مأمون عليها , بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه. فالكافر لا تقبل ترجمته ولا ترجمة له , ايضا غير المستقيم في الدين لا تقبل . لان من لا يؤمَن لا يمكن ان نلقي اليه بالشريعة . المتن : المشتهرون بالتفسير من الصحابة اشتهر بالتفسير جماعة من الصحابة ، ذكر السيوطي منهم : الخلفاء الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم ، إلا أن الرواية عن الثلاثة الأولين لم تكن كثيرة ، لانشغالهم بالخلافة ، وقلة الحاجة إلى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير . ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس ، فلنترجم لحياة على بن أبي طالب مع هذين رضي الله عنهم . شرح الشيخ : الذي يظهر لي ان هؤلاء الاربعة اعلم الصحابة في كل شئ : في التفسير وفي الحديث وفي الفقه ... وانهم اكثر الصحابة أخذا عن رسول الله صلى الله عليه سلم , ولاسيما ابو بكر رضي الله عنه الذي صحبه في اسفاره وفي اقامته وكان له منزلة عالية , الان الرواية عن الثلاثة الاولين لم تكن كثيرة لاشتغالهم بالخلافة وقلة الحاجة الى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير , وهذه نقطة مهمة , يعني لو قال قائل : ابو هريرة رضي الله عنه , هل هو اكثر أخذا للحديث من هؤلاء؟ لا , ولا سيما مع تأخر اسلامه رضي الله عنه , لكن كثرة الرواية عنه لانه متفرغ للحديث . واما ابو بكر وعمر وعثمان فلانهم مشتغلون بالخلافة , وكما تعلمون في عهدهم الفتوحات وشؤون الدولة عظيمة جدا , ثم انهم ليسوا بحاجة لذلك لان اكثر الموجودين في ذلك الوقت ما عدا الذين اسلموا في الفتوحات كل يعرف موقعه , فلذلك قل النقل عنهم . ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وقد خصصنا عليا لانه أكثر من الخلفاء الثلاثة قبله . المتن : 1- على بن أبي طالب : هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج فاطمة رضي الله عنه وعنها ، وأول من آمن به من قرابته ، اشتهر بهذا الاسم . وكنيته أبو الحسن ، وأبو تراب . ولد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين ، وتربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد معه المشاهد كلها ، وكان صاحب اللواء في معظمها ، ولم يتخلف إلا في غزوة تبوك ، خلفه النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ، وقال له : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " (9) ، نقل له من المناقب والفضائل ما لم ينقل لغيره ، وهلك به طائفتان : النواصب الذين نصبوا له العداوة ، وحاولوا إخفاء مناقبه ، والروافض الذي بالغوا فيما زعموه من حبه ، وأحدثوا له من المناقب التي وضعوها ما هو في غنى عنه ، بل هو عند التأمل من المثالب . اشتهر رضي الله عنه بالشجاعة والذكاء مع العلم والزكاء حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن ، ومن أمثلة النحويين : قضية ولا أبا حسن لها ، وروى عن علي أنه كان يقول : سلوني سلوني وسلوني عن كتاب الله تعالى ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به ، وروي عنه أنه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب . كان أحد أهل الشورى الذي رشحهم عمر رضي الله عنه لتعيين الخليفة ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف فأبى إلا بشروط لم يقبل بعضها ، ثم بايع عثمان فبايعه علي والناس ، ثم بويع بالخلافة بعد عثمان حتى قتل شهيدا في الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان ، سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه . شرح الشيخ : 1- على بن أبي طالب : هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج فاطمة رضي الله عنه وعنها ، وأول من آمن به من قرابته ، اشتهر بهذا الاسم . وكنيته أبو الحسن( لان اكبر ابنائه هو الحسن ) ، وأبو تراب ( لان النبي صلى الله عليه وسلم أتاه يوما في المسجد فوجده نائما وقد اصابه العرق ولصق التراب على جنبه , فقال : قم ابا تراب , فكان رضي الله عنه يرغب بهذه الكنية اكثر من غيرها لان الذي كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .) عثمان رضي الله عنه هو زوج ابنة رسول الله رقية ثم ام كلثوم , تنازع رافضي وسني , في علي وابوبكر , ايهما افضل , فاتفقا على ان يحكما ابن الجوزي رحمه الله صاحب التبصرة , فقال ابن الجوزي : افضلهما من كانت ابنته تحته . هل المعنى من كانت ابنة الرسول تحته ؟ فيكون هو علي , ام المعنى من كانت ابنته من هذين الرجلين تحت الرسول ؟ فهو ابو بكر . فذهب الرجلان يختصمان , وتخلص ابن الجوزي منهما . ولد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين ،اذن بينه وبين الرسول ثلاثون سنة ,. وتربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد معه المشاهد كلها ، وكان صاحب اللواء في معظمها ، ولم يتخلف إلا في غزوة تبوك ،الغزوة كانت بعيدة في أقصى الجزيرة , على حدود الشام , خلفه النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ،فقال علي : يارسول الله أتخلف في النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله له : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " (9) كيف ذلك؟ لان موسى لما اراد الى ان يذهب الى ميقات ربه , خلف هارون وقال : أخلفني في قومي . وهذا الحديث من المتشابهات التي استدل بها الرافضة على عليا أحق بالخلافة من ابي بكر , ولكن لا حجة لهم , لان الرسول خلفه في حياته كما خلف موسى هارون في حياته , ولم يقل الرسول انك الخليفة بعدي بل شبهه بخلافة موسى لهارون وذلك في حياته , فلا حجة لكن هكذا اهل الباطل ياخذون بالمتشابه ويدعون المحكم . ، نقل له من المناقب والفضائل ما لم ينقل لغيره ، والسبب انه هلك به طائفتان : النواصب الذين نصبوا له العداوة ، وحاولوا إخفاء مناقبه ، والروافض الذي بالغوا فيما زعموه من حبه ، وأحدثوا له من المناقب التي وضعوها ما هو في غنى عنه ، بل هو عند التأمل من المثالب هذه المناقب التي وضعها له الرافضة هو في غنى عنها لانه له من المناقب الصحيحة ما يغني عنها , وربما تكون من المثالب , ذكروا من المناقب انه يصلي بين المغرب والعشاء الف ركعة , قال لهم شيخ الاسلام : اما تستحون , اذا كان يصلي بين المغرب والعشاء الف ركعة فكيف يقرأ وكيف يركع وكيف يطمئن , هل هذه منقبة ام مثلبة لو صحت ؟ مثلبة , ولكننا نحاشي امير المؤمنين عليا عن مثل هذا التلاعب . . اشتهر رضي الله عنه بالشجاعة والذكاء مع العلم والزكاء فهو اشد الناس قوة وشجاعة وعلما حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن ،وهذا يدل على علمه وذكائه. ومن أمثلة النحويين : قضية ولا أبا حسن لها ،راجعوا شرح ابن عقيل الألفية . يعني هذه قضية ليس لها ابو الحسن . وروى عن علي أنه كان يقول : سلوني سلوني وسلوني عن كتاب الله تعالى ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به . وروي عنه أنه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب . كان أحد أهل الشورى الذين رشحهم عمر رضي الله عنه لتعيين الخليفة ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف فأبى إلا بشروط لم يقبل بعضها ، ثم بايع عثمان فبايعه علي والناس ، ثم بويع بالخلافة بعد عثمان حتى قتل شهيدا في الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان ، سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه. المتن: 2- عبد الله بن مسعود : هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهزلي ، وأمه أم عبد كان ينسب إليها أحيانا (10) ، وكان من السابقين الأولين في الإسلام ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وما بعدها من المشاهد . تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام : " إنك لغلام معلم " (11) ، وقال : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "(12) ، وفي " صحيح البخاري " (13) أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وقال: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا ,أنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه ، وكان ممن خدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان صاحب نعليه وطهوره ووساده حتى قال أبو موسى الأشعري : قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى عبدالله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم (14) ، ومن أجل ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم تأثر به وبهديه ، حتى قال فيه حذيفة : ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد(15) . بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة ، ليعلمهم أمور دينهم ، وبعث عمارا أميراً وقال : إنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فأقتدوا بهما ، ثم أمره عثمان على الكوفة ، ثم عزله ، وأمره بالرجوع إلى المدينة ، فتوفي فيها سنة اثنتين وثلاثين ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وسبعين سنة . شرح الشيخ : هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهزلي ، وأمه أم عبد كان ينسب إليها أحيانا ، وكان من السابقين الأولين في الإسلام ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وما بعدها من المشاهد . تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام : " إنك لغلام معلم " يعني ملهم وفاهم ، وقال : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "(12) ، وفي " صحيح البخاري " أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وقال: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا اعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه علم عظيم في كتاب الله عز وجل , وقوله لو اعلم احدا اعلممني .... هو لا يريد ان يزكي نفسه لكن يريد ان يبين انه وان بلغ هذا الحد فنه لم يبلغ العم وانه لو علم احدا اعلم منه لركب اليه ولو كانت الابل تبلغه , وهذا يقع كثيرا حتى من العلماء , ابن مالك مدح الالفية , قال تقرب الاقصى بلفظ منزل وتبسط البذل بواد منجز وتقتضي رضا بغير سخط فائقة الفية ابن ... وهو بسبق حائز تفضيلا مستوجب ثنائي الجميلا والله يقضي بهبات وافرة لي وله في درجات الآخرة بعضهم قال ان ابن مالك أخطا , لماذا قال : لي وله , لماذا لم يقل وللمسلمين ؟ سبحان الله , الم تعلموا ان موسى قال : اللهم اغفر لي ولأخي , الم تعلموا ان الرسول عليه الصلاة والسلام احيانا يدعو لنفسه وحده , الاعرابي قال : اللهم ارحمني ومحمدا , ولاترحم معنا احدا ام ابن مالك قال لي وله ولم يقل ولا تهب للمسلمين . المهم ان الانسان اذا قصد بما يتحدث به عن نفسه حث الناس على العلم , وترغيبهم في ذلك فلا حرج عليه والله تعالى اعلم بالنيات . وكان ممن خدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان صاحب نعليه وطهوره ووساده صاحب نعليه : يعني يحمل النعلين اذا استغنى عنهما النبي صلى الله عليه وسلم . وطهوره : اي الماء الذي يتطهر به الرسول عليه الصلاة والسلام ووساده : اي الوسادة التي يتكأ عليها حتى قال أبو موسى الأشعري : قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى الا ان عبدالله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم (14) ، ومن أجل ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم تأثر به وبهديه ، حتى قال فيه حذيفة : ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد ولقد صدق حذيفة , تاتي الآن آثار عن ابن مسعود , تقول انها خارجة من مشكاة النبوة كلامه رضي الله عنه يوشك ان يقول الانسان انه من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة ، ليعلمهم أمور دينهم ، وبعث عمارا أميراً وقال : إنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فأقتدوا بهما ، ثم أمّره عثمان على الكوفة ، ثم عزله ، وأمره بالرجوع إلى المدينة ، فتوفي فيها سنة اثنتين وثلاثين هـ ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وسبعين سنة . عبد الله بن العباس هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم , ولد قبل الهجرة بثلاث سنين , يعني كم عمر الرسول , خمسون سنة . تابع في الشريط الخامس
|
13-02-09, 12:51 AM | #16 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تفريغ الشريط الخامس ......
الشريط الخامس : بسم الله الرحمن الرحيم المتن : - عبد الله بن عباس : هو ابن عم الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين لازم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن عمه، وخالته ميمونة تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، وضمّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : اللهم علمه الحكمة، وفي رواية : الكتاب (16) ، وقال له حين وضع له وضوءه : اللهم فقه في الدين (17) ، فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة في نشر التفسير والفقه ، حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله ، فنال بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله، فقال المهاجرون : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول ، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ، فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر:1) حتى ختم السورة ، فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا ، وسكت بعضهم ، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا ، قال : فما تقول؟ قال : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعلمه الله له إذا جاء نصر الله ، والفتح فتح مكة ، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك ، واستغفره إنه كان توابا ، قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، أي ما كان نظيرا له ، هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما اكتسب بعده من العلم . وقال ابن عمر لسائل سأله عن آية : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه اعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع . وقال أبو وائل : خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ( أي وال على موسم الحج من عثمان رضي الله عنه ) فافتتح سورة النور نجعل يقرأ ويفسر ، فجعلت أقول ما رأيت، ولا سمعت كلام رجل مثله ، ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت ، ولاه عثمان على موسم الحج سنة 35 وولاه علي على البصرة فلما قتل مضى إلى الحجاز ، فأقام في مكة ، ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة . شرح الشيخ : هو ابن عم الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين, يعني كم كان عمر الرسول عليه الصلاة والسلام ؟ خمسون سنة . لازم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن عمه، وخالته ميمونة تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، وضمّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : اللهم علمه الحكمة، وفي رواية : الكتاب ، وقال له حين وضع له وضوءه : اللهم فقه في الدين فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة أو حبر الامة (بكسر الميم ) يقال انها مثلثة ( الحاء ) حُبر - حَبر - حِبر . والأكثر : فتح الحاء . فكان حبر الامة في نشر التفسير والفقه ، حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله ، فنال بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله، فقال المهاجرون : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول الكهول : الذين بلغوا من الكبر شوطا بعيدا , فهو فتاهم , وان كان صغيرا فهو بمنزلة الكهول , له لسان سؤول : اي كثير السؤال , لكن فيما ينفع لا فيما يعنت الناس ويعجزهم . وله قلب عقول : اي يعقل ويفهم . ، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ، فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر:1) حتى ختم السورة ، فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا ، وسكت بعضهم ، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا ، قال : فما تقول؟ قال : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعلمه الله له إذا جاء نصر الله ، والفتح فتح مكة ، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك ، واستغفره إنه كان توابا ، قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، أي ما كان نظيرا له ، هذه شهادة ابن مسعود , وقد مات قبل ان يبلغ ابن عباس من العلم والفقه ما بلغ , هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما اكتسب بعده من العلم . وقال ابن عمر لسائل سأله عن آية : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه اعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع . هذه لا شك من كرامات الله عز وجل يختص بها من يشاء , وقال أبو وائل : خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ( أي وال على موسم الحج من عثمان رضي الله عنه ) فافتتح سورة النور نجعل يقرأ ويفسر ، فجعلت أقول ما رأيت، ولا سمعت كلام رجل مثله ، ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت ،من وقة تأثيره , ولاه عثمان على موسم الحج سنة 35 وولاه علي على البصرة فلما قتل( علي ) مضى إلى الحجاز ، فأقام في مكة ، ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة . هذا العلم الغزير , وهذه الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل الذي وفقه الله عز وجل مات في الطائف وقبره يقال انه في المكان الذي يسمى مسجد ابن عباس , مشهور , في وسط الطائف , والله أعلم . المتن : المشتهرون بالتفسير من التابعين اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون فمنهم : أ- أهل مكة وهم أتباع ابن عباس كمجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح . ب- أهل المدينة وهم اتباع أبي بن كعب ، كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي . ج- أهل الكوفة وهم أتباع ابن مسعود ، كقتادة وعلقمة ، والشعبي . فلنترجم لحياة اثنين من هؤلاء : مجاهد وقتادة . شرح الشيخ : اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون فمنهم : أ- أهل مكة وهم أتباع ابن عباس كمجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح . واشتهر هذا الثالث بفقه الحج حتى كان مرجع الناس في ذلك رحمه الله . ب- أهل المدينة وهم اتباع أبي بن كعب ، كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي . ج- أهل الكوفة وهم أتباع ابن مسعود ، كقتادة وعلقمة ، والشعبي . فلنترجم لحياة اثنين من هؤلاء : مجاهد وقتادة . المتن : 1- مجاهد : هو مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبى السائب المخزومي ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة ، وأخذ تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنهما ، روى ابن إسحاق عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها ، وكان سفيان الثوري يقول : إذا جاءت التفسير عن مجاهد فحسبك به، واعتمد تفسيره الشافعي والبخاري وكان كثيرا ما ينقل عنه في " صحيحه" وقال الذهبي في آخر ترجمته : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به ، توفي في مكة وهو ساجد سنة أربع ومائة ، عن ثلاث وثمانين سنة . قتادة : هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ولد أكمة أي أعمي سنة إحدى وستين ، وجد في طلب العلم ، وكان له حافظة قوية حتى قال في نفسه : ما قلت لمحدث قط أعد لي ، وما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي ، وذكره الإمام أحمد فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه ، وقال : قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل ، وقال : هو أحفظ أهل البصرة، لم يسمع شيئا إلا حفظه ، وتوفي في واسط سنة سبع عشرة ومائة ، عن ستة وخمسين سنة . شرح الشيخ : 1- مجاهد : هو مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبى السائب المخزومي ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة ، وأخذ تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنهما ، روى ابن إسحاق عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها ، وكان سفيان الثوري يقول : إذا جاءت التفسير عن مجاهد فحسبك به، واعتمد تفسيره الشافعي والبخاري وكان كثيرا ما ينقل عنه في " صحيحه" وقال الذهبي في آخر ترجمته : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به ، توفي في مكة وهو ساجد سنة أربع ومائة ، عن ثلاث وثمانين سنة . نعم الرجال , اللهم ارضى عنهم . قتادة : هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ولد أكمه أي أعمي سنة إحدى وستين ، سبحان الله , اعمى , مع هذا العلم الكثير عنده . وجد في طلب العلم ، وكان له حافظة قوية حتى قال في نفسه : ما قلت لمحدث قط أعد لي ، وما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي ، وذكره الإمام أحمد فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه ، وقال : قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل ، من القائل ؟ احمد بن حنبل . يقول : قلما تجد من يتقدمه , اما المثل ان يكون مثله , فلعل . وقال : هو أحفظ أهل البصرة، لم يسمع شيئا إلا حفظه ، وتوفي في واسط سنة سبع عشرة ومائة ، عن ستة وخمسين سنة . صغير رحمه الله. هؤلاء من أئمة التفسير من الصحابة والتابعين ,رضي الله عنهم وألحقنا بآثارهم انه على كل شئ قدير . يتبع >>>>>>>>>> |
13-02-09, 12:55 AM | #17 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع تفريع الشريط الخامس ....
المتن : القرآن محكم ومتشابه يتنوع القرآن الكريم باعتبار الإحكام والتشابه إلى ثلاثة أنواع : النوع الأول : الإحكام العام الذي وصف به القرآن كله ، مثل قوله تعالى : ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود: الآية 1) وقوله (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (يونس:1) وقوله (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف:4) . ومعنى هذا الإحكام الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه فهو في غاية الفصاحة والبلاغة ، أخباره كلها صدق نافعة ، ليس فيها كذب ، ولا تناقض ، ولا لغو لا خير فيه ، وأحكامه كلها عدل وحكمه , ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه . شرح الشيخ : القرآن محكم ومتشابه : النوع الاول : احكام عام : بمعنى انه وصف به كل القرآن , مثل قوله تعالى : -( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )- [هود/1] احكمت : أتقنت , أجملت, بدليل قوله : (( ثم فصلت )) والتفصيل جعله الله تعالى مقابلا للاحكام , ولكن مع ذلك حق على هذا الرأي لا يمنع ان يكون المحكم..... فيكون محكما على سبيل الاجمال , والاتقان ومفصل ايضا . من لدن حكيم خبير : وهو الله عز وجل حكيم : ذو حكمة بالغة خبير : اي ذو علم ببواطن الأمور , والعالم ببواطن الامور عالم بظواهرها . وقوله تعالى : -( تلك آيات الكتاب الحكيم )- [لقمان/2] اي المحكم , وهذا واضح انه عام لكل القرآن وهنا بحث في (( الر )) هذه الحروف هجائية , هل لها معنى في ذاتها ؟ لا , لان القرآن بلسان عربي , لا يرون للحروف الهجائية معنى بذاتها , لكن لها مغزى, وهوان هذا القرآن الذي أعجز العرب لم يأت بجديد عليهم بل أتى بما يركبون منه كلامهم , وهي الحروف , ومع هذا عجزوا ان يأتوا بمثله . حتى ان مسيلمة الكذاب وغيره ممن ادعوا النبوة ارادوا ان يأتوا بمثله فأتوا بضحكة مجانية , كل من قرأ ما زعموا انه قرآنا , فانه يضحك منهم . يقول عز وجل : -( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )- [الزخرف/4] اي عندنا , علي : ذو علو وارتفاع , وكل من أخذ بهذا القرىن فسيكون له علو , حكيم : ذو حكم . فهو جامع بين العلو وبين الحكم والسلطان . الشاهد قوله : حكيم : اي محكم , وحكيم : بمعنى حاكم اي عال على غيره . ومعنى هذا الاحكام : الاتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه , بدون استثناء . فهو في غاية الفصاحة والبلاغة ,اخباره كلها صدق نافعة ليس فيها كذب , ولا تناقض , ولا لغو لا خير فيه . وهذا يشمل كل آيات القرآن , واحكامه كلها عدل وحكمة ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه. ولهذا قال تعالى : -( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم )- [الأنعام/115] صدقا بالاخبار وعدلا في الاحكام هذا لا اشكال فيه , القرآن كله محكم متقن في غاية ما يكون من الجودة والفصاحة . المتن : النوع الثاني : التشابه العام الذي وصف به القرآن كله ، مثل قوله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر:23) ومعنى هذا التشابه ، أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) شرح الشيخ : التشابه العام الذي وصف به القرآن كله ، مثل قوله تعالى: -( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )- [الزمر/23] وهو القرآن , لان القرآن احسن الحديث في صدقه وفصاحته وعدله وغير ذلك . كتابا متشابها : هذا بدل من أحسن . مثاني : اي تثنى فيه المعاني والأحكام , مثلا تجد الله عز وجل في كتابه العزيز , اذا ذكر ثواب المؤمنين ذكر عقاب المجرمين , وأقرأ المطففين : كتاب الفجار - كتاب الأبرار . ثواب هؤلاء وثواب هؤلاء . ايضا مثاني بالنسبة لصفات الخلق : -( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير )- [التغابن/2] وقس على هذا . تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم : اي تقشعر خوفا وتعظيما , ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله . ومعنى هذا التشابه : اي ان القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة . ولو كان من عند غير اللع لوجدوا فيه اختلافا كثيرا . وهذان القسمان : الاحكام العام والاحكام الخاص : لا اشكال فيهما ولا منازعة , قد اتفق الناس عليه , النوع الثالث هو المعترك . المتن : النوع الثالث : الإحكام الخاص ببعضه ، والتشابه الخاص ببعضه ، مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7) . ومعنى هذا الإحكام أن يكون معنى الآية واضحا جليا ، لا خفاء فيه ، مثل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13)، وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) وقوله : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: الآية 275) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )(المائدة: الآية 3) وأمثال ذلك كثيرة . ومعنى هذا التشابه : أن يكون معنى الآية مشتبها خفيا بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى ، أو كتابه أو رسوله ، ويفهم منه العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك . مثاله : فيما يتعلق بالله تعالى ، أن يتوهم واهم من قوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية 64) أن لله يدين مماثلتين لأيدي المخلوقين . ومثاله فيما يتعلق بكتاب الله تعالى ، أن يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا حين يقول : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )(النساء: الآية 79) ويقول في موضع آخر : ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)(النساء: الآية 78) ومثاله فيما يتعلق برسول الله ، أن يتوهم واهم من قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (يونس:94) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكا فيما أنزل إليه . شرح الشيخ : هذا النوع الاحكام الخاص في بعضه والتشابه الخاص في بعضه , يعني ان بعضه متشابه وبعضه محكم , مثل قوله تعالى : -( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )- [آل عمران/7] منه : من هنا معناها التبين . وأخر متشابها : تختلف غير واضحة -( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [آل عمران/7] فاما الذين في قلوبهم زيغ : نحن نعلم ان (اما ) حرف تفصيل , فأين المفصل ؟ الذين في قلوبهم زيغ , والراسخون في العلم ثانيا , ولهذا قدره بعض الناس فقالوا : واما الراسخون في العلم . اذا انقسم الناس بهذا الى قسمين : قسم في قلوبهم زيغ : اي ميل عن الهدى والحق , فيتبعون ما تشابه منه : اي يتطلبون الآيات المتشابهة ويلقونها ليشبهوا على الناس , ابتغاء الفتنة : اي ابتغاء رد الناس عن الحق , والفتنة تاتي بمعان منها : الصد عن سبيل الله , قال تعالى : -( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )- [البروج/10] ايضا في ابتغاء تأويله : اي طلب تأويله اي تفسيره على ما يريدون , لا على ما يريده الله عز وجل . وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم : في هذه الجملة اختلف السلف والخلف على انه هل يوقف على (الا الله ) او نوصل ويقال ( الا الله والراسخون في العلم ) فيها قراءتان , وأكثر السلف على قراءة الفصل , يعني نقول : ( وما يعلم تأويله الا الله ) نقف , ثم نقول والراسخون في العلم تكون مبتدأ , وجمله يقولون خبر , وبعض السلف يصل , يعني وما يعلم تأويله الا الله والراسخون : ايضا يعلمون , وتكونجمله يقولون حالا من الراسخين في العلم , اي في موضع النصب , ( كل من عند الله) وما يكون من عند الله فلن يكون فيه اختلاف , ويحمل المتشابه على المحكم فيقضي به الجميع محكما . قال تعالى : -( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [البقرة/269] لا يتذكر بالقرآن ومواعظه الا اصحاب العقول , لقوله تعالى -( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29] ومعنى هذا الاحكام , ان يكون معنى الآية واضحا جليا لا خفاء فيه , اذن الاحكام هنا غير الاحكام السابق , الاحكام هنا يعني الوضوح والبيان الذي لا اشكال فيه , مثل قوله تعالى : -( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13] وقوله : -( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )- [البقرة/21] وقوله : -( وأحل الله البيع وحرم الربا )- [البقرة/275] والأمثلة كثيرة . هذا نسميه محكما واضح المعنى , هذا الاحكام الخاص يعني الذي يختص ببعض القرآن . ومعنى هذا التشابه ان يكون معنى الآية مشتبها خفيا , بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى او كتابه او رسوله , ويفهم منع العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك . يكون المعنى خفيا فيفهم منه الذي في قلبه زيغ معنى , ويفهم الراسخ في العلم معنى آخر , فان قال قائل : ما الحكمة من وجود هذا في القرآن الكريم ؟ قيل الحكمة : الامتحان واختبار العباد , هل يردون المتشابه الى المحكم , او بالعكس , ولهذا يحصل النزاع بين العلماء في معنى هذه الآيات المتشابهة . فهذه الحكمة من كون بعضه متشابها وبعضه محكما . مثاله فيما يتعلق بالله تعالى ان يتوهم واهم من قوله تعالى : -( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )- [المائدة/64] ان لله يدين مماثلتين لأيدي الخلوقين , هذا من المتشابه , من قال انه متشابه , الممثلة . بعض الناس قال بالعكس , قال ان ليس لله يدين حقيقيتين , ولكن المراد باليدين النعمة , اي لله نعمتين , مبسوطتين . كيف نعمتين ؟ ان الله يقول : -( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم )- [النحل/18] قالوا : نعمتان باعتبار الجنس , اي نعمة الدين ونعمة الدنيا , وان كان كانت لا تعد , فيقال هذا من المتشابه . ولهذا انقسم الناس فيه الى ثلاث اقسام , قسم مثل وقسم عطل وقسم اثبت مع نفي التنفيذ . ايهم أخذ بالدلي ؟ الثالث , لان الذي اخبرنا ان له يدان هو الله عز وجل , وهو اعلم بنفسه وبغيره , وهو اعلمنا انه لا ند له , ولهذا ضل من ضل من الخلق بهذا . مثال آخر بما يتعلق بكتاب الله , ان يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا , حين يقول : -( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك )- [النساء/79] اذن قسم الله عز وجل المصائب الى حسنة وسيئة الحسنة من الله والسيئة من الانسان , وقوله تعالى : -( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا )- [النساء/78] الحسنة والسيئة كل من عند الله يقول القائل : هذا تناقض ,ويرد. ولهذا أمثلة كثيرة ذكر الله ان يوم القيامة تسود وجوه وتبيض وجوه , وذكر ان المجرمين يحشرون زرق , يقول قائل : اسود وازرق , كيف ؟ تناقض . نقول : اما الآية الاولى :فالمراد من قوله وما اصابك من سيئة فمن نفسك : يعني انك انت السبب , ويدل لهذا قوله تعالى : -( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )- [الشورى/30] واما الحسنة فهي فضل من الله عز وجل , تفضل بها عليك , وليس لك حق على ربك ان يتفضل عليك . الآن هل حصل تناقض او لا ؟ لا طبعا , فما اصابك من حسنة فمن الله باعتبار ايجادها , والتفضل بها وما اصابك من سيئة فمن نفسك فباعتبار السبب , يعني انك انت السبب . وفي المثال الذي ذكرنا يوم القيامة وجوه سود وزرق , نقول : كم يوم القيامة من وقت ؟ خمسون ألف سنة , تتغير الأمور في هذه الخمسين , تتغير , من زرقة الى سواد او من سواد الى زرقة , وبعضهم قال , ان الأزرق الشديد الزرقة يميل الى السواد . والله أعلم . ومثاله فيما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتوهم واهم من قوله تعالى : -( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين )- [يونس/94] يتوهم ان النبي كان شاكا فيما أنزل اليه , وهذه وصمة عظيمة , ان كنت في شك فاسأل ... ومن المعلوم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك ولا يمكن ان يشك وقد شهد الله له بالايمان , في قوله تعالى : -( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )- [البقرة/285] ما موقف الزائغين من هذه الآيات ؟ انهم يتبعون المهلكات , فيقولون في المثال الاول , ان الله تعالى له يدان مماثلتان لأيدي المخلوقين , وفي الثاني يقولون ان القرآن متناقض وفي الثالث يقولون ان محمدا شاك .... فيطعنون بالله والقرآن وفي الرسول , إن موقف الراسخين في العلم من المتشابه وموقف الزائغين منه بينه الله تعالى فقال في الزائغين : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)(آل عمران: الآية 7) ابتغاء : اي طلب الفتنة : الصد عن الحق , التأويل : التفسير على ما يريدون , وقال في الراسخين في العلم : ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)(آل عمران: الآية 7) فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله ، وفتنة الناس عنه ، وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به ، فيَضِلُون ، ويُضِلُون وأما الراسخون في العلم يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية82) وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع محكماً. ويقولون في المثال الأول : إن لله تعالى يدين حقيقيتين على ما يليق بجلاله وعظمته ، لا تماثلان أيدي المخلوقين ، كما أن له ذات لا تماثل ذوات المخلوقين ، لأن الله تعالى يقول : (ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية 11) . ويقولون في المثال الثاني : إن الحسنة والسيئة كلتاهما بتقدير الله عز وجل ، لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده ، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30) فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه ، لا من إضافته إلى مُقَدِّرِهِ ، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى فمن باب إضافة الشيء إلى مُقَدِّرِهِ ، وبهذا يزول ما يوهم الاختلاف بين الآيتين لإنفكاك الجهة . ويقولون في المثال الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه شك فيما أنزل إليه ، بل هو أعلم الناس به ، وأقواهم يقينا كما قال الله تعالى في نفس السورة : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ )(يونس: الآية 104) المعنى إن كنت في شك منه فأنا على يقين منه ، ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، بل أكفر بهم وأعبد الله . وكذلك كما ذكرنا ان الله تعالى شهد له بالايمان بقوله تعالى : -( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )- [البقرة/285] ولا يلزم من قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)(يونس: الآية 94) أن يكون الشك جائزا على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو واقعا منه . لان ان تدخل عل المستحيل وتدخل على الممكن . ألا ترى قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف:81) هل يلزم منه أن يكون الولد جائزا على الله تعالى أو حاصلا ؟ كلا ، فهذا لم يكن حاصلا، ولا جائزا على الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (مريم:92) (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93) ولا يلزم من قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(البقرة: الآية 147) أن يكون الامتراء واقعا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع منه ، ألا ترى قوله تعالى : (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (القصص:87) ومن المعلوم أنهم لم يصدون النبي صلى الله عليه وسلم عن آيات الله ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه شرك. والغرض من توجيه النهي إلى من لا يقع منه : التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم ، وبهذا يزول الاشتباه ، وظن ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم . اذن : لا تكونن من المشركين ليس معناه ان يكون مشركا , بل فيه التنديد بمن وقع منه , والتحذير منه . يتبع <<<<<<<<<<
|
13-02-09, 12:57 AM | #18 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع الشريط الخامس ....
بقي علي ان اقول : ذكرنا في الآية الكريمة , قولان في الوقف على (الا الله ) او الوصل , وليس بين القرائتين اختلاف فالذين وقفوا على (الا الله ) : قالوا ان التأويل هو علم حقائق هذه المشتبهات , ومآلها في المستقبل , وهذا لا يهم عند الله والذين واصلوا قالوا ان المراد بالتأويل التفسير , وان كان المراد بالتأويل هو التفسير : هل يعلمه الراسخون في العلم ؟ نعم ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : انا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله . في الآية : -( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )- [الزخرف/81] قال بعضهم : ان (إن ) بمعنى ( ما ) , اي ما كان للرحمن ولد , ولكن هذا خلاف ظاهرها , لان إن شرطية , معناها : ان كان للرحمن ولدفأنا اول العابدين لهذا الولد , فهذا تنديد للنصارى الذين يعبدون عيسى , فيقول ان كان للرحمن ولد فانا اسبقهم الى عبادته , لكن لم يكن للرحمن ولد , فلاحق لعيسى في العبادة . أنواع التشابه في القرآن التشابه الواقع في القرآن نوعان : أحدهما : حقيقي وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله عز وجل ، فإننا وإن كنا نعلم معاني هذه الصفات ، لكننا لا ندرك حقائقها ، وكيفيتها لقوله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(طـه: الآية 110) وقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) حقائق الكتاب لا يمكن ادراكها , وهذا تشابه حقيقي , كل كان لا يمكن ان يدرك حقيقة صفة الله تعالى , وان ادعى انه يدرك فهو كاذب , ولهذا قال تعالى : -( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما )- [طه/110] وقال تعالى (( لا تدركه الابصار وان رأته )) لانه اعظم من ان تحيط به الابصار . ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) كيف استوى قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وهذا النوع لا يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه . هذا الرجل أتى الى الامام مالك في المسجد النبوي , وقال له : يا ابا عبد الله , الرحمن على العرش استوى , كيف استوى فاطرق مالك برأسه وجعل يتصبب عرقا , لشدة هذا السؤال , وفظاعته , ثم رفع راسه وقال : الاستواء غير مجهول (يعني انه معلوم ) والكيف غير معقول ( اي لا يمكن ان ندركه بعقولنا ) والعمل به (اي الاستواء ) واجب , والسؤال عنه (يعني عن كيفية الاستواء ) بدعة . وما اراك الا مبتدعا , ثم أمر به فأخرج من المسجد , اخرج من مسجد الرسول ليتقي الناس شره . فتأمل صرامة الامام مالك رحمه الله , في مثل هذا الامر الفظيع . وهكذا ينبغي لنا ان نكون صارمين في كل من سأل مثل هذا السؤال , لو قال : كيف اصابع الله ؟ نقول : الاصابع معلومة والكيف مجهول, والايمان بها واجب والسؤال عنها بدعة . لا يجوز ان نقول ان آيات الصفات من المتشابه , لكن اذا اطلق عليها المتشابه فاننا نقول : ان اراد بالتشابه خفاء المعنى فهذا غلط , لان معناها واضح ظاهر , وان اراد خفاء الحقائق فهذا صحيح . (يجيب الشيخ على بعض الاسئلة ) المتن : النوع الثاني : نسبي وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض ، فيكون معلوما للراسخين في العلم دون غيرهم ، وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه ؛ لإمكان الوصول إليه ، إذ لا يوجد في القرآن شئ لا يتبين معناه لأحد من الناس ، قال الله تعالى : (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:138) وقال : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(النحل: الآية 89) وقال : (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة:18) وقال : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:19) وقال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (النساء:174) . شرح الشيخ : ذكرنا ان الاحكام والتشابه ثلاثة انواع : الحكام العام والذي يوصف به جميع القرآن . والثاني : التشابع العام الذي يوصف به جميع القرآن . الثالث : الاحكام الخاص الذي يوصف به بعض القرآن والتشابه الخاص الذي يوصف به بعض القرآن , هذا التشابه ينقسم الى نوعين : تشابه حقيقي : يشتبه على كل الناس , كحقائق صفات الله عز وجل , احوال اليوم الآخر ... نحن نؤمن ان هذه الجبال العظيمة الشامخة تكون كثيبا مهيلا , انت لا تتصور كيف تكون بالضبط , نؤمن بان في الجنة فاكهة ونخلا ورمانا ولحم طير وعسلا ولبنا وخمرا وماء ... هل نعرف حقيقة ذلك ؟ لا لان الله تعالى يقول : -( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )- [السجدة/17] ويقول في الحديث القدسي : اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . هذا نقول انه متشابه تشابها حقيقيا . تشابه مطلق لا يمكن لأحد ان يعلم به . النوع الثاني : تشابه نسبي وهذا هو الذي يكون عند كثير من الناس التشابه النسبي هو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض , فيكون معلوما للراسخون في العلم دون غيرهم , وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه, اما الاول الحقيقي لا يسأل , السؤال عنه لغو , واذا كان سؤال دين فهو بدعة . هذا النوع المشتبه على بعض الناس دون بعض , يسأل عنه ويستكشف حتى يتبين للانسان معناه , لإمكان الوصول إليه ، إذ لا يوجد في القرآن شئ لا يتبين معناه لأحد من الناس ، الدليل قوله تعالى : -( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين )- [آل عمران/138] وهذا عام , وقال تعالى : -( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )- [النحل/89] فكل شي يحتاج الناس الى بيانه فانه في القرآن اما منصوص عليه واما مدلولا عليه بالاشارة , وقرأت لبعض العلماء المعاصرين انه كان في مطعم في احدى الدول الغربية واظنها باريس , والمطعم يعم الصالح والطالخ , وكان في هذا المطعم رجل من النصارى , ممن قرؤوا القرآن لكن لم ينتفعوا به , فأتى الى هذا العالم ليشبه عليه , وقال ان قرآنكم تبيان لكل شي , قال العالم : نعم هو تبيان لكل شئ , واذا بين يديه اشياء من المأكولات , فقال له النصراني : كيف نصنع هذا أرنيه في القرآن , فاستغرب الشيخ, سؤال ليس له وجه , هل القرآن نزل ليكون ارشادا للمطابخ ؟ لا , لاشك . لكنه يريد ان يمتحن هذا الرجل ويشكك من حوله , فقال الشيخ : نعم يوجد في القرآن . فقال : اين هو ؟ فذهب به الى المطبخ , فقال لمن يعمل فيه : كيف صنعت هذا ؟ فأخبره , فقال : هكذا جاء في القرآن , قال الله تعالى : (( فاسئلوا أهل الذكر ان كنت لا تعلمون )) فما لم ينص عليه القرآن أرشدنا إليه كيف نتوصل اليه , فصار الآن مبينا او غير مبين ؟ نعم , لان الذي يرشدك الى الطريق الذي تصل به الى مقصودك قد تبين . فبهت الذي كفر . يتبع >>>>>>>>>>> التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 15-02-09 الساعة 02:25 PM |
15-02-09, 02:27 PM | #19 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع تفريغ الشريط الخامس ....
فالمهم ان الله تعالى قال : (( نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ )) مبين لكل شئ , لكن اما على وجه صريح او على وجه الايماء والاشارة . وقال تعالى : (( فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه )) اذا قرآناه – فاتبع : يخاطب من ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لكن هل الله تعالى هو من يقرؤه عليه ؟ لا , جبريل عليه السلام , لكن لما كان جبريل عليه السلام رسولا من رب العالمين صارت قراءته كقراءة الله تعالى أطلق الله تعالى الفعل على نفسه والمراد هو الرسول , لان الرسول مبلغ عن ربه , ومن هنا نصل الى فائدة عظيمة في قوله تعالى : ((ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم )) لو قال قائل : ان الله تعالى على العرش في السماء وهؤلاء في الارض تحت الشجرة , كيف الجمع ؟ كيف يبايعون الله ؟ نقول نعم يبايعون الله لانهم يبايعون الرسول ومبايعة رسوله مبايعة له جل وعلا , وكذلك قوله يد الله فوق ايديهم , يد من فوق ايديهم ؟ يد الرسول عليه الصلاة والسلام , لكن لما كانت يد رسوله صارت كأنها يد الله تعالى . وحينئذ لا اشكال في الآية . خلافا لمن لجلج وعجعج وقال ان هذه الآية مشكلة , هذه تدل على ان الله تعالى في كل شئ وفي كل مكان , فيقال : لما كانت يد رسوله اطلق عليها انها يده عز وجل , كما ان قراءة جبريل للقرآن : لما كانت بارسال من الله تاعالى انه هو الذي قرأ (( ثم ان علينا بيانه )) بيانه لماذا ؟ لفظا ام معنى ؟. الاثنين معا . وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(الشورى: الآية 11) حيث اشتبه على أهل التعطيل ، ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى ، وأدعوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة ، واعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له ، وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة . هذه ال]ة استدل بها المعطلة على نفي الصفات عن الله تعالى , وقالوا : أي صفة تثبتها وفي المخلوق مثلها فقد مثلت , فلا تثبت العين ولا الوجه ولا الرجل ولا الساق ... ول فعلت ذلك لمثلت . فاشتبه عليهم المعنى , ولم ينظروا الى الآيات الكثيرة التي فيها اثبات صفات الله تعالى . ومنها قوله تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) حيث اشبته على الوعيدية ( وهم الخوارج والمعتزلة ) ، ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمدا مخلد في النار ، لكن الخوارج أشجع من المعتزلة , قالوا انه كافر , والمعتزلة قالوا انه ليس كافر , بل هوفي منزلة بين منزلتين , كيف ؟ والله جعل الخلق قسمين : (( فمنكم كافر ومنكم مؤمن )) لكن هذا سببه الرجوع الى العقل والاعراض عن النص , ولهذا بعض العلماء يسمي المعتزلة : عقلاء المبتدعة . وهل هذا صحيح ان المعتزلة هم عقلاء المبتدعة ؟ لا 1" المبتدعة لا عقل لهم , خالفوا العقل بقدر ما فعلوا من البدع 2" ان العقل يقتضي التزام النص لا مخالفته . على كل حال ان هؤلاء الوعيدية فهموا ان قاتل المؤمن عمدا كافرا مخلدا في النار وطردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر ، واعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى . والدليل قوله تعالى : (( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) ومن المناسبات الجيدة الطيبة ان هذه الآية ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) وقعت بين آيتين كلتاهما تدل على ان ما دون الشرك فهو تحت المشيئة . قوله تعالى : (( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما )) ثم جاءت آيات القتل , ثم قوله تعالى : (( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا )) اذن الآية لا تدل على ان قاتل النفس مخلدا في نار جهنم , لان الآيات الاخرى والنصوص الاخرى تدل على ان ما دون الشرك تحت المشيئة . لكن في الواقع ان فيها اشكال : قوله تعالى في الآية (( خالدا فيها )) لان الاصل في الخلود هو الدوام , واذا ذكر التعبير فهو من باب التوكيد . فيقال : هذا من جنس النصوص التي فيها الوعيد , فالقتل سبب لهذا لكن اذا وجد المانع انتفى مفعول السبب . وتجدونها ظاهرا في اسباب الارث والمواريث , القرابة من اسباب الارث واذا كان القريب كافرا والميت مسلما امتنع الارث . فلا شهادة الا بوجود شروطها وانتفاء الموانع , فاذا قال قائل : ان كان هذا لا يتحقق بوجود المانع , ما الفائدة ؟ قلنا الفائدة امران : 1" التغليظ في الوعيد , اسلوب جرى على لسان العرب , وان لم تنزل العقوبة بالفاعل , حتى صار في عرفنا الآن تقول الام لولدها : والله ان فعلت هذا لاكسر رجلك ... هل تصدق بانه اذا فعل سوف تكسر رجله ؟ هذا التغليظ في الوعيد وهو مما جاءت به اللغة العربية . 2" انه ربما يكون قتله للمؤمن عمدا سببا لكفره واذا كفر استحق الخلود في النار ولهذا جاء في الحديث ** لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ** يعني في سعة من دينه ما لم يصب دما حراما ضاق عليه الدين وربما فر منه . ومنها قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج:70) ألم تعلم : هذه تؤول الى : قد علمت . لان الهمزة هنا للتقليل مثلها قوله تعالى : (( ألم نشرح لك صدرك )) يعني قد شرحنا لك صدرك . في الآية كل ما هو في السماء والارض فهو معلوم عند الله تعالى من صغير وكبير ومن عظيم وحقير . , ان ذلك في كتاب او ان ذلك العلم في كتاب وهو اللوح المحفوظ . حيث اشتبه على الجبرية ، ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله ، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه ، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ، وأن فعل العبد نوعان : اختياري ، وغير اختياري . الجبرية استدلوا بنصوص القضاء والقدر على الجبر , والغريب ام نفس استدلالهم دليل عليهم . نقول : انتم تخاطبونني , هل تشعرون انكم مجبورون ؟ ان كان كذلك فقولكم لا حكم له لان المكره لا حكم لقوله ولا لفعله , وانتم الآن خاصمتم انفسكم . نقول : انتم الآن تحاجوننا بان الانسان مجبر على عمله لا اختيار له . حجتكم الآن هل هي باختياركم او مجبورون عليها ؟ ان قالوا : باختيارنا , فانهم خاصموا انفسهم , وان قالوا :مجبرين , قلنا : ايضا هذا خصم لكم , لان المجبر لا حكم لقوله ولهذا لو اكره الانسان على الكفر لم يكن كافرا . وهناك نصوص كثيرة تدل على ان للعبد ارادة وقدرة , لكنها اشتبهت عليهم والراسخون في العلم أصحاب العقول ، يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى ،فيبقى القرآن كله محكما لا اشتباه فيه . والحمد لله . ولهذا ينبغي للانسان ان يسأل الله تعالى دائما ان يهديه للحق وانظر الى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح قيام الليل وهو اول صلاة يصليها بعد النوم . يقول : اللهم رب جبريل وميكائيل واسرائيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق . وهو الرسول عليه الصلاة والسلام يسأل الله تعالى ان يهديه لما اختلف فيه من الحق فأنت ايضا اسأل الله تعالى دائما ان يهديك لما اختلف من الحق , سواء في العقائد او في العمليات ,لان الانسان بشر يجهل كثيرا وينسى كثيرا وقد قال تعالى : (( وما أوتيتم من العلم الا قليلا )) لا تعتمد على ذكاءك ولا على حفظك ولا على كثرة علومك , اعتمد على الله واسال الله ان يهديك لما اختلف الناس فيه من الحق . المتن : الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه ، وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض لقوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) وقوله تعالى (لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) . وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة . شرح الشيخ : الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه يقول لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه . وهذا صحيح لو كان القرآن كله محكما ما فيه تشابه لفاتت الحكمة من الاختبار , لان المتشابه يختبر به العبد , هل يأخذ به او يرده الى المحكم . يقول : وعملا لظهور معناه , وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض لقوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) وقوله تعالى (لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) . اذن الحكمة هي الامتحان , امتحان الناس هل يؤمنون بالمحكم والمتشابه . او يهلكون عند المتشابه وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة . قد يقول قائل : لماذا لم يجعل الله القرآن كله محكما ؟ نقول من أجل الامتحان والاختبار , لانه لا يمكن معرفة المؤمن حقا من غيره اذا كان القرآن كله محكما , لانه كلا سيؤمن به . ولماذا لم يكن كله متشابها ؟ لانه لو كان كذلك لم يكن هدى للناس ولا فرقانا بين الباطل والحق , ولاصبح الناس في شك في عقائدهم وفي أعمال جوارحهم . يتبع <<<<<< |
15-02-09, 02:29 PM | #20 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
تابع تفريغ الشريط الخامس ....
المتن : موهم التعارض في القرآن التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه . ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة . وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه . وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى . فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس ، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد . ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره . والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(لأعراف: الآية 28) وقوله (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء :16) ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء ، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق . والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي ، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني ، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) . ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطي المشار إليه آنفا . شرح الشيخ : موهم التعارض في القرآن هذا مبحث هام يجب معرفته , لما قلنا موهم التعارض ولم نقل التعارض ؟ لانه لا تعارض في القرآن وانما يتوهم الواهم ان هناك تعارض . التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه . يعني التقابل من كل وجه يسمى تعارض , لان كل واحد اعترض طريق الآخر ومنعه ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، التعارض بين آيتين مدلولهما خبري لا يمكن ان يكون , يعني لا يمكن ان يخبر الله بشئ ثم يخبر بضده , هذا مستحيل , لماذا ؟ لان الله تعالى عالم بكل شئ , ولايمكن ان يكون جاهلا ثم علم , ويقول هنا : ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، ايضا يلزم شيئا آخر كما قلنا ان يكون الله تعالى جاهلا ثم علم . فيلزم علينا الآن اما ان يكون الله (وحاشاه ) ان يكون كاذبا , واما ان يكون (وحاشاه ) ان يكون جاهلا , كلاهما ممتنع . انا لو قلت : جاء زيد في الساعة التاسعة والنصف , هذا خبر مدلوله مجئ زيد في التاسعة والنصف , ثم قلت : لم يأت زيد في الساعة التاسعة والنصف , يلزم ذلك ان اكون كاذبا اما في الخبر الاول او في الخبر الثاني , او انني كنت جاهلا وتبين انه ليس كذلك , كنت جاهلا انه قدم الساعة التاسعة والنصف ثم تبين لي فقلت انه لم يأت . اذن الله تعالى ليس في خبره كذب ولا جهل , بل هو جل وعلا اصدق القائلين واعلم العالمين . اذن التعارض يلزم ان يكون كذب في اخبار الله او صادرة عن جهل وهو مستحيل في اخبار الله تعالى قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) نفى الله عز وجل ان يكون احد اصدق منه حديثا او قولا . ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى , هذا ايضا ضابط آخر , لماذا لم يقل : نطلب التجيح اذا وقع التعارض؟ لانه لا ترجيح في القرآن , القرآ، كله ثابت .بطريق واحد عن طريق التواتر . ولكن تكون الاخيرة ناسخة للاولى . وهل يلزم ذلك من ذلك اثبات النسخ ؟ نعم , وقع النسخ في القرآن الكريم : اما نسخ اللفظ او المعنى او الحكم او اللفظ والحكم , قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) اذن اذا لم يأت بمثلها يأت بخير منها , فالنص واضح ان فيه فائدة , اذا اتى بمثلها ما الفائدة ؟ الفائدة امتحان العبد لانه اذا كان النسخ بالمماثل قد يقول قائل ما الفائدة ؟ فسأبقى على حكم الاولى ولا اقلب النص , فصار نسخ الحكم الى مماثل فيه فائدة عظيمة وهي اختبار الانسان . اختبار المكلف هل يستسلم ويذعن ام لا . واذا ثبت النص كان حكم الاول غير قائم وغير معارض للاخيرة . قال تعالى : ((ان يكن منكم عسشرون صابرون يغلبوا مئتين وان يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا )) اذا هنا الواحد يقابل عشرة امثال . ثم قال تعالى : ((الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا ان يكن منكم مئة صلبرة يغلبوا مئتين وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين ....)) صار الواحد يقابل اثنين . هل حكم الاولى باق ؟ لا , نسخت . وحينئذ لا تعارض بين الآيتين لان احداهما نسخت الاخرى . وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه . ماقال وجب عليك الترجيح . المهم ان اذا رايت ما يوهم التعارض فاجمع بينهما قبل كل شي , فان لم يتبين الجمع فالواجب التوكل ونقول : سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا . وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى . كتاب صغير جمع فيه كل ما امكنه من آيات القرآن العزيز التي ظاهرها التعارض وجمع بينها . فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) هدى للمتقين وهدى للناس , كيف الجمع ؟ أيهما أعم ؟ الناس أعم من المتقين , الناس يشمل المتقي وغير المتقي , فلا بد من الجمع . 1" اما ان نقول ان هدى للمتقين وهدى للناس معناهما واحد والمراد بالناس الخصوص , أي الناس المتقين , وحينئذ لا تعارض ما دمنا فصلنا الناس بالمتقين , فالآية الأخرى هدى للمتقين . 2"او نقول : الهدى نوعان : هدى دلالة – هدى التزام . فباعتباره هدى دلالة , يكون هدى الناس جميعا وباعتباره هدى التزام , يكون هدى للمتقين لانهم هم الذين يلتزمون به , فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد . يعني ان نجعل معنى الهداية في الآيتين مختلفا , فنقول هدى الناس هداية الدلالة والارشاد , وهدى للمتقين هي هداية التوفيق والتنفيذ زالقيام بشرعه . فصار الآن وجه الجمع : اما ان يكون في الهدى واما ان يكون في الناس والمتقين ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين . هداية التوفيق لا تكون للرسول ولا لغيره , وهداية التبيين والارشاد تكون للرسول ولغيره . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره . والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) . قوله ان الله هو الحق : يعني ان الله تعالى هو الاله الحق الذي ليس في الوهيته باطل وان ما تدعون من دونه هو الابطل . هو : ضمير فصل لا محل له من الاعراب والشاهد قوله تعالى : (( لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين )) فلو كان للضمير (هم ) محل من الاعراب لكانت الآية ( ان كلنوا هم الغالبون ) اذن هذا ضمير فصل ما فائدته ؟ ** انني خاطبت رجلا من البلاد المجاورة , يكثر فيها الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : والنبي أفتني . قولك : والنبي , هذا شرك , ما يجوز لكن ان شاء الله لن تعود اليه . فقال : والنبي لا اعود اليه .** سبحان الله , فائدة ضمير الفصل ثلاث : التوكيد والحصر وتمييز الصفة من الخبر . يتبع الشريط السادس <<<<<<<
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 18-02-09 الساعة 11:41 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من شرح الاربعين النوويه | عائشه | روضة السنة وعلومها | 1 | 19-07-07 11:37 AM |
هديتي لكم : الأربعين النووية مع شروحها والإستماع لها :) | تواقة الى الجنة | روضة السنة وعلومها | 4 | 18-03-07 05:05 AM |