العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - لتعليم القرآن الكريم . ~ . > ๑¤๑ قسم الأنشطة والفعاليات ๑¤๑ > ~ قسم المعاهدة ~ > حلقة معاهدة القرآن الكريم

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-15, 07:50 PM   #11
اماني شرقاوي
معلمة بمعهد خديجة - رضي الله عنها -
 
تاريخ التسجيل: 28-04-2013
المشاركات: 354
اماني شرقاوي is on a distinguished road
افتراضي

اجابه السؤال
ذكر الله مصر لأنه يوجد بها كل ما طلبه بنو اسرائيل


سؤال
لماذا كانت الصلاه كبيره الا على الخاشعين؟
اماني شرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-15, 11:51 PM   #12
إيمان السيد
طالبة بمعهد خديجة - رضي الله عنها -
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير الايه 75الى 86
أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون "
هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب, أي: فلا تطمعوا في إيمانهم.
وأخلاقهم لا تقتضي الطمع فيهم, فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه, فيضعون له معاني, ما أرادها الله, ليوهموا الناس أنها من عند الله, وما هي من عند الله.

" وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون "
ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب فقال " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا " فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم, ما ليس في قلوبهم.

" وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ " فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم قال بعضهم لبعض: " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم, فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟.
يقولون: إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق, وما هم عليه باطل, فيحتجون عليكم بذلك عند ربهم.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟.
هذا يقوله بعضهم لبعض.

" أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون "
" أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم, وزعموا أنهم بإسرارهم, لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين, فإن هذا غلط منهم وجهل كبير, فإن الله يعلم سرهم وعلنهم, فيظهر لعباده ما هم عليه.
" ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون "
" وَمِنْهُمْ " أي: من أهل الكتاب " أُمِّيُّونَ " أي: عوام, وليسوا من أهل العلم.
" لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ " أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم, وهؤلاء, إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
فذكر في هذه الآيات علماءهم, وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم, فالعلماء منهم, متمسكون بما هم عليه من الضلال.
والعوام مقلدون لهم, لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.

" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون "
توعد تعالى المحرفين للكتاب, الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون " هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق, وإنما فعلوا ذلك مع علمهم " لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا " .
فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس, فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم, ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق, بل بأبطل الباطل, وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما.
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال " فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ " أي: من التحريف والباطل " وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " من الأموال.
والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد.

وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه.
ومتناول لمن كتب كتابا بيده, مخالفا لكتاب الله, لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة, لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.

" وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون "
ذكر أفعالهم القبيحة, ثم ذكر أنهم يزكون أنفسهم, ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله, والفوز بثوابه, وأنهم لم تمسهم النار إلا أياما معدودة, أي: قليلة تعد بالأصابع, فجمعوا بين الإساءة والأمن.
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم فقال: " قُلْ " لهم, يا أيها الرسول " أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا " أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته, فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل.
" أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم ومتوقف على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما.
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا, فتكون دعواهم صحيحة.
وإما أن يكونوا متقولين عليه, فتكون كاذبة, فيكون أبلغ لخزيهم عذابهم.
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا, لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء, حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم لنقضهم المواثيق.
فتعين بذلك, أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون.

" بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
ثم ذكر تعالى, حكما عاما لكل أحد, يدخل فيه بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره, لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين فقال: " بَلَى " أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا حقيقة له.
ولكن " مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً " وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه.
والمراد به: - هنا - الشرك, بدليل قوله " وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ " أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
" فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.
" والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "
" وَالَّذِينَ آمَنُوا " بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر.
" وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله, متبعا بها سنة رسوله.
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز, هم أهل الإيمان والعمل الصالح.
والهالكون أهل النار هم المشركون بالله, الكافرون به.
فهذه الشرائع من أصول الدين, التي أمر الله بها في كل شريعة, لاشتمالها على المصالح العامة, في كل زمان ومكان, فلا يدخلها نسخ, كأصل الدين.
ولهذا أمرنا بها في قوله " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " إلى آخر الآية.

" وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون "
فقوله " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " هذا من قسوتهم أن كل أمر أمروا به, استعصوا فلا يقبلونه إلا بالأيمان الغليظة, والعهود الموثقة.
" لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ " هذا أمر بعبادة الله وحده, ونهى عن الشرك به.
وهذا أصل الدين, فلا تقبل الأعمال كلها, إن لم يكن هذا أساسها, فهذا حق الله تعالى على عباده, ثم قال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا بالوالدين إحسانا.
وهذا يعم كل إحسان, قولي, وفعلي, مما هو إحسان إليهم.
وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين, أو عدم الإحسان والإساءة.
لأن الواجب, الإحسان, والأمر بالشيء, نهي عن ضده.
وللإحسان ضدان: الإساءة, وهي أعظم جرما.
وترك الإحسان بدون إساءة, وهذا محرم, لكن لا يجب أن يلحق بالأول.
وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى, والمساكين.
وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد, بل تكون بالحد, كما تقدم.
ثم أمر بالإحسان إلى الناس عموما فقال: " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف, ونهيهم عن المنكر, وتعليمهم العلم, وبذل السلام, والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب.
ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله, أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق, وهو الإحسان بالقول, فيكون في ضمن ذلك, النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار, ولهذا قال تعالى: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده, أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله, غير فاحش ولا بذيء, ولا شاتم, ولا مخاصم.
بل يكون حسن الخلق, واسع الحلم, مجاملا لكل أحد, صبورا على ما يناله من أذى الخلق, امتثالا لأمر الله, ورجاء لثوابه.
ثم أمرهم بإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد.
ثم بعد هذا الأمر لكم, بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل, عرف أن من إحسان الله على عباده, أن أمرهم بها,, وتفضل بها عليهم, وأخذ المواثيق عليكم " ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ " على وجه الإعراض.
وقوله " إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ " هذا استثناء, لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم.
فأخبر أن قليلا منهم, عصمهم الله وثبتهم.

" وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون "
وهذا الفعل المذكور في هذه الآية, فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة.
وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية.
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع.
فكل فرقة منهم, حالفت فرقة من أهل المدينة.
فكانوا إذا اقتتلوا, أعان اليهودي حليفه على مقاتليه, الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب.
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا.
والأمور الثلاثة كلها, قد فرضت عليهم.
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم, وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه.

" ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون "
فعملوا بالأخير وتركوا الأولين, فأنكر الله عليهم ذلك فقال: " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ " وهو فداء الأسير " وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ " وهو القتل والإخراج.
وفيها دليل على أن الإيمان, يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي وأن المأمورات من الإيمان قال تعالى: " فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وقد وقع ذلك.
فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ " أي: أعظمه " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " .

" أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون "
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب والإيمان ببعضه فقال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار فاختاروا النار على العار.
فلهذا قال: " فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ " بل: هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات.
" وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم مكروه.



توقيع إيمان السيد

التعديل الأخير تم بواسطة إيمان السيد ; 29-11-15 الساعة 11:56 PM
إيمان السيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-15, 12:18 AM   #13
أمل رشيد
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 09-11-2015
الدولة: عابرة سبيل
العمر: 32
المشاركات: 15
أمل رشيد is on a distinguished road
Pencel قصة آدم عليه السلام – قصة البشرية الأولى ــ ؛ الآيات (30 -39 )


تنقسم قصة النبي الكريم عليه السلام إلى محوريـن : -
· المحور الأول : قصة خلقه عليه السلام ؛ وإعلام الله ملائكته الكرام بذلك وإكرامه بتعليمه الأسماء وسجود الملائكة المقربين له ؛ الآيات ( 30 -34) .
· المحور الثاني : قصة إسكان الله لنبيه عليه السلام وزوجه الجنة وإغواء الشيطان لهما وهبوطهم جميعاً إلى الأرض وبيان طبيعة المعركة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ؛ الآيات (35 – 39) .
:: فوائــــد الـمــحور الأول ::
قوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} .

1. الغاية من خلق الله لخلقه هي الخلافة في الأرض وتعميرها بتوحيده جل جلاله.
2. فضيلة الملائكة وأنهم عباد مكرمون مفطورون على عبادة الله وتقديسه (تنزيهه عما لا يليق بجلاله) = (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) .
3. علم الله المطلق وحكمته التي تخفى على المخلوقات = (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)

4. فضيلة آدم عليه السلام وإكرام الله له بتعليمه الأسماء كلها ؛ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) .
5. بيان أهمية العلم ؛ وأن شرف آدم على الملائكة عليهم السلام جميعاً ما كان إلا بعلمه ما خفي عنهم .
6. رَدُّ الملائكة العلمَ المطلق لله سبحانه واعترافهم بالقصور والعجز ؛ وأنهم لم يقولوا قولهم : ((أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)) اعتراضاً بل كان على وجه طلب الإيقان من الحكمة في إيجاد من يقع منه الشر ؛ وهذا يعلمنا التواضع وأن لا ننسب العلم إلى أنفسنا بل جلُّ ما يتعلمه الإنسان ما هو إلا محض توفيق وتعليم من الله له .

7. إثبات صفتي العلم والحكمة المطلقة لله سبحانه وأن من أسمائه (الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
8. إكرام الله ثانية لسيدنا آدم عليه السلام بأن أسجد الملائكة له ؛ وهذا السجود كان عبودية لله فوجب التسليم والانقياد.

9. وفيه بيان فضيلة الملائكة وأنهم منقادون تمام الانقياد لله سبحانه ؛ فما أن أمرهم الله حتى بادروا بتفيذ أمره من غير اعتراض وهذا ما دل عليه حرف (الفاء) الذي يدل على الترتيب مع التعقيب ؛ وكما وصفهم تبارك وتعالى: {... عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }

10. بيان عاقبة الاستكبار ورفض الانقياد لأوامر الله وتشريعاته وأن ذلك يفضي إلى الكفر = {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } .
11. الاستثناء في الآية { فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} استثناء منقطع ؛ إذ إن إبليس من الجن ولم يكن من الملائكة كما أخبر تعالى في آيات أخرى ؛ كما أنه لو كان منهم لبادر بالامتثال لأمره سبحانه .

:: فوائـــد المحور الثاني ::
قوله تعالى : {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) }

1. امتنان الله على آدم عليه السلام بأن جعل له أنيساً وسكناً وهي زوجه حوَّاء وإكرامهما بالسكن في الجنة مع رَغَد العيش ؛ كما قال تعالى : {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (سورة طه).

2. في إباحة الله سبحانه الأكل من جميع الثمر إلا ثمرة واحدة ؛ رمز إلى أن الحلال بابه أوسع من الحرام ؛ وأنه سبحانه لطيف بعباده فقد أوسع لهم في الحلال ما يغنيهم عن الحرام ؛ وفيه أيضاً رمز إلى أن المحظور الذي لا بد منه في حياة الأرض ؛ فبغير محظور لا تنبت الإرادة ، ولا يمتحن صبر الإنسان على الوفاء بالعهد والتقيد بالشرط .

3. في التعبير عن نهي الأكل من الشجرة بقوله تعالى : (ولا تقربا) أبلغ من قوله (ولا تأكلا) ؛ لأن الاقتراب منها مدعاة للميل إليها ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه .

4. في مقارفة العبد للحرام ظلم لنفسه كما قال تعالى : { وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} .

5. تصوير الله مشهد إغواء إبليس لنبيه آدم عليه السلام في تعبير بليغ في قوله : (فأزلهما ) حيث إن الزَّلل زَلَق الأَقدام وعدم ثبوتها ؛ فقد زين لهم الغواية وأتاهما في صورة ناصح فما كان منهما إلا أن ضَعُفا وبدرت منهما المعصية.

6. في قوله تعالى : { وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } ؛ إيذان من الله سبحانه ببداية المعركة بين جنده وجند الشيطان ؛ وتحذير بني آدم من إبليس وتبعه ؛ بتربية العداوة بينهم وبين الشيطان وجنده إذ كان سبباً في جر هذه المصيبة لأبيهم حتى يكونوا دائما معادين للشيطان ووسوسته مسيئين الظنون بإغرائه.

7. { وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } : خلقت الدنيا لتعبر لا لتعمر ؛ فيه ترغيب لبني آدم بأن يقوموا بالخلافة على وجهها الأكمل التي خلقهم الله لأجلها وربطهم بالموطن الأول – الجنة - موطن أبيهم عليه السلام .

8. { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } : فيه أن آدم عليه السلام بادر بالتوبة وطلب العفو وهذا تفيده –الفاء- فألهمه الله كلمات؛ وتشعر كلمة ( التلقي) بالرضا عن آدم عليه السلام وقبوله توبته إذ إن التلقي يكون للسار ، وجاءت الكلمات مفسرة في قوله تعالى : {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ؛ ثم جاء التذييل مؤكداً على قبول الله توبة نبيه عليه السلام فجيء بكلمتي التواب والرحيم بصيغة المبالغة للدلالة على كثرة توبة الله على عباده وإلهامهم إليها وتعقيبها بِ( الرحيم) دلالة على ان قبوله التوبة ضرب من الرحمة بهم وإلا لكان من العدل أن يجازى العاصي بعقوبة على معصيته .

9. كُرِّر الإهباط تأكيداً ولبيان المترتَّب عليه ؛ وهو ما بعده من قوله تعالى :
{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
10. لما كان إنزال الهدى لا يستلزم منه حصول الهداية قال سبحانه : {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ ... } الآيتين .
11. عادة القرآن الكريم في إرداف الترغيب بالترهيب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد
==================
* إجابة السؤال في مشاركة أماني الشرقاوي :لماذا كانت الصلاه كبيرة إلا على الخاشعين؟ لأن الخشوع, وخشية الله, ورجاء ما عنده, يوجب له فعلها, منشرحا صدره, لترقبه للثواب, وخشيته من العقاب ؛ بخلاف من لم يكن كذلك, فإنه لا داعي له يدعوه إليها, وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.

[gdwl] ما الحكمة من تحريم شجرة بعينها على آدم عليه السلام وزوجه؟[/gdwl]




توقيع أمل رشيد
[CENTER][FONT=arial][SIZE=4][COLOR=Black]قال الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله :[/COLOR][/SIZE][/FONT]
[FONT=arial][SIZE=4][COLOR=Blue]ميراث العلم خير من الذهب
والنفس الصالحة خير من اللؤلؤ
ولا يستطاع العلم براحة الجســـد [/COLOR][/SIZE][/FONT]
[/CENTER]

التعديل الأخير تم بواسطة أمل رشيد ; 30-11-15 الساعة 12:36 AM
أمل رشيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-15, 07:23 AM   #14
عبير السيد
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي مواجهة بني إسرائيل الايات من57:40 من الجزء الاول من سورة البقرة


{ 40 - 43 } { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ }يقصد ببني اسرائيل: سيدنا يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل, الذين بالمدينة وما حولها, ويدخل فيهم من أتى من بعدهم, فأمرهم بأمر عام، فقال: { اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } وهو يشمل سائر النعم ، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا, وباللسان ثناء, وبالجوارح باستعمالها فيما يرضيه عزوجل . " وَأَوْفُوا بِعَهْدِي " وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله, وإقامة شرعه.
" أُوفِ بِعَهْدِكُمْ " وهو المجازاة على ذلك
وفي قوله: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } إشارة إلى كل البشر أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما معكم, لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم.
وفي الكتب التي بأيدكم, صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به، فإن لم تؤمنوا به, كذبتم ببعض ما أنزل إليكم, ومن كذب ببعض ما أنزل إليه, فقد كذب بجميعه، كما أن من كفر برسول, فقد كذب الرسل جميعهم. فلما أمرهم بالإيمان به, نهاهم وحذرهم من الكفر به فقال: { وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي : بالرسول والقرآن.
ثم ذكر الله ما منعهم من الايمان به وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال: { وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله ورسوله, فاشتروها بآيات الله واستحبوها, وآثروها.
{ وَإِيَّايَ } أي: لا غيري { فَاتَّقُونِ } فإنكم إذا اتقيتم الله وحده, أوجبت لكم تقواه, تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل، كما أنكم إذا اخترتم الثمن القليل, فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم.
ثم قال: { وَلَا تَلْبِسُوا } أي: تخلطوا { الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق بالباطل, وكتمان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم, تمييز الحق, وإظهار الحق, ليهتدي بذلك المهتدون, ويرجع الضالون, وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته, ليميز الحق من الباطل, ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين.
ثم قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } أي: ظاهرا وباطنا { وَآتُوا الزَّكَاةَ } مستحقيها، { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: صلوا مع المصلين، فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله, فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة, وبين الإخلاص للمعبود, والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية البدنية والمالية.
وقوله: { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } فيه الامر بالجماعة في الصلاة ووجوبها وان الركوع ركن من اركان الصلاة لا تصح الا به.
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } أي: بالإيمان والخير { وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } أي: تتركونها عن أمرها بذلك، والحال: { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } وأسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير, وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به, وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله, أو نهاه عن الشر فلم يتركه, دل على عدم عقله وجهله, خصوصا إذا كان عالما بذلك, قد قامت عليه الحجة
{ 45 - 48 } { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }
أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها, والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور, ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان, وتنهى عن الفحشاء والمنكر, يستعان بها على كل أمر من الأمور { وَإِنَّهَا } أي: الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي: شاقة { إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع, وخشية الله, ورجاء ما عنده يوجب له فعلها, منشرحا صدره لترقبه للثواب, وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك, فإنه لا داعي له يدعوه إليها, وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته, وسكونه لله تعالى, وانكساره بين يديه, ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه.
ولهذا قال: { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي: يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات, ونفس عنهم الكربات, وزجرهم عن فعل السيئات، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات، وأما من لم يؤمن بلقاء ربه, كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه.
ثم كرر عزوجل على بني إسرائيل التذكير بنعمته, وعظا لهم, وتحذيرا وحثا.
وخوفهم بيوم القيامة الذي { لَا تَجْزِي } فيه، أي: لا تغني { نَفْسٌ } ولو كانت من الأنفس الكريمة كالأنبياء والصالحين { عَنْ نَفْسٍ } ولو كانت من العشيرة الأقربين { شَيْئًا } لا كبيرا ولا صغيرا وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه.
{ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا } أي: النفس, شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له, ولا يرضى من العمل إلا ما أريد به وجهه,{ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي: فداء ولا يقبل منهم ذلك { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } أي: يدفع عنهم المكروه، فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه، فقوله: { لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا } هذا في تحصيل المنافع، { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } هذا في دفع المضار, فهذا النفي للأمر المستقل به النافع.
{ 49 - 57 } { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال: { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي: من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك { يَسُومُونَكُمْ } أي: يولونهم ويستعملونهم، { سُوءَ الْعَذَابِ } أي: أشده بأن كانوا { يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } خشية نموكم، { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } أي: فلا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة، مستحيي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة، فمن الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم.
{ وَفِي ذَلِكم } أي: الإنجاء { بَلَاءٌ } أي: إحسان { مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره.ثم وعدالله لموسى بنزول التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده, أي: ذهابه.{ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } عالمون بظلمكم, قد قامت عليكم الحجة, فهو أعظم جرما وأكبر إثما.
ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله.
{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى رسوله، { فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ } إما الموت أو الغشية العظيمة، { وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } وقوع ذلك, كل ينظر إلى صاحبه، { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
ثم ذكر نعمته عليكم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق، فقال: { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ } وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك.

{ وَالسَّلْوَى } طائر صغير يقال له السماني، طيب اللحم، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي: رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين, فلم يشكروا هذه النعمة, واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب.
{ وَمَا ظَلَمُونَا } يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين, كما لا تنفعه طاعات الطائعين، { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فيعود ضرره عليهم.
  رد مع اقتباس
قديم 30-11-15, 07:31 AM   #15
عبير السيد
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اجابة سؤال الاخت ؟أمل رشيد
ما الحكمة من تحريم شجرة بعينها على ادم عليه السلام وزوجه؟

رمز إلى أن الحلال بابه أوسع من الحرام ؛ وأنه سبحانه لطيف بعباده فقد أوسع لهم في الحلال ما يغنيهم عن الحرام ؛ وفيه أيضاً رمز إلى أن المحظور الذي لا بد منه في حياة الأرض ؛ فبغير محظور لا تنبت الإرادة ، ولا يمتحن صبر الإنسان على الوفاء بالعهد والتقيد بالشرط .
السؤال
ما المقصود بالمن والسلوى؟
  رد مع اقتباس
قديم 30-11-15, 07:34 AM   #16
عبير بجاش
|علم وعمل، صبر ودعوة|
| طالبة في المستوى الثاني 3 |
Note ~ المقرر الأول من 1-29 سورة البقرة ~




المقرر الأول
الطوائف التي واجهتها الدعوة في المدينة المنورة
من الآية 1 من سورة البقرة إلى الآية 29

- {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} [البقرة: 2]
كتاب الله كتاب عظيم شامل لأخبار المتقدمين والمتأخرين وهو حق لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن كماله أنه لاشك فيه بوجه من الوجوه بل هو الحق اليقين.

- {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} [البقرة: 2]
المتقون هم المتفعون بالآيات القرآنية لأنهم اتخذوا أكبر سبب للانتفاع والهداية وهو التقوى فجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

- {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3]
أول صفات المؤمنين المذكورة في الآيات هو إيمانهم بالغيب التصديق الجازم واليقين بما أخبر به الله وأخبر به رسوله بما غاب عنهم فهو تصديق مجرد بخلاف الإيمان بما هو مشاهد ومرئي وبهذا يتميز المسلم من الكافر.

- {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} [البقرة: 3]
كثيرًا ما يقرن الله بين الصاة والزكاة في القرآن لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود والزكاة متضمنة للإحسان على عبيده وهما عنوان سعادة العبد.

- {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} [البقرة: 4]
اختص ذكر الإيمان باليوم الآخر مع دخوله في عموم الإيمان بالغيب لأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل وهو ركن من أركان الإيمان.

- {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)} [البقرة: 6]
لما ذكر الله صفات المؤمنين حقًا ، ذكر صفات الكفار المعاندين للرسول ، وإنما منعوا من الإيمان وسدت عليهم أبواب النفع بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم للحق بعدما تبيّن لهم ، أي أنّهم هم من بدؤوا بالإعراض.

- {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) } [البقرة: 8]
الإيمان الحقيقي هو ما تواطأ عليه القلب واللسان بخلاف ما عليه أهل النفاق من خداع وتدليس فيظهرون الإيمان ويبطنون الكفر مخادعة لله ورسوله والمؤمنين فعاد خداعهم عليهم.


- {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} [البقرة: 10]
بيان لحكمة الله تعالى في تقدير المعاصي على العاصين وأنه بسبب ذنوبهم السابقة فيبتليهم الله بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها ، فعقوبة المعصية المعصية بعدها وكذلك الشأن في الحسنة.

- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)} [البقرة: 11 - 15]
- من صفات المنافقين الإفساد في الأرض بعمل الكفر و المعاصي وقلبهم للحقائق وجمعهم بين فعل الباطل واعتقاده حقًا.
- جهلهم بمصالح أنفسهم وسعيهم فيما يضرهم وهذا من سفههم.
- الاستهزاء بالله وبالمؤمنين وإظهارهم خلاف مافي قلوبهم.
- رغبوا في الضلالة على الهداية وقدموا الشقاء على السعادة واشتروا الباطل بالحق فبئس التجارة والصفقة.


- {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)} [البقرة: 19، 20]
إعراض المنافقين عن الاستماع لآيات الله والانتفاع بها والانقياد لأوامره واجتناب نواهيه .

- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة: 21، 22]
الاستدلال على وحيد الألوهية بتوحيد الربوبية، فأمر الله كافة الناس بعبادته والانقياد لأمره وللحكمة التي خلقهم لها؛ لأن من ربّاهم وأنعم عليهم بأنواع النّعم الظاهرة والباطنة وخلقهم وأخرج لهم من الأرض ماينتفعون به وأنزل من السماء مافيه رزقهم كان مستحقًا للعبادة وحده دون ما سواه.

- {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)} [البقرة: 23]
الاستدلال على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصدق ماجاء به ، وفيها تحدٍ وتعجيز لجميع الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن العظيمة أوصافة الجليلة معانيه.


- {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) } [البقرة: 25، 26]
لما ذكر جزاء الكافرين ذكر جزاء المؤمنين أهل الإيمان والعمل الصالح على طريقته تعالى في القرآن بأن يجمع بين الترغيب والترهيب ليكون العبد راغبًا راهبًا راجيًا خائفًا.

- {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } [البقرة: 26]
تشتمل الأمثال على الحكمة وإيضاح الحق والله لايستحيي من الحق ، وفيها تعليم من الله لعباده ورحمته بهم ولابد أن يتلقى بالشكر والقبول. فأهل الإيمان يتفكرون فيها ويزدادون بها إيمانًا وإن لم تظهر لهم حكمة الله فيها لعلمهم أن الله لم يضربها عبثًا.
وأهل الكفر يعترضون عليها فيزدادون كفرًا إلى كفرهم.


- {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)} [البقرة: 26، 27]
من صفات الفاسقين الخارجين عن الإيمان نقض العهد الذي بينهم وبين الله وبينهم وبين خلقه ، وقطع ما أمر الله به أن يوصل من حقه وحق نبيه وخلقه.

- {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]
في هذه الآية العظيمة دليل أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة .

- {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) } [البقرة: 29]
كثيرًا ما يقرن الله بين خلقه للخلق وبين إثبات علمه ؛ لأن خلقه أدل دليل على علمه وقدرته وحمته.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله

الجواب على سؤال الأخت عبير:
ما المقصود بالمن والسلوى؟
المن هو : اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ومنه الزنجبيل والكمأة
السلوى: طائر صغير يقال له السماني طيب اللحم


سؤالي :
كلمة ( استوى ) ترد في القرآن على ثلاثة معاني، ماهي مع المثال؟





توقيع عبير بجاش
~ كن لله كما يريد يكن لك فوق ماتريد ~

عبير بجاش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-15, 10:25 AM   #17
جيهان حسن
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 25-10-2015
العمر: 51
المشاركات: 7
جيهان حسن is on a distinguished road
افتراضي

تفسير الايات من 17_ 20 سورة البقره
(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون )
اي مثلهم كمثل من كان بحاجه شديده الى النار فاستوقدها من غيره ولم تكن عنده فلما انتفع بنارها ذهب الله بنورها وما به من السرور واستبقى النار وما بها من الاحراق وبقى في ظلمات متعدده فهذا هو حال المنافقون بعد ان استضاءوا بنور الايمان من المؤمنين سلب منهم هذا النور لانه لم يكن صفة لهم وظلوا في ظلمة النفاق والمعاصي وظلمة النار ولذلك قال (صم) اي عن سماع الخير (وبكم) اي عن النطق (وعمى )اى عن رؤية الحق (لا يرجعون )اى لاير جعون الى الحق لانهم تركوه وهم يعلمون انه حق فليس في نيتهم الرجوع اليه
(او كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين)
الصيب هو المطر الذي ينزل بكثره
ظلمات اى ظلمة الالليل وظلمة السحاب وظلمة المطر
الرعد :هو الصوت ااذي يسمع مع السحاب
البرق: هو الضوء الذي يشاهد مع السحاب في هذه الظلمات واذا اظلم عليهم قاموا اى وقفوا :اى انهم كما يضع من يسمع الرعد اصابعه في اذنيه كى لايسمه فهكذا حال المنافقين اذا سمعوا القران واوامره ونواهيه جعلوا اصابعهم في اذانهم واعرضوا عنه وكرهوا سماعه ولكن الله تعالى محيط بهم ولا يعجزونه فهو قادر ان يحرمهم هذه النعم الحسيه فهو على كل شيء قدير
جيهان حسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-15, 12:02 PM   #18
دعاء بنت وفقي
إدارة الحلقات
معلمة بمعهد خديجة
افتراضي المقرر الأول

مقرر الايات 75-86
‏أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ‏}‏
هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب‏,‏ أي‏:‏ فلا تطمعوا في إيمانهم وحالتهم ,فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ماعقلوه , فإذا كانت هذه هي خالهم في كتاب الله فكيف يرجي منهم ايمان لكم ؟!
حال منافقي أهل الكتاب
‏ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا‏} فأظهروا لهم الايمان قولا بألسنتهم , ماليس في قلوبهم .
فانهم وإن أسروا ما يعتقدونه , فإنه خطأ منهم وجهل , فإن الله يعلم سرهم وجهرهم
ومنهم "أميون "أي عوام الناس ليسوا من أهل العلم ,‏{‏لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ‏}‏ أي ليس لهم حظا من كتاب الله الا التلاوة فقط , وليس عندهم خبر بما عند الأولين.
توعد الله المحرفين للكتاب
‏ ‏{‏فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ‏}‏ أي‏:‏ من التحريف والباطل ‏{‏وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‏}‏ من الأموال، والويل‏:‏ شدة العذاب والحسرة‏,‏ وفي ضمنها الوعيد الشديد‏.‏
ذكر أفعالهم القبيحة , ثم ذكر مع هذا أنهم يزكون أنفسهم , وشهدون لها بالنجاة من عذاب الله , والفوز بثوابه , وأنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة , فجمعوا بين الاساءة والأمن.
‏ولما كان هذا مجرد دعوى‏,‏ رد الله تعالى عليهم فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم يا أيها الرسول ‏{‏أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا‏}‏ أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته‏,‏ فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل‏.‏ ‏{‏أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏؟‏
فأخبر تعالي أن صدق دعواهم متوقف علي أمرين اما إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا‏,‏ فتكون دعواهم صحيحة‏, واما أن يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة, فيكون يكون أبلغ لحزنهم وعقابهم .
وهذه الشرائع , من أصول الدين , التي أمر الله بها كل الشرائع, لاشتمالها علي المصالح العامة,في كل زمان ومكان, فلا يدخلها نسخ كأصل الدين.
‏{‏لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ‏}‏ هذا أمر بعبادة الله وحده‏,‏ ونهى عن الشرك به، وهذا أصل الدين‏,‏ فلا تقبل الأعمال كلها إن لم يكن هذا أساسها‏,‏ فهذا حق الله تعالى على عباده‏,
‏‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ أي‏:‏ أحسنوا بالوالدين إحسانا، وهذا يعم كل إحسان قولي وفعلي مما هو إحسان إليهم، وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين, ثم أمرهم بإقامة الصلاة‏,‏ وإيتاء الزكاة‏,‏ لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود‏,‏ والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد‏.‏ ‏
دعاء بنت وفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-15, 12:14 PM   #19
دعاء بنت وفقي
إدارة الحلقات
معلمة بمعهد خديجة
افتراضي

الاجابة علي سؤال الأخت عبير
كلمة ( استوى ) ترد في القرآن على ثلاثة معاني، ماهي مع المثال؟
{‏اسْتَوَى‏}‏ ترد في القرآن على ثلاثة معاني‏:‏ فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها‏,‏ الكمال والتمام‏,‏ كما في قوله عن موسى‏:‏ ‏{‏وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى‏}
وتارة تكون بمعنى ‏"‏علا‏"‏ و ‏"‏ارتفع‏"‏ وذلك إذا عديت ب ـ ‏"‏على‏"‏ كما في قوله تعالى‏:‏ {‏ثم استوى على العرش‏}‏ ‏{‏لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ‏}
وتارة تكون بمعنى ‏"‏قصد‏"‏ كما إذا عديت ب ـ ‏"‏إلى‏"‏ كما في هذه الآية، أي‏:‏ لما خلق تعالى الأرض‏,‏ قصد إلى خلق السموات {‏فسواهن سبع سماوات‏} فخلقها وأحكمها‏,‏ وأتقنها‏.‏

السؤال : بم توعد الله عز وجل المحرفين للكتاب ؟ مع ذكر الآية .
دعاء بنت وفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-15, 03:12 PM   #20
وفاء طه
|طالبة في المستوى الرابع |
افتراضي

تفسير الايات 94-103من سورة البقرة

قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

: { قُلْ } لهم على وجه تصحيح دعواهم: { إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ } يعني الجنة { خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } كما زعمتم ،فإن كنتم صادقين بهذه الدعوى { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ }
وهذا نوع مباهلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
. وليس بعد هذا الإلجاء والمضايقة لهم بعد العناد منهم, إلا أحد أمرين:
إما أن يؤمنوا بالله ورسوله، وإما أن يباهلوا على ما هم عليه بأمر يسير عليهم,
وهو تمني الموت الذي يوصلهم إلى الدار التي هي خالصة لهم, فامتنعوا من ذلك. فعلم كل أحد أنهم في غاية المعاندة والمحادة لله ولرسوله, مع علمهم بذلك، ولهذا قال تعالى
{ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من الكفر والمعاصي,
لأنهم يعلمون أنه طريق لهم إلى المجازاة بأعمالهم الخبيثة،وهم أحرص على الحياة من كل أحد من الناس
, حتى من المشركين الذين لا يؤمنون بأحد من الرسل والكتب. ثم ذكر انه من شدة محبتهم للدنيا وحرصهم عليها{ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} والحال أنهم لو عمروا العمر المذكور, لم يغن عنهم شيئا ولا دفع عنهم من العذاب شيئا.

قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ

تفسير الآيتين 97 و98 :ـ أي: قل لهؤلاء اليهود, الذين زعموا أن الذي منعهم من الإيمان بك, أن وليك جبريل عليه السلام,
ولو كان غيره من ملائكة الله, لآمنوا بك وصدقوا، إن هذا الزعم منكم تناقض وتهافت, وتكبر على الله،
فإن جبريل عليه السلام هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على قلبك, وهو الذي ينزل على الأنبياء قبلك, والله هو الذي أمره, وأرسله بذلك, فهو رسول محض
. مع أن هذا الكتاب الذي نزل به جبريل مصدقا لما تقدمه من الكتب غير مخالف لها ولا مناقض, وفيه الهداية التامة من أنواع الضلالات, والبشارة بالخير الدنيوي والأخروي, لمن آمن به،
فالعداوة لجبريل الموصوف بذلك, كفر بالله وآياته, وعداوة لله ولرسله وملائكته، فإن عداوتهم لجبريل, لا لذاته بل لما ينزل به من عند الله من الحق على رسل الله.
فيتضمن الكفر والعداوة للذي أنزله وأرسله, والذي أرسل به, والذي أرسل إليه, فهذا وجه ذلك.
وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ

يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } تحصل بها الهداية لمن استهدى, وإقامة الحجة على من عاند, وهي في الوضوح والدلالة على الحق,
قد بلغت مبلغا عظيما ووصلت إلى حالة لا يمتنع من قبولها إلا من فسق عن أمر الله, وخرج عن طاعة الله, واستكبر غاية التكبر.
أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
وهذا فيه التعجيب من كثرة معاهداتهم, وعدم صبرهم على الوفاء بها. فـ " كُلَّمَا " تفيد التكرار, فكلما وجد العهد ترتب عليه النقض، ما السبب في ذلك؟
السبب أن أكثرهم لا يؤمنون، فعدم إيمانهم هو الذي أوجب لهم نقض العهود،
ولو صدق إيمانهم, لكانوا مثل من قال الله فيهم: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }

وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ


أي: ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم،
وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم كفروا بهذا الرسول وبما جاء به،
وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه،
وحقيّة ما جاء به. تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء
حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول, فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون.

وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ.

ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع,
ابتلي بالاشتغال بما يضركذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان
و كذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق امتحانا وابتلاء مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة.
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين, والسحر الذي يعلمه الملكان, فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين, وكل يصبو إلى ما يناسبه
{ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي: بإرادة الله، والإذن نوعان: إذن قدري،
وهو المتعلق بمشيئة الله, كما في هذه الآية، وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة: { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ } في هذه الآية وما أشبهها
أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير,
ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة, ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية
وَلَقَدْ عَلِمُوا } أي علم : اليهود ان من رغب في السحر{ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } أي: نصيب, بل هو موجب للعقوبة, فلم يكن فعلهم إياه جهلا, ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة. { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } علما يثمر العمل ما فعلوه.
وفاء طه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفحة لتدوين فوائد الدروس(1-4) (فوائد مقدمة الكتاب ومقدمة كتاب الطهارة) حسناء محمد ملتقى طالبات دورة شرح زاد المستقنع 41 16-03-10 09:10 PM


الساعة الآن 06:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .