العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-08, 12:58 AM   #1
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي الدرس السابع " شرح التوسل المشروع والبدعي والشركي " مفرغ

الحمد لله حمدا كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه ،وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم وآله-، ورضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

- بعون الله- نستأنف الدرس بعرض سؤالين على الإخوة المشاهدين، ونتلقى الإجابة بعد قليل -إن شاء الله- ، ثم أسئلة على الطلاب الحاضرين.

السؤال الأول للمشاهدين: العبادة لا تقوم إلا على ثلاثة أركان، ما هي هذه الأركان؟

والسؤال الثاني: تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة، وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، أو فصل الدين عن السياسة، أو نحو ذلك له حكم من بنود واقع الشرع وأدلته ما هذا الحكم؟ وحبذا لو يفصل الحكم على ضوء أنواع هذه الضلالات؟

السؤال الآخر للإخوة الحاضرين: وهو مسألة الغيب ذكرنا أن الغيب منه ما هو غيب بحت لا يعلمه إلا الله -عز وجل- وهناك ما هو غائب عن بني آدم لكنه لا يغيب عن طوائف من المخلوقات من هم؟

نعم عبد السلام.

السلام عليكم :إن الله يعلم ما في الأرحام فهو من الغيب، فالملائكة مثلا تعلم حين نفخ الروح قبل أن يعرف مثلا الإنسان.

إيه هذا عن درجات الغيب، الغيب أحيانا قد نقدر أنه غيب وهو ليس بغيب إلا في أمور لم يكشفها العلم، ما كشفه العلم ليس بغيب. نعم لكن سؤالي يعني المخلوقات نفسها هناك أمور غائبة عن بني آدم ليست غائبة عن بعض المخلوقات؛ فلا تعد من الغيب الخالص من هي المخلوقات التي يمكن أن تستكشف بعض الغائب عن بني آدم؟

الملائكة والجان.

نعم؛ فعلى هذا ما تستكشفه الملائكة والجان ليس بغيب -وإن غاب عن المخلوقات- لماذا نقول هذا الكلام؟ لأن بعض الناس إذا رأى ما يجري على أيدي الكهان والمشعوذين ظن أنهم يعلمون الغيب، وهم لا يعلمون الغيب، إنما ينكشف لهم من خلال استعانتهم بالجن والشياطين أمور هي غائبة عن بني آدم.

السؤال الثاني: ما حكم اعتقاد صدق المنجمين والكهان فيما يخبرون به؟ أريد التفصيل . نعم.

أحسن الله إليك يا شيخ. اعتقاد صدقهم كفر- أي نعم: كفر- أما إتيانهم فهو كبيرة من كبائر الذنوب

نعم أحسنت. هذا تفصيل مجمل يعني كاف.

والآن نبدأ على بركة الله بالدرس وصلنا إلى الفقرة التاسعة، وليتفضل الأستاذ معمر في قراءة هذه الفقرة.

أحسن الله إليكم يا شيخ.

بسم الله الرحمن الرحيم.

( تاسعاً: الوسيلة المأمور بها في القرآن هي ما يقرب إلى الله- تعالى- من الطاعات المشروعة، والتوسل ثلاثة أنواع:

الأول مشروع: وهو التوسل إلى الله - تعالى - بأسمائه وصفاته، أو بعمل صالح من المتوسل، أو بدعاء الحي الصالح.

الثاني بدعي: وهو التوسل إلى الله- تعالى- بما لم يرد في الشرع كالتوسل بذوات الأنبياء والصالحين أو جاههم أو حقهم أو حرمتهم ونحو ذلك.

الثالث شركي: وهو اتخاذ الأموات وسائطَ في العبادة ، ودعاؤهم وطلب الحوائج منهم والاستعانة بهم ونحو ذلك).

أحسنت- بارك الله فيك وفيكم- الموضوع هذا من أخطر الموضوعات على عقائد الأمة، وهو مما يكثر فيه الاشتباه واللبس والتلبيس من ِقبَلِ كثير من أهل الأهواء، وهو موضوع التوسل، فأولاً: ينبغي أن نعرف ما المقصود بالتوسل؟

المقصود بالتوسل: هو التقرب؛ وعلى هذا فالتوسل إلى الله هو التقرب إليه، والتقرب محض عبادة، القرب إلى الله محض عبادة، أو عبادة خالصة؛ وعلى هذا فالتوسل المأمور به في كتاب الله وما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب هو: كل ما يقرب إلى الله -عز وجل- مما شرعه الله وشرعه رسوله -صلى الله عليه وسلم- من أنواع الطاعات، والله -عز وجل- شرع من التوسلات - أي: التقربات والعبادات- ما يشبع غريزة الإنسان، ما يشبع روحه وعقله ووجدانه وعواطفه، ويملأ قلبه ويعمره بعبادة الله وطاعته ومحبته ورجائه؛ فلا يحتاج البشر إلى أن يلجئوا إلى وسيلة غير مشروعة؛ فإن في المشروع كفاية.

وعلى هذا فإن التوسل أو التقرب المأمور به في القرآن والسنة هو: ما يقرب إلى الله -عز وجل- من الطاعات المشروعة . وهو ثلاثة أنواع:

النوع الأول: هو التوسل إلى الله -عز وجل- بأسمائه وصفاته، وهو أن تدعو الله -عز وجل- بأسمائه وصفاته، وتتوسل إليه، تتعبد له بذلك من قلب موقن بأن الله مجيب، وأن الله على كل شيء قدير؛ بحيث لا يتطلع قلبك إلى اللجوء لغير الله، بمعنى: أن تعمر قلبك باليقين والإنابة إلى الله- سبحانه- حين يمتلأ القلب بمحبة الله ورجائه وخوفه تملأ قلبك بالإنابة واليقين بأن الله مجيب قادر على كل شيء. فمن هنا تتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته. فهذا هو النوع الأول.

النوع الثاني: التوسل بأعمالك التي تتقرب بها إلى الله : بعباداتك وأعمال القربات، ومعنى ذلك: أن تدعو الله أن يأجرك، أو تدعو الله -عز وجل- بأن يجلب لك نفعا، أو يدفع عنك ضراً بأعمالك التي عملتها فلك أن تقول: اللهم إني أسألك بصلاتي أن تدفع عني هذا الضر، أو تقول: اللهم إني أسألك بمحبة رسولك -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أعظم القربات، بل هي أعظم محبة بعد محبة الله سبحانه؛ فيشرع أن تقول: اللهم بمحبتي لرسولك ادفع عني هذا الضر، أو يسر لي أمري، أو نحو ذلك أي: أن تتوسل إلى الله - عز وجل- بعمل عملته قلبي أو لساني أو بعمل الجوارح.

وهذا ما ورد تفصيله ومثاله في قصة الثلاثة أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم صخرة؛ فكل منهم دعا الله -عز وجل- بما كان يتقرب به إلى الله، بأعظم عمل يرجو به الفرج من الله: فواحد دعا بقربته ببر والديه، وآخر ببعده عن الفاحشة إلى آخره؛ فتقربوا إلى الله بأعمالهم سواء كانت فعل القربات، أو ترك المنهيات. كل هذه قربات إلى الله.

فإذن هذا العمل -هذا النوع الثاني- هو من الأمور المشروعة، وبابه واسع لا ينتهي؛ لأن المسلم فيما بينه وبين ربه أعماله قلبية ولسانية وعمل جوارح لا تتناهى.

ثم النوع الثالث: دعاء التقرب أو طلب الدعاء من الصالحين هذا أيضا مشروع لكن له شروطه وضوابطه. وأهم شروط ذلك: ألا تتكل ،ألا تكثر من طلب دعاء الصالحين؛ بحيث يكون الطلب في دعاء الصالحين عند الضرورة، أو إذا جاءت مناسبة، أو في ظرف مهيَّأ كأن يكون هذا الرجل الصالح في مكان فاضل، أو سيعمل عملاً فاضلاً، أو في عبادة خالصة، أو يكون - مثلا- على وشك سفر؛ لأن دعاء المسافر مجاب إلى آخره.

فهذا النوع- أيضا- مشروع لكن الإكثار منه ليس بمشروع لأسباب لعل أهمها:

- أن ذلك يؤدي إلى الاتكال وعدم لجوء الإنسان بنفسه إلى ربه -عز وجل- --- الأمر الثاني- أن هذا يخلط أو يختلط بالأنواع البدعية التي سيأتي ذكر نماذج منها.

ثم إن التوسل من حيث أنواعه العامة ثلاثة أنواع أساسية:

النوع الأول: هو التوسل المشروع وهو الذي ذكرت أقسامه قبل قليل. هذا يسمى مشروعاً، بل مأمور به، بل هو من محض العبادة لله -عز وجل-.

الأنواع الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل هي أنواع التوسل المشروع، وهي كثيرة جداً يستغني بها المسلم عن اللجوء إلى الأنواع المشتبهة أو البدعية أو الشركية -لا قدر الله- وهي:

-التوسل إلى الله يعني: دعاءه بأسمائه وصفاته وأفعاله،

- وكذلك الدعاء بالتقرب إلى الله بالعمل الصالح، بعملك أنت لا بعمل غيرك،

- والنوع الثالث -كما قلت-: أن تطلب من الصالحين الدعاء لك.

ولا أنسى -أيضاً- أن أضيف مسألة : أنَّ طلب الدعاء لا يلزم أنه يكون دائما ممن هم على الكمال في الصلاح؛ لأن الكمال صعب، لكن- أيضاً- ممن قد يكون في دعائهم لك خصوصية، أو أحرى بأن يكون دعاؤهم لك مجاباً مثل الوالدين، مثل الأقارب، مثل الرحم الذين تصلهم، مثل الناس الذين تبرهم وتحسن إليهم لا مانع من أن تطلب منهم الدعاء- ولو لم يكونوا على درجة من الصلاح- ، بل لو طلبت من أي مسلم أن يدعو لك في مثل هذه الظروف لجاز، لكن الرجل الصالح أحرى بأن يُقبل دعاؤه.

إذن: أعود إلى النوع الثاني من أنواع التوسل مما ذكرنا وهو:

البدعي : ما معنى البدعي؟ يعني: أنه غير مشروع لكن لا يصل إلى حد الكفر أو الشرك الذي يخرج من الملة، النوع البدعي هو: التقرب إلى الله -عز وجل -بما لم يرد به الشرع ما لم يكن شركاً، كالتقرب بذوات الأنبياء - طبعاً ما عدا النبي -صلى الله عليه وسلم- -نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-- في حياته سيأتي الكلام عنه فله استثناء؛ لأنه كان الصحابة يتبركون، وهذا التبرك هل يدخل في معنى التقرب أو لا أو التوسل أو لا؟ هذه في الحقيقة فيها تفصيل؛ لأن التوسل أحيانا يقصد به التبرك؛ فمن هنا التبرك بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأشيائه مشروع في حياته، وما بقي منه بعد وفاته. ولا شك أنه بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بثلاثة قرون لم يعد هناك أشياء بقيت؛ فمن هنا ينقطع هذا النوع من التبرك.

قد يسميه بعض الناس توسلاً؛ لكن التوسل بالذوات سواء ذوات الأنبياء والصالحين أو بجاههم أو حقهم أو حرمتهم ونحو ذلك هذا من البدعة؛ كأن تقول: اللهم إني أسألك بحرمة فلان، اللهم إني أسألك بعمل فلان الرجل الصالح أو النبي أو غيره، أو تقول: اللهم إني أسألك بجاه الولي فلان أو النبي بفلان كل هذا لا يجوز بدعي؛ لأن ذلك لم يرد به الشرع، ولأن هؤلاء وغيرهم جاههم لهم، وحقهم حق لهم، وحرمتهم لا يتعدى نفعها للآخرين إلا بإذن من الشرع ، لو جاء به الشرع كان على العين والرأس؛ ولذلك لما جاء الشرع بالتبرك بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأشيائه أخذناه على العين والرأس، ولا يجوز أن نماري في ذلك ولا نجادل؛ لأنه جاء به الشرع، فهذه خصوصية له -صلى الله عليه وسلم- لكن بالنسبة للتوسل الذي هو التقرب فإنه لا يجوز للإنسان أن يتقرب إلى الله، أو يطلب إلا من خلال الأنواع الأقسام الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل.

إذن الطلب طلب الانتفاع أو دفع الضر بجاه الآخرين أيًّا كانوا أو بحقوقهم أو بحرمتهم أو بذواتهم أو بالأشياء أيضا -حتى لو لم يكن من العقلاء أو من المكلفين أو من الصالحين- الذي هو التقرب إلى الأحجار أو الأشجار أو نحو ذلك ما لم يكن شركاً فهو بدعة.

النوع الثالث: التقرب أو التوسل الشركي، وهو الذي يكون بصرف نوع من أنواع العبادة لغير الله -عز وجل-. وأكثر ما يقع فيه المشركون، وهو الذي عليه أكثر الجاهلية الذين بعث فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدهم من المشركين هو اتخاذ الوسائط في العبادة من دون الله ، الذين وصفهم المشركون بقولهم: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [ الزمر: 3 ] زعماً منهم بأن هذه الوسائط أقرب إلى الله من ملائكة أو نبيين أو صالحين أو حتى أشجار أو أحجار أو مزاراتٍ أو مشاهدَ أو غيرها يزعمون أنها لها مكانة عند الله -عز وجل-فيزعمون أن توجيه العبادة لها لتقربهم إلى الله،لتتوسط لهم عند الله هذه الوسائط هي معبودات وفعلهم شرك؛ والله- عز وجل- نص على ذلك؛ لأنهم حينما قالوا: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [ الزمر: 3 ] فإن الله حكم بشركهم بنص كتاب الله- عز وجل- بشركهم، أو بأنهم أشركوا بهذه الوسيلة.

إذن هذه الوسيلة أو التوسل الشركي أكثر ما يقع في اتخاذ الوسائط من دون الله بمعنى: أن كثيرين من المشركين يزعمون أنهم لا يعبدون هؤلاء عبادة خالصة، لكن يعبدونهم من أجل أن يقربوهم إلى الله، أو يدعونهم دعاء فيما لا يجوز إلا لله من أجل أن يقربوهم إلى الله، ومنهم من يقصر العبادة على هؤلاء، ومنهم من يشرك في العبادة بمعنى: يعبد الله من وجه، ويعبد هذه المعبودات من وجه آخر، وهذا كله شرك سواء وجه العبادة لهذه المخلوقات من دون الله، أو أنه يعبد الله أحيانا، ويعبد هذه المخلوقات أحيانا كما يكون من المشركين :إذا مسهم الضر دعوا الله- وحده- ، وإذا أمنوا أشركوا به، فهذا أيضا صنف من أصناف الشرك.

إذن الشرك هذا الذي هو التوسل الشركي أنواع أشهره: هو اتخاذ الوسائط، ويعني غالبا يكون بدعائهم من دون الله وطلب الحوائج من جلب نفع أو دفع ضر مما لا يقدر عليه إلا الله من استعانة بهم ونحو ذلك.

وأحياناً يكون ذلك على شكل توجه قلبي أعني بهذا أن من أنواع الشرك التي يقع فيها كثير من الأمم، ويقع فيها أفراد من أصحاب الفلسفات والعُبَّاد الذين يسلكون مسالك العبادة عبر التفكر لا عبر الممارسات ، هؤلاء يوجهون عقولهم وقلوبهم إلى غير الله، ولو لم يعملوا بطقوس أو عبادات مباشرة؛ فإن ذلك من الشرك، وهذا شرك أصحاب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود وشرك كثير من مشركي الفلاسفة وكثير من أصحاب الاستكبار عن التوجه إلى الممارسات التي تمثل الطقوس التي هي ممارسة العبادة العملية أعني بذلك أنه لا يلزم من الشرك أن يكون يعني فقط ممارسة عملية من دعاء لساني أو عمل سجود أو ركوع لغير الله ونحو ذلك، بل أحيانا بل كثيرا ما يكون الشرك هو توجه القلوب والعواطف والعقول إلى غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ، تقديس غير الله.

فهذا النوع من الشرك قد تقع فيه بعض الفرق وبعض الأفراد ممن ينتسبون للإسلام؛ ولذلك يجب على المسلمين أن يناصحوا هذا الصنف، وأن يبينوا لهم خطورة هذا المسلك حينما يدعون الموتى من دون الله، أو حينما يدعون الأحياء أو الأموات، أو يدعون الأشياء من المزارات والآثار والمشاهد وغيرها حينما يدعونها من دون الله، أو يصرفون لها نوعاً من الشرك كالسجود أو الركوع أو الصلاة أو الطواف.

وهذا من الشركيات الظاهرة في بعض بلاد المسلمين التي قد يغفل عنها كثير ممن يراها ممن يشاهدون هذه الشركيات، إما لأنهم اعتادوها واستمرءوها فما ظنوا أنها شركيات، أو أنهم لم يقع في خلدهم أن هذا نوع شركي.

نعم يكون هناك من جهلة المسلمين من لا يظن أن هذه الأمور شرك؛ فيقع فيها أو يقرها جهلاً منه، فينبغي التنبه لمثل هذه الأعمال أي: عندما يوجه أي إنسان يعني العبادة لغير الله سواء بلسانه بدعاء، أو بجوارحه من سجود أو ركوع أو طواف أو غيره فإنه ينبغي أن ينكر هذا الشرك، ويبين خطورته، وقد يكون بعض الجهلة لو نُبِّهَ لانتهى عن ذلك؛ بل ما أحسب أن مسلماً يعرف أن هذه الأعمال خطيرة على دينه وعقيدته، وأنها قد توقعه في الشرك إلا وسينتهي إذا أنكر عليه بالرفق.

ومن هنا أحب- أيضا- أن أشير إلى أمر يقع فيه الكثير ممن ينكرون هذه المنكرات، وهو أنهم قد يستعملون أساليب فيها نوع من الاستفزاز والتنفير بدعوى أن هذا الشرك شنيع.

أقول: كون بعض الناس يقع في شرك شنيع لا يبرر أن ينكر عليه بالعنف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف) ، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه ) ؛ فأهيب بكل مسلم يرى من بعض المسلمين بعض هذه المظاهر وإن كانت شديدة وشنيعة أن يرفق بهم، وأن يبين لهم وجه الحق بأسلوب لين ناصح مشفق، وأن يغير من الأساليب إذا وجد أن أسلوبه لا يناسب،أو لا يطاع، فينبغي أن يغير ويوجه الناس بشيء من الرفق والرزانة والهدوء؛ فليس عليه أن يهدي الخلق، الهداية بيد الله -عز وجل- إنما عليه أن ينصح. تفضل في القاعدة العاشرة.

( عاشراً: البركة من الله- تعالى- يختص بعض خلقه بما يشاء منها فلا تثبت في شيء إلا بدليل، وهي تعني كثرة الخير وزيادته، أو ثبوته ولزومه.

وهي في الزمان: كليلة القدر، وفي المكان: كالمساجد الثلاثة، وفي الأشياء: كماء زمزم، وفي الأعمال: ككل عمل صالح مبارك، وفي الأشخاص: كذوات الأنبياء. ولا يجوز التبرك بالأشخاص لا بذواتهم ولا آثارهم إلا بذات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما انفصل من بدنه من ريق وعرق وشعر؛ إذ لم يرد الدليل إلا بها، وقد انقطع ذلك بموته -صلى الله عليه وسلم- وذهاب ما ذكر.

الحادي عشر: التبرك من الأمور التوقيفية؛ فلا يجوز التبرك إلا بما ورد به الدليل).

أحسنت. الحقيقة أن القاعدة الحادية عشرة هي القاعدة التي يبنى عليها التفصيل؛ فنبدأ بها قبل العاشرة، وهي أن البركة: وهي النمو والزيادة وتعدي النفع النفع المتعدي إلى الغير من الأمور التوقيفية، فلا يجوز التماس البركة، أو التماس النفع إلا بما ورد به الدليل.

والمقصود بذلك أن تعدي أو خروج المنفعة من ذات إلى أخرى، أو من شخص إلى آخر المنفعة الغيبية ليس المنفعة المادية التي يعطيها الإنسان المنفعة التي هي البركة التي يهبها الله لمن يشاء هذه المنفعة غير متعدية إلا ما ورد الشرع أن فيه منفعة أو بركة متعدية؛ فعلى هذا فالتبرك أي التماس البركة من شيء، التماس الانتفاع من شيء على وجه غير منظور، على وجه غيبي. التماس البركة والنفع من الأمور التي يجب أن لا نعتمدها إلا بما ورد به الدليل؛ لأنها أمر غيبي، وجميع الأمور الغيبية قلنا ماذا ؟ توقيفية لا يجوزأن نقول بها إلا بدليل؛ فعلى هذا فلا يجوز التبرك أي: التماس البركة، التماس النفع الغيبي إلا بما ورد به الدليل من القرآن والسنة.

ثم نرجع إلى أصل القاعدة، وهي أن البركة أي: النفع المتعدي من ذات إلى ذات، أو من شيء إلى شيء غير منظور غير النفع المادي . المادي هذا لا يحتاج إلى تقرير، لكن النفع غير المنظور - الانتفاع من شيء إلى شيء، من شخص إلى شخص الانتفاع المتعدي وهو البركة- إنما هي من الله عز وجل يهبها لمن يشاء، وفيما ما يشاء من الأشخاص والأشياء.

وعلى هذا لا بد من دليل؛ فالله -عز وجل- اختص بعض خلقه بالبركة المتعدية للآخرين؛ فيختص بعض خلقه سواء من أشخاص أو من أشياء بما يشاء من البركة، والبركة أنواع فلا تثبت في شيء إلا بدليل؛ وعلى هذا فإذا كانت البركة المتعدية تعني كثرة الخير وتعديه للآخرين فإنا إذا تأملنا، أو حتى ثبوت البركة ولزومها في شيء حتى لو لم تتعدَّ إذا عرفنا أن هذا لا يكون إلا بدليل؛ فلنلتمس الأدلة أو نلتمس الأشياء التي ورد فيها بركة بالأدلة.

هذا يعرفه أهل العلم: الله- عز وجل- بَيَّنَ لنا من خلال ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأشياء المباركة جملة وتفصيلا.

فأولا : في الأزمنة: نجد ليلة القدر ليلة مباركة بالنص، ونجد يوم عرفة يوما مباركا، ونجد ليالي عشر رمضان وأيام عشر ذي الحجة كذلك مواسم مباركة، ومثلا شهر رمضان موسم مبارك وهكذا؛ فإذن هذه وردت فيها النصوص.الأزمان التي وردت فيها النصوص أنها مباركة؛ فنقف عند هذا النوع من البركة، ما هذا النوع من البركة؟ أحياناً تكون البركة في الزمان- في الأعمال الصالحة التي تجري فيه- ، وهو الغالب أغلب ما يجري من البركة في الزمان فيما يكون عظيماً في الأعمال الصالحة التي تجري فيه، وأحيانا تكون البركة من وجهين: من وجه مضاعفة الأعمال، ومن وجه أن الله - عز وجل- يقدر فيه أقداراً فيها خير للأمة كليلة القدر. هذا في الزمان.

في الأمكنة كذلك: المساجد الثلاثة مباركة من حيث أنها تضاعف فيها الحسنات، ومن حيث أنها لها حرمة تخصها، تضاعف فيها الحسنات إما مضاعفة مطلقة، أو مضاعفة الصلاة، كما ورد في النصوص على خلاف بين أهل العلم.

كذلك هناك أشياء لا هي زمان مطلق ولا مكان مطلق لكن أشياء، هناك أشياء مباركة وبركتها متعدية مثل: ماء زمزم، ماء زمزم مبارك وهو( لما شرب له). وقد وردت النصوص الصحيحة في ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كذلك وردت البركة في أشياء مثل السحور النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:

( تسحروا فإن في السحور بركة ) وهذه البركة مطلقة، صحية وغير صحية، معنوية وحسية.

وكذلك القرآن كلام الله فهو كلام مبارك، فيه هدىً للقلوب، فيه نور، فيه صلاح، فيه شفاء للنفوس والقلوب والأرواح، فيه شفاء للأجسام فهذه البركة متعدية في كلام الله -عز وجل- وهو القرآن.

كذلك في الأعمال: كل عمل صالح مخلص لله، كل ما يعمله المسلم من عمل صالح بإخلاص فهو مبارك، وبركته له لا تتعدى إلى غيره؛ لأن البركة كما قلت فيها ما هو متعدٍ، وفيها ما هو غير متعدٍ، فبركة ماء زمزم مثلا متعدية لكن العمل الصالح مبارك لكنه ينفع صاحبه لا ينفع غيره.

في الأشخاص أيضا: ذوات الأنبياء مباركة، وذات النبي -صلى الله عليه وسلم- خصت بالبركة؛ ولذلك ذوات الأنبياء ورد أنها مباركة، لكن لا يجوز التبرك بها، وورد أن ذات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأشياءه مباركة ويجوز التبرك بها؛ لورود النص؛ ولأن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتبركون بذات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجسمه ولباسه وشعره وكل ما يخرج منه، بل حتى في أشيائه، بخاتمه وبسيفه وبكل ما يتناوله النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأشياء والأثاث وغيره، فهذه البركة بركة متعدية وردت فيها النصوص والصحابة عملوها وقرهم على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا يتزاحمون أي: الصحابة -رضي الله عنهم- على أشياء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذاته تبركاً بها تبركاً فعلياً مباشراً فهي بركة متعدية.

وقلنا كذلك: ما انفصل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من بدنه من ريق وعرق وشعر، وقد انقطع ذلك كله- أي: ما يتعلق بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- --- انقطع بموته.

أما ما يتعلق بأشيائه فما بقي منها يتبرك به، لكن لنعلم -وهذا أمر مهم- أنه لم يبق من أشياء النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد القرون الثلاثة الفاضلة شيء. آخر ما أثر شعرات من النبي -صلى الله عليه وسلم- في القرن الثالث عند بعض أهل العلم. بعده لا يعرف شيء.

نقول هذا؛ لأن استغل بعض السذج من المسلمين من قِبَلِ بعض الدجالين والجهلة في أن هناك أشياء للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما يزعم بعض الهراصين -موجودة؛ فيتعلق الناس بها، وهي لا توجد على وجه الحقيقة، ولعل في ذلك حكمة يعني: كون أشياء النبي -صلى الله عليه وسلم- انقطعت وانتهت لا شك أن لله في ذلك حكمة نعم.

( الثاني عشر: أفعال الناس عند القبور وزيارتها ثلاثة أنواع:

الأول مشروع: وهو زيارة القبور؛ لتذكر الآخرة وللسلام على أهلها والدعاء لهم.

الثاني بدعي: ينافي كمال التوحيد، وهو وسيلة من وسائل الشرك، وهو قصد عبادة الله- تعالى- والتقرب إليه عند القبور، أو قصد التبرك بها، أو إهداء الثواب عندها والبناء عليها وتشخيصها وإسراجها واتخاذها مساجد، وشد الرحال إليها، ونحو ذلك مما ثبت النهي عنه، أو مما لا أصل له في الشرع.

الثالث شركي: ينافي التوحيد، وهو صرف شيء من أنواع العبادة لصاحب القبر كدعائه من دون الله والاستعانة والاستغاثة به والطواف والذبح والنذر له ونحو ذلك.)

أحسنت. موضوع التوسل وموضوع التبرك يتفرع عنه أعمال يقع فيها الكثيرون، وأكثر ما يكون من هذه الأعمال ما يجري حول القبور؛ لأن الناس ممكن أن تستعطف عواطفهم تجاه أمواتهم، ويستغل كثير من الجهلة أو المرتزقة أو أهل البدع عاطفة التقرب أو عاطفة الولاء بين الأحياء وبين موتاهم؛ فيدخلون كثيراً من وجوه الأعمال غير المشروعة بعضها قد يصل إلى الشرك أي: ما يعمل عند القبور، وبعضها قد يكون من البدع المغلظة، وبعضها قد يكون من التبرك غير المشروع والتبرك البدعي، وكل هذا يقع؛ لأن الناس يعني عند زيارتهم للقبور يعني يجدون من أصناف المغريات في الوقوع في هذه المنهيات الشيءَ الكثير لا سيما بعدما أسرجت القبور واتخذت فوقها القباب والمساجد ووضعت عندها الأوقاف والمنافع؛ فالإغراءات بالوقوع في البدع والمنهيات كثيرة جدا، وكما قلت: لعل من أعظم الإغراءات أن هناك من ينتفعون ببدع القبور؛ وقد رأينا من هذا الصنف العجب أي: الذين ينتفعون ببدع القبور من استدرار الأموال من العامة، بل ومن الفقراء، نجد الفقير يعيش زمناًً طويلاً ليحصل دريهمات؛ فيذهب بها عند سادن القبر، فيلقيها كلها من أجل أن يمكنه سادن القبر من أن يدخل على ذلك الميت؛ فيتوسل إليه، أو يدعوه من دون الله، أو يتبرك به ليجلب له نفعا، أو يدفع عنه ضرا، وهذه مهلكة في الدين والدنيا. وهذا الفقير المسكين ربما يكون خسر عقيدته وخسر ماله، وذاك المنتفع الدجال ربما أيضا تمسى باسم الدين، ولبس لباس الأولياء، والغالب أنه يكون من الكاذبين.

على أية حال هذه مأساة من مآسي المسلمين الكثيرة، وهي من أعظم أسباب ذلهم وهوانهم وفرقتهم وتنازعهم الذي هو سبب الفشل؛ لأن الله -عز وجل- قال: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [ الأنفال: 46 ] .

والتنازع في الدين والعقيدة ، التنازع في عبادة الله -عز وجل- إذن أفعال الناس عند القبور وزيارتها على ثلاثة أنواع:

النوع الأول مشروع: وهو الذي عليه عامة المسلمين وغالبهم، وهو الذي كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والتابعون وسلف الأمة وغالب المسلمين الذين هم على الفطرة لم تجتذبهم البدع والأهواء ،غالبهم على هذا الوصف، وهو الزيارة المشروعة التي هي من القربات، وهو أن تزور أصحاب المقابر تخص وتعم من أجل:

أولا: السلام عليهم، السلام عليهم تسلم عليهم السلام المشروع: ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، رحم المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر اللهم لنا ولهم) ، ونحو ذلك من الأدعية المشروعة، وما يناسب أيضا من الدعاء الذي لا يكون فيه عدوان ولا ابتداع إلى آخره.

فالسلام هذا حق للأموات، ولا مانع أن يكون -بل ينبغي- أن يكون عاما وخاصا، فإذا جئت إلى المقبرة تسلم سلاما عاما، بل ينبغي إذا مررت بالمقبرة وأنت مارّ حتى ولو لم تدخل ولم تلج ينبغي أن تسلم على الأموات عموما، والله -عز وجل- يبلغهم، أو يعطيهم المقدرة على إبلاغ السلام ويردونه.

والأمر الثاني: زيارة القبور شرعت من أجل الاتعاظ وتذكر الآخرة، وفي هذين الغرضين ما يشبع رغبة المسلم تجاه إخوانه الأموات؛ لأن المسلم تعلق قلبه بالأموات من هاتين الناحيتين: من ناحية أن ينفعهم؛ فينفعهم بالدعاء، ومن ناحية أن ينتفع بحالهم؛ فينتفع بالاتعاظ؛ لأن المسلم إذا مر بأهل المقابر وتصور ما هم عليه، وأن منهم ما هو على خير، ومنهم من قد يكون على أمر خطير؛ فيتذكر أنه- ولا بد أن يكون من ضمن هذا الصنف - من الذين فارقوا الدنيا، وأنه لا بد أن يكون رهين هذه الحفرة وهي القبر، وأنه سيجري له ما جرى لهم؛ فمن هنا يتذكر ويلين قلبه، ويخشع لله عز وجل، ويخاف الله، ثم يتقرب إلى الله ويحسب حسابا للموت؛ ولذلك كان كثير من الصالحين لا يكتفي بمجرد زيارة المقابر- مع أن في هذا كفاية للاتعاظ- ؛ بل ربما يلقي بنفسه في القبر، ثم يبدأ يحاسب نفسه وكأنه هو الميت، أو كأنه سيدفن قريبا، وكثير من الصالحين أيضا من أجل أن يروض قلبه على الاتعاظ والتقرب إلى الله عز وجل، و تذكر الموت والآخرة يحفر قبره بيده؛ ليكون أكثر تهيؤاً، وهذه كلها من الأمور المشروعة.

إذن زيارة القبور في المشروع فيها كفاية، وباب المشروع فيها واسع من السلام والدعاء على الأموات وتذكر الآخرة. هذا النوع الأول.

النوع الثاني: زيارة بدعية: تنافي كمال التوحيد بمعنى أن الإنسان لا يخرج منها من ملة الإسلام، ولا يقال : إنه أخلَّ أو إنه عمل ما يناقض التوحيد؛ لكن ينقص توحيده ويقع في البدع، وربما يكون هذا النوع وسيلة من الوصول إلى الشرك؛ بل كان سببا في وقوع طوائف من جهلة المسلمين في الشرك ، فالنوع الثاني: بدعي أي: ارتكاب بدع في زيارة الأموات، بدع في المقابر وزيارة القبور، وهو أن يقصد عبادة الله- عز وجل-، أو التقرب بأي قربة لله -عز وجل - عند المقابر، أو عند الأموات، أو عند القبور، وربما تكون الوسائل لهذا يعني هي الظاهرة عند كثير من الناس.



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
قديم 11-01-08, 01:00 AM   #2
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

وقبل أن أدخل في تفصيل هذا أقول: إن الوسائل التي توقع في بدع القبور هي التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد النهي، وهي رفع القبور، الرفع الذي يلفت النظر؛ بحيث تشرئب إليه نفس الرائي؛ فيعظم في قلبه هذا القبر، وكذلك البناء عليها سواء كان البناء على شكل جُدُر، أو على شكل قباب، أو بناء المساجد عليها.

كل ذلك مما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نهياً صريحاً؛ بل هو من الأمور التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتحذير منها في مرض موته؛ فقال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فاتخاذ القبور مساجد على نوعين:

بأن يدفن الميت في القبر، أو يبنى عليه مسجد، أو تعمل القربات والعبادات عند القبور؛ حتى ولو لم يكن عليه مسجد ولا بناية.

إذن أقول: إن الوسائل التي تعمل عند القبور هي التي أغرت كثيرا من الجهلة بالوقوع في التوسل البدعي والشركي من اتخاذ القبور مزارات على غير الوجه المشروع، من بناء القباب والأبنية والمشاهد عليها، أو دفن الموتى في المساجد، أو نحو ذلك من الوسائل التي تغري الناس بالوقوع في البدع.

إذن هذه الأمور أي: المغريات -وهي كثيرة جدا- أوقعت الناس في التقرب إلى الله عند القبور بمعنى: أن المتقرب هذا لا يقصد عبادة الأموات، ولا يدعوهم من دون الله لكن يظن أن في العبادات عند المقابر مزية؛ فتجده يقرأ القرآن عند المقبرة زعماً منه أن هذا أعظم لأجره، أو يهدي ثواب القرآن إلى الأموات، وهذا أقرب من البدعة، بعضهم يقول: أنا أصلي لله لكن أصلي في المقبرة؛ لأن الذين في المقبرة من موتى المسلمين الذين نرجو أن يشفعوا لنا إلى آخره! فيصلي لله لكن يعني يتقصَّد البقعة؛ زعما منه أن هذا فيه زيادة بركة، أو أحيانا يعمل قربات أخرى عند القبر زعماً منه أن هذا يضاعف الحسنات؛ فيتصدق عند القبورو يضع لها الأوقاف للناس الذين يعملون البدع.

هذا كله مما هو من التوسل، أو التقرب البدعي الذي أدى- في كثير من الأحيان- إلى الوقوع في الشركيات.

إذن التقرب إلى الله -عز وجل- عند القبور فيما لم يشرعه الله هذا بدعة، وقصد التبرك بها كذلك، إهداء الثواب عندها، البناء عليها كما قلت تجصيصها، وإسراجها، اتخاذها مساجد، شد الرحال إليها . معنى شد الرحال: أن يتقصد الإنسان أن يسافر من أجل زيارة قبر، أو زيارة مقابر، وهذا غير مشروع؛ المشروع أنه إذا مر بالمقبرة يسلم على أهلها، إذا مر بالقبر -وهو قبر مسلم- يسلم على صاحبه، أما أن يشد الرحال لذلك فالراجح أن هذا لا يجوز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عند شد الرحال إلا للمساجد الثلاثة.

وكل ما ثبت النهي عنه وجب اجتنابه، وإن كان دون الشرك فهو من هذا النوع الذي ينافي كمال التوحيد.

وعلى أي حال: كل ما لم يكن له أصل في الشرع من الأقوال أو الأفعال أو التوجهات القلبية أو القولية أو غيرها عند المقابر سواء قبر فردي أو مقابر جماعية فإنه يدخل في هذا النوع.

النوع الثالث: وأرجو أن يكون قليلا في المسلمين- إن شاء الله- وفيمن يدعون الإسلام، أرجو أن يكون نادرا لكن مع ذلك هو خطير، وربما يقع فيه البعض، وهو شركي ينافي التوحيد يعني: يوقع في الخروج من الملة، وهو صرف العبادة لأصحاب القبور، للموتى ،لفرد أو لمجموعهم كدعائهم من دون الله، أو الاستعانة بهم بعد موتهم؛ لأنهم لا يقدرون على جلب نفع أو دفع ضر، أو الاستغاثة بهم، أو عمل عبادة محضة مثل: الطواف، ومثل: النذر أو الذبح تقرباً إليهم؛ فكل ذلك يدخل فيما ينافي التوحيد، بل يوقع في الشرك.

هذه الصور وإن كانت قليلة إلا أنها موجودة، وهي من أخطر ما يقع فيه المسلمون، ويجب على كل مسلم يرى مثل هذه المظاهر أن يحذر من يقعون فيها؛ فالدين النصيحة، ولا يجوز لأحد يرى بعض المسلمين الجهلة يعمل هذه الأشياء إلا ويجب عليه أن ينقذه من النار، وأن ينصح له، ويبين له خطورة هذا الأمر؛ لأن الكثيرين ممن يقعون من الجهلة لو بُيِّنَ لهم وجه الحق وأُوردت لهم الأدلة بأسلوب لين وبأسلوب ناصح؛ نجد أنهم -إن شاء الله- سيخضعون للحق.

الخلاصة: أن هذا النوع الشركي- وإن كان قليلاً- إلا أنه ربما يكون من أعظم أسباب ما وقعت فيه الأمة من هذه العقوبات والأدواء والأمراض والفرقة؛ لأنه لما وجه فريق من المسلمين عبادتهم لغير الله وإن كان على جهل أدى ذلك إلى ضعفهم وهوانهم وذلهم، وأدى عدم الإنكار على مثل هؤلاء الذين يقعون في مثل هذه المصائب أدى إلى مثل هذه العواقب الوخيمة؛ ولذلك أرجو أن يتواصى المسلمون على التحذير من هذه الأنواع سواء كان منها البدعي أو الشركي.

( الثالث عشر والأخير في هذا الباب: الوسائل لها حكم المقاصد، وكل ذريعة إلى الشرك في عبادة الله أو الابتداع في الدين يجب سدها؛ فإن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة.)

على أي حال سبق أن تكلمنا عن هذا النوع، وبينا أن الأصل في الدين: أنه شرع من الله -عز وجل- سواء مما ورد في كتاب الله، أو ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدين كله عقيدة وأحكام وسلوك وتعامل؛ فعلى هذا كل مَن شرع في الدين ما لم ياذن به الله؛ فقد ابتدع وكل بدعة، كل محدثة أي: أحدثها الناس وتدينوا بها وتقربوا بها إلى الله وهي ليست من القربات؛ فهي مما يجب رده، لكن هناك أمر وهو أن بعض الناس يقع في أمور تؤدي إلى البدعة، أو تؤدي إلى الشرك وهو لا يشعر، فعلى هذا فجميع الأمور التي تكون وسيلة إلى الوقوع في البدعة أو وسيلة إلى الوقوع في الشرك فلا بد من سدها.

على سبيل المثال: الاحتفالات السنوية/ بعض الناس يحتفل مثلا بميلاد ابنه، أو بمناسبة دنيوية عامة؛ فيجعل الاحتفال بها التزاماً فإذا التزم ذلك صار ذريعة إلى البدعة. ما معنى ذريعة للبدعة؟ بمعنى أنه فيما بعد يتقرر عنده أن هذا المعتاد يجب ألا يترك، ويأتي أجيال من الناس يعتقدون أن تركه خطأ؛ فمن هنا تعبَّدوا به من حيث لا يشعرون، وأعظم البدع- سواء كانت بدعاً حولية أو غيرها- بدأت من هذا الجانب من التساهل في بدايتها، قد لا يقصد الناس بداية الالتزام بها التعبد، لكن حينما يلتزمونها ويلزمون أنفسهم يكون ذلك على سبيل التعبد.

أضرب لهذا مثالاً أيضاًًَ: كثير من المسلمين الآن بدءوا يحتفون برأس السنة الهجرية، وصار بعضهم يهنئ بعضا وكأنهم في عيد؛ حتى أصبح بعضهم يطلق عليها صفة العيد بل لقب العيد؛ إذن بعض الناس الآن اتخذ ذريعة للبدعة، وبعضهم وقع في البدعة.

أما الذي اتخذ ذريعة للبدعة فذلك الذي أصبح يهنئ ويحتفي مع أن أمر الهجرة مهم لكن أصبح يحتفي ويلتزم أنه في ذلك التاريخ يهنئ من حوله بهذه المناسبة، الآخر الذي تقرب إلى الله بالدعوة إلى ذلك ،ويعتبر هذا من الأمور اللازمة، ثم بعد ذلك تأتي أجيال لا تستطيع أن تتخلص من هذا الأمر فتتعبد به، والدليل على هذا أنه الآن نظراً لظهور هذه الشائعة بين المسلمين. كثير من الناس إذا أنكرت عليه اعتبر هذا نوعا من الموقف الغريب لماذا؟ لأنهم استمرءوا هذا الأصل فصار ذريعة إلى البدعة؛ بل وصل بعدَهم إلى الابتداع.

أيضا التعبد أحيانا بمناسبات: لم تشرع أذكر على سبيل المثال أنه شاعت عند الناس قبل العام الماضي فكرة أنه مادام آخر السنة أو أول السنة التي تلي يوم الاثنين فقالوا: نشجع ونحرض على صيامه، وجاءتني رسالة من هذا يقول: اختم عامك بصوم.

طيب: هذا أراد خيرا لكنه وقع في بدعة بمعنى أنه ما عرف قاعدة الشرع حينما دعا إلى صوم يوم يُقصد به التعبد على أساس أنه ذكرى لنهاية السنة وبداية أخرى، فهذه بدعة لو التزمها الناس لكانت بدعة.

وهكذا تساهل الناس في الأمور يجعلها تصل إلى البدع وهم لا يشعرون، وتأتي أجيال تجهل الغرض الطيب أو المقصد الحسن عند من بدءوا هذه الأمور فتتعبد؛ ولذلك أغلب البدع الحولية وغيرها جاءت من هذا التساهل.

وهنا أعود وأقول: التذكير بأمر هو أنه لا يجوز للمسلمين أن يعيدوا ويتعبدوا بتعييد غير العيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صرح بذلك، بل إن الأنصار لما استأذنوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أن يأذن لهم بأعياد كانوا يحتفلون بها، بل بأيام بعضهم لا يسميها أعيادا ،أيام يحتفلون بها يفرحون ويفرفشون فيها مع أطفالهم لما استأذنوا أن يأذن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بها لم يأذن، وقصرهم على العيدين وهذا توجيه للأمة كلها؛ فلا يجوز أن يعيد المسلمون بغير العيدين؛ ولذلك فإن الذين التزموا أعيادا، أو التزموا مناسباتٍ على سبيل الدوام صارت عندهم أشبه بالعقيدة؛ بحيث من تركها أو أنكرها يكون هو المخطئ، وهذا قلب للمفاهيم؛ ولو عكسوا لكان هو الصحيح.

نسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الآن ننتقل إلى ما عند الإخوان من الأسئلة.

السلام عليكم شيخ ناصر وجزاكم الله خيرا، ولعلي أبدأ بالاتصالات. قبل ذلك أستأذنكم في عرض السؤالين.

السؤال الأول: ما هي الأركان الثلاثة التي تقوم عليها العبادة؟

السؤال الآخر: ما حكم تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، وفصل السياسة عن الدين؟






وردتني إجابات كثيرة كالمعتاد أعرض الإجابات الأولى يا شيخ في الورود، ثم بعد ذلك أعرض الأسماء نعم.

علياء من الإمارات تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أقسام العبادة: الحب والخوف والرجاء.

الطالب من السعودية يقول: أيضا عبادة الله بالحب والخوف والرجاء جميعا.

فقية السعدية من المغرب يقول: العبادة تقوم على عبادة الله وحده، واتباع أمره واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- والاعتقاد الجازم بأن الله هو الحكم، وأن نرضى بحكمه فلا شريك له في حكمه الشرعي والقدري، والله أعلم.

هطول من الإمارات تقول: السؤال الأول: أركان العبادة ثلاثة وهي: المحبة والرجاء والخوف، أما السؤال الثاني فتقول: يا شيخ هناك من الفلاسفة وغلاة العُباد من قسم الدين إلى حقيقة وهي صلة بالله على ما يتذوقه الفرد ولا يدركها إلا فئة نادرة من الناس، والقسم الآخر هو الشريعة وهي خاصة لعوام الناس، وأن الأنبياء رعاة العوام وجميع هذه التقسيمات لا تجوز وهي منافية لقطعيات النصوص، وهي ضلال مبين إجمالا، ولا يجوز فصل الدين عن الحياة والسياسة والاقتصاد.

أختم بجواب الأخ ابن إسلام من الكويت يقول: أركان العبادة: كمال الحب والخوف والرجاء، ويجب أن تكون مجتمعة ولا تفرد بينها.

الثاني يقول: تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة. وفصل السياسة عن الدين باطل وهو إما كفر إذا اعتقد جواز ذلك، وأنه يأتي بأحكام أفضل مما جاء به الشرع؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [ المائدة: 44 ]. وإن كان لا يعتقد ذلك لكنه متبع للهوى فهو ضلال.






نعم على العموم الإجابات جيدة في الجملة وبعضها فصَّل وبعضها أجمل، وفي كل خير لكن أُحب أن ألاحظ على أحد الأجوبة- وهو جيد- لكنه حين عبر بأن أركان العبادة: كمال الحب والخوف والرجاء فلعل في هذا نوع من التساهل في التعبير؛ لأنه لا يلزم كمال الحب، كمال الخوف والرجاء يعني: إذا وجد الحب لله -عز وجل- ثم الخوف والرجاء ولو لم يكن فيه كمال؛ لأن الكمال قد لا يرد إلا عند قلة من العُباد الصالحين، لكن إذا وجد القدر الشرعي الكافي من الخوف والرجاء؛ فهذا يتحقق فيه أركان العبادة إن شاء الله؛ لأن الكمال لا يكون إلا لندرة من الخلق نعم.

يا شيخ أبدأ بالأسئلة الأخت منال من مصر تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقول: يا شيخ هل يجوز تسمية شخص لنفسه سبيل الله وهو قد يكون عرضة لأن يقال له: أخطأت يا سبيل الله، وأختلفُ معك يا سبيل الله فهل هذا يليق جزاكم الله كل خير؟

يظهر لي أنه غير لائق هذا الاسم أولا: غير لائق لأنه من الشهرة ولفت النظر ما يجعله محل تندر، والمسلم ينبغي أن يبتعد دائما عما يؤدي إلى شهرة تكون محل نقد من الناس أو سخرية، والأمر الثاني: أن سبيل الله يقصد به أحيانا أمور لا ينبغي التسمي بها؛ لأن سبيل الله صراطه ودينه فلا يسوغ أن أحدا يسمي نفسه دين الله هذا غير لائق في الحقيقة، وربما يكون فيه سوء أدب مع ما يجب لله عز وجل نعم.

أحسن الله إليكم. الأخت إيمان من مصر أيضا يا شيخ تقول: السلام عليكم هل إذا دعا الإنسان الله تعالى بعمل من الأعمال الصالحة التي عملها واستجاب الله دعوته هل هذا يذهب أجر هذا العمل؟

الظاهر -والله أعلم- أنه- إن شاء الله- لا يذهب؛ لأن صدر الله واسع، بل ربما يزيد أجره خاصة إذا دعا عند ضرورة، إذا دعا المسلم ربه -عز وجل -في عمل بأن ينفعه بعمل صالح له؛ فأرجو أن يكون ذلك حسب النية، فإذا كان لا يزال مرتبطا بالله -عز وجل- ، ويحتسب أجره- أولا وآخرا- على الله فالراجح وما تقتضيه عموم النصوص وسعة رحمة الله- عز وجل - وصدره على خلقه أنه - إن شاء الله - يبقى له الفضل، وإن سأل الله بنفع آجل. نعم.

أعود إلى الإنترنت مرة أخرى عبد الله المرابط يا شيخ من المغرب يقول: فضيلة الشيخ أثابكم الله: في مجتمعاتنا نرى كثيرا من أفراده يخلطون بين لفظ التوسل ولفظ الاستغاثة؛ فأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا الفرق، وجزاكم الله خيرا؟

التوسل والاستغاثة بينهما عموم وخصوص، فالتوسل قد يشمل الاستغاثة لكن الاستغاثة فيها خصوصية، فالتوسل هو التقرب بمعناه العام يعني: كل تقرب يسمى توسلا؛ وعلى هذا فإن عبادة الله عز وجل توسل، دعاءه توسل، دعاءه بالعمل الصالح توسل، دعاءه ..... إلى آخره. فهذا يعني أن التوسل هو التقرب بمعناه الواسع، بينما الاستغاثة هي نوع من الطلب هي نوع من التوسل؛ وعلى هذا فإن الاستغاثة بالله توسل مشروع، والاستغاثة بغير الله توسل ممنوع فيما لا يقدر عليه إلا الله نعم.

عندي مداخلة ذكرت أن الطواف على القبر شرك،إذا قصد به العبادة، ليس كل الطواف على القبر يعتبر عبادة يعني يكون وسيلة للشرك.

نعم الطواف على القبور أولا: الطواف بحد ذاته عبادة محضة، هذا الأصل.

الأمر الثاني: أن طواف الناس عند القبور لا يخلو من إحدى حالين: الغالب أن يقصدوا به التعبد فهذا شرك، من طاف بغير الكعبة تعبداً فهذا شرك، والنوع الثاني: قد يكون من باب مسايرة الناس، والطائف لا يدري- يحدث من بعض الزوار مثلا، أو بعض الذين وفدوا على هذه الأماكن والمشاهد وهم لا يدرون خاصة السُّواح الذين لا يعرفون أسباب الطواف بهذه القبور فيدورون مع الناس وهم لا يدرون لماذا يدورون- فهذا ارتكب بدعة، وارتكب ذنبا عظيما لكن لا يقال: بأنه أشرك؛ لأنه أصلا لا يدري من هذه العبادة ولم يتقصد العبادة.

السؤال الثاني: ذكرت أن بعض الصالحين يحفر القبر ثم يجلس في القبر ويحاسب نفسه كأنك يعني ترى أن هذا الأمر سائغ، وهذا للحق ما عليه دليل، بل يمكن يدخل في البدعة؛ لأن هذا ما ورد لا دليل من الكتاب ولا السنة لأنه قد يكون تكلفا من بعض الصالحين.

هو في الحقيقة هذه ليس هناك دليل قاطع فيها إلا فعل السلف؛ لأنها من الأمور التي لا تحدث على سبيل التعبد هذا مسلك شخصي لا نقول: إنا نأمر به ولا نستطيع أن ننكر على فاعله؛ لأنه لا يفعله على سبيل التعبد هذا نوع من أنواع ترويض النفس لكن لو فعله على سبيل التعبد فهو بدعة نعم، ومع ذلك تبقى المسألة خلافية يعني: ملاحظة الأخ وجيهة .

السؤال الأول: ما صحة بركة الوالدين في البيت؟.

السؤال الثاني: ظهرت وسائل للحصول على ما نريد مثل: علم الـ( N.l.p) البرمجة اللغوية العصبية لكنها ليست على سبيل التعبد أي: مجرد وسيلة قال بعض العلماء: إن لا بركة فيها، أو أنها لها آثار عكسية على الشخص، فما قولكم في ذلك يا شيخ؟ م.











السؤال الأول: إذا دعا مسلم الله سبحانه وتعالى بأن يحقق له شيئا ما وكانت له معصية سابقة ولكنه تاب منها والحمد لله لكن لم يتلف هذه المعصية مثل أشرطة الغناء. هو تاب منها لكن الأشرطة ما زالت موجودة عنده وقام بإتلافها هذه الأشرطة الآن لكي يتوسل بهذا العمل في دعائه، فهل هذا يعتبر من التوسل إلى الله بالعمل الصالح؟

السؤال الثاني: هل نحن مطالبون بذكر جميع الأدلة التي تذكرها يا شيخ أثناء الشرح أم يكفي أن نكتب دليلا أو دليلين؟

السؤال الأول: الحب والخوف والرجاء على قوله من أصول العبادة أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء جميعا، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال. قال بعض العلماء: "من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ". أحسنت.

السؤال الثاني: تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة .وفصل السياسة أو غيرها عن الدين باطل، بل كل ما خالف الشريعة من حقيقة أو سياسة أو غيرها فهو إما كفر وإما ضلال بحسب درجته. نعم أحسنت.

بالنسبة للسؤال يا شيخ: أنتم تقولون أنها ما يجوز زيارة القبور للنساء وبما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن أهل النار النساء ) فلم لا يكون جائزا؛ فلم لا يزُن لكي يتعظن- بما أن معاصيهن بصراحة كثيرة- ؟ وشكرا.

أحسن الله إليك يا شيخ. لو تكرمت ما معنى قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] هذا السؤال الأول- الله يحفظك- يا شيخ.

السؤال الثاني: هل كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يتوسلون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- عند نزول الشدائد بهم في حياته؟

السؤال الثالث: كثير من المسلمين يتوسلون بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- مستدلين بحديث الضرير الذي أخرجه أحمد في مسنده، فكيف يتم الرد عليهم؟ وجزاكم الله خيرا يا شيخ.






هل يجوز للمسلم أن يؤدي طاعة معينة كصوم يوم في سبيل الله؛ كي يتوسل لله به في دعائه؛ حتى يكون أقرب لاستجابة الدعاء؟

السؤال الثاني: وما السبيل للتخلص من غلبة الخوف على الرجاء عند العبد في عبادته لله تعالى؛ بحيث أن يكون هذا الخوف ربما يؤدي به إلى نوع من الضغط النفسي أو الاكتئاب أو الحزن أو ما إلى ذلك؟

أحسن الله إليكم يا شيخ ناصر. نأخذ سؤالا من الاستديو. أحسن الله إليك السفر لزيارة القبور ممنوعة وزيارة المسجد النبوي مشروعة فربما يقول قائل: النازل في المسجد النبوي سيزور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل يعتبر هذا من شد الرحال؟

لا. هو لا شك أن كل مسلم يتمنى أنه لو زار المدينة لسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل يعزم على ذلك وهذا مشروع؛ لأنه إذا زار المدينة يجب عليه الوفاء لحق النبي -صلى الله عليه وسلم- وحق غيره من الصحابة وأصحاب المقابر من الأموات في البقيع وغيرهم أن يسلم فأنا أقول: إن هذا أمر- كون الإنسان ينويه ابتداء-

لا حرج، لكن لا ينشئ السفر، ومعلوم أن إنشاء السفر لمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- مشروع؛ فعلى هذا تداخل المشروع مع المشروع ، النبي -صلى الله عليه وسلم- له حق زيارة فإذا وصلت إلى المدينة فيجب عليك بل يشرع لك أن تسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، وتسلم على جميع أصحاب القبور في المدينة وهكذا نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أعود إلى الإخوة على الإنترنت. أخونا مراد من المغرب يقول: هل البركة في ماء زمزم تكون في نفس المكان، أم حتى إذا نقل من مكة؟

الظاهر -والله أعلم- أن البركة في ماء زمزم باقية حتى لو نقل؛ لأنه ما في أي دليل يخصص ، والأمور هذه موقوفة على الدليل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حينما ذكر ذلك ذكره وهو مشرع، والله -عز وجل- يعلم أنه ستأتي عند الخلق وسائل لنقل ماء زمزم متوفرة كما هي الآن في الطائرات وغيرها، بل حتى في القديم كان الناس - وإن كان في حدود ضيقة- ينقلون ماء زمزم إلى غير مكانه؛ فالظاهر -والله أعلم- أن البركة باقية في ماء زمزم؛ حتى في غير مكة هذا الظاهر، لكن ربما اجتماع فضل الزمان وفضل المكان والذي هو مكة مع فضل الماء ربما يزيد البركة تأثيراً، والله أعلم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أختنا أم عمر اتصلت تسأل يا شيخ عن صحة بركة الوالدين في البيت.

على أي حال هذا وارد؛ لأن المقصود بصحة بركة الوالدين يعني: الانتفاع ببرهما، وأيضا ما عندهما من تجارب ومن حنو وما عند الوالدين من جمع شمل الأسرة هذا كله أمور فيها بركة نظرا لأن البركة أحيانا يقصد بها مجرد وجود النفع، فالبركة من هذا الوجه موجودة، أن يكون في وجود الوالدين في البيت نفع للجميع هذا لا شك فيه حتى أيضا نفع ديني بمعنى احتساب من حولهما ببرهما وخدمتهما هذا فيه زيادة عمل صالح، وهذا من البركة نعم.

طيب يا شيخ تسأل أيضا عن البرمجة اللغوية يا شيخ.

والله البرمجة العصبية لا تزال طارئة علينا، وتحتاج إلى تحرير أنا قراءتي فيها قليلة لكن مما قرأته أجد أن البرمجة العصبية تختلف فيها الحقيقة بالدجل، تختلط فيها التجارب بالأمور الوهمية والغيبيات، ويختلط فيها أيضا التجربة والانتفاع بالوسواس والأوهام، لا تزال البرمجة العصبية فيها نواحٍ فيها غموض وفيها نظر، وتحتاج إلى أن يتخلص منها البرمجة.

لذلك نجد أن كثيرا من الذين عندهم توهمات ووساوس وعندهم أيضا شيء من التساهل في الدجل والتخرصات: يدخلون من خلال البرمجة العصبية ولا يعني ذلك أن نتهم كل من عمل هذا العمل، أنا أعرف من الصالحين والأتقياء من استفادوا وأفادوا من هذه البرمجة، لكن مع ذلك هي- كعلم الآن-: الذين يلجونها ليسوا كلهم على نهج سليم، وليس كل ممارساتها سليمة، ولا حتى كل قواعدها التي قعدها لها أصحابها وأغلبها من الذين مقاييسهم تختلف عن مقاييس المسلمين ليست كلها سليمة، وفي الجملة أرى أنها تحتاج إلى تحرير، والله أعلم.

أحسن الله إليكم يا شيخ ناصر. أختنا أم باسل يا شيخ تقول: لو أن المصر على المعصية تاب منها لكنه لم يتلف آثارها يا شيخ سماع الأغاني تقول: ثم أتلفت الأشرطة تقربا إلى الله عز وجل أو توسلا إليه في الدعاء، فهل يصح منه هذا؟

طبعا هذا السؤال تسلسل على شكل تدريجي فمجرد التوبة من المعصية والإقلاع عن الأغاني هذا خير عظيم، وكان ينبغي أن يصحبه إتلاف أو التخلص من هذه الأشرطة، وتبديلها بأشرطة أخرى لكن لما لم يكن هذا ذنب تستغفر الله وتتوب إليه، وفي إتلافها احتسابا لله -إن شاء الله- مما يتقرب به، ويعتبر من التوسل المشروع، أن تتقرب إلى الله بإتلافها لمادة المعاصي ووسائلها نعم.

طيب يا شيخ تسأل تقول: هل يعني تلزم بحفظ جميع الأدلة؟

لم يلزم أبدا، وليس من العادة أني أطالب بجميع الأدلة وهو حتى يكون أيضا هذا من أساسيات الفهم . لا أبداً . الدليل البين الواضح يكفي.

طيب أحسن الله إليكم يا شيخ. الأخت أم شروق يا شيخ تقول: ورد في حديث: أن النساء هم أكثر أهل النار، فلماذا لا يجوز لهم زيارة القبور؟

على أي حال مثل هذه الأمور توقيفية يعني: ليست بالعواطف ولا بمقاييس الناس ولا هذا يعني حكم من لدن الحكيم الخبير سبحانه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- مشرع عن الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن زيارة النساء للقبور وفي هذا مصالح لهن في الدين والدنيا؛ لأن المرأة عاطفية وغالبا ما تجهش بالبكاء، وتتجاوز الحد؛ فتأثم وتضر غيرها وتضر الميت؛ لأن الميت-إن صح أنه له شعور أثناء الزيارة- فإن هذا يضره ويؤذيه، والأمر الآخر: أن المرأة أحيانا تخرج عن طورها بالبكاء إلى أمور غير محمودة تضرها في عقيدتها وفي دينها؛ فلذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجبها عن زيارة القبور إشفاقا عليها وعلى دينها وعلى ذمتها، ولذلك أدلة ( فالمرأة التي كانت تولول وتصيح على ميتها عند القبر ، الرسول -صلى الله عليه وسلم- منعها وأمرها بالصبر عنفت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: إليك عني بمعنى أنك لم تشعر بما أنا فيه من مصاب ) ما علمت أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نهرته وهذا مما لا يليق ولو تعمدت لكان هذا كفر لكنها ما كانت تدري أنه النبي -صلى الله عليه وسلم-،( ثم لما علمت أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهدأت من غضبها جاءت تعتذر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بين لها أن هذا خط) وشرَّع للأمة، فعلى هذا إذا كانت هذه امرأة من الصحابيات وقعت في أمر أوقعها في حرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي إثم عظيم فهذا دليل على أن المرأة يعني لعاطفيتها وحنوها وهذا جانب تمدح فيه من وجه؛ فإشفاقا عليها وإنصافا لها وعدلا في حقها أن تحجب عن زيارة القبور، أما أيضا ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن (أكثر أهل النار من النساء) فهذا خبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يناقش فيه غيره؛ بل يجب التسليم به، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علل ذلك ببعض العلل، من ذلك أنه ذكر أن النساء (يكفرن العشير)، وأيضا ذكر يعني أشياء كثيرة ومن ضمنها أن النساء أكثر انجرافا أمام الشهوات والشبهات، وأكثر وقوعا في بعض المنهيات مثل الغيبة والنميمة واللجوء إلى السحرة والدجالين.

فعلى هذا المهم أن هذا حكم الله ليس لنا فيه خيار، ولا يجوز لنا أن نسأل سؤالَ المعترض لكن سؤال المستكشف الذي يريد أن يزداد من الخير والإيمان فلا حرج في ذلك نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أخونا مسلم من مصر يا شيخ يقول: بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- توسل الناس إلى الله -عز وجل- بدعاء العباس -رضي الله عنه- عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك عند الدعاء لنزول المطر، فهل مثل هذا يجوز الآن؟

نعم في الحقيقة هذا من الأدلة الواضحة الذي ينبغي أن يُقلَبَ عليهم ككثير من أدلتهم، الكثير من أدلة أهل البدع . الصحيح أنه يقلب عليهم بمعنى أن تكون دلالته ضد ما يقولون، واستدلالهم بالحديث لا يخلو من جهل وتلبيس وأيضا تكلف، أو أحد هذه الأمور أيضا، أحيانا قد لا يوجد عند المستدل بهذا الحديث شيء من ذلك قد لا يكون يجهل لكنه التبس عليه الأمر، وقد يكون أيضا قلَّد غيره، أو متأول فالمهم أن حديث الأعمى، ونقف عليه -أرجو أن يأذن لي المشاهدون- ونقف على هذا بعض الوقفة؛ لأنها استكمال للدرس وكان من المفروض أني آتي بهذا الدليل لكن خشيت أن لا يتسع الوقت؛ لأنه ينبغي استيفاء الحديث عنه؛ فلتأذنوا لي بدقائق.

حديث الأعمى أو حديث العباس حديث مجمل ومفصل، واستدل به الكثير من الذين يتذرعون به للبدع، استدلوا به على وجه لا يستقيم ويختلف عن القصة الحقيقية التي حدثت فيها هذه الواقعة، ويختلف عن فهم السلف لها بل عن سياقها لمَّا تأتي وافية، فنبدأ باستشفاع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعباس؛ لأن كثيرا من أهل البدع يظنون أن هذا دليل على التبرك البدعي والتوسل البدعي بالأشخاص بذوات الأشخاص، والصورة التي وقعت فيها قصة الاستشفاع بالعباس صورة بينة تدل على أن المقصود به قطعا هو التوسل بدعاء العباس، وهذا مشروع إلى اليوم وإلى قيام الساعة، والواقعة هي( أن الناس في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أصابهم جدب، أو شيء أتوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوسلون به يقولون: يا رسول الله ادعُ الله لنا فيدعو، ومعروفة قصة الرجل الذي دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب فطلب منه وتوسل به أن يدعو فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا الله-عز وجل- أن يغيث المسلمين فأغاثهم، ثم بعدها بإسبوع استمر المطر؛ حتى خشوا من الغرق فجاء ذاك الرجل نفسه ودخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فتوسل به أن يدعو الله فكان أن دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه بأن يرفع عن المسلمين فرفع).

هذه الصورة الشرعية التي حدثت للعباس، وهو أن الصحابة -رضي الله عنهم- لما أصابهم الجدب في عهد عمر قالوا: ( كنا نستشفع بنبيك يعني: يدعون الله -عز وجل- بذلك، أو يخاطبون ربهم ثم قالوا: والآن نستشفع بعم نبيك ) كيف كان الاستشفاع بعم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أن وضعوه أمامهم فصار يدعو ويؤمنون بعده لم يتمسحوا بثيابه ولا بجسمه و لم يحصل هذا . الذي حصل أن التوسل بالعباس هو أن جعلوه أمامهم يدعو وهم يؤمنون بعده؛ فأغاثهم الله عز وجل، وحدث هذا من معاوية -رضي الله عنه- عندما استشفع بالأسود، وحدث من كثير من الصحابة، ولا يزال يحدث في تاريخ الأمة قديما وحديثا أن الناس يقدمون الصالحين منهم يدعون، والناس يؤمنون، فهذا من أسباب الإجابة بإذن الله، فهل هذه الصورة فيها بدعة؟ لا والله هي المشروع، ويجب أن نبقى على هذا المشروع، لكن أنى لهم أن يستدلوا بذلك على البدعة التي يعملونها وهو التمسح بالذوات والتبرك بالذوات ونحو ذلك هذا لم يحدث من الصحابة في هذا الدليل.

كذلك الدليل الآخر حينما استشفع الأعمى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يرد عليه بصره القصة في سياقها وردت -بمعناها- ( أن الأعمى جاء طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع له عند الله، ويتوسل به عند الله أن يعيد له بصره، النبي -صلى الله عليه وسلم- نصحه بأن يصبر أو كذا لكنه آثر بأن يرد إليه بصره، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يتوضأ ويصلي ثم يدعو الله عز وجل أن يستجيب دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه). النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له مع أنه بإمكانه أن يتبرك حتى بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن نظراً لأن هذا تشريع للأمة؛ لأن هذه خصوصيات للنبي -صلى الله عليه وسلم- فكان وجه الاستشفاع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من الأعمى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له، وأنه دعا الله بأن يستجيب دعاء نبيه فيه؛ فهذا الوجه مشروع، فأي دليل على ما يعمله أهل البدع من التمسح بالذوات والتبرك بالأشخاص والدعاء دعاء الغير دعاء غير الله بمعنى الاستشفاع؟، وأحيانا يكون من باب الشرك.

فإذن الدليل بل الأدلة كلها التي في هذا السياق هي أدلة عليهم وليست أدلة لهم؛ لأن سياقها ينبغي أن يكون بكمال القصة وبفعل الصحابة وتفسيرهم؛ لأنهم هم الذين طبقوا تلكم الأحكام، وهم الذين حدثت على أيديهم تلك الأحداث؛ فينبغي أن نفهمها بعمل الصحابة وبفهمهم -رضي الله عنهم-، ثم بعمل السلف وبفهمهم فلم يكن أحد من السلف الصالح في القرون الفاضلة يستخدم التوسل إلا بهذه الطريقة -التوسل بالأشخاص- إلا بهذا الأسلوب الاستشفاع بهم- إلا بهذا الأسلوب- بأن يطلبوا من الصالحين الدعاء، وهم يؤمنون على دعائهم، أو يطلبون منهم الدعاء حتى لو ما أمنوا.

صور الاستشفاع كثيرة لكن أبرزها هي الاستشفاع من أجل استنزال الغيث، أو دفع المضرات والمصائب العظمى عن الأمة عندما تكون المضرات والمصائب بأن يتقدم رجل صالح، ثم يدعو الله -عز وجل- ويؤمِّن المسلمون من ورائه على دعائه. هذه الصورة مشروعة، بل من أعظم القربات إلى الله عز وجل نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أخونا سمير من السعودية أيضا كوسوبي من السودان يا شيخ يسألان عن قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] ما تفسيرها؟

نعم ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] يعني: تقربوا إليه- عز وجل - بما تتوسلون به، الوسيلة هي: عبادته ودعاؤه والتقرب إليه بكل عمل صالح؛ فعلى هذا فالوسيلة التي يتقرب بها إلى الله هي على الأنواع التي ذكرتها في أول الحديث، فإذن النص على تمامه، ومفهومه واضح، وتطبيقه في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي عهد الصحابة والتابعين واضح، وهو أن نبتغي إلى الله الوسيلة بعبادته والتقرب إليه بالإخلاص، التقرب إليه بأنواع القربات، وهذا هو عين المشروع بل هو العبادة التي يجب أن نتقرب بها إلى الله عز وجل نعم.

طيب يا شيخ أم سلمة من السعودية يا شيخ تقول: هل يجوز لمسلم أداء طاعة كصوم يوم في سبيل الله للتوسل به إلى الله عز وجل؟

نعم إذا كان الصيام يوافق الأيام المشروعة كأن لا تفرد الجمعة بصوم، ولا تصوم العيد مثلا فإذا صامت صامت في الأيام التي يشرع فيها الصوم؛ فلا مانع من قصد هذا وبقصد التقرب إلى الله عز وجل يعني: أن الإنسان إذا شعر في قلبه بضعف التقرب إلى الله عز وجل، ضعف قلب، ضعف إيمان وأراد أن يقوي قلبه بالصيام، وأن يكون أثناء الصيام أيضا يدعو الله -عز وجل- بما يشاء يتقصد هذا لا حرج؛ لأن الصيام عبادة، وأيضا من مواطن إجابة الدعاء الصيام، أو من الزمن الفاضل لإجابة الدعاء الصيام خاصة الصائم عند فطره فإن له دعوة مستجابة، فهذا القصد بهذا الحد مشروع، بل هو مما يتقرب به إلى الله نعم.

طيب يا شيخ أخونا عبد الله الإدريسي من المغرب يقول: السلام عليكم ورحمة الله شيخنا -بارك الله فيكم- بعضهم يزعم أنه بمجرد لمسه لعضو مريض، أو نفثه عليه يشفى بإذن الله، وقد يكون هذا الشخص من الصالحين، أو من عامة المسلمين فما حكم الشرع في ذلك؟

نعم هذه من الأمور الخطيرة في الحقيقة؛ لأنها مما يبتلى به بعض الرقاة وإن كانوا من الصالحين والمتدينين، أو الذين يعرفون بالحرص على التزام السنة إلا أنهم أحيانا تأتيهم غفلات، والشيطان يضع للإنسان مصائد، ومن أعظم المصائد التي يصطاد بها الشيطان الرقاة أو بعض الصالحين هي مثل هذه الأساليب بأن يتوهم أنه إذا لمس شخصا استفاد وأنه شفي، إذا كان اللمس مبنياً على بركة القرآن أعني بذلك إذا كان مثلا الراقي ينفث في يديه، ثم يمسح جسده أو جسد غيره تبركا بالقرآن الذي نُفِثَ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه يورد ويدعو ويقرأ شيئا من القرآن وينفث ثم يمسح بجسمه، يمسح جسمه بيديه هذا مشروع مع النفس ومع الغير بهذه الصورة هذا مشروع، لكن إذا كان يعتقد أنه بمجرد اللمس تحصل فائدة فنعم قد تحصل الفائدة لكنه ابتلاء، فالإنسان قد يستفيد الشفاء، وهذا قد يستفيد لأنه يشفى على يديه ناس لكنه قد يخسر عقيدته وشيئا من دينه؛ فليتق الله فإنه بمجرد هذه الأساليب: اللمس أو النظرة أو الإشارة ويجد أن فيها تغييرا لحال المريض دون سبب شرعي وهو القرآن أو الدعاء المشروع فهذا نوع من عادة الجن والشياطين بالإنسان ؛ لذلك أو يتبع ذلك استعمال حركات تزيد عن العدد المشروع أنا قلت وهذا أمر يجب التنبه له أنه عندما يعمل الإنسان مع قراءة القرآن عملا مشروعا كالنفث في اليدين ومسح المريض، أو لمس المريض برفق من أجل إدخال الطمأنينة على نفسه لا اعتقاد أن اللمسة تنفعه يعني: بعض الناس يكون عنده من رقة الطبع والتلطف مع المريض؛ بحيث يربت على كتفه أو يلمس شيئا من جسمه إذا كان لمس جسم مشروع من باب تطمينه وإدخال السرور عليه، لا من باب أن هذه اللمسة هي بحد ذاتها التي تنفعه؛ فينبغي يا إخوان أن نتنبه لما يعمله كثير من الرقاة، وأنصح إخواني الرقاة -وما أكثرهم- أن يتنبهوا للتفريق بين الحركات المشروعة وبين الحركات غير المشروعة، وليلعلموا أنه يكثر الابتلاء بالحركات غير المشروعة؛ بحيث يستفيد منها المريض، يستفيد منها ذا الحاجة لكنه يكون ذلك على سبيل دينه وعقيدته، ويكون من الابتلاء والفتنة؛ لأن الله- عز وجل- وَكَلَه إلى ما اعتقد، ومجرد وجود الاستفادة لا تعني مشروعية العمل، بل الابتلاء والفتنة أقرب؛ فيجب التنبه لهذا، والحذر من الأساليب التي تزيد عن المشروع نعم.

أحسن الله إليكم شيخ ناصر، ولعلكم تختمون -حفظكم الله-.

على أي حال بهذ القدر نكتفي، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد، كما نسأله- تعالى- الإخلاص في القول والعمل، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وأن يهدي ضالهم، ويرشدهم إلى طريق الصواب، وصلِ الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
قديم 29-01-08, 01:21 PM   #3
ام هند السلفية
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 23-05-2007
المشاركات: 638
ام هند السلفية is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ام هند السلفية غير متواجد حالياً  
قديم 07-02-08, 05:41 PM   #4
اختكم فى الله
~صديقة الملتقى~
افتراضي

جزاك الله خيرا
بارك الله فيك



توقيع اختكم فى الله
[IMG]http://www.up99.com/giffiles/nn686987.gif[/IMG]


[CENTER][SIGPIC][/SIGPIC][/CENTER]

[COLOR="DarkOrange"][CENTER]قال الحسن البصرى"ياابن ادم انما انت ايام....
اذا ذهب يومك ذهب بعضك....[/CENTER][/COLOR]
اختكم فى الله غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .