العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات بين دفتي كتاب (انتهت)

الملاحظات


دورات بين دفتي كتاب (انتهت) بَيْنَ دِفَّتَي كِتَابٍ مشروع علمي في قراءة كتاب مختار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-07, 02:21 AM   #1
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي °°°° من آفات القراء (2) °°°°

*
*






من آفات القراء(2 ـ 2)
أحمد بن عبد الرحمن الصويان


في المقالة السابقة تحدثت عن أهمية الـقــراءة ومكانة القرَّاء، وذكرت آفتين من آفات القراء هما: "قلة الصبر على القراءة والمطالعة"، و"ضـعـف الـتـركـيـز". وفي هذه المقالة أذكر الآفة الثالثة بإذن الله ـ تعالى ـ


الآفة الثالثة: ضعف المنهجية في القراءة:


الـمـكـتـبـة الإسلامية مليئة ـ بحمد الله تعالى ـ بالإصدارات العلمية في مختلف فنون العلم والمعرفة، وتحتوي على حصيلة كبيرة من الكتب والدراسات والأبحاث التي جاءت نتيجة جهود تراكمية متتابعة ومستفيضة تنمو عبر السنين.

ويختلف هـذا الإنتاج قوة وضعفاً، وأصالة وتقليداً، ولا يستطيع المرء مهما أوتي من ملكات وقدرات أن يغطي جزءاً يسيراً من ذلك النتاج الضخم.

وقد يحار القارئ ـ المـبـتدئ خاصة ـ من أين يبدأ؟! وكيف يبدأ؟! ولذا كان الواجب على القارئ أن يرســــــــم لنفسه منهجية واضحة للقراءة يدرك من خلالها إلى أين يسير.. وما أهدافه؟! ولعلِّي أذكر ها هنا الملحوظتين الآتيتين:

الأولى: بناء القاعدة العلمية:

إن ترتيب الأولويات مــن أهم المسائل التي تعين المرء على النجاح بشكل عام، ويتأكد ذلك في أولويات القراءة، وقديماً قال أبو عبيدة: "من شغل نفسه بغير المهم أضرَّ بالمهم"(1). وكم أحزن على ذلك الـشــــاب الذي لم يستقم عوده، ولم يشتد ساعده، ثم أراه يلقي بنفسه في بحر متلاطم الأمواج كـيـف يـبـحـــر فيه؟! وقد رأينا شباباً لم يقرؤوا بعدُ (كتاب الأربعين النووية)، ثم تراهم يعزمون على قــراءة (فتح الباري!) وأشباهه من كتب العلم. وجميل أن توجد هذه الهمة، لكن أحسب أن مــــآل هؤلاء في النهاية إذا لم يتداركهم الله بفضله: الشعور بالإحباط والعجز، ثم الملل والـســآمـة؛ لأنهم لم ينموا نمواً طبعياً يتدرجون فيه في درجات العلم بتدرج فهومهم وبصائرهم.

ونظير ذلك من يبدأ بقراءة ما يسمى بـ (الكتب الفكرية) المتقدمة، دون أن تكون له حصيلة شرعية يميز فيها بين الغث والسمين، ودون أن يـبـدأ بـالـكـتب الفكرية الميسرة التي تكمل بناءه العلمي والثقافي.
والواجب أن يحرص القارئ في بداية الطلب على بناء القاعــدة الـعـلــمـية التي يبني فيها مداركه العقلية وملكاته العلمية بناءاً راسخاً متيناً.

وبناء القاعدة العلمية يتطلب من القارئ جهداً كبيراً؛ فهو يأخذ من كل فرع من فروع العلم الرئيسة كتاباً أصيلاً يدرسه دراسة تفصيلية، ولا ينتقل منه إلى كتاب آخر إلا بعد أن يتقن أبـوابه، ويعرف قواعده وفنونه، ثم إذا قرأ كتاباً آخر في الفرع نفسه كان كالبناء على تلك القاعدة والأساس.

والـقــــدرة على اختيار الكتاب المناسب لها دور بارز في اختصار المسافات في طريق القارئ الطويل. وكم من قارئ قد ضلَّ الطريق وحرم الوصول؛ لأنه أراد أن يصعد السطح بلا سلم، أو أراد أن يـبـنـي داره على أرض هـشـــة غير مستقرة، ومن المفيد هنا التأكيد على أهمية استشارة أهل الاختصاص وأصحاب الخـبـرة لـمـعـاونــــة القارئ المبتدئ في ترشيح الكتب المناسبة له، وقديماً سئل (فولتير) عمن سيقود الجنس البـشـــري؟ فأجاب: (الذين يعرفون كيف يقرؤون)(2).

ومـــــن اللـطـائف العجيبة أن ابن الجوزي كان يتكلم عن ضرورة ترتيب الأولويات لطالب العلم، ثم يـقـــــــول: (قد علم قصر العمر وكثرة العلم، فيبتدئ بالقرآن وحفظه، وينظر في تفسيره نظراً متوسـطــاً لا يخفى عليه بذلك منه شيء. وإن صحَّ له قراءة القراءات السبعة، وأشياء من النحو وكتب اللغة، وابتدأ بأصول الحديث من حيث النقل كالصحاح والمسانيد والسنن، ومن حيث علم الحديث كمعرفة الضعفاء والأسماء، فلينظر في أصول ذلك)(3) ثم ساق ابن الجوزي علوماً يبدأ بها طالب العلم في عصره، قد يعجز عنها بعض المنتسبين إلى العلماء في عصرنا..!


الثانية: بناء القاعدة الفكرية:

هـا هـنـا مـعـضـلـة يقع فيها كثير من القراء، وهي أنه في أثناء القراءة لا يحرص على بناء فكره، وإحياء قدراتـــه العقلية ولا يستحثها للنظر والتأمل، وإنما يقع أسيراً ينتظر التلقين من المؤلف، ويقف دائـمـاً موقف المتلقي، ومثل هذا وإن حصل كمّاً من المعلومات فإنه ليس قارئاً جيداً؛ لأنه لا يملـك البصيرة ولا القدرة على التمييز والموازنة بين اجتهادات العلماء والمفكرين. (فالتفكير هو الذي يجعل ما نقرؤه ملكاً لنا)(4).

ونظير ذلك من يعتني بالحـفـظ وحده، ولا يلتفت إلى الفهم. والحفظ على الرغم من أهميته وضرورته؛ فإنه لا ينبغي الاكـتـفــــاء به، بل يجب تسخيره لخدمة الفقه والفهم، وقديماً عتب الإمام أحمد على بعض المحدثـيـن بـقـوله: (ما أقل الفقه في أصحاب الحديث)(5)، ومن لطائف الأخبار في هذا الباب ما ذكره إسـحــاق بن راهويه حيث قال: (كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابـنـا، فـكـنـا نـتـذاكــر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة، فيقول يحيى بن معين من بينهم: وطريق كذا. فأقول: أليس قد صح هذا بإجماع منا؟ فيقولون: نعم. فأقول: ما مراده؟ ما تفسيره؟ ما فقهه؟ فيقـفـون كلهم إلا أحمد بن حنبل)(6).

إن بــنــــاء القاعدة الفكرية للقارئ من أشق المهمات التي تواجه القارئ الجاد؛ فليس كل كتاب يمكن أن يبني فكر الإنسان، حتى بعض الكتب المفيدة التي قد يستفيد منها القارئ مادة علمية قد لا يخدم ذلك البناء؛ وما أحسن قول الإمام ابن القيم: (الفكر هو الذي ينقل من موت الفـطـنـة إلى حياة اليقظة)(7)، وهنا يأتي دور المعلمين والمربين في توجيه طلابهم والأخذ بأيديهم في الطريق القويم. وقديماً كان بعض العلماء يربي فكر الطالب ببعض مسائل الحساب والـفـرائـض، ويحــــاوره بـعـويــص المسائل، وهذا منهج نبوي أصيل في التربية والتعليم؛ فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟"(8).

وبهذا يتبين أن القراءة الجادة هي قراءة الـتــفـهــم والبصيرة والإدراك، ونعمة الفهـم مـن أجـلِّ النعـم التي ينـعم الله ـ تعالى ـ بها على العبد، و "رُبَّ شخص يفهم من النص حكماً أو حكمين، ويفهم منه الآخر مائة أو مئتين"(9). وكـم جــــــرَّ سوء الفهم على صاحبه من الخلل والاضطراب؛ وما أحسن قول الإمام ابن القيم: "ما أكـثـر مـــا ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة"(10).



الهوامش:
(1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/160).
(2) القراءة أولاً، ص 38.
(3) صيد الخاطر، ص169.
(4) التفكير علم وفن، ص 133.
(5) طبقات الحنابلة (1/329).
(6) تاريخ بغداد (4/ 419).
(7) مفتاح دار السعادة (1/181).
(8) أخرجه البخاري في العلم (1/145) رقم (61)، ومسلم في صفات المنافقين (4/2146) رقم (2811).
(9) مفتاح دار السعادة (1/60).
(10) مدارج السالكين (2/431).
البيان ........ 149
المصدر : صيد الفوائد




*
*



توقيع أمة الخبير
*
*
*


إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله

*
*
*


أمة الخبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-07, 10:34 AM   #2
زهرة الملتقى
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 07-08-2007
المشاركات: 1
زهرة الملتقى is on a distinguished road
افتراضي

جزاكِ الله خيرا أختي أمة الخبير
زهرة الملتقى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-07, 02:14 PM   #3
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

وجزاك الله الجنة أختي زهرة الملتقى

أسعدني مرورك وتعقيبك

بوركتِ
أمة الخبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-07, 03:03 PM   #4
اختكم فى الله
~صديقة الملتقى~
افتراضي

جزاك الله خيرا مشرفتنا امه الخبير
بورك فيك



توقيع اختكم فى الله
[IMG]http://www.up99.com/giffiles/nn686987.gif[/IMG]


[CENTER][SIGPIC][/SIGPIC][/CENTER]

[COLOR="DarkOrange"][CENTER]قال الحسن البصرى"ياابن ادم انما انت ايام....
اذا ذهب يومك ذهب بعضك....[/CENTER][/COLOR]
اختكم فى الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-07, 01:21 PM   #5
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*

وفيك بارك الله أخيه

أشكرك

*
*
أمة الخبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-07, 12:54 PM   #6
ام هند السلفية
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 23-05-2007
المشاركات: 638
ام هند السلفية is on a distinguished road
افتراضي

اثابك الرحمن واسكنك فسيح جناته
ام هند السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-07, 05:29 PM   #7
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

أشكرك أختي أم هند السلفية

أسعدك الله دنيا وأخرى
أمة الخبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .