|
مجالس التدبر متوقفة حالياً |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-04-10, 11:48 PM | #21 |
|نتعلم لنعمل|
|
تتمة المجلس الخامس
إذن هذه فائدة عظيمة من قوله تعالى : ( ورزقناهم من الطيبات) العجيب أن الله تعالى يقول ورزقناهم من الطيبات، ما الطيبات التي رزقنا إياها الله عز وجل؟ منها ماذكره الله تعالى ونصه في كتابه الكريم إشارة لبعض نعمه على هؤلاء وكل خير يتمتع فيه هؤلاء هو من رزق الله تعالى ومن فضل الله تعالى، فالطيب لا يتمثل في أمر ما الأمر حسي بل الإنسان إذا ألهمه الله سبحانه وتعالى طلب العلم الشرعي وحبب إليه الإيمان وحبب إليه العمل الصالح وحبب إليه الخير هذا من رزق الله الطيب لأنه أهداه ووفقه وملأ قلبه بحب الله وبحب الخير هذا من عطاء الله تعالى ورزق الله الطيب فهنيئا للطيبين والطيبات إذا عاشوا حياة الأنبياء والرسل و محمد عليه الصلاة والسلام. كذلك بنياتي من عطاءات الله تعالى الخاصة والنافعة والمفيدة للمؤمن والمؤمنة في هذه الحياة أن يعطيه الله تبارك وتعالى الحكمة بعد العلم أو العلم والحكمة معا لأنه على جانب كبير من الأهمية في الحياة. ولذلك لما نفر من بني إسرائيل طلبوا أن يكون لهم ملكا ويقاتل في سبيل الله بعث لهم طالوت ملكا (قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ) [البقرة:247] انظرن كيف الناس الآن يظنون أن العزة والأبهة والجاه والمكانة والشرف محصورة في الشيء المادي يعني يكون الإنسان له مال، ومال واسع فيكون أفضل الناس وأحسن الناس هذا الذي ينبغي نسعى إليه وهذا الذي نحرص عليه كما يفعلن كثير من النساء تتمنى أن تعيش في كنف زوج غني المهم أن يكون غني حتى تستمتع بالحياة سفرا أكلا وشرابا ولباسا ظنا منها أن هذه الحياة الطيبة وهذا ظن فاسد وغريب أن يصدر عن عقل صحيح صريح كما قلنا سليم من الآفات لأن وجدنا نماذج كثيرة من تاريخ الإنسان ممن ملكوا الكنوز لم يغني عنهم مالهم من الله شيئا كانوا أشقياء بهذا المال، عاشوا أشقياء وماتوا أشقياء فسبحان الله حُرموا لذائذ الحياة وهم يملكون المال وفي الآخرة يعذبون بهذا المال فنسأل الله تعالى أن يعافينا فلا ينبغي للإنسان المؤمن أن يحرص على الأمور المادية بقدر ما حرصه مرتبط ارتباطا وثيقا بالأمور المعنوية المتصلة بالقلب، سلامة القلب امتلاء القلب بحب الله تبارك وتعالى، امتلاء القلب بالإيمان واليقين، إذا رزق الإنسان الإيمان واليقين وامتلأ قلبه بهذا وفاض ذلك على جوارحه، وإن والله عُدِمت الدنيا من يديه وهولا يملك من حطام الدنيا شيىء فهو من أسعد الناس. و لذلك النبي عليه الصلاة والسلام، انظرن في حياته عليه الصلاة والسلام كيف عاش ؟ عاش فقيرا، عاش مسكينا صلى الله عليه وسلم (ألم يجدك يتيما فأوى) من الذي عطف عليه بماله أليست زوجه خديجة رضي الله عنها، كانت تملك المال فعطفت على زوجها عليه الصلاة والسلام آوته واحتضنته عليه الصلاة والسلام، النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك وراءه شيئا ما ترك من متاع الدنيا فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تتحدث عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته عليهن جميعا الرضا والرضوان، كن يحدثن عن حياة النبي عليه الصلاة والسلام يعني لما يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال لا يوقد في بيت رسول الله نار يعني يطبخ عليها كما نفعل اليوم والحمد لله من الخيرات والأرزاق كثيرة ووفيرة وعميمة ميسرة تمتلىء بها منازلنا وبيوتنا وتمتلىء بها مخازننا ومع ذلك سبحان الله النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق لو مسك التراب بيده الشريفة فدعا الله تبارك وتعالى تحول التراب في يده تبرا أي ذهبا خالصا، ولو أمر الجبل من حوله لصار ذهبا، سبحان الله مع ذلك عليه الصلاة والسلام لم يطلب شيئا من متاع حياة الدنيا، يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أشهر لا يوقد نار في بيته عليه الصلاة والسلام، نار تطبخ عليها فتُسأل رضي الله عنها، ماكان طعامكما يا أم المؤمنين؟ قالت طعامنا الأسودان، الماء والتمر سبحان الله سبحان الله سبحان الله . تقول توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وما شبع من خبز الشعير بل في رواية - مات عليه الصلاة والسلام وآل محمد لم يشبعوا الخبزوالشعير- وهو القمح والذرة لم يشبعوا منه آل محمد عليه الصلاة والسلام سبحان الله سبحان الله يعني عليه الصلاة والسلام لما أراه الله سبحانه وتعالى الجنة ونظر فيها ماذا وجد فيها؟ وجد أكثرداخليها من المساكين والفقراء، ماذا معهم ؟ معهم الإيمان كما كان حال أهل الصفة، لا إله إلا الله كم صبروا، لم يكن لهم لباس يواري سوئا تهم، ولم يكن لهم طعام يسد جوعهم ومع ذلك صبروا، كان معهم الإيمان فكان وعد الله لهم بالجنة خير لهم من الدنيا وما فيها كان أكثر سكان الجنة ومن يدخل الجنة بل هم أول من يدخل الجنة، يحاسب على ماذا؟ لا يملك من حطام الدنيا شيئ . أما الكفار وأهل المال والجاه يحبسون ويحاسبون على النقير والقطمير، يحاسبون على الأموال من أين جاءت وفيما أنفقت دينارا دينارا ودرهما درهما يحاسبون عليه أما هؤلاء ماذا عندهم؟ ما عندهم من الإيمان والعمل الصالح فالحمد لله رب العالمين وكما قالت الأخت الكريمة : كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم أحييني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني مع زمرة المساكين) والحمد لله رب العالمين. إذا بنياتي نعود إلى الآية الكريمة (قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّـهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) لا حظنا معي (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) العلم على جانب كبير من الأهمية في حياة المؤمن والمؤمنة، من أراد العزة فعليه بالعلم، من أراد الجاه فعليه بالعلم، من أراد السعادة فعليه بالعلم، من أراد الغنى فعليه بالعلم، العلم من أعظم الوسائل لكسب المحامد وكسب الدرجات العلا في الدنيا والآخرة، سبحان الله ما أحوج المؤمن والمؤمنة للعلم. مجلسنا الذي جلسنا واستمعنا فيه والحمد لله وحوله الغرض منه أن نطلب العلم النافع الذي يورثنا خشية الله تبارك وتعالى والرغبة فيما عنده والزهد في الدنيا وأن تكون عيوننا على الآخرة دائما وأبدا ونطلع إلى ما عند الله من الخير العميم والحمد لله رب العالمين. إذا بنياتي الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) والله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم و لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وذكر بعض صفاته، ذكر في موطن عظيم في سورة طه ( وقل ربي زدني علما ) ما قال ربي زدني جاها أو مالا أو سلطانا، فلم يطلب له شيء من الزيادة في الحياة الدنيا من متعها وزخارفها إلا ما كان فيه عزة ورفعة وخير له ولأتباعه ( وقل ربي) تعليم لنا في الحقيقة، والله سبحانه وتعالى قال وهو في الحقيقة خطاب لنا أبناء الإسلام، نحن أتباع محمد عليه الصلاة والسلام. إذا أردنا أن نتزود من خير الدنيا علينا أن نسأل الله تعالى أن يعطينا من العلم، وأي علم؟ العلم النافع المورث لخشية الله تبارك وتعالى ومحبته والقرب منه، لذلك الله تبارك وتعالى لما ذكر بعضا من آياته في خلقه جل وعلا، في مخلوقاته قال: (لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴿٢٧﴾ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ) [فاطر] قال : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) إذا هل الذين ليس لديهم علم لا يخشون الله ؟ لا لا حتى الذين عندهم قليل من العلم لديهم خشية عرفوا الله تعالى فهم يخشونه لكن الخشية الحقيقية، تمام الخشية، الخشية النابعة من اليقين تختلف تماما .. محل التدبر والتأمل (نَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر:28] انظرن بنياتي صورة من صور خشية الله تبارك وتعالى الناتجة على علم ، في مشهد عظيم من مشاهد التي وصفها القرآن مع موسى. فرعون تحدى موسى وأراد أن يثبت للناس كما كان يدعي أتباعه من سفهاء قومه فأظلهم الله تعالى على علم طلبا في المناصب والبقاء فيها، سبحان الله الكثير من الناس للحفاظ على المناصب الدنيوية المادية يتخلى على المبادئ والقيم. كذلك وزراء فرعون من كلن حوله، ملأه لما قالوا (وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) [الأعراف:127] هؤلاء والعياذ بالله بسبب المكاسب المادية التي كانوا فيها والمناصب والقيادة ليحصلوا عليها ما يستطيعوا أن يتغيروا أو يذعنوا للحق، يجردهم من هذه المناصب. الناس في الحقيقة يستووا فهؤلاء لما امتحن الله تبارك وتعالى موسى امتحانا شديدا ولكن الله سبحانه وتعالى معه وناصره طبعا هذا النصر لموسى عليه السلام هو نصر لكل مؤمن في كل أمة، كل من صدق مع الله سبحانه وتعالى نصره سواء كان من الأنبياء و الرسل أو من أتباع الأنبياء و الرسل كما قال الله عز وجل (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47] (إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴿٥١﴾ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿٥٢﴾) [غافر] فانظرن إلى هذا المشهد العظيم لما جاء موسى وجمع السحرة جُمع الناس إلى ميقات يوم معلوم وأوتي بالسحرة من كل مكان ولما اجتمع السحرة وبدا الابتلاء العظيم (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) [الشعراء:44] انظرن اعتزوا بمن ؟ بالمخلوق ما من إنسان يعتز بالمخلوق إلا وأذله الله عز وجل ولذلك على المؤمن والمؤمنة ألا يعتز أبدا إلا بالله وحده ولا يركن إلا إلى الله وحده وأن يجعل حاجته بين يدي الله ولا يجعلها بين يدي مخلوق أبدا قط سواء كان صغيرا أو كبيرا أميرا أو مأمورا. أبدا لا يجعل حاجته إلا عند الله وحده فالله إذا أحببته الله حبا صادقا وجعلت حاجتك بين يديه قضاها لك الله سبحانه وتعالى جعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافيه لأن الله ما يسلم أولياءه أبدا ما يمكن يسلم أولياؤه لأحد من خلقه على الإطلاق لأن الله يتولاهم، يحبهم لا يمكن أبدا لذلك سبحان الله عزوجل الله جعل أولياءه في كنفه وفى رحمته قولا وسعا لذلك قال :( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس:62] سبحان الله لا يخافون المستقبل أبدا لأنهم في أمن وأمان في كنف الله تبارك وتعالى أبدا في حفظ الله ورعايته (فانك بأعيننا) كما قال الله عز وجل فمن كان بعين الله كيف يضل أو كيف يشقى أو كيف يخذل لا، لا يمكن أبدا لذلك يا بنياتي دعوتي إليكن ولنفسي بالذات ولكل مؤمنة ولكل مسلمه في كل مكان أن تركن إلى الواحد القهار جل وعلا وتجعل حاجتها مهما بلغت عند الله وحده بين يديه لا تسأل أحدا من خلقه ولذلك انظرن بنياتي النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أبى بكر رضي الله عنه وأرضاه قد كان صديقه، أبو بكر صديق النبي صلى الله عليه وسلم أقرب الناس إليه ومن أحب الرجال إليه اقرب الناس إليه رضي الله عنه وأرضاه ماذا قال له صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر إني احبك فلا تسأل الناس شيئا) يا الله يا الله يا الله ما هذه العزة ما هذه العظمة انظرن: إني احبك فلا تسأل الناس شيئا حتى يقول الراوي كان أبا بكر رضي الله عنه يسقط منه سوطه من فوق دابته والغلام ربما بعض الناس واقف بجوار دابته ويقول ولا يقول ناولني السوط من الأرض، ينزل رضي الله عنه وأرضاه عن دابته فيأخذ سوطه بيده استجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسأل الناس شيئا الله أكبر أي بيان بعد هذا؟ هذا نحن في حاجة إليه فهذا الذي استغن بالله تعالى أغناه الله هل معنى ذلك ألا يأخذ الإنسان بالأسباب؟ لابد للإنسان أن يأخذ بالأسباب وأن يجعل حاجته بين يدي الله ويأخذ بالأسباب للحصول عليها، الإنسان يطلب و يريد المال يريد الغنى يقول يا رب أغننا وأن يجلس ولا يعمل بدون أن أتحرك ولا يبذل أي سبب أنت الرزاق ألم تقل يا رب (إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58] يا رب ارزقني وأنا جالس هذا ما يمكن أبدا هذا ما يمكن، لابد من الحركة كما قال الله عز وجل (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ﴿٤٠﴾ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ) [النجم] و يقول جل وعلا (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ) ففي سعي في حركة للحياة لابد في سعى نعود للمشهد العظيم هنا لما جمع السحرة واجتمعوا لميقات يوم معلوم قالو بعزة فرعون لما نظروا ماذا فعل الله تبارك وتعالى بهذا الذي آتوا به فهذا موسى أوجس في نفسه خيفة قلنا لا تخف انك أنت الأعلى ليه؟ لأنه قال كلا إن معي ربى سيهدين كما قالت الأخت الكريمة لما قالو أصحابه إنا لمدركون قال كلا يهدين، نفس هذا المشهد العظيم لما قال الله عز وجل (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ) [الأعلى:68] هنا قال ألقوا ما أنتم ملقون فألقو حبالهم وعصيهم فيخيل إليه صلى الله عليه وسلم أنها تسعى يخيل إليه تسعى. هنا موسى عليه السلام أمره الله عز وجل بإلقاء العصا بتوكل و يقين وإيمان يملأ قلبه عليه السلام فلما ألقى العصا - فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين- الله أكبر فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين فألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون هؤلاء الآن الذين خروا لله سجدا مؤمنين كانوا قبل قليل كفارا سحرة وبعد يسير من الوقت أصبحوا مؤمنين أتقياء برره سبحان الله الكريم سبحان الله العظيم سبحان من يقلب القلوب سبحان من يقلب القلوب بين لحظه وأخرى يغير الله من حال إلى حال، غير الله حال هؤلاء من الكفر إلى الإيمان. انظرن بعد ذلك قال آمنتم له أو في آيه أخرى : (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) [الشعراء: 49] انظرن دعوات التافهين والخالين من كل علم و من كل فهم ومن كل وعى و من كل عقل انظر دعوه فاسدة دعوه باطله ليس عليها برهان ولا دليل سبحان الله (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) والله عجب، عجب تجمع السحرة تتحدى بهم ثم تقول (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) انظرن الإيمان و اليقين (قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴿٥٠﴾ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) الله اكبر ماذا قالوا؟ قالوا: (فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٧٢﴾ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّـهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) والله خير وأبقى هذا يا بنياتي الذي نحتاج إليه في هذا الوقت في الوقت الحساس الذي تعيشه الأمة وفى الوقت العصيب الذي تعيشه الأمة والتحديات الكبيرة التي تمر بنا ذكورا وإناثا صغارا وكبارا دولا ومجتمعات نحن نواجه طوفان من التحديات طبعا والباطل يدخل إلى بيوتنا ويغزوا حياتنا دون رغبة منا لكن ماذا نفعل وليس لنا من يعصمنا من كل ذلك إلا أن نجعل حاجتنا بين يدي الله وأن نركن إلى العزيز الحكيم ونبذل غاية الأسباب في سبيل الحفاظ على عقيدتنا و على هويتنا وعلى أخلاقنا ونعيش بعزة الإسلام ونعتز بالإسلام ونحافظ على الإسلام وأن تكون لنا دعوه ليس بألسنتنا ولا بأفواهنا دعوه بأخلاقنا نحن نحتاج أن نكون دعاة في كل مكان بين وسط أهلينا في وسط المجتمع الصغير الذي نعيش فيه حيثما انتقلنا في أي مكان من دول العالم يجب أن تكون الرسالة التي نبعثها للناس جميعا رسالة أخلاقية يتمثل الإسلام في أخلاق في سلوك في عطف في محبه في رحمه في شفقه على الناس أجمعين إذا كنا دعاة سبحان الله العظيم الحمد لله رب العالمين. كما قلتي بنيتي العلم هم الذي صنعوه من التخيل و التصوير و التمويه على الناس يعلمون أنها بالعلم بالسحر، أنّ هذا سحر لكن لما رأوا الحية حقيقة تلقف و تأكل كل ما صنعوه من السحر أيقنوا أن العصا التي تحولت إلى حيه حقيقية ليست من صنع موسى من رب موسى الذي دعا إلى عبادته فامنوا بهذا الخالق العظيم إلا أنهم رأوا الآية فهؤلاء عندهم علم فالعلم والعقل قادهم تلقائيا أن يؤمنوا أن موسى صادق وأن الله قد بعثه بالصدق ويحمل الآيات الدالة على صدقه وينبغي علينا نحن العقلاء أن نؤمن به حتى نفوز بما وعدنا به رب موسى وهذا هو المطلوب أن الإنسان يوظف عقله ولهذا يا بنياتي لما الله عز و جل يقول يجب علينا أن ننظر إلى السماء والأرض يجب علينا أن ننظر في خلقنا ليه؟؟؟ حتى نزداد بهذا العلم يقينا بالنظر يقينا وإيمانا فيكون الإيمان في قلوبنا قويا متوهجا يحمينا كما قلت من هذا الطوفان العظيم الذي يجتاح مجتمعات المسلمين. جميل جدا يا بنياتي أن نتزود بالعلم النافع وأن نحرص على العلم النافع وأن يكون لنا دائما وأبدا تفكر وتدبر في آيات الله الشرعية وآيات الله الكونية على الدوام على الدوام بالليل و النهار لا يمكن أن تمر عليك ، بنيتي أختي الكريمة آية أو عبره أوعظه أو صورة من صور الحياة سواء كانت ماديه بشقها المادي وشقها المعنوي إلا وتنظرين فيها نظرة تفكر ونظر و تدبر يعنى في عاقبة الأمر أنظري فيها والله ستجدين فيها من دلائل القدري وعجائب التكوين وعجائب التقدير ما يجعل الإنسان يخر لله ساجدا على نعمة الإسلام ونعمة الإيمان الحمد لله رب العالمين. إذا يا بنياتي الآن في قول الله (ولقد آتينا ) وكذلك في ملمح بياني جميل في كلمة ولقد آتينا لما استقرت كلام الله جل و علا في مواطن كثيرة في كتابه الكريم وجدت أن كلمة الإيتاء والإعطاء ، الإيتاء تكون في مواطن الخير و الرحمة والبركة مصحوبة بفضل الله وعطائه وبرحمته للمؤمنين خاصة فتأملنا واقرأن، وأنت تقرئين القرآن تأملنا هذه اللفتة البيانية. الإيتاء كلمة الإيتاء أو فعل الإيتاء دائما مصحوب بالفضل والرحمة ويكون لخاص المؤمنين غالبا، بينما الإعطاء يكون له ولغيره وإذا ذكر لفظ الإعطاء أو فعل الإعطاء يكون خاصا مقيدا بعطاء خاص كما قال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ) فسبحان الله في لفظ العطاء كما قلت يكون له ولغيره وإذا كان للمؤمنين أو للرسل يكون مقيدا ولسوف يعطيك انظرن يعطيك ماذا ؟ فترضى عطاء مع الرضا عطاء عظيم كذلك يظهر والله اعلم لفظ الإعطاء يكون فيه كَلَفه يعنى الإنسان لما يعطي شيئا بكلفه يجاهد نفسه معه .قال الله عز وجل (حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة:29] يكون فيه كلفه بعكس الإيتاء (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون:60] (وأتوا الزكاة) يعطونها عن رضا نفس وطواعية ودون كلفه هؤلاء الذين يؤتون بغض يعنى عن كلفه وعن جهد مجبول على الشح. فتأملنا هذه المعاني كثيرا وانتن تقرأن القرآن فستجدن خيرا كثيرا فيه إذا في هذا المثل العظيم الذي ضربه الله عز وجل لنا بعد أن عدد لنا نعمه جل وعلا وذكّرنا بها قال جل وعلا وحذرنا بعاقبة أعمالنا كما قال ( ثم إلى ربكم ترجعون) سيحاسبنا على القليل والكثير والنقير والقطمير، ستحاسبوا كما قال الله تبارك وتعالى قال : (ولقد آتينا بنى إسرائيل) وذكرنا ببعض نعمه على عباده في آية لنا نحن فتذكر النعم ولذلك هذه النعم الست التي عددها الله لنا نحن نتقلب فيها اليوم ولذلك يجب علينا ذكورا وإناثا أن نحافظ عليها وان نشكر الله سبحانه وتعالى فقد أعطانا الكتاب خير الكتب (حم تنزيل الكتاب) الكتاب يعنى الكامل في الشرف الكامل في الهداية الذي ليس بعده كتاب كامل الأوصاف كامل الكتاب الذي فيه العزة فيه الحكمة فيه الخير كلام الله جل وعلا فأعطى بنى إسرائيل كتاب وأعطانا كتاب لكن أي كتاب القرآن الوحي المبين المهيمن على الكتب السماوية كلها قال (ومهيمنا عليه) الحمد لله رب العالمين. ولذلك أعظم عطاء في الوجود للوجود على الناس جميعا أن أنزل كتابه الكريم للناس ليس هناك عطاء للخلق أفضل من هذا شرّفهم الله بان جعل كلامه بين أيديهم وقرآنه وكلامه صفه من صفاته له صفات الخلود والديمومة يعنى لايأتي عليه ثناء كلام الله جل وعلا صفه من صفاته متصلة بذاته لها صفة الديمومة والخلود والبقاء، فكذلك كلامه جل وعلا الذي أنزله على العباد له صفة الديمومة و الخلود فمن أعظم عطاء من الناس للناس على الناس من الله جل و علا هذا الكتاب الكريم ولذلك يوم القيامة أوقبل يوم القيامة يرفعه الله جل وعلا من الصدور والسطور فلا يبقي منه شيئا تعظيما لكتاب الله جل وعلا فهنيئا للمؤمنات إذا جعل الله القرآن في صدرها إذا جعل الله القرآن في صدرها آيات بينات نحفظها ونراجعها وننظر فيها ليس هناك عطاء من الله أفضل من هذا أبدا، لا جمال ولا زوجه ولا ولد ما في شيئ أبدا يعادل أن يعطى الله العبد القرآن في صدره يقرأه بالليل و النهار وينتفع به ذكرا الله تبارك وتعالى وخضوعا وذلا له يناجى ربه تبارك وتعالى في ظلمات الليل ما هناك شيئ أفضل من هذا أبدا أبدا أبدا فاحفظن ذلك يا بنياتي واشكرن الله تبارك وتعالى عليه (ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب) ولقد آتينا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب القرآن الحكيم والحمد لله رب العالمين. طبعا أعطاهم الكتاب وأعطانا كتاب أي كتاب هذا القران العظيم الحمد لله رب العالمين أعطاهم الله الحكم وأعطانا الحكمة و السنة الطاهرة المطهرة (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء:113] (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب:34] فأعطانا الله تبارك وتعالى كتاب الله عز وجل وأعطانا سنة محمد صلى الله عليه وسلم المعصومة في حفظ الله جل وعلا كما قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9] يدخل في الذكر السنة الطاهرة المطهرة المحفوظة بحفظ الله تبارك وتعالى قد يسر الله حفظها لذلك فقد قال الله تبارك وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في سورة النحل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٤٣﴾ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾) أي إني أوتيت القرآن ومثله معه الحمد لله رب العالمين عندنا النية المطهرة نقرأ فيها ونتدبر فيها ففيها خير عظيم جدا فعندنا الكتاب وعندنا السنة ولذلك قال (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) [النساء:174] ولذلك سبحانه وتعالى قال (فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا) [التغابن:8] فمحمد صلى الله عليه وسلم نور وما جاء به نور كما قال الله جل وعلا : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿١﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) فعلينا أن ننظر إلى كتاب الله عز وجل وننظر في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفى معجزاته عليه السلام ففيها خير كثير فيها النور وفيها البركة وفيها الهدى الحمد لله رب العالمين. ويقول جل وعلا والحمد لله جعلنا أتباع خير الرسل و الأنبياء محمد عليه السلام وأعطانا خيرا مما أعطى بنى إسرائيل ورزقنا كما قلت من الطيبات حدثن ولا حرج انظرن ماذا أعطانا الله من الطيبات حدثن ولا حرج في الطيبات التي أعطانا الله عز وجل سنأتي عليها في الدرس القادم إن شاء الله لنتحدث عن بعض مظاهر الخير والطيب الذي أعطانا الله في أمر الإسلام والحمد لله رب العالمين وقد فضلنا الله سبحانه وتعالى على كل الناس أجمعين فقد قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107] (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سبأ: 28] (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) [آل عمران :110] فالخيرية في كتاب الله باقية فيه إلى قيام الساعة فالحمد لله رب العالمين أسأل الله العظيم أن يجعلني وإياكم جميعا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ينير قلوبنا جميعا بالنور واليقين ويرزقنا العلم والحكمة إنه جواد كريم وصلى الله على نبيه وعلى آله أجمعين. والحمد لله رب العالمين |
29-04-10, 12:06 AM | #22 |
|نتعلم لنعمل|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس السادس لتدبر القرآن اللهم صلي و سلم على محمد و على آله و صحبه أجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا مما علمتنا و زدنا علما. رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهه قولي، اللهم آمين اللهم اجعل خير قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النورواجعلنا هداة مهتدين اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين و الدنيا و الآخرة و نسألك العفو و العافية في أهلنا و مالنا و في أسماعنا وأبصارنا و في قلوبنا اللهم من علينا بالهدي و الإيمان و اهدي قلوبنا و اهدنا و يسرالهدى لنا و اجعلنا جميعا هداة مهتدين اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك مؤمنين موحدين صادقين قانتين انك جواد حكيم. أخواتي الكريمات عودة أخرى إلى روضة من رياض الجنة مع هذه السورة العظيمة سورة الجاثية و كنا قد تحدثنا في دروس سالفة عن بعض الهدايات و العبروالعضات. أخواتي الكريمات و كما وعدناكن بهذا الدرس إن شاء الله تعالى، سأترك المجال لكن جميعا كل واحدة منكن كما اتفقنا سنبدأ إن شاء الله في درس التدبر من الآية اتفقنا عليها فيما أظن الآية الحادي والعشرين على ما أظن الآن نبدأ باسم الله تعالى النظر في الآية الكريمة و لا بأس نعم نذكر مجموعة من القضايا المهمة في رحاب التدبروالنظر والتأمل والتفكر. فالسورة الكريمة نستحضر النية الخالصة لله تبارك و تعالى وأن نقبل على القرآن بقلوب مليئة بالإيمان بحب الله تبارك و تعالى بخشوع و ذلّ وانكسار بين يديه نطلب منه جلّ وعلا، نبدأ على بركة الله قلت نذكر مجموعة من القضايا استحضارالنية والإخلاص لله تبارك وتعالى والجلوس إلى مائدة القرآن بذل وانكسار وطلب من الهو سبحانه وتعالى الفاتحة و الهداية إلى الخير و أن يفتح علينا فتوح العارفين وأن يلهمنا جميعا النور المبين حتى نستضيء به معالم الطريق لله تبارك و تعالى ويملأ الله جلّ قلوبنا نورا وهُدى من هذا الكتاب العظيم. فالسورة كما قلنا مكية وعليه فالقضايا الكبرى التي تتحدث عليها السورة كما قدمتُ آنفًا : * تعرف الناس بالله تبارك و تعالى بأسمائه و صفاته و كماله وآثارأسمائه وصفاته في خلقه سواءً كان كبيرا أو صغيرا، بعيدا أو قريبا. * و تحث على الإيمان بالله تبارك وتعالى والصدق والإيمان بالعلم واليقين لا بالإتباع والتقليد. * الأخذ بالإيمان بقوة عن علم ووعي ودراية وإذا المسلم استبصر معالم الطريق، وعرف الحق وعليه أن يتمسك به ولايترك هذا الحق الذي أضاء جوانب نفسه وأن يتمسك به بقوة حتى يلقى الله تبارك و تعالى. *والسورة العظيمة تتحدث أيضا عن حال الفريقين الظالمين المؤمنين الكافرين المحسنين والمسيئين المؤمنين والكافرين؛ أنحاء هؤلاء وهؤلاء في الحياة الدنيا و في الآخرة وأنه لا يمكن أن يستوي حال هؤلاء وهؤلاء وإن استوى الظاهر في الأمر المادي لكنهم حتما وقطعا يختلفون فيما يتعلق بأمر القلوب والأرواح في الحياة الدنيا و هم لا محال سيفترقون وسيختلفون في الآخرة في الجزاء والثواب و العقاب حينما يرجعون إلى الله تبارك و تعالى و عند الله سبحانه و تعالى يُقتّص من الظالم للمظلوم و يقام العدل هناك بين الناس فلا تظلم نفس شيئا فالحمد لله ربّ العالمين. * كذلك من القضايا المهمة في هذه السورة العظيمة أنّ الله تبارك وتعالى يقرر قضية البعث والنشورالتي خاصم وجادل فيها الكفار كثيرا في وقت البعثة وجهاد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة كانت قضايا كبيرة التي جادل فيها الكفار وخاصم فيها الكفار كثيرا قضية البعث و النشور ولذلك السورة تنشغل بهذا الأمرو تُأكد أن النّاس لا محال سيرجعون إلى الله سبحانه و تعالى و أن سيبعث الناس ويحاسبهم على الكبيروالصغير والنقير والقطمير، والله سبحانه و تعالى قد حفظ على الناس جميعا أعمالهم و أحصاها عليهم وسيوفيهم جزاء أعمالهم يوم يرجعون إليه سبحانه و تعالى، هذه القضية كبيرة ومهمة جدا في الموضوع . * كذلك السورة الكريمة تذكر الناس بنعم الله تبارك وتعالى عليهم في الظاهرو الباطن فنعم الله تترى على الناس والله سبحانه وتعالى يذكر الناس على فضله إحسانه على الخلق في أول سورته و في آخرها و كل نفس ستجزى بما عملت ( كل نفس بما كسبت رهينة) كسب الإنسان أو كسب الناس جميعا مرهون بهم، كل إنسان سيلقى جزاء عمله خيرا فخيرا أو إن شرا فشر. * وأيضا تميزالجزاء الذين يستكبرون عن ذكر الله وعن طاعة الله وعن آيات الله تبارك و تعالى يرونا و يبصرون ثم لا يتعظون بها ولا يأخذونا الفائدة منها إيمانا و تصديقا و يقينا وعملا لله تبارك و تعالى وهؤلاء خاسرون لا محالة و قد توعدهم الله سبحانه و تعالى بالجزاء العظيم والعذاب المقيم في الحياة الدنيا والآخرة لما قال تعالى : (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا) نبدأ على بركة الله ننظر في الآيات، الآية الحادي والعشرين إلى آخرالسورة كل واحدة من الأخوات تعطينا تنظر في هذه الآية وتعطينا فائدة ثم بعد ذلك نتناقش سويًا في هذه الفوائد، فنمضي على بركة الله طبعا إذا أردتم أن نترك المجال مفتوح للأخوات جميعا، كل أخت كريمة تعطينا فائدة من هذه الآية و لا مانع ممكن أن نقسم الآيات بيننا الآن الأخت أم اليمان ثلاث آيات والأخت عابرة سبيل تأخذ الآيات التي بعدها و هكذا أو آيتين، المهم نسمع الفوائد من كل الأخوات الكريمات و تترك التعليق و المداخلة للجميع. نعم استنكار بين مجترحي السيئات و فاعلي الحسنات سواءً في الحياة أو في الممات.نعم الآن الله جل ّوعلى يقررأمراً على جانب كبير من الأهمية وأنه لا يمكن أن يستوي أهل الحسنات وأهل السيئات من كسب الحسنة و كسب السيئة فهذه قضية كبيرة و مهمة نريد أن نقف عندها فنرى حال الناس اليوم وهم يتفاخرون في الأمورالمادية نجد أنّ الكفار قد وهبهم الله وأعطاهم النعم الكبيرة والعظيمة فهم يتمتعون بمتع الحياة الدنيا الظاهرة فلديهم الأنهاروالأطياروالأشجاروالأموال والزينة في الحياة الدنيا وأهل الإيمان ربما يعيشون في فقروفاقة وعوز وحاجة هذا في الحياة الدنيا و الله تعالى يقول : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) كيف نرد على هؤلاء ؟؟ نسمع الأخوات الكريمات - منزلة يقين في الدين و إن لكل مسلم الهدى والشفاء بقدرالإيمان و اليقين ، نعم هذه فائدة عظيمة ،نعم، نعم - صفتي العدل والحكمة لله تبارك و تعالى، اللهم نعم و هذا أيضا، ماذا أيضا يا أخواتي؟ - تذكير الإنسان بأصل خلقه، و أنه خلق من طين و من ماء مهين من أين أخذت هذه الفائدة؟؟ أي آية؟ نعم. السابعة و الثامنة ؟ أي سابعة و ثامنة؟ نعم. - تقريرعقيدة الجزاء ؟؟ إذا استنبطنا الفائدة نريد أن نربطها بالآية الفائدة مرتبطة بالآية الكريمة نقول آية مثلا الخامسة والعشرون فيها كذا من الفوائد حتى نتدرب و نتعلم كيف يمكن لنا أن نستنبط الفوائد والهدايات من الآية الكريمة لو امسكنا مع الآيات آية آية، حتى لانتفرق في النظريكون أفضل فلنبدأ بالآية الحادية والعشرون أفضل (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ننظر في الآية كلمة كلمة، كما قلنا أن الله جلّ وعلا يبن أنه لا يمكن أبدا أن يستوي أهل الإيمان وأهل الكفر وأهل الحسنات وأهل السيئات لا في الحياة و لا في الممات لو وقفنا عند قوله جلّ و علا: اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ماذا نستفيد من قوله جل و علا :" اجترحوا السيئات" ؟؟ اجترحوا بمعنى اكتسبوا السيئات أو كسبوا السيئات، اقترفوا السيئات، هذا التعبير ماذا نستفيد منه؟ " أم حسب الذين اجترحوا السيئات" يعني كسب الكسب في الجوارح بمعنى أن الكسب مرتبط بالجارحة. نعم هذا صحيح، استعملوا جوارحهم فيما يغضب الله تبارك و تعالى. نعم ماذا أيضا، السرفي استخدام اجترحوا دون اكتسبوا أو كسبوا أو اقترفوا كما قلنا هذا الأمر مرتبط بالجارحة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) هل من آية أخرى في كتاب الله تعضد هذا المعنى؟ معنى الإجتراح و الكسب المربوط بالجارحة؟ نستحضر الآيات الكريمة ; في آية في سورة الأنعام، سورة عظيمة (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ) [الأنعام:60] بنياتي لا بد أن نتواصل سويا بسرعة، نريد آيات تعضد معنى الكسب بالجارحة، قلنا في آية في سورة الأنعام. (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا) الجاثية (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ) الأنعام هنا اجترحوا وهناك جرحتم، سبحان الله الليل وقت النوم والراحة والأمن والنهار وقت العمل والكسب والجد، الكسب والعمل ؛ و لذلك ينبغي أن تعمل الجارحة فيما يرضي الله تبارك و تعالى وتكسب الخير وأخذ الحلال وصاحبها ينبغي أن يحفظ جارحته من أن تقع في الحرام أو أن تتصل بحرام، حفظ الجوارح أمر مهم في الإسلام. ينبغي على المسلم أن يحفظ جوارحه من أن تلج إلى أذًى أو شر أو منكرأو باطل أو فاحشة، والجوارح تتمثل في اللسان وفي البصروفي السمع وفي اليد وفي الرجل، كل هذه الجوارح يجب على الإنسان أن يصونها وأن يحاسب عليها وأن يستعملها في الخير لأن الله تبارك و تعالى سيحاسبه على كسب جارحته ولذلك جلّ الله تبارك و تعالى في آيات كثيرة من كتاب الله عز و جل ينسب العمل إلى ما كسبت أيديكم (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30] فينسب الكسب إلى الأيدي و الكسب يكون من اليد ومن غيرها لكن الغالب عمل الكسب باليد، ويطلق الجزء من الكل، بما كسب الإنسان، نسب الكسب إلى اليد و المراد به صاحبه. فالجارحة مهمة جدا في حياة المسلم، يحتاج المسلم أن يحفظ جوارحه و لذلك النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث:" من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين فخذيه، أو كما قال عليه الصلاة و السلام, أضمن له الجنة". فاللسان من أشد الجوارح أذى للإنسان و ليس هنالك شيء يحتاج إلى طول سجن من اللسان، إذا من أشد الجوارح فتكا بالإنسان اللسان، و لذلك يحتاج الإنسان أن يحفظ لسانه، قل خيرا أواصمت، من أشد ما يؤذي الإنسان وعمله في الآخرة اللسان الإنسان يحتاج إلى حفظ، فالإنسان الذي يحفظ لسانه فلا ينطق إلا بخيرولا يتحدث إلا بمعروف كما قال عز و جل : (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114] (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) إذا السيئات هنا "ال" الجنسية، جنس السيئات، كل ما يطلق عليه سيئة فهو داخل في التحذير (أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) طبعا هذا الأمر يتعلق بحال المؤمنين والمسلمين وحال الكافرين والمشركين ولا يستوي الطائع المستقيم المنيب الذي يعمل الصالحات ويحافظ على العبادات ويتزود بالنوافل، نوافل الطاعات، لا يستوي ومن يقصر في حق الله تبارك وتعالى في الطاعات والعبادات، لا يستوي هذا وهذا. الإستواء ليس فقط بين دائرة الإسلام ودائرة الكفر في الدائرتين بل حتى في دائرة الإسلام في ذاتها، لا يستوي المحسن والمقصروهناك آيات كثيرة تشير إلى مثل هذا المعنى إذا أمكن أن تذكرني أخت بأية كريمة أنّ أهل الإيمان يتفاوتون في أعمالهم التي فيما بينهم في الحياة الدنيا والآخرة، في الدرجات، درجات الدنيا ودرجات الآخرة، نريد ما يدل على هذا المعنى؟؟؟ في سورة فاطر يقول الله عزوجل: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴿٣٢﴾ ) لا يستوي من يتزود بالطاعات والعبادات، بالحسنات والدرجات والفوز والنصرة والتأييد، لذلك الله تبارك وتعالى جعل قاعدة مهمة في ما تقدم من الآيات، قال جل وعلا في الآية 19 من سورة الجاثية : (إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) الإنسان يجب أن يترقى في درجات الله عز وجل حتى يكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فهؤلاء الذين تولوا الله عز و جل ورسوله والمؤمنين وكانوا في كنف الله تعالى ورعايته وحفظه و في عينه، فهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فهؤلاء لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة والله تعالى منهم قريب ولهم ناصرولهم مؤيد ولهم حافظ دائما وأبدا لماذا؟ لأنهم تقربوا إليه بالطاعات والعبادات وأكثروا من التزود من العبادات حتى وصلوا إلى درجة من الإحسان والإيمان، إنهم يستحقوا من الله تعالى النصرة والتأييد والحفظ وإن لم يملكوا شيئا من حطام الدنيا. يقول تعالى : (كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) وكذلك الله تعالى قال (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) الآن أبدينا تقرير أن الله عز وجل هوالخالق للسموات والأرض وأن خلق السموات والأرض متلبس بالحق وأن جزاء كل نفس بما كسبت. ما الوجه الرابط بين المعنيين؟؟ (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) [البقرة:253] الرسل وهم أفضل الخلق والقدوات في حياة البشر يتفاوتون كذلك في الدرجات، فكيف بنا نحن ؟ فعلينا أن نجد حتى نترقى في الطاعات والعبادات لنصل إلى درجة من العبودية تحقق لنا السعادة والأمن وتحقق فينا قول الله عز وجل : ( إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7] الله سبحانه وتعالى منا قريب وناصر ومؤيد وهو راض عنا جل وعلا فينزل علينا الرحمة والرضا والإحسان كما قال جل وعلا : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) [الجاثية :30] طبعا الرحمة هنا الحسنى وأيضا يمكن معنى آخر ومعنى لآخر أن جل وعلا يدخل هؤلاء الذين آمنوا وأخلصوا العبادة لله عز وجل وتزودوا بأنواع الطاعات والعبادات فحق لهم أن يكونوا في كنف الله تعالى و معيته الخاصة كما قال تعالى(ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون) وكما قال تعالى في أكثر من آية على لسان نبيه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأعراف: 151] فأولئك الذين أدخلهم الله عز وجل في رحمته يكون لهم المدد من الله على الدوام، مدد نصرة والتأيد والحفظ على الدوام و لا أدل على ذلك من حال يوسف عليه السلام وقت المحنة وقت الكربة كان الله له ناصرا ومؤيدا جل وعلا وكما قال تعالى (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:23-24 ] يجب علينا نحن أبناء الإسلام ذكورا وإناثا أن نكون من المُخلَصين ونكون من المُخلِصين، هؤلاء هم الذين يكونون في كنف الله جل وعلا و في رحمته وإحسانه فنريد أن نترقى في درجة العبودية لله جل وعلا حتى يدخلنا الله جل وعلا في عباده الصالحين ويدخلنا الله جل وعلا في رحمته وهو أرحم الراحمين، فإذا الله عز وجل أدخلنا في رحمته نلنا الفوز في الحياة الدنيا وفي الآخرة. هنا بنياتي لنا وقفة مع قوله تعالى : (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) ما وجه الربط بين قضية الخلق للسموات والأرض بالحق وبين جزاء كل نفس بما كسبت ؟؟؟ طالبة - محبة الجنة - : تحقيق العدل الشيخ : اللهم نعم وماذا أيضا ؟ طيب لوعدنا إلى آيات كريمة في غير هذه السورة لأن القرآن يفسربعضه بعضا كما قلنا، الله تعالى يقول: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [البقرة:29] الأرض وما فيها خلقها الله عز وجل للإنسان، تكون مزرعة للآخرة خلق الله تعالى السموات والأرض، كل ما في السموات وكل ما في الأرض للإنسان والدليل في السورة نفسها (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) الجاثية: 13 هذا التسخير وهذا الخير وهذا التفضيل وهذا الإحسان والتكريم من الله تبارك وتعالى للإنسان ، من أنزله إلى الأرض وجعل الأرض مستقرا له إلى حين وهيأ له فيها من الأسباب للسعادة، أسباب الرزق وأسباب الفلاح وأسباب النماء وأسباب الظهور وأسباب البناء، وأسباب ما يستحق الله جل وعلا الشكرعليها. هذه الدنيا مزرعة للآخرة والإنسان مكلف وهو يعمل على المنهج الرباني وربما حاد على المنهج ربما ظلم نفسه وظلم غيره وأفسد في الأرض فيقع الفساد ويقع الظلم في الأرض والإنسان مكلف أن يعمر هذه الأرض لطاعة الله تعالى. (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود:61] خلقنا من الأرض وجعلنا في الأرض لنعمرالأرض بطاعة الله عز وجل، فالمسلم مطلوب منه البناء، يبني الأرض وأن يعمرها بالمنهج الرباني القويم فلا ينبغي أن نتوانى بالقيام بهذه الوظيفة. الله عز وجل استخلفنا في الأرض، جعلنا خلفاء في الأرض، هذه الخلافة من لوازمها : أن نقوم بالتكاليف المنهج الرباني على أحسن ما يكون فلا نتخلف على أداء الواجب الذي كلفنا به من عمارة الأرض على المنهج الرباني. الناس في مشارق الأرض ومغاربها وعلى اختلاف نحلهم و أجناسهم وبقاعهم أحوج ما يكون إلى ديننا، أحوج ما يكونون إلى إسلامنا، أحوج ما يكونون إلى أخلاقنا فيجب علينا نخرج الناس من الظلمات إلى النور. وكل دعوة يدعيها ممن ينتسبون إلى الإسلام من أبناء الإسلام أو من غيرهم، قضية التقارب بين الأديان وقضية المساواة بين الأديان خاصة الأديان السماوية على أن هؤلاء مؤمنون وأنهم على الحق وأنهم مثلنا وأنهم أحسنوا في دينهم سيجازون بالجنة هذا الكلام لا يمكن أبدا أن يقبل وهو كلام غير صحيح ومصادم للدقائق التي نفهمها من الكتاب والسنة، ليست هناك هواة بين المسلم وغيره من الملل الأخرى وإن كانت في الأصل سماوية، وإن كانت سماوية ولكنها محرفة ولذلك الله تبارك وتعالى كلما أرسل رسولا وزوده بالآيات والبينات والمعجزات وبالمنهج الشريعة حتى يقوم الناس بهذه الشريعة ويسعدوا بهذه الشريعة، يسعدوا ويسعدوا من حولهم ويقيموا حشدا قويما يسعد بها الناس جميعا فإذا انحرفوا عن المنهج الرباني ولم يقوموا بتكاليف الشريعة على ما ينبغي، على الوجه الذي أمرالله جل وعلا به، فحرفوا وبدلوا إتباعا للهوى ورغبة وطمعا في كسب الحياة الدنيا وزخارفها ليشتروا به ثمنا قليلا، ليحافظوا على المناصب وعلى المكاسب الدنيوية فهؤلاء لا محالة خاسرون فغيروا المنهج وبدلوا وحرفوا وتوفى الله عز وجل رسوله وبعد أمة وبعد زمان وبعد دهور حصل انحراف عن المنهج فالله سبحانه وتعالى أنزل كتابا أخر ليرد الناس للمنهج القويم. كلما ذهبت أمة بعث الله عز وجل في أمة أخرى رسولا آخر يدعوإلى الله سبحانه وتعالى بالحسنى ليردوا الناس إلى المنهج. كل الرسل من نوح عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم دعوا إلى الله تبارك وتعالى،دعوا الناس إلى توحيد الله جل وعلا جاءوا بالإسلام، كل هؤلاء الرسل دينهم الإسلام من نوح عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام، كل هؤلاء مسلمون وأتباع هؤلاء مسلمون فالحمد لله أن سمانا الله بالمسلمين. وعليه لما انحرف اليهود عن المنهج وبدلوا وغيروا بعث الله لهم عيسى عليه السلام، ولما عيسى عليه السلام رفعه الله جل وعلا إليه حصل انحراف في بني إسرائيل، في أتباع عيسى عليه السلام بعث محمد عليه الصلاة والسلام. وما من رسول جاء إلى قومه إلا وبشر بمحمد عليه الصلاة والسلام، بأحمد عليه الصلاة والسلام بشربه نبيا ورسولا للناس أجمعين وأخذ الميثاق والعهد على قومه أنه إذا بُعث عليهم أن يصدقوه وأن يتبعوه وأن ينصروه ولكن هؤلاء حرفوا وبدلوا وغيروا، فهؤلاء الذين بدلوا وغيروا الشريعة فالله تعالى جاء بالشريعة الكاملة التامة المستوفية المستوعبة لكل الأحكام السابقة في الشرائع السابقة، فأنزل الله القرآن كلامه جلّ وعلا مهيمنا على جميع الكتب السابقة. الرسل جميعا متفقون في الثوابت والأسس التي تقوم عليها الحياة في أمور التوحيد والأخلاق وما يصلح شأن الإنسان في الحياة . جميع الرسل متفقون في إقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونهي الفواحش وحفظ النسل وحفظ كليات الخمس كل الرسل جاءوا بأمر الحفاظ عليها ولا خلاف بينهم، الخلاف بينهم في الفرعيات ولكن في الأسس والثوابت متفقون جميعا ومحمد عليه الصلاة والسلام لما جاء بالشريعة المهيمنة الحاكمة بعد ذلك على جميع الأديان والشرائع وجميع النحل، فلا يمكن أبدا أن تعتقد مسلم أو مسلمة بالمساواة بين دين الإسلام وبين الأديان ، هذا لايمكن أبدا في دين الله عزوجل، فقد نسخ الله عزوجل جميع الشرائع السابقة ولم يبقي إلا شريعة واحدة هي دين الإسلام ولذلك يجب علينا أبناء الإسلام أن نقوم بما كلفنا به من نشر دعوة الحق ونشر دين الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ورد الناس إلى الحق الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام. يتبع بإذن الله تعالى |
30-04-10, 05:56 PM | #23 |
|نتعلم لنعمل|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تتــمة الدرس السادس بنياتي، تأملن قوله تعالى: (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) فمن نظر في السموات والأرض نظر عاقل مستبصر، العقل الخالي من الآفات، من القوادح، المتجرد من الهوى ونظر في آيات الله تعالى المنصوبة في الكون والآيات الشرعية المنزلة في كتابه الكريم بتجرد وأخرج من قلبه الأغيار وحصل فيه التخلية قبل التحلية ونظر نظر متجرد كما قلنا من الهوى ودون التقليد والتبعة لقومه أو لجنسه أو لأرضه أو لملته، فهذا لابد أن يهدى إلى الحق كما قال تعالى : (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) فالحق موجود في كل خلق جل وعلا متلبس يالسموات ومن فيها، في الأرض ومن فيها وكل خلق متلبس بالحق، فهو آية ناطقة بأنّ الله موجود وحاكم ومهيمن و قيوم على كل مخلوق. ولذلك لو عدنا لأول السورة بنياتي إعجاز عظيم فينا يقول الله تعالى : (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴿٣﴾ ) لو تأملتن قليلا في الآية الكريمة يقول الله عز وجل (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ) لم يقل (إن في خلق السموات) لو أعدنا بناء الآية فيها إنّ، آيات، سموات، كل مخلوق سواء كان كبيرا أو صغيرا فهو آية متلبسة بالحق دالة على خالقها، كل كبيرو كل صغير في السموات أو في الأرض ناطق بأن الله واحد جلّ وعلا، وهنا يظهر قول الله سبحانه وتعالى (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) تقوم الحجة على الناس إذا نظروا في آيات الله عز وجل. والله تعالى يقول: (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٨﴾) لذلك الله تعالى قال أيضا في الآية العشرين: (هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) نصبه الله في كتابه الكريم ومنه الآيات في الأفاق (هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) هذا في الآية العشرين قبل الآية يظهرالإعجاز العظيم (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) كل ما يجري من الأحداث في هذه الحياة الآن، نرى الكفار يبطشون ويظلمون ويسفكون وما لهم هم رادع فالله سبحانه وتعالى يمهلهم و يمد لهم كما قال تعالى ( إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الأنفال:36] فهؤلاء يملي الله لهم ويمد لهم في طغيانهم وأعمالهم السوء ليزدادوا إثما وليزدادوا إجراما وليزدادوا كسب السيئات حتى يجازون عليها الجزاء الأوفى يوم القيامة، أين؟ في نــار جهنم نسأل الله السلامة والعافية. و لذلك كان لزاما بعد ذلك أن يأتي بعده والناس الآن في الحياة وهو من جنس ما خلق الله عز وجل يكسبون ويعملون ويرتزقون وينتفعون بما خلق الله وسخرفي السموات والأرض ولكنهم مع ظلمهم وإفسادهم لابد أن يجازوا. الذين لم يجازوا على أعمالهم في الحياة الدنيا لابد أن يكون هناك يوم يقام ليجتمع فيه الخصوم جميعا، يجتمع فيه الظلمة والصالحون جميعا، الصالحون كانوا صالحين أو مصلحين لابد أن يجازى هؤلاء، صبروا واحتسبوا وأوذوا وقتلوا في سبيل المبدأ فلا بد أن يجتمعوا جميعاعند الله تبارك وتعالى وتجزى كل نفس بما كسبت. إذا القضية مرهونة لابد من بعث ونشور، حساب وعقاب، خلق الله السموات والأرض بالعدل لابد اليوم الذي يقام، يوم القيامة حتى يقتص حتى من الحيوان، يقتص من بعضها بعض، الله سبحانه وتعالى يقتص من هذا لهذا حتى بين الحيوانات فكيف بالمكلفين فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وأن يدلنا على صراطه المستقيم. إذا بنياتي (وَخَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس:40] بعد ذلك نأتي إلى آية على جانب كبير من الأهمية يقول اليوم تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) يحق لكل مسلم أن يقف عند هذه الآية ويتفكر فيها ويتبصر وينظر في حال الناس اليوم (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ ) النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عظيمة جليلة حذر من اتباع الهوى لذلك قال أهل العلم ما ذكر الهوى في موضع من المواضع إلا قدمه الله جل وعلا ولذلك قال : (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) [الأعراف:176] وكما قال تعالى في سورة الروم ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) الآية 29 (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـه) [[ص :26] اتخذ الهوى إلها له يعني كل شهوة كل ما ينقدح في نفسه من شيء يلهو به أو يلعب أويستلذ ولو كان من طريق غير مشروع جعله إلها يعبده من دون الله تبارك وتعالى، فهو آني ما يلبث أن ينقضي، فالنفع الآني يزول، لامحال يزول ولذلك يغير هذا الإله بتغير اللذة والمتعة المتعلقة بهذا المعبود، مرة يكون في صورة امرأة مرة يكون في صورة حجر أو شجر أو نهرأو مال أو نحو ذلك، فهو متبع لهواه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ) نسأل الله السلامة والعافية و لذلك النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك في أحاديث كثيرة ، في قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي [ إذا رأيت شحا مطاعا و هوى متبع ودنيا مؤثرة واعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ] والله هذا هو الزمن نسأل الله العافية والسلامة نسأل الله أن يعافينا جميعا. بنياتي انظرن إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام [إذا رأيت شحا مطاعا أو هوى متبع ..] الحديث وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن شداد بن أوس [ الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى ] وفي حديث آخر فيه ضعف أخرجه الطبراني في الأوسط، الحديث إن كان فيه ضعف إلا أن معناه صحيح [ المهلكات ثلاث: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع، وهوى متبع ] هناك أبيات في ذم الهوى ذكرها عدد من أهل العلم وهي نفيسة وحسن أن نذكر بها كما قلت قول عبد الله ابن المبارك : ومن البلايا للبلايا علامة أن **** لايرى لك عن هواك نزوع العبد عبد النفس في شهواتها **** والحر يشبع تارة ويجوع ويقول آخر : إذا طالبتك النفس يوما بشهوة **** وكان إليها للخلاف طريق فدعها وخالف ما هويت فإنما **** هواك عدو والخلاف صديق ويقول آخر: نون الهوان من الهوى مسروقة **** فإذا هويت فقد لقيت هوانا إن الهوى لهو الهوان بعينه **** فإذا هويت فقد كسبت هوانا وإذا هويت وقد تعبدك الهوى **** فاخضع لحبك كائنا من كان نسأل الله أن يعافينا من ذلك وأن يجعل قلوبنا متعلقة به وحده سبحانه تعالى وأن يقينا جميعا شرهوانا وشر نفوسنا. نعود بنياتي إلى الآية الكريمة : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) قوله عز وجل : (وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) إما أن يعود الأمرإلى أن الله عالم بحالهم وأنه مستحق للضلالة وأن يكون في الضلال لأن الله خلقه وهو أعلم الناس به جل وعلا يعلم حاله قبل خلقه وبعد خلقه وما سيؤول إليه حال هذا العبد ( وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) لأنه مهما أبصر من الآيات فلن تغني عنه شيئا، ولن تؤثر فيه شيء ولن يستفيد منها كما قال الله عز وجل : (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101] هؤلاء ختم الله على قلوبهم على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، فلا يمكن أن يبصروا الحق، فالله عليم بهؤلاء قبل خلقهم وبعد خلقهم فقد أضلهم الله وهو عالم بحالهم (وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) معنى آخر أن هذا الإنسان أبصر الطريق وأبصر الحق ومع ذلك حاد عنه واستكبر كما هو حال أبي جهل يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان صادقا وأمينا وأنه على الحق لكن الهوى والاستكبار، أخذته العزة بالإثم فأبى أن يقبل الحق استكبارا وطغيانا فهو يعلم يقينا أن محمد عليه الصلاة والسلام على حق. (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) ختم على سمعه فلا يسمع كلام الله ولا يسمع الحق ولا يعتبر ولا يسمع من العبر والعضات التي تنطلق من تنطلق من أفواه الصالحين والخيرين والدعاة وأتباع الرسل المخلصين فهذا يسمع ولكن لا يدخل الكلام إلى قلبه ذلك لأن الكلام لا يتجاوز الأذنين ولا يصل إلى القلب ولا ينتفع به (وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) فالهدى والنور الذي يسمع الآيات والأحاديث والكلام الطيب لا يصل إلى القلب يقف فقط عند حاسة الأذن لكن لايصل إلى القلب، وإن وصل لا يهتدي به ولا ينتفع به لذلك الله عز وجل قال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) التغابن يحتاج الإنسان إلى إيمان وإخلاص حتى القلب يهدى إلى الخير ويستفيد من الكلمات والعضات التي يسمعها، والله عز وجل وضع على بصره غشاوة وإن كان يرى بعين بصيرته، بالعين التي في وجهه لكن هيهات هيهات، هذا النظر الذي لا يقوده إلى أن يرى الحق القائم في كل مخلوق صغير أو كبير فيعلم أن ما أودع الله عز وجل العبر والعضات في هذا المخلوق الواجب أن تهديه وأن تأخذ بيده إلى الخير وأن يؤمن بهذا الخالق العظيم وأنه موجود، وأنه سبحانه وتعالى مستحق لصفات الكمال وأنه مستحق لصفات العزة والكبرياء والعظمة جل وعلا مما يشاهد من الآيات العظيمة في خلقه، وإن يرى الآيات لا يؤمن (وجعلنا على بصره غشاوة ) ويقول تعالى : (فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أفلا تذكرون ) لذلك هذه السورة العظيمة تدعونا لنُعْمِل أبصارنا و عقولنا فيما حولنا ونستدل من خلال ما أودع الله من المعجزات والآيات البينات في خلقه على كماله جل وعلا فيورثنا ذلك الخشية له والحب له جل وعلا والخضوع له جل وعلا في الصغير والكبير على سبيل المثال لا الحصر. والآن سبحانه وتعالى يقول : (اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ) وما في البحر فكل ما في البحر مسخرله (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) [النحل:14] فالأسماك بمختلف أشكالها وألوانها وكذلك ما أودع الله من أسرار في البحار لهذا آيات تستحق النظر والتفكر والتدبر ولذلك المسلم لما يعمل عقله وينظر في المخلوقات العجيبة التي جعلها بألوان وأشكال مختلفة في البحار والمحيطات يزداد خضوعا وذلا وانكسارا لله تبارك وتعالى. وهذا التسخير لله تبارك وتعالى، فالبحر مسخر للإنسان فينبغي له لما يوضع بين يديه الطري الطيب من الأسماك على اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها أن يتذكر نعمة الله تبارك وتعالى عليه ويشكر الله تبارك وتعالى لأنه ساقها الله إليه من غير حول منه ولا قوة ، يأكل منه ويتلذذ فضلا منه تبارك وتعالى فلذلك الله تبارك وتعالى يذكر العباد بهذه النعم ( وهو الذي مرج البحرين يلتقيان) وقال في سورة فاطرالآية 12 : (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فالله سبحانه وتعالى يلفت الأنظار لهذه النعم التي سخرها ويسرها لنا جميعا. ولذلك لما ننظر إلى الفواكه المختلفة الأشكال والألوان والطعوم وتوضع بين أيدينا فنأكل منها، هذا حامض وهذا حلو وهذا بين وبين وهذا أصفر وهذا أحمر وهذا أخضر وهذا أبيض، كل هذا ينبغي للإنسان أن ينظر فيه ويتدبر، من الذي خلقها ؟ من الذي شكلها؟ من الذي أودع فيها هذا الحسن وهذا الجمال وهذه الألوان وهذه الطعوم الجميلة الرائقة من ؟؟ إنه الله جل وعلا لذلك الله تعالى يقول : (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ ﴿٢٤﴾ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴿٢٥﴾ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ﴿٢٦﴾ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴿٢٧﴾ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ﴿٢٨﴾ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴿٢٩﴾ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ﴿٣٠﴾ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴿٣١﴾ مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴿٣٢) [عبس] (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ) دعوة من الله للتدبر والتفكر يجب على الإنسان أن يعمل عقله وذهنه وينظر ويتفكر في كل ما بين يديه من العبر والآيات والعضات في خلق الله جل وعلا تسخيرا وفضلا ونعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده. فصحن الفاكهة إذا وضع بين أيديكن تأملن وتفكرن فيه فانظرن إلى الموز كيف شكله وطعمه وكيف ليونته وكيف حلاوته أو البرتقال أو التمرأو الطماطم وهكذا. والله تعالى ذكر أيضا في سورة فاطر : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا) [فاطر: 26] هنا الله سبحانه وتعالى أن نتفكر في اللون لنأخذ العبرة والعضة من الذي جعل بهذه الألوان الجميلة الزاهية البهية تسرالناظرين وهذه الطعوم الحلوة الجميلة، من ؟؟ إنه الله جل وعلا ولذلك الله تعالى يقول : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70] هذا من فضل الله تبارك وتعالى على عباده ولذلك ينبغي على العبد أن يديم النظر في كل من حوله وعليه أن يتفكر حتى يزداد خضوعا وذلا وانكسارا لله عز وجل فيستفيد من الآية والله تعالى سجل على هؤلاء وبكتهم جل وعلا وذمهم جل وعلا الذين لا يستفيدون ولا ينتفعون مما يرون من الآيات لأن على أبصارهم غشاوة، لذلك على المؤمن إذا أراد أن ينتفع ببصره عليه أن ينظر في كل من حوله كل ما يمرعليه من الأشياء ولكن بسبب الإلف والعادة فهو لا ينظر فيها ولا يتفكر ولكن ينبغي عليه أن يعيد النظر ويتفكر في قدرة الله تعالى في التصوير وفي التكوين وفي الفضل والرحمة منه جل وعلا أن أخرجه طيبا مستساغا حسنا، سائغا للآكلين وللشاربين هنيئا مريئا فالحمد لله رب العالمين. أقف هنا بنياتي وإن كان هناك سؤال أو مداخلة إلى أن نلتقي في الأسبوع القادم إن شاء الله تبارك وتعالى. أترككن في أمان الله وأسأل الله تعالى لكن التوفيق والهداية وأسأله تعالى أن يمتعكن بالصحة و العافية وأن يكتب لكن الأجر والثواب وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين التعديل الأخير تم بواسطة أم ايمان ; 30-04-10 الساعة 06:02 PM |
10-05-10, 12:01 AM | #24 |
|نتعلم لنعمل|
|
بسم الله الرحمن الرحيم تفريغ المجلس السابع :إلى الدقيقة الأربعين أخواتي المستمعات سلام الله عليكن وعلى سائر إخواننا المسلمين كبارا وصغارا والرجال والنساء بالعفو والعافية والصحة والأمن والإيمان إنك جواد كريم يارب العالمين اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق إنك جواد كريم. اللهم ألف قلوبنا على الخير وأصلح قلوبنا إلى سبل السلام واجمع قلوب قادة الإسلام، قادة الأمة في كل مكان على ما تحب وترضى على الكتاب والسنة واجعلهم رحمة على رعياهم وجنب بلادنا وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن ورد كيد أعداء دين الإسلام في نحورهم واكفنا شرورهم وأخرجهم أذلة صاغرين من بلاد الإسلام يا أرحم الراحمين. أخواتي الكريمات أهلا بكن جميعا في هذه الروضة الطيبة المباركة، روضة الإيمان والبركة والخير في أحضان النظر والتدبر في كلام المولى جل وعلا، أسأل الله تبارك وتعالى أن يفتح علي وعليكن من باب فضله وإحسانه . أذكر نفسي وأذكرأخواتي الكريمات بأننا في هذه الدروس المباركة الغرض منها في المقام الأول أن نتزود بزاد الإيمان والقرب من الرحمن ونعيش لحظات سعيدة وآمنة في ظلال كلام الله جل وعلا، نريد أن نجني بركة ثمرة التدبر والنظر في كلام الله تعالى ، نأخذ العبر والعضات والفوائد وإن كررنا مرة ومرة بعد أخرى وإن بقينا مدة طويلة ونحن ننظر في آيات قليلة أو في سورة وذلك لا يضيع بل هو من الأمور التي يحبها الله سبحانه وتعالى ويرضاها، فطول النظر في كلامه الله جل وعلا يورث الخشية والإيمان واليقين والفهم الدقيق ويفتح مغالق القلوب، تستنير به القلوب والعقول والجوارح، العبد في الحقيقة ينتفع غاية النفع بكثرة النظر والتدبر والتأمل في كلام الله تعالى، كلما أطال النظر كلما انفتحت مغالق العلم عليه وجنى خيرا كثيرا عظيما من كلام الله عز وجل وكفى بذلك دليلا قول الله تعالى (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) [الكهف: 109] فكتاب الله جل وعلا وآياته الكثيرة الغزيرة بالعلم النافع، وما نأخذ منها إلا اليسير والقليل فلا مانع أن نعيد النظر مرة بعد أخرى وأن نطيل التدبر ولكن ذلك يحتاج منا إلى الإخلاص والإقبال بشوق ورغبة ورهبة وذل وانكسار لله تعالى في النفوس المباركة. نطلب من الله تبارك وتعالى المدد والعون، فبدون مدد الله تبارك وتعالى وفضله وإحسانه وعطائه لا نستطيع أبدا أن ننتفع بالنظر والتدبر والتفكر. من خلال تأملي للآيات في الأيام الماضية، في الساعات الماضية، في الحقيقة كأني لم أقل شيئا فيها وكأننا لم نتحدث عن شيء من معانيها وكأني لأول مرة أقرأ السورة لكثرة ما أرى فيها من الفوائد العظيمة والجليلة الكبيرة التي لا يأتي عليها العد. بنياتي، على سبيل المثال، لو عدنا في أوائل السورة في قول الله تعالى: (اللَّـهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثية:12 -13] وأنا أتدبر وأتفكر وأتأمل هذه الآيات الكريمة بعد أن حذر الله تعالى من عاقبة من يسد عن آيات الله ولا ينتفع بسماع الذكر و الوحي المبين، الذي يتلى أناء الليل وأطراف النهار ولا ينتفع بالنظر في آيات الله الكونية الذي دل عليه الكتاب والسنة بالوجوب بالنظر فيها والإعتبار بها وفي الحقيقة الله سبحانه وتعالى ذكر بعض فضله وإنعامه على خلقه مذكرا لهم بالأفضال والإنعام، صفات الربوبية على الخلق، فالله الخالق الكريم الرازق المعطي جل وعلا، عطائه لا حد له، فيذكر الله تعالى من جملة فضله وإنعامه خلق البحر. لو تفكرنا وتأملنا سبحان الله لماذا خص الله تبارك وتعالى بالنعم التي في البحر مع أنّ الأرض مليئة بالنعم الكثيرة فلماذا خص البحر على دون سائر آياته الظاهرة والباطنة في اليابسة ؟ البحر يشكل نسبة كبيرة من الأرض ، ثلاثة أرباع مساحة الأرض بحر، والأرض كانت في يوم من الأيام بحرا، الماء يغطي جميع اليابسة ثم بفضل الله سبحانه وتعالى ورحمته أخرج ويسر ومنّ على الخليقة بجزء منها ، من الأرض المغمورة بالماء واليابسة وسخرها وهيأها على أحسن ما يكون لتكون مستقر للإنسان ومزرعة للآخرة ويقام الدين لله تبارك وتعالى وتقام العبودية لله جل وعلا فيها ويصبح الإنسان المكلف منسجما مع سائر مخلوقات الله عز وحل المسبحة الذاكرة العابدة لله تعالى فالحمد لله رب العالمين. فشأن البحر شأن عظيم جدا لو تأملنا معظم الخيرات التي يستمتع بها الإنسان من الزروع والثمار، مصدرها في الحقيقة من الماء ولذلك الله تبارك وتعالى سما هذا الماء من السماء رزقا، في أول السورة قال الله جل وعلا : (مَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) فسبحان الله ما أعظم خلق الله تبارك وتعالى وما أعظم خلق الله تعالى في البحر على وجه الخصوص، فهذا البحر العظيم والمحيطات الكبيرة التي تملأ الدنيا وهذا الماء العظيم الذي لا يأسن يحفظه الله تبارك وتعالى بحفظه ورعايته وجوده ورحمته جعله مالحا، الملوحة تختلف من موقع لأخر لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى ، تجدد في مياه البحار والمحيطات على الدوام، حركة دائمة ، التيارات المائية تنتقل باستمرار من موطن إلى آخر بفضل الله تعالى. كذلك اختلاف كثافة الماء والملوحة من مكان إلى آخر بقدرة الله تعالى، ونجد أن الحركة دائمة في البحر بقدرة الله سبحانه وتعالى. هناك آيات عظيمة جدا موجودة في البحار تحتاج إلى المسلم أن ينظر فيها ويعتبر فيها حتى يزداد خضوعا وذلا لله تعالى ورغبة فيما عند الله جل وعلا. قال الله تعالى (سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ) سخر البحر لكم أيها الناس دون غيركم فضلا منه جل وعلا، فهو سبحانه وتعالى غني جل وعلا وما يعطي للإنسان من خزائنه شيء يسير قليل لايعد شيئا ولا يذكر أمام ما عند الله تعالى من خزائن ملكه من النعم العظيمة الكبيرة ، وما الأرض بالنسبة لهذا الكون الفسيح؟؟؟ وما الأرض بالنسبة للكواكب المحيطة بنا و النجوم المحيطة بنا والمجرات المحيطة بنا ؟؟؟ قطرة في بحر أو حبة رمل في صحراء ومع ذلك هذا الخلق العظيم وهذا الكون العظيم جعل فيه من العبر والعضات والآيات الشيء الكثير يستحق من العبد المؤمن أن ينظر فيه ويتفكر فيه فالإنسان إذا ركب البحر أو ركب النهر يشعر بالخوف والرهبة، ويشعر بعظمة الله تبارك وتعالى، يعني هذا البحر العظيم الماء المخيف الذي يمتد إلى أعماق سحيقة، تصل إلى أكثر من ثلاثة ألاف أو أربعة ألاف الكيلومترات في بعض المواقع، كلها مليئة بالخيرات والنعم العظيمة منها ما علم الإنسان ومنها ما جهله الإنسان. كل هذا مسخر بفضل الله ورحمته لهذا الإنسان، ولولا تسخيرالله سبحانه وتعالى ما شيد مثل هذه المراكب العظيمة الضخمة وما تحركت، فالإبرة تغرق في البحر والسفينة الهائلة الضخمة تحمل ألاف الأطنان من البضائع والخيرات لا تغرق بفضل الله تبارك وتعالى هذه آية، ولكن بسبب تكرار هذه السنة أو هذه النعمة مكرورة ومألوفة، هذا الإنسان لا يشعر بعظمتها، وإلا فهي عظيمة وكبيرة إذا كيف هذه السفن، هذه الفلك الكبيرة العظيمة الهائلة التي تحمل ألاف الأطنان كما قلنا من البضائع والخيرات لاتغرف وتبقى طافية على الماء بقدرة الله تبارك تعالى، هو الذي يمسكها هو الذي يسيرها جل وعلا ولذلك قال (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) تصريف الرياح في الأرض لتكون سببا في حركة هذه السفن والفلك في البحار بقدرة الله تبارك وتعالى وإن تحركت الآن بالطاقة، ولكن في الحقيقة نرجع للأساس إلى هذه الخيرات النازلة من السماء، إلى هذا الماء النازل وإلى هذه الريح التي تصرف هذا السحاب من مكان إلى آخر لولا فضل الله سبحانه وتعالى ثم هذا الماء النازل من السماء وما خرج منه وما ترتب عنه من مخلوقات الله العظيمة ما تكون البترول وما تكون الفحم الحجري الذي هو الآن مصدر للطاقة للإنسان، أصبح يستفيد منها من تسير المراكب في البر والبحر والجو بقدرة الله عز وجل. كل هذا يستوجب على الإنسان أن يتفكر وينظر (الله الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ) لماذا؟ قال (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ويقول تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [الحج :65] ويمسك السفن أن تغرق في البحر بقدرته سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى وهو مودع هذه السنن، سنن الطفو والتجاذب بين الكواكب حتى تكون في حالة اتزان وحركة المد والجزر، حركة متزنة بسبب عوامل الجذب المتزنة القائمة بين القمر والشمس والأرض في معادلة غاية الإعجاز بقدرة الله تعالى. يقول تعالى : (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) انظرن هذه الخيرات والنعم العظيمة التي تنقل لنا وسط المراكب الضخمة العظيمة من الصين والهند والأمريكتين بقدرة الله عز وجل لولا هذا التسخير ولولا هذا الفضل والنعم من الله تبارك وتعالى لتعطلت الحياة بين الناس بعضهم ببعض بفضل الله تبارك وتعالى، هذه نعمة والله سبحانه وتعالى يذكرنا بها ولا يمكن أن تمر علينا بدون تفكر، ليست هي من صنع الإنسان أو اجتهاد الإنسان وبقدرة الإنسان فقط يجري ما يجري في هذا الكون وينتفع الإنسان بالتصنيع والتطور في عالم المادة. كل وسائل التصنيع والتطوير للآلة وفق سنن أودعها الله سبحانه وتعالى في الكون ليكتشفها الإنسان وينتفع بها على إثرها بدأ يصنع هذه الآلات الضخمة والكبيرة ويترتب عليها من المنافع شيء كبير وعظيم. لذلك الله تبارك وتعالى يشير إلى هذه الحقيقة في سورة يس يقول سبحانه وتعالى : (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴿٣٤﴾ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴿٣٥﴾) ، في الحقيقة هو الذي دلهم، في الزراعة والصناعة بفضل الله ورحمته. العطاء من الله والتعليم من الله والخلق من الله والله تعالى يقول : (والله خلقكم وما تعلمون) [الصافات :96] انظرن قوله تعالى (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ) فمرد الفضل في النهاية إلى الله تبارك تعالى، كل هذه الأمور تحتاج من الإنسان أن ينظر ويتفكر ويعلم أن الله تعالى وعد ووعده صدق. قال تعالى في الآية 13 الجاثية : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ) هذه السنن المسخرة ليستفيد منها الإنسان الآن الإنسان يصنع ويطورمن وسائل حياته ما استطاع أن يصل إلى شيء، كل ذلك بفضل الله تبارك وتعالى. وشيء عجيب في هذه الآية الكريمة، عدّ الله تعالى نعمة من نعمه وهي نعمة البحر وما فيها وما عليها وما يترتب على تلك النعمة من الخيرات والنفع على الإنسان وذكره الله تعالى على وجوب أن يشكر الله تعالى على هذه النعم، وهذه النعمة جاء على إثرها إنعام عام كأن عطف العام على الخاص، تسخير عام كالبحر، قال : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ) ثم بدأ بالسموات لأنها أبعد ما تكون من الإنسان فليس للإنسان من سبيل إليها لا ينتفع بما فيها إلا أن يسخرها وأن ييسرالله للإنسان الوصول إليها. فهذا سحاب في السماء فمن يستطيع أن ينزل الماء منه؟ ومن يستطيع أن يسيره كيف يشاء ؟؟ (فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) [النور: 43] فالله سبحانه وتعالى هو الذي يسير السحاب وهو الذي يرفع السحاب، ولذلك له الأمر من قبل ومن بعد فقال (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ) يعني ما في السماء لاسبيل له إلى السماء أبدا كما قال تعالى (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) [الرحمن:33] سبحان الله العظيم ولذلك قال (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ) فهذا البعيد العظيم الشاهق العالي الذي لا سبيل إليه إلا بفضل من الله ورحمة سخره الله تعالى لهذا الإنسان الضعيف الذي يعيش على الأرض. فكل ما في السماوات من كواكب وأفلاك ومجرات وخيرات وسحب وهواء وعناصر مهمة للحياة تحيط بالأرض بغلافها الجوي، والغلاف الجوي والمنافع المترتبة عليه، هذا الحجاب الحامي للأرض بفضل الله تبارك وتعالى كل هذا لا سبيل لإنسان إليه إلا بفضل الله تعالى ورحمته. فقال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) ما : موصولة ،موصولة عامة فكل ما في السموات، ما كان قريبا منا بفضل الوسائل للإ رتقاء كالمراكب ونحوها أو ما كان بعيدا عنا لايمكن الوصول إليه، كله مسخر ولولا تسخير الله ما استطاع الإنسان أن يصل إلى شيء أبدا كعلوم الفضاء وهذا من فضل الله تعالى وأنا أستغرب الآن أن تبنى المحطات الدائمة في الفضاء وتدور في أفلاكها بقدرة الله سبحانه وتعالى وبإمساك الله تعالى تحمل مئات الأطنان وتدور في حركة دائمة كما تدور سائر الأقمار التي خلقه الله جل وعلا بقدرة الله عز وجل و العلماء يحاولون تطويرها ويدرسون حال النبات والكائنات فيبعثونها إلى الفضاء ويدرسون حالها وأثر اختلاف الجاذبية ونحو ذلك في الفضاء ويروا أثر ذلك عليها حتى يطوروا حياة الإنسان على الأرض ويحموا الإنسان الكثير من الأمراض والفيروسات إلى آخره. كل هذا فتح من الله ، فضل من الله ونوع من التسخير فقال الله تعالى (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) هذا هو التسخير وإن كان الإنسان يبذل المليارات فإنه نوع من التسخير، ولولا التسخير ما استطاع الإنسان أن يصنع هذه الآلات الضخمة التي تسير إلى المريخ ويضع قدمه على المريخ ويدرس المريخ وما فيه، هذا كله من فضل الله تبارك وتعالى رحمته وإحسانه. مثلا الآن المنظار الذي ينقل لنا ويصور لنا من أعماق الفضاء البعيد ويدرس العلماء هذه الصور ويكتشفون عظمة الخلق، كل ذلك من تسخيرالله تعالى ليقيم الحجة على الناس أنه الله الواحد الخالق القادر المستحق جل وعلا للإجلال والإعظام والعبادة والذل والانكسار. ولذلك قال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) إذا كانت الأعيان الصغيرة والكبيرة الظاهرة والباطنة، جميع هذه الأعيان مسخرة للإنسان إذا هي تحت ملك الله تبارك وتعالى وهو سبحانه وتعالى قيوم عليها، وهي محتاجة إلى خالقها وهي مسيرة بقدرة الله تعالى وهي ومسخرة لهذا الإنسان فإذا لماذا يخاف منها وهي مسخرة له وتحت قدرة الله عز وجل فهي في الحقيقة ستكون له ومعه ما دام لله سبحانه وتعالى، وإذا أسلم وجهه لله تعالى وأخلص العبودية لله تعالى كانت جميع هذه المخلوقات صغيرها وكبيرها كانت كما أمر الله خادمة له . ولذلك لا ينبغي للعبد إذا استسلم لله أن يخضع لشيء من خلق الله تعالى كبر أو صغر لماذا ؟ لأن الله تعالى يريدك لنفسه. هذا الكون الكل بأعيانه الصغيرة والكبيرة مسخرة خادمة لك أيها الإنسان، كيف تكون خادما لها؟ كيف يكون المخدوم خادما للخادم؟؟ لا يمكن. فالله جعل هذه الكائنات العظيمة والمخلوقات الصغيرة والكبيرة ، في السماء والأرض، في الأرض وفوق الأرض مسخرة للإنسان فلا ينبغي أن يخضع لها ولا أن يعبدها وأن لا يتخذها إلها من دون الله أولا ناصرا أو مؤيدا أو حافظا أو أن يطلب منها نصرا أو فتحا أو عطاء أو بركة أو رزقا لأنها له، مخلوقة له مسخرة له بل حتى سائر الناس الذين هم من جنسه هم في الحقيقة لن يغنوا عنه له من الله شيئا، هم خدم في الحقيقة لله تبارك وتعالى وهم بقدرة الله تعالى وبقدرة الله وقوته مقهورون إرغاما لأن يكونوا عبيدا لله تبارك وتعالى لا يخرجون بشيء من أمرالله تعالى فهؤلاء جميعا إن كانوا عبيدا لله تعالى كانوا معه وكانوا خدما له سبحانه و تعالى، استخدمهم الله تعالى في نصرة عبده وفي قضاء حوائجه لأنه لجأ إليه جل وعلا فقضى حاجته على يد أخيه الإنسان، سواء كان مسلما أو غير مسلما. فلذلك من المعاني العظيمة من هذه الآية لما قال الله عز وجل (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) وقال (جميـــعا) الأعيان المشاهدة ، الجبال والأنهار والبحار و الأشجار والطيوروالحيوانات و الإنسان، المتحرك والجامد والظاهر، المرئي المشاهد المادي للإنسان وسائرما حوله من الكائنات والخفي من الجان، كل هؤلاء تحت قدرة الله وتحت يد الله جل وعلا يسخرهم لهذا العبد، وهم يخدمون هذا العبد. قال (جميـــعا منه) : دليل واضح على أن الله يريدك لنفسه، خلقك الله حرا فلا ينبغي أن تكون عبدا لغيره فلذلك هذه الآية تحرم على الإنسان أن يكون عبدا لشيء من المخلوقات صغيرا كان أو كبيرا ملكا أو مملوكا، لا ينبغي أن يكون ذليلا أو خاضعا أو يطأطأ برأسه لأحد من الخلق مهما كان، لا يكون الإنسان ذليلا أو منكسرا إلا لله وحده جل وعلا ، إذا الله تعالى يحرر الإنسان أن يكون عبدا لشهوته أو لهواه أو لشياطين الجن أو الإنس أو الصغار أو الكبارأو أصحاب الرئاسة والأموال فالله يريد من الإنسان أن يكون له جل وعلا. فإذا كان الإنسان لله وحده جل وعلا وأسلم وجهه لله تعالى كملت عبوديته لله تعالى وصار أعز الخلق وأرفع الخلق وأعظم الخلق لله تعالى فسخر الله تعالى له كما قال جميع الخلق ، الصغير والكبير لا إله إلا الله بل إن الكبير والصغير مخلوقات الله يحبه ويألفه ويشتاق إليه ويحزن لفراقه ويبكي عليه، قال تعالى : (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان : 26] سبحان الله فسخر لكم أيها الناس ما في الأرض وما في الأرض جميعا منه لماذا؟؟؟؟ لتشكروه على هذه النعم ومن أعظم وسائل الشكر لله تعالى أن يستسلم العبد لله جل وعلا وحده، أن يوحد الله عز وجل أولا، وأن يخلص العبودية لله تبارك وتعالى. فلا يذل ولا ينكسر ولا يسأل أحد من الخلق أبدا، لا يسأل إلا الله تبارك وتعالى صلى الله على الحبيب محمد القدوة عليه الصلاة والسلام، ما كان يسأل أحدا من الخلق، لايسأل إلا ربه ولا يلجأ إلا لربه جل وعلا ولا يكون إلا مع الله سبحانه وتعالى في السراء والضراء فهو القدوة عليه الصلاة والسلام، وكان يعلمهم ويحثهم على ذلك أن يستغنوا بما عند الله عما في أيدي الناس، فمن استغنى بما في أيدي الناس واستغنى بما عند الله جعله الله تعالى وجعله زاهدا في الدنيا وراغبا في الآخرة ورضي بالقليل وكان أسعد الناس بطاعة الله تبارك وتعالى. (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) إذا إشارة منه سبحانه وتعالى إلى قضية التسخير وكل الأعيان وكل المخلوقات ما نراه وما لانراه ما نبصره وما لا نبصره بما أقسم الله تعالى به كما في سورة الحاقة (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ﴿٣٨﴾ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴿٣٩﴾) كل هذا الذي نبصره ولا نبصره هو في الحقيقة مسخر لك أيها الإنسان ، لكن هذا التسخير ينتفع منه الكافر والمسلم، لكن الانتفاع الحقيقي الجالب للسعادة والجالب للرفعة والجالب للعزة والأنفة الحقيقية لا تكون إلا للمؤمن، فهذا العبد الذي استغنى عن الله تعالى باعتماده على السنن وعلى المادة، هو في الحقيقة عبدا لشهوته وعبدا للدينار وللدرهم وعبدا للسلطان وعبدا للكرسي والجاه فهذا استعبدته الشهوة واستعبده الملك والشهرة، وربما انتكس ونسي خالقه، ربما ألحد ونسي أن الله موجود وأن الله خالق الوجود جل وعلا. انظرن إلى غاية ما وصل إليه الإنسان إلى غاية الذل لما عبدا لغير الله تعالى والحمد لله الذي حررنا بأن نكون عبيدا لله جل وعلا والحمد لله الذي حررنا وكنا أعزاء بهذا الدين العظيم والإسلام القوي. (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١٣﴾) هذا ملمح من الملامح المهمة التي ترفع درجة الإيمان عند العبد ومن أجل أن يعتز ويسمو بفضل العبودية لله تبارك وتعالى وبالاستغناء عن الخلق. لذلك إذا شعر العبد المؤمن أن الله سخر ما في السموات والأرض لي أنا، وقد خلق ما في السموات والأرض لي أنا لماذا؟ لأنتفع بهذا الخلق وأسأل الله تعالى أن يعطيني بركة هذا الخلق وأن أنتفع بهذا الخلق الذي سخره الله تعالى لي ، وإن منع عني الله تعالى شيء من فضله ومنه وإحسانه فلحكمة، وإن أعطاني شيئا من عطائه فلحكمة، فأشكر الله تعالى على هذين الحالين، فإن أعطاني رضيت وشكرت وإن منعني رضيت وشكرت لأن الله تعالى أعلم كما قال : ( وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [يوسف:21] ولذلك وجدنا في قصة يوسف عليه السلام وهوأيضا من النماذج الحية، القدوة في تاريخ الإنسان، الإنسان الكريم الذي يعتز بشرف العبودية الله تبارك وتعالى. وجدنا هذا العبد المؤمن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، شرف العبودية رفعه وجعله عزيزا، مستكبرا على شهوته ما استسلم لشهوته لماذا؟ لأنه عزيز بعبوديته لله تبارك وتعالى ما كان ينسى فضل الله عليه عز وجل، طفلا صغيرا ولا في مرحلة الشباب أبدا، ولا في غاية العهد لله تبارك وتعالى، لما كان مستغنيا عن الخلق وكان في تمام الذل لله تبارك وتعالى، وكما قال تعالى : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) انظرن (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) الله أكبر، ظهرت عليه علامات الخلق النبيل وكرم الأخلاق وطيب المعشر ولين الكلمة وحسن السمت وكل هذا السبب لشرف العبودية لله تبارك وتعالى . انظرن هؤلاء أحبوه وألفوه وأقبلوا عليه، لماذا ؟؟؟ لأنه كان متلبسا بشرف العبودية لله تبارك وتعالى أوتي الحق واستسلم لله تبارك وتعالى ، انظرن ماذا قال ؟ قال (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) اتبعت ملة إبراهيم، التوحيد الخالص، ذكر التوحيد الخالص ذكر (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٣٩﴾ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) أكثر الناس لا يعلمون أكثر الناس لا يؤمنون أكثر الناس لا يشكرون... لا إله إلا الله ، التوحيد، كمال الذل لله تبارك وتعالى هذا العبد الذي أخلص لله العبودية وتلبس لباس التوحيد الخالص، في طفولته وفي شبابه وظل على العهد والوعد، استعلى، استكبر على شهوته، الشهوة لم تذله أبدا، لما همت به امرأة العزيز قال : معاذ الله كما قال تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الله أكبر ولما غرر به وأدخل السجن قال : (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) انظرن كيف الإنسان يضع حاجته بين يدي الله عز وجل، ولا يستغني عن خالقه في كل أحواله حتى إذا كان في درجة عالية من العبودية لله جل وعلا ولا يستغني عن الله أبدا طرفة عين، دائما يحتاج إلى المدد من الله عز وجل في حالة السراء والضراء، في حالة المحنة وحالة المنحة، محتاج إلى فضل الله ورحمته ولذلك نجد أن سليمان عليه السلام في وقت المنحة وقت العطاء لم ينسى خالقه لماذا ؟؟ لأن كمال الذل والعبودية لله جل وعلا، كمال الاستسلام لله تعالى فلما شغله بعض ماله عن ذكر ربه تعالى قال : تعالى في سورة ص : (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿٣٢﴾ رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) هذا الخير الذي شغله عن ذكر الله، قام بتقطعيها رغبة ورهبة فيما عند الله تبارك وتعالى، كمال الذل وكمال الخضوع لله تبارك وتعالى ولذلك في أوج العزة وفي أوج الأنفة وفي أوج الملك، لم ينسى سليمان عليه السلام خـــالقه. ولما مر بواد النمل، قالت نملة : (حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) ماذا قال : (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) سبحان الله الإنسان في وقت المنحة لا ينسى خالقه ويتذكر فضل الله عز وجل عليه، ويكون في تمام الذل والانكسار في حالة السراء وحالة الضراء. موقف آخر من المواقف الجليلة العظيمة التي ينبغي للمسلم دائما أن يتذكرها وأن يستحضرها بين عينيه أن الله تبارك وتعالى ما وقف عبد في محراب العبودية له فسأله بإخلاص نية وإقبال قلب فرد يديه صفرا، أبدا ، لابد أن يعطيه لابد أن يمنحه جل وعلا، وإن أخرعنه المنحة ولكن الله سبحانه و تعالى أعلم متى يضع النعمة في يد عبده، يمنعها عنه لحكمة ويضعها عليه لحكمة ويؤخر عنه لحكمة، و لذلك قال تعالى في سورة يوسف : (وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) كل هذه المواقف الحية، الغنية بالعبرة والعضة ينبغي على المسلم أن يستفيد منها وأن يتذكرها وأن يعيش معها لحظات خشوع ولحظات بكاء ولحظات انكسار لله سبحانه وتعالى فسبحان العظيم، سبحان الكريم. هنا بنياتي ينبغي على المسلمة وعلى المؤمنة دائما وأبدا أن تتذكر فضل الله جل وعلا وإحسانه على خلقه. وفي ضلال هذه الآية الكريمة أيضا فيما جاء بعدها، يقول جل وعلا : (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا) قل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين آمنوا بقلوبهم ، وصدقوا بقلوبهم، صدقوا بعمل جوارحهم، صدقوا بإيمانهم وصدقوا بأعمالهم الصالحة ( لِّلَّذِينَ آمَنُوا) : الذين استسلموا لله ولم يستسلموا لغيره، هؤلاء لأن عندهم عزة الإيمان يترفعون عن الصغائر وعن النقائص وأن ينزلوا إلى مستوى أصحاب الأحقان والحززات وأصحاب الأضغان وأصحاب الانتقام، يستعلون بفضل الله ورحمته على شهوات نفوسهم، وعلى أن ينتقموا من أعدائهم، فيترفعوا ويعلموا ما دام ما في السموات والأرض مسخر لهم فلماذا أشقى وأتعب من عبد ذليل مسخر أصلا بقدرة الله جل وعلا في الخلق ومن الخلق في الكون مسخر إما لي أو لغيري، هذا الإنسان الذي أساء لي و أذاني و الله جل وعلا قادر أن ينتقم منه ويأخذ حقي منه، والله سبحانه وتعالى مكنه من أن يؤذيني أو يتعدى على حق من حقوقي أو أن يتسبب في الأذى لي، هذا الله سبحانه وتعالى قادر على أن يمنعه، والله سبحانه وتعالى لم يحل بينه و بين أن يفعل ما فعل يختبر إيماني، يختبر قدرتي على الصبر ولذلك قال الله عز وجل عن هؤلاء، انظرن بنياتي كيف الله تعالى يعلمنا و يهذب أخلاقنا بالقرآن لما ذكر الجنة قال : (أعدت للمتقين ) وذكر أوصاف هؤلاء فقال : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران :134] انظرن بنياتي (قل للذين آمنوا) هؤلاء ملكوا حقيقة الإيمان، هؤلاء استغنوا بالإيمان عن الخلق، هؤلاء في كمال الرفعة والعزة، هؤلاء يمرون على الصغائرمرالكرام (وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [المؤمنون: 63] وقوله تعالى معلما له (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة:83] يقولون الحسن ويمرون مر الكرام على الأخطاء وعلى الجراح يبتغون ما عند الله سبحانه وتعالى. (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الجاثية:14] لاتربطنا بهم صلة الإيمان، صلة العقيدة، أعظم الروابط وأفضل المنح من الله جل وعلا من حيث الإيمان بينه وبين المؤمنين، هؤلاء إذا كان الله عز وجل يأمرنا أن نغفر لأولئك الذين لا يرجون أيام الآخرة، الذين كفروا بالدار الآخرة، كفروا بالله جل وعلا، كفروا بآيات الله عز وجل، أمر الله عز وجل أن نسامح أن نغفر فكيف بإخواننا المؤمنين؟ كيف من يشاركونا في العقيدة؟ وكيف من كانوا معنا من أهل القبلة؟ في الحقيقة ينبغي على المؤمن أن يرتفع وأن يستعلي على شهوات نفسه وحظوظها وأن لا تدفعنا النفس الأمارة بالسوء إلى الإنتقام و إلى الإيذاء للخلق، فمن آذاك فاصبرعلى أذاه ودعه لله تبارك وتعالى والله منتقم ولابد أن يأخذ حقك منه إن آجلا أو عاجلا وإن لم ينزل بهذا الظلم أو هذا المؤذي إما بقول أو فعل بالعقوبة في الدنيا فإن الله تبارك وتعالى جعل المرد إليه، قال سبحانه وتعالى في سياق هذه الآية : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) يتبع بإذن الله تبارك وتعالى
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي | مسلمة لله | روضة آداب طلب العلم | 31 | 02-08-16 12:15 PM |
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين | أم خــالد | روضة القرآن وعلومه | 15 | 14-02-10 02:56 AM |
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به | طـريق الشـروق | روضة القرآن وعلومه | 8 | 22-12-07 03:50 PM |