![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1 |
~مشارِكة~
|
![]() الحمد لله الذي خلص عباده العارفين , من فتن الدنيا بالعلم و اليقين , و سلك بهم مسالك الآخرة ليكونوا من الزاهدين , فنالوا بغيتهم و الفوز بالثمين , حينما قطعوا طمعهم من الخلق أجمعين , و الصلاة و السلام على المصطفى الأمين , و على آله و صحبه البررة المهتدين أما بعد فإني أقول مذكرا لنفسي , و لمن كان حاله كحالي , من لم يطع واعظه بقبول ما يكتبه و يخطه بيمينه , و لم يأخذ من تمراث الأخوة ما تنتجه من حب للخير و رغبة لنشره و إيذاعه , و لم ينصاع لبيان الحق إذا كان أبلجا ناصعا بجماله , و يعلم أن لصاحب العلم النبيه منزلة و رفعة على الجاهل السفيه , و لذي التجارب و المحن رأي سديد و فكر رشيد , أما البغاث الصغير فلا يكاد يبصر موقع الحق , و لا يكاد يطير, و من رغب عنه بلا دافع قويم, و لا تبعا لقول لحكيم, فمذهبه ذميم عقيم, و غيه وخيم, و عاقبة أمره جسيم, و عند رب العزة أثيم غير كريم, و كيف لا و هو ناكر للحق خصيم,. و من أطاع الهدى طاب له النعيم المقيم, و أجره غير منقوص عند الحليم الرحيم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (يهرم ابن آدم ، ويبقى معه اثنتان : الحرص و الأمل ) صحيح الجامع 8173 (1) الهرم : كبر السن وضعفه (2) الحرص : الرغبة الشديدة في الشيء والشره إليه في هذا الحديث , وصف دقيق للواقع المشاهد و الحاصل , و الذي يعقله كل من تأمل في حالنا بين يوم و ليلة , فالعمر يمضي و يسير, و الهرم يأتي بضعف البدن و ظهور الشيب و غيره من علامات الكبر, و رغم كل ذلك و أكثر, يزداد الحرص على الدنيا بعنف وشغف كبير, تأكيدا على أن صفات بني الإنسان قوية و شرسة في إرادة الخير أو إرادة نقيضه , فسبحان من خلقها و خيرها و هداها بتبيان طريق الجنة و رضا الرحمن , و طريق النار و شماتة الشيطان قال الإمام بن القيم رحمه الله ( والواقع شاهد لهذا الحديث مع أن الحرص والأمل من القوى الجسمانية والصفات الخيالية ثم أن ضعف البدن لم يوجب ضعف هاتين الصفتين فعلم أنه لا يلزم من اختلال البدن وضعفه ضعف الصفات البدنية ) الروح (1/209) و السؤال و هذه الحال , كيف السبيل لمقارعة هاتين الصفتين, و ردعهما عما تريدان لنا من المهالك الجسام , و الجواب بفصيح اللسان, كن أكيس الناس بذكر هاذم اللذات , في أكثر الأحوال و أغلبها على الدوام , حتى تكتشف لنفسك حال الأجل المحتوم و تَصرفها عن غرور الأمل الموسوم , لكي لا تطيل لك الآمال ما قصر من الآجال, و لا ينسينك عندها ما ينتظرك من موت و نشور, و اعلم أن الأماني كثيرة و الملذات متنوعة وفيرة , و الموت هاذمها و فانيها لا محالة جاء في إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله عن رجل من قريش قال : كتب رجل إلى أخ له : أما بعد , فإن الدنيا حُلم و الآخرة يقظة ! و المتوسط بينهما الموت , و نحن في أضغاث, و السلام . فنعم المكاتبة هي, و نعم النصيحة, فدنيانا كالأحلام تسير, باليقظة كأنها تطير, و الموت كالنوم, و كما نستيقظ نبعث فنحاسب , فيا ترى , كيف يطيب عيشنا و ليس للموت طبيب, أم كيف يطول أملنا, و نحن نرى فقدان الحبيب و الحبيب فيأيها النيام , هل من يقظة و عمل للآخرة , و هل من اغتنام بحي على خير العمل , أم أنه التسويف الملل و التسويل المخل , و هيهات هيهات أن تنال المطالب بالتسويفات بله الأمنيات, و لو عُلم ما بقي لنا من الآجال , لزهدنا في طول ما نرجوه من الآمال , و لكانت عندها رغبة بالزيادة في الخيرات , عامرة بكل الأوقات , و لتحسَّر كل واحد منا على فوات ما فات من اللحظات , و كانت نفسه عندها نادمة على كل ما ضاع و قضي في الملذات و الشهوات , و لكنها الأقدار و الإرادات فطالبون للدنيا و طالبون للآخرة , و صدق الله العظيم إذ يقول : ( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ) و قيل لبعض الزهاد : ما أبلغ العظات ؟ قال : النظر إلى محلة الأموات هذا و لنا من المفارقين عظة و في القبور عبرة و قد وجد على أحد القبور مكتوبا كما قيل : قهرنا من قهرنا , فصرنا للناظرين عبرة . و على آخر من أمل البقاء و قد رأى مصارعنا فهو مغرور و المشهور و المنشور, كَفى بالموتِ واعظاً , فهل من متعظ بهذا القول المنثور قال أبو العتاهية رحمه الله : كَفى حُزناً بِدَفنِكَ ثُمَّ إِنّي نَفَضتُ اتُرابَ قَبرِكَ مِن يَدَيّا وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا و جاء في قصر الأمر للإمام بن أبي الدنيا رحمه الله أن شميط بن عجلان قال : طالت آمالكم ، فجددتم منازلكم من الدنيا ، وطيبتم منها معايشكم ، وتلذذتم فيها بطيب الطعام ، ولين اللباس ، كأنكم للدنيا خلقتم أولا تعلمون أن الموت أمامكم ؟ أولا تعلمون أن ملك الموت موكل بآجالكم ، لا يذهب عنه من المدة شيء ؟ ثم يقول : لا تكونوا رحمكم الله أقل شيء بالموت اكتراثا ، وأعظم شيء عن الموت غفلة ، فما ينتظر الحي إلا الموت ، وما ينتظر المسافر إلا الظعن ؟ و أمتع قول سمعته في هذا المقام قول الإمام ابن الجوزي رحمه الله في التبصرة و جاء فيه : طالت آمالكم بعد أن ذهب الشباب الغض ورأيتم سلب القرناء ولقد أنذر البعض بالبعض ففروا إلى الله من سجن الهوى فقد ضاق طوله والعرض وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض هذا بعض ما تيسر جمعه , للتذكير و العظة , حثا على خير العمل , و ليس للجمع مع الإصرار على البطل فقد قال عليه الصلاة و السلام : ( ويل لجماع القول ! ويل للمصرين ! ) صحيح الجامع 897 قال الإمام الماوردي رحمه الله في تفسير هذا الحديث : يريد الذين يستمعون القول و لا يعملون به . أدب الدنيا و الدين و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين التعديل الأخير تم بواسطة مروة عاشور ; 07-11-09 الساعة 12:17 PM |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() اقتباس:
كلمات قليلة ومعاني كبيرة ، نسال الله ان لا نكون من اهل الغفلة بوركت اختي الحبيبة [blink]ام نسيبة[/blink] ، فوالله اننا لفي حاجة لمثل هذا الكلام النفيس ![]() ![]() ![]() جزاك الله خيرا
|
|
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|طالبة في مستوى متقدم | |
![]()
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ؛مقال رائع |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
~مستجدة~
|
![]()
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله خيراً جعله الله في ميزان حسناتك |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
12-05-2009
الدولة:
حيث رضى والديَّ وربي
المشاركات: 179
![]() |
![]()
رحم الله حالنا ’اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا’
|
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصص مشهورة عن الهجرة لا تصح ! | مروة عاشور | روضة السنة وعلومها | 9 | 05-11-13 06:16 PM |
" خلق الله آدم على صورته " | مسلمة لله | روضة العقيدة | 7 | 26-02-07 02:08 PM |
[Aljame3] أئمة الهدى ( ابن القيّم ) | حفصة | روضة سير الأعلام | 2 | 06-11-06 05:27 AM |