العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة القرآن وعلومه

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-05-07, 07:52 PM   #1
أم إبراهيم
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 05-03-2007
المشاركات: 26
أم إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر

القرآن الكريم نور البصائر، وهداية العقول، وطمأنينة القلوب، وشفاء النفوس، ولكي يحقق القرآن في الأفراد آثاره، ويؤتي في الأمة ثماره، فإنه لابد من أمرين أساسين، حسن الفهم له، وقوة اليقين به .

أولاً: حسن الفهم

قال ابن تيمية :"حاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن " ، والفهم الصائب أساس العمل الصالح، وإذا لم يتحقق حسن الفهم فإنه لا مناص من أمرين : الحيرة والاضطراب وعدم العمل، أو العمل على أساس منحرف أو مختل لا يوصل إلى الغاية المنشودة والنهاية المحمودة.

الطريق إلى حسن الفهم :

لكي نصل إلى حسن الفهم فلنأخذ بهذه الخطوات :

- حسن الصلة : كيف يفهم القرآن من يهجره ولا يقرؤه ؟، وأنّى لمن ترك تلاوته والاستماع إليه أن يفقهه ؟ ومن هنا لا بد من :

* كثرة التلاوة : وهو أمر رباني قال تعالى: { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ } [ النمل:91-92] .

* تجويد التلاوة : بمعرفة الأداء الصحيح بالتلقي والمشافهة لأن النبي صلى اله عليه وسلم قال: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ).

* حسن التلاوة :وفي ذلك قوله تعالى:{ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [ المزمل:4]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ).

* الإنصات للتلاوة: وقد قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأعراف:204].

* التأني في التلاوة: وقد ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه : " لا تهذوا القرآن هذاً كهذّ الشعر، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة " .

* حسن التدبر: والمراد بالتدبر تفهّم المعاني وتدبر المقاصد ليحصل الاتعاظ ويقع العمل، وهو أمر مهم جعله الله مقصداً أساسياً لنـزول القرآن فقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ صّ:29 ] ، ومدح الحق جل وعلا من تدبر وانتفع، فذكر من صفات عباد الرحمن :{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } [ الفرقان:73]، وذم الله عز وجل من ترك التدبر فقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } [ محمد:24]، والتدبر من النصح لكتاب الله الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سياق بيان معنى النصح لكتاب الله عدّ النووي التدبر من ضمنه فقال:" والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله ".

وحسن الصلة معين على التدبر، فهذا ابن كثير يقول في الترتيل :" المطلوب شرعاً إنما هو تحسين الصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه"، والنووي يقول:" الترتيل مستحب للتدبر وغيره"، فمن أدام الصلة بالقرآن تلاوة وتجويداً وتحسيناً تيسر له الانتفاع بالقرآن تدبراً وتفكراً ، قال ابن باز عن قارئ القرآن :" ينبغي له أن لا يتعجل، وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل ...المشروع للمؤمن أن يعتني بالقرآن ويجتهد في إحسان قراءته، وتدبر القرآن والعناية بالمعاني ولا يعجل"، والعكس صحيح فالقراءة السريعة بعيدة كل البعد عن التدبر كما قال القرطبي :" لا يصح التدبر مع الهذّ".

والاستماع الواعي له أعظم الأثر في التدبر والتأثر، وقد كان الفاروق رضي الله عنه يقول لأبي موسى الشعري رضي الله عنه :" يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يسمعون ويبكون ".

وهذا أعظم تأثيراً في القلب كما قال ابن القيم :" فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن والتدبر".

وقد جمع الأمران (حسن الصلة وحسن التدبر) في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .

ثانياً : قوة اليقين :

لابد من الاعتقاد الجازم بكل ما في القرآن من الأخبار والحقائق، وبسلامة وكمال ما فيه من الأحكام والشرائع، وصدق ما فيه من الوعد والوعيد، والتسليم بما فيه من الحِكم والسنن، وذلك كله بيقين راسخ يقتنع به العقل، ويطمئن به القلب في سائر الأماكن والأزمان، وفي كل الظروف والأحوال.

وأبرز ما ينبغي الإيمان واليقين به كبريات الحقائق المتصلة بالقرآن ومنها :

أ- الكمال المطلق :

اليقين بأن ما في القرآن من العقائد والشرائع والأحكام والآداب هو الكمال الذي لا نقص فيه، وهو الذي تتحقق به السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو الذي يلبي الاحتياجات، ويحل المشكلات، ويعالج المستجدات، فالله جل وعلا قال:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً } [ المائدة:3]، وفي كل ميدان ومجال نجد القرآن يقدم الأكمل والأمثل والأفضل : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء:9].

ب- الشمول التام :

فاليقين لا بد أن يكون جازماً بأن القرآن شامل شمولاً عاماً، فهو بالنسبة للفرد يخاطب عقله وروحه وجوارحه، وهو لا يقتصر على العناية بشأن الآخرة دون شأن الدنيا، ولا ينحصر في شعائر العبادة دون تنظيم شؤون المعاملات، وإحكام نظام القضاء والمرافعات، وأسس السياسة وقواعد الاجتماع إلى جميع شؤون الحياة، كما قال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } [ النحل:89]، وقال جل وعلا: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء } [ الأنعام: 38].

ج- السنن الماضية :

واليقين بأن ما في القرآن من السنن الإلهية التي فيها ذكر أسباب القوة والضعف، والنهوض والسقوط ، والصلاح والفساد أنها كما أخبر الله بها لا تتغير ولا نتبدل: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }[ فاطر:43]، وهذه السنن هي المنطلقات الأساسية في معرفة الأحداث وتحليل النتائج كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } [ يونس:81]، وقوله :{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [ الرعد:11].

وإذا وجد حسن الفهم، وقوة اليقين تحققت البداية الصحيحة للانطلاقة الإيجابية لتغيير واقع الأمة وتربية نشئها وصناعة أجيالها .

والمتأمل في عموم أحوال المسلمين يستطيع أن يقول : إن من أعظم أسباب الزيغ في الفكر، والقسوة في القلب، والانحراف في السلوك، وعدم التأثر بالقرآن، لضعف أو انعدام الصلة به، ولعدم أو سوء الفهم له، ولقلة أو ضعف اليقين به، ولقد كان القرآن في حياة الأمة قلبها النابض، ولسانها الناطق، وحُكمها القاطع، ومرجعها الدائم، كان دوّيه يتردد في محاريب المساجد في الصلاة، وعلى صهوات الجياد في الجهاد، وكان حفظه وفهمه والعمل به هو جوهر الإسلام وحقيقته، ومن ثم تعلق به الصحابة حتى قال ابن مسعود:" ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، وفيمن نزلت، ومتى نزلت، وهل نزلت بليل أو نهار أو بسفر أو حضر، ولو كنت أعلمُ أحداً أعلمُ مني بكتاب الله تضرب إليه أكباد الإبل لرحلت إليه"، فها هي الصلة وطيدة بكل شيء متعلق به، أما العلم والعمل فها هو عبد الرحمن السلمي يخبرنا فيقول :" كان الذين يقرؤوننا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون بنا العشر من الآيات حتى نعرف ما فيها من العلم والعمل فتعلمنا العلم والعمل معاً " .

نعم تلك هو جيل القرآن جيل التلقي للتأثر، جيل العلم والعمل، جيل الدعوة والتعليم، والصحوة والدعوة لن يتم لها مرادها ولن تبلغ مقاصدها وهي بعيدة عن منبع الهدى، فهل من صلة دائمة ؟ وهل عودة صادقة ؟ وهل من معرفة واعية ؟ لا مناص من ذلك إن أردنا الخير والفلاح .

د. علي بن عمر بادحدح
أم إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-05-07, 10:44 PM   #2
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي

بوركتِ يا أم إبراهيم ..,

نفع الله بما سطرتي وجزاكِ خيراً .,,



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-05-07, 09:13 AM   #3
بداية مشرقة
جُهدٌ لا يُنسى
Smile

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا يا أم إبراهيم على هذا النقل

اللهم اجعل القرآن شاهد لنا لا علينا


ورد22 ورد22



توقيع بداية مشرقة
اليـوم شــيء وغداً مثله
من نُخب العـلم التي تُلتقط

يحصّــل المرء بها حكـمة
وإنما السـيل اجتماع النُّقط
بداية مشرقة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي مسلمة لله روضة آداب طلب العلم 31 02-08-16 12:15 PM
[بحث] فوائد من فقه الصيام لبنى أحمد فقه الصيام 12 11-12-13 02:23 AM
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به طـريق الشـروق روضة القرآن وعلومه 8 22-12-07 03:50 PM


الساعة الآن 06:03 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .