![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]()
رابعا: من أسباب الوقوع في الابتداع:
1- الخلل في منهج التلقي: أ- قلّة العلم بالشرع المُنزّل، والاعتماد على غيره:ومن صوره: ·الجهل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وترك التفقه فيه: "ثم إن من عجيب الأمر أن هؤلاء المتكلمين المدعين لحقائق الأمور العلمية والدينية المخالفين للسنة والجماعة يحتج كل منهم بما يقع له من حديث موضوع، أو مجمل لا يفهم معناه، وكلّما وجد أثراً فيه إجمال نزّله على رأيه"[1]. "وهؤلاء المبتدعون يجهلون حقائق ما جاء به الرسول ويعرضون عنه، ثم يحكمون بموجب جهلهم أن ليس في ذلك من البراهين من جنس ما في كلامهم، ولو أوتوا العقل والفهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لتبيّنوا أنه الجامع لكل خير"[2]. ·الاعتماد على الحكايات والرؤى والمنامات: "وأضعف هؤلاء احتجاجاً قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات، وأقبلوا وأعرضوا بسببها، فيقولون: رأينا الرجل الصالح فقال لنا: اتركوا كذا، واعملوا كذا، ويتفق مثل هذا كثيراً للمترسمين برسم التصوف، وربما قال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي كذا وأمرني بكذا، فيعمل بها ويترك بها، معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة"[3]. ·الجهل بآثار السلف وأقوالهم: "عامة هؤلاء المختلفين في الكتاب لم يعرفوا القول السديد قول السلف، بل ولا سمعوه ولا وجدوه في كتاب من الكتب التي يتداولونها، لأنهم لا يتداولون الآثار السلفية... ولهذا إنما يذكر أحدهم أقوالاً مبتدعة إما قولين وإما ثلاثة وإما أربعة وإما خمسة، والقول الذي كان عليه السلف ودلّ عليه الكتاب والسنة لا يذكره، لأنه لا يعرفه"[4]. ·الاعتماد في تفسير القرآن على العقل واللغة دون الحديث وآثار السلف: "ولهذا تجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسّرون القرآن برأيهم ومعقولهم وما تأوّلوه من اللغة. ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنة ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم"[5]. ·الأخذ بالأحاديث والآثار المنقولة الواهية والمكذوبة: "وأما أهل الأهواء ونحوهم فيعتمدون على نقلٍ لا يعرف له قائل أصلاً، لا ثقة ولا معتمداً، وأهون شيء عندهم الكذب المختلق، وأعلم من فيهم لا يرجع فيما نقله على عمدة، بل إلى سماعات عن الجاهلين والكذابين، وروايات عن أهل الإفك المبين"[6]. ب- ترك تلقي العلم الشرعي عن العلماء وترك مجالستهم: قال أبو معاذ البلخي خلف بن سليمان: "كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلاً كوفيّ الأصل فصيح اللسان، لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم، كان تكلم كلام المتكلمين وكلّمه السُّمنيّة"[7]. ج- التلقي عن أهل البدع ومخالطتهم والجلوس معهم: يقول الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الأنعام:68]. "وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمّح بمجالسة المبتدعة الذين يحرّفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة... ومن عرف هذه الشريعة المطهّرة حقّ معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلّة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة، فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان، فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه، فيعمل بذلك مدة عمره، ويلقى الله به معتقداً أنه من الحق، وهو ـ والله ـ من أبطل الباطل وأنكر المنكر"[8]. وقال أبو قلابة الجرميّ التابعي: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لُبّس عليهم"[9]. وقال الشيخ موفق الدين ابن قدامة: "كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع والنظر في كتبهم والاستماع لكلامهم"[10]. وقال أبو الوفاء بن عقيل: "وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً"، فعلّق الذهبي قائلاً: "قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجاسر على تأويل النصوص، نسأل الله السلامة"[11]. وعن أبي أميّة اللخمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أشراط الساعة ثلاثاً، واحدتهن أن يلتمس العلم عند الأصاغر))[12]. قال ابن المبارك: "الأصاغر أهل البدع"[13]. |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() 2- الخلل في منهج الاستدلال: أ- عدم التسليم للنصوص الشرعية وعدم الانقياد لها:قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلّتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم). قال أبو بكر بن أبي داود: "أهل الرأي هم أهل البدع"[14]. ومن صور عدم التسليم: ·ردّ الأحاديث التي لا توافق بدعهم وأهواءهم: · بالقدح في رواتها الثقات العدول. · أو بنفي حجية خبر الآحاد. · أو بتحريف الأدلة عن مواضعها وصرفها عن ظواهرها بتأويلات فاسدة[15]. ·اتباع المتشابه من الأدلة وترك المحكم[16]. ·معارضة النصوص الشرعية بالأهواء (الكشف، الذوق، الرأي، المنامات، المصلحة...)[17].ب- الاستدلال ببعض النصوص دون النظر في غيرها: قال وكيع بن الجرّاح: "أهل السنة يروون ما لهم وما عليهم، وأهل البدعة لا يروون إلا ما لهم"[18]. ج- الاحتجاج على صحّة ومشروعية البدعة بالعادة والعُرف: " فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة أو مَنْ قيّدته العامة أو قوم مترئّسون بالجهالة... والاحتجاج بمثل هذه الحجج والجواب عنها معلوم أنه ليس من طريقة أهل العلم، ولكن لكثرة الجهالة قد يستند إلى مثلها خلق كثير من الناس حتى من المنتسبين إلى العلم والدين"[19]. د- الاحتجاج على صحّة ومشروعية البدعة بعمل بعض ذوي العلم والفضل بها: "ومِنْ هنا يغلظ كثير من الناس، فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة أو دعوا دعاء ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء، فيجعلون ذلك دليلاً على استحسان تلك العبادة والدعاء، ويجعلون ذلك العمل سنة كأنه قد فعله نبيّ، وهذا غلط"[20]. هـ- الاحتجاج باختلاف العلماء[21]. و- الاحتجاج بحصول منفعة هذه البدعة بالتجربة[22]. التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 23-06-11 الساعة 02:59 PM |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() 3- الجهل بكلام العرب وأساليبهم في الخطاب: قال الإمام الشافعي: "وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره لأنه لا يعلم مِنْ إيضاح جمل علم الكتاب أحدٌ جَهِل سعة لسان العرب وكثرة وجوهه وجماع معانيه وتفرّقها. ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها"[23].قال الشاطبي: "ومنها تخرّصهم على الكلام في القرآن والسنة العربيين مع العُرُوّ عن علم العربية الذي يفهم به عن الله ورسوله، فيفتاتون على الشريعة بما فهموا ويدينون به ويخالفون الراسخين في العلم، وإنما دخلوا في ذلك من جهة تحسين الظن بأنفسهم واعتقادهم أنه من أهل الاجتهاد والاستنباط، وليسوا كذلك"[24]. 4- اتباع الهوى: قال وكيع بن الجراح: "من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوّي هواه فهو صاحب بدعة"[25].قال البخاري: "يعني أن الإنسان ينبغي أن يلغي رأيه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث ثبت الحديث، ولا يعلل بعلل لا تصح ليقوّي هواه"[26]. "وأصل الضلال اتباع الظن والهوى، كما قال الله تعالى في حق من ذمهم: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ} [النجم:23]"[27]. "وكان السلف يسمّون أهل الآراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في مسائل العلم الخبرية وأهل مسائل الأحكام العملية، يسمونهم أهل الشبهات والأهواء؛ لأن الرأي المخالف للسنة جهلٌ لا علم، وهوى لا دين، فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله"[28]. "الشرع قد دلّ على أن الهوى هو المتبع الأول في البدع، وهو المقصود السابق في حقهم، ولذلك تجدهم يتأوّلون كل دليل خالف هواهم، ويتبعون كل شبهة وافقت أغراضهم". "والأدلة على هذا كثيرة تشير أو تصرّح بأن كل مبتدع إنما يتبع هواه، وإذا اتبع هواه كان مذموماً وآثماً، والأدلة عليه أيضاً كثيرة: كقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ} [القصص:50]. وقوله: {وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ} [ص:26]. وقوله: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ} [الكهف:28]"[29]. 5- الغلو والتعصب: قال الشاطبي: "والثالث من أسباب الخلاف: التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق، وهو اتباع ما كان عليه الآباء والأشياخ وأشباه ذلك، وهو التقليد المذموم، فإن الله ذم ذلك في كتابه، كقوله: {بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:23]"."وهذا الوجه هو الذي مال بأكثر المتأخرين من عوام المبتدعة إذا اتفق أن ينضاف إلى شيخ جاهل أو لم يبلغ مبلغ العلماء، فيراه يعمل عملاً فيظنه عبادة فيقتدي به كائناً ما كان ذلك العمل، موافقاً للشرع أو مخالفاً، ويحتج به على من يرشده، فيقول: كان الشيخ فلان من الأولياء، وكان يفعله وهو أولى أن يقتدى به من علماء أهل الظاهر، فهو في الحقيقة راجع إلى تقليد من حسُن ظنه فيه أخطأ أو أصاب، كالذين قلّدوا آباءهم سواء"[30]. "ومن سالكي طريق الإرادة والعبادة والفقر والتصوّف من يجعل شيخه كذلك، بل قد يجعله كالمعصوم، ولا يتلقى سلوكه إلا عنه، ولا يتلقى عن الرسول سلوكه"[31]. [1] مجموع الفتاوى (4/82-83). [2] درء التعارض (7/381-382). [3] الاعتصام للشاطبي (1/331)، وانظر: مجموع الفتاوى (19/5). [4] مجموع الفتاوى (12/309). [5] مجموع الفتاوى (7/119). [6] مجموع الفتاوى (27/479). وانظر: الاعتصام للشاطبي (1/287-293). [7] شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (2/423). [8] فتح القدير للشوكاني (2/128). [9] أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (1/137)، والدارمي في السنن (1/90)، والآجري في الشريعة (1/435-436) وغيرهم بإسناد صحيح. [10] الآداب الشرعية لابن مفلح (1/251). [11] سير أعلام النبلاء (19/447). [12] أخرجه ابن المبارك في الزهد (61)، والطبراني في الكبير (22/361-362) وغيرهما، وحسّنه الحافظ عبد الغني المقدسي كما في السلسلة الصحيحة (695). [13] ذم الكلام وأهله للهروي (5/76). [14] جامع بيان العلم وفضله (2/1042)، وأثر عمر هذا مروي من وجوهٍ كثيرة يثبت بها. [15] انظر: الاعتصام (1/294-301)، ومجموع الفتاوى (17/415). [16] انظر الإبانة لابن بطة (2/501-الإيمان)، وإعلام الموقعين (2/293-306). [17] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/687)، ودرء التعارض (5/245)، والنبوات (1/420-421). [18] رواه الدارقطني في السنن (1/26)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/18-19). [19] اقتضاء الصراط المستقيم (2/587-588، 585 –586)، وانظر: الحوادث والبدع للطرطوشي (ص69)، والباعث لأبي شامة (ص84). [20] اقتضاء الصراط المستقيم (2/700-701). [21] انظر: مجموع الفتاوى (22/366-367). [22] اقتضاء الصراط المستقيم (2/695-700)، وسنن أبي داود (3883). [23] الرسالة (ص50 فقرة 169). [24] الاعتصام (1/301). [25] رفع اليدين في الصلاة للبخاري (ص105). [26] رفع اليدين في الصلاة (ص105). [27] مجموع الفتاوى (3/384). [28] إغاثة اللهفان (2/170). [29] الاعتصام (1/190-191). [30] الاعتصام (2/688-691). [31] مجموع الفتاوى (19/272-273). |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() خامساً: أخطار البدع على دين المرء[1]: قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُواْ لَهُمْ مّنَ ٱلدّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ} [الشورى:21].1- اتخاذ الشركاء مع الله عز وجل: وقال الشافعي: "من استحسن فقد شرّع"[2]. وقال الشافعي أيضًا: "وإنما الاستحسان تلذُّذ، ولا يقول فيه إلا عالم بالأخبار، عاقل بالتشبه عليها، وإذا كان هذا هكذا كان على العالم أن لا يقول إلا من جهة العلم ـ وجهة العلم الخبر اللازم ـ بالقياس بالدلائل على الصواب، حتى يكون صاحب العلم أبدًا متبعًا خبرًا وطالب الخبر بالقياس، كما يكون متبع البيت بالعيان وطالب قصده بالاستدلال بالأعلام مجتهدًا"[3]. وقال أيضًا: "ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله أن يقول إلا من جهة علمٍ مضى قبله، وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار، وما وصفتُ من القياس عليها"[4]. ويبين هذا الخطر ويوضحه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لآية التوبة: {ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ ٱللَّهِ} [التوبة: 31]، فقد دخل عدي بن حاتم رضي الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية، فقال عدي: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرّم الله فتحلونه؟!)) قال: بلى، قال: ((فتلك عبادتهم))[5]. 2- مخالفة وتكذيب لصريح القرآن: يقول المولى عز وجل: {مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء} [الأنعام: 38]، ويقول: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3].يقول الشوكاني: "فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم، فما هو الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه، إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمُل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه ردٌّ للقرآن، وإن لم يكن من الدين فأي فائدة بالاشتغال بما ليس من الدين؟!"[6]. 3- مخالفة وتكذيب لصريح السنة الصحيحة: قال صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت شيئًا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به))[7].وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه لم يكن نبيٌ قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم))[8]. قال أحمد شاكر: "وهذا معلوم من الدين بالضرورة"[9]. 4- اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة: يؤثر عن الإمام مالك رحمه الله قوله: "من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3][10].وقال تعالى: {يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ} [المائدة: 67]. قالت عائشة رضي الله عنها لمسروق: (ومن حدّثك أن محمدًا كتم شيئًا مما نزل عليه فقد كذب)[11]. 5- عمل المبتدع مردود: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[12]، وفي رواية: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[13].وهذه خسارة ما بعدها خسارة، يقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً (103) ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103، 104]. 6- الهلاك والوعيد للمبتدع: عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إني تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))[14].وقال صلى الله عليه وسلم: ((لكل عمل شرة[15]،ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك))[16]. وقال ابن مسعود رضي الله عنه حين رأى حِلقًا في المسجد، وعلى كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، ثم يقول: هللوا مائة، وسبحوا مائة، فقال رضي الله عنه: (عدّوا سيئاتكم. ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة...)[17]. 7- المبتدع يحمل أوزار من تبعه: يقول تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25]. قال مجاهد: "يحملون وزر من أضلوه، ولا ينقص من إثم المضلّ شيء"[18]. قال ابن كثير: "أي: إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك فيتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم، أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث ((من دعا إلى هدى...)). ثم قال: وقال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْـئَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [العنكبوت:13]. وهكذا روى العوفي عن ابن عباس قال: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} إنها كقوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ}"[19]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيء))[20]. 8- المبتدع يحجب عن الحوض: عن سهل بن سعد وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني فرطكم[21]على الحوض من مرّ علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا، ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقًا لمن غيرّ بعدي))[22].[1] جمع هذه الأخطار الشيخ وجدي غزاوي، وألقاها في خطبة جمعة، قبيل المولد لعام 1422هـ. [2] هذا القول مشهور ومستفيض عن الشافعي رحمه الله بهذا اللفظ، ولم نجده في مصدر ينسبه إلى الشافعي بسند، وجزم الألباني رحمه الله بنسبته إلى الإمام الشافعي. انظر: السلسلة الضعيفة (2/ 19). [3] الرسالة (ص507-508). [4] الرسالة (ص508). [5] أخرجه الطبري في تفسيره (6/114)، والطبراني في المعجم الكبير (17/92)، وأخرجه الترمذي بنحوه في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة التوبة (3095). [6] القول المفيد من الرسائل السلفية (ص38). [7] أخرجه الشافعي في مسنده (1/14)، وفي الأم (7/289، 299)، والبيهقي في سننه (7/76)، وانظر تعليق أحمد شاكر على الرسالة (ص93-103)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/417) [8] أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول (1844) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. [9] تعليقه علىالرسالة للشافعي (ص95). [10] ذكره ابن حزم في الإحكام مسندًا (6/225). [11] صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب: {يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ} (4612)، صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (177). [12] أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (1718). [13] أخرجه البخاري: كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (2697)، ومسلم: كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (1718). [14] أخرجه بهذا اللفظ أحمد (4/126)، وابن ماجه: المقدمة، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (44) وغيرهما، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (937). [15] الشرة: النشاط والرغبة. لسان العرب (4/401) [شرر]. [16] أخرجه أحمد (2/188)، وابن أبي عاصم في السنة (51)، وحسن إسناده الألباني في التعليق على السنة. [17] سنن الدارمي: المقدمة، باب: كراهية أخذ الرأي (1/79). [18] تفسير القرطبي (10/96). [19] تفسير ابن كثير (4/484). [20] أخرجه مسلم: كتاب العلم، باب: من سن سنة حسنة أو سيئة (2674). [21] فرطكم: الفارط والفَرَط ـ بالتحريك ـ: المتقدم إلى الماء، يتقدم الواردة فيهيئ لهم الأرسان والدلاء، ويملأ الحياض ويستقي لهم. لسان العرب (7/366) [فرط]. [22] أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب: في الحوض (6583، 6584). |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مسألة مهمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر | حسناء محمد | كوني داعية | 4 | 07-08-15 10:21 PM |