العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات رياض الجنة (انتهت)

الملاحظات


دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-01-09, 06:03 PM   #1
ام الخطاب
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 25-05-2008
الدولة: الاردن - الرمثا
المشاركات: 174
ام الخطاب is on a distinguished road
افتراضي تلخيص الروائع




بسم الله والصلاة والسلام على افضل المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
أما بعد :
فسلسلة روائع البيان في تفسير القران سلسلة تتحدث عن كيفية فهم القران كما فهمه النبي وصحبه وسلف الامة وكيف استفادوا منه في واقع حياتهم وكيف ساهم في تحقيق عزتهم و نشرهم دين الاسلام حتى فتحوا به بقاع الارض ونصروا دين الله الحق .
وسميت روائع البيان لما يتصف به القران من الروعة والعظمة والقداسة من اوله لاخره حيث كان ولا زال حياة للقلب كما الروح حياة للبدن.

والهدف من هذه السلسلة يتركز في 3 امور:
1)ادراك مفهوم الحياة في القران الكريم
فالقران حين بين أمر هذه الحياة بينها وشرحها وفصلها ولم يجعلها غامضة فذكر انها على 3 مراحل :الحياة الدنيا والحياة الاخرى وبينهما الحياة البرزخية

ومما يوضح هذا ان عدد ذكر الحياة الدنيا في القران هي نفسها عدد ذكر الحياة الآخرة وذلك ليبين للمسلم أن الحياة الدنيا وإن كانت قليلة فانية حقيرة ، إلا أنها أيضا لابد من العناية بها لأنك مكلف فيها ،وامرك ان تقيم فيها وليخبرك أن هذه حياه وهذه حياه .وذكر لك الحياة الآخرة بنفس العدد ليخبرك أيضا أن تلك حياة وهذه حياة واعمل لهذه كما تعمل لتك ، ولكن أقدر لكل قدرها ،
وايضا اكثر من ذكر يوم القيامة جدا اكثر من ذكر الجنة والنار
ووصف الحياة الدنيا بأنها حياة فانية متاع و قليلة زائلة .
و وصف الآخرة بالبقاء والاستقرار والقرار والثبوت والأمدي الدائم ،والخلود.
لماذا؟
لان الدنيا دار عمل ،والآخرة دار جزاء وثواب .
يترتب على هذا :
1- أن أمر الدنيا أمرها يسير ،وأن الآخرة أمرها عظيم .
2- أن الدنيا دار عمل وأنها فانية وليست بدائمة ، والآخرة دار جزاء
أي فاعلم انك لن تعمل وتتعب طويلا قال تعالى "ياقوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وان الاخرة هي دار القرار" وقال نبيه "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء"
وقال "لزوال لدنيا اهون عند الله من قتل رجل مسلم واحد"
اعتز يامسلم انك اغلى عند الله من الدنيا باسرها وهذا عرفناه عند تفهم كتاب الله وسنة رسوله
ومن شكر هذه النعمة الاقبال على كتابه العظيم
2)معرفة كيف نعيش مع القران :
بحيث نكون مصاحف تمشي على الارض ويكون خلقنا القران كما كان النبي عليه الصلاة والسلام وهذا فقط يحتاج الى قلب يقظ
وذلك عن طريق التفكر في ان الله سخر لك المخلوقات لتدرك ربوبية الله والوهيته والتفكر في حال الكفار المحرومين من الانتفاع بجوارحهم والضلال والشقاء والعمى"ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون ولهم اعين لايبصرون بها ولهم اذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون" tان الله خلق الكفار ليكونوا من اهل النار ولكن لم يظلمهم بل هم ظلموا انفسهم
و الاعضاء ما اعطيناها الا لنسخرها في طاعة الله فمن لم يسخرها لذلك كانت وبالا عليه
و الابصار حقيقة هو ابصار حقيقة الدنيا والاخرة اي بالقلب وليس بالجارحة فقط وكذلك السمع
المسلميجب ينظر للدنيا بمنظار القران ليسعد فيها فلا يتاثر بتنعم الكفار لانه ظاهري قصير
فعندما ترى الكافر لاتتحسر على التنعم الذي فيه بل احمد الله ان انعم عليك بالاسلام الذي حرمه
ويتبين ذلك في قصة قارون " َفخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ "
لكن هل يمكن ان نعيش مع القران كالنبي:نعم بدليل ان الصحابة والتابعين والسلف رحمهم الله عاشوا مع القران :وذلك بالاقبال على كتاب الله قال تعالى"اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هاد" فالسبيل للعيش مع القران في تدبر القران والتاثر بوعده ووعيده فتقشعر وتخاف عند ايات الوعيد ويلين جلدك وتطمئن وتفرح بايات الرجاء والوعد.
واعرف ان قضايا القران محصورة لكن تتعدد طرق القاءها وهذا معنى متشابه أي في مواضيعه لكن طرق عرضها تتغير ففي قوله"قل هو الله احد"يقرر التوحيد وفي "قل يا ايها الكافرون" ينفي الشرك وفي "الحمد لله رب العالمين"يقرر توحيد الربوبية وفي تقرير محاسن الاخلاق ياتي تارة باسلوب شديد كقوله تعالى "ارايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم" وتارة باسلوب مختلف كقوله"فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة"
3)الهدف الثالث:ان نبني بيتا في ارض القران
ثلاث لبنات يتشيد بها بيت القران:
اللبنة الأولى لتشييد بيت في أرض القرآن:
العلم وتحصيله بدليل ان اول ما نزل من القران على نبينا محمد هو(اقرا باسم ربك الذي خلق )والقراءة وسيلة العلم وكرر الامر بذلك فهذا اعظم قاعدة في بناء الامة الاسلامية والمراد العلم النافع الذي يكون بالاستعانة باسم الله
اللبنة الثانية :
الدعوة الى الله وذلك بقوله تعالى (ياايها المدثر قم فانذر)ففيها عتاب لطيف للنبي وامته ان هذا ليس خلقكم وهو الراحة بل قوموا وانذروا الناسولا بد قبلا من تطهير النفس والهيئة
اللبنة الثالثة:
العبادة وخاصة قيام الليل فهو الزاد والغذاء قال تعالى (ياايها المزمل قم الليل الا قليلا )
فأمر الله عزّ وجلّ نبيه بقيام الليل في أوائل النبوة قبل الأمر بباقي العبادات لانه زاد الثبات على الدعوة والصبر والتحمل وتسهيل الصعاب .

وننبه الى ان سبب عدم عيش كثير من المسلمين مع القران مع علمهم باهميته وحبهم له هو جهلهم بخطاب القران لمن؟فالقران تارة يخاطب الكفار كل صنف منهم بما يناسبهم وتارة يخاطب المسلمين كل قسم بما يناسبه
وكذلك هنا الخطاب اولا لعامة المسلمين من غير طلاب العلم والذين يحبون فهم القران والتلذذبه
والكلام هنا سيكون على مرحلتين اولا لعامة المسلمين ثم لطلاب العلم حتى يفهموه حق فهمه ويعظموه حق تعظيمه وحتى يفهموا حقيقة قوله تعالى "ووجدك ضالا فهدى"فاذا كان هذا في النبي محمد فكيف بنا
وهناك قواعد خمسة لمن يريد فهم القران والعيش معه وبناء بيت من القران:

1)) القاعدة الأولى لفهم القرآن الكريم :
ان يعلم المؤمن انه حي ومبصر ومهتدي مع القران ميت اعمى ضال دونه ويتضح ذلك بالتامل بحال ميت واخر حي كيف يستجيب ذلك ولا يستجيب هذا بدليل قوله تعالى(وكذلك اوحينا اليك نورا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم)فالقران حياة للقلوب كالروح حياة للابدان

2)) القاعدة الثانية لفهم القرآن الكريم :
ان الاصل في خطاب القران انه موجه للقلب لذا ذكرت كثيرا في القران ووصفت باتها مريضة او عليها ران اوطبع عليها او قاسية وغير ذلك فالقران جاء اصلا لاصلاح القلوب واحياءها ويجب ان يكون حديثك مع القران صادر من القلب بالتفكر الحقيقي الى قلبك باصلاحه قال تعالى :(ياايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءلما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )وما في الصدور هي القلوب وقال:(افلا يعلم اذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور )لان مستقر الاعمال في القلوب وقال(الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب) لذلك خص الله ذكر الصدور وتحصيل ما فيها في قوله تعالى ( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور
وذلك لان مستقر الاعمال في الصدورلذا قال(الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب(
وفي حديث نعيم بن بشير: " الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب "

3))القاعدة الثالثة من قواعد فهم القران:

التدبر واهميته ان الله ما انزل القران الا له وهو المؤ ثر الاهم في الهداية واحياء القلوب
قال تعالى:"افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها"
وقال "كتاب انزلماه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب "

قال الثعالبي:قراءة اية بتدبر خير واحب الى الله من قراءة ختمة دون تدبر
وجاء رجل الى ابن عباس وابن مسعود فقال :اني لاقرا المفصل في ركعة .فقال:اهذا كهذ الشعر؟! والله لان اقرا اية واحدة حب الي من ان اقرا القران كما تقرا

اما عن أثر التدبر في الدنيا والآخرة فهو غذاء للقلب وعلاج له واحياء له وعلاج للبدن وتصحيح لمسالك التوجه الى الله وسبب للرفعة الكاملة الى الله

و تعتبر قراءة آية واحدةٍ بتدبر خيرٌ وأحب إلى الله عزّ وجلّ من قراءة ختمةٍ كاملة بغير تدبر
لانها هي العامل الاكبر في احياء القلب وايقاظ العبادات القلبية من الخوف والرجاء والحب ولها الاجر الاعظم وتدل على عقل صاحبها وحصافته

4))القاعدة الرابعة من قواعد فهم القران:

وهي معرفة ثقل القران كما قال تعالى﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾ بعد امره نبيه بقيام الليل فكانت للتعليل :أي قم الليل لانا سنلقي عليك قولا ثقيلا أي متينا شديدا ،كما قال ليحيى عليه السلام (يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) وهذا في الكتب السابقة فكيف بالقران افضل الكتب والتي جمعت معانيها في القران ويدل لذلك قوله تعالى:(لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله)فقلوبنا لا تتحمل القران لولا تيسير الله لنا .
و أثر معرفة أن هذا الكتاب عظيم ثقيل على المسلم انه يعين على الاقبال على القران اقبالا يليق به كما قال عليه السلام :(ان هذا الدين متين ولن يشاد الدين احد الا غلبه فاوغلوا فيه برفق

5))1القاعدة الخامسة لفهم القران:
التدرج في الاقبال على القران وتعلمه وعدم الاستعجال لان الدين متين لن يشاده احد الا غلبه ومن اخذ العلم جملة ذهب منه جملة والمنبت لا ارضا ابقى ولا ارضا قطع ومن يفعله سينقطع عنه لا محالة .
لاجل ذلك كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدريج
فالدعوة اولا جاءت بالعلم والتوحيد والاخلاق فقط وهي امور يستحسنها الناس كما قال عليه السلام لمالك الجشني لما ساله الى ما تدعو قال:لا شيء الا الله والرحم وقال لعمرو بن عبسة لما ساله بم ارسلت قال:بصلة الارحام وكسر الاوثان
وكذلك اوامر القران جاءت تدريجيا كالجهاد اولا حرم ثم اذن فيه ثم امر به

ويبقى السؤال هنا :كيف يؤثر القران فينا كما اثر بالصحابة؟
والخطاب هنا لعموم المسلمين
ولنعرف اولا كيف كان تاثر الصحابة بالقران:
ومن ذلك:

ان احد الصحابة كان يؤم اصحابه فيقرا بهم في كل ركعة سورة الاخلاص وسورة غيرها حتى استنكر اصحابه ذلك فاخبروا النبي فقال اسالوه لم يفعل ذلك فقال لاني احبها وفي رواية اخرى لانها صفة الرحمن فقال النبي اخبروه ان الله يحبه او حبه اياها ادخله الجنة
وبقي عمر في قراءة البقرة 12سنة وابنه عبد الله 8 سنين فيها وذلك من حبهم لتاملها
فنقول هناك ثلاث مراحل لذلك:
المرحلة الأولى :
البدء بالايات الواضحة الجلية الصغيرة التي فيها الوعد والوعيد والتي ترقق القلب وتعين على التدبر :وهو المقصود بقول الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :( العالم الرباني العالم الرباني هو الذي يربي الناس لصغار العلم قبل كباره )؟
اي هو الذي يبدا بتعليم الناس المسائل الواضحة الصغيرة السهلة والمشهورة قبل المسائل المعقدة الصعبة وذلك لتسهيل الدين على الناس وتحبيبهم به والمراد البدء بتدبر ايات الوعد والوعيد قبل ايات الاحكام
ويدل لذلك قول عائشة رضي الله عنها :(أول ما نزل من القرآن سور من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى اذا ثاب الناس الى الاسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل اولا لا تشربوا الخمر لقالوا :لا ندع الخمر و لاتقربوا الزنا لقالوا لاندع الزنا وانه انزلت "والساعة ادهى وامر "وانا جارية بمكة وما نزلت البقرة والنساء الا وانا تحته بالمدينة "

أي كما بدا الله دعوته بايات الوعد والوعيد فيجب على المسلم البدء بايات الوعد والوعيد والسهلة الواضحة في تدبر القران ولو لم يحدث ذلك لنفر الناس من الدين ولنفر قلبك من تدبر القران وتفهمه
وخاصة جزء عم وخصوصا سورة النبا لما يكثر فيه من تقرير التوحيد ومكارم الاخلاق مما يعين على احياء القلب وامداده بالزاد الموصل الى الله

ولناخذ امثلة من جزء عم عن ايات مؤثرة تتحدث عن يوم القيامة مع بعض التوضيح:
"1)"فتول عنهم يوم يدع الداع الى شيء نكر خشعا ابصارهم يخرجون من الاجداث كانهم جراد منتشر "
"فتول عنهم"فيها وقف لازم لاختلاف المعنى عند الوصل ولان الامر بالتولي عن الكفار هوفي الدنيا بينما يوم الداعي هو يوم القيامة
خشعا ابصارهم يخرجون:اي اجابوا الداعي لما دعا لامر في امر منكر يذهل العقول لم يعتادوا عليه ويفزع الناس ويستوحش من شدته فيجيبونه وابصارهم خاشعة لشدة الامر
كانهم جراد منتشر:اي يخبط بعضهم بعضا من الهول والشدة يستيقظون مع الاحوال المتغيرة واسماء تقلبت الى اللون الاحمر كالدهن وتشققت ولم تعد زرقاء صافية والارض ساهرة لاعوج فيها ولاامتا مستوية تماما وتغيرت الدنيا والملائكة حولهم فيخبطون ويدخلون في بعض ويموجون في بعض فهذه الذكرى في هذا الموقف تحرك القلوب لتتجه الى رب العالمين
مهطعين:اي اهطعوا واخنعوا نظرهم الى الارض ولم ينظروا لللاعلى وانحنى راسه من ذل وخشع وندم على ما كان منه في الدنيا فهذا حالهم ووصفهم فمن تامل ذلك وجل قلبه واسرع الى ربه وحذر هذا الموقف وعمل له وقدم الاخرة وعملها على الدنيا ةلذتها

2) قوله تعالى"فاذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الانسان يومئذ اين المفر كلا لا وزر الى ربك يومئذ المستقر "
يبين الله فيها بعض احوال القيامة من اعظم ما يجب تدبره
فيصف حال الناس يوم القيامة "برق البصر"اي صار كالبرق في وضوحه وجلائه ونظر نظرا عظيما للكون وانفتح انفتاحا عظيما فينظر باندهاش ولما عاين الحقيقة خشع وذل وخضع بصره لما ادرك ان الامر كما قالت ارسل اذن اول ما يتاثر هو البصر ثم يطزح سؤال اين المفر في بداية البعث لان الحقيقة التي اخبر بها الرسل قد وقعت فيريد الهروب من حدود الكون يريد ملجا فكل الناس يسالون بعضهم عن امفر كل واحد يسال الاخر فيتردد بينهم يريد مهرب يريد مخرج فياتي الجواب من الله لاوزر اي لا ملجا والوزر هو الشيء الذي تازر اليه وتاوي كالوزير يازر الناس اليه في حوائجهم والجبل يلجا الناس اليه من الكوارث لذا من تاملها عاش حياة الاخرة التي تختلف عن هذه الحياة فهي تحيي القلب

3)قوله تعالى:"لابثين فيها احقابا" الاحقاب قيل هي 300سنة واقل ما ورد فيه عن الصحابة 80 سنة واقل ما ورد فيه عن السلف 70 سنة عن الضحاك واللبث يكون احقابا متعددة كما اخبرت الاية واقل الجمع عند العرب 3 اذن اقل احتمال للاحقاب 240 سنة عند الاخذ بقول الصحابة واليوم عند الله كالف سنة من ايامنا فتخيل كم من الايام سيمكث الطغاة في النار من الكفار والمسلمين الطغاة.
اما المرحلة الثانية للعيش مع القرآن الكريم
التاني في قراءة القران وترك العجلة المذمومة واصلها قول الصحابة :الايمان قبل القران
وكان يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه (إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة)
والمراد بالامانة الايمان واليقين التام بصدق القران والسنة ثم جاءت الاحكام فتعلموا القران والسنة حق ألتَدْبَرَوالتعلم وطبقوهما حق التطبيق لوجود الدافع وهو الايمان

--وعن ابي عبد الرحمن السلمي وكان من اكابر التابعين قال حدثنا من كان يقرؤنا القران من اصحاب النبي انهم كانوا ياخذون القران عشرا عشرا (اي شيئا شيئا)فتعلمنا العلم والعمل معا
--وقال ابن القيم في نونيته :فتدبر القران ان رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القران
--وقال ابن عمر:عشت دهرا من عمري وان احدنا ليؤتى الايمان قبل القران اي:قبل الاحكام


*** وهناك وسائل ثلاث تعين على التأني في قراءة القرآن:
(1-القاء السمع مع جمع القلب على القران عند قراءته بدليل قوله تعالى:"ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد"والمراد قلب حي مجتمع حاضر ورمي السمع على القران وكانه ليس هناك مسموع غيره والحضور بكل جوارحه
(2-الترسل والترتيل عند قراءة القران فهو هدي النبي فعن حذيفة انه صلى خلف النبي ليلة فافتتح الصلاة فقرا بسورة البقرة ثم النساء ثم ال عمران كل ذلك في ركعة مترسلا اذا مر باية تسبيح سبح وان مر باية سؤال سال وان مر باية تعوذ تعوذ
--وعن اب ابي مليكة قال :سافرت مع ابن عباس فقام في نصف الليلة يقرا حرفا حرفا يبكي حتى نسمع له نشيجا
--وعن الفضيل بن عياض انه كان اذا قرا القران قراه قراءة مترسلة حزينة شهية كانه يخاطب انسانا

( 3=تكرار الايات عند الحاجة اذ ثبت عن النبي واصحابه والتابعين والائمة
- فعن ابي ذر ان النبي قام قام باية يرددها حتى الصباح وهي "ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم"
-وعن عبادة بن حمزة قال :دخلت على اسماء وهي تقرا "فمن الله عليهم ووقاهم عذاب السموم "فجلست عندها وهي تكررها حتى مللت فخرجت الى السوق ثم عدت وهي ما زالت تكررها
وعن سعيد بن جبير:انه قرا "واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "فما زال يكررها
-وعن الضحاك انه كرر في صلاته اية "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل"
-وقال محمد بن كعب القرضي:لان اقرا الزلزلة والقارعة احب الي من ان اقرا القران هذا
*** ولنتامل بعض الآيات من سورة المعارج (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا مَنْ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعى)
صاحبته اي زوجته وفصيلته اي عشيرته وقبيلته
ويريد يوم القيامة لو يرميهم في جهنم حتى ينجو هو من عظم الموقف وهوله
والمجرم من اجرم في حق ربه ونفسه والناس حوله فيرغب ان ياخذ امه واباه وابنه وابنته وقد كان في الدنيا من اشفق الناس وارحمهم بابنائه اذا هو يوم القيامة يرغب ان يلقيهم في جهنم لينقذ نفسه لماذا هذا كله؟ اليس فيه شفقة ورحمة؟الم يكن في الدنيا اشفق بهم فيجيب الله لانه راى لظى فتمنى هذه الامنية
ونزاعة صيغة مبالغة اي تنزع كل شيء قابل للشي نزعا شديدا لما لفحت وجوههم نزعت كل ما هو قابل للشي هذا الشعر والجلد يسقط بمجرد ان تلفحه النار لفحة واحدة لذا قال تعالى "لواحة للبشر"اي تلوحهم وتضربهم ضربا شديدا كضرب اللوح ضربا عاما لجميع الجسم
وهذا الوعيد لمن ادبر وتولى عن القران وعاش في احضان الشيطان
الا المصلين هم الناجين الوحيدين وليس كل مصل بل من كان دائم الصلاة محافظ عليها فهذه من اهم الايات المبينة لاهمية الصلاة


3)) اما المرحلة الثالثة للعيش مع القرآن الكريم

هي الاستعانة بكتاب تفسير مختصر عند الحاجة وهذا خاص بعامة المسلمين ممن يريد ان يكون من اهل القران وكتب التفسير كثيرة وان كان لا يوجد كتاب جامع لما تريد
قال الطبري:اني لاعجب ممن قرا القران ولم يعلم تاويله كيف يلتذ به؟
ومع هذا فاختيار كتاب مناسب صعب لان لكل ميزته
اما اهميتها فهي ان كلمات القران نوعان:
( 1- كلمات واضحة جلية يفهمها كل عربي لا تحتاج لبيان
( 2- كلمات تحتاج لبيان وتوضيح لان الالسنة تغيرت عن اللسان العربي الفصيح ودخلت عليها العجمة فتحتاج لكتاب تفسير لتفسيرها
وهذا يقودنا الى معرفة ما تتميز به بعض اتلفاسير المشهورة
*** فيمتاز تفسير الشيخ سليمان الأشقر المسمى (زبدة التفسير) بانه سهل يسير فيه بيان للايات بشكل واضح جلي وجمع الكلام عن معان كثيرة من الكلمات الغامضة بصورة واضحة بكلمات سهلة يسيرة.
***بينما يمتاز تفسير الجلالين بان فيه من النفع والفوائد ما ليس بالقليل ابدا وهو مختصر بشكل كبير جدا فالكلمات التي فسرت بها الايات فسرت بعبارة دقيقة جدا الى الغاية لان مؤلفاه كانا امامين في اللغة والبيان والبلاغة ففسروه بعبارة دقيقة جميلة وهذه ميزة ليست في غيره
لكن مما يشكل فيه:1)-ان عبارته قد تكون دقيقة غامضة على بعض الناس فتحتاج لتوضيح
(2- ان مؤلفه سلك في تفسير ايات الصفات مسلك اهل التاويل فاولوا كثيرا منها ولم يجروها على ظاهرها كاهل السنة.
***اما تفسير العلامة بن السعدي فيتميز بانه يتكلم عن فوائد الايات وعن الاشياء التي فيها تربية وتهذيب وتاديب وتعليم وتزكية للنفس والفؤاد وفاق غيره من كتب التفسير الطوال في هذا الباب
واما في باب التوحيد فتكلم فيه على طريقة السلف الصالح من النبي واصحابه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين فتكلم فيه باسلوب سهل بين يسير تقبله فطرة كل مسلم لم تخالطه البدعة والشبهات المبعدة عن نور القران ،فتكلم عن توحيد الالوهية ووجوب صرفها لله تعالى فقط في اي عبادة من رجاء وخوف ومحبة وغيرها من عبادات القلوب ،اما في باب الصفات فسلك مسلك اهل السنة في اجراء الصفات على ظاهرها دون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل
ولناخذ بعض الامثلة من تفسير السعدي :
فقال رحمه الله في قوله تعالى :َ" الا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
قال : فيه نعجب من حالهم فالذي جراهم على التطفيف هو عدم ايمانهم بالله واليوم الاخر اذ لو امنوا به وعرفوا انهم يقومون بين يديه ليحاسبهم لامتنعوا عن التطفيف وتابوا منه
و الظن في القران على قسمين:
(1اليقين 2) الشك وغلبة الظن
( 2 "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ )
قال رحمه الله:
ان الله اقام على اليوم الاخر من البراهين والادلة ما تدعو الى الايمان به اما العاصي الذي غطت على قلبه معاصيه فمحجوب عن الحق والايات فحجب يوم القيامة عن رب العالمين وقد وعد الله عز وجل المكذبين بثلاثة أنواع من العذاب،
1 ) عذاب الجحيم:"ثم انهم لصالوا الجحيم "
2 )عذاب التوبيخ واللوم:"ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون"
3 )عذاب الحجاب عن رب العالمين:"كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"

*** وقال رحمه الله في تفسيره: ( عيناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) قال: وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق فلذلك كانت خالصة للمقربين الذين هم أعلى الخلق منزلة وممزوجة لأصحاب اليمين أي مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة


وناتي الان الى المراحل السبعة التي يجب على طالب العلم اتباعها حتى يفهم القران والتي تعين على فهم وادراك المعنى كاملا وادراك اعجازه في نظمه ودلالته وتربيته واثره على القلب والنفس بتهذيبها وتزكيتها


***و دليل حصر مراحل فهم القرآن بالسبع لطالب العلم
هو الاستقراء والتتبع والنظر في حال الناس والقران وغير ذلك مما يفيد كالاربعين النووية والاصول الثلاثة وغيرها ووذلك لما ظهرت الحاجة الى بيانها مثل السنة النبوية لما احتيج الى تدوينها قام الائمة بتدوينها

لكن قبل الدخول في المراحل السبع يجب معرفة امر مهم هو حروف المعاني واهميتها

فحروف المعاني : هي حروف لها معاني تصل بين الكلمات حتى تتكون جملة ذات معنى مفيد مثل حروف الجر فالى تفيد انتهاء الغاية ومن تفيد ابتداء الغاية وهكذا

ثم اعلم ان كل حرف او كلمة او اية او سورة في القران الا ولها محل وترتيب محدد ومعجز ومحكم لانه توقيفي من الله تعالى وهذا سيبب اعجازه وحفظه
*** لكن ماذا يفيد الترتيب بالنسبة لكلمات القرآن أو سوره
فنقول يفيد في فهم الاية كما ينبغي فعندما تقرا كلمة لاتفهمها فانت بحاجة لفهم الجملة ومعاني الحروف والسياق لتحدد المعنى المراد منها وذلك لان علم التفسير هو أوسع العلوم على الإطلاق، وهو في الظاهر من أسهل العلوم وأيسرها، فهو كما قيل :قصرٌ سورُه من جريد وأبوابُ غرفِه من حديد "ولذلك يقصر الفهم عند بعض الناس لكل المقصود من تفسير السلف
لجهله باساليب العرب في كلامها فاذا عرف ذلك لن يجرؤ على مخالفتهم في غير مسائل الاجماع حتى يفهم التفسير ومغزاه ومبناه ويعرف اصوله وقواعده في الاستنباط


*** وحروف الكلمات لها أنواع في لغة العرب :

1) فهناك حروف مباني:يبنى منها الكلام وليس لها معان في نفسها ولكن لها دلالة بعد التركيب مثل ميم محمد وو سين سعد
2 ) وهناك حروف معاني:التي تربط بين الكلمات لتعطي دلالة يقصدها المتحدث مثل دلالة الباء على الاستعانة في بسم الله واللام على التعليل في "يريدون ليطفئوا "
ولمعرفة معاني حروف المعاني لا بد من الرجوع الى تفاسير منايبة في هذا الباب وافضلها فيه:

1) جامع البيان في تفسير القران لابن جرير الطبري او مختصره لابن كثير :ويتعلق بالتفسير بالماثور بذكر كلام السلف في التفسير لكن قد يضيف له تفسير اللغة والتفسير بالراي
لكن تفسير السيوطي الدر المنثور في التفسير بالماثور اشمل منه
(2تفسير السعدي:جمع مسائل التربية وتقويم النفس والخلق
( 3المسند الصحيح لحكمت ياسين :فاقتصر على الصحيح من الاحاديث والاثار حسب تخريجه هو ويورد هذا التخريج ويذكر ترجيحه
( 4 التحرير والتنويرللطاهر بن عاشور:امضى فيه قرابة 36 سنة وتميز في جانب البلاغة واللغة كما انه صاحب فقه ونظر لكن يحذر من تاويله لبعض ايات الصفات
( 5 معجم حروف المعاني للقران لمحمد حسن شريف فهو من اعجب ما رئي اذ جاء بالحروف المعنوية حرفا حرفا يبين معنى كل حرف منها في جداول فهو جهد عظيم لكن ليست كل ارائه في المعاني صحيحة
( 6 لسان العرب المحيط للفيروز ابادي ميزته انه حوى وجمع من ان غيره ادق منه لكن ذكر لتتسع دلالة الاية باتساع دلالة الكلمة
7) الجدول في اعراب القران :ميزته هو اهتمامه باعراب الجمل وموقعها


ولنذكر الان هذه المراحل السبع:


المرحلة الأولى لطالب فهم القرآن :

ادراك المعاني اللغوية التي تحتملها لغة العرب في الكلمات الواردة في الاية ثم تحديد المعنى او المعاني اللغوية المرادة في الاية نفسها (مع التنبيه على عدم اغفال المعنى الاصلي)
فالصلاة لغة الدعاء اما شرعا فهي التعبد لله باقوال وافعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم
اما الزكاة لغة التطهير وشرعا التعبد لله باخراج قدر مخصوص من مال مخصوص عند حولان الحول
والايات من جهة الوضوح وعدمه 3 مراتب:
( 1 كلمة مشهورة واضحة المعنى والدلالة كالنار والشمس
( 2 كلمات متداولة واضحة المعنى الظاهر لكن من يتامل معناها في كتب التفسير واللغة يجد انها تنطوي على معان لم تخطر في باله
ولنطبق هذا المنهج على بعض ايات القران :


1 ) المقصود بكلمة أز في الآية الكريمة:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾؟
فنقول: از لغة تعني:الدفع بشدة وقوة وكذلك الامتلاء الشديد وايضا الاختلاط والاضطراب والحركة
فمعنى الاية ان الشياطين تخالط الكفار فتملؤهم شرا وتزيدهم قوة في الشر فصار هناك اضطراب وحركة موجهة لمعصية الله ودفعتهم دفعا قويا لمعصيته


2 (-﴿ إذا الشمس كُوِّرَتْ *وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾
التكوير:جعل الشيء مكور اي مدور فتلف الشمس كما تلف العمامة وهي في اللغة تدل على معنيين ثابتين واضحين:1اللف والضم والتدوير 2 اضمحلال النور في الشيء المكور والانطفاء وذهاب النور وكذلك الشمس تكور يوم القيامة تلف وينطفئ نورها
والانكدار :السقوط بشدة والاضمحلال وذهاب النور شيئا فشيئا حتى تنطفئ تماما وهذا يدل ان الكون بعد نفخة الصعق يصبح شديد الظلمة حيث ذهب نور الشمس والقمر والنجوم فلا يبقى نور الا نور الله تعالى ولذلك لما سال الصحابة النبي :اين يكون الناس حين تبدل الارض غير الارض ؟قال:في الظلمة دون الجسر .رواه مسلم


3(-﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾
لغة :لا جوف له اي لايحتاج الى اكل وشرب او اخراج اي لا يحتاج لغيره في حين ان غيره محتاج اليه
وفيها ان الانسان يجب ان يتعلق بالله وحده لا بغيره



4(-﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾
الغبن الشعور بالندم الشديد اذ يوم القيامة يندم كل من قصر في عبادة ربه او فعل نواهيه او ظلم غيره


5(-﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾
الرفرف لغة:المتدلي اي هناك شيء يكون طرف لشيء اخر يعني يكون طرف وتابع لشيء اخر والمراد انهم يتكؤون على اطراف شيء وهذا تارة يكون القصور وتارة اطراف الشجر والبساتين


6(-﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾
الزينة تطلق على الزينة الظاهرة :وهي ما ظهر من جسد المراة الخارج من الطول والسمنة
ويطلق على الزينة الباطنة :وهي الوجه والكفان
والمراد هنا الزينة الظاهرة

***لكن كيف يصل طالب العلم إلى فهم دلالة الكلمة؟

يكون يكون بعرض الكلمة على مراتب الكلمات السابقة "واضحة وغامضة وواضحة لكن فيها معان خافية"ومعرفة درجتها من الوضوح والغموض ثم الرجوع الاحد المراجع التالية:
جامع البيان في تاويل القران لابن جرير الطبري او مختصره لابن كثير ثم التحرير والتنوير لابن عاشور ثم القاموس المحيط للفيروز ابادي او لسان العرب لابن منظور
فالاوليان ياتون بتفسير السلف والتحرير قد يوضحه ويزيد معان جديدة صحيحة

*** المرحلة الثانية لطالب فهم القرآن :
هي معرفة دلالة حروف المعاني التي تربط بين الكلمات
لان كلمات القران ان فهمت معانيها ودلالتها بقي معرفة دلالة حروف المعاني بينها ولها سر في معرفة معاني كلمات القران فهما دقيقا واسعا يتبين معه سر بديع عظمة كلام الله ويجد الفرق الشاسع بين فهم كلمات القران قبل وبعد وسيقع في قلبه من فهم وتوقير كلام الله ما لم يخطر بباله والخطا في تحديد معنى الحرف قد يقلب المعنى المراد او يضعفه او يخل ببلاغة وفصاحة القران المعجز

***ولنطبق هذه المرحلة على بعض ايات القران:
-
1)﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴾

انتبذت: يقول المفسرين فيها :ابتعدت وخرجت للعبادة او لحاجة
لكن في لغة العرب تدل على شيء من الالقاء والرمي والترك اي خروج شديد فيه طرح واعتزال ونبذ لقومها كان قومها شيء غير مرغوب به القته بشدة للتخلص منه فهو خروج فيه كراهية لمخالطتهم لانهم كانوا في معاصي واثام
2 (-قوله سبحانه وتعالى على لسان زكريا عليه السلام ﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً﴾
عتيا من العتووهو كل مبالغ فيه مما يذم او يعاب وفي التحرير والتنوير زاد معنى اليبس
يعني وقع من زكريا من الكبر ما هو مبالغ فيه حتى يبس عظمه يبسا شديدا يبس فيه ماء الولد وكذلك نحل عظمه جدا
3 (-﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ ﴾
تتضمن معنيان :جاءها المخاض وكذلك الجاها اضطرارا الى جذع النخلة كما افادته اضافة همزة التعدية كما نقول ذهب واذهب سمع واسمع.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 12-03-09 الساعة 12:14 PM
ام الخطاب غير متواجد حالياً  
قديم 05-01-09, 06:08 PM   #2
ام الخطاب
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 25-05-2008
الدولة: الاردن - الرمثا
المشاركات: 174
ام الخطاب is on a distinguished road
افتراضي تابع التلخيص

ولحروف المعاني ثلاث درجات لتحديد المراد منها :
*** الدرجة الأولى
ادراك المعاني المشهورة لكل حرف
مثل ال في القران لها معنيان عهدية او جنسية ولكل منهما انواع
والفاء لها عدة معاني السببية والفصيحة والعاطفة والجوابية
الباء للالصاق والتبعيض والسببية والقسم
في للظرفية والتعليل والاستعلاء والمقايضة
وعلى للاستعلاء وعن للمجاوزة
فقوله تعالى:"ارايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم"
الفاء الفصيحة اي افصحت عن معنى اخر هو ان من هذا وصفه هو الذي يدع اليتيم اما من يؤمن بيوم الدين فلا يفعل ذلك



*** الدرجة الثانية من درجات حروف المعاني
ادراك المعنى المراد تقريبا لكل حرف بحسب موضعه
مثل:ال في"الحمد لله رب العالمين" جنسية تفيد الاستغراق وتاتي بمعنى كل
والفاء في "قلنا اضرب بعصاك الحجر فانبجست "فصيحة اي تفصح عن شيء محذوف هو فضربه فانبجست
الباء في "بسم الله"للاستعانة
وفي في :"لاصلبنكم في جذوع النخل "للعلو مع الظرفية
وعن في "ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه"للمجاوزة اي كان الحسنات تجاوزته وابتعدت عنه وتعدته

*** الدرجة الثالثة من درجات فهم حروف المعاني

التحقيق عند اختلاف اقوال المحققين في المضائق لكي يحمل الكلام على افصح الوجوه بلاغة وحكما واحكاما
كدلالة التعاقب بين الواو والفاء في اوائل سورة المرسلات والنازعات
ودلالة الفاء في "فانتبذت به مكانا قصيا فاجاءها المخاض"
ودلالة في في "ءأمنتم من في السماء"

***وبذلك نعرف كيف وضح أهل العلم الفرق بين العطف بالواو والفاء في قوله تعالى﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾

فقالوا رحمهم الله :الاقسام هنا بالملائكة التي تنزع ارواح الكفار فتغرق في ذلك وتشتد ففيه اغراق وشدة وذلك لان النزع لشيء غائر بعيد كانها من اطراف الجسد لان الروح اذا رات ملك الموت خافت فابتعدت الى اطراف الجسد كما ينزع الصوفالمبلول من الشوك
اما الناشطات نشطا فهي ملائكة الموت عندما تقبض ارواح المؤمنين بيسر وسهولة فروح المؤمن عند رويتها انعيم الاخرة لا تمانع في الخروج بل تنشط للخروج كنزول القطرة من في السقاء
والسابحات سبحا وهي الملائكة اخذت الارواح فسبحت بها الى السماء فترفع ا لاارواح فتفتح ابواب السماء لارواح المؤمنين اما الكفار"لاتفتح لهم ابواب السماء"بل يرمى من اعلى الى مكانه من الارض ينتظر العذاب
فالعطف الاول بالواو لان الملائكة هي هي اي هي ملائكة الموت التي تنزع وتنشط وتسبح نفس نوع الملائكة
ثم تغير نوع الملائكة فتغير العطف فالجنس لم يزل الملائكة لكن تغير النوع الى ملائكة رحمة بالمؤمنين وملائكة عذاب للكفار فسابقت بها الى مستقرها من الجنة او النار
ثم جاء نوع ثالث هو المدبرات فعطف بالفاء لانه مغاير لما سبقه وهي التي تدبر امور الارواح في مستقرها

ولنبين هنا ايضا بعض المعاني التي يمكن ان تتضمنتها حروف المعاني اضافة لمعناها الاصلي :

(1-أداة التعريف" ال".
عهدية :كما في "الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل"
جنسية كما في :"الحمد لله رب العالمين""قل اعوذ برب الناس"
ماهية:"وجعلنا من الماء كل شيء حي"

( 2-"قد" إذا جاءت مع فعل ماض أو مضارع .
قد مع الماضي للتحقيق والتقريب "قد سمع الله قول التي تجادلك""قد افلح من تزكى"
قد مع المضارع للتقليل او التكثير وقد وردت في القران في 8مواضع كلها لاتحتمل الا التكثير الا واحدة تحتمل المعنيان والراجح فيها التكثير كما في:"قد يعلم ما انتم عليه""لم تؤذونني وقد تعلمون اني رسول الله اليكم"

( 3- اللام الجارة.
الاصل فيها الاختصاص كما في:"انما الصدقات للفقراء"وتاتي للصيرورة"ولذلك خلقهم"وتاتي للعلة"ولقد يسرنا القران للذكر"وتاتي للصلة"واذ قال ربك للملائكة"

(4-ما الاسمية
شرطية تفيد العموم "وما تفعلوا من خير"
وموصولة تفيد العموم"فانكحوا ما طاب لكم "
استفهامية"الحاقة ما الحاقة"
تعجبية"فما اصبرهم على النار"
.


*** ولناخذ بعض الامثلة التوضيحية في كيفية الوصول إلى معرفة دلالة بعض حروف المعاني في الايات القرانية :

(1- "ال" في قوله تعالى " وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ "
قد يقول قائل :لماذا ذكرت ال التعريف في النفاثات ولم تذكر في حاسد؟
فالجواب:لان السحر شر كله بكل انواعه جاء بال الاستغراقية والشاملة اما الحسد فلما كان منه المحمود كالغبطة والمذموم لم يات بال الاستغراقية لان ليس كله شر يتعوذ منه
( 2- "في قوله تعالى " وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ "
فهنا جاءت في بمعنى على لكن اختارها ليبين انه من شدة غيظ فرعون توعدهم ان يصلبهم صلبا شديدا حتى تكاد اجسامهم تنغرز في الجذوع وتدخل فيها لذلك اختار حرف في ولكن المعنى الاصلي على لم يزل موجودا
(3- "السين في قوله تعالى " سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حفيا"
فالسين للمستقبل القريب واختارها الله هنا ليدل على شدة رحمة ابراهيم بابيه حتى انه مستعجل في الدعاء لابيه بالهداية

( 4- "الفاء" في قوله سبحانه وتعالى:"انا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ "
فالفاء هنا سببية اي بسبب اعطاءنا لك الكوثر اشكر ربك بالصلاة له والنحر


وقد يزاد في حروف المعاني لتدل على معان مخفية تعبر عنها او تستخدم نيابة عن بعض الحروف لتعطي معنى بلاغي يفضي على الاية الاعجاز والاحكام اللغوي :
1)قال تعالى :﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ فيما يخص معنى كلمة الهز وسبب تعديتها بحرف الباء
فالهز تحريك الشيء وفعله يتعدى بنفسه لكن هنا عداه بالى ليتضمن معنى الامالة والتقريب لفاعل الهز وفيه زيادو كرامة لمريم فالجذع لم يهتز فقط بل مال واقترب اليها رغم ضعف يديها وعداه بالباء التي تفيد الالصاق لتؤكد عليها تمكين يديها من الجذع حال هزها وهذا امر بفعل كل ما يستطاع من الاسباب الدنيوية


-2)﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً﴾ وسبب اختصاص الأذقان بالخرور بدل الوجوه ودلالة حرف اللام .
اللام المفردة لها معان كثيرة واصل معناها الاختصاص اي يسقطون على وجوههم سجدا تعظيما لامر الله او شكرا وتخصيص الاذقان بالذكر للدلالة على كمال الذل وذكر اللام لاختصاص التذلل بها
فالمقصود به الوجه كاملا وهو قول ابن عباس وقتادة

3-﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ ودلالة كل من لام الجر و"ال" التعريف في كلمة "لِلْجَبِين " كما ذكره بن عباس رضي الله عنه.
هنا تضمنت اللام معنى على ليدل على الاستعلاء والاختصاص معا
وخص الجبين بالذكر وهو جانب الوجه ليبين طريقة ذبح ابراهيم لابنه فهو جعل وجه ابنه للسفل وجعل جانب وجهه يلي جهته ليجمع بين الاستجابة لله والرحمة بابنه
وال في الجبين جنسية اي كل الجبين يلي ابراهيم

4) "وكاين من اية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون "
استخدم حرف على ليدل على هياتهم عند المرور على الايات وهي هيئة العلو الاستكبار والاعراض لا هيئة التفكر والذل لخالقها

5) "واذا مروا بهم يتغامزون "اختار الباء للدلالة على معنى الالصاق اي ان الكفار كانوا لا يتوقفون عن اذية المؤمنين بغمزهم حتى لو اقتربوا منهم ومروا بهم لا يتحرزون عن ذلك مما يدل على شدة ايذائهم لهم

6 ) :"السماء منفطر به"فالباء تتضمن معنى الالصاق اي ان انفطارها ملتصق بيوم القيامة وتتضمن معنى السببية اي بسبب الغيوم والسحاب تتشقق السماء وذلك لنزول الرب تعالى لانه تعالى ينزل في سحاب "هل ينطرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة"
ومثلها اية "ويوم تشقق السماء بالغمام"فكذلك كسابقتها سببية وللالصاق

7 ) "اامنتم من في السماء "
فجمهور المفسرين على ان المراد بها الله تعالى فيكون معنى في بمعنى على لكن ما السر في استخدامها بدل على فنقول السر هو الاشارة الى جنود الله من الملائكة الذين في السماء ويدل لذلك سياق التهديد الذي جاء في الايات السابقة والللاحقة


ويدخل باب في هذا الموضوع ما نسميه بالتضمين
وهواشراب الفعل معنى فعل اخر ليدل الفعل الاول على معناه الاصلي وعلى المعنى الذي دل عليه السياق
اما فائدته فهي اعطاء نوع من الفصاحة والبلاغة والبيان وكذلك الايجاز والاختصار
وممن قال به:الخليل وسيبويه وتبعهم البصريون ونصره ابن جني

*** و شروط استعماله حسب المجمع اللغوي في القاهرة:
(1 تحقيق المناسبة بين الفعلين التي تسمى العلاقة
(2وجود قرينة تدل على المعنى الملحوظ مع الامن من اللبس
(3ملائمة التضمين للذوق العربي


ولناخذ بعض الامثلة التوضيحية التي تزيد في بيانه :



1- ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرً﴾

تضمن حرف الباء معنى يروى فيكون المعنى عينا يشرب منها ويروى بها عباد الله

2- ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾

الاصل في فعل يرد ان يتعدى بنفسه لكن هنا تعدى بالباء فتضمن معنى الهم فالتقدير :ومن يرد فيه الحادا ويهم بالحاد بظلم

3- ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾
فعل نصرناه الاصل ان يتعدى على لكن هنا تعدى بمن فتضمن معنى انتقمنا فالتقدير:ونصرناه على القوم وانتقمنا من القوم


4-﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرً﴾

الاصل في فعل الاكل الا يتعدى لكن هنا تعدى بالى فتضمن معنى الضم والجمع فالتقدير ولا تاكلوا وتضموا وتجمعوا اموالهم الى اموالكم

5-﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

فعل المخالفة الاصل ان لا يتعدى لكنه هنا تعدى بعن فتضمن معنى الاعراض فالتقدير الذين يخالفون ويعرضون عن امره


** المرحلة الثالثة لطالب فهم القرآن :

وهي معرفة دلالة الجملة الواحدة وما يتعلق بها ثم دلالة الجمل التي تتكون منها الاية فالجمل لها اثر في ترجيح المعنى ومعرفة المعاني

, أنواع الجمل في القرآن الكريم متعددة ناخذ اهمها مع دلالة كل نوع:

(1 جملة اسمية :وتدل على الثبوت والاستمرار واللزوم مثل:"الحمد لله رب العالمين

(2 جملة فعلية:وتدل على التجدد والحدوث مثل"يايحيى خذ الكتاب بقوة"

وهناك:الجملة الخبرية والحالية والابتدائية الاعتراضية والتفسيرية وهناك جمل لها محل من الاعراب وجمل
لامحل لها من الاعراب وهناك شبه جملة
"

ومن الامثلة في ذلك من القران :

(1- دلالة الجملة الفعلية في قوله تعالى : ( يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ )
فنقول جاء بالجملة الفعلية هنا لان الاخذ في هذه الاية وصف بالقوة وهذا امر يحتاج الى تجدد في الاخذ ويتضح ذلك في حديث "انه ليغان على قلبي فاستغفر الله سبعين مرة"فالمراد ان يتابع هذا الاخذ مرة بعد مرة لانه لايمكن ان ياخذه دائما لانه فوق قدرة الانسان فاذا كان النبي محمد لايستطيع الدوام عليه حتى انه يفتر احيانا فغيره اولى


(2- دلالة الجملة الاسمية في قوله تعالى : ( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )
فالجواب :ان تسليم الله له دائم وهو عبارة عن تنزيه وتخلية وهي ثابتة له فدلت على الثبوت والاستمرار ليبين ان تسليمه له دائم لذا اتى بالجملة الاسمية


المرحلة الرابعة لطالب فهم القران:
دلالة السياق :وهي الموضوع الذي تتحدث عنه مجموعة من الايات المتتالية فنعرف مقصود الاية من خلال الايات السابقة واللاحقة لها
وتكمن اهميتها في تبيين المعنى العام للاية ووادراك المعنى المراد منها والكامل وذلك بتخصيص العام وتقييد المطلق واطلاق المقيد وتعميم الخاص والترجيح عند اختلاف المفسرين

ومن الامثلة الموجودة في القران:
(1(-في سورة النازعات: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ مع باقي آيات السورة؟
ان سورة النازعات من اةولخا الى اخرها تتكلم عن النزع والموت وما بعده واحداث يوم القيامة ثم تكذيب كفار مكة للنبي محمد بشان الساعة ثم جاءت هذه الاية خلالها اشارة الى ان قوم محمد ان كذبوا البعث واصروا فجزاؤهم سيكون كجزاء قوم موسى لما كذبوا رسولهم بدليل قوله"فاخذه الله نكال الاخرة والاولى "والنكال اصله الرجوع والمراد العقوبة المسببة لرجوع غيره عن سلوكه واعتباره

(2(-في سورة الصف ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ مع باقي آيات السورة؟
ان سورة الصف من اولها لاخرها في الجهاد ولكن ادرج قول موسى خلالها اشارة الى قول موسى في سورة المائدة "ياقوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم .....الى قوله"يا موسى انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون" فاشارت الى نوع من اذى قوم موسى له وهو التخلي عنه في اشد المواضع هو بحجة لهم وهو الجهاد فاراد تذكير امة محمد الا يقولوا كما قال قوم موسى له بدليل قوله"لم تقولون مالا تفعلون"

) 3 ﴿ في سورة التكوير" فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ *الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾
القول الاول:البقر الوحشي والظباء في البراري تخنس عند رؤية الانسان فالخنس هو اللاختباء والاختفاء مع التاخر والكنس عودته الى اماكنها ومكان مبيتها وهو قول مجاهد وابراهيم النخعي

القول الثاني والراجح :انها الكواكب والنجوم تجري تارة وتختفي تارة وهو قول ابن عباس وعلي وسبب ترجيحه هو دلالة السياق فالايات قبلها ذكرت النجوم والكواكب والشمس فكان ما يناسبها احوال الكواكب الاخرى


-﴿4) أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾
ان هذه السورة تدل على ان هذه الصفات ليست من صفات اهل الايمان بل من صفات الكفار ودلالة السياق هي التي تظهر المعنى الكلي فسورة الماعون تحض على الاخلاق والصفات التي يجب على المؤمنين التحلي به لان الله جعل البراءة منها من صفات المؤمنين والاتصاف بها من صفات الكفار وهذا يفهم من ترابط الايات من اولها الى اخرها


-(5)قوله تعالى في سورة البقرة﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾
الرابط بين الجملتين هو الواو وهي لا تاتي ابدا بمعنى الشرطية لكنها دلت هنا على وجود اقتران والتزام بين التقوى والعلم وهو من دلالات السياق مما يدل على اشتراط التقوى للعلم وخاصة في المسائل التي فيها لبس واشكال كاحكام الدين


وتفيد معرفة دلالة السياق في معرفة سبب التقديم والتاخير في القصص القراني والايات القرانية
ومن ذلك:

-﴿1)قوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ﴾؟
فسبب تقديم هذا الجزء من القصة في بداية ذكرها هوالتنبيه على اعراض اليهود عن تنفيذ اوامر الله وهو المقصود من ذكر القصة لذا قدم اعراضهم على بداية القصة


-﴿2)قوله تعالى" يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾
فسبب تقديم ذكرها على بقية الايات المتحدثة عن غزوة احد هو التنبيه على حكم الانفال وكيفية تقسيمها وهذا لما اختلف الصحابة في تقسيمها

-﴿3)وقوله تعالى"عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾
فسبب تقديم ذكر عبوس النبي على بداية القصة هو التنبيه على ما يستفاد من القصة وهو ان الداعية اذا اقبل اليه من يطلب الهدى ولو كان وضيعا فالاولى ان يقدم على غيره مهما كان شريفا فهو المنهج الذي يرضاه الله ورسوله وهذا سبب تقديم ذكرها

قد يطرا في بالك تساؤل بعد ذكر هذا التعمق في معرفة المعنى الدقيق للايات القرانية هو:
ان كانت الايات لا تتحدث عن احكام عملية يترتب عليها العمل لماذا نتعمق في معرفة معاني ايات لا يترتب عليها شيء من الاحكام العملية فما الضرر في عدم معرفة المعنى الدقيق في نوع هذه الايات:

فالجواب : ان نعرف بم فضُل أبو بكر على سائر الصحابة هل فضل بكثير صلاة او صيام او عمل .....لا .انما
فضل بشيء وقر في قلبه وهو العلم بالله وتعظيمه وتعظيم رسوله


وكذلك اسالك ايهما افضل أويس القرني ام سعيد بن المسيب؟

اما سعيد فكان اعلم السلف وافقههم وقد اخذ العلم من الصحابة وهو من اجلة التابعين وكان امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وكانت لا تفوته تكبيرة الاحرام اربعين عاما مع الامام وكان يقول:لم الا ظهر مصل قط يعني انه كان يصلي في الصف الاول دائما وكان يفتي الناس ويقضي بينهم

ومع ذلك فان اويس افضل التابعين بشهادة رسول الله
لماذا؟ لتميزه باعمال القلوب من تعظيم الله وتوقيره وتعظيم رسوله وتوقيره

مما يدل على ان اعمال القلوب اهم من مجرد العلم بالحلال والحرام


***نعود الان الى المرحلة الخامسة من مراحل فهم القرآن

و هي موضوع السورة او مقصودها وهي المعنى العام الذي انزلت السورة من اجله او هو الموضوع الذي تدور عليه ايات سورة ما
ودليله :هو التتبع والاستقراء لطريقة الائمة في تفسير كتاب الله

لكن قل الكلام عن هذه المرحلة في كتب المفسرين المتقدمين ويرجع ذلك الى عدة اسباب منها:

(1-لان فيه نوع من الجرأة على تفسير كلام الله لذا انكره جماعة
(2-ولان كثيرا من كتب التفسير انما تناول تفسير كتاب الله من خلال مدرسة تفسير الاية والكلمات كمدرسة اهل الاثر واهل الراي اما الربط بين الايات فلم يفرد له احد من الائمة كتابا في التفسير ممن تقدم

لذا كثر الخلاف بين اهل العلم حول ثبوت موضوع السورة او عدم ثبوثه حصيلته ثلاثة اقوال هي:

(1-القول الاول :انه لاتناسب بين السورة والايات مطاقا او غالبا ونصره الشوكاني في فتح القدير معرضا بالامام البقاعي

( 2-القول الثاني:انه ما من اية او سورة الا ولها موضوع خاص بها وما من اية الا ولها مناسبة بينها وبين الاية التي قبلها ونصره البقاعي في كتابه "نظم الدرر في تناسب الايات والسور" واختاره السيوطي

( 3-القول الثالث:ان ما من سورة في الاغلب الا ولها موضوع تدور عليه وكذلك الايات فالاية في الاعم الاغلب تكون متصلة بما قبلها وما بعدها

لكن لا بد لمن اراد ان يخوض في هذه المسالك من امرين:
(1-ان يكتفي بما ظهر له من الموضوع وتناسب الايات من دون تكلف ولا تنطع على خلاف ما جرى من البقاعي
( 2-ان يكون الخائض في هذه المسالك عالما باقوال السلف في تفسير الايات والسور التي يريد ان يستنبط لها مناسبة او موضوعا معينا وان يكون مطلعا عارفا بعلوم البلاغة بفروعها الثلاثة البيان والبديع والمعاني وهو الاقرب
وهي طريقة ابن العربي والرازي والطاهر ابن عاشور في التحرير والزركشي في البرهان وابن تيمية وابن القيم
________________________________________ولناخذ بعض السور القرانية ولنبين المقصود العام منها :


-الفاتحة:مقصودها ان تجمع علوم القران بحيث تكون كالمقدمة لكتاب الله والفاتحة لجميع مقاصده واغراضه
ولذا اخرج البخاري عن ابي هريرة عن النبي :"الحمد لله رب العالمين ام القران وام الكتاب والسبع المثاني
"اي تجمع معاني القران لذا كانت اعظم سور القران

-البقرة:مقصودها يدور حول حفظ الضرورات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض
وكيفية معاملة اليهود

-ءال عمران:تكملة الضرورات الخمس وكيفية معاملة النصارى وما يتعلق بهم وبدينهم

-النساء:تتمة الضرورات الخمس وايضا فضح المنافقين واحكام النساء

-المائدة:تدور حول الحلال والحرام وبيان الاحكام وحتى القصص فيها لم تات للعظة بل لاستنباط الاحكام لذا لايمكن فهم ذلك الا بعد فهم موضوعها لذا كان ما نزل فيها محكم غير منسوخ (ذكره ابن تيمية)

-الكهف:حول الابتلاء وانواعه سواء الابتلاء بالنعم كذي القرنين او بالنقم كفتية الكهف

-العنكبوت: حول الفتن وانواعها

-الصف: حول الجهاد

-الإخلاص:حول تحقيق التوحيد والتعلق بالله وحده حتى ينفع التعوذ من الشرور

-الفلق:حول ازالة الشرور الظاهرة وكيفية التعوذ منها

-الناس:حول ازالة الشرور الباطنة وكيفية التعوذ منها

***اما الوسائل التي يمكن أن نصل من خلالها إلى ما يتعلق بمقصود السورة مع ذكر أمثلة لذلك.

1))ان ينص العلماء من اهل التحقيق على ان المقصود من السورة كذا وكذا كما نصوا على ان مقصود سورة الاخلاص هو العلم الخبري بتوحيد الاسماء والصفات والربوبية وسورة الكافرون مقصودها بيان التوحيد العملي الطلبي وهو الالوهية وان سورة النحل نزلت في النعم وشكرها وامتنان الله بها

2ا))ان يكون موضوع السورة ظاهرا من اسمها او من اولها او منهما معا كسورة القيامة فاسمها ومطلعها يدل على ان موضوعها يوم القيامة اما علاقة اية النهي عن العجلة بالقران بها فو ان القران اعظم من ان تعجل بقراءته لذا نهي عنه النبي وخاصة في ايات يوم القيامة لان مقامها مقام تاني وخشوع وتدبر

3((الاستقراء وينفع اذا كان كليا او اغلبيا اما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به كسورة الصف التي نزلت في الجهاد والماعون في مكارم الاخلاق

*** المرحلة السادسة من مراحل فهم القرآن

هي التفسير الموضوعي وهو جمع الايات المتكلمة عن موضوع واحد ليتضح المقصود منها كما فعل الشنقيطي في اضواء البيان في تفسير القران بالقران


***و يمكن تفسير القرآن بالقرآن في الآيات التالية على النحو التالي:

( 1) قوله تعالى : ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾:
المور في اصل لغة العرب الاضطراب والحركة الشديدة
وهذا يعني انها يوم القيامة تضطرب اولا وتتحرك بشدة ثم تتفطر وهو بداية التشقق ثم تتشقق بشكل كبير بالغمام الابيض لنزول الملائكة ثم تفتح كانها ابواب من كبر الشقوق ثم تطوى وتكشط اي تزال وتسلخ كليا ثم تصير وردة اي وردية اللون لكن لونها غير صافي وكان فيها شيء من الزيت والدهن وهو معنى المهل


(2) قوله تعالى:﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾
اولا نرد على شبهة من قال ان قول الله "فاجتنبوه" لا يدل على التحريم
فنقول: ورد الامر بالاجتناب وعدم القرب في قوله تعالى "فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور "وفي "ولا تقربوا مال اليتيم"وولا تقربوا الزنا"وهي امور واضحة الحرمة فكذلك الخمر مثلها
لكن لما لم يرد لفظ التحريم في هذه الاشياء كما ورد في تحريم الميتة "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير "؟
فالجواب :انه ورد لفظ الاجتناب وعدم القرب في الامور التي ترغب بها النفس وتشتهيها لذا كان التحريم فيها غير كافي بل يجب النهي عن اتيانها وكذلك القرب منها ومن وسائلها
اما ذكر التحريم فكان في الامور التي لاترغب النفس بها فلاتحتاج للنهي عن اتيانها لانها اصلا لا ترغب بها النفس لذا اقتصر على ذكر حرمتها

اما الايات التي ذكرت الخمر فمنها ما غاير فيه بين السكر والرزق الحسن ليبين ان السكر ليس رزقا حسنا"ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منها سكرا ورزقا حسنا "
ومنها ما نهى عن الصلاة حال السكر فلا يشربها الاليلا وفيه تضييق لوقت شربها "لاتقربا الصلاة وانتم سكارى"
ومنها ما دل على حصول الاثم الكبير بها"قل فيهما اثم كبير "
ومنها ما صرح بالتحريم ووجوب اجتنابها"انما الخمر والميسر ................فاجتنبوه"
وفي هاتين الايتين اجتمعت 8 ادلة على حرمتها
وحين اخبر الله عن خمر الاخرة انه "لا غول فيها ولا هم عنها ينزفون"دل على ان خمر الدنيا فيها غول وتنزف العقل اي انها تاخذ شاربها بالامراض بشدة وتذهب بالعقل
فمن مجموع هذه الايات يتبين انها مراحل تحريمها والتدرج في ذلك

(3)﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
الجهاد مر بمراحل فكان محرما في مكة ثم اذن فيه "اذن للذين يقاتلون" ثم امر بقتال الذين يلونا فقط"قاتلوا الذين يلونكم من الكفار "ثم امر بجهاد الكفار "فاقتلوهم حيث ثقفتموهم" وهذه الايات التي قبل الاخيرة لا يترك العمل بها نهائيا بل قد يعمل بها في بعض العصور والازمان التي تناسبها
وقد جاء النهي عن القتال في 76 اية
________________________________________
المرحلة السابعة من مراحل فهم القران:
هي معرفة القواعد والضوابط التي تعين على الترجيح عند اختلاف المفسرين

ولنعلم ان هذه المراحل السابقة بالنسبة لعلم القرآن:
انها من قبيل التمهيد و التوطئة لما يتعلق بالكتب المصنفة بعلوم القرآن. فلدينا مصنفات كثيرة جدا في علوم القرآن و التفسير لا غنى لطالب التفسير عنها. و هذه المراحل جاءت لتهيء الطالب للاستفادة بأكبر قدر ممكن من هذه المصنفات.

*** لكن ما نوع الاختلاف عند المفسرين من السلف؟
الاختلاف بين علماء التفسير اقل منه في سائر العوم الشرعية. فاختلاف المفسرين في التأويل ليس كاختلافهم في الحلال و الحرام. و أكثر ما وقع الاختلاف بين السلف هو من قبيل التنوع لا التضاد, كما قررها بن حزم و ابن تيمية و ابن القيم و ابن رجب.و ذلك لان كتاب الله محكم بين واضح كما قال تعالى "ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" , " الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ" , "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" .

***لكن ما أسباب كثرة الخلاف عند المتأخرين؟
فنقول ذلك راجع الى ثلاثة اسباب رئيسية هي:
(1) ضعف الادوات التي تعين على فهم القرآن كاللغة و النحو و البلاغة و سائر علوم اللسان و كذلك ضعف الاصول التي يستعين بها المرء على آيات الكتاب. كأصول الفقه و الحديث و نحو ذلك.

( 2) إن كثيرا من كتب التفسير عند المتأخرين لم يكن على جادة السلف في علوم الكتاب و السنة بل كانوا في علوم الاعتقاد على طريقة أهل البدع. سواء تعلق ذلك بالابتداع في توحيد الالوهية ا و الربوبية أو الاسماء و الصفات أو في غير مسائل الاعتقاد كبدعة التقليد و التمذهب من غير النظر في الدليل و الحجة التي أخذ منها هذا القول. و لذا نشأت اقوال في التفسير لم تأت عن السلف

3) قلة الاطلاع على كتب السلف في التفسير و معرفة ما يثبت و ما لا يثبت. و الناس فيه على طرفي نقيض. فمنهم من يهمل الاسانيد إهمالا كليا فلا يعتد به في آثار السلف. و منهم من يبالغ في ذلك حتى أنه يعامل ما جاء عن السلف كمعاملة ما اسند الى النبي صلى الله عليه و سلم في أحاديث الحلال و الحرام. و كلاهما خطأ. فالاسانيد المكذوبة و الموضوعة التي تروى بها هذه الاثار لا يعتد به أبدا. أما ما كان صحيحا أو حسنا أو ضعفه يسير لضعف الراوي أو ارساله أو نحوه فالاصل أن يقبل و يعتد به ما لم يكن في متنة نكارة أو شذوذ. و هذه طريقة أهل السنة و الجماعة المتقدمين.


*** اوهناك بعض المصنفات تكلمت عن قواعد الترجيح عند المفسرين منها :
( 1) قواعد الترجيح عند المفسرين. للدكتور حسين الحربي
( 2) قواعد التفسير جمعا و دراسة. لخالد السبت.
( 3) قواعد متناثرة في كتب المتأخرين كما ذكر ذلك الطاهر بن عاشور في أول كتابه.


وقواعد الترجيح كثيرة عند المفسرين قد تصل الى مئة قاعدة لكنهم لاينصون عليها ولكن تؤخذ من منهجهم وبذلك نعرف سبب عدم استخراجها والاستفادة منها وهو ان الجامع والباحث لها يريد قاعدة منصوص عليها وهذا لا يلزم بل تؤخذ من منهج المفسرين

ومن القواعد المنصوص عليها ماذكره الطاهر بن عاشور في اول كتابه والسعدي في اول كتابه وهناك قواعد مبعثرة في كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وكتب ابن القيم والسيوطي في كتبه والزركشي في البرهان وعموم كتب علوم القران لاتخلو من ذلك

ولنذكر هنا اهم قاعدتين للترجيح مع مثال على كل منها:

(1) لغة القرآن

وهي ان ترد كلمة في القران في مواطن تكون فيها واضحة المعنى وترد في مواطن اخرى يحتمل فيها المعنى فيحمل المعنى المحتمل على المعنى الواضح وغير المحتمل وهذا من قواعد الترجيح لترجيح المعنى مثل
(2) كلمة الزينة وردت في القران بمعنى الزينة الظاهرة دون احتمال كقوله"نحن جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوكم ايكم احسن عملا "وكذلك النجوم زينة ظاهرة للسماء لكن في قوله"ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها "محتملة للزينة الظاهرة والباطنة فتقاس على مثيلاتها في القران فيكون المراد منها الزينة الظاهرة

***لكن هنا لا بد من بيان الفرق بين التفسير الموضوعي ولغة القرآن حتى لا يحصل لبس بينهما فنقول :التفسير الموضوعي هو ان تجمع الايات المتكلمة عن موضوع معين مع بعض ويستنبط منها المعنى المقصود من مجموعها وتكون غالبا مراحل واطوار للموضوع
اما لغة القران فنجمع الكلمات المتشابهة ونقيس معنى الكلمات المحتملة على معنى الكلمات الواضحة دلالتها
(2) مثال اخر :قوله تعالى "لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ"
قيل المراد الباس الاخروي وقيل الدنيوي وقيل كلاهما لكن نستخدم هنا لغة القران التي تفيد ان هذه الكلمة لم ترد في القران الا بمعنى الباس الدنيوي كقوله:"وانزلنا الحديد فيه باس شديد "وقوله"بعثنا عليكم عبادا لنا اولي باس شديد" فتحمل على الباس الدنيوي اي العذاب الدنيوي

القاعدة الثانية من قواعد الترجيح :القراءات
حيث ان هناك قراءات قد تقرا بها الكلمة الواحدة فناخذ القراءة الاشهر بين الصحابة
ولناخذ مثال يوضح هذه القاعدة:


قوله تعالى :"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا"
كلمة كذبوا فيها قراءتان :

(1=بتشديد الذال وكسرها
(2= بتخفيف الذال وكسرها

التخفيف : ويتفرع عنه معنيان:
(1)وظن القوم ان الرسل كذبوهم وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وابن جبير والضحاك وهو الراجح

2)):وظن الرسل انهم كذبوا فيما وعدوا من النصر وهذا فيه قدح لعصمة الرسل من سوء الظن بالله

التشديد ويتفرع عنه معنيان:

(1)وظن الرسل انهم كذبوا من اتباعهم المؤمنين وروي ذلك عن عائشة وقتادة والنحاس

)2(واستيقن الرسل ان قومهم كذبوهم وهو مخالف لاقوال الصحابة واستعمال العرب الظن بمعنى اليقين

فيكون المعنى على اربع معاني:
1)وظن القوم ان الرسل كذبوا من قبل الله
2)وظن القوم انهم كذبوا من قبل الرسل و هذا الراجح
3)وظن الرسل انهم كذبوا من قبل الله وهذا ضعيف اذ لايمكن للرسل ان تسيء الظن بربها
4)وظن الرسل انهم كذبوا من قبل قومهم ضعفه الطبري لانه مخالف لما ورد عن الصحابة واستعمال العرب الظن بمعنى اليقين

(3 السياق :
ومثاله :"قوله تعالى (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان)
فادعى بعض العلماء ان تكون شيء في الكون على شكل وردة هو المراد بالاية لكن هذا خطا لان سياق الاية ورد في اليوم الاخر وكذلك ما ورد عن السلف في ذلك انها تكون كالوردة في اللون لا الشكل لكن لايمنع ان يقال انه ما حصل معنى مقارب للاية وحصوله في الدنيا مخالف لقوله"ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور"


4()لغة العرب وذلك كما في قوله تعالى :"كمثل حبة انبتت سبع سنابل"
ان المرد بها التكثير لكن ليس تحديدا لكن تقريبا فقد يزيد المراد قليلا او يقل قليلا لكن ليعلم ان مفهوم العدد في للغة غير مراد وذلك كقوله"اجتنبوا السبع الموبقات ""باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ""كمثل حبة انبتت سبع سنابل" والسبعين الفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب لكن هناك نصوص يكون المراد بها السبع تقريبا وهو في الاحكام لا الاخبار كالطواف والسعي سبعا

ولناخذ الان تفسير بعض الايات القرانية لنعرف منهج السلف في التفسير لنسير على خطاهم

(وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴾

اي اذا القي الكفار في النار في مكان ضيق منها حيث يضرب فيها كما يضرب المسمار في الجدار وهم مرتبطين ببعض كل واحد مع اقرانه واصحابه في الدنيا لانه ايضا سيبحث عنهم يوم القيامة فيسلسلون مع بعض ويسمعون بعضا الصراخ والعويل كما اسمعه في الدنيا الاغاني والاثام

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾

اي الطفلة التي ذبحت وهي الصغيرة من غير ذنب فعلته فيسال قاتلها امام الخلائق فضيحة له فما ذا يكون جوابه ؟هو الظلم والاعتداء ففيه بيان عظمة حرمة الدماء في دين الله لانه من اهوال القيامة

﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾

يوم القيامة عند الحشر حين ينتظر الناس ما سيفعل بهم تتطاير الصحف وتفتحت ليرى ما في هذه الصحف التي كانت تكتب اعمالهم في الدنيا فبعضهم يستقبلها بيمينه وبعضهم بشماله
قال تعالى"وقالوا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها"

والسماء كشطت :اي ازيلت من مكانها وهذا في اخر مراحل السماء يوم القيامة وذلك بعد الطوي لها كطي الصحف تزال كما يزال الجلد ويسلخ عن الدابة

﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾
اي تسعير خاص يوم القيامة استعدادا لاهل النار مع ان النار سعرت في الدنيا كما ثبت عند الترمذي عن ابي هريرة موقوفا وله حكم الرفع "اوقد على النار الف عام حتى احمرت ثم الف عام حتى ابيضت ثم الف عام حتى اسودت لذا ورد عن الصحابة ان كل ما في النار اسود لا يدخلها نور ولا يخرج منها نفس لذا لها هول عظيم عندما تزفر اي تخرج هواء حارا تجثو الخلائق حتى ابراهيم وجبريل يقول ابراهيم:رب رب لا اسالك اليوم الا نفسي جبريل يقول:اللهم سلم سلم
واذا الجنة قربت الى المؤمنين تكريبما لهم وتقدم رحمته فيرتاح اهل الا-مان وياتيهم من روحها وريحانها فتصور حال الكفار حين حرمو من الجنة وحال المؤمنين حين انقذو من الجنة

﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾
بعد ذكر هذه الايات ستعلم الانفس ما جاءت به يوم القيامة اذا علمنا ذلك الا ناتي ما يرضي ربنا مع ان ابواب الجنة واسعة وابواب النار ضيقة فالامر يسير على من يسره الله له فاستعن بالله

هذا وما كان من خطا فمني ومن الشيطان وما كان من صواب فمن الله وحده يسر الله امرنا وفتح علينا ورزقنا حسن العلم والعمل

"سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين"
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
ام الخطاب غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[إعلان] صفحة مدارسات مادة الثلاثة الأصول(مراحل قديمة) إبتسام بنت عبدالعزيز المهوّس أرشيف الفصول السابقة 315 21-12-13 08:21 PM


الساعة الآن 09:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .