03-01-07, 08:27 AM | #1 |
~ ما كان لله يبقى ~
|
رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرسلت لي صديقتي ( عابرة سبيل ) عبارات رائعة منها : بسم الله الرحمن الرحيم.. يقول ابن القيم في رسالته إلى أحد إخوانه: " أنكد العيش عيش من قلبه مشتت، وهمه مفرق، فليس لقلبه مستقر يستقر عنده، ولا حبيب يأوي إليه ويسكن إليه، كما أفصح القائل عن ذلك بقوله: وما ذاق طعم العيش من لم يكن له ... حبيب إليه يطمئن ويسكن فالعيش الطيب، والحياة النافعة، وقرة العين، في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن إلى شيء منها، ولم تقر به عينه حتى يطمئن إلى ((إلهه وربه ووليه))، الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين". يقول أحد المشايخ معلقا على كلام ابن القيم: ولهذا كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، فبه يثبت القلب على الحق، وتسعى الجوارح في فعل الخير، ولا تفتر العزيمة عن الازدياد من ذلك، ولا تحس النفس بملل. والحب في الله يعين على ثبات القلب على الحق حتى لو خالفه أقرب الناس إليه، فإنه حينئذ ينصرف عنه، وينشغل بسواه ممن يحقق له مقصود الحب في الله.. منقول بتصرف.. وأختك المحبة لك في الله تقول"أي حب لايوصلك ولا يقربك إلى الله فاتركيه..وابحثي عن غيره..حتى أنا إذا رأيتي أن علاقتك بي لاتوصلك إلى الله..فابحثي عن غيري ولاتبالي".... فأعجبني جدًا الكلام وبحثت عن عبارات ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى - الرائعة حتى توصلت إليها ولله الحمد إنها الأخوة في الله فمناسبة هذا الموضوع رسالة أخوة في الله والموضوع رسالة أخوة في الله فسبحان الله والحمد لله أدعكن الآن للرسالة وهي بين يديكن فلتتأملن معانيها وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى ~~~~~~~~ بسم الله الرحمن الرحيم الله المسؤول المرجو الإجابة أن يحسن إلى الأخ علاء الدين في الدنيا والآخرة وينفع به ويجعله مباركا أينما كان فإن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل ونصحه لكل من اجتمع به قال الله تعالى إخبارا عن المسيح (وجعلني مباركا أين ما كنت ) أي معلما للخير داعيا إلى الله مذكرا به مرغبا في طاعته فهذا من بركة الرجل ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة ومحقت بركة لقائه والاجتماع به بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به فإنه يضيع الوقت في الماجريات ويفسد القلب وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب وتعود بضياع حظه من الله ونقصان درجته ومنزلته عنده ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها وكان ممن قال الله فيه (ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهواءهم وصارت أمورهم ومصالحهم (فرطا ) أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلا وآجلا وهؤلاء قد أمر الله سبحانه رسوله ألا يطيعهم فطاعة الرسول لاتتم إلا بعدم طاعة هؤلاء فإنهم إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى والغفلة عن ذكر الله والغفلة عن الله والدار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد ما بينهما كل شر وكثيرا ما يقترن أحدهما بالآخرة ولا يفارقه ومن تأمل فساد أحوال العالم عموما وخصوصا وجده ناشئا عن هذين الأصلين فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به فيكون من الضالين واتباع الهوى يصده عن قصد الحق وإرادته واتباعه فيكون من المغضوب عليهم وأما المنعم عليهم فهم الذين من الله عليهم بمعرفة الحق علما وبالانقياد إليه وإيثاره على ما سواه عملا وهؤلاء هم الذين على سبيل النجاة ومن سواهم على سبيل الهلاك ولهذا أمرنا الله سبحانه أن نقول كل يوم وليلة عدة مرات (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فإن العبد مضطر كل الاضطرار إلى أن يكون عارفا بما ينفعه في معاشه ومعاده وأن يكون مؤثرا مريدا لما ينفعه مجتنبا لما يضره فبمجموع هذين يكون قد هدي إلى الصراط المستقيم فإن فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين وإن فاته قصده واتباعه سلك سبيل المغضوب عليهم وبهذا يعرف قدر هذا الدعاء العظيم وشدة الحاجة إليه وتوقف سعادة الدنيا والآخرة عليه والعبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ويذره فإنه بين أمور لا ينفك عنها أحدها أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلا فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها أو يكون عارفا بالهداية فيها فأتاها على غير وجهها عمدا فهو محتاج إلى التوبة منها أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علما ولا عملا ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها وإلى قصدها وإرادتها وعملها أو أمور قد هدي إليها من وجه دون وجه فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها أو أمور قد هدي إلى أصلها دون تفاصيلها فهو محتاج إلى هداية التفصيل أو طريق قد هدي أليها وهو محتاج إلى هداية أخرى فيها فالهداية إلى الطريق شيء والهداية في نفس الطريق شيء آخر ألا ترى أن الرجل يعرف أن طريق البلد الفلاني هو طريق كذا وكذا ولكن لا يحسن أن يسلكه فإن سلوكه يحتاج إلى هداية خاصة في نفس السلوك كالسير في وقت كذا دون وقت كذا وأخذ الماء في مفازة كذا مقدار كذا والنزول في موضع كذا دون كذا فهذه هداية في نفس السير قد يهملها من هو عارف بأن الطريق هي هذه فيهلك وينقطع عن المقصود وكذلك أيضا ثم أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها وأمور يعتقد أنه فيها على هدى وهو على ضلالة ولا يشعر فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله وأمور قد فعلها على وجه الهداية وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ويرشده وينصحه فإهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية فإن الجزاء من جنس العمل فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هاديا مهديا كما في دعاء النبي الذي رواه الترمذي وغيره اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لأوليائك حربا لأعدائك نحب بحبك من أحبك ونعادي بعداوتك من خالفك وقد أثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه أن يجعلهم أئمة يهتدى بهم فقال تعالى في صفات عباده (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) قال ابن عباس يهتدى بنا في الخير وقال أبو صالح يقتدى بهدانا وقال مكحول أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون وقال مجاهد اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم وأشكل هذا التفسير على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم وقال يجب أن تكون الآية على هذا القول من باب المقلوب على تقدير واجعل المتقين لنا أئمة ومعاذ الله أن يكون شيء مقلوبا على وجهه وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله فإنه لا يكون الرجل إماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب وهو اقتداؤهم بالسلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله أئمة للمتقين من بعدهم وهذا من أحسن الفهم في القرآن وألطفه ليس من باب القلب في شيء فمن ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه ووحد سبحانه لفظ ( إماما ) ولم يقل واجعلنا للمتقين أئمة فقيل الإمام في الآية جمع آم نحو صاحب وصحاب وهذا قول الأخفش وفيه بعد وليس هو من اللغة المشهورة المستعملة المعروفة حتى يفسر بها كلام الله وقال آخرون الإمام هنا مصدر لا اسم يقال أم إماما نحو صام صياما وقام قياما أي اجعلنا ذوي إمام وهذا أضعف من الذي قبله وقال الفراء إنما قال ( إماما ) ولم يقل أئمة على نحو قوله ( إنا رسول رب العالمين ) ولم يقل رسولا وهو من الواحد المراد به الجمع لقول الشاعر ( يا عاذلاتي لا تردن ملامتي % إن العواذل ليس لي بأمير ) أي ليس لي بأمراء وهذا أحسن الأقوال غير أنه يحتاج إلى مزيد بيان وهو أن المتقين كلهم على طريق واحد ومعبودهم واحد وأتباع كتاب واحد ونبي واحد وعبيد رب واحد فدينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ومعبودهم واحد فكأنهم كلهم إمام واحد لمن بعدهم ليسو كالأئمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم ومذاهبهم وعقائدهم فالائتمام إنما هو بماهم عليه وهو شيء واحد وهو الإمام في الحقيقة |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
¤ شِدَّة النَّهَمة، وسموّ الهمة ..يا طالبات الوصول¤ | وصال خليفة | روضة آداب طلب العلم | 2 | 21-02-14 09:21 PM |
تفريغ حلقات من سلسلة (رسالة إلى..)شيخنا مسعد أنور | غريبة في دنياي | النشرات الدعوية | 0 | 24-05-13 12:22 PM |