|
دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-02-08, 09:00 AM | #1 |
~مشارِكة~
|
تفريغ الدرس الأول من دروس سلسلةاسماء الله الحسنى للشيخ خالد السبت
الدرس الأول
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، و لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق, ووعدك حق, وقولك حق, ولقاؤك حق, والجنة حق, والنار حق, والساعة حق, والنبيون حق, ومحمد صلى الله عليه وسلم حق . اللهم لك أسلمنا وعليك توكلنا وبك آمنا وإليك أنبنا وبك حاكمنا . ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض, وملء مابينهما, وملء ما شئت من شيء بعد, أهل الثناء والمجد, أحق ما قال العبد, وكلنا لك عبد . اللهم لامانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولاينفع ذا الجد منك الجد . اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد ، وأنصر من ابتغى ، وأرأف من ملك ، وأجود من سئل ، وأوسع من أعطى ، أنت الملك لاشريك لك ، والفرد لاند لك ، كل شيء هالك إلا وجهك . لم تطاع إلا بإذنك , ولم تعصى إلا بعلمك, تطاع فتشكر, وتعصى فتغفر, أقرب شهيد وأدنى حفيظ, حلت دون النفوس, وأخذت بالنواصي , وكتبت الأثار, ونسخت الآجآل القلوب لك مفضية, والسر عندك علانية, الحلال ما أحللت, والحرام ماحرمت, والدين ما شرعت, والأمر ما قضيت, والخلق خلقك وأنت الرؤف الرحيم. أما بعد, أيها الأحبة الله تعالى أمرنا أن نسأله علما نافعا كما جاء في حديث جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (( سلو الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لاينفع )).فهذا كلام من لا ينطق عن الهوى. وكان صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك أمته عمليا فكان من دعائه: (( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن قلب لايخشع ومن نفس لاتشبع ومن دعوة لايستجاب لها)). فإذا كان الإنسان مطالبا بأن يسعى إلى تحصيل العلوم النافعة, وأن يسأل ربه - تبارك وتعالى- أن يوفقه لذلك وأن يدله عليه, فلا شك أن العلم المتعلق بالمعبود- جل جلاله- أنه أشرف العلوم وأنفع العلوم؛ لأنه يتعلق بالرب المالك المعبود لاإله إلا هو, وقد قيل إن شرف العلم بشرف المعلوم, ولاريب أن الله -تبارك وتعالى- هو أشرف المعلومات, فالعلم النافع أيها الأحبة : ماعرف العبد بربه, ودله عليه حتى عرفه, ووحده, فصار يـأنس به, ويستحي منه, ويستشعر رقابته, ويقبل على عبادته, كما يقول ابن رجب- رحمه الله: أن اصل العلم أيها الأحبة هو العلم بالله- عز وجل -الذي يوجب لنا الخشية والخوف, الذي يبعث في نفوسنا الشوق إلى لقاء الله جل جلاله. فالعلم النافع مايدل على أمرين: الاول: معرفة الله تبارك وتعالى وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الكاملة. وذلك ولاشك يستلزم إجلاله, وإعظامه, وخشيته, ومهابته, ومحبته, ورجاءه, والتوكل عليه, والرضا بقضائه, والصبر على بلائه. الثاني: يعرفنا مايحبه المعبود -جل جلاله- ما يرضاه منا, وما يكرهه, ويسخطه من الاعتقادات والأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. أيها الأحبة متى كان العلم نافعا ومستقر في القلب فإن ذلك يوجب له ولابد خضوعا وانكسارا وخشية فتظهر اثاره على العبد إجلالا لله وتعظيما بخلاف العلوم التي لاتورث القلب الا قسوة واعراضا وشرودا عن ربنا ومليكنا ومعبودنا جلا جلاله ونحن أيها الأحبة في مثل هذه المجالس نتذاكر في أشرف العلوم في العلم المتعلق بأوصاف الله عز وجل واسمائه, العلم الذي يعرفنا بخالقنا وربنا وإلهناومعبودنا, والعبد بحاجة إلى هذا العلم؛ من أجل ان يعظم المعبود حق التعظيم, ومن أجل أن يعبده عبادة لائقة, فلا يقدم شيء على محاب الله -عز وجل- ولايوجد في قلبه ما يزاحم محبة الله, أو يكون شيء من المخلوقين أعظم في نفسه خوفا من الله جل جلاله أو يتوكل على الخلق الضعفاءولايثق بما عند الله - تبارك وتعالى. إلى غير ذلك من الأمور التي سنذكرها في موضعها إن شاء الله. نحن في هذا المجلس بإذن الله تبارك و تعالى سنتحدث عن بعض المقدمات المتعلقة بالأسماء الحسنة, و سيكون المجلس الثاني إن شاء الله مكملا لهذا المجلس, فقد رأيت أن أفرقها في مجلسين؛ من أجل أن يكون ذلك أدعى لضبطها و فهمها و استيعابها لأنها قد تحتاج إلى شيء من التركيز و الإسراع في عرضها , ربما يفوت المقصود من ذكرها, في هذا المجلس أيها الأحبة أرجو أن يتسير الحديث عن تسع قضايا:الأولى: في الكلام عن الاسم و الصفة و الفرق بينهما. الثانية: في ذكر ضابط يضبط ما يضاف إلى الله تبارك و تعالى من الأسماء. الثالثة: في الكلام على الأركان, أركان الإيمان بأسماء الله الحسنى. الرابعة: في الكلام عن إحصائها (إن لله تسعة و تسعين اسما, مائة إلا واحد, من أحصاها دخل الجنة), ما المراد بالإحصاء؟ الخامسة: في الكلام عن الروايات التي ورد فيها سرد الأسماء في هذا الحديث المخرج في الصحيحين, جاء في بعض رواياته في غير الصحيحين سرد للأسماء سأتكلم على ثبوت هذا الحديث و ما يتعلق بالكلام على رواياته و ضعفه. السادسة: في ذكر مظان الأسماء الحسنى, أين نبحث عنها؟ أين نجدها؟ السابعة: في الأصول التي ترجع إليها, ماهي الأسماء التي ترجع إليها جميع الأسماء الحسنى؟ الثامنة: في تفاضل أسماء الله تبارك و تعالى. التاسعة: في الكلام عن الاسم الأعظم. هذه تسع قضايا في هذه الليلة نرجوا أن نتمكن من عرضها, و سأحرص بإذن الله -عز و جل- على أن يكون الكلام سهلا واضحا, لا يستشكله السامع. أما أولا: فالكلام عن الاسم , معنى الاسم و الصفة, و الفرق بين الاسم و الصفة, تعرفون أن النحاة يعرفون الاسم من حيث هو يقولون: مادل على معنى في نفسه و لم يقترن بزمن, زيد, مسجد, مصحف,و أن الفعل مادل على معنى في نفسه و اقترن بزمان, ذهب: بالزمان الماضي, دل على معنى الذهاب, و دل على زمن, الزمن الماضي, يذهب: دل على الذهاب, و دل على الزمان و هو المضارع, اذهب: دل على الذهاب و دل على طلبه في المستقبل, و هكذا, قرأ: دل على القراءة و دل على زمانها, أنه كان في الزمن الماضي, يقرأ: في الزمن الحاضر المضارع, فالفعل يدل على شيئين, على المعنى و يدل على الزمن, و أما الاسم, فيقولون : مادل على معنى في نفسه و لم يقترن بزمان, و شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: (بأن أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها), فهذا كأس و هذه ساعة, و هذا الذي بيدك كتاب, أو دفتر, و هذه نظارة, و هذا مصحف, وتلك سيارة، فهي الألفاظ الدالة على الأشياء إما بالإشارة فنشير إليه, إما بالإشارة الحسية, أو بأسماء الإشارة, نقول: هذا أفضل من هذا, أو نقول: خذ هذا, و قد نتعرف على الأشياء بما يدل عليها من الضمائر,حينما تكنى عنها بالضمير, فنقول: هو مسافر, يعني من؟ يعني زيد - مثلا -هو مسافر, و نتعرف عليها بأسمائها, التي وضعت لها, فهذا زيد, و هذا عمرو, و هذا صالح, و هذا ثوب, و هذا منزل, دار, و هذه طائرة, و هكذا, هذا معنى الاسم. و الصفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات, و عبر عنها ابن فارس – رحمه الله – و هو من أئمة اللغة من المتقدمين من أهل السنة الذين لا نجد في كتبهم لوثة كلامية – رحمه الله رحمة واسعة – يقول عن الصفة: بأنها الأمارة اللازمة للشيء, هذا طويل و هذا قصير, هذا مريض و هذا صحيح, و هذا عالم و هذا جاهل, و هذا تقي و هذا فاسق, و هذا مؤمن و هذا كافر, فهذه أوصاف, هذه هي الصفة, و بهذا يمكن أن نعرف الفرق بين الاسم و الصفة|, و في فتاوى اللجنة الدائمة ورد سؤال عن هذه القضية, و حاصل الجواب: أن أسماء الله كل مادل على ذات الله,مع صفات الكمال اللائقة به, بناء على أي اعتبار؟ باعتبار – كما هو الراجح- أن أسماء الله عز و جل مشتقة مافيها اسم جامد, الاسم الجامد, يعني غير المشتق, فالمشتق معنى ذلك أنه يدل على صفة أو مشتق من صفة, فالرحيم من الرحمة و الغفور من الغفر, و الرزاق من الرزق, و الخالق من صفة الخلق, و الحي من صفة الحياة,فأسماء الله تبارك و تعالى تدل على أوصاف كلها مشتقة و لا شك أن المشتق أبلغ من الجامد؛ لأن الجامد لا يدل على صفة, و سيأتي إيضاح هذا بإذن الله عز و جل بأكثر من هذه الجملة, لكن يقال: أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به, نقول : العزيز دل على ذات الله, و دل على صفة العزة, الرحيم: دل على ذات الله و على صفة الرحمة, الله: دل على ذات الله و على صفة الإلهية, الخالق: دل على ذاته و على صفة الخلق, الحي : دل على ذاته و على صفة الحياة, إلى غير ذلك, فهذه أسماؤه تبارك و تعالى تدل على ذاته, و تدل على صفة تقوم به ملازمة للذات, أما الصفات: فهي نعوت الكمال القائمة بالذات. إذا الاسم يدل على أمرين, و الصفة تدل على شيء واحد, الصفة : مثل العزة ليست اسم, الاسم هو العزيز, يدل على الذات و على صفة العزة, العزة صفة فهي تدل على معنى يقوم بالله عز و جل, هذه تسمى صفة معنوية, كما سيأتي بإذن الله, و هكذا الصفات غير المعنوية, مثل صفة الوجه فهي صفة ثابتة لله تبارك و تعالى, لكنها ليست اسما, و هكذا الصفات العقلية, مثل الاستواء, النزول, فالاستواء صفة فعلية, و هو علو خاص (استوى على العرش) أي علا و ارتفع, الكلام صفة فعلية, لكن ليس من أسماء الله عز و جل, و لا من أسمائه المتكلم, و لا من أسمائه المستوي, لكن من صفاته الاستواء و الكلام و العلو و الفوقية, و ما إلى ذلك من أوصاف, إذا الصفة تدل على نعوت الكمال القائمة به, سواء كانت معنى أو صفة غير معنوية, أو كانت فعلا من الأفعال, و يمكن أن نذكر ثلاثة فروقات- على سبيل الاختصار و التلخيص- بين الاسم و الصفة, حتى نفرق بينهما, فنقول: الفرق الأول بين الاسم و الصفة: أن الأسماء يشتق منها صفات, أما الصفات فلا يشتق منها أسماء, هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة, في هذا الباب الأسماء يشتق منها صفات, كل اسم , نحن قلنا كل الأسماء مشتقة و كل اسم يشتق منه صفة لله تبارك وتعالى, الكريم, يشتق منه صفة الكرم, الكريم اسم و الكرم صفة, العلي يشتق منه صفة و هي العلو, فالعلي اسم من أسماء الرب عز و جل¸ الرب اسم من أسمائه يشتق منه صفة الربوبية, المعطي اسم من اسمائه جل و علا, يشتق منه صفة الإعطاء, و هكذا, لكن هل تشتق من صفات الله - جل و علا- أسماء له؟ الجواب: لا؛ لأنه كما سيأتي أن أسماء الله - تبارك و تعالى- توقيفية, فلا نأخذ له أسماء نحن نفهمها من الصفات, لا نسميه إلا بما سمى به نفسه, أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم فقط, فإذا رأيت صفة مثل الكلام فإنك لا تأخذ منها اسم لله عز و جل, و تقول من أسمائه المتكلم, من صفات الله - عز و جل- الكيد (و أكيد كيدا) ليس من أسماء الله -عز و جل- الكائد, من صفات الله - تبارك و تعالى- أنه ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر كل ليلة, فلا يمكن أن نأخذ من هذا اسما فنقول: من أسماء الله -عز و جل- النازل! فالأسماء لا تشتق من الصفات,’ لكن الصفات تشتق من الأسماء, كلما رأيت اسما لله -عز و جل- فإنه متضمن لصفة, يمكن أن نأخذ منه صفة, فإنه يدل على أوصاف الكمال, قد يدل على صفة واحدة و قد يدل على أكثر, فأسماء ربنا - تبارك و تعالى- أوصاف, كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية: أسماؤه أوصاف مدح كلها***مشتقة قد حملت لمعاني يعني تحمل معاني كاملة و أوصاف لائقة بالله - تبارك و تعالى, نحن نحتاج هذه القضايا, يعني عن الكلام على اسم الله الرحمن في موضعه, من أهل العلم من يقول: أنه جامد, الكلام على اسم الله - تبارك و تعالى- الله هل هو جامد أم مشتق؟ إن قلنا أنه مشتق فمعنى ذلك أنه يدل على صفة, فالقاعدة من الآن أن كل أسماء الله عز و جل مشتقة, فهي دالة على أوصاف الكمال, فأسماؤه أسماء, و في نفس الوقت هي نعوت تدل على صفات الكمال له تبارك و تعالى, و لا تنافي فيها كونها علمية تدل على الذات, و بين الوصفية فالرحمن علم على الذات الإلهية, و هو أيضا يتضمن صفة و هي الرحمة, فإسميته و وصفيته لا تنافي بينها, لأن كل اسم يتضمن صفة, فإذا نظرنا إلى الاسم باعتبار أنه صفة, كالرحمن مثلا, فإنه يأتي تابعا لاسم الله عز و جل لفظ الجلالة (الله), و إذا ورد: تقول بسم الله الرحمن الرحيم, يراد به العلمية مع الصفة, فإنه يأتي: (قل ادعو الله و ادعو الرحمن), فنقول يارحمن يعني يا الله , فأنت تدعو الله عز و جل, فهو علم عليه تبارك و تعالى, هذا هو الفرق الأول. الفرق الثاني : اسماء الله عزوجل لا تشتق من أفعال الله - تبارك وتعالى- فالله من أفعاله أنه يحب ويكره ويضحك, وينزل إلى السماء الدنيا ويغضب، فلا نقول أخذاً من هذه الأفعال أن نسميه المحب الكاره الغاضب النازل, ما إلى ذلك, ( الأسماء لا تشتق من الأفعال ), أما الصفات فإنها تشتق من الأفعال : فمثلا : " يحبهم ويحبونه " هذا فعل, ونشتق منه صفة فنثبت لله - عز وجل- صفة المحبة, الله - عز وجل- غضب على أقوام ( غضب يغضب ), إذا وردت هذه اللفظة في أفعال الله عز وجل يمكن أن نشتق منها صفة, فنقول من صفاته - سبحانه وتعالى- صفة الغضب ، ومن أفعاله أنه يغضب، فالصفات تشتق من الافعال، الأسماء لا تشتق من الأفعال؛ ولهذا قيل : باب الأسماء أضيق من باب الصفات وباب الأفعال أوسع من باب الصفات باب الصفات أوسع من باب الأسماء باب الأفعال أوسع من باب الصفات, إلا إذا أدخلنا الأفعال في جملة الصفات, وإذا أردنا أن نوضح هذا أكثر نقول: باب الصفات أوسع من باب الأسماء وباب الإخبار أوسع من باب الصفات (باب الإخبار) بمعنى أنك تخبر عن الله عز و جل فتقول الله يقرر هذا المعنى " يقرر " هل هذا من أسماء الله عز وجل ( المقرر)؟ الجواب : لا . هل هو من الصفات ؟ فلا يلزم ، فأنت يمكن أن تعبر بعبارة لا تكون (هذه العبارة) تنقيصا من حق الله عز وجل ، ولا تكون غير لائقة لله عز و جل ، تعبر بها لا من باب الوصف ولكن من باب الخبر ، فالخبر أوسع فبعض الناس يستشكل عليه ، يقول : لماذا تقول أن الله يقرر هذا المعنى ؟ لابد أن نتأكد أن التقرير من صفات الله عز وجل أم لا؟! نقول : لا يحتاج أن نتأكد فباب الأخبار أوسع من باب الصفات وباب الصفات أوسع من باب الأسماء فعندنا صفات لا يشتق منها أسماء لله عز وجل كما سمعتم . الفرق الثالث: إن أسماء الله تعالى وصفاته تشترك بالإستعاذة والحلف بها ، الأسماء مثل العزيز . تقول :أعوذ بالعزيز ..أعوذ بالله ..أعوذ بالرحمن فاتعذت بها . فالأسماء والصفات تشترك بالإستعاذة و(الحلف) تقول: والله والعزيز والرحمن والعظيم والعلىّ ، تحلف بأسماء الله عز و جل ، وأيضا تحلف وتستعيذ بالصفة ، تقول : وعزة الله وعظمة الله .... واضح. هل يجوز للإنسان أن يحلف بالقرآن؟؟ يجوز . لماذا ؟ لأن القرأن كلام الله وكلام الله صفة من صفاته فتحلف بالقرآن . لكن هل يجوز أن تحلف بالكعبة ؟ لا, لماذا؟ لأنها مخلوقة. فنحن بالصفات نستعيذ بها, فنقول: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر), وتحلف بها فتقول: وعزة الله, و عظمة الله, وإلهية الله, وكلام ربي . إذن تشترك الأسماء والصفات, لأنه يحلف بها ويستعاذ بها، ولكن تختلف في أمرين, تختلف في : 1) التعبد بها 2) الدعاء بها فالتعبيد والدعاء لا يكون إلا بالأسماء فقط. تقول: عبد الله ، عبد الرحمن، عبد العظيم، عبد الكريم، ولا تقول عبد الكرم، الكرم صفة، هل تقول : عبد العزة ؟ عبد الرحمة؟ ا لجواب : لا، لا نعبد أسماءنا بصفات الله - عز وجل- وإنما بأسمائه ، لأن التعبد إنما يكون لله تبارك وتعالى . وأما الدعاء : فإنك تقول : يا الله يا رحمن، يا رحيم، يا عظيم. لكن هل تقول: يا عزة الله؟ يا رحمة الله؟ يا عفو الله؟ هكذا تدعو الصفة ؟ الجواب: لا، لأن الصفة لا تدعى، إنما الذي يدعى الله عز وجل، تقول: يا عزيز، يا رحيم، يا عفو اعف عني، يا رحمن ارحمني, وهكذا . إذن : اتفقت الأسماء مع الصفات في شيئين وافترقتا في شيئين. هذه ثلاث فروقات . ثــانـيـــــــــــا : ضابط الأسماء الحسنى : ما هو الضابط الذي نستطيع معه أن نُسمّي الله عز وجل، أو أن نتعرف به على أسمائه؟؟؟ ستجدون في كلام أهل العلم الذين عدوا الأسماء الحسنى تفاوتا- حتى الروايات التي سردت الأسماء الحسنى- تجدها متفاوتة، وبعضهم يعد - مثل ذو الجلال والإكرام -من الأسماء, وبعضهم يذكر أسماء قد لا تثبت لله عزوجل, مثل الباقي"ويبقى وجه ربك" هذه الصفة ، فبعضهم يأخذ منها اسم الباقي, فما هو الضابط الذي من خلاله نعرف الإسم ونقول هذا اسم من أسماء الله عز وجل ؟ العلماء في هذه القضية غير متفقين : * فمنهم من يعتمد على العدد الوارد في الأسماء المسرودة في حديث أبي هريرة المشهور في الصحيحين، لكن كما قلت سرد الأسماء ليس في الصحيحين: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة" ثم جاء سردها في هذه الروايات، فأخذنا هذه الروايات - يعني من صحح هذا الحديث- وله بعض طرقة, كروايته عند الترمذي, وقالوا هذه اسماء لله –عزوجل- وهؤلاء سيبقى عندهم إشكالات لأن الروايات الواردة فيها أيضا مختلفة ليست متفقة. * ومن أهل العلم من اقتصر على ما ورد بصورة الاسم فقط, كما فعل ابن حزم في عد أسماء الله – عزوجل- فيما ورد بصيغة الاسم, فقال:هذا الاسم لله عزوجل، وهذا منهج ضيق. *ومنهم من قابله بتوسع فاشتقوا من كل صفة وفعل اسم لله تعالى، ولم يفرقوا بين باب الأسماء والصفات، بل أدخلوا أشياء وهي من باب الإخبار فجعلوها من أسماء الله تبارك وتعالى، وأضافوا إلى الله أسماء لا يصح أن تضاف إليه . *والمنهج الرابع وهم الذين توسطوا بين منهج من ضيق ذلك- كابن حزم- واقتصر على ماجاء بصيغة التسمية, وبين منهج من توسع فأضاف إلى الله تبارك وتعالى كل ماجاء في الأفعال والصفات. فهذا هو قول عامة أهل العلم وعليه المحققون فجعلوا شروطا لاشتقاق الاسم من الصفة أخذاً من النصوص؛ ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في بيان ضابط الأسماء : الضابط الأول الأسماء الحسنى هي التي يدعى الله بها فيقال: ياالله، ياعزيز، يارحمن,هذه واحدة. الضابط الثاني : ما جاء في الكتاب والسنة, يعني لا نركب أشياء ونولدها من عند أنفسنا. الضابط الثالث ولا بد لهذه الاسماء أن تقتضي الثناء والمدح المطلق بنفسها : مثلا : النزول، هل يقتضي من حيث هو نزول أن يدل على كمال في نفسه ؟ الجواب: لا، فالأسماء لا بد أن تدل على كمال بنفسها . الضابط الرابع ومعنى حسن فهي حسنى والله -عز وجل- يقول : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " فقال " ولله " يعني سمّى بها نفسه فنأخذها من الكتاب والسنة, وفي دعاء النبي عليه الصلاة والسلام : "أسالك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي. ", وكل هذه الله - تبارك وتعالى- سمّى بها نفسه ، فهي تقتضي معاني حسنة كاملة . واما ما كان منقسما في معناه إلى كمال ونقص وخير وشر فإنه لا يدخل في أسمائه الحسنى, مثل الكيد : الكيد قد يكون بمعنى كمال, وذلك في مقابلة من يستحق الكيد ويكون نقصا بدون مقابلة . المكر من صفات الله عز وجل ويكون كمالا عندما يوقع فيمن يستحق ذلك، قال الله جل شأنه : " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ", ولكن هل يضاف ذلك إلى الله عز وجل على سبيل الإطلاق ؟ فنقول كائد مثلا ؟؟ الجواب: لا، لأنه لا يتضمن كمالا بهذا الإطلاق من كل وجه، وإنما يكون كمالا في موضعه . فالله- عز وجل- اضافه إلى نفسه, لا من باب الأسماء, ولكن من باب الأفعال والصفات حيث يكون كمالا فقط . فنقول : الله عز وجل يمكر بالكافرين، وبالمجرمين وبالظالمين. ونقول : الله عز وجل يكيد للكافرين، للمنافقين فيملي لهم؛ ليزدادوا كفرا, ثم بعد ذلك يلقونه على شر حال، وتكون عاقبتهم إلى النار, وهكذا . فهذا لا يكون بإطلاق وإنما يكون كمالا في موضعه الذي يحسن فيه، وهذا هو الذي يضاف الى الله تبارك وتعالى . اذن في أسماء الله عز وجل لابد أن يكون الاسم ورد في الكتاب والسنة، ولابد أن يدل على معنىً حسن بإطلاق، وأن الله يدعى بها. ثـالثـــــــــــــــا : أركان الإيمان بأسماء الله الحسنى: ويمكن أن أذكر تحته ثلاثة أركان : الركن الأول : أنه يجب على المؤمن أن يؤمن بالإسم حقيقة, بحيث لا ينفي الاسم ولا ينكره أو يجحده, أو يقول: أن الله عز وجل ليس له أسماء، ولكن يجب الإيمان بالاسم الذي سمى الله به نفسه، فالإيمان بالإسم يدخل تحته: 1-أن تثبت الاسم حقيقة لله تبارك وتعالى ، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- اتفاق جميع أهل الإثبات, الذين يثبتون الصفات من مختلف الطوائف- أن الله حىٌ حقيقة، سميعٌ حقيقة، بصيرٌ حقيقة، عليمٌ حقيقة،قديرٌ حقيقة. فإذا أردنا أن نؤمن بالاسم نثبت هذه الأسماء حقيقة لله -عز و جل- هذا واحد. 2-ان ننزه الله عن مماثلة المخلوقين فالمخلوق يقال له عزيز، قال الله -عز وجل- : " وقالت إمرأة العزيز"، والله أيضاً يسمى بالعزيز، ولكن حينما نسمي الله -تبارك وتعالى- بالعزيز, فإنه لا يكون مماثلا لهذا المخلوق الذي سُميَّ بالعزيز . فالتشابه أو التماثل لفظاً لا يوجب التماثل حقيقة ومعنى ، فلله من العزة ما يليق به، وللمخلوق من العزة ما يليق به، مثل ما تقول الله -عز وجل- يقال له الحي, والمخلوق يقال له الحي، وحياة الله عز جل غير حياة المخلوق، فحياة المخلوق مسبوقة بالعدم ويعقبها الموت والفوت، ويعتريها النقص والآفات، فالموت والمرض والتعب والإرهاق والضعف والنعاس والسنة ، كل ذلك نقص في الحياة لذلك يقول الله عز وجل: " الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ", فتنفي عنه هذة العوارض التي تكون نقصا في الحياة، فحياته كاملة من كل وجه قال تعالى : " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" . ولاحظوا هنا أنه وصف نفسه بالسمع والبصر، والمخلوق له سمع وبصر، لكن سمع الله -عز و جل غير سمع المخلوق، وبصر الله عز و جل مغاير لبصر المخلوق، وإن تطابق الاسمان لفظاً، فهذا الأمر الثاني. 3-فيما يتعلق بالإيمان في الاسم، أن تؤمن بأن أسماء الله تبارك و تعالى بالغة في الحسن، فألفاظها في غاية الحسن, لا تجد لفظاً تنقبض منه الأسماع, وهي أيضا متضمنة للصفات الكاملة ( الحسنى)، فأحياناً قد تجد الإنسان يتسمى باسم ولكنه متضمن لصفة نقص, وقد لا يعلم أصحابه ذلك, ولا سيما بعض الأعاجم, ( فمنهم من يسمي نفسه خنزير لأنه لفظ ورد بالقرآن، ومن يتسمى جهنم، وأحيانا يتكلفون ويبحثون عن أسماء لا معنى لها وقد تكون أصوات لبعض الحيوانات المستهجنة, وهو عند نفسه أنه قد أتى باسم لم تأت به الأوائل, فهو اخترع اسم جديد فريد، ولا يدري أنه معناه صوت القرد, أو هو اسم نهيق الحمار، وغيره مما له معنى مستهجن (اسم غريب أعجبهم فسموا به). المقصود: أن أسماء الله عزوجل حسنى في اللفظ وحسنى أيضا من جهة المعنى ، فهي تدل على صفات تتضمن أوصافا كاملة لا نقص فيها لا احتمالاً ولا تقديراً, فهي كما يقول القرطبي صاحب التفسير : "حسنة في الأسماع والقلوب", فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وما إلى ذلك من صفات كماله . والحسن في أسمائه تبارك وتعالى الحسنى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، العزيز اسم من أسماء الله الحسنى يدل على صفة العزة، اسم الرحيم يدل على صفة الرحمة، حسنى لفظا ومعنى وتكون حسنى باعتبار ضمّها إلى غيرها، فإذا قلت مثلا: العزيز الحكيم فهذا من أبلغ ما يكون, العزة غالبا تحمل على ماذا؟ تحمل على القهر والتسلط والعسف، فلربما تكون هذه الصفة موجودة عند الإنسان (العزة) ولكن تحمله على ما لايليق، أما الله عز وجل عزيز حكيم، يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها فعزته مقرونه بالحكمة لا يصدر عنه شيىء يخرج عن الحكمة بخلاف الإنسان، قد تكون عنده عزة, فيحمله ذلك على الظلم والعدوان والقهر للخلق، وكل مثل ذلك، حينما يقترن اسم الغني باسمه الحميد الغنى يحمل على البطر والطغيان قال تعالى :"كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى".أما غنى الله تبارك وتعالى فهو غنىً مع حمد، الغني الحميد، فهو محمود في غناه . الإنسان قد يغنيه الله عز وجل فيكون سبب ذلك الكبر والبطر والكفر والتعالي على الخلق، والإعراض عن الله جلّ جلاله والمعاصي والفجور, الله تبارك وتعالى غنيٌ حميد, وهكذا السمع والبصر، السميع اسم يدل على صفة السمع ، والبصير يدل على صفة البصر، فإذا قال السميع البصير فهذا يدل على الإحاطة، فالأشياء إما أن تكون أصواتا مسموعة، وإما أن تكون مبصرة، فالله عز وجل يسمع الأصوات ويبصر وهو عظيم البصر سبحانه، لا يفوته شيء، لا تخفى عليه خافية، فيقرن بين السميع والبصير فهذا يكون كمالا مركب. الركن الثاني من أركان الإيمان بالله عز و جل :- أن تؤمن بما دلّ عليه الاسم من معنى، وهذا يتضمن أمرين: الأول : الإيمان بأن للأسماء معاني فكل اسمٍ يتضمن معنى, وليس الاسم مجرد علم محض لا يدل على صفة، فأسماؤه أعلام وأوصاف بخلاف أسمائنا نحن, فالإنسان قد يسمى صالح وهو أبعد ما يكون عن الصلاح، وقد يسمى خالد وهو هالك لا محالة، ميتٌ مفارق، وهكذا قد يتسمى الإنسان بأي اسم من الأسماء التي قد تدل على صفة كمال وهو أبعد ما يكون؛ عنها لأن أسماءنا مجرد أعلام تدل على الذات فقط ، تدل على المسمى، ولكنها لا تدل معنى هذا الإسم . فأسماء الله عز وجل وأسماء الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأسماء القرآن فإنها أسماء وأوصاف، فالجبار يدل على معنى الجبروت، واسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد وهو يدل على صفة الحمد، ومن أسماء القرآن الفرقان، لأنه يفرق بين الحق والباطل، أما نحن بأسماؤنا فإنها لا تدل على أوصاف فينا، فأسماء الله أعلام باعتبار دلالتها على ذاته المقدسة سبحانه, وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني ، فإذا نظرنا إلى أسماء الله عز وجل باعتبار دلالتها على الذات الإلهيه تكون مترادفة : العزيز، الرحمن، و الكريم, كلها تدعو إلى مسمى واحد " قل أدعوا الله أو ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ...." وإذا نظرنا إليها باعتبار أن كل اسم يدل على معنى فهى بهذا الإعتبار متباينة متغايرة، العزيز يدل على القوة، والرحيم يدل على الرحمة . الأمر الثاني: مما يتعلق بهذا الركن وهو: أن فهم معاني هذه الأسماء والتفكر فيها لا يعني التفكر بذات الله عز وجل فإن هذا لا يجوز بأي حال من الأحوال، لأنه لا يمكن أن يصل إلى هذا، ولكن عندما نتفكر فإننا نتفكر في معاني هذه الأسماء، فمثلا أن الله هو الرازق فإننا نتوجه إليه بالدعاء بطلب الرزق، إذا تفكرنا بأنه الغني فإننا نتوجه إليه وحده في طلب الغنى، وإذا تفكرنا باسمه الكريم كذلك . وبعد ذلك يأتي الركن الثالث من أركان الإيمان بأسماء الله تعالى :- الإيمان بما يكون لها من آثار سيكون في الدرس القادم إن شاء الله تعالى. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شروط لا إله إلا الله | أم اليمان | روضة العقيدة | 3 | 03-08-07 11:25 AM |
اعلام السلفيين بفضل تلاوة القران الكريم من كلام سيد المرسلين | دلال | روضة القرآن وعلومه | 2 | 07-07-07 02:30 PM |