العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-08, 01:07 AM   #1
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي الدرس الثامن " شرح مفهوم الإيمان " مفرغ

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم – وآله، ورضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

بعون الله وتوفيقه نستأنف الدرس كالمعتاد بعرض سؤالين للأخوة المشاهدين ونتلقى الإجابة ثم أسئلة للأخوة الطلبة الحضور .

السؤال الأول –للمشاهدين-: هو التبرك، ما المقصود بالبركة؟ هذا أولاً ثم يتبع السؤال البركة ثبتت في بعض الأزمنة وبعض الأمكنة وبعض الأشياء وبعض الأعمال وبعض الأشخاص، خمسة أمور نريد مثالاً واحداً لكل أمر من هذه الأمور جعله الله مباركاً، هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني- للمشاهدين- يتعلق بالنوع الثاني من أنواع أفعال الناس عند القبور، النوع الثاني وهو البدعي ما المقصود بالبدعي؟، وما هي أمثلته؟ نريد ثلاثة أمثلة من التبرك البدعي الذي يحصل من بعض الجهلة من المسلمين عند القبور .

أما أسئلة للطلاب الحضور فأولاً :البركة لا تثبت إلا بدليل فهناك أشياء ثبت الدليل ببركتها، نريد مثالاً على ذلك، مثالاً واحد على أمر مبارك بدليل ؟

بر الوالدين في قصة أصحاب الكهف

يعني كيف يكون التبرك ببر الوالدين ؟

التقرب إلى الله - سبحانه وتعالى – ببر الوالدين بالإحسان إليهما وكذلك في الدعاء الوالدين لابنهم

يعني على اعتبار أن التبرك توسعنا فيه، وقصدنا أنه يجوز التوسل بالأعمال الصالحة - بر الوالدين- هذا جزء من الجواب .

أسأل سؤالاً ثانياً أيضاً: الوسيلة المأمور بها من القرآن ما هي ؟ الوسيلة المشروعة، التوسل المشروع ما هو؟

هو التوسل بأسماء الله وصفاته والتوسل كذلك بالعمل الصالح يعني عمله هو، كذلك التوسل له بدعاء الصالح الحي .

ينشأ عن هذا سؤال، طبعاً أصل التوسل المشروع في القرآن أو الوسيلة المأمور بها هي التقرب إلى الله - عزّ وجلّ – بالأمور المشروعة ، والمشروعة ثلاثة :

التوسل -وذكره زميلكم- التوسل لله - عزّ وجلّ – بأسماءه وصفاته ودعائهم بذلك .

ثم بعمل المتوسل نفسه .

ثم بدعاء الحي الصالح .

لكن ينشأ عن هذا السؤال الآخر وهو هل يعني ذلك أن من التوسل. التوسل والتبرك بذوات الصالحين أو التوسل بجاههم والتوسل بولايتهم لله هل يجوز ذلك ولماذا ؟

التوسل بجاههم بدعائهم، أما الذوات ليست جائزة ولا مشروعة

إذاً البركة لا تتعدى إلا ما جاءت تعديته بنصٍ شرعي .

طبعاً إجاباتهم هذه قد تخدم بعض الأخوة المشاهدين في جوابهم على أسئلتهم لكن مع ذلك نحتاج منهم إلى مزيد من الاجتهاد .

والآن نبدأ -على بركة الله- في الدرس فليتفضل الأخ في قراءة القواعد الأولى في باب الإيمان .

بسم الله الرحمن الرحيم يقول المؤلف- حفظه الله ونفعنا بعلمه-

( رابعاً: الإيمان ... أولاً : الإيمان لغة: هو التصديق، وفى الشرع: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وهو قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح وقول القلب: اعتقاده وتصديقه وقول اللسان: إقراره، وعمل القلب: تسليمه وإخلاصه وإذعانه وحبه وإرادته للأعمال الصالحة ، وعمل الجوارح فعل المأمورات وترك المنهيات )

موضوع الإيمان من أهم الموضوعات التي يجب أن يعنى بها كل مسلم، لأنه ينبني عليها دين.

والإيمان له مفهوم لغوي عام وله مفهوم شرعي اصطلاحي هو المقصود بإطلاق الإيمان في الكتاب والسنة .

أعني بذلك: أن لفظ الإيمان من الألفاظ المجملة التي إذا جاء الشرع بتحديدها أو بوصفها على هيئة معينة وجب الالتزام بهذا الوصف وهذا كسائر المصطلحات الشرعية، الأمر لا يخص الإيمان .

أكثر المصطلحات الشرعية جاء الشرع في التوسع بدلالتها أو بتحديدها يعني وضع مصطلح شرعي إما أن يكون أوسع من المصطلح اللغوي أو يحدده .

مثال ذلك الصلاة، الصلاة أصلاً هي الصلة عموم الصلة يدخل فيها الدعاء والتقرب إلى الله بأي عمل و يدخل فيها الأعمال اللسانية والقلبية وعمل الجوارح تسمى صلاة لغة ، لكن لما حدد الشرع مفهوم الصلاة ركن الإسلام المعروف تبين لنا من النصوص الشرعية أنه يقصد بالصلاة هي هذه العبادة التي جاءت على هيئة معينة بركوعها وسجودها وشروطها وواجباتها.

إذاً الشرع حدد معنى الصلاة، فمن هنا إذا أطلق معنى الصلاة في الدين فإنه يعني الإسم المعروف الذي جاء الشرع بتحديده، بتحديد هيئته وشروطه،

إذاً كذلك الإيمان ، الإيمان له معنى عام لغوي وهو التصديق لكن الشرع وضع للإيمان مفهوماً اصطلاحياً عظيماً يشمل الدين كله، وعلى هذا فيكون الإيمان في الشرع هو الدين بمجمله، كما قلنا: إن الإسلام هو الدين بمجمله، أو السنة هي الدين بمجملها .

لكن نظراً لأن مفهوم الدين إذا وردت فيه مصطلحات شرعية أحياناً تترادف وأحياناً تختلف في بعض معانيها وتجتمع في أمور وتختلف في أمور فالله - عزّ وجلّ – سمى، وكذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – سمى الدين الإسلام وسماه الإيمان إلخ .

فعلى هذا فإن الإيمان في المصطلح الشرعي هو اعتقادات، وأقوال، وأعمال حددها الشرع، وعلى هذا فإن هذا يشمل عامة الدين، فالإيمان له تعريف موجز، وهو كما عبر عنه السلف: قول وعمل .

وتعريفٌ مفصل، وهو : اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح والأركان. والجوارح هي الأعضاء.

وليس بين التعريفين تعارض بل الأول المجمل: يعتبر تعريفاً حدياً أقرب أو أدق في المعنى اللغوي، لكن نظراً لأن اللغة ضعفت في أذهان كثير من الناس اضطر السلف للتفصيل، وإلا فإن الإيمان في أصل تعريفه هو قول وعمل .

والقول يشمل: قول اللسان لا يشمل قول القلب؛ لأن القلب يعبر عن قوله باللسان، كما أنه أيضاً يشمل: عمل القلوب الذي هو الأمور الإيمانية من التقوى والصلاح والاستقامة والإنابة والخوف والرجاء والمحبة كل هذا يسمى عمل القلب،( وعمل الجوارح )التي هي الأعضاء تتمثل في أركان الإسلام الخمسة: شهادة أن لا إله إلا الله -وهي عمل اللسان - ثم كذلك الصلاة والزكاة والحج وسائر الأعمال في الإسلام هي إيمان ومن هنا تدخل في جزء من حقيقة الإيمان وهو أنها عمل .

وعلى هذا فحقيقة الإيمان تعريفه شرعاً يشمل الأمرين :

1-الأمور القلبية التي ذكرتها .

2-والأمور العملية التي هي أعمال الجوارح كما جاء به الشرع وعلى هذا فيمكن أيضاً أن نحدد هذا المفهوم بلغة أبسط وهو أن الإيمان يعني التزام الشرع اعتقاداً وعملاً .

إذاً نخلص إلى أن تعريف الإيمان هذا أدخل الاعتقاد والأعمال في الإيمان وهما لاينفكان فلا يجوز حصر الإيمان بنوع واحد، لا يجوز حصر الإيمان بالأمور الاعتقادية - لأن هذا يدخل في الأعمال التي هي جزء من الإيمان- ولا بالأمور العملية لأن هذا يخرج الأمور القلبية من الإيمان فعلى هذا فالإيمان لا يكتمل تعريفه ولا تكتمل حقيقته شرعاً إلا بأن نجمع بين الاعتقاد والقول والعمل .

ولذا فالإيمان لابد أن يزيد وينقص وهذه تسمى مسائل الإيمان، لأن الإيمان يتمثل بأركان وهي أركان الإيمان الستة المعروفة :

الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره من الله - عزّ وجلّ – وتتمثل أيضاً كذلك بالأعمال التي هي أمور الإسلام كما قلت أيضاً .

ينقسم الإيمان من حيث حقيقته إلى أركان الإيمان وإلى مسائل الإيمان، أركان الإيمان ستة أما مسائل الإيمان فهي:

أولا: حقيقة الإيمان أو تعريف الإيمان التي هي القول: بأن الإيمان قول وعمل أو أن الإيمان اعتقاد القلب ونطق اللسان بالحق وكذلك عمل الجوارح –الأعضاء- على مقتضى شرع الله هذه المسألة الأولى .

المسألة الثانية : أن الإيمان يزيد وينقص، سنعود إليها .

المسألة الثالثة : أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان .

والمسألة الرابعة : الاستثنى في الإيمان لأنه راجع إلى أعمال المكلفين، وأعمال المكلفين ليست معصومة فالمسلم عندما يسأل هل أنت مؤمن؟ يجوز أن يقول مؤمن إن شاء الله، مع أن الأصل أنه لا يشرع السؤال أصلاً ولا ينبغي أيضاً الجواب ، إذا ابتلي المسلم بمثل هذا السؤال فيقول: أنا مؤمن- إن شاء الله- . لا لأنه يشكك في تصديقه، لكن لأنه لا يدري عن مصيره فمصيره عند الله - عزّ وجلّ – فهو يرجو ويعلق الأمر بمشيئة الله تفاؤلاً وتبركاً يعلق الأمر بمشيئة الله لأن الأمر بيد الله من قبل ومن بعد، فلا يجوز التألي على الله.

إذاً نعود إلى كل مسألة على حده، فلعلنا نبدأ بالثانية، وهي أن الأعمال تدخل في مسى الإيمان ، هذه المسألة الأولى في تركيبها الموضوعي، أن الأعمال في مسمى الإيمان هذه في الحقيقة أمر بدهي لكن لماذا قلناه ؟

لأنه من الأمر المعلوم من الدين بالضرورة، لأنه أمر بدهي على مقتضى قطعيات النصوص- الآيات والأحاديث للنبي - صلى الله عليه وسلم – وأعمال الإسلام وأعمال المسلمين كلها تدل دلالة قطعية على أن الأعمال من الإيمان، وأن الإيمان لا يمكن أن يتم ويكتمل إلا بالأعمال ؛ وعلى هذا فإن هذه الحقيقة ما كانت محل خلاف في عهد الصحابة والتابعين إلى وقت تابع التابعين في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني ظهرت فرقة يقال لها المُرجئة،: زعموا أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، وإن كانت مطلوبة شرعاً الأوائل منهم - أهل ورع لا يستهينون بالأعمال لكنهم لا يرونها تدخل في مسمى الإيمان. هذه ناتجة عن عقدة فلسفية وراجعةإلى خطأ في الاستدلال وخطأ في الفهم وتجاوز منهج السلف حينما زعموا -أي المرجئة- بأن الإيمان هو التصديق، التصديق لا يدخل فيه العمل بمعنى أنهم أعادوا المصطلح الشرعي إلى المعنى اللغوي فقط.

وما من أحد يحصر المصطلح الشرعي بالمعنى اللغوي في أمور الشرع إلا ويقع في خطأ فادح، هذه قاعدة هامة مصطلحات الشرع شاع بإطلاق الألفاظ الشرعية على معاني شرعية محددة ومنها الإيمان، لو أخذنا الإيمان بمجرد معناه التصديق لأدى هذا إلى كارثة في الدين بمعنى أننا حصرنا الدين بمجرد التصديق وأخرجنا المعاني الأخرى من الإيمان فاستهان الناس بالأعمال .

وعلى هذا فإني أقول: إن السلف اضطروا أن يقرروا هذه القاعدة البدهية وهي مسألة أن الأعمال تدخل في الإيمان لأن هناك مشككاً .

هل نحتاج إلى أن نستدل على ذلك؟ نعم قد نحتاج. أنا أحصر ذلك بدليلين :

الدليل الأول : من القرآن: لما صرفت القبلة إلى الكعبة بعد بيت المقدس خاف الصحابة - رضي الله عنهم – أن الذين صلوا من المسلمين في التاريخ الأول وماتوا قبل أن يدركوا صرف القبلة خافوا ألا تقبل أعمالهم ولا دينهم .

فقال الله - عزّ وجلّ – ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾[البقرة:143] يعني الصلاة تكون .

الصلاة أليست عمل ؟ فسماها الله - عزّ وجلّ – إيماناً .

الأمر الثاني دليل قاطع واضح جداً عن النبي – صلى الله عليه وسلم – صريح حقيقة. يعني لا أحد يستطيع- إذا كان منصفاً- أن يرد صراحة هذا الحديث في أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان وهو قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( الإيمان بضع وستون ) وفى رواية ( بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ) شهادة أن لا إله إلا الله أليست قولاً وعملاً ؟

يعني عمل اللسان وعمل القلب، لكن أوضح من هذا، قال :( وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) أليس إماطة الأذى عن الطريق أعمال ؟ سماها إيمان وعدها من شعب الإيمان، فالأحاديث في هذا في الحقيقة متواترة، الحديث طبعاً في الصحيحين، وفى صحيح البخاري عدا هذا اللفظ وفى كتب الصحاح والمسانيد بألفاظ أخرى ، وعلى هذا مجموع الأحاديث التى تقرر- صراحةً -عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان لا تكاد تحصر وتصل إلى حد التواتر والمتواتر لابد من قبوله .

إذاًَ المسألة الأولى مسألة أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان لأنها جزء من الدين، فالإيمان هو الالتزام بشرع الله عقيدةً وقولاً وعملاً.

ثم المسألة الثانية أنه يزيد وينقص .

من الطبيعي إذا قلنا: إن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان ، فمن الطبيعي أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد الإيمان بزيادة فعل الخيرات، بزيادة التقرب إلى الله - عزّ وجلّ – سواء بالأحوال القلبية أو بالذكر اللساني، أو بأعمال الأعضاء، يزيد بالصلوات، بالنوافل العامة بالبر وبالإحسان إلى الناس، يزيد بزيادة الصيام، بالأذكار المشروعة إلخ .

وينقص بنقص ذلك، وينقص نقصاً في الأعمال القلبية يعني كلما ضعف إيمان الإنسان ضعف يقينه ،ضعف إيمانه، كلما ضعفت الأحوال القلبية فيه ضعفت محبته لله أو ضعف رجاؤه أو ضعفت خشيته أو توكله أو يقينه أو إنابته. كلما ضعف شيء من أعماله القلبيه ضعف الإيمان، وكلما زاد ذلك زاد الإيمان .

وكذلك الأعمال الظاهرة، كلما كثر فعل الطاعات من المسلم زاد إيمانه- إذا توافر عنده عنصر الإخلاص والاتباع- زيادة الإيمان مشروطة بشرطين، الإخلاص لله - عزّ وجلّ – والنية الصالحة واتباع السنة ، وإلا بعض الناس قد يتعب في عمل خيرات لا يريد بها وجه الله فيحبط إيمانه، عكس ما يتصور والعكس كذلك؛ فعلى هذا فإن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالأعمال القلبية وينقص بها ويزيد بأعمال الأعضاء وينقص بها .

قلت الإخلاص والاتباع، الإنسان إذا توافر عنده الإخلاص واتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – واتباع السنة زاد إيمانه.

المسألة الثالثة : قلنا: الاستثناء في الإيمان، قلنا: الأولى الإيمان قول وعمل والثانية دخول الأعمال في مسمى الإيمان والثالثة أن الإيمان يزيد وينقص هو لازم ترتيب، والرابعة أن يجوز الاستثناء في الإيمان، ما معنى يجوز ؟

هل يعني ذلك أن الإنسان يلزمه دائماً أن يقول- إن شاء الله- في كل قربة يعملها ؟ لا يلزم .

والأصل في الاستثناء في الإيمان هو الحادثة، يعني سؤال الناس عن الإيمان من الأمور الحادثة، ولذلك السلف لما بدأت ظاهرة سؤال الناس عن الإيمان اعتبروه بدعة، لأن هذه من الأمور المحدثة في الدين. الناس يُتركون على ظواهرهم، ويحمل المؤمنون والمسلمون على مجملات الدين على ما هم عليه ولا يجوز امتحانهم لكن مع ذلك إذا وقع السؤال بأن سئلت أو سئل غيرك أمؤمن أنت؟ هل أنت مؤمن ؟ الأَولى أن تقول: إن شاء الله أو أنا مؤمن -إن شاء الله - أو تقول آمنت بالله وعليه توكلت ونحو ذلك .

فإذاً يمكن أن تقول: إن شاء الله لكنها لا تلزمك، لكن يجب أن تعتقد أن حقيقة الإيمان مرتبطة بمشيئة الله - عزّ وجلّ – وبتوفيق الله يعني بمعنى: تحقق الإيمان للمؤمن راجع إلى توفيق الله له، فعلى هذا لابد أن يستثني لا لأنه يشك إنما يستثني لأنه لا يدري عن المصير ولأنه يقول : إن شاء الله تفاؤلاً ، واستعانة بالله، وتوكلاً على الله .

قال( فقول القلب اعتقاده وتصديقه) نعم قول القلب : اعتقاده وتصديقه ويضاف إلى ذلك جميع الأحوال القلبية التي يكون بها المؤمن وذكرت لها أمثلة: محبة الله، ورجاؤه، والخوف ، واليقين ، والإنابة، والتوكل....س إلى غير ذلك من الأعمال القلبية .

ثم أيضاً الاعتقاد بمعنى: أن يجزم المسلم بكل ما ثبت في الكتاب والسنة، من أصول الدين وثوابته وأحكامه ، فهذا يدخل في القلب، لكن أيضاً لابد أن يتعدى ذلك إلى قول اللسان. يعني: يعترف الإنسان بلسانه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، بمعاني الإيمان والإسلام ، وأن يلتزم شرع الله فيما يجب من الذكر اللساني، الذكر اللساني كثير في الصلوات وغيرها في التلبية إلخ، لا يحصر الذكر اللساني وكله تعبير عن الإيمان باللسان. ثم( قول اللسان ) يدخل فيه الإقرار ويدخل فيه أيضاً الذكر. ( وعمل القلب )- كذلك - تسليمه وإخلاصه ، و من عمل القلب : التسليم والرضا بشرع الله وحكمه، فهو ثمرة الإيمان .

التسليم والرضا والاستعداد للعمل هو أمر قلبي لابد أن تنتج عنه أعمال ولذلك فإن الله - عزّ وجلّ – جعل العمل امتحاناً لحقيقة الدعوة ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾[آل عمران:31]. الاتباع اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – في كل ما جاء به من الدين . ومحبة الله هي حقيقة الإيمان هي أول أركان العبادة فمن ادَّعى أنه يحب الله مجرد الدعوى في القلب فلابد أن يظهر ذلك على أثر أعماله .

ومن هنا يتبين لنا حقيقة الإيمان أنه قول وعمل وأنه يدخل في أعمال القلب وأعمال الجوارح .

(وإخلاصه) يعني صدق النية، الإخلاص :هو صدق التوجه إلى الله، ألا يشرك مع الله أحداً في التوجه.الإخلاص: إخلاص العبادة، وإخلاص الإذعان، وإخلاص اليقين ،وإخلاص النية؛ لأن النية تدخل في أمور القلبية وأمور الأعمال وكذلك( حبه وإرادته للأعمال الصالحة) .

(وعمل الجوارح) ما هي الجوارح ؟ بعض الناس يسمع بالجوارح وقد لا يفهمها جيداً وإن كانت مفهومة لسياقها .

نعم ما هي الجوارح ؟

الجوارح منها اللسان اليدين، الرجلين

يعني ممكن نعبر تعبيراً شاملاً أنا ذكرته في الحديث، هي الأعضاء أعضاء الإنسان هي جوارحه، طبعاً القلب أليس عضواً يدخل مع الجوارح؟ لكن القلب قد يكون عمله- غالباً -عملاً باطناً بمعنى أعمال قلبية غير ظاهرة، لكن من البدهي أن الأعمال القلبية لا تصدق ولا تصح إلا إذا أثمرت أعمالاً التي هي مجموع الاستقامة على الدين.

إذ( عمل الجوارح هو فعل المأمورات وترك المنهيات) هذا هو عمل الأعضاء، فعل ما أمر الله به من الصلاة وما دونها من جميع الأعمال إلى أقل الأعمال، ثم ترك المنهيات وهي كل المحرمات، والمكروهات وما دون ذلك من المشتبهات .

( ثانياً من أخرج العمل عن الإيمان فهو مرجئ ومن أدخل فيه ما ليس منه فهو مبتدع ).

نعم هذه قاعدة فرعية تابعة للقاعدة الأولى، إذا كنا عرفنا أن الإيمان قول وعمل وأن الإيمان يشمل الأمور القلبية والاعتقادية والمعرفية وغيرها، ويشمل الأعمال الظاهرة، وعلى هذا فإن من ادعى أن العمل لا يدخل في الإيمان كما قالت المرجئة .

المرجئة أصناف منهم المرجئة الغلاة الذين أعرضوا عن شرع الله - عزّ وجلّ – واستهانوا به وزعموا أن مجرد المعرفة تكفي، وهذه فلسفة قد تصل بالإنسان إلى الخروج من الدين إذا أعرض عن الدين بالكلية بدعوى أنه يكفيه أن يعرف .

لكن الصنف الثاني وهو الذي لا نستطيع أن نقول: إنه خرج من مقتضى الدين، لكنه خرج عن السنة وهم الذين ادعوا أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان فكل من ادعى أن الأعمال ليست من الإيمان فهو مرجئ ما معنى مرجئ؟ طبعاً سيلاحظ الأخوة الذين معهم الكتاب من الحاضرين أو المشاهدين أن الكلمة فيها خطأ مطبوع مكتوب مجرئ، هذا خطأ مطبعي والصحيح أنها مرجئ ، و المرجئ هو من يعتقد أن الأعمال لا تدخل في الإيمان- كما ذكرت- لماذا سمي مرجئ؟ لأنه أخَّر الأعمال عن الإيمان وهذا تسميه العرب في لغتها: إرجاء، بمعنى أنهم جعلوا الأعمال متأخرة لا تدخل في مسمى الإيمان فسمى هذا إرجاءً وهذا هو الأصل في التسمية أنهم أرجأوا الأعمال أخروها و أبعدوها عن الإيمان، فصلوها عن الإيمان وهذا يسمى إرجاء.

إذاً كل من أخرج الأعمال الشرعية المطلوبة شرعاً من الإيمان وقال: ليست من الإيمان فهو مرجئ وكذلك العكس ( من أدخل في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع ).

هذا ينطبق على أمثلة ذكرناها في الدرس الماضي ، البدع التي أحدثها الناس وزعموا أنها من الدين وزعموا أنها من الإيمان هذه لا تدخل في الإيمان، فكل ما أحدث باسم الدين من المحدثات فهو لا يدخل في مسمى الإيمان وإن قصد به فاعله زيادة الإيمان .

مثال ذلك: الاحتفالات البدعية التي يتدين بها الناس يقصدون بها أموراً إيمانية، محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومحبة الصالحين ومحبة الأولياء وهذا من أعظم الإيمان، لكن نظراً لأن هذا غير مشروع فإدخالهم هذا العمل في مسمى الدين والإيمان خطأ ، بل هو بدعة .

إذاً من أدخل في الدين أو في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع ؛ لأنه شرع ما لم يشرعه الله - عزّ وجلّ – و النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) و أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – هو هذا الدين الذي يشمله مسمى الإيمان ( ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وهو كذلك أيضاً يعني أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي هو هذا الدين الذي يتمثل فيه الإيمان .

كل من عمل عملاً ليس مشروعاً فلا يدخل عمله في مسمى الإيمان فهو مردود ثم كذلك قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة ) .

( ثالثاً من لم يقر بالشهادتين لا يثبت له اسم الإيمان ولا حكمه لا في الدنيا ولا في الآخرة ).

نعم المقصود بهذا أن من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله سواءً ممن لم يكن مسلماً أصلاً أو من كان نشأ بين المسلمين ثم لما بلغ وقامت عليه الحجة لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداًَ رسول الله عمداً وليس غفلة لأنه قد يغفل .

لكن إذا لم يقر بالشهادتين أو كان غير مسلم ثم لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله (فلا يثبت له اسم الإيمان)، يعني لا يقال: له إنه مؤمن( ولا حكم الإيمان) من حيث ما يترتب على الإيمان من الثواب في الدنيا والآخرة .

فعلى هذا يبقى تحت مسمى غير المسلم أو مسمى الكافر .

قال:( لا في الدني) بمعنى أنه لا يستحق أحكام المؤمنين ؛ لأن أحكام المؤمنين معروفة في التعامل في جميع شئون الحياة وفى الممات من حيث الصلاة عليه وميراثه وغير ذلك مما هو معلوم (وفى الآخرة )ما بعد الموت أي حسابه عند الله - عزّ وجلّ – كما ثبتت قطعية النصوص أن من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فهومن أهل النار يعني ليس له حكم الإسلام، والنبى - صلى الله عليه وسلم – أكد ذلك في حديث صحيح في صحيح مسلم وغيره أحاديث كثيرة قطعية ونصوص، لكن نحتاج أن نختصر في الوقت فنكتفي بدليل واحد لأنه صريح .

قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( لا يسمع بي ) بل في بعض الروايات قال ( والله لا يسمع بي رجلٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا دخل النار ) . إذا كان هذا في أهل الكتاب أليس غيره من باب أولى؟ هذا من جوامع كلم النبي – صلى الله عليه وسلم – .

إذاً هذا يدخل فيه لأن هؤلاء لم يقروا بالشهادتين ولا يثبت لهم الإسلام ولذلك لا يثبت لهم اسم الإيمان ولا حكمه لا في الدنيا ولا في الآخرة .

( رابعاً الإسلام والإيمان اسمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، ويسمى أهل القبلة مسلمين ) .

نعم المقصود بهذا أن الإسلام والإيمان من الألفاظ الشرعية التي تطلق على الدين، وتطلق على أفراد المسلمين يقال مسلم ومؤمن .

لكن هذه الكلمات تترادف من وجه، يعني تشترك من وجه وتختلف من وجه، وهذا عام في عموم المصطلحات الشرعية، فنجد الإسلام والإيمان عبارات تتناوب و تشترك في معانٍ وتتناوب وتختلف في معانٍ فمثلاً الإسلام في الأصل يطلق : على أعمال الدين الظاهرة وعلى ما يبدو من المسلم من تسليمه الظاهر لنا بالدين، حينما يعترف بالإسلام ويقيم شعائر الإسلام فهذا يوصف بأنه مسلم وحكمه أنه على الإسلام .

الإيمان في الأصل المقصود به القطع واليقين في القضايا العقدية العلمية التي هي في القلب .



ولذلك : النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث جبريل عد الإيمان بأركانه الستة والأركان الستة معلومات عقائد ليس فيها أعمال، كلها تصديق ويقين، لكن لابد أن يثمر عنها عمل.

ثم لما ذكر الإسلام في نفس الحديث ذكر الإسلام بأركان الإسلام الظاهرة فهل يعني هذا- كما يظهر لبعض الناس الذي لا يأخذون بعموم الأدلة- هل يعني أن الإيمان هو الأمور الاعتقادية فحسب ولا تدخل الأعمال ؟ لا ، لكن إذا اجتمع الوصفان، إذا جئنا بالإسلام والإيمان في عبارة واحدة في مقطع واحد في حديث واحد فإن الإسلام غالباً يطلق على الأعمال الظاهرة والإيمان غالباً يطلق على الأعمال العلمية اليقينية الاعتقادية الباطنة .

ولذلك إذا انفرد كل واحد منهما شمل المعنى الآخر، إذا قلنا الإيمان بدون ما نذكر الإسلام فلابد أن يشمل الإسلام، إذا قلنا: المؤمن فالأصل أن يكون مسلماً، الأصل .

وإذا قلنا:- كذلك- الإسلام، لابد أن يشمل الإيمان، والمسلم الأصل أن يكون مؤمناً لكن هل هذا لازم ؟



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لأول مرة:شرح عمدة الفقه من المجد العلمية بجودة عالية@@تـضاف تـبـاعا @@ فرشى التراب مكتبة طالبة العلم الصوتية 3 20-09-06 10:20 PM


الساعة الآن 01:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .