العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة السنة وعلومها

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-12-07, 08:25 PM   #1
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
c4 عناصر حلاوة الإيمان

من أحاديث العقيدة

عناصر حلاوة الإيمان



عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) متفق عليه(1).


هذا حديث عظيم، جليل القدر، يسمو بالمؤمن في مكانة عالية من الإيمان حتى يجد حلاوته ومذاقه.
قال النووي: (هذا حديث عظيم من أصول الدين)(2).



وقد احتوى على وقفات مهمة، نعرضها على النحو التالي:


الوقفة الأولى:


(قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثٌ من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان..)

أي: ثلاث خصال من حصلن له وجد حلاوة الإيمان، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (قال الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: إنما عبر بالحلاوة؛ لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة)(3)، فالكلمة هي كلمة الإخلاص، والشجرة أصل الإيمان، وأغصانها إتباع الأوامر واجتناب النواهي، ,ورقها ما يهتم المؤمن به من الخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتها)(4).

قال صاحب كتاب (تيسير العزيز الحميد): (والشجرة لها ثمرة والثمرة لها حلاوة، فكذلك شجرة الإيمان لا بد لها من ثمرة، ولا بد لتلك الثمرة من حلاوة، ولكن قد يجدها المؤمن وقد لا يجدها، وإنما يجدها بما ذكر في الحديث)(5) اهـ.



الوقفة الثانية:


قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما...).


المراد من هذه الجملة أن يكون الله ورسوله عند العبد أحب إليه مما سواهما حبّا قلبياً، كما ورد في بعض الأحاديث: (أحبوا الله بكل قلوبكم)(6)، فيميل بكلّيته إلى الله وحده حتى يكون الله وحده محبوبه ومعبوده، وإنما يحب من سواه تبعاً لمحبته، كما يحبُّ الأنبياء والمرسلين والملائكة والصالحين لما كان يحبهم ربه سبحانه، وذلك موجب لمحبة ما يحبه سبحانه، وكراهة ما يكره، وإيثار مرضاته على ما سواه، والسعي فيما يرضيه ما استطاع، وترك ما يكره، فهذه علامة المحبة الصادقة ولوازمها.

ومن هذا نعلم أن محبة الله تعالى ومحبة محمد رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يأتمر بأوامرهما ويجتنب نواهيهما، ويقف عند حدودهما، ولا يقدم عليهما شيئاً، كل ذلك بنفس راضية مطمئنة راغبة، ويفهم منه أن من لم يطع الله تعالى بأمر من الأمور، أو ارتكب مخالفة من المخالفات الشرعية، فهذا لم يكتمل له حب الله تعالى، وأن من عصى محمد -صلى الله عليه وسلم- أو غلا فيه، وجعله إلها من دون الله، أو دعاه من دون الله، فهذا لم يحب محمداً -صلى الله عليه وسلم-، بل محبته الحقيقية طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يقدم عليه أحدا، فمن عصاه لم يحبه، ومن غلا فيه وأنزله بغير منزلته لم يحبه.

ومن هذا يتحصل أن الذين يتبركون بغيره -صلى الله عليه وسلم- ويتوسلون به من دون الله تعالى، وهم في الوقت نفسه يرتكبون كثيراً من المخالفات الشرعية فإنهم لم يحبوا محمداً -صلى الله عليه وسلم-، فكيف تعظّم شخصاً وأنت لا تطيع أمره؟!

وفوق هذا وذاك، لا بد أن تكون هذه المحبة أعلى من كل محبة، كما روى البخاري – رحمه الله – في صحيحه، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأنت يا رسول الله، أحبُّ إلي من كل شيء؛ إلا نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحبُّ إلي من نفسي، فقال: الآن يا عمر)(7).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأكثر الناس يدعي أن الرسول أحب إليه مما ذكر، فلا بد من تصديق ذلك بالعمل والمتابعة له، وإلا فالمدعي كاذب، فإن القرآن الكريم بين أن المحبة التي في القلب تستلزم العمل الظاهر بحبها، كما قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)(8)، وقال تعالى: (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين)(9)، ويقول جلا وعلا: ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)(10)، ..)(11) اهـ.

وروى البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)(12).


الوقفة الثالثة:


الأسباب الجالبة لمحبة الله عز وجل، وهي عشرة أسباب ذكرها ابن القيم – رحمه الله – على النحو التالي:

1- قراءة القرآن بالتدبر لمعانيه وما أريد به.

2- التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، كما في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبّه) رواه البخاري(13).

3- دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر هذا.

4- إيثار محابه على محابّك عند غلبات الهوى.

5- مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها.

6- مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة.

7- وهو أعجبها: انكسار القلب بين يديه.

8- الخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل، وتلاوة كتابه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

9- مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.

انتهى كلام ابن القيم رحمه الله(14).

ثم إن من علامات المحبة الصادقة لله تعالى: التزام طاعته، والجهاد في سبيله، والذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين، ذكر ذلك سبحانه وتعالى بقوله: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)(15).




يتبـــع ..



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لــذة العبـــادة ... رقية مبارك بوداني روضة التزكية والرقائق 4 28-03-14 03:04 AM
[إعلان] صفحة مدارسات مادة الثلاثة الأصول(مراحل قديمة) إبتسام بنت عبدالعزيز المهوّس أرشيف الفصول السابقة 315 21-12-13 08:21 PM
أهل السنة والجماعة شمس الإيمان روضة العقيدة 1 18-05-07 12:08 PM
** حلاوة الإيمان** مسلمة لله روضة السنة وعلومها 0 13-09-06 05:44 AM


الساعة الآن 02:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .