13-09-06, 04:14 PM | #1 |
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
|
تأدبوا ثمَّ تعلموا
[glow=FFFF00] الأدب
قال عمر : تأدبوا ثمَّ تعلموا[/glow] أيها المتفقه ـ حبيبي في الله ـ : اعلم ـ أعزك الله ـ أنَّ تعلم الآداب وحسن السمت مطلب شرعي قلَّ في الناس الآن من يلتفت إليه ، بل البلايا العظام لم تتوالَ علينا إلا يوم هجر الناس السمت الحسن ، وأقبلوا على العلم ولم يزينوه بحليته الواجبة ، فظهرت الأقوال الشاذة ، وكثرت الصراعات والخلافات ، فلم نجنِ للعلم ثمرة ، وندر في الناس أهل العلم والفضل . وقال ابن المبارك ـ رحمه الله ـ : طلبت العلم فأصبت منه شيئًا ، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا . وهذا في زمانه ـ رحمه الله ـ زمان " خير القرون " ، فكيف به إذا رأى زماننا هذا ؟ ولما تغافل الناس عن الاهتمام بالآداب الشرعية ظهر الالتزام الهش ، وصار الإقبال على المفضول ، وتُرك الفاضل ، وظهرت الانحرافات الفكرية والسلوكية والأخلاقية ؛ لأنَّ تلك الآداب ـ في حقيقة الأمر ـ حصن الالتزام والإيمان الأول فإذا تركت ترك السنن والفرائض ونقضت عرى الإيمان الواحدة تلو الأخرى . قال الحجاوي : مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمس حصون : الأول من ذهب ، والثاني من فضة ، والثالث من حديد ، والرابع من آجر، والخامس من لبن . فما زال أهل الحصن متعاهدين حصن اللبن لا يطمع العدو في الثاني ، فإذا أهملوا ذلك طمعوا في الحصن الثاني ثم الثالث حتى تخرب الحصون كلها . فكذلك الإيمان في خمس حصون : اليقين ، ثمَّ الإخلاص ، ثمَّ أداء الفرائض ، ثمَّ السنن ، ثمَّ حفظ الآداب ، فما دام يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه ، وإذا ترك الآداب طمع الشيطان في السنن ، ثمَّ في الفرائض ، ثمَّ في الإخلاص ، ثمَّ في اليقين . فالأدب دليل على الالتزام الحقيقي ، ولذا جُعل جزءًا من أجزاء النبوة . عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الهدي الصالح والسمت والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة . وكان الأدب هو المقياس الذي يقاس به الناس عند سلفنا الصالح ، فإذا لم يوافق هدي الرجل علمه تركوه ونبذوه ، فليس العلم عن كثرة المعارف وشحن الذهن بالفنون واللطائف ، وإنما العلم ما توصل به لخشية الله تعالى . قال إبراهيم النخعي ـ رحمه الله ـ : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وصلاته وإلى حاله ، ثمَّ يأخذون عنه . قال الإمام النووي : قالوا : ولا يأخذ العلم إلا ممن كملت أهليته ، وظهرت ديانته ، وتحققت معرفته واشتهرت صيانته وسيادته . قال عبد الله بن المبارك : لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب . ولذلك كانت وصية سلفنا الصالح بتعاهد الأدب أكثر مما يتعاهد به العلم . قال أبو عبد الله البلخي : أدب العلم أكثر من العلم . والأدب شرط لحصول العلم ، يلزم من وجوده الوجود ، ويلزم من عدمه العدم ، فلا علم لمن لا أدب له . قيل : العون لمن لا عون له الأدب . وقال الأحنف بن قيس : الأدب نور العقل كما أنَّ النار نور البصر . ومن ثمَّ فإنك لا تتعجب أن يفرد أهل العلم مصنفات مستقلة في بيان الآداب الشرعية ، " مثل : الآداب الحميدة والأخلاق النفيسة لابن جرير الطبري (ت 311هـ ) ، " جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر ( ت 463هـ) ، و" الآداب الشرعية والمصالح المرعية " لابن مفلح الحنبلي (ت 763هـ) وغيرها من الكتب النافعة الماتعة . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نحو منهج عملي في طلب العلوم الشرعية | مسلمة لله | روضة آداب طلب العلم | 10 | 21-03-10 07:01 PM |