|
دورات بين دفتي كتاب (انتهت) بَيْنَ دِفَّتَي كِتَابٍ مشروع علمي في قراءة كتاب مختار |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
14-07-07, 03:16 AM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
>>> من هنا نبدأ <<< ... ( كل يوم حصة ) كتاب الجواب الكافي
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين الحصة الأولى السبت 14/07/2007 مقدمة التحقيق الحمد لله الذي أكمل لنا الدين ، وجعله شرعة صالحة خالدة للعالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة المهداة للثقلين ، والموصوف بأنه بالمؤمنين رءوف رحيم . وبعد : هناك دوافع طبعية تدفع الإنسان إلى تحقيق مراده ، وليس كل الدوافع الطبعية سيئة ولا قبيحة ، بل كثير منها أوجده الله في الإنسان كي يندفع اندفاعا ذاتيا لتحقيق مراده الذي تقوم حياته به ، ولو لم يخلق الله له هذه الدوافع لما سعى في طلب الرزق ، ولما تناول الطعام ولما سعى للزوجة .. وقد لاحظ جمع من العلماء – من بينهم الإمام ابن القيم في كتابه << الداء والدواء >> - أن الأمور التي لها دوافع طبعية مغروسة في أعماق النفس الإنسانية اكتفى الشارع بشرعها ، ولم يقم الدواعي إلى فعلها اكتفاء بالدوافع الداخلية ، فهي وحدها كافية في الإلحاح على صاحبها كي ينال مراده منها، ولو قدّر أن بعض الناس أراد أن يعمل على تقويض مطلوبات النفوس وتحريمها ، اكالزواج والطيبات من الطعام .. فإن الشارع يمقت فعلها هذا ، ويعده جريمة نكراء . أما الأفعال التي تكرهها النفوس وتنفر منها ، والشارع يريد من الإنسان تحقيقها والقيام بها ، فإن الشارع يحدث لها من الدواعي بمقدار كراهيتها لها ، ونفارها منها ، ويكفي أن نعود إلى كتب الترغيب والترهيب ، لنعلم ما أعدّه الله للذين يؤدون الواجبات ، ويكثرون من المستحبات من أجر عظيم ، وجزاء كريم ، عندما تسمع به القلوب وتعيه فإنه يستهويها ، ويملك عليها أمرها ، فلا تملك إلا أن تندفع إلى تحقيق ما طلب منها . والناظر في سير الصالحين من هذه الأمة يعجب من صبرهم علىالبأساء والضراء ، وبذل أنفسهم في سبيل الله ، ولا يرهبون الردى ، ولا يقيمون وزنا لما يصيبهم من آلام . يعجب الناظر من صبرهم على السهر الطويل يصلون ويستغفرون ، ومن بذلهم الكثير والقليل ، ولا يطلبون جزاء ولا شكورا ، ومن امتناعهم عن محبوبات النفوس صائمين في شهور الحرّ ذات النهار الطويل ، وما ذلك إلا لأنهم علموا عن الله وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما جعل الله لمن استقام على شرعه ، فلميجدوا سبيلا إلا في القيام بما أراد الله منهم مريدين نيل وعد الله . ولقد رأينا الشارع يزيد من الدواعي والترغيب بما يوازي الدواعي الكبيرة التي تدعو إليها النفس والشيطان ، بحيث يمنع النفس الأمارة بالسوء ، والشيطان الذي يحسّن القبائح والباطل للإنسان ، من السيطرة علىقلب الإنسان وعقله بحيث تكون الغلبة لهما . فالأعمال التي تنفر منها النفوس ، ويشق القيام بها عند بني البشر ، يقيم لها الله تعالى الدواعي التي تجعلها خفيفة على النفوس ، تسعى إليها عن رضا وطواعية . وهذا المنهج واضح لمن استقرأ الكتاب والسنة ، ولذلك وصف الله كتابه بالتبشير والإنذار : {{ قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا }} ووصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بهاتين الصفتين : {{ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا }} ويتضح منهج الإمام ابن القيم عندما يحلل ويشرح طبيعة الإرادة الإنسانية ، إذ لا عذر للمرء في اختيار الردائل ومكابدة آلام الخطايا حيث الأسف والندم لأن الإرادة صالحة للضدين ، فاختيار أحد الطريقين على الآخر من مسؤوليته ، ويتم بحريته ، فالعبد هو المستجيب المريد الفاعل حقيقة إذ لا سلطان لأحد على إرادته الحرة المختارة ، وآية ذلك أيضا حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - : {{ بعثت داعيا ومبلغا وليس لي من الهداية شيء ، وبعث إبليس مزينا ومغويا ، وليس إليه من الضلالة شيء }} . ويظل الإنسان طوال حياته – مع الكفاح في تقوية الإرادة الخيرة وإضعاف الإرادة الشريرة مؤملا في غفران الله تعالى ، مستغفرا من ذنوبه ، عائدا إلى الله تائبا نادما مصمما على الكف عما يغضبه يحدوه الأمل والرجاء . فقد كان عمر رضي الله عنه مع منزلته في الصحبة والإيمان والعدل ومكارم الأخلاق يقول في دعائه : {{ اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت }} وتنبني نظرية ابن القيم في الأخلاق والتربية على قسمين : أحدهما علمي : وهو إدراك ما في المأمور من الخير والنفع واللذة والكمال ، وإدراك ما في المحظور من الشر والضر والنقص . الثاني عملي : إي العزيمة الصادقة والهمة العالية والنخوة والمروؤة الإنسانية ، وبذلك يكون مصارعة باعث العقل والدّين لباعث الهوى والنفس . وبهذا يكون ابن القيم صاحب نظرية لعلاج أمراض النفوس ، وأهمها عنايته لطرق علاج داء الشهوات المحرمة الذي يصبح هيّنا سهلا إذا ما اتبع الإنسان طرق العلاج الآتية : الأول : أن ينظر مادة قوة الشهوة فيجدها من الأغدية المحركة للشهوة فيقللها أو يمتنع عن تناولها فإذا لم تنحسم فعليه بالصوم فإنه يضعفها ويكسر حدتها . الثاني : أن يجتنب محرك الطلب وهو النظر ، ففي الحديث : {{ النظر سهم من سهام إبليس }} فإن نصبت قلبك غرضا فيوشك أن يقتله سهم من تلك السهام المسمومة . الثالث : تسلية النفس بالمباح المعوض عن الحرام . الرابع : التفكر في المفاسد الدنيوية المتوقعة من قضاء هذا الوطر . وبذلك أوضح ابن القيم ضرورة تكامل جوانب الشخصية الأخلاقية ، ونظرته للتشريع الأخلاقي في الإسلام و تكامل في الجوانب الثلاثة وهي الجسد والعقل والروح ، ولكل جانب منها ضوابط تجعله يتكامل مع غيره من الجوانب ليكون الإنسان الرشيد . رحم الله الإمام ابن القيم وعلماء المسلمين على ما قدموا للإسلام والمسلمين. وأخيرا .. فإنا نسأل الرحمن مغفرة ، وأن يعفينا من كل سوء وتقصير .. آمين. وكتبه محمد محمد عامر ماجستير في العقيدة والفلسفة الإسلامية في كلية دار العلوم التعديل الأخير تم بواسطة أمة الخبير ; 14-07-07 الساعة 07:19 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|