01-07-07, 10:00 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
* سورة يوسف - فوائد وعبر *
سورة يوسف فـوائــــــــــــد & وعـبــــــــــــر في ذكر شيء من العبر والفوائد التي اشتملت عليها هذه القصة العظيمة التي قال الله في أولها { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } وقال { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ } وقال في آخرها { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ } غير ما تقدم في مطاويها من الفوائد. فمن ذلك، أن هذه القصة من أحسن القصص وأوضحها وأبينها، لما فيها من أنواع التنقلات، من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنَّة، ومن ذل إلى عز، ومن رقٍّ إلى ملك، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف، ومن حزن إلى سرور، ومن رخاء إلى جدب، ومن جدب إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن إنكار إلى إقرار، فتبارك من قصها فأحسنها، ووضحها وبيَّنها. ومنها: أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا، وأن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده، وإن أغلب ما تبنى عليه المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة، فإن رؤيا يوسف التي رأى أن الشمس والقمر، وأحد عشر كوكبا له ساجدين، وجه المناسبة فيها: أن هذه الأنوار هي زينة السماء وجمالها، وبها منافعها، فكذلك الأنبياء والعلماء، زينة للأرض وجمال، وبهم يهتدى في الظلمات كما يهتدى بهذه الأنوار، ولأن الأصل أبوه وأمه، وإخوته هم الفرع، فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نورا وجرما، لما هو فرع عنه. فلذلك كانت الشمس أمه، والقمر أباه، والكواكب إخوته. ومن المناسبة أن الشمس لفظ مؤنث، فلذلك كانت أمه، والقمر والكواكب مذكرات، فكانت لأبيه وإخوته،.ومن المناسبة أن الساجد معظم محترم للمسجود له، والمسجود [له] معظم محترم، فلذلك دل ذلك على أن يوسف يكون معظما محترما عند أبويه وإخوته. ومن لازم ذلك أن يكون مجتبى مفضلا في العلم والفضائل الموجبة لذلك، ولذلك قال له أبوه: { وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث } [ ص 408 ] ومن المناسبة في رؤيا الفتيين، أنه أول رؤيا، الذي رأى أنه يعصر خمرا، أن الذي يعصر في العادة، يكون خادما لغيره، والعصر يقصد لغيره، فلذلك أوَّله بما يؤول إليه، أنه يسقي ربه، وذلك متضمن لخروجه من السجن. وأوَّل الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه، بأن جلدة رأسه ولحمه، وما في ذلك من المخ، أنه هو الذي يحمله، وأنه سيبرز للطيور، بمحل تتمكن من الأكل من رأسه، فرأى من حاله أنه سيقتل ويصلب بعد موته فيبرز للطيور فتأكل من رأسه، وذلك لا يكون إلا بالصلب بعد القتل. وأوَّل رؤيا الملك للبقرات والسنبلات، بالسنين المخصبة، والسنين المجدبة، ووجه المناسبة أن الملك، به ترتبط أحوال الرعية ومصالحها، وبصلاحه تصلح، وبفساده تفسد، وكذلك السنون بها صلاح أحوال الرعية، واستقامة أمر المعاش أو عدمه. وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها، ويستقى عليها الماء، وإذا أخصبت السنة سمنت، وإذا أجدبت صارت عجافا، وكذلك السنابل في الخصب، تكثر وتخضر، وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض. ومنها: ما فيها من الأدلة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قصَّ على قومه هذه القصة الطويلة، وهو لم يقرأ كتب الأولين ولا دارس أحدا. يراه قومه بين أظهرهم صباحا ومساء، وهو أمِّيٌّ لا يخط ولا يقرأ، وهي موافقة، لما في الكتب السابقة، وما كان لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون. ومنها: أنه ينبغي البعد عن أسباب الشر، وكتمان ما تخشى مضرته، لقول يعقوب ليوسف { يا بني لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا } ومنها: أنه يجوز ذكر الإنسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره لقوله: { فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا }. ومنها: أن نعمة الله على العبد، نعمة على من يتعلق به من أهل بيته وأقاربه وأصحابه، وأنه ربما شملتهم، وحصل لهم ما حصل له بسببه، كما قال يعقوب في تفسيره لرؤيا يوسف { وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ } ولما تمت النعمة على يوسف، حصل لآل يعقوب من العز والتمكين في الأرض والسرور والغبطة ما حصل بسبب يوسف. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة في فضائل سور القرآن | سلوى محمد | روضة القرآن وعلومه | 4 | 18-11-12 10:53 PM |