|
روضة المتحابات في الله للترحيب بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-,تواصل أخوي، مناسبات.. |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
30-01-11, 04:29 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
مِن قَلْبِ الحَدَثِ .. دروسٌ وَعِبَرٌ !
مِن قَلْبِ الحَدَثِ .. دروسٌ وَعِبَرٌ سبحان الله الواحد القهار، القويّ العزيز الملك الجبار،أتى أمره فداهم السيل الناس، وفي سُويعات تحوّلت جِدّة التي تشكو شُحّ الأمطار وقِلّة المياه، إلى طوفان جارف!! إلى سيل جرار!! يكتسح ما أمامه، ويبتلع في جوفه ما يأتي عليه، حتى أضحى كارثة مؤلمة، ومأساة حقيقية، ستبقى ماثلة في ذاكرة كثير من الناس.. إنّ مِثْل هذه الآيات الكونية العظيمة لابد أن يكون للمؤمن معها وَقَفَات وتفكّر واعْتبار..وهذا مِن سِمَات أولي الألباب والمتقين الأخيار . والمؤمن البصير يقف عند مواقع العِبَر، وأحكام القدر، ينظر ويتدبّر . كل شيء بقدر الله، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وليس ثَمّة شيءٌ يحول دون نفوذ قدر الله في خلقه سبحانه وتعالى، وبذا يطمئن قلب المؤمن الموحِّد؛ لأن أمر الله سبق، ومشيئته نفذت . قالالله تعالى: { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} . وقال سبحانه : {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. لله الحكمة البالغة، فتقديره سبحانه مَبْنِيٌّ على حِكْمته وعدله، ذلك تقدير العزيز العليم، ولا يخرج شيء في الكون عن مقتضى هذه الحكمة .ومن حِكْمته سبحانه: جعل المصائب والكوارث سبباً للاتعاظ والتذكر والرجوع إليه {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}. كل شيء مسخربأمره ،فإذا قال لها أمطري، أمطرت، وإذا أمر الماء، اجتمع وسال، فالتقى الماء على أمر قد قُدِر، والضرّ والنفع بيده سبحانه، وما يجري من سيول وزلازل وبراكين وسائرجنوده ، إنما هو بأمره وقدره لحكمة يريدها . أنقل إليكم صورا من قلب الحدث (سيل جدة ) التي شاء الله أن نعايشها.. و نحن نتذكر السيل الماضي ولم نشاهده عيانًا، بل نقل إلينا، فها نحن نعيش الحدث! ذهبنا صباحًا -كالمعتاد- للدوام في المدرسة، وفي الساعة الحادية عشرة إلا ربع بدأ المطر ينهمر خفيفًا، فرحنا به وسعدنا! وبعده بِرُبْع ساعة تقريبًا في حدود الساعة الحادية عشرة تمامًا بدأ المطر يشتدّ غزارةً وبقوة إلى الساعة 3 ظهرا في انهمار متواصل! بدأ منسوب المياه يرتفع تدريجيًّا.. الطابق السفلي من فصول و إدارة والساحات امتلأت بالماء، فاضطررنا إلى الصعود للطابق الأول والثاني والحمد لله الكل بخير والمعنويات كانت ولله الحمد عالية بفضل من الله وحده . احتُجِزنا بالمياه، من فوقنا ومن تحتنا، القلوب أصبحت تلهج بسؤال الله، والتضرع إليه ودعائه "اللهم حولينا ولا علينا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، اللهم ألطف بنا وارحمنا وأخرجنا سالمين ، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم"... فالحمد لله وحده، والفضل له لا غيره الذي ربط على قلوب الصغيرات من الطالبات، أنظر إليهنّ وأتأمّل، مجموعة يلعبن مع بعضهن.. والأخريات ينظرن من النافذة للمطر فرحات.. والبعض الآخر قد وضعن رؤوسهن للنوم والراحة استسلمن، وقمن المعلمات برعايتهن.. فاللهم احفظهم ورعاهم.
جاء المساء وبدأت إحدى المعلمات بتلقينهن أذكار المساء يرددن خلفها، منظرٌ جميل يبهج القلب ويدخل الفرح والسرور مع أصواتهن البريئة الندية تردد وترتفع بذكر الله مع ما نحن فيه من الأجواء المخيفة، أُردد في صمت: اللهم أخرجهم من هنا سالمين آمنين، وحفّهم برحمتك يا رب العالمين .
اللهم أنت تعلم بحالهن فاحفظهم وارعاهم وأخرجهم من هنا سالمين، وردّهم إلى أهلهم آمنين . في أصعب اللحظات، وأحلك الساعات، يحتاج المرء إلى من يذكره بالله، ويربط على قلبه فإن رزقك الله من يبصرك وإلى طريق الحق يرشدك، فاعلم أنه من نِعم الله عليك ، يستحق منك أن تشكره.
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على ما أصابنا لمحزونون .
فلا منجي إلا الله ، فاللهم لطفك ورحمتك بنا . وجدتُ شمعتان واحدة وضعتها في غرفة الطالبات الكبيرات، والأخرى في غرفة الصغيرات، فرح الطالبات بضوئها وإن كان ضعيفًا! وأكملن ينظرن من النافذة إلى المياه التي تملأ الشوارع، فالحمد لله وحده الذي آمنهم من خوف، وطمأن قلوبهن.
فالحمد لله وحده الذي يسّر خروجنا سالمين جميعًا، وبكامل حجابنا وستر علينا، فاللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك . شعرت يوم الحدث كأننا كالجسد الواحد، كل واحد تسأل عن الأخرى ، من لم تتمكن الذهاب إلى بيتها لانقطاع الطرق استضافتها إحدى الأخوات ، فاستشعرت قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُسَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)) فهذا وحده من نِعم الله علينا، يستحق منا مزيدا من الشكر ، أن سخر لنا أناس يشدون من أزرنا ، يذكرونا، يعينونا ، يقفون بجانبنا في أصعب اللحظات التي تمر بنا ، فالمؤمن يتألم لألم إخوانه .
في المحن والكوارث تمحيص للقلوب وتنبيهٌ لها من غفلتها ، فلولا محن الدنيا ومصائبهالأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاوآجلا ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يبتليه بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له منهذه الأدواء ، وحفظا لصحة عبوديته ، واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتلي بنعمائه . وكما قال شيخ الإسلام رحمهالله: "مصيبة تقبل بها على الله ، خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله". في كل زاوية من الزوايا عبرة لمن اعتبر، وتبصرة لمن كان له قلب واذّكر . سطر قلمي بعض تلك الصور . {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد }. فيا أهل جدة مُصابكم جلل، وهولكم عَظُم ، فصبرا صبرا . وإن انقطعت كل السبل ، و ذهبت بكم الأسباب ، فلا يبقى إلا حبل الله المتين والركن الشديد ، فلا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه ، ولا نرجو إلا سواه ، إن ربي لطيف لما يشاء. كان الحدث اختبارا لنا بل لقلوبنا ، في توحيدنا وتثقتنا وصبرنا وحسن ظننا بالله ، فهل نجحنا في الاختبار ؟ اللهم أريتنا قدرتك ، آمنا بك وبرسلك ، فعفوك وواسع رحمتك . كتبته: إحدى المعلِّمات التي كانت في الحَدَث -بارك الله فيها-.. بعد أحداث سيول جدة يوم الأربعاء 22/ 2/ 1432هـ
التعديل الأخير تم بواسطة أم أســامة ; 30-01-11 الساعة 06:39 PM سبب آخر: مسافة بين كلمات الآيات.. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[إعلان] صفحة مدارسات مادة الثلاثة الأصول(مراحل قديمة) | إبتسام بنت عبدالعزيز المهوّس | أرشيف الفصول السابقة | 315 | 21-12-13 08:21 PM |
الحياء الصفة المحمودة | أم أمية | روضة التزكية والرقائق | 0 | 27-05-07 04:14 PM |