العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة السنة وعلومها

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-04-10, 01:53 PM   #4
أم حذيفه السلفية
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 07-03-2010
الدولة: أرض الله واسعة
المشاركات: 13
أم حذيفه السلفية is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشرح من فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قَوْله ( كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُج ) ‏
‏زَادَ مَعْمَر " سَفَرًا " أَيْ إِلَى سَفَر , فَهُوَ مَنْصُوب بِنَزْعِ الْخَافِض أَوْ ضُمِّنَ يَخْرُج مَعْنَى يُنْشِئ فَيَكُون سَفَرًا نَصْبًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَفِي رِوَايَة فُلَيْحٍ وَصَالِح بْن كَيْسَانَ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا . ‏

‏قَوْله : ( أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجه ) ‏
‏فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقُرْعَة وَالرَّدّ عَلَى مَنْ مَنَعَ مِنْهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّعْرِيف بِهَا وَحُكْمهَا فِي أَوَاخِر كِتَاب الشَّهَادَات فِي " بَاب الْقُرْعَة فِي الْمُشْكِلَات " . ‏

‏قَوْله : ( فَأَيَّتُهُنَّ ) ‏
‏وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيِّ مِنْ طَرِيق فُلَيْحٍ " فَأَيُّهُنَّ " بِغَيْرِ مُثَنَّاة وَالْأُولَى أَوْلَى . ‏

‏قَوْله : ( فِي غَزْوَة غَزَاهَا ) ‏
‏هِيَ غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي رِوَايَته , وَكَذَا أَفْلَح بْن عَبْد اللَّه عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ , وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَة أَبِي أُوَيْس " فَخَرَجَ سَهْم عَائِشَة فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق مِنْ خُزَاعَة " وَعِنْدَ الْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَأَصَابَتْ عَائِشَة الْقُرْعَة فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق " وَفِي رِوَايَة بَكْر بْن وَائِل عِنْدَ أَبِي عَوَانَة مَا يُشْعِر بِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْغَزْوَة فِي حَدِيث عَائِشَة مُدْرَج فِي الْخَبَر . ‏

‏قَوْله : ( فَخَرَجَ سَهْمِي ) ‏
‏هَذَا يُشْعِر بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة وَحْدَهَا , لَكِنْ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ مِنْ طَرِيق عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة أَيْضًا أُمّ سَلَمَة , وَكَذَا فِي حَدِيث اِبْن عُمَر , وَهُوَ ضَعِيفٌ , وَلَمْ يَقَع لِأُمِّ سَلَمَة فِي تِلْكَ الْغَزْوَة ذِكْر , وَرِوَايَة اِبْن إِسْحَاق مِنْ رِوَايَة عَبَّاد ظَاهِرَة فِي تَفَرُّد عَائِشَة بِذَلِكَ وَلَفْظه " فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ , فَخَرَجَ بِي مَعَهُ " . ‏

‏قَوْله : ( بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ ) ‏
‏أَيْ بَعْدَمَا نَزَلَ الْأَمْر بِالْحِجَابِ , وَالْمُرَاد حِجَاب النِّسَاء عَنْ رُؤْيَة الرِّجَال لَهُنَّ , وَكُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعْنَ , وَهَذَا قَالَتْهُ كَالتَّوْطِئَةِ لِلسَّبَبِ فِي كَوْنهَا كَانَتْ مُسْتَتِرَةً فِي الْهَوْدَج حَتَّى أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى تَحْمِيلِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ فِيهِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهَا فِيهِ , بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ الْحِجَاب , فَلَعَلَّ النِّسَاء حِينَئِذٍ كُنَّ يَرْكَبْنَ ظُهُور الرَّوَاحِل بِغَيْرِ هَوَادِج , أَوْ يَرْكَبْنَ الْهَوَادِج غَيْر مُسْتَتِرَات , فَمَا كَانَ يَقَع لَهَا الَّذِي يَقَع , بَلْ كَانَ يَعْرِف الَّذِي كَانَ يَخْدُم بَعِيرَهَا إِنْ كَانَتْ رَكِبَتْ أَمْ لَا . ‏

‏قَوْله : ( فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ ) ‏
‏فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " فَكُنْت إِذَا رَحَّلُوا بَعِيرِي جَلَسْت فِي هَوْدَجِي ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِأَسْفَلِ الْهَوْدَج فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْر الْبَعِير " وَالْهَوْدَج بِفَتْحِ الْهَاء وَالدَّال بَيْنَهُمَا وَاو سَاكِنَة وَآخِرُهُ جِيمٌ : مَحْمِل لَهُ قُبَّة تُسْتَر بِالثِّيَابِ وَنَحْوه , يُوضَع عَنْ ظَهْر الْبَعِير يَرْكَب عَلَيْهِ النِّسَاء لِيَكُونَ أَسْتَر لَهُنَّ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي أُوَيْس بِلَفْظِ " الْمِحَفَّة " . ‏

‏قَوْله : ( فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ ) ‏
‏كَذَا اِقْتَصَرَتْ الْقِصَّة , لِأَنَّ مُرَاد سِيَاق قِصَّة الْإِفْك خَاصَّةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْت مَا ذَكَرْت ذَلِكَ كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا أَرَادَتْ اِقْتِصَاصه , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون ذَكَرَتْ جَمِيع ذَلِكَ فَاخْتَصَرَهُ الرَّاوِي لِلْغَرَضِ الْمَذْكُور , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهَا فِي قِصَّة غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق أَحَادِيث غَيْر هَذَا , وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبَّاد " قُلْت لِعَائِشَةَ : يَا أُمَّتَاهُ حَدِّثِينَا عَنْ قِصَّة الْإِفْك , قَالَتْ : نَعَمْ " وَعِنْدَهُ " فَخَرَجْنَا فَغَنَّمَهُ اللَّه أَمْوَالهمْ وَأَنْفُسهمْ وَرَجَعْنَا " . ‏

‏قَوْله : ( وَقَفَلَ ) ‏
‏بِقَافٍ وَفَاء أَيْ رَجَعَ مِنْ غَزْوَته .

‏قَوْله : ( وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَة قَافِلِينَ ) ‏
‏أَيْ رَاجِعِينَ , أَيْ أَنَّ قِصَّتهَا وَقَعَتْ حَالَ رُجُوعهمْ مِنْ الْغَزْوَة قُرْبَ دُخُولهمْ الْمَدِينَة . ‏

‏قَوْله : ( آذَنَ ) ‏
‏بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيف وَبِغَيْرِ مَدّ وَالتَّشْدِيد كِلَاهُمَا بِمَعْنَى أَعْلَمَ بِالرَّحِيلِ , وَفِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بِهِ بَعْض اللَّيْل ثُمَّ آذَنَ بِالرَّحِيلِ " . ‏

‏قَوْله : ( بِالرَّحِيلِ ) ‏
‏فِي رِوَايَة بَعْضهمْ " الرَّحِيل " بِغَيْرِ مُوَحَّدَة وَبِالنَّصْبِ , وَكَأَنَّهُ حِكَايَة قَوْلهمْ : " الرَّحِيلَ " بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاء . ‏

‏قَوْله : ( فَمَشَيْت حَتَّى جَاوَزْت الْجَيْشَ ) ‏
‏أَيْ لِتَقْضِي حَاجَتهَا مُنْفَرِدَة . ‏

‏قَوْله : ( فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي ) ‏
‏الَّذِي تَوَجَّهْت بِسَبَبِهِ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر خِلَاف مَا فِي الصَّحِيح , وَأَنَّ سَبَب تَوَجُّههَا لِقَضَاءِ حَاجَتهَا أَنَّ رَحْل أُمّ سَلَمَة مَال فَأَنَاخُوا بَعِيرهَا لِيُصْلِحُوا رَحْلهَا قَالَتْ عَائِشَة : " فَقُلْت إِلَى أَنْ يُصْلِحُوا رَحْلهَا قَضَيْت حَاجَتِي , فَتَوَجَّهْت وَلَمْ يَعْلَمُوا بِي فَقَضَيْت حَاجَتِي , فَانْقَطَعَتْ قِلَادَتِي فَأَقَمْت فِي جَمْعهَا وَنِظَامهَا , وَبَعَثَ الْقَوْم إِبِلهمْ وَمَضَوْا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِنُزُولِي " وَهَذَا شَاذّ مُنْكَر . ‏

‏قَوْله : ( عِقْد ) ‏
‏بِكَسْرِ الْعَيْن قِلَادَة تُعَلَّق فِي الْعُنُق لِلتَّزَيُّنِ بِهَا .

‏قَوْله : ( مِنْ جَزْع ) ‏
‏بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون الزَّاي بَعْدَهَا مُهْمَلَة : خَرَز مَعْرُوف فِي سَوَاده بَيَاض كَالْعُرُوقِ , قَالَ اِبْن الْقَطَّاع : هُوَ وَاحِد لَا جَمْع لَهُ , وَقَالَ اِبْن سِيدَهْ : هُوَ جَمْع وَاحِدَة جَزِعَة وَهُوَ بِالْفَتْحِ , فَأَمَّا الْجِزَع بِالْكَسْرِ فَهُوَ جَانِب الْوَادِي , وَنَقَلَ كُرَاع أَنَّ جَانِب الْوَادِي بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَأَنَّ الْآخَر يُقَال بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ , وَأَغْرَبَ اِبْن التِّين فَحَكَى فِيهِ الضَّمّ , قَالَ التِّيفَاشِيّ : يُوجَد فِي مَعَادِن الْعَقِيق وَمِنْهُ مَا يُؤْتَى بِهِ مِنْ الصِّين , قَالَ : وَلَيْسَتْ فِي الْحِجَارَة أَصْلَب جِسْمًا مِنْهُ , وَيَزْدَاد حُسْنه إِذَا طُبِخَ بِالزَّيْتِ لَكِنَّهُمْ لَا يَتَيَمَّنُونَ بِلُبْسِهِ وَيَقُولُونَ : مَنْ تَقَلَّدَهُ كَثُرَتْ هُمُومه وَرَأَى مَنَامَات رَدِيئَة , وَإِذَا عُلِّقَ عَلَى طِفْل سَالَ لُعَابه . وَمِنْ مَنَافِعه إِذَا أُمِرَّ عَلَى شَعْر الْمُطْلَقَة سَهُلَتْ وِلَادَتهَا . ‏

‏قَوْله : ( جَزْع أَظْفَار ) ‏
‏كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَظْفَار بِزِيَادَةِ أَلِف , وَكَذَا فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ . لَكِنْ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ طَرِيقه " ظَفَار " وَكَذَا فِي رِوَايَة مَعْمَر وَصَالِح , وَقَالَ اِبْن بَطَّال : الرِّوَايَة " أَظْفَار " بِأَلِفٍ , وَأَهْل اللُّغَة لَا يَعْرِفُونَهُ بِأَلِفٍ وَيَقُولُونَ : " ظَفَار " قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : جَزْع ظَفَارِي . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَقَعَ فِي بَعْض رِوَايَات مُسْلِم " أَظْفَار " وَهِيَ خَطَأ . قُلْت : لَكِنَّهَا فِي , أَكْثَر رِوَايَات أَصْحَاب الزُّهْرِيّ , حَتَّى إِنَّ فِي رِوَايَة صَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَر عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ جَزْع الْأَظَافِير " فَأَمَّا ظَفَار بِفَتْحِ الظَّاء الْمُعْجَمَة ثُمَّ فَاء بَعْدَهَا رَاء مَبْنِيَّة عَلَى الْكَسْر فَهِيَ مَدِينَة بِالْيَمَنِ , وَقِيلَ جَبَل , وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِهِ الْمَدِينَة وَهِيَ فِي أَقْصَى الْيَمَن إِلَى جِهَة الْهِنْد , وَفِي الْمِثْل " مَنْ دَخَلَ ظَفَار حَمَّرَ " أَيْ تَكَلَّمَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ , لِأَنَّ أَهْلهَا كَانُوا مِنْ حِمْيَر وَإِنْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَة أَنَّ جَزْع أَظْفَار فَلَعَلَّ عِقْدَهَا كَانَ مِنْ الظُّفْر أَحَد أَنْوَاع الْقُسْط وَهُوَ طَيِّب الرَّائِحَة يُتبَخَّر بِهِ , فَلَعَلَّهُ عَمِلَ مِثْل الْخَرَز فَأَطْلَقَتْ عَلَيْهِ جَزْعًا تَشْبِيهًا بِهِ وَنَظَمَتْهُ قِلَادَة إِمَّا لِحُسْنِ لَوْنه أَوْ لِطِيبِ رِيحه , وَقَدْ حَكَى اِبْن التِّين أَنَّ قِيمَته كَانَتْ اِثَّنَى عَشَرَ دِرْهَمًا , وَهَذَا يُؤَيِّد أَنَّهُ لَيْسَ جَزَعًا ظَفَارِيًّا إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتْ قِيمَته أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ " فَكَانَ فِي عُنُقِي عِقْد مِنْ جَزْع ظَفَار كَانَتْ أُمِّي أَدْخَلَتْنِي بِهِ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . ‏

‏قَوْله : ( فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي ) ‏
‏أَيْ فَرَغْت مِنْ قَضَاء حَاجَتِي ( أَقْبَلْت إِلَى رَحْلِي ) أَيْ رَجَعْت إِلَى الْمَكَان الَّذِي كَانَتْ نَازِلَة فِيهِ . ‏

‏قَوْله : ( فَإِذَا عِقْد لِي ) ‏
‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " فَلَمَسْت صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي " .

‏قَوْله : ( قَدْ اِنْقَطَعَ ) ‏
‏فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " قَدْ اِنْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَأَنَا لَا أَدْرِي " . ‏

‏قَوْله : ( فَالْتَمَسْت عِقْدِي ) ‏
‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " فَرَجَعْت فَالْتَمَسْت وَحَبَسَنِي اِبْتِغَاؤُهُ " أَيْ طَلَبه , فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " فَرَجَعْت عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إِلَى الْمَكَان الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ " وَكُنْت أَظُنّ أَنَّ الْقَوْم لَوْ لَبِثُوا شَهْرًا لَمْ يَبْعَثُوا بَعِيرِي حَتَّى أَكُون فِي هَوْدَجِي " . ‏

‏قَوْله : ( وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ ) ‏
‏هُوَ عَدَد مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة وَقِيلَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْكِتَاب فِي حَدِيث أَبِي سُفْيَان الطَّوِيل . وَلَمْ أَعْرِف مِنْهُمْ هُنَا أَحَدًا إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَحَدهمْ أَبُو مَوْهُوبَةَ مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ أَبُو مُوَيْهِبَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ حَدِيثًا فِي مَرَض رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاته أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَغَيْره , قَالَ الْبَلَاذُرِيّ : شَهِدَ أَبُو مُوَيْهِبَةَ غَزْوَة الْمُرَيْسِيع , وَكَانَ يَخْدُم بَعِير عَائِشَة , وَكَانَ مِنْ مُوَلَّدِي بَنِي مُزَيْنَةَ . وَكَأَنَّهُ فِي الْأَصْل أَبُو مَوْهُوبَة وَيُصَغَّر فَيُقَال أَبُو مُوَيْهِبَةَ . ‏

‏قَوْله : ( يَرْحَلُونَ ) ‏
‏بِفَتْحِ أَوَّله وَالتَّخْفِيف , رَحَلْت الْبَعِير إِذَا شَدَدْت عَلَيْهِ الرَّحْل . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ هُنَا بِالتَّشْدِيدِ فِي هَذَا وَفِي " فَرَحَلُوهُ " .

‏قَوْله : ( لِي ) ‏
‏فِي رِوَايَة مَعْمَر " بِي " وَحَكَى النَّوَوِيّ عَنْ أَكْثَر نُسَخ صَحِيح مُسْلِم " يَرْحَلُونَ لِي " قَالَ : وَهُوَ أَجْوَد , وَقَالَ غَيْره بِالْبَاءِ أَجْوَد لِأَنَّ الْمُرَاد وَضْعهَا وَهِيَ فِي الْهَوْدَج فَشَبَّهَتْ الْهَوْدَج الَّذِي هِيَ فِيهِ بِالرَّحْلِ الَّذِي يُوضَع عَلَى الْبَعِير . ‏

‏قَوْله : ( فَرَحَلُوهُ ) ‏
‏أَيْ وَضَعُوهُ , وَفِيهِ تَجَوُّز وَإِنَّمَا الرَّحْل هُوَ الَّذِي يُوضَع عَلَى ظَهْر الْبَعِير ثُمَّ يُوضَع الْهَوْدَج فَوْقَهُ . ‏

‏قَوْله : ( وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا ) ‏
‏قَالَتْ : هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهَا : " وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ " .

‏قَوْله : ( لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْم ) ‏
‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " لَمْ يُثْقِلْهُنَّ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْم " قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : لَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا لِأَنَّ كُلّ سَمِين ثَقِيل مِنْ غَيْر عَكْس , لِأَنَّ الْهَزِيل قَدْ يَمْتَلِئ بَطْنُهُ طَعَامًا فَيَقِلّ بَدَنه , فَأَشَارَتْ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ لَمْ يَكُونَا فِي نِسَاء ذَلِكَ الزَّمَان . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى قَوْلهَا : " لَمْ يَغْشَهُنَّ " أَيْ لَمْ يَكْثُر عَلَيْهِنَّ فَيَرْكَب بَعْضُهُ بَعْضًا , وَفِي رِوَايَة مَعْمَر " لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ " وَضَبَطَهُ اِبْن الْخَشَّاب فِيمَا حَكَاهُ اِبْن الْجَوْزِيّ بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الْهَاء وَكَسْر الْمُوَحَّدَة , وَمِثْله الْقُرْطُبِيّ لَكِنْ قَالَ : وَضَمّ الْمُوَحَّدَة , قَالَ : لِأَنَّ مَاضِيه بِفَتْحَتَيْنِ مُخَفَّفًا , وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمَشْهُور فِي ضَبْطه بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الْهَاء وَتَشْدِيد الْمُوَحَّدَة , وَبِفَتْحِ أَوَّله وَثَالِثه أَيْضًا , وَبِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر ثَالِثه مِنْ الرُّبَاعِيّ , يُقَال هَبَّلَهُ اللَّحْم وَأَهْبَلَهُ إِذَا أَثْقَلَهُ , وَأَصْبَحَ فُلَان مُهَبَّلًا أَيْ كَثِير اللَّحْم أَوْ وَارِمَ الْوَجْه . قُلْت : وَفِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ " لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْم " وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ أَنَّهَا فِي رِوَايَة لِابْنِ الْحَذَّاء فِي مُسْلِم أَيْضًا , وَأَشَارَ إِلَيْهَا اِبْن الْجَوْزِيّ وَقَالَ : الْمُهَبَّل الْكَثِير اللَّحْم الثَّقِيل الْحَرَكَة مِنْ السِّمَن , وَفُلَان مُهَبَّل أَيْ مُهَيَّج كَأَنَّ بِهِ وَرَمًا . ‏

‏قَوْله : ( إِنَّمَا يَأْكُلْنَ ) ‏
‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا " إِنَّمَا نَأْكُل " بِالنُّونِ أَوَّله وَبِاللَّامِ فَقَطْ . ‏

‏قَوْله : ( الْعُلْقَة ) ‏
‏بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام ثُمَّ قَاف أَيْ الْقَلِيل , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَأَنَّ الْمُرَاد الشَّيْء الْقَلِيل الَّذِي يُسَكِّنُ الرَّمَق , كَذَا قَالَ . وَقَدْ قَالَ الْخَلِيل : الْعُلْقَة مَا فِيهِ بُلْغَة مِنْ الطَّعَام إِلَى وَقْت الْغَدَاء , حَكَاهُ اِبْن بَطَّال قَالَ : وَأَصْلهَا شَجَر يَبْقَى فِي الشِّتَاء تَتَبَلَّغ بِهِ الْإِبِل حَتَّى يَدْخُل زَمَن الرَّبِيع . ‏

‏قَوْله : ( فَلَمْ يَسْتَنْكِر الْقَوْم خِفَّة الْهَوْدَج ) ‏
‏وَقَعَ فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ وَمَعْمَر " ثِقَل الْهَوْدَج " وَالْأَوَّل أَوْضَح لِأَنَّ مُرَادهَا إِقَامَة عُذْرهمْ فِي تَحْمِيل هَوْدَجَهَا وَهِيَ لَيْسَتْ فِيهِ فَكَأَنَّهَا تَقُول : كَأَنَّهَا لِخِفَّةِ جِسْمهَا بِحَيْثُ إِنَّ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ هَوْدَجهَا لَا فَرْق عِنْدَهُمْ بَيْنَ وُجُودهَا فِيهِ وَعَدَمهَا , وَلِهَذَا أَرْدَفَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا : " وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَةَ السِّنّ " أَيْ أَنَّهَا مَعَ نَحَافَتهَا صَغِيرَة السِّنّ فَذَلِكَ أَبْلَغ فِي خِفَّتهَا , وَقَدْ وُجِّهَتْ الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِأَنَّ الْمُرَاد لَمْ يَسْتَنْكِرُوا الثِّقَل الَّذِي اِعْتَادُوهُ , لِأَنَّ ثِقَله فِي الْأَصْل إِنَّمَا هُوَ مِمَّا رَكِبَ الْهَوْدَج مِنْهُ مِنْ خَشَب وَحِبَال وَسُتُور وَغَيْر ذَلِكَ , وَأَمَّا هِيَ فَلِشِدَّةِ نَحَافَتهَا كَانَ لَا يَظْهَر بِوُجُودِهَا فِيهِ زِيَادَة ثِقَل , وَالْحَاصِل أَنَّ الثِّقَل وَالْخِفَّة مِنْ الْأُمُور الْإِضَافِيَّة فَيَتَفَاوَتَانِ بِالنِّسْبَةِ , وَيُسْتَفَاد مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بَعِيرهَا كَانُوا فِي غَايَة الْأَدَب مَعَهَا وَالْمُبَالَغَة فِي تَرْك التَّنْقِيب عَمَّا فِي الْهَوْدَج بِحَيْثُ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهَا فِيهِ , وَكَأَنَّهُمْ جَوَّزُوا أَنَّهَا نَائِمَة . ‏

‏قَوْله : ( وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ ) ‏
‏هُوَ كَمَا قَالَتْ , لِأَنَّهَا أُدْخِلَتْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَة فِي شَوَّال وَلَهَا تِسْع سِنِينَ , وَأَكْثَر مَا قِيلَ فِي الْمُرَيْسِيع كَمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا عِنْدَ اِبْن إِسْحَاق كَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتّ فَتَكُون لَمْ تُكَمِّل خَمْسَ عَشْرَةَ , فَإِنْ كَانَتْ الْمُرَيْسِيع قَبْلَ ذَلِكَ فَتَكُون أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ أَشَرْت إِلَى فَائِدَة ذِكْرهَا ذَلِكَ قَبْلُ , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون أَشَارَتْ بِذَلِكَ إِلَى بَيَان عُذْرهَا فِيمَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْحِرْص عَلَى الْعِقْد الَّذِي اِنْقَطَعَ , وَمِنْ اِسْتِقْلَالهَا بِالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَال وَتَرْك إِعْلَام أَهْلهَا بِذَلِكَ وَذَلِكَ لِصِغَرِ سِنّهَا وَعَدَم تَجَارِبهَا لِلْأُمُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَغِيرَة لَكَانَتْ تَتَفَطَّنُ لِعَاقِبَةِ ذَلِكَ . وَقَدْ وَقَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ضَيَاع الْعِقْد أَيْضًا أَنَّهَا أَعْلَمَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ فَأَقَامَ بِالنَّاسِ عَلَى غَيْر مَاء حَتَّى وَجَدَتْهُ وَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم بِسَبَبِ ذَلِكَ , فَظَهَرَ تَفَاوُت حَال مَنْ جَرَّبَ الشَّيْء وَمَنْ لَمْ يُجَرِّبهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحه فِي كِتَاب التَّيَمُّم . ‏

‏قَوْله : ( فَبَعَثُوا الْجَمَل ) ‏
‏أَيْ أَثَارُوهُ . ‏

‏قَوْله : ( بَعْدَمَا اِسْتَمَرَّ الْجَيْشُ ) ‏
‏أَيْ ذَهَب مَاضِيًا , وَهُوَ اِسْتَفْعَلَ مِنْ مَرَّ . ‏

‏قَوْلُهُ : ( فَجِئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيب ) ‏
‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " وَلَيْسَ فِيهَا أَحَد " فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَسْتَصْحِب عَائِشَة مَعَهَا غَيْرهَا فَكَانَ أَدْعَى لِأَمْنِهَا مِمَّا يَقَع لِلْمُنْفَرِدِ وَلَكَانَتْ لَمَّا تَأَخَّرَتْ لِلْبَحْثِ عَنْ الْعِقْد تُرْسِل مَنْ رَافَقَهَا لِيَنْتَظِرُوهَا إِنْ أَرَادُوا الرَّحِيل ؟ وَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَة مَا يُسْتَفَاد مِنْ قَوْله حَدِيثَة السِّنّ , لِأَنَّهَا لَمْ يَقَع لَهَا تَجْرِبَة مِثْل ذَلِكَ , وَقَدْ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا خَرَجَتْ لِحَاجَتِهَا تَسْتَصْحِب كَمَا سَيَأْتِي فِي قِصَّتهَا مَعَ أُمِّ مِسْطَح , وَقَوْله : فَأَمَمْت مَنْزِلِي بِالتَّخْفِيفِ أَيْ قَصَدْت , وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ هُنَا بِتَشْدِيدِ الْمِيم الْأُولَى , قَالَ الدَّاوُدِيُّ , : وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) قَالَ اِبْن التِّين : هَذَا عَلَى أَنَّهُ بِالتَّخْفِيفِ اِنْتَهَى . وَفِي رِوَايَة صَالِح بْن كَيْسَانَ " فَتَيَمَّمْت " . ‏

يتبع إن شاء الله
أم حذيفه السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هنيئا لمن تاب الله عليه مسلمة لله روضة التزكية والرقائق 5 22-03-11 09:00 PM


الساعة الآن 09:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .