العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة مكتبة طالبة العلم > مكتبة طالبة العلم المقروءة

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-08, 09:05 PM   #1
الألماسة الشرعية
جُهدٌ لا يُنسى
w حكم الإستنساخ في الإسلام

حكم الإسلام في الاستنساخ
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكمل لنا دين الإسلام ، وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين ، بعثه الله بالقرآن بشيرا ونذيرا، وآتاه السنة تفصيلا للقرآن وتفسيرا ،وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
لقد شهد القرن العشرون انقلابا مفاهيميا في شتى جوانب الحياة إضافة إلى التبدلات الشاملة التي طرأت على الأنظمة المعرفية والاجتماعية . ولعل أي مقارنة بين بداية هذا القرن ونهايته تظهر لنا كثافة التاريخ الذي اكتنفه . إنه حقا حافل بمادة تاريخية هائلة ، ولكنه لم يصعد بإنسانية الإنسان ، ولم يحقق له السعادة التي طمحت إليها الأنماط الإجتماعية والسياسية والاعتقادية التي أجزلت له الوعود ...
ومما لا شك فيه أن العلم قد أفضى إلى الرقي الإنساني خلال التاريخ ، بل ارتبط العلم بالرقي ارتباطا وثيقا تجلى في أشكال حضارية عبر التاريخ ، إلا أن هذا الارتباط يحتاج إلى مراجعة ووقفة تأمل عندما نصل إلى القرن العشرين ، إذ أن العلم قد اتجه اتجاهات متعددة ومتباينة ، منها ما أفضى إلى التفسخ الإنساني على أصعدة مختلفة ، فمن منا يستطيع أن يتقبل ( ناغازاكي ) أو ( هيروشيما ) أو الحروب الضارية التي استخدمت فيها التكنولوجيا أسوأ استخدام أو التجارب النووية و الكيميائية التي دمرت جزءا لا يستهان به من البيئة الأرضية .
ولقد أثار حدث الإستنساخ ردود فعل مختلفة ، وأطلق العنان لخيالات ومشاريع تراوحت بين المعقول واللامعقول ، وأفرزت مشاعر تراوحت بين الرفض والاستنكار والخوف والدهشة !
القنابل والمفاعلات النووية أخذت طابعها المدمر ليس من حيث قدرتها على التدمير فحسب ، إنما لما تسببه من تشوهات في الإنسان والطبيعة ولعدة أجيال ، وكذلك الأسلحة الكيماوية التي تدمر أعصاب الإنسان أو تشوهه والإستنساخ ليس قنبلة أو سلاحا يفتك بالإنسان فتكا مباشرا ، إنما عقابيله تثير الرعب بداية على صعيد الطبيعة وانتهاء بالإنسان .
فنزعات الإنسان مرعبة ، والتصور المستقبلي للإستنساخ يظهره كعلبة ثقاب بين يدي طفل لا يقدر عواقب العبث بها . وهذا ما يجعل معظم الدول والهيئات والأشخاص ، يأخذون موقفا فيه الكثير من التوجس والخوف والحذر ، إزاء تقنية بيولوجية تتدخل في خلق الإنسان ، ذلك أن نجاح هذه التقنية يفسح المجال واسعا أمام عودة الرق والاستعباد ، اضافة إلى إمكانية استنساخ أجيال مشوهة وبأعداد كبيرة ،تخضع لعمليات تدجين و تضيف إلى تشوهها البيولوجي تشويها تربويا خلقيا ، وذلك لتخدم أغراض مستنسخيها . إن هذه الصورة فيها من التهويل الكثير ، ولكن أمام علم بلا ضوابط وأخلاقيات يبدو كل شيء منذر بالويل والثبور . لذلك فإن الإستنساخ وتقتياته ، قد يكون سببا موجبا لوقفة متأملة ، لرؤية إنسانية شاملة ، لوضع تصور صحيح للنظام الأخلاقي والتربوي الذي يسود حياة إنسان القرن الواحد و العشرين ، عله يحسن هذا النظام وهو أمام قرن جديد ! ليتخلى إنسان الحضارة التكنولوجية عن أنانيته واستعلائيته ومركزيته ، ويدرك وحدة المصير البشري . ليطرح المشكلات البيئية والاجتماعية والعلمية والأقتصادية ، خارج حدود الهيمنة وليفكر في الوسائل التي تقيم حياة أقل انحطاطا في الأرض ، قبل أن يفتح الباب على مصراعيه أمام النزعات المريضة واللاإنسانية .
ولكن خلال الإرهاصات الإعلامية والإجتماعية التي رافقت حدث الأستنساخ ظهرت مواقف متباينة في العالم كله وليس في العالم الإسلامي فحسب بل إننا لو عمدنا إلى مقارنة الموقف الاسلامي (بشكل عام ) مع المواقف العالمية لوجدنا أنه بمواجهة الإستنساخ كان أقل ارتكاسا وتشنجا ، مع أن البنية الأخلاقية في المجتمعات الإسلامية أكثر تقليدية وتحكما ، والموقف الإسلامي تجلى في شكلين متباينين بشكل عام (وإن كان في إطار كل شكل تنويعات وتفاوت ) هما الرفض والقبول ولكننا قد لا نتمكن من توثيق هذين الموقفين لأن الحدث الاستنساخي لم يأخذ أبعاده تماما ، فالأمر يقتصر على بعض الندوات التلفزيونية وشذرات متفرقة في الصحافة إضافة إلى بعض الإصدارات الضئيلة في كمها وكيفها ، والحدث استثمر إعلاميا وليس علميا ، ولذلك فإن الآراء التي تجاذبته وتناولته اعتمدت على البنية الأيديولوجية بالدرجة الأولى ، والبنية الإنسانية بالدرجة الثانية !
وما لهذا الكلام من أهمية وجدت أنه ومن الضروري أن أبحث في هذا المجال وأن أتلمس حقيقة الإستنساخ الفعلي وموقف العالم بشكل عام والإسلام بشكل خاص وبخاصة الإستنساخ البشري .
-وقد كنت قد اطلعت على بعض المصادر المتعلقة بهذا البحث العلمي وهي مصادر ضئيلة جدا نظرا لحداثة هذا الموضوع مما اضطرني إلى استخدام بأغلب بحثي هذا الأنترنيت ووجدت فيه من المواقع الكثيرة جدا ما أفادني بإتمام مبحثي هذا .
وبالرغم من المشكلة التي عانيت منها وهي قلة المصادر المتعلقة بهذا البحث العلمي إلا أنني والحمد لله قد أتممت هذا البحث العلمي بعد أن بقيت في كتابته وتنقيحه والبحث عن مصادره ما يقارب الشهرين
وأسأل الله أن أكون قد وفقت فيما كتبت وأن ينال بحثي هذا القبول والنفع لكل من يقرأه ومنه تعالى أسأل التوفيق ومنه تعالى نلتمس العون والتأييد والحمد لله رب العالمين.
تمهيد: لقد شهد العالم نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ البشريّة قلبت مفاهيم علم الأحياء (البيولوجيا) وقوانين الطبيعة رأساً على عقب، حيث توصّل العلماء إلى استنساخ كائن حيٍّ من خليّة جسديّة واحدة ينتج منها كائن آخر طبق الأصل.
فما هو الاستنساخ ؟
الاستنساخ: عبارة عن أخذ خليّة جسديّة من كائن حيٍّ تحتوي على كافة المعلومات الوراثيّة وزرعها في بويضة مفرّغة من مورثاتها، ليأتي الجنين مطابقاً تماماً في كلّ شيء للأصل،( وهو الكائن الأوّل الذي اُخذت منه الخليّة). وبالتعبير العلمي: إنّ هذا الكائن الجديد قد تمّ تغيير حامضه النووي في البويضة بعد انتزاع الحامض النووي من
الكائن الأصلي وزراعته (في طريقة مختبريّة) في البويضة التي أنتجت الكائن الجديد.
وأصل الفكرة بدأت في ألمانيا في العقد الثالث من القرن العشرين ; يوم قرّر الحزب النازي بقيادة هتلر خلق عرق متميّز، لكنّ التقنية المتوفرة آنذاك خذلته.
ثمّ جاءت نقطة التحوّل عام (1960 م) يوم استطاع العلماء استنساخ النباتات. وفي عام (1993 م) تمكّن علماء أميركيون من استنساخ توأم من بويضة، لكنّ كلّ واحد من التوأم هذا لم ينمُ إلاّ لحدود (38) خليّة فقط
قبل أن يموت الجنينان الصغيران.
وفي عام (1995 م) تمكّن العلماء اليابانيون في دمج خليّة جنينيّة مع خليّة جسديّة عن طريق تيّار كهربائي ليحصلوا لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان على نسل لم يتم بالمعاشرة الجنسيّة (أي عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية ) وقبل عامين من العام (1997) تمكّن الأميركيون في ولاية تكساس من استنساخ (40) عجلاً عن طريق دمج خليّة جنينيّة وبويضة، وهذا الاُسلوب أقلّ أهميّة من الاُسلوب الياباني، أو اُسلوب البروفسور(بات ويلموث) في أدنيرة الذي أنتج (النعجة دولي) مع خبراء من معهد روزلين في مدينة أدنيرة البريطانيّة.
حيث كان ذلك في السابع والعشرين من شهر شباط لعام 1997 م حيث نشرت مجلة -(Nature) أي الطبيعة- ذات المستوى العلمي الرفيع تقريرا علميا لفريق بحث سكوتلندي يعلن عن ولادة أول كائن حي من الثديات (الحيوانات اللبونة) بالإستنساخ كما أن المجلة خصصت غلافها لصورة هذا الكائن الذي هو نعجة اسكتلندية أطلق عليها الفريق العلمي اسم (دوللي) -وسيمر الحديث عنها بالتفصيل إن شاء الله-
وما إن التقطت وسائل الإعلام هذا النبأ العلمي حتى اهتز العالم بأكمله تقريبا ، آلاف المصورين والصحف والمجلات الإعلامية والعلمية والإذاعات المرئية والمسموعة كلها سابقت للحديث عن دوللي ، رؤساء دول وحكومات عديدة طلبوا من لجانهم العلمية تقارير مستعجلة عن هذا الحدث .
عدد كبير من الباحثين المرموقين عالميا في فروع البيولوجيا (علم الأحياء) ،عقدوا مؤتمرات صحفية أوتحدثوا لوسائل الإعلام عن وجهات نظرهم في الإستنساخ حاضرا ومستقبلا ، وعوضا عن أن يعالج الإعلام حاضر الحدث كتجربة وظاهرة, ، ركز بشدة على إمكان استنساخ الإنسان وما رافق ذلك من تصورات وفرضيات ، وضع بعضها مصير البشرية على كف بيولوجيا الإستنساخ من باحثين وأدوت وطرائق ،ولقداستثار هذا الرعب الخفي هلعا حقيقيا كامنا دفع ببرلمان النرويج مثلا أن يقترع (دون طويل انتظار ) على قانون يحرم الإستنساخ البشري وكذلك (استنساخ الكائنات الحية الراقية ) بأغلبية (88)صوت مقابل (صوتين)
فقط عارضا هذا القانون ، كما إن البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ (ويضم أعضاء منتخبين يمثلون دول الإتحاد الأوربي الخمس عشرة) طلب إلى دوله سن قوانين تحريم الإستنساخ البشري0
فما هي حقيقة الأمر ؟ هل إن استنساخ دوللي يمثل فعلا ثورة علمية كبرى ستترك آثارا عميقة في تطور البشرية ، أم أن الفكر البشري أصبح سطحيا إلى درجة تهزه فيها وسائل الإعلام المعاصر بحيث تجعله يفقد توازنه ولو إلى حين- ؟
استنساخ النعجة دوللي
لقد كانت النعجة دوللي أول كائن حي ثدي أو( حتى فقاري )تم استنساخه بدءا من نواة خلية ضرعية (يعتقد) أنها خلية متمايزة (أي تقوم بوظيفة معينة إفرازية –هنا- بسبب تراكم بروتينات التمايز فيها كونها موجودة في طور النمو أي خرجت من الدورة الخلوية .
إن الفريق الاسكتلندي استنسخ في العام الذي سبق عام استنساخ دوللي (1996م) ولكن الاستنساخ كان عن طريق نواة أخذت من خلايا القرص الجنيني لمرحلة الأريمة (مباشرة قبل وصول الجنين إلى الرحم ،ويكون عمره في هذه المرحلة ستة أيام ) بعد زرعها في الزجاج وتكوين خط خلوي ثابت من هذه الخلايا الجنينية كلية القدرة أو كلية الإمكان فاستنسخ نعجتين هما ( موراغ و ميغان ) وهذه التجربة هي التي هيأت لاستنساخ دوللي في العام التالي .
في الحقيقة نستطيع القول بأنه إذا ما تأكدت صحة تجربة دوللي فسيصبح بالإمكان إلغاء دور الذكر في هذا النمط من التوالد اللاجنسي ، ومع أن الاستنساخ يقتصرحاليا ووفقا لهذه التقنية على الإناث (لأن الخلية أتت من ضرع نعجة في الثلث الثالث من الحمل ) فإن فريق معهد روزلين لا يشك بأنه بلإمكان استنساخ ذكور من خلايا أخذت من ذكر بالغ ، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ، الاستغناء عن الأنثى ، ذلك أنها تزود الخلية البيضية والرحم للحمل ، ولكن يحتمل الاستغناء عن مرحلة الاغتراس المؤقت في بوق مغلق النهايتين بسبب التقدم السريع الذي تحققه تقنية زرع الأجنة في الزجاج . وبديهي أن زرع الخلايا الجسدية للبالغ يتيح استنساخ عشرات آلاف الأفراد ، علما بأن تفاوت تراكيز المواد البسيطة التي تدخل في تركيب وسط الزرع ، قد يكون له دور ما في التأثير (تنشيطا أو تثبيطا ) على الحالة الفيزيائية الكيميائية ( بما في ذلك البنية الفراغية ثلاثية البعد للجزيئات الكبريتية والبروتينات والحموض النووية خاصة ، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير اختلاف بعض أنواع المواد من وسط زرع إلى وسط آخر )
يمكن البرهان في جمل جينية معينة على أن اختلاف تركيز الغلوكوز يتحكم في المصير التمايزي للخلية ، بحيث تعطي نمطين خلويين متبايني الوظيفة .
ومهما يكن من أمر فإن ولادة دوللي وقبلها موراغ وميغان تعد حدثا علميا ذا أهمية كبيرة ومع أن نسبة نجاح تجارب عام 1997م كانت متدنية أيضا
- أربع نعاج من أصل 385 تجربة اندماج لخلايا من القرص الجنيني لجنين عمره تسعة أيام النسبة المئوية تساوي 0.9
ونعجتان من أصل 172 تجربة اندماج لخلايا الأرومة الليفية من جنين عمره 26 يوم النسبة المئوية 1.6 ودوللي من أصل 277 تجربة اندماج خلايا ضرعية النسبة المئوية تساوي 0.36 -
فإن الانعكاسات العلمية والاقتصادية (إذا ما أمكن تكرار تجربة دوللي بمخابر أخرى) ستكون بعيدة المدى .
حكم الاستنساخ من الناحية الشرعية :
إن قضية الاستنساخ قضية كبيرة، وعمل علمي مبهر، أنهى الاعتقاد الذي كان موجوداً بأنه لا يمكن أن تحمل الأنثى إلا بتخصيب بيضتها بحيوان منوي من الذكر، فقد أصبح الآن من السهل الاستغناء عن الحيوان المنوي عند الذكر، وتقوم بعمله نواة من خلية غير حيوان منوي توضع في البييضة بدلاً من النواة المنزوعة منها، سواء أكانت هذه الخلية من أنثى أخرى غير الأنثى صاحبة البييضة، أم الأنثى نفسها صاحبة البييضة، أو كانت النواة التي ستوضع في البييضة من خلية من خلايا ذكر ليست حيواناً منوياً. وسماه العلماء استنساخاً، لأن المولود سيكون طبق للأصل الذي أخذت من خليته (النواة التي زرعت في البييضة بدلاً من نواتها المنزوعة)، فإذا كانت النواة الموضوعة أخذت من أنثى فسيكون المولود أنثى طبقاً للأنثى صاحبة النواة المستجلبة بكل صفاتها الوراثية، وإذا كانت النواة التي زرعت أخذت من ذكر فسيكون المولود ذكراً طبقاً للذكر صاحب النواة المستجلبة أيضاً بكل صفاته الوراثية. وهناك صورة أخرى للاستنساخ البشري لم يستغن العلماء فيها عن دور الحيوان المنوي كما في ولادة النعجة دوللي ، بل هي محاولة لولادة أكثر من مولود يشتركان أو يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم، ذلك عن طريق تخصيب البييضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم،
فيتبين مما ذكرناه أن الاستنساخ يمكن أن يتخذ أربع صور، ونحدد الصور الأربع مرة ثانية فيما يأتي: الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة بدلاً من النواة المنزوعة من بييضة الأنثى هي نواة من خلية أنثى غيرها. الصورة الثانية: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية الأنثى نفسها.
الصورة الثالثة: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية ذكر.
الصورة الرابعة: يتم في المعمل تخصيب البييضة بالحيوان المنوي.
ونبين الحكم الشرعي في هذه الصور الأربع، بحسب ما يغلب علىالظن، وهو رأي قابل للصواب والخطأ،وذلك كما قال الشافعي رضي الله عنه( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وكما قال أبو حنيفة رضي الله عنه)علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بخير منه قبلناه).
الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة في بييضة الأنثى من خلية أنثى أخرى ولا نرى إباحتها، بل هي حرام للأدلة الآتية: الدليل الأول: القياس ، من المعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع في الإسلام، وهو المصدر الرابع في الترتيب بعد القرآن، والسنة، والإجماع. ومعنى القياس : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ، والقياس يؤدي إلى تحريم الصورة الأولى من صور الاستنساخ، وهي الاستنساخ عن طريق أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم. ولتوضيح القياس هنا، أنه من المعلوم أن الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد لا يجوز شرعاً. فقد حرمت الشريعة الاستمتاع الجنسي بين الأنثى والأنثى، وهو ما يعرف بالسحاق، وحرمت الاستمتاع الجنسي بين الذكر والذكر وهو ما يعرف باللواط. فبالقياس على هذا نقول: لا يجوز الإنجاب عن طريق نواة من خلية أنثى موضوعة في بييضة أنثى غيرها، لأنه إذا كان مجرد الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حراماً، فإن الإنجاب بين أفراد النوع الواحد يكون حراماً من باب أولى. ومما يوضح ذلك ويؤكده أن من المعروف أن الاستمتاع الجنسي بين الرجل ومحارمه حرام شرعاً، كأمه، وخالته، وعمته، وبنته، فهل من المتصور أن يكون الإنجاب حلالاً من إحدى المحارم؟! إن الإنجاب بالتأكيد يأخذ حكم الأولولية في التحريم. الدليل الثاني: سد الذرائع وهي قاعدة أصولية معروفة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومعناها منع الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى أمر محرم في غالب الأحوال، وإن كانت نفس الوسائل حلالاً، والأخذ بمبدأ ( سد الذرائع ) ثابت في المذاهب الفقهية، وإن لم يصرح به، وقد أكثر منه الإمامان: مالك ، وأحمد ، وكان دونهما في الأخذ به الإمامان: أبو حنيفة والشافعي، ولكنهما لم يرفضاه جملة، ولم يعتبراه أصلاً قائماً بذاته في الاستدلال، ومنع الضرر في الشريعة يؤدي إلى القول بعدم إباحة الاستنساخ البشري بين أنثى وأنثى، وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي إلى ولادة بنت ليس لها أب فتنشأ نشأة الطفل الذي لا يعرف له والداً، وهذا ضرر نفسي لها،
في كثير من الحالات متألمين نفسياً، والأطفال اللقطاء يكونون في حالة نفسية سوية في الغالب،
والضرر ممنوع كما بينا. ومن المشاهد أن الأطفال الذين يولدون يتامى، أو ييتمون في صغرهم يكونون
حتى إذا كبروا وجاء وقت علموا فيه أن الأسرة التي كانت تؤويهم وتنسبهم إليها ليست أسرتهم الحقيقية، وأنه
لا يوجد للواحد منهم أب معروف أو أم معروفة، تعرضوا للهزات النفسية العنيفة التي تؤدي بهم إلى ارتكاب
جرائم في المجتمع. فالأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية للأطفال متعددة، منها أسباب عضوية، ومنها أسباب نفسية، ومن أهم هذه الأسباب تعرض الطفل للحياة مع أحد الوالدين فقط، سواء أكان ذلك نتيجة للانفصال بين الوالدين، أم الهجرة، أم الوفاة. فكذلك هذه البنت المولودة بهذه الطريقة في الاستنساخ غالباً ستتعرض للألم النفسي لأنها ليس لها والد ولا عم، ولا جد من جهة الأب، بل هي عند بلوغها سن الزواج لن تكون في الغالب مفضلة عند الكثيرين من الشباب الراغبين في الزواج فما الذي يدفع شاباً للزواج من فتاة ليس لها أب ولا عم، ويكون أولاده منها ليس لهم جد من ناحية الأب، وفي نفس الوقت يوجد كثيرات غيرها ممن ينتمين إلى عائلات فيها الأفراد الكثيرون ذكوراً وإناثاً، فقد يؤدي ذلك هذا إلى عنوستها.
الدليل الرابع( حديث ) (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والاستدلال بهذا الحديث مبني على أن العلماء لم يعطونا ببحوثهم وتجاربهم الكلمة الأخيرة للاطمئنان على سلامة المولود بطريقة الاستنساخ، وخلوه من أي تشوه شكلي أو سلوكي، فمن المحتمل أن يجيء المولود وهو يحمل عيباً أو أن يكون قصير العمر نظراً لسن الخلية التي أخذت منها النواة المستجلبة، أو أن هذه الطريقة في الإنجاب ستعطينا مولوداً غير طبيعي السلوك، وهذا مما يجب أن ننأى عنه، وأن لا نجعل البشر مجالاً لحقول التجارب غير مأمونة الجوانب. هذه الأدلة الأربعة التي نرى أنها تؤدي إلى عدم القول بإباحة الاستنساخ البشري بوسيلة أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى أخرى، بدلاً من النواة التي نزعت منها.
حكم الصورة الثانية أما الصورة الثانية، وهي الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بييضة هذه المرأة ذاتها فحكمها الفقهي نفس حكم الصورة الأولى، وهو القول بعدم الإباحة. والأدلة على هذا الحكم هي نفس أدلة الحكم في الصورة الأولى عدا دليل القياس.
حكم الصورة الثالثة الصورة الثالثة من الاستنساخ البشري هي أن يكون الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية ذكر لتوضع في بييضة امرأة، بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، والحكم هنا فيه تفصيل لأنه إما أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من رجل أو من غير الإنسان من ذكور الحيوانات، والرجل إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو غير زوج لها فإذا كانت النواة من غير الإنسان من ذكور الحيوانات فلاشك في تحريم هذا العمل
لأن هذا عبث وتشويه لخلق الله عز وجل
فلو قدر لهذا العمل العبثي أن ينتج عنه مولود - وهو مجرد احتمال - فإنه بكل تأكيد سيكون مخلوقاً آخر، له صفات أخرى غير الصفات الإنسانية، يشهد لهذا ويؤكده ما يحدث عندما يتم التلقيح بين الحمار والفرس، فإن الفرس إذا حملت من الحمار لم يكن الناتج حصاناً أو فرساً، أو حماراً، وإنما يكون مخلوقاً آخر، له صورة وطبيعة أخرى تختلف عن صورة وطبيعة الخيل والحمير، وهذا المخلوق الآخر هو البغل، وشاءت قدرة الله عز وجل أن تكون البغال عقيمة لا تصلح للإنجاب،
فلا يجوز تعريض الإنسان لمثل هذا العبث الذي من المحتمل أن ينتج عنه مخلوق له طباع تختلف عن طباع الإنسان. وأما إذا كانت النواة المستجلبة مأخوذة من رجل وكما بينا إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو ليس زوجاً لها. فإذا كان غير زوج لها فلا تشكيك أيضاً في تحريم هذا العمل، وهو في معنى الزنا، والزنا من المحرمات المقطوع بها في صريح آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، وهو يؤدي إلى اختلاط الأنساب المحرم شرعاً. وقلنا إنه في معنى الزنا، لأنه ليس زنا حسياً فجريمة الزنا لم تتوفرأركانها لأنه لا توجد مباشرة بين رجل وامرأة، لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب الذي منعه الشارع، بل منع الشرع أن ينسب الإنسان إلى غير أبيه، فحرم التبني بقوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}]الأحزاب : 4،5[ وهذا الحكم واضح فلا يجوز الإنجاب بين رجل وامرأة إلا إذا كان بينهما عقد زواج مستوف لأركانه وشروطه التي بينتها أدلة الشرع، فالأسرة هي الطريق الوحيد للنسل وما عدا هذا يمنعه الإسلام ويجرمه، وهو أمر واضح ولا يحتاج إلى كثير من إعمال الفكر والاجتهاد وإنما الذي يحتاج إلى إعمال الفكر والاجتهاد هو ما إذا كانت النواة التي وضعت في بييضة المرأة قد استجلبت من زوجها.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان يجب أن نتوقف فلا نفتي بالجواز ولا بالحرمة فيما لو كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية أخذت من زوجها الذي لا يزال حياً، والتوقف ليس غريباً في مجال بيان الأحكام الشرعية من علماء الفقه الإسلامي عليها فالمصادر الشرعية تنقل لنا في مواضع متعددة توقف العلماء في بيان الحكم الشرعي في القضية المطروحة، ولا يعاب هذا على العالم الذي توقف في هذه القضية، بل هذه محمودة تدل على جواز الهجوم على الفتوى دون استناد قوي لدليل شرعي وغلبة ظن
- على الأقل - بصحة ما يفتي به الفقيه. والتوقف يحدث عندما يجد الفقيه أن القضية المطروحة لإبداء الرأي فيها، تتعارض فيها الأدلة - بحسب الظاهر - ولم يستطع الفقيه أن يجمع بين هذه الأدلة المتعارضة ظاهرياً، أو يرجح بعضها على الآخر، أو لم يتضح له دليل في القضية المطروحة يستند إليه في بيان الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية لابد لها من الاستناد إلى مصدر من مصادر التشريع في الإسلام.
و رأي التوقف في المسألة التي نتكلم فيها، وهي ما إذا كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية من خلايا زوج هذه المرأة الذي لا زال حياً، فلا نفتي بإباحة طريقة الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين،( رأي محمود) ولا نقول بتحريمها ، ولا نفتي الآن بالقول بإباحتها وذلك لأنه لايعلم الحال التي سيكون عليها المولود، هل سيكون إنسان طبيعي الخلقة والسلوك والتفاعل الصحي مع من حوله وما حوله أم لا. قد تكون هذه الطريقة مؤدية إلى وجود إنسان ليس سوياً في أية ناحية من النواحي المهمة في حياة الإنسان، فنكون بذلك قد تسببنا في إيجاد إنسان لن يكون هو نفسه سعيداً في حياته، ولن يسعد الآخرون بوجوده، فلنتربص ماذا ستسفر عنه بحوث العلماء وتجاربهم، فهم ماضون فيها، لن يثنيهم عن هدفهم في الاستنساخ البشري كوابح من دين أو أخلاق، أو قانون، فالذي يريد منهم أن يستمر في إجراء تجاربه وأبحاثه في معمله يستطيع ذلك بعيداً عن عيون الناس، ودون أن يشعر به أحد منهم، لكن ديننا الإسلامي يمنعنا من الأعمال غير مأمونة الجوانب، التي يمكن أن تنتج شراً، في إيجاد إنسان ليس سوي الفطرة، والخلقة، والسلوك، والتصرف المحمود حيال ما يحيط به، فلنراقب ما ينتج من أبحاثهم وتجاربهم - التي لا نوافق عليها أصلاً، لكنهم يمارسونها - فإذا كانت تجاربهم وأبحاثهم في مجال الاستنساخ في عالم الإنسان قد أنتجت إنساناً لا تشوبه شائبة في خلقته أو طبيعته، أو سلوكه، ولن يضار - نتيجة لذلك - في حياته بأي نوع من الأضرار، سواء أكانت أضرار عضوية أم نفسية، ولن يسبب ذلك أي ضرر لغيره ففي هذه الحال يمكن أن يكون محل نظر في البحث عن الحكم الشرعي في هذا العمل. ويطرح د. محمد عثمان إذا ما أثبتت تجارب علماء الغرب أن الطفل المولود بطريقة الاستنساخ لا تشوبه شائبة ما، فيتصوره حكماً قابلاً للمناقشة من العلماء في كافة التخصصات العلمية التي يمكن أن يكون لها صلة بهذا الموضوع.
إن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي هل له أن يتبع طريقة الإنجاب اللاجنسي، بأخذ نواة من إحدى خلاياه هو شخصياً، لتوضع في بييضة زوجته بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، يبدو أن هذا الزوج له الحق في هذه الطريقة، ولكنه لم يفتي بذلك، بل يتوقف عند هذا الرأي ويرى أن يعرض مثل هذا السؤال للمناقشة من قبل علماء متخصصين في علوم الطب، والبيولوجيا، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والفقه الإسلامي، ولقد ذكرت علم الفقه الإسلامي في آخر العلوم التي ذكرها ليبين أن الفقهاء عليهم أن يعرفوا أولاً ما يقوله العلماء الكاشفون لإيجابيات أو سلبيات هذا التطور العلمي المذهل، ولا يجوز أن يتسرع الفقيه في إظهار ما يراه بحسب اجتهاده من أحكام شرعية إلا بعد تصور وفهم واضح جلي لا لبس فيه لحقيقة القضية التي يراد التعرف على الحكم الشرعي فيها، فالذي يبين من جوانب عند متخصص قد لا يبين عند متخصص آخر، وعالم الإنسان لابد من الاحتياط الشديد في مجاله، وهذا ما حدا الكثيرين من العلماء والمفكرين على أن يطالبوا بتحريم الاستنساخ في عالم الإنسان، ومطالبة الدول بوضع القوانين التي تجرم هذا النوع من الأبحاث، فقد حذر القاضي مايكل كيربي من أضرار أبحاث الجينات على حقوق الإنسان والتنوع البشري، وطالب جميع الدول بأن تضع من التشريعات القومية ما يحرم الاستنساخ البشري تماماً تمهيداً للتوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في هذا الصدد، وبين أنه بدون التزام أخلاقي وقانون حازم سيتاح للعلماء التلاعب بالخريطة الجينية للسلالات البشرية، والقضاء على التنوع البشري الحالي. وأوضح في بعض ندواته حول الإستنساخ أن الاضطهاد والإهمال كانا أخطر أعداء البشرية قبل خمسين عاماً، أما الآن فتهدد الإنسان أبحاثه العلمية بشأن الجينات الناقلة للصفات الوراثية.
حكم الصورة الرابعة الصورة الرابعة كما سبق بيانها هي إكثار من أجنة تتشابه تشابهاً كاملاً كالتوأم السيامي، وأرى أن نتريث بل نتوقف في الحكم، فأرى أنه لابد من الرجوع إلى أساتذة الاجتماع والطب والقانون وغيرهم حتى نتأكد في النهاية أن الوليد لن يكون معرضاً للتشويه التكويني والسلوكي ولن يسبب مشاكل اجتماعية نتيجة وجود أفراد تتشابه في الشكل تشابهاً تاماً، ,أثر ذلك في مجال الجرائم، بل وفي مجال الأحوال الشخصية. أما في مجال النبات والحيوان فالمجال فيه فسيح رحب، فكل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان في هذا المجال مباح، مادام بعيداً عن تغيير لخلق الله لمجرد العبث لا بقصد تحقيق المنافع للإنسان، وذلك لأن كل ما في الكون خلق مسخراً لمصلحة الإنسان، كما نطقت بهذا آيات الكتاب الكريم، قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}]البقرة:29[،وقال عز وجل:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}]الجاثية:12 [وأما التجارب العبثية فلا نقول بإباحتها شرعاً، كالتجارب التي تجري بالفعل الآن في الغرب لجعل الرجل يحمل بدلاً من المرأة، وهو الامتداد التجريبي لما يحدث الآن في تجارب الاستنساخ البشري . أما التجارب العلمية التي يقصد بها تحقيق مصلحة الإنسان وزيادة نفعه فلا تكون ممنوعة،
مادامت مضبوطة بالضوابط الشرعية العامة. والإنسان من قديم أجرى تلقيحاً بين نوعين من الحيوان هما: الخيل والحمير فنتج عن هذا نوع حيواني آخر هو البغال، ومع هذا لم ينكره الشرع ، بل كانت البغال نوعاً من أنواع الحيوانات التي بين الله عز وجل أنها من نعم الله علينا، قال تبارك وتعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}]النحل :8[ ، وعالم الحيوان لا تحكمه القواعد الأخلاقية التي تحكمنا نحن البشر في العلاقات الجنسية، فلا توجد جريمة الزنا في عالم الحيوان، ولا يحرم اختلاط الأنساب فيه ولا توجد قيود ولا ضوابط في تزويج ذكور الحيوانات بإناثها، كالضوابط التي تحكم الإنسان في الزواج، كتحريم الزواج من بعض النساء، كالأمهات، فالتجارب في هذا المجال فيها سعة ليست موجودة في عالم الإنسان، فمجال التجارب في عالم الحيوان واسع رحب، ومجال النبات أوسع كذلك من الحيوان، ففي عالم الحيوان مثلاً يمكن أن تحقن البقرة الحلوب بهرمون البرولاكتين وهو المسئول عن إنتاج اللبن في الأبقار، وهو يشبه إلى حد كبير هرمون النمو، وبهذا يمكن أن تتضاعف كميات الألبان التي تجود بها الأبقار . وقد أعلن باحثون أمريكيون عن ولادة زوج من العجول المتطابقة جينياً يمكنها توفير الدواء للإنسان من خلال ألبانها، وقال الدكتور جيمس روبل والدكتور ستيفن ستيك في مؤتمر في مدينة بوسطن الأمريكية أن زوج لعجول أطلق عليه( جورج ) و( شارلي) نتج عن تجربة عملية للمزج بين الهندسة الوراثية والاستنساخ، وأن الأبقار الناتجة عن هذه التجارب ستدر ألباناً غنية بالبروتينات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من الأمراض. وأشار العالمان إلى أن استنساخ البقر عملية أكثر أهمية من استنساخ النعجة ( دوللي) نظراً إلى كميات الألبان الغزيرة المتوافرة في الأبقار .
ويأمل العلماء في أن تتطور عمليات استنساخ الأبقار في المستقبل لتصبح إناث الأبقار بمثابة مصانع حية، لإنتاج الدواء .
الخاتمة :
إن التطور العلمي أمر بالغ الأهمية ، وهو مفيد إذا كان محققا خيرا أو نفعا للإنسان ، وضار أو ممنوع إذا كان مؤديا لشر أو ضرر بالإنسان ، لأن المعرفة العلمية يجب أن لا تكون على حساب الإنسان ، لأن الإنسان أكرم مخلوقات الله ، وأهم جدا من المعرفة العلمية ، حتى ولو أمكن استنساخ طفل معافى سليم من الأمراض ، أو تقديم ما يحتاج إنسان لقلب أو كبد أو كلية من إنسان مستنسخ عنه.
وعلى ضوء هذا البحث يمكن الحكم على الأستنساخ من خلال المبادئ التالية :
1- نحن نقدر العلم والعلماء ، ولا نقف في مواجهة إنجازات المختبرات والتجارب العلمية ،ولكن بشرط توجيه العلم نحو خير الإنسان ومصلحته ، وتحقيق التنمية والتطور، والرفاه ، والسلام ، والأمان للعالم كله ، ولا نتعجل بالقول بالمنع أو التحريم خلافا لما يتصور بعض المهاجمين للعلماء بأنهم لا يعرفون سوى مقدمات الصلاة وغيرها من العبادات .
ولسنا أيضا نبادر إلى التكذيب وإنكار معطيات الاستنساخ كما تورطت بعض الهيئات الدينية في الإفتاء في السعودية ، لأن ذلك ممكن في النبات والحيوان والإنسان ، كما تدل التجارب العلمية التي جوبهت بمعارضة شديدة منذ السبعينات في هذا القرن ،من قبل مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والدينية .
2 - إن الاستنساخ بالصورة التي قرأناها وشرحها المختصون، ينافي ظاهرة الازدواج، أو سنة الزوجية في هذا الكون الذي نعيش فيه.فالناس خلقهم الله أزواجاً من ذكر وأنثى، وكذلك الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات، بل كذلك النباتات كلها.بل كشف لنا العلم الحديث أن الازدواج قائم في عالم الجمادات، كما نرى في الكهرباء ظاهرة الموجب والسالب، بل إن الذرة – وهي وحدة البناء الكوني كله – تقوم على إلكترون وبروتون، أي شحنة كهربائية موجبة، وأخرى سالبة، ثم النواة ، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الظاهرة حين يقول{وخلقناكم أزاوجا } ]النبأ:8 [ {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذاتمنى}]النجم:45/46[، ويقول {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }]الذاريات:49[، ولكن الاستنساخ يقوم على الاستغناء عن أحد الجنسين، والاكتفاء بجنس واحد، حتى قالت إحدى النساء الأميركيات: سيكون هذا الكوكب بعد ذلك للنساء وحدهن .وهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى الجنس الآخر، ليس لمجرد النسل، بل ليكمل كل منهما الآخر، وإذا كان كل من الرجل والمرأة في حاجة إلى صاحبه ليسكن إليه، وتقوم بينهما المودة والرحمة، فإن ذريتهما أشد ما تكون حاجة إليهما، أي إلى جو الأسرة، إلى الأمومة الحانية، وإلى الأبوة الراعية إلى تعلم الفضائل من الأسرة، فضائل المعاشرة بالمعروف، والتفاهم والتناصح والتباذل، والتعاون على البر.وقد علم الناس أن أطول الطفولات عمراً هي الطفولة البشرية التي تمتد لسنوات، يكون الطفل فيها في حاجة إلى أبويه وإلى أسرته مادياً وأدبياً، ولا تتم تربية الطفل تربية هوية مكتملة إلا في ظل أبوين يحبانه ويحنوان عليه، وينفقان الغالي والرخيص حتى يكتمل نموه، وهما في غاية السعادة بما يبذلان لأولادهما، دون منّ ولا أذى.والاستنساخ لا يحقق سكن كل من الزوجين إلى الآخر، كما لا يحقق الأسرة التي يحتاج الطفل البشري إلى العيش في ظلالها وحماها، واكتمال نموه تحت رعايتها.
وأخيرا فإني أحب القول بأن الإسلام لم يقف في يوم من الأيام في طريق العلم والبحث واكتشاف المجهول بل لاتوجد آيه قرآنيه تدعو إلى الاستزادة من شي مثلما تدعو إلى الإستزادة من العلم حيث يقول الله تعالى {وقل ربي زدني علما } ]طه : 114[ ولكن العلم شأن كل شيء في هذه الحياة ، سلاح ذو حدين يستعمل في النافع فنحصل منه على الخير ويستعمل في الضار فنحصل منه على الشر والطائفة الرائيلية تريد باستخدام تقنية الاستنساخ أن تبعد الناس عن عبادة الله وتنطلق بهم إلى فكرة الإلحاد لتخدم بذالك مصالحهم ومصالح الشياطين في آن واحد ، وهذه الأفكار لن يتأثر بها إلا ذوو القلوب الإيمانية الضعيفة والعقول المتخلفة التي لا تفقة من الدين إلا اسمه ، أما المسلم المتمسك بعقيدته ، سواء كان في العالم الشرقي أم في العالم الغربي ، فالقرآن دحض وسيدحض كل دعاوي الشرك والإلحاد إلى يوم الدين .
أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض هذه القضية عرضا حسنا لأن هذا البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة وذلك لسعة هذا الميدان وتشعب أبحاثه وأنا على يقين بأن عملي هذا هو قطرة في بحر فباب الاستنساخ هو باب جديد من أبواب العلم الحديث مازال في بداياته الأولى والمستقبل أمامه بكل أبعاده ونحن لا نعلم إلى ما سيؤول إليه حاله مستقبلا أسأل الله أن يثبت المؤمنين على دينهم وأن يجعلنا من أتباع دينه ، الداعين بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم الفائزين يوم القيامة برحمته ورضوانه ، إنه سميع قريب مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمت
الألماسة الشرعية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوحيد أولاً يادعاة الإسلام أم خولة روضة العقيدة 2 14-02-15 10:05 PM
حكم سب الله - الدين - الرسول - الصحابة حفصة روضة العقيدة 4 05-05-07 11:54 PM


الساعة الآن 12:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .