العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات رياض الجنة (انتهت)

الملاحظات


دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-03-08, 02:36 AM   #11
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
c8 تابع ..

الثـــــــــــــــــــــالث من هــذه الثمــــــرات :
أن العبد يبلغ بذلك ويصل إلى مرتبة الإحسان
وهي أعلى المراتب وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) وقد ذكرنا في بعض المناسبات في غير هذ المجلس أن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين , الكلام عن الاعمال القلبية: منهم من يرى أنهما مرتبتان منهم من يقول (( ان يعبد الله كأنك تراه )) هذه هي المرتبه الأعلى ثم انحط به ونزل الى المرتبه التي دونها يعني إن لم تصل الى هذا المستوى أن تعبد الله كأنك تراه , كأنك تشاهده, فأعلم أنه يراك, استشعر رقابته عليك,,,
و من أهل العلم من فنهم أنها مرتبه واحده لكنه ذَكَّره بهذا المعنى الثاني أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فاستشعر نظره اليك ورؤيته لك ..
والحافظ ابن القيم رحمه الله مشى على أنهما مرتبتان , وعدَّ المرتبة الأولى وهي مرتبه الاستحضار ..
استحضار مرتبة مشاهدة الله وإطلاعه عليه وقربه منه وإحاطته بأمره .
وهو مرتبة الإخلاص لأن استحضاره ذلك من عمله يمنعه من الإلتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل , يلتفت الى من وهو يستشعر هذا المعنى؟ يرائي من ؟ ولذا كان من أعظم ما يُخَلـِّص العبد من دنس الرياء ملاحظة أسماء الله وصفاته فمن لاحظ من أسماء الله الغني دفعه ذلك إلى الإخلاص , لماذا وكيف ؟ لأن الله غني عن عملك وأنت فقير إلى الله عز وجل والله جل جلاله أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معه سواه تركه الله عز وجل وشركه,, فإذا عرف العبد هذا المعنى وتأمله اخلص لله جل جلاله .. إذا تذكر أن الله هو غني وأن العباد فقراء (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) فكيف يتوجه إليهم ويلتفت إليهم ويطلب المحمدة منهم؟؟؟!
كيف يُتَصور أن يقوم يعبد ربه تبارك وتعالى بذكره أو بالصلاة أو بقراءة القرآن أو نحو ذلك ثم هو يطلب من مخلوق ضعيف لايملك لنفسه ضرا ولانفعا .. يطلب منه أن يرفعه وأن ينفعه وأن يعظمه وأن يجله أو ما أشبه هذا تطلب من الفقير العاجز وتنصرف عن الغني الكامل جل جلاله .
وهكذا من تأمل اسم الله (العليم )فانه يعلم أن ما أخفاه عن أعين الناس وعن نظرهم ومشاهدتهم فإن الله تبارك وتعالى يراه ويشاهده فإذا استحضر العبد أن الله يراه وأنه يعلم السر و أخفى وأنه سميع بصير فإنه يستحي أن يقارف مالا يليق والله جل جلاله ير ى ذلك منه والمَلَكْ يشاهده ويكتب عمله هذا .
و هكذ ا من تأمل اسم الله (الحفيظ )حمله ذلك على ترك الرياء لأن من معاني الحفيظ أنه يحفظ على العباد أعمالهم يحصيها ويكتبها ثم يوافيهم بعد ذلك بها,, وإذا صنع ذلك في سائر الأشياء كان العمل – أيها الأحبة - كله لله تبارك وتعالى, فحبه لله وبغضه لله وقوله لله ولحظه لله وعطاؤه لله ومنعه لله, فلا يريد من الناس جزاء أو شكورا , ولسان حاله ( (إنما نطعمكم لوجه ا لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) ) وماذا عند المخلوقين؟، وهذا دواء أيها الأحبة في كثير من القضايا التي يسأل عنها الناس إنما يجابون عنها بمثل هذا: اعرف ربك معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته,, بعض الناس يقول: أقوم بأعمال دعوية وأشياء ولكن أجد قلبي يتفلت عليَّ ونيتي شَرُود! فنقول: اعرف ربك معرفة صحيحة فإذا عرفته بأسمائه وصفاته لم تلتف إلى الآخرين,, ماذا ترجو وماذا تنتظر عند هؤلاء الناس العجزة المساكين الفقراء ؟؟! إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك رَمَوكَ بما ليس فيك وما قيمة ثناء الناس ؟ وما قيمة تقدير الناس ؟ وما قيمة محبة الناس إذا كان العبد يتقلب في سخط الله جل جلاله!!, ماقيمة هذا ؟؟
لهذا يحتاج العبد أن يراعي هذه المعاني ، لو قلت إن جميع المشكلات التي نقع فيها فيما يتعلق بالسلوك و فيما يتعلق بالإخلاص و ما يتعلق بعلاقاتنا: ترتبط بهذا المعنى.. لم يكن ذلك مبالغة, كيف لا وقد ذكرنا أن العلم بالأسماء والصفات أنه أصل للعلم بكل معلوم فإذا عرف الإنسان قدر النفس وأنه عبد لا يصلح له إلا ما يصلح للعبد وعرف الرب جل جلاله وعرف الخلق فإنه لا بأس عليه,, يجتهد في طاعة الله ولا يلتفت إلى المخلوقين أن يعطوه أو يمنعوه أو يكرموه أو يمنحوه أو يرضوا عنه أو يسخطوا عليه .
لكن من لم يعرف ربه معرفة صحيحة تضخمت عليه نفسه فتعاظم وصار يطلب من الناس أن يبرز وه أن يقدموه أن يكرموه أن يعطوه الدروع أن يجعلوه صدر المجالس وينوهوا بذكره في كل مناسبة أو بدون مناسبة وإلا فإنه يغضب عليهم ويسخط عليهم ويلومهم و لربما حقد عليهم .
لماذا تتعاظم النفس؟ إذا تلاشت معرفة الرب تبارك وتعالى من القلب .
لماذا يتعاظم الناس في عين الإنسان؟ تجده دائما ملهوف يريد أن يعرف ماذا قال الناس عن عمله ومشروعه الفلاني ,, ماذا قال الآخرون حينما ألقى كلمة في هذا الحفل أو حينما تصدق بصدقة أو حينما قام بعمل معين فهذا يجعله يُقبِل أو يُحجِم باعتبار نظر الناس,, فهذا انحراف وخلل كبير بسبب أن هذا الإنسان ما عرف الله فتعاظم المخلوق في عينه فاشتغل به وصوب نظره إليه فصار عطاؤه ومنعه من أجل رضا المخلوق أو اتقاء لسخطه ولا يبالي بعد ذلك أسخط الله عليه أم رضي عليه..
وتأملوا هذا في أنفسكم وقد يمكن أن تعالج جميع أدواء القلوب بمثل هذا النظر و والمعرفة والعلم الصحيح الذي هو من أجلّ العلوم,, فالعبد إذا قصّر في معرفة الله عز وجل وقع في الرياء وضعف عنده الإخلاص فيقصد غير الله عز وجل و لربما عبد غيره أصلاً .. يعبد حجر أو شجرا أو بشرا فمن امتلأ قلبه_ أيها الأحبة _ بعظمة الله فانه يستصغر كل من سواه.. فلا يرجو منه قربا بعمله او رزقا بقوله ولم يتعلق بغير المالك المعبود جل جلاله فالله له الأمر كله فلا يكون شيئا في الكون كله إلا بأمره وعلمه فلماذا نلتفت ا الى لمخلوق ولماذا نشتغل بالمخلوق ؟؟!.
والأمر الثاني ماذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بمرتبة الاحسان
الأولى: الاستحضار
والثانية:المشاهدة
وفسرها {بأن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه فيستنير قلبه بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان} هذه عبارة الحافظ ابن القيم رحمه الله فمن عرف الله باسمائه وصفاته تحصلت له مرتبة الاستحضار
فان ترقى الى المعرفة الحق تحصلت له مرتبة المشاهدة باعتبار الانقسام الذي ذكرته آنفا وان ذلك على مرتبتين.. وهذه المرتبة مرتبة المشاهدة هي التي يوصف الإنسان فيها بالتعبد المطلق بجميع الأسماء والصفات كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله بان مشهد الإحسان هو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الايمان بالله و اسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستوياً على عرشه يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتُعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة إليه فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسمائه وصفاته ويشهد حياً قيوماً يحب ويبغض ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم و لا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فانه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله تعالى والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع الهم و القلب على الله,, فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد كما يعبر الحافظ ابن القيم ..
هذا معنى شريف أيها الأحبة يحتاج إلى عناية أن نعالج هذه النفوس ونسعى أيضا إلى رفع الآخرين إلي أن يصلوا لهذه المرتبة ولا يمكن أن يصل إليها إنسان لا يعرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته . ارفع نفسك وتخلص من كثير من الأوضام,, إذا أردت أن تعالج الآخرين فأرفعهم علق قلوبهم بالله عز وحل عرفهم به ستنتهي من كثير من الأمور التي تقلق النفوس و يضطرب على الإنسان فيها قصده ونيته وعند ذلك تفسد أعماله و لربما يقع النطاح والصراع بين كثير من الناس وهم في عمل واحد في خير ودعوة ويتفرق الجمع الواحد ولا يلتئم اثنان على شيء كل ذلك بسبب الفساد الذي يعشعش في القلوب .
هو يريد أن يكون له حضرة.. يريد أن يكون له وجود.. يريد أن يكون في الأمام.. لماذا أهمش؟؟ لماذا أحيد؟؟ لماذا أُبعد؟؟ لماذا لا يُلقى لي بال؟؟ لماذا الذكر لغيري والتنويه لغيري؟؟ وأنا الذي أقمت هذا وفعلت هذا وأنا صاحب الفكرة والاقتراح كل هذه أمراض تعشعش,,, فتجد بعد أن كان رأساً في هذا الباب من أبواب الخير ويدعو الناس إليه ويحثهم عليه أصبح معوقاً ومثبطاً ومنتقداً يذكر عيوبهم ويتتبع أخطاؤهم ويلمزهم ويعوق الناس عن الإنتفاع بهذا العمل وبهذا المشروع الذي كان هو أول الداعين إليه... ما الذي تغير ؟؟ لماذا تحولت أعمالهم الجيدة إلى أخطاء؟؟ لماذا ضُخِّمت هذه الأخطاء ؟؟ الأخطاء موجودة في كل مكان ولكن لماذا تتبع؟؟ ولماذا النجوى؟؟ يبحث عن أناس يوافقونه ويسمعوا لما يلقيه في قلوبهم فإذا وافقه الواحد بعد الواحد ما يلبث أن يتجمع حوله مجموعة إما من مجموعة السُذَّج أو ممن في قلوبهم شيء على إخوانهم ويظنون أنهم إنما يقومون بالله ولله غيرة على دينه وهم إنما يقومون انتصارا لأنفسهم وحظوظهم وذواتهم,, وما أكثر هذا الذي فرق الناس وهذا الذي شتتهم .. ويتحول بسبب هذا البَر التقي الصالح الذي هو من أفضل العباد يتحول شيطان رجيم في نظر هؤلاء ولربما يتحول الطالح البطال الذي لا يظهر في عمل من أعمال الخير إلى رمز والى منظم والى كبير والى قدوة يتكلم و يهرف بما لا يعرف ,,, من أين هذا ؟ هالأمور وهالبلايا و هالآفات ا وهالشوائب التي تعشعش في القلوب فتجد الإنسان في نفسه أشياء كثيرة على إخوانه وإذا سنحت له الفرصة قام وتحركت عزيمته وهمته ووثب وثوب الأسد على الفريسة,, فصار _ نسأل الله العافية _ فتنة لغيره وصادا عن سبيل الله جل جلاله,, وهذه بلية لا يسلم منها إلا من خلَّص قلبه من هذه الشوائب وعرف ربه معرفة صحيحة وعند ذلك لا يبالي بأحد.. يقول المهم أن ينتشر الخير أن يكثر البر والمعروف على يدي أو على يد غيري.. كل من سار في هذا الطريق فأنا عوناً له, وإذا أساء الناس أكف عن إساءتهم ولا أريد أن أحداً يعرف أنني قدمت في هذا قليلا ولاكثيرا ولا يعرف أحد أنني تصدقت أو أنني اقترحت أو أني صاحب الفكرة الأساسية كما يقول في المشروع,, من الناس من إذا جلست معه تستحي,, تريد أن تصلح بينه وبين بعض إخوانه تستحي كلام أطفال ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة فإذا أعطيته بعض الإعتبار وأنت ومثلكم ما شاء الله وجرى على يده كثير من الخير والنفع وأنتم وأمثالكم انشرح صدره واستراح ووجد من مثل هذا من أعظم ما يقويه ويدفعه لمزيد من العمل نعم ممكن أن يستمر بهذه الطريقة .. وإذا وجد فتورا وانقباضا أو أنه لم يُذكر أو شعر أن أحد ينافسه سخط وغضب وأشغل الناس بمشكلاته و إزعاجه وقلقه ما يورده عليهم ويشوش على أعمالهم به.. مثل هذا كثــــير,, تجلس مع أناس مثل الأطفال تماما خمس سنوات وست سنوات تحاول ترضيه وتطيب خاطره وأنت لا ما احد نسيك كيف تنسى مثلك ما ينسى ما شاء الله تبارك الله أنت أصل في هذا العمل... يفرح ويسر ,,ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة لكن لو كان الأمر لله كان ما احتاج لمثل هذا كان قال : ( أنا المكدى وابن المكدى )كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ما أنتظر منكم شيئاً ( لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ) إذا جئت أجلس في آخر المجلس وإذا أقمتم تعريف بهذا العمل أو بغيره لا أُذكر فيه.. هذا هو الصحيح,, لكن هذا يحتاج إلى مجاهدات وصبر ويحتاج إلى معرفة بالنفس ومعرفة بالخلق و معرفة بالخالق جل جلاله .
الأمر الرابع من الثمرات :
هو أن العلم بالله تبارك وتعالى على هذا المنهج يرسخ العقيدة الصحيحة والمعرفة الصادقة في قلب الإنسان ويسلك به صراط الله المستقيم وهذا يقرب العباد من ربهم وخالقهم وبارئهم جل جلاله فينزل عليهم رضوانه و تنزل بركاته ويكون هذا سبب لرفعتهم ونصرهم وتأييدهم وتمكينهم في الأرض ((وعد الله الذين آمنوا وعملو ا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولايشركون بي شئيا ))
شيئا نـكرة في سياق النفي ،نفي لكل إشراك بجميع صوره وأشكاله وأنواعه أما الذين لازالت حظوظ النفوس قائمة فقد يجاهدون لحظوظ هذه النفوس.. فلا يكون جهاده أو أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر لا يكون لله وإنما يكون لهذه النفس .. وهؤلاء قد يحدث لهم خلاف مقصودهم كما ذكر أهل العلم كابن القيم والذهبي لأن هؤلاء قد يُسلط عدوه عليه إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر ونفسه حاضرة, يريد إما أن ينتصر لنفسه أو يعرف بهذا ويعرف انه جريء وشجاع فقد يسلط هؤلاء عليه فيحصل له من الأذى والإذلال والضرر مالا يحسب له حسابا _ والله المستعا ن _ وإذا حاد العباد عن الدين الذي ارتضاه الله لهم فإن ذلك يكون سببا لإ نقراض ملكهم وسلطانهم وإدالة عدوهم عليهم .
الخامس من الثمرات :
تنزيه الله عزوجل عن كل ما لايليق به
فلا يظن بربه ظناً سيئا ولا يصفه بما لا يليق ولا يسميه بغير الأسماء التى سمى بها نفسه تبارك وتعالى فالله جل جلاله من أسمائه القدوس و السبوح وهذه تدل على التنزيه.. على تنزيه الله عن كل عيب ونقص . يعلم أن الله ليس كمثله شئ فلا ينسب إليه نقيصة, ولايسئ الظن به ولا يقول لماذا يارب؟ ما ذنب هذا يارب؟! .

الأمر السادس من هذه الثمرات :
وهو أمر جليل يحتاج العبد أن يتفطن له وهو
الاستدلال بما عُلم من صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه
هذه طريقة الخواص من أهل الإيمان أهل المراتب العالية,, يعني أكثر الناس يستدلون بما يشاهدونه ويرونه على أمور تتعلق بالله عز وجل يستشهدون بهذا الخلق على وجود الخالق,, يستشهدون بانتظام هذا الخلق وبسيره هذا السير الدقيق على أن المدبر واحد,, فلا يشركون به أحدا سواه هذه طريقة أكثر الخلق,, وهي الطريقة الشائعة في القرآن لأن مدارك غالب الناس إنما تدور عليها ،لكن الطريقة الثانية هي طريقة راقية أكمل من هذه ..لا يصل إليها إلا القلة من الناس الأفذاذ .. من فتح الله بصيرته فهولاء لسان حالهم هؤلاء الذين وصلوا إلى المرتبة العالية يقول افي الله شك ،
يقول :
وليس يصح في الأذهان شئ *** إذا أحتاج النهار إلى دليل
مثل المرأة التي مر بجوارها رجل من أهل الكلام وأظنه الرازي ومعه كوكبة من تلامذته ، امرأة عامية جالسة في الطريق قالت : من هذا؟ قالوا : هذا الذي يعرف على وجود الله ألف دليل فقالت على البديهة: لو لم يكن في قلبه ألف شك لما عرف على وجود الله ألف دليل، قضية وجود الله قضية بدهية قضية لاتحتاج إلى استدلال ونظر وإثبات و لهذا لاتجد الأدلة في القرآن تقرر هذا المعنى وإنما ينتقل منها لأنها بدهية وهذا من خصائص الاستدلال القرآني ينتقل منها مباشرة إلى تقرير الإلهية .. ما يحتاج يقول لهم الله موجود وإنما مباشرة يقررهم بما يقرون به,, هذا تقرون بأنه خلق السموات والأرض .. وهو الذي يرزقكم ويعطيكم يجب أن تعبدوه وحده وتوحدوه ,, تفردوه بالعبادة لا تشركوا معه أحدا سواه.. هذه الطريقة التي جرى عليها القرآن,, لكن هؤلاء من المتكلمين يتعبون أنفسهم في إثبات قضية لا ينكرها الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم من العرب.. أهل الإشراك كان يعرفون أن الله موجود, وهو الخالق , الرازق , المعطي, المانع, وإنما يعبدون هذه الآلهة لأنهم يقولون إنها تقربنا إلى الله زلفى .
الطريقة الأعلى من هذه: هو أن من عرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته استدل بهذه الأسماء والصفات وعرف منها على ما يجري في هذا الخلق و ما يكون أيضا في الشرع .
فالعالم بالله تبارك وتعالى يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الأحكام لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته فأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة كذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله، فأخباره كلها حق وصدق وأوامره ونواهيه عدل وحكمة .
نعطيك مثالين: الأول يتعلق فيما يفعله الله في هذا الخلق والثاني فيما يشرعه الله تبارك وتعالى ...
أما الأول: فهو موقف خديجة رضي الله عنها ،الموقف المشهور ، لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرتعد لمارأى الملك ونزل عليه الوحي أول مرة فجاء وهو في غاية الخوف فقال لها ((إني قد خشيت على نفسي ))،
فماذا قالت خديجة ؟ قالت : كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا ، كيف حكمت وحلفت أن الله لا يمكن إن يخزيه قالت : ( إنك لتصل الرحم ، وتصّدْق الحديث ،وتحمل الكلَّ ، وتقري الضيف وتُكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق )
انظروا إلى هذه الأشياء التي ذكرتها0 وهو ما كان مجبولاً عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم كما قال شارح الطحاوية .. وقد علم من سنة الله أن من جبله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإن الله لا يخزيه.. ترى إنسان محسن إلى الآخرين وتقي وصالح يقوم الليل ويصوم النهار ونحو ذلك ,, هل يمكن أن الله يخذل هذا إذا كان له نية صحيحة في هذه الأعمال؟؟ لا يمكن.. نعم قد يُبتلى فترة يمحص ويرفع لكن أن يخذل هذا لا يكون .
الكفار الذين يظلمون وأكثروا الفساد في البلاد وقارفوا ألوان الجرائم التي أهلك الله عز وجل من أجل واحدة منها أمة من الأمم.. مثل هؤلاء الناس نحن نعلم بما نعرف وما نعلم من أسماء الله وصفاته أن هؤلاء لا يُمَكنون ,, إنما يكون لهم ظهور مؤقت لحكمة وأمر يعلمه الله عز وجل ثم بعد ذلك ينكسرون و ينتهون و يتلاشون,, نحن نعرف أن من سنة الله كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (حقا على الله انه ما ارتفع في هذه الدنيا شيئا إلا وضعه ) كل ما ارتفع سيأتي يوم ويتضع إلا ما كان لله وفي الله وفي سبيل الله فهذا الذي لا يوضع وإنما يُرفع .
وأما فيما يتعلق بالتشريع :
فقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله مسألة فقهية وهي مسألة بطلان التحليل في التحليل مثلا حيلة على تحليل الزوج بعد الطلقة الثالثة (المحلل) وكذلك أيضا الحيل الربوية يقول يستحيل على الحكيم أن يحرم الشئ ويتوعد على فعله بأعظم أنواع العقوبات ثم يبيح التوصل إليه بنفسه بأنواع التحيلات فأين ذلك الوعيد الشديد وجواز التوصل إليه بالطريق البعيد.. إذ ليست حمكة الرب تعالى وكمال علمه وأسمائه وصفاته تُنتقض بإحالة ذلك وامتناعه عليه فهذا استدلال بالفقه الأكبر في الأسماء والصفات على الفقه العملي في باب الأمر والنهي ،اولئك الذين يقولون مافي شئ هذا يجوز أن تتوصل لهذه المعاملة بهذه الطريقة , بالربا، الحيل الربوية الكثيرة التي يتعامل بها من يتعامل...
الله عز وجل يحرم الربا ويقول ( فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) والنتيجة هي النتيجة لكن بطريقة ملفوفة بإدخال سلعة أو نحو ذلك ثم تقولون هذا حلال .
فحكمة الله تأبى ذلك، وإلا لما حرم الربا ,, فنحن نعرف من حكمتة سبحانه وتعالى الله في تشريع هذا ومن مقاصد الشريعة في تحريم الربا أن هذا موجود في المعاملة الأخرى التي احتالوا بها على هذا الربـــــــــــــــــا .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
...........................................................................................................
هنا انتهى الدرس وتبقى الأسئلة فقط
لكن غلبني الوقت اليوم, وبإذن الله غداً الأحد سأنزل الأسئلة
وكذلك سأرفق لكم ملف الوورد لمن أحبت ذلك ..
وأعتذر على التأخير.
..........................................................................................................
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[السلسلة الصوتية] كيف تتعلم قراءة القرآن ؟ - للأستاذ الشيخ _ أحمد عامر الكلمة الطيبة مكتبة طالبة العلم الصوتية 11 24-03-07 12:55 AM


الساعة الآن 10:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .