|
18-03-07, 01:08 PM | #1 |
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
|
عبرة من التاريخ
عبرة من التاريخ بقلم الشيخ / محمد صفوت نور الدين الحمد لله رب العالمين ، جعل لأمن والإيمان قرينان ، إذا ذهب أحدهما ذهب الآخر ، يقول تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) [الأنعام : 82 ] . لقد بعث الله نبيه المصطفى بدينه الخاتم ومكة تموج بالشرك ، وما حول مكة يشبهها ، إن لم يكن أشد منها وأعتى ، فالأصنام في الكعبة وحولها ، بل وفي كل بيت ، فلما جاء الإسلام محى الله به كل صور الشرك ، ورفع أتباعه من ذلة وصغار إلى عز وخيرية وسؤدد ، فدانت لهم بالتوحيد أرجاء الأرض ، فملكوا العرب وحكموا العجم ، وأقبلت الخيرات ، وعمّ الأمن برفع لواء الإيمان ، وأخرجت الأرض خيراتها ، ونزلت من السماء البركات تحقيقا لقوله تعالى : (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) [الأعراف : 96] ، وقوله سبحانه : (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارا ) [نوح : 10-12 ]. ويقول أبو داوود في "سننه" في كتاب الزكاة ، باب (زكاة الزروع) : شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبرا ، ورأيت أترجة على بعر بقطعتين قطعت وصيرت على مثل عدلين . فانظر -رعاك الله- كيف تحقق وعد الله لما آمن الناس ، فصارت القثاءة ثلاثة عشر شبرا ، والأترجة حمل بعير ، وتبقى الخرات والبركات ما بقي الإيمان والتوحيد . ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات واستهواهم الشيطان ، فأضلهم وأغواهم ، وأوقعهم في الخرافة فقدسوا القبور ، وطافوا حولها ، ودعوا غير الله ، ونذروا وذبحوا لغير الله ، فبدل الله خيراتهم وأزالها : (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ) [الأنفال : 53] . فكان من تلك البلاد التي أصابها ذلك البلاء بلاد الحرمين الشريفين وما حولها من نجد وتهامة ، وسائر شبه الجزيرة العربية ، يقول المؤرخون : ما أهل القرن الثاني عشر للهجرة على نجد إلا وهي غارقة في الجاهلية ، فانقلبت مسرحا يمثل عليه أدوار الهمجية ، حيث إراقة الدماء ، وقتل النفوس التي حرم الله قتلها بغير حق ، وحيث التناحر والجمود والفساد في كل شيء ، فعم الفساد كل جوانب الحياة ، وانزوى الدين في صدور الصالحين ، أما السواد الأعظم فالأهوال والشرك والوثنية والبدع والخرافات قد تمكنت من نفوسهم ، وتأصلت وصارت عقيدة عندهم ، وصارت العبادة لغير الله ، يدعون الأوثان ، وينحرون للأحجار ، كأن الجاهلية الأولى قد رجعت برجالها وأخلاقها وأعمالها . ففي سنة 1196هـ قتل أهل القصيم علماء الدين والقضاة والشيوخ والوعاظ والمرشدين ، وعقدوا المؤتمرات التي اجتمع فيها الأشرار من الآفاق وتشاوروا ، فاستقر رأيهم على التخلص من العلماء بالقتل ، ولم يرتضوا بالقتل بديلا ، ومضى كل مندوب إلى قومه لينفذوا الخطة ، فوقع قتل كثير من العلماء والصالحين ، قتلوهم بينما هم يتجهون إلى المساجد للصلاة أو مجالس العلم أو الإصلاح بين الناس . في هذه الحقبة التاريخية الأليمة ، وفي وسط هذه المظالم العجيبة يقوم شيخ الإسلام ومجدد العصر ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى ، وأجزل له المثوبة- يقوم بدعوته معتمدا على الله ، متوكلا عليه ، فأعانه الله برجال جردوا أنفسهم لدين الله خداما ، فلما خدموا دين الله مخلصين ، أزال الله الشرك وأسبابه ، ونشر العلم وطلابه ، فقطعوا أشجارا كان يتبرك بها الناس ، وقبورا ينذرون لها ويطوفون حولها ، وأقيمت الشريعة ، فألب الشيطان قواه ، وحرض جنده ، فواجهت دعوة الحق قوى عاتية وجيوشا جرارة ، محص الله بها قلوب المؤمنين ، وشحذ هممهم ، ثم نصرهم نصرا مؤزرا . فكان أن ناصر أمير "الدرعية" محمد بن سعود تلك الدعوة المباركة ، فقام مع شيخ الإسلام بالدعوة خير قيام ، ومع أن البلاد كانت تشكو من الفقر الشديد وضيق العيش ، إلا أنهم صبروا مجاهدين ، يتعلمون العلم بالنهار ويحترفون بالليل ، حتى أتى الله بالفرج واليسر بعد الشدة والعسر . فما نراه الله من فضل ونعمة ورخاء ، إنما هو ثمرة الرجوع إلى شرع الله ، إيمانا وتوحيدا ، إنجازا لوعده ، حيث قال سبحانه : (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) [النور : 55] . وإن شبابنا اليوم يرفلون في حلل العز ، وجزيل النعم ، تحقيقا لوعد الله سبحانه بالأمن : (لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) [يونس :98] ، فينبغي على شبابنا أن يعرفوا ذلك ليستمسكوا بالإيمان ، حتى لا يحيق بهم قوله تعالى : (فهل ينظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) [يونس :102-103] . فالعاصم هو الله سبحانه هو الذي نصر جنده في الأولين ، فقال : (وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) [الروم:47] ، وه صادق الوعد ، وعد المؤمنين بالنصر : (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [محمد:7] ، فليحذر المسلمون شبابا وشيوخا ، رجالا ونساء ، رعاة ورعية أن ينخدعوا بزخرف القول من أعوان الشياطين ، فيميلوا عن طريق الإسلام الصافي والتوحيد الصحيح ، فالله سبحانه قال : (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [محمد:38] ، والله سبحانه يقول : (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) [المائدة :54] . فعز الدنيا والآخرة في الإسلام , ورفعة الإنسان في عبوديته لربه , وذلك بالتزام منهج التوحيد الخالص . تلك هي الدعوة التي قامت عليها المملكة العربية السعودية الحديثة , فبسط الله لهم في العز وزادهم فيه , فهم كذلك ما نصروا الله وأطاعوه , ونشروا التوحيد وحرصوا عليه وأعانوا أهله وعملوا بطاعة ربهم , فأقاموا شرعه , وأحلوا حلاله , وحرموا حرامه , فاللهم إنا نسألك ثباتا على الحق , وهداية إلى الرشد , وتوفيقا إلى الصالحات من الأعمال . والله من وراء القصد . |
18-03-07, 02:35 PM | #2 |
~صديقة الملتقى~
|
جزاك الله خيرا اختى سمية ونفع بك
|
18-03-07, 02:40 PM | #3 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
25-08-2006
المشاركات: 375
|
بارك الله فيك غاليتى سمية
|
19-03-07, 01:41 PM | #4 |
~ كن لله كما يُريد ~
|
اللهم إنا نسألك ثباتا على الحق , وهداية إلى الرشد , وتوفيقا إلى الصالحات من الأعمال . والله من وراء القصد .
بوركتِ أختي سـمـية ., |
20-03-07, 08:51 PM | #5 |
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
|
بوركتن من أخوات حبيبات
جزيتن كل خير |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مقولات خلدها التاريخ | ماسة بين الناس | روضة المتحابات في الله | 0 | 30-05-13 01:09 AM |
سلسلة روائع التاريخ الشيخ خالد خليف | غريبة في دنياي | النشرات الدعوية | 1 | 23-05-13 09:21 PM |