|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
24-03-16, 07:10 PM | #1 |
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير |
اخْتِيَارُ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ قَوَالِبُ لِلْمَعَانِي | ابن القيّم رحمه الله.
][ اخْتِيَارُ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ قَوَالِبُ لِلْمَعَانِي ][ قال ابن القيِّم -رحمه الله-: لَمَّا كَانَتِ الْأَسْمَاءُ قَوَالِبَ لِلْمَعَانِي وَدَالَّةً عَلَيْهَا؛ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا ارْتِبَاطٌ وَتَنَاسُبٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَعْنَى مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا، فَإِنَّ حِكْمَةَ الْحَكِيمِ تَأْبَى ذَلِكَ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ، بَلْ لِلْأَسْمَاءِ تَأْثِيرٌ فِي الْمُسَمَّيَاتِ، وَلِلْمُسَمَّيَاتِ تَأَثُّرٌ عَنْ أَسْمَائِهَا؛ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ، وَاللَّطَافَةِ وَالْكَثَافَةِ؛ كَمَا قِيلَ: ’’ وَقَلَّمَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ .:. إِلَّا وَمَعْنَاهُ -إِنْ فَكَّرْتَ- فِي لَقَبِهْ ‘‘ وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنِ، وَكَانَ يَأْخُذُ الْمَعَانِيَ مِنْ أَسْمَائِهَا فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ «كَمَا رَأَى أَنَّهُ وَأَصْحَابَهُ فِي دَارِ عقبة بن رافع، فَأُتُوا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابَ؛ فَأَوَّلَهُ بِأَنَّ لَهُمُ الرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الدِّينَ الَّذِي قَدِ اخْتَارَهُ اللَّهُ لَهُمْ قَدْ أَرْطَبَ وَطَابَ» « وَتَأَوَّلَ سُهُولَةَ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ مَجِيءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إِلَيْهِ» . وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَمْكِنَةَ الْمُنْكَرَةَ الْأَسْمَاءِ وَيَكْرَهُ الْعُبُورَ فِيهَا، « كَمَا مَرَّ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَسَأَلَ عَنِ اسْمَيْهِمَا، فَقَالُوا: فَاضِحٌ وَمُخْزٍ؛ فَعَدَلَ عَنْهُمَا، وَلَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا ». وَلَمَّا كَانَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ وَالْمُسَمَّيَاتِ مِنَ الِارْتِبَاطِ وَالتَّنَاسُبِ وَالْقَرَابَةِ مَا بَيْنَ قَوَالِبِ الْأَشْيَاءِ وَحَقَائِقِهَا وَمَا بَيْنَ الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ؛ عَبَرَ الْعَقْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ «كَمَا كَانَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ يَرَى الشَّخْصَ، فَيَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَلَا يَكَادُ يُخْطِئُ» وَضِدُّ هَذَا: الْعَبُورُ مِنَ الِاسْمِ إِلَى مُسَمَّاهُ كَمَا عَبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اسْمِ سُهَيْلٍ إِلَى سُهُولَةِ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ فَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِتَحْسِينِ أَسْمَائِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهَا، وَفِي هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْسِينِ الْأَفْعَالِ الْمُنَاسِبَةِ لِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ؛ لِتَكُونَ الدَّعْوَةُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ بِالِاسْمِ الْحَسَنِ، وَالْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ. وَتَأَمَّلْ كَيْفَ اشْتُقَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَصْفِهِ اسْمَانِ مُطَابِقَانِ لِمَعْنَاهُ، وَهُمَا أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ، فَهُوَ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ مُحَمَّدٌ، وَلِشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى صِفَاتِ غَيْرِهِ أَحْمَدُ، فَارْتَبَطَ الِاسْمُ بِالْمُسَمَّى ارْتِبَاطَ الرُّوحِ بِالْجَسَدِ، وَكَذَلِكَ تَكْنِيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي الحكم بن هشام بأبي جهل؛ كُنْيَةٌ مُطَابِقَةٌ لِوَصْفِهِ وَمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ، وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَاسْمُهَا يَثْرِبُ لَا تُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الِاسْمِ غَيَّرَهُ بِطَيْبَةَ؛ لَمَّا زَالَ عَنْهَا مَا فِي لَفْظِ يَثْرِبَ مِنَ التَّثْرِيبِ بِمَا فِي مَعْنَى طَيْبَةَ مِنَ الطِّيبِ، اسْتَحَقَّتْ هَذَا الِاسْمَ، وَازْدَادَتْ بِهِ طِيبًا آخَرَ، فَأَثَّرَ طِيبُهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ، وَزَادَهَا طِيبًا إِلَى طِيبِهَا. وَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ الْحَسَنُ يَقْتَضِي مُسَمَّاهُ وَيَسْتَدْعِيهِ مِنْ قُرْبٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ: «يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَسَّنَ اسْمَكُمْ وَاسْمَ أَبِيكُمْ» فَانْظُرْ كَيْفَ دَعَاهُمْ إِلَى عُبُودِيَّةِ اللَّهِ بِحُسْنِ اسْمِ أَبِيهِمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلدَّعْوَةِ، وَتَأَمَّلْ أَسْمَاءَ السِّتَّةِ الْمُتَبَارِزِينَ يَوْمَ بَدْرٍ كَيْفَ اقْتَضَى الْقَدَرُ مُطَابَقَةَ أَسْمَائِهِمْ لِأَحْوَالِهِمْ يَوْمَئِذٍ، فَكَانَ الْكُفَّارُ شيبة وعتبة والوليد، ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ مِنَ الضَّعْفِ؛ فالوليد لَهُ بِدَايَةُ الضَّعْفِ، وشيبة لَهُ نِهَايَةُ الضَّعْفِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54]، وعتبة مِنَ الْعَتَبِ، فَدَلَّتْ أَسَمَاؤُهُمْ عَلَى عَتَبٍ يَحِلُّ بِهِمْ، وَضَعْفٍ يَنَالُهُمْ، وَكَانَ أَقْرَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ علي، وعبيدة، والحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ تُنَاسِبُ أَوْصَافَهُمْ وَهِيَ الْعُلُوُّ، وَالْعُبُودِيَّةُ، وَالسَّعْيُ الَّذِي هُوَ الْحَرْثُ، فَعَلَوْا عَلَيْهِمْ بِعُبُودِيَّتِهِمْ وَسَعْيِهِمْ فِي حَرْثِ الْآخِرَةِ. وَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ مُقْتَضِيًا لِمُسَمَّاهُ وَمُؤَثِّرًا فِيهِ؛ كَانَ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ مَا اقْتَضَى أَحَبَّ الْأَوْصَافِ إِلَيْهِ كَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ إِضَافَةُ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى اسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ الرَّحْمَنِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ إِضَافَتِهَا إِلَى غَيْرِهِمَا كَالْقَاهِرِ وَالْقَادِرِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ التَّعَلُّقَ الَّذِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ الْعُبُودِيَّةُ الْمَحْضَةُ، وَالتَّعَلُّقُ الَّذِي بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ بِالرَّحْمَةِ الْمَحْضَةِ، فَبِرَحْمَتِهِ كَانَ وُجُودُهُ وَكَمَالُ وُجُودِهِ، وَالْغَايَةُ الَّتِي أَوْجَدَهُ لِأَجْلِهَا أَنْ يَتَأَلَّهَ لَهُ وَحْدَهُ مَحَبَّةً وَخَوْفًا، وَرَجَاءً وَإِجْلَالًا وَتَعْظِيمًا، فَيَكُونُ عَبْدًا لِلَّهِ، وَقَدْ عَبَدَهُ لِمَا فِي اسْمِ اللَّهِ مِنْ مَعْنَى الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ، وَلَمَّا غَلَبَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ وَكَانَتِ الرَّحْمَةُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْغَضَبِ، كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ عَبْدِ الْقَاهِرِ. وَلَمَّا كَانَ كُلُّ عَبْدٍ مُتَحَرِّكًا بِالْإِرَادَةِ، وَالْهَمُّ مَبْدَأُ الْإِرَادَةِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى إِرَادَتِهِ حَرَكَتُهُ، وَكَسْبُهُ؛ كَانَ أَصْدَقَ الْأَسْمَاءِ اسْمُ هَمَّامٍ وَاسْمُ حَارِثٍ؛ إِذْ لَا يَنْفَكُّ مُسَمَّاهُمَا عَنْ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُمَا. وَلَمَّا كَانَ الْمُلْكُ الْحَقُّ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَلَا مَلِكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ؛ كَانَ أَخْنَعَ اسْمٍ، وَأَوْضَعَهُ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَغْضَبَهُ لَهُ اسْمُ " شَاهَانْ شَاهْ" أَيْ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَسُلْطَانُ السَّلَاطِينِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ فَتَسْمِيَةُ غَيْرِهِ بِهَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ. وَقَدْ أَلْحَقَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا "قَاضِي الْقُضَاةِ". وَلَمَّا كَانَ مُسَمَّى الْحَرْبِ وَالْمُرَّةِ أَكْرَهَ شَيْءٍ لِلنُّفُوسِ، وَأَقْبَحَهَا عِنْدَهَا؛ كَانَ أَقْبَحُ الْأَسْمَاءِ حَرْبًا، وَمُرَّةَ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا حَنْظَلَةُ وَحَزْنٌ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَمَا أَجْدَرَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ بِتَأْثِيرِهَا فِي مُسَمَّيَاتِهَا، كَمَا أَثَّرَ اسْمُ "حَزْنٍ" الْحُزُونَةَ فِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ. وَلَمَّا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ سَادَاتِ بَنِي آدَمَ، وَأَخْلَاقُهُمْ أَشْرَفَ الْأَخْلَاقِ، وَأَعْمَالُهُمْ أَصَحَّ الْأَعْمَالِ؛ كَانَتْ أَسَمَاؤُهُمْ أَشْرَفَ الْأَسْمَاءِ، فَنَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى التَّسَمِّي بِأَسْمَائِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ إِلَّا أَنَّ الِاسْمَ يُذْكَرُ بِمُسَمَّاهُ وَيَقْتَضِي التَّعَلُّقَ بِمَعْنَاهُ؛ لَكَفَى بِهِ مَصْلَحَةً مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَذِكْرِهَا، وَأَنْ لَا تُنْسَى، وَأَنْ تُذْكَرَ أَسَمَاؤُهُمْ بِأَوْصَافِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. ن.ه مخُتصرًا
زاد المعاد [(307/2-311)] |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
همة السلف في طلب العلم | ام عبيدة السلفية | روضة آداب طلب العلم | 2 | 12-11-08 01:08 PM |