العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . بوابة الملتقى . ~ . > أنشطة القاعات الصوتية > الأرشيف > المواد الصوتية والمكتوبة

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-08, 01:19 PM   #1
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
c8 (مفرغة) قواعد منهجية في الاستفتاء للشيخ عبدالسلام الحصين

تفريغ محاضرة: قواعد منهجية في الاستفتاء للشيخ عبدالسلام الحصين
( غير مراجعة من قبل الشيخ )



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد


عنوان هذه المحاضرة قواعد ومنهجية في الاستفتاء لتحصيل العلم الشرعي


وقد رأيت أن هذا الموضوع فيه طول فبدا لي أن أقسمه الى قسمين


سنتحدث اليوم عن الاستفتاء


ثم في درس قادم إن شاء الله سنتحدث عن تحصيل العلم الشرعي


وعناصر المحاضرة اليوم 11 عنصر


1- مقدمة


2- معنى الإستفتاء وحكمه


3- في أي شيء تكون الفتوى


4- الفرق بين الفتوى والاستشارة


5- من هو المفتي الذي يجب استفتاؤه؟ وكيف يُعرف؟


6- هل يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين,أو يلتزم أقوال مفتٍ واحد؟


7- إذا وُجد أكثر من مفتي فما الواجب على المستفتي؟


8- هل تؤخذ الفتاوى من الكتب لأحياء أو ميتين دون سؤال مباشر؟


9- الاختيار بين أقوال المفتين


10- التعصب لفتوى المفتي


11- هل يحق للمستفتي أن يسأل المفتي عن الدليل؟



نبدأ أولا بالمقدمة فنقول:

إن حياتنا اليوم تزخر بكم هائل وموج غزير من المعلومات.. مقروئة ومسموعة

وقد كثر المتكلمون في دين الله تعالى بعلم وبغير علم وكثر لبس الحق بالباطل حتى في المسائل الظاهرة البينة التي تُعلم من دين الله تعالى بالضرورة , ويشترك في معرفتها العوام والعلماء على حد سواء .. وبما أن الله تعالى منح الإنسان العقل ليفكر به في معرفة الخطأ من الصواب وأن يكون هذا العقل سبب للتمييز بين الحق والباطل إلا أن هداية العقل لمعرفة الحق تتوقف على معرفة أمور كثيرة.. وهذه الأمور قد يصعب على كثير من الناس معرفتها والوقوف على حقيقتها.. ولهذا يستغل بعض المتحدثين جهل الناس بهذه الأمور ليبث أفكاره ومعتقداته ويُلبسها لبوس الحق وهي بعيدة عنه,, ولذا كان معرفة القائل والثقة به مصدر مهم من مصادر المعرفة حين يعجز العقل عن الاستقلال بمعرفة الحق إما لضعفه أو لعدم تفرغه أو لانشغاله بأمور كثيرة هي بالنسبة له بها قوام حياته .. ومن هذا المنطلق كانت هذه المحاضرة التي تتحدث عن أهمية الاستفتاء في حياة المسلم وما يجب على المستفتي فعله إزاء هذا الكم الهائل من المفتين واختلافهم.
وأنا أعتقد أن هناك مسائل كثيرة نحتاج أن نطرقها ولكن الوقت لا يتسع لكل ذلك ولهذا أرجو من الأخوات أن تستحضر الأسئلة التي ترى أنها مهمة وتسجلها حتى نعود إليها في آخر المحاضرة إن شاء الله تعالى.






ننتقل إلى النقطة الثانية وهي: معنى الاستفتاء وحكمه..

الاستفتاء هو طلب الجواب عن الأمر المشكل.
والفتوى هي الإخبار عن الحكم الشرعي بغير إلزام أو هي تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأله عنه.
والمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي وهو المجتهد.
والمستفتي هو من لم يبلغ درجة المفتي فهو فيما يسأل عنه من الأحكام الشرعية مستفتٍ ومقلد لمن يفتيه.
وعلى هذا فقد يكون الشخص مفتياً ومستفتياً بناءً على تجزأ الاجتهاد,, فيكون في بعض المسائل مفتياً لعلمه بحكم المسألة بدليلها عن طريق الاجتهاد, ويكون في بعضها مستفتياً لعدم علمه بحكم المسألة.
والاستفتاء واجب إذا نزلت بالمستفتي مسألة يلزمه معرفة حكمها.. أما إذا كانت المسألة لم تقع أو أنها وقعت ولكن لم تنزل بالمستفتي بل نزلت في غيره فإنه لا يجب عليه السؤال عن حكمها في هذه الحالة ..
ويدل على وجوب الاستفتاء عند عدم معرفة الحكم الشرعي من مصادره المعتمدة أدلة منها ما يلي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ النساء/59]
ووجه الاستدلال من هذه الآية أن الله أمر بطاعة أولي الأمر وهي تشمل ولاية إمارة أو قضاء أو اجتهاد أو فتوى .
الدليل الثاني قوله تعالى { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [ التوبة/122]
ووجه الاستدلال من الآية أن الله تعالى أوجب على طائفة من الأمة الانقطاع إلى التفقه في الدين وإنذار المسلمين وجعل هذا الفرض مزاحماً لفرض الجهاد.. فمقتضى العقل أنه يجب على المسلمين طاعة تلك الطائفة فيما أنذرت به .
الدليل الثالث قول الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل/43]
ووجه الاستدلال من هذه الآية ظاهر واضح.. ومع أن الآية وردت في سياق السؤال عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.. ففيها إشارة قوة إلى أن السؤال يكون أيضاً لما هو دون ذلك من مسائل الفروع التي هي ظنية ولا يقوى على معرفتها إلا أهل الذكر والعلم.






النقطة الثالثة: في أي شيء تكون الفتوى؟

يرى بعض العلماء أن الاستفتاء لا يكون إلا في الأمور الظنية الإجتهادية التي يستقل بمعرفتها المجتهد , أما المسائل القطعية التي لها دلائل قطعية فإنها ليست محلاً للاستفتاء بل يجب معرفتها بدليلها بدون تقليد , وهذا القول منهم بناءً على أن التقليد هو قبول قول الغير بلا حجة.. لكن الراجح هو أن الاستفتاء يكون في كل ما جهله الإنسان من مسائل الظن والقطع لعموم قوله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل/43] والآية في سياق إثبات الرسالة وهي من أصول الدين ولأن العامي لا يتمكن من معرفة الحق بأدلته .. فإذا تعذر عليه معرفة الحق بنفسه لم يبق إلا التقليد لقوله تعالى :
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن/16]
وعلى هذا فإن الإنسان كما يسأل عن مسائل العبادات يسأل أيضاً عن مسائل الاعتقاد كأن يسأل : (ما الذي عليّ أن أصف الله تعالى به؟)(هل يجب عليّ الإيمان بالملائكة؟)(هل يجب عليّ الإيمان بالقدر؟) ونحو ذلك من المسائل التي هي مسائل أصولية من صميم الإعتقاد يجب على الإنسان أيضاً أن يستفتي فيها إذا جهل حكمها.






ننتقل إلى النقطة الرابعة : الفرق بين الفتوى والاستشارة..

الاستشارة هي طلب الرأي الصواب في أمر تريد القيام به بسؤال من تثق في عقله ورأيه ,, وهي أعم من الفتوى,, فقد تكون الاستشارة مشتملة على بيان حكم شرعي يبينه المشير أو المستشار وقد لا تكون كذلك ,, والاستشارة من محامد التصرفات وقد أمر الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم مع كمال عقله ودينه فقال تعالى :
{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } [ آل عمران/159]
وأثنى تعالى على عباده المؤمنين بأن أمرهم شورى فقال تعالى :
{ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } [ الشورى/38]
والمشاورة تكون لمن عُرف بجودة العقل وسداد الرأي وكثرة التجربة واطلاعه على محاسن الأخلاق ومكارم الفِعال.. ولا يستقل بها المفتي أو العالم المجتهد بل هي منصب لكل من كان متصف بما سبق من الصفات
بل قد لايكون المفتي في بعض الحالات قادراً على بذل المشورة في بعض الأمور.. وفي بعض الأحيان قد لا يعرف وجه الصواب في بعض ما يشكل على الناس لأنها ليست من مجال تخصصه .. لكن ينبغي أن نفرق بين المشورة والفتوى , ينبغي للمستفتي أن يعرف ما هو الشيء الذي وقع عليه .. هل يحتاج إلى حكم شرعي أو يحتاج إلى شخص يبين له حسن فعل أحد هذه الأمور المتعارضة .
وعلى هذا نقول:
الفتوى: هي اخبار عن حكم شرعي.
والمشورة: هي إسداء النصيحة لمن تردد بين عدد من الأمور لا يعلم أيها أصلح له.
مثال ذلك: من تخرج من الثانوية ولم يدري أي التخصصات أنسب له فهو يستشير من يثق به وينصح له .
ومثاله أيضاً: من أراد الدخول في التجارة فيستشير في أنواع التجارات وأنواع التجار, لكن لو أن الذي تخرج من الثانوية أراد أن يدخل في جامعة مختلطة فهو يسأل هل يجوز أن يدرس مع نساء أو لا يجوز؟
وكذلك من دخل التجارة وأراد أن يعقد صفقة لا يدري هل هي من المباحات أم من المحرمات فإنه في هذه الحالة يستفتي هل هذه الصفقة هي مباح أم حرام
لكن إذا تبين له أنه حلال ثم بعد ذلك يريد أن يدخل أو لا يريد أن يدخل, هل سيربح أم سيخسر , هذه تصير مشورة فيشاور فيها من هم أدرى بالأمور التجارية .






ننتقل إلى النقطة الخامسة: من هو المفتي الذي يجب استفتاؤه؟ وكيف يُعرف؟

وهذه المسألة من أهم المسائل التي ينبغي لنا الاهتمام بها والعناية بشأنها
فالمفتي الذي يجب استفتاؤه هو العالم المجتهد التقي الورع الثقة
وهؤلاء المفتين على درجات ..
الدرجة الأولى: المجتهد المستقل الغير منتسب لمذهب معين.
الدرجة الثانية: المجتهد التابع لمذهب وهو كل عالم انتسب إلى مذهب من المذاهب المتبوعة ولكن من غير تقليد لإمامه وإنما يسلك طريقه بالاجتهاد ويسير على منوانه في كيفية الاستنباط والاستدلال .
الدرجة الثالثة: المجتهد الملتزم بمذهب إمامٍ من الأئمة فيعرف حكم المسألة بدليلها في مذهب إمامه ويفهم وجه الاستدلال وأصول الفقه وقواعده غير أنه لا يخرج عن مذهب إمامه بتقرير الحكم إما نصاً منه أو تخريجاً على مسائله وقواعده.
فهذه أربع درجات والدرجة الثانية قريبة من الدرجة الأولى لكن الفرق بين الدرجة الثانية والدرجة الأولى أن صاحب الدرجة الأولى لا يقول أنا شافعي أنا حنبلي أو غير ذلك وإنما مباشرة يرى أنه مستقل فيما يصدر عنه من آراء
أما أصحاب الدرجة الثانية فهو يعلن أنه من أتباع هذا المذهب فيكون مثلاً حنبلياً أو شافعياً لكنه لا يأخذ بجميع أقوال هذا المذهب هكذا بدون تمحيص.. وإنما هو يأخذ أصول المذهب وقواعده العامة التي يغلب على ظنه صحتها وسلامتها واستقامتها ثم هو بعد ذلك قد يخالف صاحب المذهب في بعض أقول وقد يوافقه في بعض.. ولا يلزم في هؤلاء الذين ذكرنا درجاتهم أن يكونوا قد استكملوا شروط الإجتهاد كلها.. بل يكفي أن يكون الواحد منهم عنده من العلوم ما يمكنه من بحث المسأله التي سُأل عنها وأن يصل فيها إلى ما تطمئن إليه نفسه وأن يكون فقيه النفس ذكياً ذا فطرة وفهم تعصمه من الوقوع في الخطأ الظاهر البين .
وعلى هذا فقد يكون العالم مجتهداً في بعض المسائل دون بعض, وقد يخفى عليه بعض المسائل ويحتاج إلى أن يبحث عن مظانها في كتب التفسير والحديث والفقه, ويجب على المستفتي أن لا يسأل إلا من عرف أنه أهل للفتيا .
يقول يزيد ابن هارون: إن العالم حجتك بينك وبين الله تعالى فانظر من تجعل حجتك بين يدي الله تعالى .. ولأن المقصود هو معرفة الحكم الشرعي الصحيح لا موافقة الهوى أوطلب اليسر أو طلب السهولة ونحو ذلك من المقاصد التي نعرف أن كثير من المستفتين للأسف يقصدها , وإنما المقصود هو أن تعرف الحكم الشرعي الصحيح .. أن تعرف ماذا يريد الله تعالى منك أن تفعله في هذه الواقعة ..
وهذا يتوقف على أمرين : 1- أن تبحث عن عالم ذي ذهن متوقد وقوي في العلم الذي تسأله عنه .
2- أن يكون ذا ورع وتقوى.
لكن كثير من الناس يسأل فيقول: كيف أعرف المفتي الذي استكمل شروط الفتيا؟ وكثير من الناس ينصب نفسه لذلك ويفتي الناس فيما سألوه عنه فكيف أعرف من هو أهل ممن ليس أهل؟
فنقول: في الجواب على ذلك : هناك عدد من الطرق التي ممكن أن نعرف من هو أهل للفتيا ومن ليس أهل للفتيا
منها أولاً : انتصابه للفتيا بشهد من أهل العلم المعتبرين .. أي أن المستفتِ يجب أن يعرف أن أهل العلم قد أقروا لهذا انتصابه في هذا المنصب وجلوسه للناس ولم يسمع منهم نكيرا عليه.
ويمكن أن يسأل عنه إذا خفي عليه أمره, فيسأل عن فلان وأهليته للفتيا ..
ثالثاً: الاطلاع على سيرته الذاتية والعلمية ومعرفة شيوخه ومن شهد له بالفتيا والعلم بشرط أن يغلب على ظن المستفتي صحة هذه السيرة وصدقها
وهنا لا بد أن تشتمل السيرة على شهادات علمية وعلى ذكر الشيوخ الذين تلقى العلم عنهم وأن يكون هؤلاء الشيوخ معروفين لدى المستفتي .
وهنا أشير إلى نقطة مهمة أنه لا يجوز أن تكفي بمجرد وجود الاجازات ,, بعض الناس تكون سيرته العلمية اجازات.. أجازه فلان وفلان وفلان برواية كذا وكذا دون أن يذكر شهادات علمية أخرى تدل على أنه صالح للإفتاء
ونحن نعرف أن الإجازة في زماننا هذا وقبل أزمان كثيرة تسهل فيها ومنحت من ليس أهلاً للعلم البتة
وقد تُعطى للصغار وتعطى للنساء اللاتي لم يقرأن أصلاً ولا يعرفن القراءة تبركاً بهذه الإجازة لا نسبة لصاحبها أنه من أهل الفتيا.
يتعلق بهذه النقطة أن المستفتي إذا كان عنده نوع من الإدراك وحظ من النظر فإنه ينظر أيضاً في فتاوى هذا المفتي وكيفية استدلاله واستنباطه
واعتماده على الكتاب والسنة, وهذا أيضاً يعينه على معرفة نوعية هذا المفتي وقربه من الصواب أو بعده عنه.
الطريق الثالث: اشتهار أمره بين الناس والعامة.. بحيث يكون في بلد واشتهر عند الناس أن هذا عالم يفتي الناس ويصدر الناس عن رأيه .. يتوجه الناس إليه بالسؤال.. فهذا فيه دلالة على أن هذا أهل للفتيا ..
وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله : يجب على العامي قطعاً البحث الذي به يعرف صلاح المفتي للاستفتاء إذا لم يكن قد تقدمت معرفته بذلك ,, ولا يجوز له استفتاء من اعتزى إلى العلم وإن انتصب في منصب التدريس أو غيره .. ويجوز استفتاء من تواتر بين الناس أو استفاض فيهم كونه أهلاً للفتيا.
ولكن لا ينبغي أن نتعتمد على مجرد الشهرة.. فقد يشتهر في الناس من ليس له قيمة ولا قدر.. وقد يخمل ذكر شخص من الناس هو اعلم واتقى و أورع من هذا الذي اشتهر أمره
فالشهرة ينبغي أن ننظر إليها بمنظار متوازن معتدل لا يحيد يمنة ولا يسرة وأن نزن كلام هذا الرجل بميزان الحق والعدل أو أن نستشير فيه من نثق في علمه ورأيه ممن هم أعلم وأبصر منا في كثير من الأمور التي تخفا علينا ..
وهنا أشير إلى نقطة وهي هل للسن أثر في ذلك؟
لا أثر للسن هنا .. بل المعتبر كونه بالغاً مكلفا استكمل الشروط المعتبرة في جواز الفتيا ,, ولذلك وجد في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أذن له أشياخه بالفتيا وهو شاب صغير السن لكن لا يعني ذلك إلغاء أثر السن
نقول أن ليس هناك سن معتبر للفتيا لكن لا يعني ذلك أن السن لا أثر له مطلقاً .. ولهذا يقول ابن مسعود رضي الله عنه لايزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن كبارهم وأمنائهم وعلمائهم .. فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا.
ويقول ابن قتيبة: الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحيرته وعجلته وسفهه واستصحب الخبرة والتجربة ولا يدخل في علمه الشبهة ولا يغلب عليه الهوى ولا يميل به الطمع ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث ,, فمع السن الوقار والجلالة والهيبة.
وإذا بذل المستفتي جهده واجتهد وسأل ثم أخطأ في الاختيار فلا حرج عليه فإنه قد اجتهد ومن اجتهد فإن له اجرين او اجر واحد.
وبناءً على ما سبق أيضاً نقول: لا يجوز للمستفتي أن يستفتي عامياً مثله ينقل له الأقول دون معرفة بأصولها وأدلتها وكيفية إستنباطها






النقطة السادسة: هل يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين,أو يلتزم أقوال مفتٍ واحد؟

الصحيح من أقوال أهل العلم أن المستفتي لا مذهب له وأن مذهبه مذهب من يفتيه .. وبهذا قال كثير من والشافعية والحنابلة وغيرهم ونصره ابن القيم وابن تيمية
وعلى هذا فإذا وقعت للمسلم واقعة ولم يكن قادراً على معرفة حكمها بالرجوع إلى الكتاب والسنة فالواجب عليه أن يسأل عالماً يثق به في أي مذهب كان هذا العالم
لكن قد يكون العامي نشأ في مذهب يغلب عليها مذهب من المذاهب المعتبرة .. وتربى على هذا المذهب وأظهر إلتزامه به فهل يلزمه الإستمرار عليه أم يجوز أن يقلد غير أهل مذهبه؟
الصحيح من أقوال أهل العلم أن له أن يقلد من شاء من أهل العلم ولا يجب عليه الاستمرار على مذهبه لأن الاستمرار على المذهب ليس عليه دليل في كتابٍ أو سنة
وكذا لو أنه عمل في مسألة بمذهب إمام من اللأئمة بناء على فتوى من أتباع هذا المذهب فهل يجوز له أن يسأل غير هذا العالم في نفس الواقعة التي وقعت له وعمل بها؟
مثل أنه كان يصلي بدون استفتاح بناء على فتوى مالكياً من المالكية ثم سأل شافعياً فأفتاه باستحباب دعاء الاستفتاح ومشروعيته وذكر له الدليل ..
فنقول الصحيح أيضاً جواز ذلك إذا لم يكن الحامل عليه هوى أو شهوة خفية كما سيأتي بيانه في مسألة خاصة بعد هذه .






النقطة السابعة: إذا وُجد أكثر من مفتي فما الواجب على المستفتي؟

إذا اجتمع عند المستفتي أكثر من مفتي فهل يجب عليه أن يبحث عن أعلمهم وأورعهم أو له أن يستفتي من شاء منهم بدون تفريق واجتهاد؟
لا يخلو الأمر من حالين: 1- أن يكون عارفاً بأن أحدهم أفضل أو أعلم من بعض
2- أن لا يكون عارفاً بذلك ويجهل أيهم أعلم من الآخر
ففي الحالة الأولى يرى الكثير من أهل العلم وهو الصواب أن الواجب على المستفتي في هذه الحالة اتباع الأعلم والأورع والأتقى لله تعالى
كما لو عرض له مرض من الأمراض ووجد طبيبين صالحين للتطبيب وأحدهم أفضل من الآخر وأعلم فإن مقتضى الحكمة و العقل أن يذهب للأفضل,, وكذا نقول فيما يتعلق بأمور دينه فإن مقتضى العقل والحكمة أن يذهب إلى الأعلم والأتقى.
وأما الحالة الثانية فاختلف أهل العلم على قولين: فمنهم من يرى أنه يجب على المستفتي أن يجتهد في معرفة الأعلم و الأورع , ومنهم من يرى أنه لا يلزمه ذلك .. بل يقلد أيهما شاء
والذي يظهر والله أعلم أنه يجتهد ويبحث إلا أن يشق عليه ذلك أو يتعسر فإنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .. وقد قال تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن/16]
وإن لم يجتهد ولم يبحث فلا حرج عليه إن شاء الله في ذلك مادام أن الذي يسأله صالح للإفتاء.



توقيع سمية ممتاز
,,



التعديل الأخير تم بواسطة حسناء محمد ; 03-11-09 الساعة 10:12 PM سبب آخر: إضافة تعليق
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-05-08, 01:20 PM   #2
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

النقطة الثامنة: هل تؤخذ الفتاوى من الكتب لأحياء أو ميتين دون سؤال مباشر؟
توجد كثير من فتاوى الأئمة الكبار من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصرنا هذا في كثير من الوقائع التي وقعت في حياتهم وهي تقع أيضاً لمن بعدهم ويحتاجها الناس
كما أننا في هذا الزمان نرى أن اللجان الفقهية أو المنتصبة للفتوى تطبع الفتاوى الصادرة عنها في مجلدات ويطلع عليها عموم الناس من طلاب العلم وغيرهم.. وكذلك أيضاً من أهل العلم من يكون له فتاوى خاصة تطبع باسمه فهل يجوز للعامي أن يبحث عن المسألة التي وقعت له في هذه الكتب ويترك الاستفتاء من الأحياء ؟
نقول: الأصل هو أن يكون الاستفتاء لمجتهد عالم حي .. لأنه أقدر على تصور الحادثة الواقعة وأدرى بما يؤثر فيها وما يكون له أثر في تطبيق المناط الشرعي المناسب لها
والآيات الدالة على وجوب الإستفتاء إنما تنصرف أول ما تنصرف على الأحياء الذين هم أولوا الأمر وهم الناثرون في التفقه في الدين وإنذار قومهم إذا رجعوا إليهم .. لكن ذلك لا يعني عدم جواز تقليد الأموات فإن الأقوال لا تموت بموت قائلها
بل هي موجودة وهي مظنة لمعرفة الحكم الشرعي.
وهنا لابد أن نفرق بين العامي الصِرف الذي لا يدرك الفروق المؤثرة بين الواقعة التي حدثت له وبين الفتوى التي يقرأها في كتاب وهذا يوقعه في تطبيق الفتوى على واقع لا يناسبها
وبين من عنده نوع إدراك وفهم وفطنة يتعرف بها على الفروق المؤثرة ويستطيع أن ينزل الفتوى على الواقعة التي تناسبها فهذا يعني لا بأس أن يطلع على الفتاوى وينظر ما يمكن أن يتطابق مع الصورة التي حدثت له فيفتي نفسه بناء على الفتوى التي قرأها في كتاب هذا العالم .
ننتقل بعد ذلك إلى النقطة التاسعة وهي: الاختيار بين أقوال المفتين..
وهذه المسألة أيضاً لا تقل أهمية عن المسألة السابقة وهي وجود أكثر من مفتي .. وذلك أن الفتاوى قد تتعدد في المسألة الواحدة وهنا يثور إشكال عند كثير من الناس
فبعضهم من يتهم الشريعة بما هي بريئة منه ويرى أنها متناقضة.. وأن أهل العلم يحللون ويحرمون بغير برهان ولا حجة .. وبعضهم يحتار وما يدري ماذا يصنع
وبعضهم يتتبع الأسهل في كل مسألة وينظر ما يوافق هواه فيأخذ به .. وهكذا يضطرب الناس , وقد اختلف أهل العلم فيما يجب على المستفتي في هذه الحالة على أقوال كثيرة
لكن الذي يظهر لي والله أعلم في هذه المسألة أن المستفتي لا يخلو من حالين: 1- أن يكون عنده حظ من النظر وقدرة على معرفة قوة أحد القولين بالنظر إلى أدلته.. فهذا يرجح ما يرى أنه أقرب إلى الحق بحسب ما ظهر له .. ويكون هذا الإجتهاد خاصاً به في نفسه وليس له أن يفتي به لأنه ليس من أهل الافتاء
2- أن يكون المستفتي ليس عنده حظ من النظر ولا يستطيع أن يدرك رجحان أحد القولين فهذا يجوز له أن يختار من أقوال المفتين ما يرى أنه مناسب له
لكن لاحظوا معي أشير هنا إلى نقطة مهمة وهي أن يذكر كثير من أهل العلم أنه لا يجوز الاختيار من دون ترجيح.. ولعل البعض يظن أن ما ذكرته هنا مخالف لذلك لكني سأذكر شروط وضوابط تبين قولي هذا وهو أني أرى أن المستفتي إذا تعددت عنده أقوال المفتين جاز له أن يتخير منها ما يرى أنه مناسب له بالشروط المعتبرة..
أولاً: أن يكون المفتي من المعروفين المشهورين بالفتوى الذين تنطبق عليهم الصفات التي ذكرناها في النقطة الثانية وهي من هو المفتي الذي يصلح للفتوى.
ثانياً: أن لا يكون القول قد حُكم عليه بالشذوذ بحيث تكون الأقوال معتبرة شرعاً ولها أدلة والمسألة ليس فيها دليل صريح صحيح قطعي بل هي محتمِلة وأقوال المفتين فيها عليها أدلة فيها حظ من النظر و القوة .
الثالث: ألا يكون المستفتي متبعاً لهواه.. جارياً خلف ما وافق نفسه.. وإنما يكون قصده موافقة مقصود الله جل وعلا.. بمعنى أنه لا ينظر إلى ما يوافق الهوى.. فيقلد هذا العامي في مسألة إذا وافق هواه .. ويقلد الآخر في مسألة أخرى إذا وافق هواه , وإنما يرى أن هذا القول أقرب وأيسر وأسهل له وأنه عليه دليل ويمكن أن يكون صوابا فحينئذ يأخذ به.. لا أن قصده فقط تبرير فعله, هو مقتنع أنه سيفعل هذا لا محالة حتى لو لم يفت له أحد بذلك .. لكن يجعل فتوى المفتي مبررة له في فعله فيكون حينئذٍ متبعاً لهواه لا متبعاً لمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذا يعني مزلة أقدام.. قد يخفى على كثير من الناس التفريق بين الهوى وبين اتباع الأيسر والأسهل وما يرى أنه هو المناسب لحاله . والهوى مركب سيء وصعب وقد قال تعالى : { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ يوسف/53]
الشرط الرابع: أن لا يكون قصده من ذلك التوصل إلى أمر غير مشروع.
الشرط الخامس: أن لا يترتب على ذلك التلفيق الممنوع منه شرعا.. بحيث تكون الصورة التي أخذ بها متفق على المنع منها بين الفقهاء كلهم
مثل من أراد أن يزني بامرأة وليس عنده أحد فيأخذ بقول بعض أهل العلم بعدم اشتراط الولي, ويأخذ بأقوال بعض أهل العلم بعدم اشتراط الشهود, فتقول له زوجتك نفسي فيقول قبلت ويرى أن هذا مسوغاً له في وقوع الزنا والعياذ بالله.
ننتقل بعد ذلك إلى النقطة العاشرة وهي: التعصب لفتوى المفتي..
تقليد المستفتي للمفتي إنما هو طاعة واتباع ولا يعني ذلك صحة قول المفتي وأنه صواب مقطوع به .. وعلى هذا لا ينبغي للمستفتي أن يزيد في ذلك ويعتقد صحة قول مفتيه وبطلان قول مخالفه ويتعصب لذلك ويوالي ويعادي عليه
وانما الواجب عليه العمل به في خاصة نفسه وأما دعوة غيره إليه فلا يدعو إلا إذا كان عنده علم مفصل بحقيقة ذلك
ثم إنه أيضا لا يناظر عالما أعلم منه في المسألة التي يعتقد فيها قول مفتيه .. بل عليه أن يحيل هذا العالم إلى العالم الذي أفتاه فهو أبصر بطرق المناظرة وإقامة الأدلة على صحة ما يقوله .
النقطة الحادية عشر: هل يحق للمستفتي أن يسأل المفتي عن الدليل؟
أنقل هنا كلام ابن القيم رحمه الله:يقول في إعلام الموقعين: عاب بعض الناس ذكر الاستدلال في الفتوى وهذا العيب أولى من عيب بل جمال الفتوى وروحها هو الدليل فيكيف يكون ذكر كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين وأقوال الصحابة رضي الله عنهم عيباً؟
وهل ذكر كلام الله ورسوله إلا طراز الفتاوى.. فقول المفتي ليس بموجب للأخذ به .. فإذا ذكر الدليل فقد حرم على المستفتي أن يخالفه وقد برأ هو من عهدة الفتوى بلا ريب
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل عن المسألة فيضرب لها الأمثال ويشبهها بنظائرها هذا وقوله وحده حجة فما الظن بمن قوله ليس بحجة ولا يجب الأخذ به ..
وأحسن أحواله وأعلاها أن يسوغ له قبول قوله.. وهل هذا المسوغ بلا حجة؟
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُأل احدهم عن مسألة أفتى بالحجة نفسها فيقول قال الله كذا وقال رسوله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا فيشفي السائل ويبلغ القائل وهذا كثير جدا في فتاويهم
ثم جاء التابعون والأئمة بعدهم فكان أحدهم يذكر الحكم ثم يستدل عليه.. و علمه يأبى أن يتكلم بلا حجة
والسائل يأبى قبول قوله بلا دليل . ثم طال الأمد وبعد العهد بالعلم وتقاصرت الهمم إلى أن صار بعضهم يجيب بنعم أو لا فقط ولا يذكر للجواب دليلاً ولا مأخذا ويعترف بقصوره وفضل من يفتي بالدليل ..
ثم نزلنا درجة أخرى إلى أن وصلت الفتوى إلى عيب من يفتي بالدليل وذمه
ولعله أن يحدث بالناس طبقة أخرى لا يُدرى ما حالهم في الفتاوى والله المستعان .
انتهى كلام ابن القيم رحمه الله وهو نفيس يدل على أنه ينبغي للمستفتي أن يرتفع في همته ويسأل المفتي ما هو الدليل الدال على صحة قولك؟
لكن ينبغي له أن يتأدب في سؤاله وأن يكون قصده معرفة الحق والوصول إليه لا التعجيز ولا الاختبار و الامتحان وإنما مقصوده معرفة الحق بدليله حتى ينطلق به على وجهه صوابا فيما يرى أنه كذلك.
هذا ما بدى لي في هذه المسألة ومع الاختصار الشديد الذي فعلته إلا أنني أرى أنني قد أطلت وربما أثقلت أيضا بهذه العناصر لكن المسألة مهمة وجد خطيرة وتحتاج منا إلى أن نذيع ثقافة الاستفتاء بين الناس
وأن نبين للناس ما هو الصواب والحق في مثل هذه المسائل والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إذا في أسئلة لمدة عشر دقائق أرجو المبادرة بها قبل أن ننهي الدرس
س1- متى يجوز للمرأة أن تفتي؟
المرأة حكمها حكم الرجل في ذلك .. فإذا بلغت المرتبة التي تؤهلها للفتوى جاز لها أن تفتي وهي الشروط المعتبرة في المجتهد ..
لا أعني الشروط التي يذكرها الأصوليون التي يصعب توافرها في شخص ما .. وإنما نعني بذلك الشروط التي هي معرفة قواعد الاستنباط والاستدلال ومعرفة العلوم التي يحتاجها في الوصول إلى الحكم الشرعي كالنحو والتفسير والحديث ومصطلحه ونحو ذلك
وهذه لها مجال خاص .. لكن على كل حال المرأة والرجل في ذلك سواء.
س2- لو تتكرم بإعادة النقطة السادسة (هل يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين,أو يلتزم أقوال مفتٍ واحد؟) باختصار؟
المسألة السادسة وهي أنه هل يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين
نقول لا يلزم للعامي أن يتمذهب بمذهب عالم واحد .. بحيث يقول مثلاً : أنا ألباني .. سآخذ من فتاوى الألباني في كل شيء ولا أسأل غيره عن كل شيء
نقول: لا يجب عليه ذلك .. وهذه غير مسألة هل يجوز له ذلك أو لا يجوز .. وإنما نقول لا يجب عليه ذلك
بل الواجب عليه أن يسأل عالماً يثق به في علمه
فالآن لو أنه مثلاً أراد أن يتوضأ وسأل عن صفة الوضوء فسأل عالما شافعيا فأفتاه .. ثم بعد ذلك أشكل عليه مسألة في الوضوء فسأل عالما حنفيا فأفتاه بفتوى قد تخالف السابق فإنه في هذه الحالة ينبغي له أن يسأل ويقول ما الدليل فإنني قد أفتيت بغير هذا
فله أن يناقش ويعرف لماذا كان ذلك القول مثلا صوابا أو ليس بصواب وهل المسألة اجتهادية ممكن أن يأخذ بها بأحد القولين أو ليست كذلك.
س3- هناك فتاوى يُطلق عليها بالفتاوى الشاذة فأرجو التوضيح ما هي تلك الفتاوى وهل يُنكر على الآخر بها وخاصة العوام, وهل هي من اتباع الرخص ؟ فما الفتوى في ذلك؟
الفتاوى الشاذة هي التي يشذ بها عالمٌ عن سائر أهل العلم ويظهر استنكار أهل العلم لها .. ونذكر على ذلك أمثلة معاصرة :
مثلا تحريم صيام يوم السبت فهذا من الأقوال الشاذة التي انفرد بها الشيخ الألباني رحمه الله عمن سواه
وكذلك أيضاً القول بتبديع من يضع يده بعد الرفع من الركوع وأنها بدعة
وكذلك مما حكم فيه أهل العلم أيضا بأنه من الشواذ بطلان ما زاد عن إحدى عشر ركعة في صلاة الليل .. وقد يقول بعض أهل العلم أن هذه كلها في الألباني .. نقول: لا يضر العالم أن يشذ ببعض الآراء لأنه هو يتبع ما وصل إليه اجتهاده
لكن ينبغي للمستفتي أن يستلم الأمور المشتهرة عن العالم التي تعتبر شواذ تكون خاصة به .. وكثير من السلف والخلف يخالفونه فيها, فهذا مظنة الخطأ في الغالب..
إلا أن يكون هناك دليل صريح وواضح لا يحتمل , أما إذا كانت المسألة اجتهادية فالمسألة يعني يجتنب الإنسان فيها هذه الأمور المشتهرة
وعلى كل حال المسألة دقيقة جداً وتحتاج إلى أن الإنسان يُشاور فيها ويسأل من هو أعلم منه وأدرى بما هو شاذ مما ليس بشاذ
ولا شك أنه يُنكر على العوام ذلك.. إذا رأيناهم يتتبعون شواذ الفتاوى
وكذلك أيضاً من شواذ الفتاوى القول بإباحة الغناء , أو القول بإباحة الفائدة , أو القول بجواز حلق اللحية مطلقاً .... فهذه من المسائل التي شذ فيها بعض أهل العلم وخالفوا فيها جمهور أهل العلم .
س4- هل يجوز للمجتهد الجزئي أن يفتي؟
نعم المجتهد الجزئي يجوز له أن يفتي في المسألة التي اجتهد فيها وبان له فيها الصواب
لكن المجتهد الجزئي عنده شروط مهمة يجب أن تتوافر فيه من
قدرته على الاستنباط والاستدلال - معرفته بقواعد الأصول التي لها أثر في معرفة الحكم.
س5- هل يعتبر التعريف بحكم واضح ومتعارف عليه فتوى؟ أم الفتوى في الأحكام الجديدة التي تتطلب استنباطاً معينا؟
الفتوى هي الإخبار عن حكم شرعي ثم هي قد تكون في مسائل واضحة وبينة وقد تكون في مسائل ظنية .. أو مسائل لم يسبق أن أُفتي فيها من قبل
يقول بعض أهل العلم : وعلى هذا ممكن أن يكون العامي مفتي إذا قيل له مثلاً ما حكم الصلاة؟, قال: واجبة بدليل قوله تعالى (( وأقم الصلاة)) وقول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس: ومنها إقام الصلاة .
هذا مسائل شاذة لكن لا شك أن بيان العالم لهذه المسائل فتوى
وكذلك إخبار غيره فيها ممكن أن يُقال عليها فتوى بالنظر إلى هذا المعنى وهذا توسع كبير.. ولو قصرنا الفتوى على المسائل الظنية فقط فيكون حينئذ الإفتاء هو نظير الإجتهاد فكل مجتهد فهو مفتي ومن ليس مجتهدا فليس مفتيا وكذلك العكس.
س6- نرى في الساحة الدعوية كثير من الأخوات اللاتي يتصدرن الفتوى مع أنهن غير مؤهلات لذلك .. ولقصور علمنا في هذا المجال كيف نتصرف في مثل هذه الحالة؟
نعم يوجد مجموعة من النساء يتصدرن الفتوى , وكذلك مجموعة من الرجال يتصدرون الفتوى وهنا يُنظر إلى كل من تصدر للفتوى بالضوابط التي ذكرناها السابقة في النقطة الخامسة التي فيها بيان من يجوز استفتاؤه من أهل العلم .. فإذا كان المفتية أو المفتي تتوافر فيه الشروط المعتبرة صح استفتاؤه.
س7- لو منعني زوجي من استفتاء أحد المشايخ فهل التزام قوله؟ (مع العلم أني أحياناً أحتاج للفتوى ولا يريد أن يسأل لي أحد )
إذا منعها من سؤال هذا الشيخ وأباح لها سؤال شيخ آخر فلا حرج إن شاء الله , لا حرج عليها أن تلتزم قوله
لكن إذا منعها من الإستفتاء مطلقاً فلا يجب عليها التزام قوله ,, ثم ننظر إن كان منعه لها من استفتاء هذا الشيخ لمصلحة صحيحة ومقصود شرعي فهنا أقول يحرم عليها أن تخالفه .. وأما إن كان مجرد هوى في نفسه فلا بأس أن تخالفه في الخفاء لأنه لا يجب طاعته في مثل هذه الحالة .
س8- هل نلتزم بفتوى مذهب أهل البلد؟ وهل يجوز لنا أن نبحث عن الراجح؟
أولاً هل نلتزم بفتوى مذهب أهل البلد .. نقول الواجب على الإنسان أن يسأل المفتي الذي يعتقد صحة فتواه سواء كان من أهل البلد أو من غيرهم ,, فإن كان أهل البلد كذلك ففيهم الكفاية والبركة .. وإن لم يكونوا كذلك انتقل المستفتي إلى غيرهم .
وأما السؤال هل يجوز لنا أن نبحث عن الراجح؟ .. فنقول: الراجح يختلف بحسب اختلاف كل الشخص,, لا شك أن البحث عن الراجح هو الأولى وهو المطلوب .. لكن ماهو الراجح؟ هل هو الراجح بالنسبة لفلان أو الراجح بالنسبة لفلان .. نقول أنت أيها المستفتي ابحث عن الراجح بالنظر فيما تعتقده أنه هو الراجح سواءً كان بالنظر إلى أن المفتي هذا أعلم باعتقادك وأورع وأولى .. أو كان هذا القول تعتقد أنه أقرب وترى أن نفسك تميل إليه وأن أدلته ظاهرة وبينة وواضحة .. فحينئذٍ نقول عليك أن تأخذ الراجح.
س9- هل يُشترط في العالم المجتهد معرفة جميع الأحاديث؟
لا يلزم فيه ذلك ,, لكن يلزم أن يكون قادراً على الوصول إلى الأحاديث التي لها أثر في الحكم الذي يريد أن يفتيه.
س10- أعرف أخت سألت عن فتوى ثلاث علماء ثم أخذت أسهلها مع العلم أن كل المشايخ متميزين فهل يجوز ذلك؟
إذا كان أخذها للأسهل لأن هذا أوفق لها وأيسر وترى أنه يعينها على العمل بالفتوى فيجوز ذلك , وأما إذا كانت تتبع هواها بمعنى أنها تريد أن تحقق شيئاً في نفسها بقطع النظر عن الفتاوى .. هي تريد أن تحقق شيء في نفسها ولكن تبحث عمن يبيح لها ذلك .. فلو لم تجد في هؤلاء الثلاثة قد تبحث في غيرهم فنقول هذا لا يجوز ,, أما إذا كانت تقول هؤلاء الثلاثة سآخذ أسهل فتاويهم بالنظر إلى أنها هي الأقرب والأسهل والحمد لله كلهم من أهل السنة والجماعة وهم الذين لا يصدرون إلا عن دليل من الكتاب والسنة فالذي يظهر لي والله أعلم أنه لا مانع من ذلك.
س10- في العبادات مثل الصلاة والصيام هل يجب على المسلم أن يلتزم بمذهب واحد من المذاهب الأربعة ولا يخرج عنه أبداً ؟
ذكرنا جواب هذا وبينا أنه لا يلزم الالتزام بذلك بل المستفتي عليه أن يسأل مفتيه وإذا كان طالب علم فإنه يتمذهب على مذهب من المذاهب لا على أنه متعصب له ولكن حتى يكون طريقاً له للتدرج في طلب العلم.
س11- إذا كانت همة الطالب مصروفة للفقه وليست مصروفة لدراسة التجويد بشكل مفصل فهل يجوز تقديم الفقه وتأجيل التجويد؟
نعم الفقه أولى من التجويد.
س12- هل أفتى أحد بجواز كشف الوجه غير الشيخ ناصر الالباني؟
نعم كثير من أهل العلم أفتوا بجواز كشف الوجه من المتقدمين ومن المتأخرين, لكن المعاصرين كثير منهم يرون وجوب ستر الوجه .. أما المتأخرين فكثير أيضاً من أهل العلم يرى أنه يجوز كشف الوجه .
س13- هل فتوى فك السحر بالسحر من الفتاوى الشاذة؟
لا أعلم.
س14- كيف نرد على من قال أن الخلاف واقع لا محالة ولا إنكار على ذلك وكل مجتهد مصيب ودليلهم هو أن الصحابة اختلفوا ؟
نقول إن الخلاف على مراتب .. منه ما يكون خلافاً غير معتبر - - ومنه ما يكون خلافاً معتبرا
فينبغي للإنسان أن يتجرد من هواه في هذه المسألة ويعرف الفرق بين الخلاف المعتبر والخلاف الغير معتبر.
س15- تأتيني طالبات ويسألنني عم مسائل تخصهن مثلا في الطلاق وفي أمور البنوك وأنا أرفض الإجابة مع أني أعلمها بدليلها فهل هذا كتم علم؟
إذا كنتِ أهلاً لمعرفة كلام أهل العلم في كيفية الإستنباط ومعرفة أصول الفقه فهذا من كتم العلم , وأما إذا كنتِ لا تعلمين هذا وتخشين أن يقع عندك لبس .. لا تعرفين الفرق بين الواقعة التي وقعت وبين الفتوى التي أفتى بها أهل العلم فليس هذا من كتم العلم.
نكتفي بهذا القدر والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-05-08, 01:25 PM   #3
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

رابط ملف الوورد
الملفات المرفقة
نوع الملف: zip قواعد منهجية في الاستفتاء.zip‏ (39.9 كيلوبايت, المشاهدات 1283)

التعديل الأخير تم بواسطة حسناء محمد ; 11-05-08 الساعة 09:00 PM سبب آخر: لإرفاق الملف على مساحة الملتقى
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 11-05-08, 07:01 PM   #4
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بدر الدجى :

بارك الله الجهود .



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً  
قديم 11-05-08, 08:03 PM   #5
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي

جزاكِ الله خيراً يا بدر الدجى ..
أحسن الله إليك ..



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً  
قديم 15-05-08, 03:18 PM   #6
من حاملي الراية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بارك الله فيك "بدر الدجى" ونفع بهذا الجهد، وكتب لك أجرهو شكر خاص على المرفق، فقد وفرت وقتا وجهدا..



توقيع من حاملي الراية
أعتذر عن قلة تواجدي في الملتقى، وأسأل الله أن ييسر لي العودة مجددا..

كنز أهديه إليك على هذا الرابط
http://hatha-alislam.com/

من حاملي الراية غير متواجد حالياً  
قديم 16-05-08, 12:12 AM   #7
من حاملي الراية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

ملاحظة:
عنوان المحاضرة "قواعد منهجية" وليست قواعد ومنهجية..
فزيادة الواو سبق قلم أرجو التنبه له..
من حاملي الراية غير متواجد حالياً  
قديم 16-05-08, 12:37 AM   #8
الباحثة عن الحق
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي




سلمت يمينك يا بدر الدجي

جهد رائع يستحق الشكر




توقيع الباحثة عن الحق
في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية10/480 :
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لا تَكُنْ مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْحَقَّ إذَا وَافَقَ هَوَاهُ وَيُخَالِفُهُ إذَا خَالَفَ هَوَاهُ ، فَإِذَا أَنْتَ لا تُثَابُ عَلَى مَا اتَّبَعْته مِنْ الْحَقِّ، وَتُعَاقَبُ عَلَى مَا خَالَفْته. وَهُوَ كَمَا قَال-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-لِأَنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إنَّمَا قَصَدَ اتِّبَاعَ هَوَاهُ لَمْ يَعْمَلْ لِلَّهِ.




قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - :
(( عليكم بالعلم ، فإن طلبه عبادة ، و تعلمه لله حسنة ، و بذله لأهله قربة ، و تعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، و البحث عنه جهاد ، و مذاكرته تسبيح ))


يا من بدنياه اشتغل *** وغره طول الأمل
اَلموت يأتي بغتةً *** والقبر صندوق العمل
الباحثة عن الحق غير متواجد حالياً  
قديم 16-05-08, 01:49 AM   #9
سهام الليل
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

أحسنتِ بدر الدجى

ماشا ءالله تبارك الله كتابة منسقه لا حرمتِ الأجر



توقيع سهام الليل

الداعية الناجحة : تأتلف مع البعيدة وتربي القريبة ..
و تعرف في أخواتها النشاط وأوقات الفترة فتعطي كل وقت حقه ، [glint]فـ ـ ـللنشاط إقبال تستغل ، وللفترة إدبار تترفق بهن [/glint]( لكل عمل شرة ولكل شرة فترة )
سهام الليل غير متواجد حالياً  
قديم 31-05-08, 01:09 AM   #10
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

جزاكن الله خيرا

الحمد لله الذي أعانني على التفريغ
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين أم خــالد روضة القرآن وعلومه 15 14-02-10 02:56 AM
شرح قواعد التجويد للشيخ أيمن ( فيديو ) خادمة القرآن روضة القرآن وعلومه 20 26-06-09 06:11 PM
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM
صور من ابتلاء العلماء للشيخ وحيد عبدالسلام بالي. نور الإسلام مكتبة طالبة العلم المقروءة 1 21-07-07 12:48 AM


الساعة الآن 07:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .