|
07-03-15, 02:07 PM | #1 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
31-01-2010
العمر: 61
المشاركات: 615
|
التوكل على الله
التوكل على الله
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على أله و صحبه و من والاه أما بعد:فالتوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه و تعلق القلوب به جل و علا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه وتقضى الحاجات و كلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق ، و هذا هو حال جميع الأنبياء و المرسلين ففي قصة نبي الله إبراهيم – عليه السلام لما قذف في النار روى أنه أتاه جبريل يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما لك فلا و أما إلى الله فحسبي الله و نعم الوكيل " فكانت النار برداً و سلاماً عليه و من المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه ، و لكن ما تعلق قلب إبراهيم – عليه السلام – بمخلوق في جلب النفع و دفع الضر و نفس الكلمة رددها الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد – صبيحة يوم أحد – يقول تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ ) (1) و لما توجه نبي الله موسى – عليه السلام تلقاء مدين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ )(2) أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب و تذكر كتب التفسير أنه كان ضاوياً خاوي البطن ، لم يذق طعاماً منذ ثلاث ليال و حاجة الإنسان لا تقتصر على الطعام فحسب فلما أظهر فقره لله ، و لجأ إليه سبحانه بالدعاء و علق قلبه به جل في علاه ما تخلفت الإجابة يقول تعالى: ( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ ) (3) وكان هذا الزواج المبارك من ابنة شعيب و نفس الأمر يتكرر من نبي الله موسى فالتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء – عليهم السلام لما سار نبي الله موسى و من آمن معه حذو البحر أتبعهم فرعون و جنوده بغياً و عدواً فكان البحر أمامهم و فرعون خلفهم أي إنها هلكة محققة و لذلك قالت بنو إسرائيل إنا لمدركون ، قال نبى الله موسى (كلا إن معي ربى سيهدين) قال العلماء : ما كاد يفرغ منها إلا و أُمر أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم فكان في ذلك نجاة موسى و من آمن معه و هلكة فرعون و جنوده و لذلك قيل : فوض الأمر إلينا نحن أولى بك منك إنها كلمة الواثق المطمئن بوعد الله الذي يعلم كفاية الله لخلقه ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ) (4) التوكل والتواكل ــــــــــــ (1)سورة آل عمران : 173 – 174 (2) سورة القصص : 23 – 24 (3) سورة القصص : 25 (4)سورة الزمر : 36 |
07-03-15, 02:08 PM | #2 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
31-01-2010
العمر: 61
المشاركات: 615
|
التوكل والتواكل قد تنخرق الأسباب للمتوكلين على الله فالنار صارت برداً و سلاماً على إبراهيم و البحر الذي هو مكمن الخوف صار سبب نجاة موسى و من آمن معه ولكن لا يصح ترك الأخذ بالأسباب بزعم التوكل كما لا ينبغي التعويل على الحول و الطول أو الركون إلى الأسباب ، فخالق الأسباب قادر على تعطليها و شبيه بما حدث من نبى الله موسى ما كان من رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الهجرة ، عندما قال أبو بكر – رضي الله عنه لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا فقال له النبي صلى الله عليه و سلم " ما ظَنُّكَ يا أبا بكرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثالِثُهُما "(1) و هذا الذي عناه سبحانه بقوله: ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ) (2) والأخذ بالأسباب هو هدى سيد المتوكلين على الله – صلوات الله و سلامه عليه في يوم الهجرة و غيره ، إذ عدم الأخذ بالأسباب قدح في التشريع، و الاعتقاد في الأسباب قدح في التوحيد ، و قد فسر العلماء التوكل فقالوا : ليكن عملك هنا و نظرك في السماء و في الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله أعقلها و أتوكل أو أطلقها و أتوكل ؟ قال : "اعقلها و توكل "(3) وأما عدم السعي فليس من التوكل في شيء و إنما هو اتكال أو تواكل حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه و سلم و التوكل على الله يحرص عليه الكبار و الصغار و الرجال و النساء (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ)(4) و في الحديث :" لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً و تروح بطاناً "(5) و كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم " اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك "(6) و كان يقول : "اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون "(7) و كان لا يتطير من شئ صلوات الله و سلامه عليه التوكل على الله نصف الدين يتــ إن شاء الله ـبع ـــــــــــــــ (1)الراوي : أبو بكر الصديق المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3653 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] (2) سورة التوبة : 40 (3)الراوي : أنس بن مالك المحدث : الألباني المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2517 خلاصة حكم المحدث : حسن (4)الفرقان: 58 (5)الراوي : عمر بن الخطاب المحدث : الألباني المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3377 خلاصة حكم المحدث : صحيح (6)الراوي : البراء بن عازب المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6313 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] (7)الراوي : عبدالله بن عباس المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2717 خلاصة حكم المحدث : صحيح |
07-03-15, 02:08 PM | #3 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
31-01-2010
العمر: 61
المشاركات: 615
|
التوكل على الله نصف الدين ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله عز و جل مع أخذهم بالأسباب الشرعية فالتوكل كما قال ابن القيم نصف الدين و النصف الثانى الإنابة فإن الدين استعانة و عبادة فالتوكل هو الاستعانة و الإنابة هي العبادة و قال أيضاً : التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق و ظلمهم و عدوانهم و قال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان و عن ابن عباس – رضي الله عنهما "قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون و يقولون : نحن المتوكلون فإن قدموا مكة سألوا الناس" (1) فأنزل الله تعالى: وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى " سورة البقرة : 197 " وروي أن نبي الله موسى – عليه السلام كان يقول : اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان ، و بك المستغاث و عليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك عباد الله إن الله هو الوكيل ، الذي يتوكل عليه و تفوض الأمور إليه ليأتي بالخير و يدفع الشر من أسماء الرسول :المتوكل و من أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم " المتوكل " كما في الحديث: " و سميتك المتوكل " (2) و إنما قيل له ذلك لقناعته باليسير و الصبر على ما كان يكره و صدق اعتماد قلبه على الله عز و جل في استجلاب المصالح و دفع المضار من أمور الدنيا و الأخرة و كلة الأمور كلها إليه، و تحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه و لكم في نبيكم أسوة حسنة و قدوة طيبة فلابد من الثقة بما عند الله و اليأس عما في أيدي الناس و أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك ، و إلا فمن الذي سأل الله عز وجل فلم يعطه و دعاه فلم يجبه و توكل عليه فلم يكفه أووثق به فلم ينجه؟ إن العبد لا يؤتى إلا من قبل نفسه و بسبب سوء ظنه و في الحديث: " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء " (3) و الجزاء من جنس العمل فأحسنوا الظن بربكم و توكلوا عليه تفلحوا فإن الله يحب المتوكلين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين موقع إسلام ويب ـــــــــــ (1) "عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ كانوا يحجُّونَ ولا يتزوَّدونَ قالَ أبو مسعودٍ كانَ أهْلُ اليمنِ أو ناسٌ من أهْلِ اليمَنِ يحجُّونَ ولا يتزوَّدونَ ويقولونَ نحنُ المتوَكِّلونَ فأنزلَ اللَّهُ سبحانَهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى الآيةَ" الراوي : عبدالله بن عباس المحدث : الألباني المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 1730 خلاصة حكم المحدث : صحيح ـــــــــ (2) "عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي اللهُ عنهما أنَّ هذه الآيةَ التي في القرآنِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا قال في التوراةِ : يا أيُّها النبيُّ إنا أرسلناك شاهدًا ومبشِّرًا وحِرزًا للأُمِّيِّينَ ، أنت عبدي ورسولي ، سمَّيتُك المُتوكِّلَ ليس بفَظٍّ ولا غَليظٍ ، ولا سَخَّابٍ بالأسواقِ ، ولا يَدفَعُ السيئةَ بالسيئةِ ولكن يعفو ويَصفَحُ ، ولن يَقبِضَه اللهُ حتى يُقيمَ به المِلَّةَ العَوجاءَ بأن يقولوا : لا إلهَ إلا اللهُ فيَفتَحَ بها أعيُنًا عُميًا وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غُلفًا" الراوي : عطاء بن يسار المحدث : البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4838 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ــــــــــــ (3) "قال اللهُ تعالى : أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ" الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 4315 خلاصة حكم المحدث : صحيح |
07-03-15, 07:36 PM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
جزاك الله خيراً
متوكلين على الله في كل شيء |
08-03-15, 04:17 AM | #5 |
~متألقة~
تاريخ التسجيل:
31-01-2010
العمر: 61
المشاركات: 615
|
الحمد الله
آميييين وإياكِ سندس الحبيبة |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|