العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات رياض الجنة (انتهت)

الملاحظات


دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-02-08, 12:37 AM   #1
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
c5 تفريغ الدرس الثالث للطالبة بدر الدجى

تفريغ الدرس الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد..
فمرحباً بكم معاشر الأخوان والأخوات وأسأل الله أن يجعل هذا المجلس خالصاً لوجهه الكريم ومقرباً إلى مرضاته, وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح

كان حديثنا أيها الأحبة ؛ آخر ما تحدثنا عنه هو ما يتصل بأركان الإيمان بالأسماء الحسنى , وقلنا إنه يجب على المسلم أن يؤمن بكل اسم سمى الله به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم , أن يؤمن بالإسم
والأمر الثاني : أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة لله تعالى
والركن الثالث : هو ما سنتحدث عنه هذه الليلة ان شاء الله وهو ما يتعلق بالآثار التي تتعلق بالأسماء الحسنى.
وهذا الركن له تعلق بما قبله , فالإنسان اذا آمن بالإسم لا بد أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة , ولا يمكن أن يؤمن بالأثر المترتب على ذلك إلا إذا آمن بالصفة وآمن قبل ذلك بالاسم, فلا بد من فهم معاني الأسماء وما دلت عليه, فأسماء الله تعالى لها آثار في هذا الخلق الذي نشاهده , ولها آثار أيضاً فيما يتصل بأمر الله عز وجل وحكمه الشرعي وما شرّعه لعباده فمن نظر في هذا وهذا رأى آثار الأسماء الحسنى ظاهرة جلية لا خفاء فيها, انظروا أيها الأحبة وحديثنا انما هو عن الأسماء التي لها أثر, الأسماء المتعدية وتعلمون أن من أسماء الله عز وجل ما ليس بمتعدٍ , فاسم الله تعالى: الحي – العظيم هذه من أسماءه غير المتعدية , فهذا نؤمن بالاسم ونؤمن بما تضمنه من صفة, وقلنا كل اسم يتضمن صفةً وهناك أسماء متعدية يعني لها آثار متعدية فلا بد من الإيمان بتلك الآثار مع الايمان بالاسم والإيمان بالصفة التي تضمنها ذلك الاسم.
ولذلك نقول بأن هذه الآثار التي يجب أن نؤمن بها يجب على كل مسلم أن يؤمن بها إجمالاً وأما ما يتعلق بالتفصيل فإن ذلك لا يجب على كل أحد ولكن الناس يتفاضلون في هذا و يتفاوتون تفاوتاً كثيرا وهذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء, فكل بحسبه والله لا يكلف كل نفساً إلا وسعها.
أيها الأحبة ..
إذا تأملت أسماء الله تعالى التي تكون متعدية وجدت أن آثارها تترتب عليها ترتُّب الملزوم على لازمه, والمقتضى على مقتضيه, والمرحوم وأسباب الرحمة على الراحم, وكترتب المرزوق والرزق على الرازق, وكترتب المرئيات والمسموعات على السميع والبصير ... وهكذا.
فلا بد من ترتب الآثار على هذه الأسماء مِن تًعَدِّي
ولهذا فإن الحافظ ابن القيم رحمه الله اعتبر العلم بالأسماء الحسنى أنه أصل للعلم بكل معلوم , ووجه ذلك أن كل المعلومات لا تخرج عن أمرين:
إما أن تكون هذه الأشياء التي نعلمها هي من قبيل خلق الله عز وجل فيدخل في ذلك جميع أنواع العلوم التجريبية , العلوم المادية.
وإما أن يكون ذلك من قبيل العلم بأمره جل جلاله ويدخل في هذا العلم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه كل ذلك داخل فيه.
فهذه العلوم إما علم لما كوَّنَه الله عز وجل وخَلَقًه
أو علم بما شرَّعه , فمصدر الخلق إنما هو عن أسماءه تعالى
وهكذا أيضاً مصدر الحُكم والشرع
كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله:
أسماءه على دلت على أوصافه **** مُشتقة ٌ منها اشتقاق معاني
وصفاته دلّت على أسمائه **** والفعل مرتبط ٌ به الأمران
والحُكم نسبتها إلى متعلقاتٍ **** تقتضي آثارها ببيان
فأنت لو تصورت الآن في هذا العالـَم , هذا الخلق الذي تشاهده
لو كان الحيوان بِجُمْلَته معدوماً, الله يرزق من؟
( الحيوان يقصدون به كل انسان نامي فيُدخلون في جملته الإنسان , يعني الأشياء الحية التي فيها روح )
فالله عز وجل يقيمها ويرزقها فأقواتها وقيامها إنما هو بإقامة الله عز وجل لها, فهو الذي يرزق الحيتان في البحر , والديدان تحت الأرض, فهو الذي يرزق سائر المخلوقات بجميع أنواعها ..
فلو تُصُوِّر أنها معدومة فالله يرزق من ؟!
وإذا قُرِضت المعصية والخطيئة منتفية عن العالم
الناس في عِصمة عن المعاصي , فالمغفرة لمن؟؟
عمن يعفو الله تعالى وعلى من يتوب؟
وهكذا أيضاً لو فُرِض أن جميع الناس أغنياء أنهم مستغنون عن رازق يرزقهم فأين السؤال والتضرع والإفتقار إلى الله عز وجل والإنطراح بين يديه؟ وأين ما يترتب على ذلك من إجابة سؤال السائلين ودعاء الداعين, وجبر كسر الضعيف أصحاب القلوب المنكسرة؟
وهكذا أيضاً ظهور إفضاله وإنعامه على عبيده
الله تبارك وتعالى من أسماءه العفو الغفور الرحيم الرازق , كل هذه أسماء لله عز وجل , فلو أن الناس كلهم قد استغنوا عن العطاء والرزق , أو أن كلهم ما يعصون الله عز وجل فلمن تكون المغفرة؟ ولمن تكون الرحمة؟ ولمن تكون التوبة ومن أسمائه تعالى التواب؟
فلن تظهر آثار الأسماء الحسنى وإنما اقتضت حكمته تبارك وتعالى أن يوجد ذلك جميعاً في الخليقة من أجل أن تظهر آثار أسمائه وكمالاته عز وجل.
فاسمه الخالق يقتضي مخلوقاً, والبارئ يقتضي مبروءاً , والمصور يقتضي مُصَوَّراً, فلا بد من ذلك أصلاً, فهذه كلها من الأسماء المتعدية التي تقتضي أثراً ينتج عنها
ولذلك يُقال أيها الأحبة : إن أسماءه الغفار والتواب يقتضي مغفوراً له ومن يُتاب عليه وهكذا أيضاً أموراً يُتاب منها لا بد من أمور يتوب العبد منها , وهكذا أيضاً من تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة كما يمثل الحافظ ابن القيم على الأسماء الأولى التي وردت في أول سورة الفاتحة (( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين )) فهو يقول الله والرب والرحمن , يقول هذه الأسماء الثلاثة نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب , وهي التي جمعت الخلق وفرقتهم فلها الجمع والفرق , يقول اسم الرب له الجمع
الجامع لكل المخلوقات
هل يخرج أحد من ربوبية الله؟
الجواب: لا, هو رب للجميع, للمؤمن وللكافر, وهو رب للجماد والحيوان والنبات , لا يخرج أحد عن ربوبيته تعالى, واجتمع الخلق بهذا الإعتبار تحت صفة الربوبية, وأما صفة الإلهية فقد افترقوا فيها إلى مؤمنين وكفار , فالربوبية لها الجمع
والإلهية لها الفرق فصار الناس إلى طائفتين, سعداء وأشقياء , انقسموا إلى مؤمنين وكفار
فالدين والشرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية
والخلق والإيجاد والتدبير صفة من صفات الربوبية
والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك
فالله تعالى أمرهم بإلهيته وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته
وعاقبهم بملكه وعدله
وأما الرحمة فهي التعلق والسبب الواصل بين الله عز وجل وبين العباد لا ينفكون عن رحمته بحالٍ من الأحوال, لو تخلى عنهم لهلكوا جميعاً , فالتأليه منهم له والربوبية منه لهم والرحمة هي السبب الواصل بين الخالق والمخلوق بها أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب ووفق من شاء إلى الهدى وبها أسكنهم دار الكرامة الجنة
وبها رزقهم وعافاهم وأعطاهم وأنعم عليهم وهكذا..
فهذه الآثار وهذه الأسباب التي خلقها الله عز وجل هي من لوازم كماله وملكه وقدرته وحكمته , فظهور تأثيرها وأحكامها في عالم الشهادة هو تحقيق لهذا الكمال.
كيف نعرف أن الله تعالى القادر, العزيز, القوي والمتين, يُهلك أقواماً من العُتاد من الضالين من المكذبين من المحادِّين له ولرسله عليهم السلام
فيظهر من ذلك آثار هذه الأسماء
إذا أجدب الخلق تضرعوا إليه فأغاثهم وأعطاهم؛ فتظهر آثار جملة من الأسماء .. الرازق , الرحمن , الرحيم وهكذا... إذن ظهور آثار هذه الأسماء الحسنى هو من جملة كماله المُقدس
ولا يمكن أن نُثبت لله أو أن يَثبت لله عز وجل أو أن يثبت العبد الكمالات لله إلا إذا أثبت هذه الآثار في الخلق والأمر , في قضاء الله وقدره , في وعده ووعيده , ومنعه وإعطاءه , وإكرامه وإهانته, وعدله وفضله , كل هذه الأشياء تظهر وتعرِّفنا بالمعبود جل جلاله وهي ناشئة وناتجة بل هي من مقتضيات أسمائه الحسنى
فيظهر نتيجة لذلك أنه العفو المنعم ويظهر سعة حلمه ويظهر أيضاً شدة بطشه , وهكذا اقتضى كماله أنه في كل يوم له شأن
فمن جملة شؤونه أنه يففر ذنباً ويفرج كرباً ويشفي مريضاً ويفك عانياً وينصر مظلوماً ويُغيث ملهوفاً ويُجير مستجيراً ويجبر كسيراً ويغني فقيراً ويُجيب دعوة ويُقيل عثرة ويُعز ذليلاً ويذل متكبراً ويقسم جباراً ويميت ويحيي ويُضحك ويُبكي ويخفض ويرفع ويعطي ويمنع .
فإذا عطـّل العبد الرب تبارك وتعالى عن أسمائه الحسنى وصفاته العليا فإنه بذلك يكون معطلاً لإلهيته وربوبيته ورحمته وملكه, قد عطـّله عن كمالاته المقدسة , وبهذا تعرفون شُئم مذاهب المُعَطـِّله الذين نفوا الأسماء والصفات, أو الذين أثبتوا الأسماء وقالوا إنها لاتدل على أوصاف لله تعالى, هذا تعطيل للربوبية والإلهية والملك والعزة والرحمة الحكمة , كل هذه تتعطل وتنتفي , ولهذا أنكر الله عز وجل على أولئك الذين قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ فقال تعالى(( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ)) فأن حكمته ورحمته تقتضي أن يُرسل للعباد رسلاً يبينون لهم ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام ويُعرِّفونهم بالمعبود جل جلاله ويُعرَِّفون لهم ويشرحون لهم الطريق التي توصلهم إلى ربهم وباريهم وخالقهم تبارك وتعالى..
هذا كله من مقتضيات أسمائه, والله تعالى قال في حق أولئك الذين أنكروا البعث والمعاد والعقاب (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه))
لأنهم اعتقدوا أن هذا الخلق هذا الانسان إذا تحول إلى تراب أنه لا يستطيع أحد أن يعيده مرة أخرى إلى هذا الخلق الذي نشاهده (( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة))
((أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة ))
فلتكونوا أقوى ما يمكن أن يتصوره العقل البشري, حجارة صلبة أو حديد , فالله قادر على أن يعيدكم مرة أخرى, فهؤلاء ما قدروا الله حق قدره , أولئك الذين قالوا إنه لا يقدر على إعادة الإنسان بعد أن صارت عظامه رميماً وتحول إلى تراب, وأنكر أيضاً على أولئك الذين جوزوا عليه التسوية بين المختلفين , بين أهل الإيمان وأهل الكفر , بين الأبرار والفجار, بين المجرمين والأخيار
((أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون))
فإن مقتضى الأسماء الحسنى يأبى ذلك , وأخبر أن هذا حكم سئ لا يليق بالله عز وجل ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لاإله إلا هو رب العرش العظيم))
نزه نفسه عن هذا الحكم والظن السئ والحسبان الذي تأباه أسمائه الحسنى وصفاته العلى جل جلاله
وهذا نظائره في القرآن كثيرة
انظر إلى أسمائه تبارك وتعالى : الحميد - المجيد فإن هذه الأسماء تأبى أن يترك الإنسان مهملاً معطلاً سدى لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يُثاب ولا يُعاقب , وهكذا أيضاً اسمه الحكيم , فكما أن اسمه الملك يقتضي مملكة وتصرفاً وتدبيراً وإعطاءً ومنعاً وإحساناً وعدلاً وثواباً وعقاباً؛
وهكذا اسمه البر - المحسن - المعطي - المنان, كل هذه تقتضي آثارها وموجباتها, فتصور أولئك الذين فسدت عقائدهم فلا يؤمنون أصلاً بأسماء الله وصفاته , أوأولئك الذين يثبتونها ويقولون هي مجرد أعلام جامدة لا تدل على صفات الكمال
كيف هؤلاء يكون نظرهم واعتقادهم بربهم جل جلاله؟
كيف تقبل عليه قلوبهم؟ وكيف تتوق نفوسهم إلى ألطافه و رحماته وعطائه وبره وكرمه وجوده؟
إذا أصابت الواحد الفاقة أو المرض أو وقع في بلية فإن قلبه كيف يتحرك إلى مولاه ليُخلصه ويرفعه ويُعافيه
وبهذا تعرفون أيها الأحبة أثر فساد الإعتقاد على سلوك الإنسان وعمله وعبادته وتفكيره ونظره للأمور كلها والمقصود أن الخلق مرتبط بقدرته تعالى تمام الارتباط وهذا يقتضي أن لا يخرج شئ موجود عن قدرته كما أنه مرتبط بعلمه, فعلمه يقتضي أنه تبارك وتعالى قد أحاط بكل شئ علما, وهو أيضاً مرتبط بحكمته وذلك يقتضي أن يقع على أحسن الوجوه وأكملها, كل ما يقع في هذا الكون فإنه وقع على وفق حكمة الله عز وجل وليس ذلك يقع اتفاقاً أو يقع لمجرد مشيئةٍ قد رجحت مِثلاً على مثلٍ بلا رُجحان كما يقول بعض القدرية الذين لم يُقدِّروا الله عز وجل حق قدره وما عرفوه حق معرفته
تأمل في هذا العالم وأجزاءه كيف صار منتظماً هذا الإنتظام, فإن ذلك يدل على كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى وكمال علمه وكمال حكمته وكمال لطفه .
الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى يمثل هذا العالم هذه الدنيا بالبيت المبني المعد , فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه , فيه مصالحه وآلاته, فالسماء سقفه المرفوع والأرض بساط وفراش ومستقر لهؤلاء الساكنين , والشمس والقمر سراجان يُضيئان والنجوم مصابيح وزينة
والجواهر والمعادن مخزونة فيه كالدخائر, و ....... النبات مُهئ لمآربه , وصروف الحيوان مصروفة لمصالحه فمنها الركوب ومنها الحلوب ومنها الغذاء ومنها اللباس والأمتعة والآلات ومنها الحرس الذي يحرسه , كيف ركبه الله عز وجل وكونه وأوجده بهذه الطريقة وبهذا الإنتظام, وتتحقق بذلك مصالح العباد ويكون محلاً صالحاً لإقامة العبودية لله تعالى وعمارة الأرض , هذا كله لا شك مرتبط بقدرته وحكمته وعلمه ومشيئته وأسمائه وصفاته..
الركن الرابع الذي لا بد منه حتى يكون العبد محققاً للأيمان بأسماء الله الحسنى : هو أن يدعو ربه بها
والدعاء هنا يشمل النوعين : دعاء العبادة - ودعاء المسألة
دعاء العبادة يقتضي أن يتعبد العبد لربه بمقتضى هذه الأسماء فتؤثر معرفة هذه الأسماء في عبوديتنا الظاهرة والباطنة.
هناك أسماء لله عز وجل أيها الأحبة يحب من عباده أن يتصفوا بموجبها فهو تعالى عفو يحب العفو وأهله , جواد يحب الجود وأهله, جميل يحب الجمال , رحيم يحب من عباده الرحماء , وتر يحب الوتر, رفيق يحب الرفق, حكيم كريم ماجد محسن ودود صبور شكور, يُطاع فيشكر ويُعصى فيغفر , ولا أحد أحب إليه الثناء من الله تعالى, والله محسن يُحب المحسنين, طيب يحب كل طيب, عليم يحب العلماء من عباده , كريم يحب الكرماء, قوي والمؤمن القوي خير وأحب إليه من المؤمن الضعيف, بر يحب الأبرار, عدل يحب أهل العدل, حيي ستير يحب أهل الحياء والستر, عفو غفور يحب من يعفو عباده ويغفر لهم ويتجاوز عن زلاتهم وأخطائهم و إساءاتهم, وهو صادق يحب الصادقين, ولمحبته تعالى لمقتضيات أسمائه جل جلاله أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والاحسان والبر والعفو والجود والصبر والمغفرة والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت وما إلى ذلك ’ وهذا كله يرجع إلى الأسماء التي يليق بالعبد أن يعمل بمقتضاها أو كما يعبر بعضهم أن يتعبد الله عز وجل بها, فالكبر مثلاً؛ الله من أسمائه المتكبر فلا يليق بالعبد أن يقول أريد أن أحقق هذه الصفة لأن الله عفو يحب العافين عن الناس وكريم يحب الكرماء فهو المتكبر يحب المتكبرين!
لا , الكبر لا يصلح إلا للخالق جل جلاله , وهكذا ما كان من الصفات التي لا تليق بالمخلوق أن يتصف بها
والمقصود أيها الأحبة أن أكمل الناس عبودية لله عز وجل هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر مما يصبح لمثلهم أن يتصفوا به, فلا تحجبه عبودية اسم من هذه الأسماء عن عبودية اسم آخر, كمن يحجبه مثلاً التعبد لله باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم,, أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والاحسان عن أسماء العدل والجبروت ونحو ذلك
هذا بالنسبة للتعبد بأسمائه تعالى.
والنوع الثاني مما يتصل بالتعبد بها أيضاً وهو السؤال .
فيسأل العبد ربه والله يحب الداعين والسائلين (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) فيسأل ربه تعالى بهذه الأسماء الحسنى في كل مقام بما يناسبه ويليق به, فالله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يفعل ذلك ,
فيقول الداعي: اللهم اغفرلي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
كما جاء في الأدعية التي ذكرها الله تعالى في كتابه (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))
(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب))
وسليمان عليه السلام (( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب))
والخليل وإسماعيل عليهما السلام كان من دعائهما (( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور.
ولما سألته عائشة رضي الله عنها عما تدعو به في ليلة القدر علمها أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
فلا يقول اللهم إنك أنت القوي العزيز الجبار فاغفر لي!
وإنما يقول يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا رزاق ارزقني ويا جبار اجبرني... وهكذا في كل مقام بحسبه.
وإذا تأملت الأدعية الواردة في القرآن مثلاً وتأملت الثناء على الله والدعاء : وجدت أن الثناء غالباً يأتي مضافاً لأسماء الله الحسنى الظاهرة دون الضمائر , نقول الحمد هذا ثناء , إضافة المحامد إلى الله عز وجل, وتكريره ثانياً هو الثناء, وذكره ثالثاً هو التمجيد
كما قال ابن تيمية رحمه الله
الحمد لله , أضافه إلى اسمه تبارك وتعالى الظاهر هنا , يعني ما أضافه إلى الضمير ما قال الحمد له , قال الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم أضاف الحمد بأسمائه الظاهرة
وسر ذلك - والله أعلم - كما يقول الحافظ ابن القيم: بأن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى لما تضمنته معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فيأتي بالإسم الظاهر ولا يأتي بالضمير- لماذا؟ لأن الإسم الظاهر له دلالات لا يؤديها الضمير, لو تقول الحمد له فإن الضمير هنا لا يدل على صفة , لكن حينما تقول الحمد لله ( الله تعالى) هذا الاسم الكريم متضمن لصفة الإلهية وصفة الإلهية تتضمن كثيراً من الصفات
فإنه لا يكون إلهاً إلا من كان رباً, إلا من كان قادراً حكيماً عليماً مدبراً لهذا الكون يفعل ما يشاء, لا راد لحكمه ولا معقب لقضاءه ’ هذا هو الإله, ولهذا تقول الحمد لله الحمد لربي الحمد لخالقنا الحمد للكريم الحمد للعزيز الجبار المتكبر
فأنت تضيف الحمد أو الثناء للأسماء الظاهرة من أسماء الله الحسنى فلا تضيفه إلى الضمائر وذلك لأن هذه الأسماء تدل على أوصاف الكمال التي استحق الرب جل جلاله الحمد من أجلها ..
وأما الدعاء فإنه يأتي غالباً متعلقاً باسم الرب تبارك وتعالى
لماذا؟
أكثر دعاء الأنبياء كما قال الشاطبي وقال ذلك أيضاً الحافظ ابن القيم يأتي مع اسم الرب إذا تأملت ((ربنا ظلمنا أنفسنا)) (( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا)) (( رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي , وسر ذلك والله أعلم أن العطاء والتدبير والمنع والتصريف كل ذلك من معاني الربوبية, فإذا قال العبد رب اغفر لي فإنما يصدر من الرب تعالى من غفرٍ أو رزق أو إحياءٍ أو إماتة أو غير ذلك كل هذا من معاني ربوبيته
فإذا دعا العبد قال رب ارزقني, رب انصرني, رب اغفر لي وهكذا والله تعالى أعلم , فنحن نثني على الله تعالى بإلهيته المتضمنة بإثبات جميع ما يجب له من الصفات العُلى والأسماء الحسنى, ونسأله تعالى بربوبيته , وعلى كل حال انظر وتأمل ما في القرآن ((سبحان الله ))
((سبحان ربك رب العزة عما يصفون)) ((سبح لله ما في السماوات والأرض)) ((تبارك الله رب العالمين)) وما شابه ذلك.
هذه أربعة أركان لا بد منها للعبد حتى يؤمن بأسماء الله تبارك وتعالى وقد ذكر الحافظ ابن القيم في نونيته معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الباب, قال:
واشهد عليهم أنهم قد أثبتوا **** الأسماء والأوصاف للديان
وكذلك الأحكام أحكام الصـ **** ـفات وهذه الأركان للإيمان
قالوا عليمٌ وذو علم ويعلم **** غاية الإسرار والإعلان
إلى أن قال :
والوصف معنىً قائم بالذات **** والأسماء أعلام له بمزان
أسمائه دلت على أوصافه **** مشتقة منها اشتقاق معاني
وصفاته دلت على أسمائه **** والفعل مرتبط به الأمران
والحكم نسبتها إلى متعلقات **** تقتضي آثارها ببيان

هذه أمور أربعة..

رابعاً: وهو ما يتعلق بإحصاء الأسماء الحسنى
الحديث الذي ذكرناه في أول هذه الدروس (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))
ما معنى هذا الإحصاء ؟
هذه اللفظة في كلام العرب تأتي بمعنى العد - تقول مثلاً حصيت الحصى إذا عددته
ومن ذلك قول الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى *** وإنما العزة للكاسر
ويقولون للعد يقولون له إحصاء , فهذا معناه
ومن المعاني التي تأتي لهذه اللفظة يُقال حَصاة العقل
ومنه قول الشاعر:
وأن لسان المرء ما لم تكن له *** حصاة على عوراته لدليل
يقول أن اللسان إذا مافي عقل يحجزه من الإنفلات و الإنطلاق فيتكلم الإنسان في كل شئ ويحرف بما لا يعرف فإنه بذلك يدل على عوراته

وهناك معنى ثالث أيضاً: وهو الإطاقة (( علم أن لن تحصوه)) يعني تطيقوه فيما يتعلق بقيام الليل (( فتاب عليكم ))
طيب إذا كانت هذه معاني الإحصاء في كلام العرب فما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحصاها دخل الجنة)) ؟
هل المراد به العد ؟ أو المراد عقل معانيها ؟ أو المراد بذلك معنى آخر؟
- من أهل العلم من قال المراد بها العد, من أحصاها يعني استطاع أن يعدها, يعني جمعها, حفظها, أحاط بها والمقصود بالإحاطة عند هؤلاء يعني استطاع أن يستقرأ هذه الأسماء وأن يجمعها يعني أن يعرف ألفاظها. فهذا معنى ذهب إليه كثير من أهل العلم بالحديث واحتجوا برواية للحديث عند البخاري في الصحيح
وهي قوله صلى الله عليه وسلم (( من حفظها دخل الجنة))
قالوا إن كلمة أحصاها تحتمل عدة معاني وهذه الرواية تبين الإجمال الذي وقع فيها , من أحصاها أي حفظها,
وهذا ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله وقال به جماعة كالخطـّابي والنووي وعزاه النووي لأكثر أهل العلم وهو اختيار عبد الرحمن ابن الجوزي , وباب العلماء الذين قالوا بهذا القول
قال: إن الناس يتفاوتون في ذلك؛ وهذا المعنى التفاوت قد صرّح به القرطبي رحمه الله يقول إن مقتضى رحمة الله عز وجل أن يحصل هذا الإفضال والعطاء دخل الجنة على أقل ما يصدق عليه هذا اللفظ , من أحصاها , وهو مجرد حفظ بالألفاظ , يقول: فضل الله عز وجل عظيم؛ والله كريم؛ لماذا نُعقِّد هذه القضية ونقول الإحصاء أصعب مما تتخيلون وأمره ليس بالسهل وأمره شديد ولا يقع إلا للواحد بعد الواحد , لا , فنقول يصدق على أقل ما يمكن أن يُراد بهذه اللفظة , فمن عدّها فقد أحصاها ثم الكمال على درجات
يأتي فوقه من عرف معانيها, ويأتي فوقه من تعبد الله تعالى بهذه الأسماء وتعبده بالدعاء وتعبده أيضاً كما ذكرنا من ألوان العبوديات التي تقتضيها هذه الأسماء الحسنى , وهذا القول له وجه .
- ومن أهل العلم من قال إن الإحصاء هنا المراد به الإطاقة
قالوا إن قوله من أحصاها مفسراً بقول الله تعالى ((علم أن لن تحصوه )) أي أن لن تطيقوه
والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (( استقيموا ولن تُحصوا))
يعني لن تقدروا ولن تطيقوا أن تأتوا بالإستقامة على الوجه الكامل لكن سددوا وقاربوا
وقالوا أن المراد هنا أن العبد أن يطيق الأسماء الحسنى بمعنى أنه يُحسن المراعاة لها بعد أن يعرف ألفاظها هذه الأسماء المحصورة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله(( إن لله تسعاً وتسعين اسماً )) فإذا استطاع العبد أن يستقرأها عرف ألفاظها وأحسن المراعاة لها وعمل بمقتضاها
فإذا قال الله سميع بصير يعلم أن الله يسمعه ويراه وأنه لا تخفى عليه خافية فيخاف من الله عز وجل في سره وعلانيته , قالوا هذا هو المراد بالإحصاء.
- وذهبت طائفة أخرى إلى أن المراد بالإحصاء هو المعرفة وعقل المعاني
فيكون المراد((من أحصاها)) أي عرفها وعَقل معانيها وآمن بها دخل الجنة..
وهذا قال به أبو نعيم وقال به المفسر أبو عطية .
- ومن أهل العلم من حمله على أكمل معانيه وهو الذي ذهب إليه الحافظ ابن القيم رحمه الله
قال إن الإحصاء لا يكون إلا بمعرفة الأسماء بأن يجمعها العبد ويعرف ألفاظها وأن يعرف معانيها وأن يتعبد لله تعالى بمقتضاها, لا بد من هذه الأمور الثلاثة .
- ومن أهل العلم من قال بأن المقصود بالإحصاء هو أن يقرأ القرآن كاملاً ,, وهذا يمكن أن يوجه كما قال الحافظ ابن الحجر رحمه الله أنهم قصدوا بذلك أن هذه الأسماء موجودة في القرآن فإذا قرأ العبد كتاب الله فإنه يكون بذلك قد مر على جميع الأسماء الحسنى
يعني أنه يتتبع ذلك من القرآن ..

وعلى كل حال لا شك أنه من تمام المعرفة بأسماء الله وصفاته التي يستحق بها ما ذكر في الحديث دخل الجنة, نعم , هو أن يعرف العبد الألفاظ وأن يعرف مدلولات هذه الألفاظ وإذا كان ذلك لا يؤثر فيه عملاً ولا إيماناً فإن هذا العلم من العلم الذي لا يُنتفع به فيحتاج العبد إلى أن تظهر آثارها عليه بقلبه ولسانه وجوارحه وهذا الذي ذكره كثير من أهل العلم , كالطلمنكي من أهل السنة وطائفة
ومثل القرطبي قال هذه مراتب ثلاث لأهل الإيمان كما يُقال مثلاً بأن هناك مرتبة للسابقين ومرتبة للصديقين ومرتبة لأصحاب اليمين, فمن عرف ألفاظها فقط فهذا من أهل اليمين , ومن عرف المعاني فهذا من الصديقين, ومن عمل بمقتضاها فهو من السابقين.
وعلى كل حال هذا المعنى ذكره جماعة ولا حاجة للتطويل فيه أكثر من هذا.

خامساً: هل أسماء الله تعالى محصورة بعدد معين ؟
الى هنا انتهى تفريغ بدر الدجى جزاها الله خيرا فمن تتطوع فتكمل بقية الدرس ؟؟؟؟
جزاكم الله خيرا



توقيع أم أسماء
قال ابن القيم رحمه الله:
(القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية
ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر
ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى
ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة)
أم أسماء غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 10:53 AM   #2
أم جهاد وأحمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

غاليتي بدر الدجى

ما شاء الله تبارك الرحمان

أعجز عن شكرك وتقديرك حبيبتي

ولن أجد أحسن من أن أسأل الله تعالى أن يجعلك من أهل الفردوس الأعلى من الجنة

اللهم آمين برحمتك يا أرحم الراحمين



توقيع أم جهاد وأحمد
اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل
أم جهاد وأحمد غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 12:56 PM   #3
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله في تلك الانامل ........ وجزاك الله عنا خيرا

وجعل عملك كله صالحا ولوجهه خالصا .........

وهكذا هي همة طالب العلم ................

وبعد هذا المجهود الذي بذلتيه ......... أهديك هذا الشريط لتستجمي معه ولتشحذي الهمة من جديد

وهو ترجمة للامام النووي لشيخنا - شيخ الدورة - خالد السبت

وهو شريط اكثر من رائع جعله الله في موازينه وجزاه عن طلبة العلم خير الجزاء :

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=21606



توقيع أم كلثوم


إذا سـرّ بالسراء عمّ سرورها *** وإن مسّ بالضـراء أعقبها الأجـــر

وما منهما إلا لـه فيه نــعمة *** تضيق بها الأوهام والبــر والبحــر



أم كلثوم غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 01:01 PM   #4
ام عمرو
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 74
ام عمرو is on a distinguished road
m تكملة الدرس الثالث من سلسلة دروس الاسماء الحسنى

هل أسماء الله عزوجل محصورة بعدد معين؟؟الحديث يقول {إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة } ما المقصود؟ هل المقصود أن اسماء الله محصورة بتسعة وتسعين؟أو أن المقصود أن هذه الأسماء التي أشار إليها النبي" صلى الله عليه وسلم"لها مزية معينة وهي أن من أحصاها دخل الجنة ؟ العلماء رحمهم الله مختلفون في عدد اسماء الله الحسنى فعامة أهل العلم الذي عليه أهل الجمهور يقولون بأن اسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر, ولا تحد بعدد يمكن أن يصل إليه الخلق . أسماء الله أكثر من أن نحيط بها, هذا الذي عليه عامة أهل العلم وهو القول الذي لا ينبغي العدول عنه, وهو مذهب سلف هذه الأمة, وذهب أخرون بل إن من أهل العلم كالنووي من قال أنه محل إجماع , والصحيح أن الإجماع لايثبت في هذا لأنه يوجد من خالف كابن حزم والسهيلي والرازي قالوا أنها محصورة والذين قالوا أنها محصورة إختلفوا في العدد فبعضهم قال أنها محصورة في ثلاثمائة إسم وهذا لا دليل عليه, ومنهم من قال ألف ومنهم من قال ألف وواحد ومنهم من قال أربعة الاف ومنهم من يقول مئة الف وأربعة وعشرون ألف عدد الأنبياء وهذا لا دليل عليه ,ومنهم من يقول أن اسماء الله هي تسعة وتسعين إسماً فقط هكذا فهموا من الحديث ومجموع ماذكره العادون مما يصلح أن يكون اسماً لله عز وجل أو لا يكون . الذين حاولوا جمع الأسماء كثير خلق من العلماء بعضهم ألف في ذلك مصنف مستقل و وبعضهم ذكره ضمن كتاب من كتبه فلو إستقرئنا , حاولنا أن نستقرء كل ما ذكروه مما يصلح أن يكون اسماً لله ومما لايصلح فإن ذلك يزيد على مئتين وثمانين اسماً هذا جملت ما عده العادون. وعلى كل حال مما دل على أن اسماءالله عز وجل لاتحصر بعدد ما جاء بحديث عائشة "رضي الله عنها" عن النبي "صلى الله عليه وسلم" { اللهم أعوذ برضاك من سخطك, وبمعافاتك من عقوبتك,وبك منك لاأحصي ثناءاً عليك أنت كما أحصيت على نفسك } وجه الأستدلال أنه لوكان يحصي جميع الأسماء الحسنى لأحصى الثناء على الله تبارك وتعالى هكذا استدل به أهل العلم كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في باب التعارض وغيره, وكذلك حديث الشفاعة طويل {ومنه ثم يفتح الله علي من محامده وخصي الثناء عليه شيء لم يفتحه على أحد قبلي} .وكذلك ايضاً حديث عبدالله ابن مسعود"رضي الله عنه" أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال :{ ما أصاب عبدٌ همٌ ولاحزن فقال اللهم إني عبدك و ابن عبدك وابن أمتك إلى أن قال : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك وهذا أوضح الأدلة على أن من اسماء الله عز وجل مالم يطلع عليه أحد من الخلق لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والنبي "صلى الله عليه وسلم "جعل الاسماء على هذه الأقسام الثلاثة: قسم أنزله في كتابه ,وقسم علمه أحد من حلقه,وقسم أستأثربه في علم الغيب عنده.وبهذا نعرف ان الواجب علينا إزاء اسماء الله عز وجل وصفاته التي إستأثربها في علم الغيب عنده أن نقر بالعجز والوقوف عند ماأذن لنا فيهم من ذلك , نؤمن بالأسماء التي أخبرنا عنها , ونكل علم مالم نعلم إلى عالمه . وأما الحديث قول النبي "صلى الله عليه وسلم" : { أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة } فإن قوله { من أحصاها دخل الجنة } هذه صفة وليس بخبر يعني أن لله تسعة وتسعين اسمالها شأن خاص .فهمتم هذا أن لله تسعة وتسعين اسما من بين اسماءه لها مزية خاصة كما نقول مثلاً : لفلان خمسة قد أعدها للضيوف وكما نقول :لفلان الف ريال قد أعدها للدقة . هل نفهم من هذا أن كل مايملكه هو الف أو أن كل الدور التي عنده هي خمسه فقط ,لا وإنما هذه الألف من شأنها كذا والله تبارك وتعالى له تسعة وتسعون اسماً لها مزية وشأن خاص , وهو "أن من أحصاها دخل الجنة" وهذا لاينفي عنه أن يكون له اسماء أخرى غير هذه الأسماء . هكذا قال المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية والخطابي والحافظ ابن حجر والقرطبي" صاحب المفهم"والبيهقي . بل نقل الإمام النووي رحمه الله أن هذا الحديث المذكور ليس للحصر قال: إن هذا بإتفاق من العلماء وهو الذي قال به الحافظ ابن كثير رحم الله الجميع . نحن مازلنا في هذه المقدمة ولمّا ندخل بعد في الكلام على هذه الاسماء على حدى. لكن أرى أن هذه المقدمة في غاية الأهمية وهي توطئة لماسيذكر في الكلام على الاسماء , فنحن سنتكلم على معنى كل اسم وسنتكلم على مايتعلق به من حكم وسنتحدث عن أثاره الإيمانية وما اشبه هذا , فإذا عرفنا هذه القضايا التي التي نذكرها الأن بعد ذلك يمكن للإنسان أن يدرك ما يقال ويربط بين هذه القضايا ويعلم أن هذا كله يدخل تحت الإيمان بهذه الاسماء الكريمة . وكنت أريد أن أذكر كل هذه المقدمات في درس واحد في الدرس الأول ثم رأيت أن مثل هذا لربما يجهض الفكرة ولايحصل منه المقصود .فاسأل تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى مايحبه ويرضاه , وصلى الله على محمد وآله وصحبه .


إنتهى الدرس جزى الله شيخنا كل خير ونفعنا بما علمنا



توقيع ام عمرو
[SIGPIC][/SIGPIC]
ام عمرو غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 01:13 PM   #5
أم أسماء
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-05-2007
المشاركات: 7,201
أم أسماء is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله فيك أختي أم عمرو وجعله في ميزان حسناتك
أم أسماء غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 03:35 PM   #6
نور الصباح
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 29-08-2007
المشاركات: 352
نور الصباح is on a distinguished road
افتراضي

والله اعلم بقيت الاسئلة والرد عليها من الشريط الثالث



توقيع نور الصباح
[SIGPIC][/SIGPIC]
نور الصباح غير متواجد حالياً  
قديم 26-02-08, 08:45 PM   #7
إشراقة النور
|نتعلم لنعمل|
 
تاريخ التسجيل: 18-01-2007
المشاركات: 2,977
إشراقة النور is on a distinguished road
افتراضي

ما شاء الله لا قوة إلا بالله

بارك الله فيكم أخواتي
جزاكم الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتكم
إشراقة النور غير متواجد حالياً  
قديم 27-02-08, 05:54 AM   #8
ورد وريحان
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 27-11-2007
المشاركات: 196
ورد وريحان is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله فيك اختي بدر الدجى على همتك العالية مع اني سبحان الله كنت انوي تفريغ هذا الدرس واستمعت اليه وكتبته حرف حرف وبقي نقله وتفريغه لكن ما شاء الله عليك همة كبيرة في طلب العلم ولك اجر بتسهيله للناس فجزاك الله خيرا ونفع بك
ورد وريحان غير متواجد حالياً  
قديم 27-02-08, 06:59 AM   #9
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

جزاكم الله خيرا جميعاً
وأشكر لكم كلماتكم الجميلة وتشجيعكم لي
وجزاك الله خيرا غاليتي أم أسماء
والحمد لله الذي يسر لي تفريغ الدرس
وبالنسبة لأسئلة الشيخ سأكتبها لكم
لكن كان التفريغ الكامل للدرس ضاع من عندي
وما وجدته في الجهاز
بس الحمد لله مع عمليات البحث وجدته
فالآن عندي التفريغ كامل
وسيأتيكم اليوم ان شاء الله
وعذراً يا أم أسماء لأني تأخرت عليك



توقيع سمية ممتاز
,,


سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 27-02-08, 07:52 AM   #10
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

أختي أم كلثوم أشكرك على هذا الإهداء وجزاك الله خيرا..
أختي الساعية جزاك الله خيرا وجمعنا في الفردوس..
أختي أم عمرو جزاك الله خيرا على اكمال التفريغ ..
أختي ورد وريحان لك أجر النية بإذن الله
أختي اشراقة وجزاك الله خيرا
وفقكن الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لأول مرة:شرح عمدة الفقه من المجد العلمية بجودة عالية@@تـضاف تـبـاعا @@ فرشى التراب مكتبة طالبة العلم الصوتية 3 20-09-06 10:20 PM


الساعة الآن 11:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .