|
20-02-08, 05:19 AM | #1 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
21-12-2007
المشاركات: 150
|
سوء الظن بالله تعالى
إن الله عز و جل موصوفٌ بصفات الكمال ، و له جل و علا أفعال الحكمة ، و أفعال العدل ، و أفعال الرحمة و البرّ ، فهو سبحانه كاملٌ في أسمائه و صفاته و ربوبيته ، و من كماله في ربوبيته ، و في أسمائه و صفاته أنه لا يفعل الشيء إلا لحكمةٍ بالغةٍ ، و الحكمة : هي أنه جل و علا يضع الأمور في مواضعها التي توافق الغايات المحمودة منها ، و هذا دليل الكمال ، فله سبحانه صفات الكمال , و نعوت الجلال و الجمال ، فلهذا وجب لكماله جل و علا أن يُظنّ به ظنّ الحقّ ، و أن لا يُظنّ به ظنّ السوء ، و أن يُعتقد فيه ما يجب لجلاله من تمام الحكمة و كمال العدل و كمال الرحمة و كمال أسمائه و صفاته سبحانه و تعالى ([1]) . و هذا السبب أي سوء الظنّ مترتّبٌ غالبًا على الغلوّ في الصالحين ، فإن الشخص إذا غلا في المخلوق و جهل حقّ الله سبحانه ، اتّخذ المخلوق وسيطًا يقرّبه إلى الله ، فيعطفه عليه في قضاء حاجاته ، فيكون بذلك قد أساء الظنّ بربه سبحانه و بفضله و إحسانه عليه ، قال تعالى: ]يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ [ ([2]) ، و يقول سبحانه متوعّدًا من يظنّ به الظنّ السيء : ]وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [ ([3]) . و قد يكون سوء الظنّ بالله أحيانًا غير ناتجٍ عن الغلوّ في المخلوق ، و ذلك كمن يصف الله عز و جل الكامل من جميع الوجوه بصفات المخلوق الناقص ([4]) . و السؤال : كيف كان سوء الظن بالله سببًا من أسباب الشرك ؟ وقع الشرك في كثيرٍ من الأمم بسبب سوء ظنّهم بالله ، و ذلك أنهم ظنّوا أن الله سبحانه و تعالى لا يقبل عبادةً إلا بواسطةٍ من خلقه ، و أن هذه الواسطة لا بد أن يكون لها جاهٌ عند الله كالأنبياء و الأولياء ، و قاسوا الله سبحانه على خلقه إذ قالوا : إن ملوك الدنيا لا يدخل عليهم أحدٌ إلا بواسطةٍ ، فوجب اتخاذ الوسائط مع الله ، فأساءوا ظنهم بربهم حيث قاسوه على خلقه ، و حيث زعموا أنه لا يقبل من خلقه إلا بواسطةٍ ، فوقعوا في الشرك به سبحانه . قال ابن القيم _رحمه الله_ : و من ظنّ أن له ولدًا أو شريكًا أو أن أحدًا يشفع عنده بدون إذنه ، أو أن بينه و بين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه ، أو أنه نصب لعباده أولياء من دونه يتقرّبون بهم إليه ، و يتوسّلون بهم إليه و يجعلونهم وسائط بينهم و بينه ، فيدعونهم و يحبّونهم كحبّه و يخافونهم و يرجونهم ، فقد ظنّ به أقبح الظنّ و أسوأه ([5]) . و ألخّص الكلام عن سوء الظنّ بالله في الفروع التالية : الفرع الأول : أنواع الظنّ بالله : الظنّ بالله عز وجل على نوعين ([6]) : الأول : أن يظنّ بالله خيرًا ، و الثاني : أن يظنّ بالله شرًّا ، و الأول له متعلّقان : 1_ متعلّقٌ بالنسبة لما يفعله في هذا الكون ، فهذا يجب عليك أن تحسن الظنّ بالله عز وجل فيما يفعله في هذا الكون ، و أن تعتقد أنّ ما فعله إنما هو لحكمةٍ بالغةٍ ، قد تصل العقول إليها و قد لا تصل ، و بهذا تتبيّن عظمة الله و حكمته في تقديره ، فلا يظنّ أن الله إذا فعل شيئًا في الكون فعله لإرادةٍ سيئةٍ ، حتى الحوادث و النكبات لم يحدثها الله لإرادة السوء المتعلق بفعله ، أما المتعلق بغيره بأن يحدث ما يريد به أن يسوء هذا الغير فهذا واقعٌ ، كما قال تعالى : ] قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً [ ([7]) . 2_ تعلّقٌ بالنسبة لما يفعله بك ، فهذا يجب أن تظن بالله أحسن الظنّ ، لكن بشرط أن يوجد لديك السبب الذي يوجب الظن الحسن ، و هو أن تعبد الله على مقتضى شريعته مع الإخلاص ، فإذا فعلت ذلك فعليك أن تظنّ أن الله يقبل منك ، و لا تسيء الظنّ بالله بأن تعتقد بأنه لن يقبل منك ، و كذلك إذا تاب الإنسان من الذنب ، فيحسن الظنّ بالله أنه يقبل منه ، و لا يسيء الظن بالله بأن يعتقد أنه لا يقبل منه ، و أما إن كان الإنسان مفرّطًا في الواجبات فاعلاً للمحرّمات ، وظنّ بالله ظنًّا حسنًا ، فهذا هو ظنّ المتهاون المتهالك في الأمانيّ الباطلة ، بل هو من سوء الظنّ بالله ، إذ إن حكمة الله تأبى مثل ذلك . النوع الثاني : و هو أن يظنّ بالله سوءًا ، مثل أن يظنّ في فعله سفهًا أو ظلمًا أو نحو ذلك ، فإنه من أعظم المحرّمات و أقبح الذنوب ، كما ظنّ المنافقون و غيرهم ممن يظنّ بالله غير الحقّ . -------------------------------------------------------------------------------- (1) مستفاد من كتاب : التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص 539_540 . (2) آل عمران : 154 . (3) الفتح : 6 . (4) الشرك في القديم و الحديث ( 1 / 574 _ 575 ) . (1) زاد المعاد ( 3 / 209 ) . (2) مستفاد من كتاب : القول المفيد ( 2 / 382 _ 383 ) . (3) الأحزاب : 17 نقلته لكم من هذا الموقع / http://www.sunnah.org.sa/index.php? |
20-02-08, 07:55 AM | #2 |
~ كن لله كما يُريد ~
|
جزاكِ الله خيراً أختي اللافندر ..
أحسن الله إليك .. ذكرتيني بمصدر الموضوع فهو من المواقع المهمة والرئعة .. لاحرمكِ الله الأجر .. |
20-02-08, 03:30 PM | #3 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
21-12-2007
المشاركات: 150
|
اللهم آمين وإياك.
|
21-02-08, 11:57 PM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
تاريخ التسجيل:
23-01-2008
المشاركات: 405
|
جزاك الله خيرا الافندر .......
ومما يحمي العبد من سوء الظن بربه معرفة ربه باسمائه الحسنى وصفاته العليا وان له صفات الكمال والجلال ...... اعتقد المنافقون ان الله لن ينصر نبيه ولن ينصر دينه ...والله عليم حكيم يعلم الوقت المناسب للنصرة ....... فكان صلح الحديبية فتحا كما سماه الحق جل شانه وقع الإمان وانتشر الإسلام ودخل الناس في تلك المدة أفواجا في الإسلام .... وكانت فيه اسباب فتح مكة ...... لكنهم نطقوا بما في قلوبهم من سوء الظن بالله ..... وهذا حاصل وواقع عند كثير من الناس من الشعور بأن هذا الدين مخذول والامة منهزمة والنظرة السوداوية و أن حال المسلمين لن ينصلح .... مع ان دين الاسلام سينتصر ولو بعد حين ....... والبشارات ظاهرة للعيان من انتشار الصحوة العلمية وعلوم التوحيد في أرجاء المعمورة و انتشار العلم الشرعي هو اول خطوة في طريق الإحياء بعد الإماتة ( أفمن كان ميتا فأحييناه ) و من بعده ياتي الإيمان و الطاعة ...... من مظاهر سوء الظن المنتشرة أيضا عند رؤية اهل البلاء ( أنهم حرام ما يستاهلون ) خصوصا إن كانوا صالحين وهذه الكلمة هي الحرام منافية لكمال التوحيد فالحق سبحانه يبتلي لحكم عظيمة بالغة قد تخفى علينا ولا ندرك إلا اليسير منها ........ ذكر منها ابن القيم فوق الأربعين في مفتاح دار السعادة ....... بارك الله فيك اختي اللافندر على هذه التذكرة |
25-02-08, 05:27 AM | #5 |
~مشارِكة~
تاريخ التسجيل:
21-12-2007
المشاركات: 150
|
وفيكم بارك الله , لاحرمكم ربي الأجر والمثوبة . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|