عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-12, 07:58 PM   #2
نور الزعبي
|طالبة في المستوى الثاني1 |
 
تاريخ التسجيل: 03-12-2010
المشاركات: 421
نور الزعبي is on a distinguished road
افتراضي

* الآية الخامسة إلى السابعة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏
الخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمره الله أن يقول للناس‏:‏ ‏{‏تعالوا‏}‏؛ أي أقبلوا، وهلموا، وأصله من العلو كأن المنادي يناديك أن تعلو إلى مكانه، فيقول‏:‏ تعالى؛ أي‏:‏ ارتفع إلي‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏أتل‏}‏ بالجزم جوابًا للأمر في قوله‏:‏ ‏{‏تعالوا‏}‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏"‏ما‏"‏ اسم موصول مفعول لأتل، والعائد محذوف، والتقدير‏:‏ ما حرمه ربكم عليكم‏.‏
وقال‏:‏ ‏{‏ربكم‏}‏ ولم يقل‏:‏ ما حرم الله؛ لأن الرب هنا أنسب، حيث إن الرب له مطلق التصرف في المربوب، والحكم عليه بما تقتضيه حكمته‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏ألا تشركوا‏}‏ أن‏:‏ تفسيرية، تفسر ‏{‏أتل ما حرم‏}‏؛ أي‏:‏ أتلو عليكم ألا تشركوا به شيئًا، وليست مصدرية، وقد قيل به، وعلى هذا القول تكون ‏"‏لا‏"‏ زائدة، ولكن القول الأول أصح، أي‏:‏ أتل عليكم عدم الإشراك؛ لأن الله لم يحرم علينا أن لا نشرك به، بل حرم علينا أن نشرك به، وما يؤيد أنّ ‏"‏أنْ‏"‏ تفسيرية أن ‏"‏لا‏"‏ هنا ناهية لتتناسب الجمل؛ فتكون كلها طلبية‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏، أي‏:‏ وأتل عليكم الأمر بالإحسان إلى الوالدين‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم‏}‏، بعد أن ذكر حق الأصول ذكر حق الفروع‏.‏
والأولاد في اللغة العربية‏:‏ يشمل الذكر والأنثى، قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 11‏]‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏من إملاق‏}‏، الإملاق‏:‏ الفقر، و ‏{‏من‏}‏ للسببية والتعليل؛ أي‏:‏ بسبب الإملاق‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ‏}‏، أي‏:‏ إذا أبقيتموهم؛ فإنّ الرزق لن يضيق عليكم بإبقائهم، لأن الذي يقوم بالرزق هو الله‏.‏
وبدأ هنا برزق الوالدين؛ وفي سورة الإسراء بدأ برزق الأولاد، والحكمة في ذلك أنه قال هنا‏:‏ ‏{‏من إملاق‏}‏؛ فالإملاق حاصل، فبدأ بذكر الوالدين اللذين أملقا، وهناك قال‏:‏ ‏{‏خشية إملاق‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 31‏]‏؛ فهما غنيان، لكن يخشيان الفقر، فبدأ برزق الأولاد قبل رزق الوالدين‏.‏
وتقييد النهي عن قتل الأولاد بخشية الإملاق بناءٍ على واقع المشركين غالبًا، فلا مفهوم له‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ‏}‏، لم يقل‏:‏ لا تأتوا؛ لأن النهي عن القرب أبلغ من النهي عن الإتيان؛ لأن النهي عن القرب نهي عنها، وعما يكون ذريعة إليها، ولذلك حَرُم على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، وأن يخلو بها، وأن تسافر المرأة بلا محرم؛ لأن ذلك يقرب من الفواحش‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ‏}‏، قيل‏:‏ ما ظهر فحشه، وما خفي؛ لأن الفواحش منها شيء مستفحش في نفوس جميع الناس، ومنها شيء فيه خفاء‏.‏
وقيل‏:‏ ما أظهرتموه، وما أسررتموه، فالإظهار‏:‏ فعل الزنا - والعياذ بالله - مجاهرةً، والإبطان فعله سرًا‏.‏
وقيل‏:‏ ما عظم فحشه، وما كان دون ذلك؛ لأنّ الفواحش ليست على حد سواء، ولهذا جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏ألا أنبئكم بأكبر الكبائر‏)‏‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الشهادات/ باب ما قيل في شهادة الزور، ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان/ باب بيان الكبائر‏)‏‏.‏‏]‏، وهذا يدل على أن الكبائر فيها أكبر وفيها ما دون ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ‏}‏، النفس التي حرم الله‏:‏ هي النفس المعصومة، وهي نفس المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن؛ بكسر الميم‏.‏
والحق‏:‏ ما أثبته الشرع‏.‏
والباطل‏:‏ ما نفاه الشرع‏.‏
فمن الحق الذي أثبته الشرع في قتل النفس المعصومة أن يزني المحصن فيرجم حتى يموت، أو يقتل مكافئه، أو يخرج على الجماعة، أو يقطع الطريق؛ فإنه يقتل، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث‏:‏ النفس بالنفس، والثّيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الديات/ باب قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏أن النفس بالنفس‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏(‏، ومسلم‏:‏ كتاب القسامة/ باب ما يباح به دم المسلم‏.‏‏]‏‏.‏
وقال هناك‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ‏}‏، وقال قبلها‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم‏}‏؛ فيكون النهي عن قتل الأولاد مكررًا مرتين‏:‏ مرة بذكر الخصوص، ومرة بذكر العموم‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ‏}‏، المشار إليه ما سبق، والوصية بالشيء هي العهد به على وجه الاهتمام، ولهذا يقال‏:‏ وصيته على فلان؛ أي‏:‏ عهدت به إليه ليهتم به‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏تعقلون‏}‏، العقل هنا‏:‏ حسن التصرف، وأما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا َعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 3‏]‏، فمعناه‏:‏ تفهمون‏.‏
وفي هذا دليلٌ على أن هذه الأمور إذا التزم بها الإنسان؛ فهو عاقل رشيد، وإذا خالفها؛ فهو سفيه ليس بعاقل‏.‏
وقد تضمنت هذه الآية خمس وصايا‏:‏
الأولى ‏:‏ توحيد الله‏.‏
الثانية ‏:‏ الإحسان بالوالدين‏.‏
الثالثة ‏:‏ أن لا نقتل أولادنا‏.‏
الرابعة‏:‏ أن لا نقرب الفواحش‏.‏
الخامسة ‏:‏ أن لا نقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏}‏، قوله‏:‏ ‏{‏ولا تقربوا‏}‏ هذا حماية لأموال اليتامى أن لا نقربها إلا بالخصلة التي هي أحسن؛ فلا نقربها بأي تصرف إلا بما نرى أنه أحسن، فإذا لاح للولي تصرفان أحدهما أكثر ربحًا؛ فالواجب عليه أن يأخذ بما هو أكثر ربحًا لأنه أحسن‏.‏
والحسن هنا يشمل‏:‏ الحسن الدنيوي، والحسن الديني، فإذا لاح تصرفان أحدهما أكثر ربحًا وفيه ربًا، والآخر أقل ربحًا وهو أسلم من الربا؛ فنقدم الأخير؛ لأن الحسن الشرعي مقدم على الحسن الدنيوي المادي‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏حتى يبلغ أشده‏}‏، ‏{‏حتى‏}‏ هنا‏:‏ حرف غاية؛ فما بعدها مخالف لما قبلها‏.‏
أي‏:‏ إذا بلغ أشده؛ فإننا ندفعه إليه بعد أن نختبره، وننظر في حسن تصرفه، ولا يجوز لنا أن نبقيه عندنا‏.‏
ومعنى أشده‏:‏ قوته العقلية والبدنية، والخطاب هنا لأولياء اليتامى أو للحاكم على قول بعض أهل العلم، وبلوغ الأشد يختلف، والمراد به هنا الأشد الذي يكون به التكليف، وهو تمام خمسة عشرة سنة، أو إنبات العانة أو الإنزال‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ‏}‏، أي‏:‏ أوفوا الكيل إذا كلتم فيما يكال من الأطعمة والحبوب‏.‏
وأوفوا الميزان‏:‏ إذا وزنتم فيما يوزن؛ كاللحوم مثلًا‏.‏
والأمر بالإيفاء شاملٌ لجميع ما تتعامل به مع غيرك؛ فيجب عليك أن توفي بالكيل والوزن وغيرهما في التعامل‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏بالقسط‏}‏، أي‏:‏ بالعدل، ولما كان قوله‏:‏ ‏{‏بالقسط‏}‏ قد يشق بعض الأحيان؛ لأن الإنسان قد يفوته أن يوفي الكيل أو الوزن أحيانًا، أعقب ذلك بقوله‏:‏ ‏{‏لا نكلف نفسًا إلا وسعها‏}‏، أي‏:‏ طاقتها، فإذا بذل جهده وطاقته، وحصل النقص؛ فلا يعد مخالفًا؛ لأن ما خرج عن الطاقة معفو عنه فيه، كما أن هذه الجملة تفيد العفو من وجه، وهو ما خرج عن الوسع؛ فإنها تفيد التغليظ من وجه، وهو أن على المرء أن يبذل وسعه في الإيفاء بالقسط، ولكن منى تبين الخطأ وجب تلافيه لأنه داخل في الوسع‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ‏}‏، معناه‏:‏ أي قول تقوله؛ فإنه يجب عليك أن تعدل فيه، سواء كان ذلك لنفسك على غيرك، أو لغيرك على نفسك، أو لغيرك على غيرك، أو لتحكم بين اثنين؛ فالواجب العدل؛ إذ العدل في اللغة الاستقامة، وضده الجور والميل، فلا تمل يمينًا ولا شمالًا، ولم يقل هنا ‏{‏لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏؛ لأن القول لا يشق فيه العدل غالبًا‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى‏}‏، أي‏:‏ المقول له ذا قرابة، أي‏:‏ صاحب قرابة، فلا تحابيه لقرابته، فتميل معه على غيره من أجله؛ فأجعل أمرك إلى الله - عزّ وجلّ- الذي خلقك، وأمرك بهذا، وإليه سترجع‏.‏ ويسألك - عز وجل - ماذا فعلت في هذه الأمانة‏.‏
وقد أقسم أشرف الخلق، وسيد ولد آدم، وأعدل البشر، محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال‏:‏ ‏(‏وايم الله؛ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت؛ لقطعت يدها‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الحدود/ باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، ومسلم‏:‏ كتاب الحدود/ باب قطع السارق الشريف‏.‏
‏]‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ‏}‏، قدم المتعلق؛ للاهتمام به، وعهد الله‏:‏ ما عهد به إلى عباده، وهي عبادته سبحانه وتعالى والقيام بأمره؛ كما قال عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 12‏]‏، هذا ميثاق من جانب المخلوق، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 12‏]‏، هذا من جانب الله - عز وجل -‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏، هذه الآية الكريمة فيها أربع وصايا من الخالق عز وجل‏:‏
الأولى‏:‏ أن لا نقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن‏.‏
الثانية‏:‏ أن نوفي الكيل والميزان بالقسط‏.‏
الثالثة‏:‏ أن نعدل إذا قلنا‏.‏
الرابعة‏:‏ أن نوفي بعهد الله‏.‏
والآية الأولى فيها خمس وصايا‏.‏ صار الجميع تسع وصايا‏.‏
ثم قال عز وجل‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ‏}‏، هذه هي الوصية العاشرة، فقوله‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي‏}‏ يحتمل أن المشار إليه ما سبق؛ لأنك لو تأملته وجدته محيطًا بالشرع كله؛ إما نصًا، وإما إيماءً، ويحتمل أن المراد به ما علم من دين الله؛ أي‏:‏ هذا الذي جاءكم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو صراطي؛ أي‏:‏ الطريق الموصل إليه سبحانه وتعالى‏.‏
والصراط يضاف إلى الله - عز وجل ـ، ويضاف إلى سالكه؛ ففي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 7‏]‏ هنا أضيف إلى سالكه، وفي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 53‏]‏ هنا أضيف إلى الله - عز وجل - ؛ فإضافته إلى الله - عز وجل - لأنه موصل إليه، ولأنه هو الذي وضعه لعباده - جل وعلا ـ، وإضافته إلى سالكه لأنهم هم الذين سلكوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏مستقيمًا‏}‏ هذه حال من ‏"‏صراط‏"‏؛ أي‏:‏ حال كونه مستقيمًا لا اعوجاج فيه فاتبعوه‏.‏
قوله ‏{‏وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ‏}‏ السبل؛ أي‏:‏ الطرق الملتوية الخارجة عنه‏.‏
وتفرق‏:‏ فعل مضارع منصوب بأن بعد فاء السببية، لكن حذفت منه تاء المضارعة، وأصلها‏:‏ ‏"‏تتفرق‏"‏، أي أنكم إذا اتبعتم السبل تفرقت بكم عن سبيله، وتشتت بكم الأهواء وبعدت‏.‏
وهنا قال‏:‏ ‏{‏السبل‏}‏‏:‏ جمع سبيل، وفي الطريق التي أضافها الله إلى نفسه قال‏:‏ ‏{‏سبيله‏}‏ سبيل واحد؛ لأن سبيل الله - عز وجل - واحد، وأما ما عداه؛ فسبل متعددة، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة‏)‏ ‏[‏مسند الإمام أحمد ‏(‏2/332‏)‏، ‏(‏3/145‏)‏، ‏(‏4/120‏)‏، وسنن أبي داود ‏(‏4596‏)‏، والترمذي ‏(‏2640‏)‏، وابن ماجة‏(‏3991‏)‏، والحاكم وصححه ‏(‏1/128‏)‏‏.‏
‏]‏؛ فالسبيل المنجي واحد، والباقية متشعبة متفرقة، ولا يرد على هذا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 16‏]‏، لأن ‏"‏سبل‏"‏ في الآية الكريمة؛ وإن كانت مجموعة؛ لكن أضيفت إلى السلام فكانت منجية، ويكون المراد بها شرائع الإسلام‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏، أي‏:‏ ذلك المذكور وصاكم لتنالوا به درجة التقوى، والالتزام بما أمر الله به ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
* * *
قال ابن مسعود‏:‏ ‏(‏من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ـ صل الله عليه وسلم ـ التي عليها خاتمة؛ فليقرأ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 151 - 153‏]‏ الآية ‏[‏الترمذي ‏(‏أبواب تفسير القرآن، 8/230‏)‏، وقال‏:‏ ‏"‏ غريب‏"‏‏.‏
‏]‏‏.‏
* قوله‏:‏ قال ابن مسعود‏:‏ ‏(‏من أراد‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ إلخ‏.‏ الاستفهام هنا للحث والتشويق، واللام في قوله‏:‏ ‏"‏فليقرأ‏"‏ للإرشاد‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏وصية محمد‏"‏، الوصية بمعنى العهد، ولا يكون العهد وصية إلا إذا كان في أمر هام‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏، أي‏:‏ رسول الله محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا التعبير من ابن مسعود يدل على جواز مثله، مثل‏:‏ قال محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووصية محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا ينافي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 63‏]‏؛ لأن دعاء الرسول هنا أي‏:‏ مناداته؛ فلا تقولوا عند المناداة‏:‏ يا محمد‏!‏ ولكن قولوا‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أما الخبر؛ فهو أوسع من باب الطلب، ولهذا يجوز أن تقول‏:‏ أنا تابعٌ لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو اللهم‏!‏ صل على محمد، وما أشبه ذلك‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏التي عليها خاتمه‏)‏، الخاتم بمعنى التوقيع‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وصية محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ ليست وصية مكتوبة مختومًا عليها؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يوص بشيء، ويدل لذلك‏:‏ أن أبا جحيفة سأل علي بن أبي طالب‏:‏ هل عهد إليكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهمًا يؤتيه الله تعالى في القرآن، وما في هذه الصحيفة‏.‏ قيل‏:‏ وما في هذه الصحيفة‏؟‏ قال‏:‏ العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر ‏[‏‏)‏ البخاري‏:‏ كتاب الديات/باب العاقلة‏.‏‏]‏‏.‏
فلا يظنّ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوصى بهذه الآيات وصية خاصة مكتوبة، لكن ابن مسعود رضي الله عنه يرى أن هذه الآيات قد شملت الدين كلّه؛ فكأنها الوصية التي ختم عليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبقاها لأمته‏.‏
وهي آيات عظيمة، إذا تدبرها الإنسان وعمل بها؛ حصلت له الأوصاف الثلاثة الكاملة‏:‏ العقل، والتذكر، والتقوى‏.‏
وقوله‏:‏ ‏"‏فليقرأ قوله تعالى‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏ إلخ الآيات سبق الكلام عليها‏.‏
* * *
وعن معاذ بن جبل ‏(‏رضي الله عنه‏)‏؛ قال‏:‏ ‏"‏كنت رديف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حمار، فقال لي‏:‏ ‏(‏يا معاذ‏!‏ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله‏؟‏‏)‏‏.‏ قلت‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا‏)‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏رديف‏"‏ بمعنى رادف؛ أي‏:‏ راكب معه خلفه؛ فهو فعيل بمعنى فاعل، مثل‏:‏ رحيم بمعنى راحم، وسميع بمعنى سامع‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏على حمار‏"‏، أي‏:‏ أهلي؛ لأن الوحشي لا يركب‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏أتدري‏"‏، أي ‏:‏ أتعلم‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏ما حق الله على العباد‏؟‏‏"‏، أي‏:‏ ما أوجبه عليهم، وما يجب أن يعاملوه به، وألقاه على معاذ بصيغة السؤال؛ ليكون أشد حضورًا لقلبه حتى يفهم ما يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وما حق العباد على الله‏؟‏‏)‏، أي‏:‏ ما يجب أن يعاملهم به، والعباد لم يوجبوا شيئًا، بل الله أوجبه على نفسه فضلًا منه على عباده، قال تعالى‏:‏ ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 54‏]‏‏.‏
فأوجب سبحانه على نفسه أن يرحم من عمل سوءًا بجهالة؛ أي‏:‏ بسفه وعدم حسن تصرف ثم تاب من بعد ذلك وأصلح‏.‏
ومعنى كتب؛ أي‏:‏ أوجب‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏قلت‏:‏ الله ورسوله أعلم‏)‏، لفظ الجلالة الله‏:‏ مبتدأ، و‏"‏رسوله‏"‏‏:‏ معطوف عليه، وأعلم‏:‏ خبر المبتدأ، وأفرد الخبر هنا مع أنه لاثنين؛ لأنه على تقدير‏:‏ ‏"‏مِنْ‏"‏، واسم التفضيل إذا كان على تقدير‏:‏ ‏"‏مِنْ‏"‏؛ فإن الأشهر فيه الإفراد والتذكير‏.‏
والمعنى‏:‏ أعلم من غيرهما، وأعلم مني أيضًا‏.‏
قوله‏:‏ ‏"‏يعبدوه‏"‏، أي‏:‏ يتذللوا له بالطاعة‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏ولا يشركوا به شيئًا‏}‏، أي‏:‏ في عبادته وما يختص به، وشيئًا نكرة في سياق النفي؛ فتعم كل شيء لا رسولًا ولا ملكًا ولا وليًا ولا غيرهم‏.‏
* * *
وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أفلا أبشر الناس‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لا تبشرهم فيتكلوا‏)‏‏.‏ أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الجهاد/باب اسم الفرس والحمار، ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان/باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة‏.‏‏]‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا‏)‏، وهذا الحق تفضل الله به على عباده، ولم يوجبه عليه أحد، ولا تظن أن قوله‏:‏ ‏(‏من لا يشرك به شيئًا‏)‏ أنه مجرد عن العبادة؛ لأن التقدير‏:‏ من يعبده ولا يشرك به شيئًا، ولم يذكر قوله‏:‏ ‏"‏من يعبده‏"‏؛ لأنه مفهوم من قوله‏:‏ ‏"‏وحق العباد‏"‏، ومن كان وصفه العبودية؛ فلابد أن يكون عابدًا‏.‏
ومن لم يعبد الله ولم يشرك به شيئًا؛ هل يعذب‏؟‏
الجواب‏:‏ نعم، يعذب؛ لأن الكلام فيه حذف، وتقديره‏:‏ من يعبده ولا يشرك به شيئًا، ويدل لهذا أمران‏:‏
الأول‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏حق العباد‏"‏، ومن كان وصفه العبودية؛ فلابد أن يكون عابدًا‏.‏
الثاني‏:‏ أن هذا في مقابل قوله فيما تقدم‏:‏ ‏(‏أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا‏)‏؛ فعلم أن المراد بقوله‏:‏ ‏"‏لا يشركوا به شيئًا‏"‏؛ أي‏:‏ في العبادة‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏أفلا أبشر الناس‏)‏، أي‏:‏ أأسكت فلا أبشر الناس‏؟‏ ومثل هذا التركيب‏:‏ الهمزة ثم حرف العطف ثم الجملة لعلماء النحو فيه قولان‏:‏
الأول‏:‏ أنّ بين الهمزة وحرف العطف محذوفًا يقدر بما يناسب المقام، وتقديره هنا‏:‏ أأسكت فلا أبشر الناس‏؟‏‏.‏
الثاني‏:‏ أنه لا شيء محذوف، لكن هنا تقديم وتأخير، وتقديره‏:‏ فألا أبشر‏؟‏ فالجملة معطوفة على ما سبق، وموضع الفاء سابق على الهمزة؛ فالأصل‏:‏ فألا أبشر الناس‏؟‏ لكن لما كان مثل هذا التركيب ركيكًا، وهمزة الاستفهام لها الصدارة؛ قدمت على حرف العطف، ومثل ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ‏}‏ ‏[‏الغاشية‏:‏ 17‏]‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أفلا تبصرون‏}‏ ‏[‏السجدة‏:‏ 27‏]‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 46‏]‏‏.‏
والبشارة‏:‏ هي الإخبار بما يسر‏.‏
وقد تستعمل في الإخبار بما يضر، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏ ‏[‏الانشقاق‏:‏ 24‏]‏، لكن الأكثر الأول‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لا تبشرهم‏)‏، أي‏:‏ لا تخبرهم، ولا ناهية‏.‏
ومعنى الحديث أن الله لا يعذب من لا يشرك به شيئًا، وأن المعاصي تكون مغفورة بتحقيق التوحيد، ونهى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن إخبارهم؛ لئلا يعتمدوا على هذه البشرى دون تحقيق مقتضاها؛ لأن تحقيق التوحيد يستلزم اجتناب المعاصي؛ لأن المعاصي صادرة عن الهوى، وهذا نوع من الشرك، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ‏}‏ ‏[‏الجاثية‏:‏ 23‏]‏‏.‏
ومناسبة الحديث للترجمة‏:‏ فضيلة التوحيد، وأنه مانع من عذاب الله‏.‏
* * *
*
فيه مسائل‏:‏
الأولى‏:‏ الحكمة من خلق الجن والإنس‏.‏ الثانية‏:‏ أن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه‏.‏
المسائل‏:‏
* الأولى‏:‏ الحكمة من خلق الجن والإنس، أخذها رحمه الله من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 56‏]‏؛ فالحكمة هي عبادة الله لا أن يتمتعوا بالمآكل والمشارب والمناكح‏.‏
الثانية‏:‏ أن العبادة هي التوحيد، أي‏:‏ أن العبادة مبنية على التوحيد؛ فكل عبادة لا توحيد فيها ليست بعباده، لاسيما أن بعض السلف فسروا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا ليعبدون‏}‏‏:‏ إلا ليوحدون‏.‏
وهذا مطابق تمامًا لما استنبطه المؤلف رحمه الله من أن العبادة هي التوحيد؛ فكل عبادة لا تبنى على التوحيد فهي باطلة، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏قال الله تعالى‏:‏ أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري؛ تركته وشركه‏)‏ ‏[‏مسلم‏:‏ كتاب الزهد/باب من أشرك في عمله غير الله‏.‏‏]‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏لأن الخصومة فيه‏)‏، أي‏:‏ في التوحيد بين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقريش؛ فقريش يعبدون الله يطوفون له ويصلون، ولكن على غير الإخلاص والوجه الشرعي؛ فهي كالعدم لعدم الإتيان بالتوحيد، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 54‏]‏‏.‏
* * *
* الثالثة‏:‏ أن من لم يأت به، لم يعبد الله، ففيه معنى قوله‏:‏ ‏{‏وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏}‏ ‏[‏الكافرون‏:‏ 3‏]‏‏.‏
* الرابعة‏:‏ الحكمة في إرسال الرسل‏.‏
* الخامسة‏:‏ أن الرسالة عمت كل أمة‏.‏
* وقوله في الثالثة‏:‏ ففيه معنى قوله‏:‏ ‏{‏وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏}‏، لستم عابدين عبادتي؛ لأن عبادتكم مبنية على الشرك، فليست بعبادة لله تعالى‏.‏
* الرابعة‏:‏ الحكمة في إرسال الرسل، أخذها رحمه الله تعالى من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 36‏]‏‏.‏
نور الزعبي غير متواجد حالياً