عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-08, 05:15 PM   #5
مروة عاشور
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

مرويات عنكبوت الغار والحمامتين في ميزان النقد العلمي

عبد الله بن محمد زُقَيْل

أولا : طرق القصة :

أما قصة نسج العنكبوت فقد رويت من ثلاثة طرق ، تفصيلها كالآتي :
- الطريق الأولى :

‏حدثنا ‏‏عبد الرزاق ‏، ‏حدثنا ‏معمر ‏، ‏قال : وأخبرني ‏عثمان الجزري ‏: ‏أن ‏مقسما ‏مولى ‏ابن عباس ‏، ‏أخبره عن ‏ابن عباس ‏‏في قوله ‏: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ‏" [ الأنفال : 30 ] ‏قال : " تشاورت ‏‏قريش ‏‏ليلة ‏ ‏بمكة ‏، ‏فقال بعضهم : إذا أصبح ، فأثبتوه بالوثاق . يريدون النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏، ‏وقال بعضهم : بل اقتلوه .

وقال بعضهم : بل أخرجوه . فأطلع الله عز وجل نبيه ‏صلى الله عليه وسلم ‏على ذلك ، فبات ‏علي ‏ ‏على فراش النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏تلك الليلة ، وخرج النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏حتى لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون ‏‏عليا ‏ ، ‏يحسبونه النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏، ‏فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما رأوا ‏ ‏عليا ،‏ ‏رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : لا أدري . فاقتصوا أثره ، فلما بلغوا الجبل ، خلط عليهم ، فصعدوا في الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ، فمكث فيه ثلاث ليال .

أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (9743) بأطول من هذا ، وأحمد (1/348) ، والطبري في " جامع البيان " عند تفسير الآية ، والطبراني في " الكبير " (12155) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (13/191) .
والحديث ضعيف ، في إسناده ‏عثمان الجزري .

قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (6/174) : عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد . روى عن ‏مقسم ، روى عنه معمر والنعمان ، سمعت أبي يقول ذلك .

نا عبد الرحمن ، انا علي بن أبي طاهر القزويني فيما متب إلي ، قال : انا أبو بكر الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل سئل عن عثمان الجزري فقال : روى أحاديث مناكير ، زعموا أنه ذهب كتابه .

نا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن عثمان الجزري فقال : لا أعلم روى عنه غير معمر والنعمان .ا.هـ.

وأورده البخاري في " التاريخ الكبير " (6/258) .

وهم وقع فيه بعض أهل العلم :

وقع بعض أهل العلم في وهم عندما ظنوا أن عثمان الجزري هو عثمان بن عمرو بن ساج الجزري ، ومنهم :

1 - الشخ أحمد شاكر في " تخريج المسند " (4/193 ، 5/87) .

2 - الهيثمي في " المجمع " (7/27) فقال عند تخريجه للحديث :

رواه أحمد والطبراني وفيه عثمان بن عمرو الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح .ا.هـ.

3 - الشيخ الألباني أيضا في تخريجه لـ " فقه السيرة " للغزالي ( ص 163 ) ، والضعيفة (3/262) .

4 - الدكتور أكرم العمري في " السيرة النبوية الصحيحة " (1/208) .

5 - سامي بن محمد السلامة في تحقيقه لـ " تفسير ابن كثير " (4/46) ، فقد نقل كلام الهيثمي على الحديث .

6 - الدكتور سليمان بن علي السعود في " أحاديث الهجرة . جمع وتحقيق ودراسة " ( ص 113) .

وربما يكون هناك آخرين ممن اعتمدوا على تخريجهم فظنوا نفس الظن . والله أعلم .

تحسين بعض العلماء لللقصة :

وذهب بعض أهل العلم إلى تحسين القصة منهم :

1 - الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (2/239) فقال : وهذا إسناد حسن ، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار ، وذلك من حماية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.


2 - وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (7/278) :

وذكر أحمد من حديث ابن عباس بإسناد حسن ... وذكر القصة .ا.هـ.

والصواب - والله أعلم - أن السند لا يحتمل التحسين وذلك لجهالة عثمان الجزري ، حتى الطرق التي ستأتي لا تجعل الحديث يرتقي إلى مرتبة الحسن لأنها أيضا ضعيفة .

تضعيف أهل العلم للقصة :

حكم عدد من أهل العلم على القصة بالضعف ، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض العلماء ضعفها على أن عثمان الجزري هو ابن عمرو بن ساج ،

وفي هذا نظر كما بينا آنفا ، ومنهم :

1 - الشيخ أحمد شاكر .

قال في " تخريج المسند " (3251) : في إسناده نظر .
2 - الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .

قال في تعليقه على " فقه السيرة " ( ص 163) لمحمد الغزالي : في المسند من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس به . وحسن المؤلف إسناده ، وكأنه تبع فيه ابن كثير في " البداية " .

وتبعه أيضا الحافظ في " الفتح " ، وفي تحسينه نظر فإن عثمان الجزري وهو ابن عمرو بن ساج .ا.هـ.

وقال في " الضعيفة " (3/339) :

واعلم أنه لا يصح حديث في العنكبوت والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم .ا.هـ.

3 - الشيخ شعيب الأرنؤوط .

قال في تخريجه لـ " مسند الإمام أحمد " (5/301) : إسناده ضعيف ، عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد ... " وذكر كلام الإمام أحمد وأبي حاتم في الرجل .

4 - الشيخ بكر أبو زيد .

قال في " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 133) عن غار حراء : نسج العنكبوت عليه وقصة الحمامتين . ونقل كلام الشيخ الألباني الآنف في الضعيفة .

5 - النفيعي والعديني محققا تفسير ابن كثير (3/699 ط. دار الراية ) .

قالا في تخريج الحديث : الحديث رواه أحمد في المسند (1/348) ، وهو ضعيف لجهالة عثمان الجزري ، وترجمته في " تاريخ البخاري " و " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ، وليس فيهما غير أنه روى مقسم ، وروى عنه معمر والنعمان بن راشد ، قال أحمد حين سئل عنه : روى أحاديث مناكير ، وزعموا أنه ذهب كتابه .ا.هـ.


يتبع إن شاء الله



توقيع مروة عاشور

إذا انحدرت في مستنقع التنازلات في دينك
فلا تتهجم على الثابتين بأنهم متشددون . .
بل أبصر موضع قدميك
لتعرف أنك تخوض في الوحل
مروة عاشور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس